بحث ابطال التصرف والتعاقد للغلط  ، و هو الغلط توهم الغير أمر غير صحيح فى الواقع ، ويجب التفرقة بين الغلط فى الواقع والغلط فى القانون حيث أن أحدهما يؤدى الى بطلان التصرف والأخر لا يؤدى الى البطلان فأى منهما يترتب عليه البطلان ، هذا ما ستبينه فى البحث 

تعريف الغلط  ومفهوم الغلط المبطل

ابطال التصرف والتعاقد للغلط

يمكن تعريف الغلط بأنه حالة تقوم بالنفس تحمل على توهم غير الواقع . وغير الواقع أما أن يكون واقعة غير صحيحة يتوهم الإنسان صحتها ، أو واقعة صحيحة يتوهم عدم صحتها .

والغلط بهذا التعريف الشامل ينتظم كل أنواع الغلط ، ولا يقف عند نوع معين منها . والذي نريده هنا هو غلط يصيب الإرادة ، فينبغي أن نمحص هذا النوع من الغلط بتمييزه عن غيره من الأنواع الأخرى وبرسم الدائرة التي تحصر نطاقه حتى نستطيع بعد ذلك أن نبين قواعده وأحكامه .

الغلط المانع 

 وأول نوع من الغلط نستبعده من دائرة بحثنا هو ما يسمى عادة بالغلط المانع ( erreur – obstacle ) . وهو غلط يقع ، طبقاً لنظرية تقليدية في الفقه الفرنسي ، في ماهية العقد ، كما إذا أعطى شخص لآخر نقوداً على أنه قرض وأخذها الآخر على إنها هبة ، أو في ذاتية المحل ، كما لو كان شخص يملك سيارتين من صنفين مختلفين فباع احداهما والمشتري يعتقد أنه يشتري الأخرى ، أو في السبب ، كما إذا اتفق الورثة مع الموصي لهم على قسمة العين الشائعة بينهم ثم يتضح أن الوصية باطلة .

وظاهر أن هذا النوع يعدم الإرادة ولا يقتصر على أن يعيبها . ففي الأمثلة التي قدمناها لم تتوافق الإرادتان على عنصر من العناصر الأساسية : ماهية العقد أو المحل أو السبب . فالتراضي إذن غير موجود ، والعقد باطل أي منعدم . وهذا هو الذي يدعونا لاستبعاد الغلط المانع من دائرة البحث ، فهو يتصل بوجود التراضي لا بصحته ، ونحن الآن في صدد صحة التراضي بعد أن فرغنا من الكلام في وجوده .

اختلاف الإرادة الظاهرة عن الإرادة الباطنة 

 وقد تختلف الإرادة الظاهرة عن الإرادة الباطنة ، فيؤخذ بإحداهما دون الأخرى كما بينا فيما تقدم . والكلام في الإرادتين وفرق ما بينهما ليس كلاماً في عيوب الإرادة ، بل كلام في الإرادة ذاتها ، أي في وجودها لا في صحتها . فيجب استبعاد هذه المسألة أيضاً من دائرة البحث

الغلط في النقل أو في التفسير 

 والغلط الذي يعنينا بحثه هنا هو الغلط الذي يقع وقت تكون الإرادة ( erreur sur la formation de la volonte ) وهناك غلط لا يعيب الإرادة يجب كذلك استبعاده من دائرة البحث ، وهو غلط يقع في وقت نقل الإرادة إذا نقلت على غير وجهها ، وهذا ما يسمى بالغلط في النقل ( erreur de transmission ) ، أو يقع في تفسيرها إذا فهمها من توجهت إليه على غير حقيقتها ، وهذا ما يسمى بالغلط في التفسير ( erreur d\’interperetation ) .

والفرق بين الغلط الذي يقع وقت تكون الإرادة والغلط الذي يقع في النقل أو في التفسير أن الغلط الأول هو حالة تقوم بنفس من صدرت منه الإرادة ، أما الغلط الآخر فحالة تقوم بنفس من توجهت إليه الإرادة

الغلط الذي يعيب الإرادة  

ويبقى ، بعد استيعاب ما قدمناه من أنواع الغلط ، الغلط الذي يصيب الإرادة ، وهو الذي يعنينا بحثه ويجب أن نرسم له دائرة واضحة المعالم . فهو من جهة غلط يقع في تكون الإرادة لا في نقلها ولا في تفسيرها ، وهو من جهة أخرى لا يعدم الإرادة كما هو الأمر في الغلط المانع ، ولا يختلط بوجودها ذاته كما هو الأمر في الإرادة الظاهرة والإرادة الباطنة .

وإذا كان الغلط الذي يعيب الإرادة لا يجوز أن يقع على ركن من أركان العقد وإلا اعدم التراضي كما رأينا ، إلا أنه يجب مع ذلك أن يكون غلطاً جوهرياً حتى يعيب الإرادة . ثم أن الغلط هو أمر نفسي يستكن في الضمير ، فوجب لاستقرار التعامل إلا يستقل به المتعاقد الذي وقع في الغلط ، بل يتصل به المتعاقد الآخر على وجه من الوجوه حتى يمكن الاعتداد به .

نخلص من ذلك أن الغلط الذي يعيب الإرادة يجب أن يكون :

  • ( أولاً ) غلطاً جوهرياً واقعاً على غير أركان العقد .
  • ( ثانياً ) غلطاً لا يستقل به أحد المتعاقدين بل يتصل به المتعاقد الآخر .

متى يكون الغلط جوهرياً وعلى أي شيء يقع

معيار الغلط الجوهري في القانون الفرنسي وكيف تطور من معيار موضوعي إلى معيار ذاتي :

 ورث الفقه الفرنسي التقليدي عن القانون الفرنسي القديم تقسيم الغلط من حيث تأثيره في صحة العقد إلى أنواع ثلاثة :

غلط يجعل العقد باطلا وهو الغلط المانع الذي سبقت الإشارة إليه ، وغلط يجعل العقد قابلا للإبطال لمصلحة العاقد الذي وقع في الغلط ، وغلط لا يؤثر في صحة العقد . وقد سبق أن بينا الحالات الثلاث التي يكون فيها الغلط مانعاً فيجعل العقد باطلا .

 أما الغلط الذي يجعل العقد قابلا للإبطال فيكون في حالتين :

أولا :  غلط يقع في مادة الشيء محل الالتزام الناشئ من العقد ، وهو ما تعبر عنه المادة 1110 من القانون المدني الفرنسي بالغلط الواقع في مادة الشيء ذاتها
ثانيا : غلط يقع في شخص المتعاقد إذا كانت شخصيته محل اعتبار في العقد . والغلط الذي لا يؤثر في صحة العقد يكون في أحوال أربع :
  •  1 – غلط في وصف لا يتعلق بمادة الشيء محل الالتزام .
  •  2 – غلط في قيمة الشيء محل الالتزام .
  • 3 – غلط في شخص المتعاقد إذا لم تكن شخصيته محل اعتبار في العقد .
  • 4 – غلط في الباعث على التعاقد .

ولكن القضاء في فرنسا لم يأخذ بهذه النظرية التقليدية . وجاري الفقه الحديث القضاء في ذلك . فلم يأخذ بالتقسيم الثلاثي للغلط ، إذ استبعد النوع الأول وهو الغلط الذي يجعل العقد باطلا ، لأنه يتصل بوجود التراضي لا بصحته كما قدمنا . وهدم الحاجز ما بين النوعين الثاني والثالث ،

فإن التمييز ما بين هذين النوعين قد قام على قواعد جامدة تضيق بما تقتضيه الحياة العملية ، وخير منها معيار مرن يمكن تطبيقه على الحالات المتنوعة . فمن الغلط ما يقع في قيمة الشيء أو في الباعث على التعاقد ومع ذلك يؤثر في صحة العقد لأنه كان هو الدافع إلى التعاقد . ومن الغلط ما يقع في مادة الشيء ومع ذلك لا يؤثر في صحة العقد لأنه لم يكن هو الدافع .

فالعبرة إذن ليست بان الغلط وقع في مادة الشيء أو في قيمته ، بل العبرة بأن الغلط كان غلطاً جوهرياً ( essentielle ) ، أي بأنه كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد ( la raison principale et determinte ) فلا تكون هناك حالات محددة يؤثر فيها الغلط في صحة العقد وحالات أخرى محددة كذلك لا يؤثر فيها الغلط ، بل تهدم هذه القواعد الضيقة ، وتزول الحواجز ما بين حالات وأخرى ، ونستبدل معياراً بقاعدة ، ويصبح الغلط مؤثراً في صحة العقد متى كان هو الدافع إلى التعاقد ، وذلك في جميع الحالات ، تبعاً لملابسات كل حالة وظروفها الخاصة .

وتطور الفقه الفرنسي من الأخذ بمعيار موضوعي إلى الأخذ بمعيار ذاتي نهاه واضحاً في تفسير عبارة ” الغلط في مادة الشيء ذاتها ” الواردة في المادة 1110 من القانون الفرنسي .

فقد بدا الفقهاء الفرنسيون في العهد الأول يفسرون هذه العبارة تفسيراً حرفياً ، ويذهبون إلى أن المراد بذلك هو الغلط الذي يتعلق بالمادة التي يتكون منها الشيء ، ومادة الشيء هي مجموعة الخصائص التي تدخله في جنس معين وتميزه عن الأجناس الأخرى . ويقدمون عادة المثل الذي أتى به يوتييه  شخص اشترى ( شمعدان ) من نحاس مطلى بالفضة وهو يعتقد أنه من فضة خالصة.

ثم أخذ الفقهاء في عهد ثان يعدلون عن هذه الفكرة الموضوعية بإدخال عامل ذاتي في تحديد هذا النوع من الغلط . وأول من سار من الفقهاء في هذا الطريق هما الأستاذان أوبري ورو ، فقد أخذا في الأصل بالمذهب الموضوعي كقاعدة عامة ، فذهبا إلى أن المراد بمادة الشيء هي العناصر المادية التي تكونه والخواص التي تميزه من الأشياء الأخرى طبقاً للمتعارف بين الناس

ولكنهما اضافا إلى ذلك جواز أن يتفق المتعاقدان على توافر صفة معينة في الشيء فتصبح هذه الصفة جوهرية بالنظر إلى غرض المتعاقدين لا بالنظر إلى مادة الشيء من حيث هي . ثم هجر الأستاذ لوران  في عهد ثالث ، المعيار الموضوعي وأخذ بالمعيار الذاتي جملة واحدة ، فذهب إلى أن نية المتعاقدين وحدها هي التي تحدد مادة الشيء والأوصاف المعتبرة فيه

واقتفى سائر الفقهاء اثر لوران في هذا المنحى ، فذهب الأستاذان بودري وبارد إلى أن المراد بمادة الشيء هي الأوصاف الرئيسية التي اعتبرها المتعاقدان أو أحدهما في ذلك الشيء والتي ما كان التعاقد يتم بدونها ، وذهبت الأستاذة بلانيول وكولان وكايبتان وجوسران إلى هذا الرأي.

فالعبرة إذن ، طبقا للمعيار الذاتي ، بالأوصاف المعتبرة في نظر المتعاقدين لا بالخصائص التي تكون مادة الشيء في ذاته ، فقد يشتري شخص شيئاً على أنه أثر تاريخي ويعتقد في الوقت ذاته أنه مصنوع من ذهب فيتضح أنه مصنوع من ( البرونز ) ، فهذا غلط في \” مادة الشيء \” ، ولكنه بحسب نية المشتري ليس غلطا في الصفة المعتبرة عنده ، فما دام الشيء الذي اشتراه هو الأثر التاريخي الذي يقصده 

فلا يعنيه بعد ذلك إن كان من ذهب أو من معدن آخر . وقد استبدل الفقه والقضاء في فرنسا بعبارة \” مادة الشيء \” ( substance de la chose ) عبارة أخرى اشتقاها من الكلمة ذاتها هي الصفة الجوهرية ( qualite substantielle ) ،

أي الصفة التي اعتبرها المتعاقد في الشيء . والمعيار الذاتي ما هو في الواقع إلا نتيجة منطقية لمبدأ سلطان الإرادة ، فما دامت إرادة العاقد هي التي تنشئ الرابطة القانونية فيجب الأخذ بهذه الإرادة في حقيقتها وعلى وجهها الصحيح ، لا معيبة بما تأثرت به من غلط أو غير ذلك من العيوب .

معيار الغلط الجوهري في القانون المصري معيار ذاتي 

 وبالمعاير الذاتي أيضاً أخذ الفقه والقضاء في مصر منذ عهد القانون القديم . وقد أسعفها في ذلك نصوص هذا القانون ذاتها ، فقد كانت المادتان 134 / 194 من القانونين الوطني والمختلط تنصان على أن \” الغلط موجب لبطلان الرضاء متى كان واقعاً في أصل الموضوع المعتبر في العقد \” 

وجاء في النص الفرنسي للقانون المصري القديم : \” متى كان واقعاً في الناحية الرئيسية التي كانت محل اعتبار في الشيء \” ( le rapport principal sous lequel la chose ete envisage dans le contrat ) . فالنصوص كما نرى تذهب بوضوح إلى الأخذ بالمعيار الذاتي ، وقد نقلت لا عن نصوص القانون الفرنسي بل عن القضاء والفقه في فرنسا بعد التطور الذي أسلفنا ذكره.

وجاء القانون الجديد مؤيداً للمعيار الذاتي وصريحاً في وجوب الأخذ به .

 فقد نصت المادة 120 على أنه 

 إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد . . . \” . ثم نصت المادة 121 على أنه : \” 1 – يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط .

2 – ويعتبر الغلط جوهريا على الأخص .

 أ – إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين ، أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن النية .

 ب – إذا وقع في ذات التعاقد أو في صفة صفاته ، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد.

ويتبين من هذه النصوص أن القانون الجديد قد أخذ بالمعيار الذاتي . فالغلط الجوهري عنده هو الغلط الذي يبلغ ، في نظر المتعاقد الذي وقع في الغلط ، حداً من الجسامة بحيث كان يمتنع عن إبرام العقد لو لم يقع في الغلط . فهو إذا وقع في صفة للشيء وجب أن تكون هذه الصفة جوهرية في اعتبار المتعاقدين ، وإذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وجب أن تكون تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد .

على أن الأخذ بالمعيار الذاتي يقتضي أن يكون المعيار متعلقاً بحالة نفسية قد يدق الكشف عنها في بعض الأحيان . لذلك اتخذ القانون الجديد قرينة موضوعية لتنم عن هذه الحالة النفسية ، فقضى بأن صفة الشيء تكون جوهرية ، ليس فحسب إذا اعتبرها المتعاقدان جوهرية وفقاً لما انطوت عليه نيتهما بالفعل 

بل أيضاً إذا وجب أن يكونا قد اعتبراها جوهرية وفقاً لما لابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن النية . فالظروف الموضوعية للعقد ووجوب أن يسود التعامل حسن النية يهديان – إذا لم نهتد من طريق آخر – إلى تعرف نية المتعاقدين . فإذا اشترى شخص من تاجر في الآثار قطعة ظنها أثرية

ثم اتضح إنها ليست كذلك ، فمن حق المشتري أن يقيم من واقعة أنه تعامل مع تاجر الآثار قرينة على نيته ، وأن يتخذ من هذه القرينة ذاتها دليلا على نية المتعاقد الآخر ، وأن يتمسك بما ينبغي أن يسود التعامل من حسن النية فلا يكلف نفسه أن يتحقق من الصفة الأثرية للقطعة ما دام قد اشتراها من تاجر في الآثار ، بل كان الواجب على هذا أن ينبه المشتري إلى أن القطعة ليست أثرية لو كان عالماً بذلك .

على أي شيء يقع الغلط 

ابطال التصرف والتعاقد للغلط

والغلط الجوهري ، على النحو الذي اسلفناه ، يصح أن يقع ، لا في صفة الشيء وفي الشخص فحسب ، بل أيضاً في القيمة وفي الباعث.

 والعبرة بأنه غلط جوهري ، لا بأنه وقع في هذا أو في ذاك . ونستعرض الآن الغلط في هذه الأحوال المختلفة .

الغلط في صفة جوهرية في الشيء 

 إذا طبقنا معيار الغلط الجوهري على الغلط في وصف الشيء ، فإن الغلط لا يؤثر في صحة العقد إلا إذا كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد كما قدمنا . وفي القضاء المصري في ظل القانون القديم – والقانون الجديد أتى مؤكداً للقانون القديم كما اسلفنا – أمثلة كثيرة على ذلك .

فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الترخيص الذي أعطته الحكومة في استغلال أرض كانت تعتقد إنها لا تحتوي إلا على كميات صغيرة جداً من الملح يجوز إبطاله إذا تبين أن هذه الأرض تحتوي على كميات كبيرة يمكن استغلالها بسهولة 

وقضت بأن بيع الأوراق المالية الصادرة من شركة حكم ببطلانها يجوز إبطاله للغلط الذي وقع فيه المشتري بشأن صفة جوهرية في الشيء المبيع

وقضت بأنه إذا باع شخص أرضا على أنها تحد من الجهة البحرية بشارع عرضه خمسة أمتار ، وتبين بعد ذلك أن هذا الشارع لا وجود له مما يجعل الأرض محصورة من جهاتها الأربع ولا منفذ لها يؤدي إلى الطريق العام ، فإن البيع يجوز إبطاله يسبب الغلط الواقع في صفة جوهرية في الشيء المبيع

وقضت بأن بيع قماش على أنه قابل لأن يغسل ثم يتبين أنه غير قابل لذلك يجوز إبطاله للغلط في صفة جوهرية في الشيء وقضت بأن بيع شيء على أنه قديم مع أنه مجرد تقليد للقديم يجوز إبطاله للغلط في صفة جوهرية في الشيء المبيع ، ولا يلتزم المشتري برفع دعوى الإبطال في ثمانية أيام من وقت العلم بالحقيقة لأن هذا هو ميعاد رفع الدعوى في ضمان العيوب الخفية ، أما هنا فالدعوى دعوى أبطال للغلط

وقضت بأنه يعتبر غلطاً في صفة جوهرية في الشيء قبول حوالة حق مع اعتقاد أن الحق مضمون برهن ، ويتبين بعد ذلك أن الرهن قد سقط قيده وأن العقار المرهون بيع إلى الغير ، فشرط عدم ضمان المحيل يبطل في هذه الحالة

ولكن لا يعتبر غلطاً في صفة جوهرية في الشيء المبيع أن يقع خطأ في بيان حدود الأرض المبيعة ما دامت نمرة الأرض في خريطة فك الزمام قد ذكرت صحيحة وكان يمكن تمييز الأرض ومعرفتها من وراء ذلك

ولا يعتبر غلطاً يجعل العقد قابلا للإبطال أن يتضح أن الأرض المبيعة محصورة إذا لم يذكر البائع أن لها منفذاً بل بين حدودها وموقعها وكانت معرفتها مستطاعه بذلك

الغلط في شخص المتعاقد

 وإذا طبقنا معيار الغلط الجوهري على الغلط في شخص المتعاقد ، فإن الغلط لا يؤثر في صحة العقد إلا إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد كما هو نص المادة 121 . مثل هذا الغلط إنما يقع في العقود التي تكون فيها شخصية المتعاقد محل اعتبار كعقود التبرع بوجه عام وبعض عقود المعاوضة . وهو قد يقع في ذات المتعاقد إذا كانت هي محل الاعتبار 

كالغلط في شخص الموهوب له أن الوكيل أو المزارع أو الشريك . وقد يقع في صفة جوهرية من صفات المتعاقد كانت هي الدافع إلى التعاقد كأن يهب شخص لآخر مالا معتقداً أن هناك رابطة قاربه تربطه به فيتضح أن الأمر غير ذلك 

وكأن يؤجر شخص منزلا لامرأة يعتقد أن سلوكها لا ريبة فيه فيتضح إنها امرأة تحترف العهارة حتى لو لم تكن تباشر مهنتها في المنزل ، وكأن يتعاقد شخص مع أحد الفنيين ( مهندس أو صانع في عمل يقتضي مهارة فنية ) وهو يعتقد أنه يحمل شهادة فنية فيتضح أنه لا يحملها وانه غير ماهر في فنه

وتقدير ما إذا كانت شخصية المتعاقد أو صفته كانت هي محل الاعتبار وهي التي دفعت إلى التعاقد مسألة من مسائل الواقع لا من مسائل القانون ، ينظر فيها إلى ظروف الدعوى مما يمكن أن يستدل به على نية المتعاقدين . فالمعيار ذاتي . وهو المعيار الذي يطبق في جميع نواحي نظرية الغلط .

الغلط في القيمة

رأينا أن النظرية التقليدية لا تقيم لهذا الغلط وزناً فلا تجعله يؤثر في صحة العقد . أما إذا سايرنا النظرية الحديثة وهي التي أخذ بها القانون المصري ، وطبقنا معيار الغلط الجوهري على الغلط في القيمة ، وجب أن نقول إن الغلط في قيمة الشيء إذا كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد يجعل العقد قابلا للإبطال .

فإذا باع شخص سهماً بقيمته الفعلية ، وكان يجهل أن هذا السهم قد ربح جائزة كبيرة ، كان له أن يطلب إبطال البيع للغلط في قيمة الشيء الذي باعه . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة ، في قضية اتفق فيها صاحب البضاعة مع صاحب السفينة على أن يكون سعر نقل البضاعة إما بحساب حجمها أو بحساب وزنها طبقاً لما يختاره صاحب السفينة

وطلب هذا أن يكون السعر بحساب الحجم فتبين أن حساب الحجم يزيد على حساب الوزن ثمانية أضعاف ، ولم يكن صاحب البضاعة يدرك ذلك بدليل أنه رفض الاتفاق مع صاحب سفينة أخرى على سعر يقل كثيراً عن السعر الذي يطالب به ، بأن صاحب البضاعة في هذه الحالة يجوز له أن يطلب إبطال عقد النقل

الغلط في الباعث

 تقدم القول إن النظرية التقليدية تميز بين الغلط في السبب والغلط في الباعث ، فتجعل الأول يبطل العقد بطلاناً مطلقاً ، وتجعل الثاني لا اثر له في صحة العقد .

والنظرية التقليدية عندما نميز بين السبب والباعث تنظر إلى السبب في نظريته التقليدية أيضاً فيكون هو الغرض المباشر الذي يقصد الملتزم الوصول إليه من وراء التزامه .

فإذا اتفق الورثة مع الموصى له على قسمة العين الشائعة بينهم ، ثم يتضح أن الوصية باطلة أو إنها سقطت بعدول الموصي ، كان هناك غلط في السبب بمعناه التقليدي ، فإن الورثة قصدوا من التزامهم بعقد القسمة غرضاً مباشراً هو إفراز نصيبهم من نصيب الموصى له باعتبار أن هذا يملك بالوصية حصة في العين ، وتبين أنه لا يملك شيئاً ، فهذا غلط في السبب

أما الغلط في الباعث ، وهو الذي لا يؤثر في صحة العقد طبقاً للنظرية التقليدية ، فمثله أن يبيع شخص عيناً وهو مريض ويعتقد أنه في مرض الموت ، ثم يشفى المرض ، لهو لا يستطيع أن يطعن في البيع بدعوى أنه صدر منه وهو في مرض الموت لأن هذا الطعن لا يقبل إلا من الورثة وبشرط أن ينتهي المرض بالموت 

ولا يستطيع أن يطعن في البيع بالغلط في الباعث ولو أن الدافع له إلى التعاقد هو اعتقاده وقت البيع أنه يموت . فإذا تركنا النظرية التقليدية إلى النظرية الحديثة ، وطبقنا معيار الغلط الجوهري ، كان الغلط في الباعث في هذا المثل غلطاً جوهرياً يجيز للبائع أن يطلب إبطال البيع

ونرى من ذلك أن التمييز يبقى قائماً بين الغلط في السبب والغلط في الباعث ما دمنا نحتفظ بالنظرية التقليدية في السبب ولو هجرنا النظرية التقليدية في الغلط . فلا يزال الغلط في السبب بمعناه التقليدي يجعل العقد باطلا ، أما الغلط في الباعث فيجعل العقد قابلا للإبطال وفقاً للنظرية الحديثة في الغلط ، ولا يؤثر في صحة العقد وفقاً للنظرية التقليدية .

أما إذا هجرنا النظرية التقليدية في السبب إلى النظرية الحديثة ، فإن الغلط في السبب يختلط بالغلط في الباعث ، ويصبحان شيئاً واحداً ، ولا يكون ثمة محل للقول بأن الغلط في السبب يجعل العقد باطلا والغلط في الباعث يجعل العقد قابلا للإبطال . ويتعين الأخذ بأحد الأمرين :

إما أن يكون الغلط في كل من السبب والباعث – فهما شيء واحد في النظرية الحديثة في السبب – من شأنه أن يجعل العقد باطلا ، وإما أن يكون هذا الغلط من شأنه أن يجعل العقد قابلا للإبطال . ولا يجوز التفريق بينهما في الحكم . وقد وقف كثير من الفقهاء حائرين عند هذه المسألة الدقيقة 

يحسسونها ولكن لا يجرؤون على قول حاسم فيها . فهم يقولون بالنظرية الحديثة في السب ويخلطونه بالباعث ، ويقولون بالنظرية الحديثة في الغلط ويجعلون معياره الغلط الجوهري ولو وقع في الباعث ، ولكنهم يقفون عند هذا ويبقون على التمييز فيما بين الحالتين ، فيجعلون الغلط في السبب من شأنه أن يجعل العقد باطلا 

والغلط في الباعث من شأنه أن يجعل العقد قابلا للإبطال . فيترتب على هذا التناقض خلط عجيب ما بين منقطتي السبب والغلط ، إذ تبقى منطقة مشتركة فيما بينهما يتنازعها كل منهما ، فإذا سمينا هذه المنطقة بالسبب المغلوط ( cause erronee ) كان العقد باطلا ، وإذا سميناها بالغلط في الباعث ( erreur sur le motif ) كان العقد قابلا للإبطال

هذا التناقض المعيب توقاه القانون المصري الجديد . فهو قد أخذ بالنظرية الحديثة في كل من الغلط والسبب ، وأنبني على ذلك وجود هذه المنطقة المشتركة فزحزحها من منطقة السبب إلى منقطة الغلط ،

وجعل نظرية الغلط وحدها هي التي تنطبق أحكامها على هذه المنطقة ، فيكون الغلط في كل من السبب والباعث من شأنه أن يجعل العقد قابلا للإبطال . ولا يكون هناك محل للقول بأن السبب المغلوط يجعل العقد باطلا ، فالسبب الذي يجعل العقد باطلا في القانون الجديد هو السبب غير المشروع وحده

الغلط في الواقع والغلط في القانون

 وفي كل ما قدمناه من تطبيقات لمعيار الغلط الجوهري ، سواء وقع الغلط في الشيء أو الشخص أو القيمة أو الباعث ، لا نفرق بين ما إذا كان الغلط هو غلط في الواقع أو غلط في القانون . فما دام جوهرياً 

أي مادام هو الذي دفع إلى التعاقد ، فإنه يجعل العقد قابلا للإبطال . وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 122 من القانون المدني الجديد إذ تقضي بما يأتي :

” يكون العقد قابلا للإبطال لغلط في القانون إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقا للمادتين السابقتين ، هذا ما لم يقض القانون بغيره

ولم يكن القانون القديم يشتمل على نص في هذه المسألة ، ولكن القضاء والفقه في مصر سارا على أن الغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل العقد قابلا للإبطال

والذي كان يلبس الأمر في هذه المسألة وقت قيام القانون القديم غير مشتمل على نص فيها هو وجود قاعدة أخرى معروفة تقضي بان الجهل بالقانون لا يقبل عذراً ، أو كما يقولون :

” لا يفرض في أحد أنه يجهل القانون ” ( Nul n\’est cense ignorer la loi ) . ولكن مجال تطبيق هذه القاعدة لا يكون إلا حيث توجد أحكام قانونية تعتبر من النظام العام ، فيجب على جميع الناس مراعاتها ولا يجوز لأحد أن يخل بها بدعوى أنه يجهلها ، ويفترض أن كل شخص يعرف هذه الأحكام

وإلا لما أمكن تطبيقها تطبيقاً منتجا لو أفسحنا جانب العذر في ذلك . ويدخل في هذه الأحكام القوانين الجنائية وبعض من القوانين المدنية وهي التي تعتبر من النظام العام . مثل ذلك أن يقرض شخص آخر بفائدة تزيد على 7 في المائة وهو يجهل أن الحد الأقصى للفوائد هو 7 في المائة 

فليس للمقرض في هذه الحالة أن يطلب إبطال عقد القرض بدعوى الغلط في القانون وانه ما كان يقرض نقوده لو علم بان الحد الأقصى للفائدة لا يزيد على 7 في المائة ، بل يبقى القرض صحيحاً وتنقص الفائدة إلى 7 في المائة . أما إذا كان الغلط واقعاً في مسألة قانونية لا تعتبر من النظام العام 

فلا شك في أنه يمكن الاحتجاج بهذا الغلط والتمسك به لطلب إبطال العقد ، إلا إذا نص القانون على غير ذلك كما فعل في عقد الصلح حيث تنص المادة 556 على أنه

” لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون

ومن المفيد أن نطبق هذا المبدأ على جميع أنواع الغلط التي سبق تفصيلها . فالغلط في القانون الواقع في صفة جوهرية في الشيء مثله أن يتعهد شخص بدفع دين طبيعي وهو يعتقد أن هذا الدين ملزم له مدنياً ، فيجوز له في هذه الحالة أن يطلب إبطال التعهد 

ومثل الغلط في القانون الواقع في شخص المتعاقد أن يهب رجل لمطلقته مالا وهو يعتقد أنه استردها لعصمته جاهلا أن الطلاق الرجعي ينقلب بائناً بانتهاء العدة فلا ترجع إلى عصمته إلا بعقد جديد . ومثل الغلط في القانون الواقع في القيمة أن يبيع وارث حصته في التركة وهو يحسب أنه يرث الربع فإذا به يرث النصف 

ومثل الغلط في القانون الواقع في الباعث ما قضت به محكمة الاستئناف المختلطة من أنه إذا اعترف الوارث بحق للغير في التركة معتقداً أن القانون الوطني هو الواجب التطبيق ، ثم تبين بعد ذلك أن القانون الإيطالي هو الذي يطبق ، وأن دعوى الغير ليست صحيحة طبقاً لهذا القانون ، فإن رضاء الوارث يكون مشوباً بغلط في القانون 

كيف يتصل المتعاقد الآخر بالغلط

الغلط المشترك :

 لم نعرض في كل ما قدمناه إلا للمتعاقد الذي وقع في الغلط ، فهو الذي نطبق في شأنه المعيار الذاتي ، معيار الغلط الجوهري . ولكن هل يبقى المتعاقد الآخر بعيداً عن هذا الغلط ، غير متصل به على وجه من الوجوه

والمعيار كما قدمنا ذاتي ، وكثيراً ما يكون جاهلا بأمر هذا الغلط بل ويكون غير متوقع له ؟ إننا إذا قلنا بذلك تزعزع التعامل ، ولم يأمن أي متعاقد أن يرى العقد الذي اطمأن إليه قد انهار بدعوى الغلط يقدمها الطرف الآخر ، وهو بعد لم يدخل في سريرته فيعلم إن كان رضاؤه قد صدر عن غلط !

من أجل ذلك قال كثير من الفقهاء أن الغلط الفردي لا يكفي ، بل يجب أن يكون الغلط مشتركاً بين المتعاقدين ( erreur commune )

ذلك أن المتعاقد إذا وقع في غلط جوهري واشترك معه المتعاقد الآخر في هذا الغلط ، ثم تبينت الحقيقة وطلب المتعاقد الأول إبطال العقد ، فمن العدل أن يقره المتعاقد الآخر على بطلان العقد لسبب هو نفسه قد اشترك فيه ، ولا يعود هناك وجه للتذمر من تقلقل المعاملات وعدم استقرارها .

فإذا فرضنا مثلا أن شخصاً باع لآخر صورة على إنها من صنع مصور مشهور ، وجب أن يكون كل من البائع والمشتري يعتقد أن الصورة هي من صنع هذا المصور حتى يجوز للمشتري طلب إبطال البيع للغلط إذا تبين أن الصورة ليست من صنعه . أما إذا كان المشتري وحده هو الذي يعتقد ذلك دون البائع 

فلا يكون هذا الغلط مشتركاً ، ولا يجعل البيع قابلا للإبطال حتى لا يفاجأ البائع بدعوى إبطال العقد وهو لا يعلم شيئاً عن الغلط الذي وقع فيه المشترى .

هذه هي نظرية الغلط المشترك ، وهذه هي الحجج التي يقدمها انصار هذه النظرية للتدليل على صحة نظرهم . ولكننا لا نشك بالرغم مما يقدمون من حجج ، أن النظرية لا تتمشى مع المنطق ، ولا تتفق مع العدالة ، ثم هي ليست ضرورية لتحقيق الغرض العملي المقصود وهو استقرار المعاملات إذ يمكن الوصول إلى هذا الغرض من طريق آخر .

أما أن النظرية لا تتمشى مع المنطق فظاهر ، لأن الغلط يفسد رضاء من وقع فيه ، ولا يمنع فساد هذا الرضاء كون المتعاقد الآخر لم يشترك في الغلط . فيجب منطقياً إبطال العقد إذا شاب رضاء أحد المتعاقدين غلط كان هو الدافع له إلى التعاقد ، سواء وقع المتعاقد الآخر في هذا الغلط أو لم يقع .

وأما أن النظرية لا تتفق مع العدالة ، فيظهر ذلك إذا فرضنا أن الغلط لم يكن مشتركاً ، ولكن المتعاقد الذي صدر منه رضاء صحيح كان يعلم بالغلط الذي وقع فيه المتعاقد الآخر ، وتركه مسترسلا في غلطه دون أن ينبهه إلى ذلك . فالغلط في مثل هذه الحالة يكون فردياً ، وليس من شأنها أن يبطل العقد طبقاً لنظرية الغلط المشترك .

ويترتب على ذلك أنه ما لم يكن هناك تدليس من المتعاقد الأول ، ولنفرض أنه وقف موقفاً سلبياً محضاً ، فإن العقد يكون صحيحاً لا مطعن فيه . وبديهي أن هذه النتيجة تصطدم مع العدالة 

فإنه إذا كان عدلا أن يبطل العقد في حالة اشتراك الطرفين في الغلط ، فالأولى أن يبطل العقد إذا انفرد أحد المتعاقدين بالغلط وكان الآخر يعلم ذلك ولم ينبهه إليه .

وأما أن النظرية ليست ضرورية لاستقرار التعامل ، فإن ذلك يظهر في وضوح لو اخذنا بنظرية الغلط الفردي ، واقتصرنا على اشتراط أن يكون المتعاقد الآخر متصلا بهذا الغلط على الوجه الذي سنبينه فيما يلي .

الغلط الفردي الذي يتصل به المتعاقد الآخر :

 يكفي إذن أن يكون الغلط فردياً

ولكن إذا كان المتعاقد الآخر لم يشترك في هذا الغلط وجب ، حتى تمتنع مفاجأته بدعوى الغلط ، أن يكون على علم به أو أن يكون من السهل عليه أن يتبينه . وهذا ما تقضي به المادة 120 من القانون الجديد ، فهي تنص على أنه

” إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري ، جاز له أن يطلب إبطال العقد أن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في الغلط ، أو كان على علم به ، أو كان من السهل عليه أن يتبينه

وتعليل ذلك أن الغلط إذا لم يكن مشتركاً ، وفاجأ المتعاقد الذي وقع في الغلط المتعاقد الآخر بعدوى الغلط ، ولزم أن تبطل العقد ، فإن المتعاقد الآخر حسن النية لا ذنب له في ذلك ، والمخطئ هو المتعاقد الأول الذي أهمل في كشف نيته ولم يجعل المتعاقد الآخر يتبين أو يستطيع أن يتبين ما شاب إرادته من غلط . فوجب عليه التعويض ، وخير تعويض في هذه الحالة هو بقاء العقد صحيحاً

ولا يستقيم هذا التعليل إلا إذا كان المتعاقد الآخر لا علم له بالغلط وليس من السهل عليه أن يتبينه . أما إذا كان عالماً بالغلط وانه هو الدافع إلى التعاقد فلا حق له في الشكوى من إبطال العقد لأنه يكون سيء النية . وإذا لم يكن عالماً بالغلط ولكن ولكن كان من السهل عليه أن يتبينه وأن يتبين أنه هو الدافع إلى التعاقد ، فلا حق هل كذلك في الشكوى من إبطال العقد لأنه يكون مقصراً

ويخلص لنا من كل ذلك أن الغلط الجوهري لا يجعل العقد قابلا للإبطال إلا إذا كان غلطاً مشتركاً ، أو كان غلطاً فردياً يعلمه المتعاقد الآخر أو يسهل عليه أن يتبينه .

فإذا تحددت نظرية الغلط في على هذا النحو فإنها لا تتنافى مع استقرار التعامل ، ذلك لأن المتعاقد الذي وقع في الغلط لا يدع للمتعاقد الآخر سبيلا للزعم بأنه فوجئ بطلب إبطال العقد . فقد ثبت أن هذا المتعاقد الآخر كان مشتركاً في الغلط ، أو كان يعلم به ، أو كان من السهل عليه أن يتبينه .

وهو في الأولى حسن النية ولكن مقتضى حسن نيته أن يسلم بإبطال العقد ، وهو في الثانية سيء النية والإبطال جزاء لسوء نيته ، وهو في الثالثة مقصر وتعويض التقصير الإبطال

وغنى عن البيان إننا إذا اشترطنا أن يكون المتعاقد الآخر متصلا بالغلط على النحو المتقدم ، فإن ذلك يعني أن يكون على بينة أيضاً من أن هذا الغلط الجوهري هو الدافع إلى التعاقد كما سبق القول

ويتبين مما قدمناه أنه لا تبقى إلا حالة واحدة لا يكفي فيها الغلط الفردي لإبطال العقد ، هي ألا يتمكن المتعاقد الذي وقع في الغلط من إثبات أن المتعاقد الآخر كان مشتركا في هذا الغلط أو كان يعلم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه

تطبيق الغلط الذي يتصل به المتعاقد الأخذ على أحوال الغلط المختلفة

ويحسن أن نطبق نظرية الغلط الذي يتصل به المتعاقد على أحوال الغلط المختلفة – الغلط في الشيء والغلط في الشخص والغلط في القيمة والغلط في الباعث – حتى نتبين أن هذه النظرية تكفل استقرار التعامل على نحو مرضى 

فإذا كان الغلط في الشيء ، وكان في صفة اعتبرها أحد المتعاقدين ولتكن مثلا أن الشيء الذي اشتراه أثرى ، وجب على المشتري إذا طلب إبطال العقد أن يثبت أن الشيء الذي ظنه اثريا ليس إلا مجرد تقليد وانه لم يكن ليشتريه لو كان قد علم بحقيقته .

ثم يثبت إلى جانب ذلك أن البائع كان يظن مثله أن الشيء أثرى وأن هذه الصفة هي التي دفعت المشتري إلى الشراء ، أو يثبت أن البائع كان على بينة من أن الشيء غير أثرى وكان مع ذلك يعلم ، أو من السهل عليه أن يعلم ، أن المشتري إنما انساق إلى الشراء لأنه كان يظن أن الشيء أثرى .

واثبات كل ذلك يكون يسيراً لو عنى المشتري وقت التعاقد أن يبين أنه إنما يشتري الشيء لأنه أثرى . فإذا هو لم يبين ذلك فقد يتيسر الإثبات من القرائن والظروف ، كارتفاع الثمن إلى درجة لا تجعل قيمة الشيء المقلد متناسبة بتاتاً مع هذا الثمن ، وكالمهنة التي اتخذها البائع لنفسه إذا فرض أن هذا البائع مهنته الاتجار في الأشياء الأثرية .

وإذا كان الغلط في الشخص ، كمن يهب لآخر مالا وهو يعتقد أنه ابن له غير شرعي ثم يظهر عدم صحة ذلك ، فللواهب أن يطلب إبطال الهبة للغلط ، ولكن يجب عليه أن يثبت إلى جانب الغلط الدافع أحد أمرين :

أما أن الموهوب له أكان يشاطر الواهب الاعتقاد بأنه أبن غير شرعي له وأن هذا كان هو الدافع إلى الهبة وإما أن الموهوب له مع علمه بأنه ليس ابن الواهب كان يعلم ، أو يسهل عليه أن يعلم ، بالوهم الذي قام في ذهن الواهب وأن هذا الوهم هو الذي دفعه إلى التبرع .

وإذا كان الغلط في القيمة ، كما إذا باع شخص لآخر سهماً بقيمته الفعلية وهو لا يعلم أن هذا السهم قد ربح جائزة كبيرة ، استطاع البائع أن يطلب إبطال الهبة للغلط ، ولكن يجب عليه أن يثبت إلى جانب الغلط الدافع أحد المرين : إما أن الموهوب له كان يشاطر الواهب الاعتقاد بأنه ابن غير شرعي له وأن هذا كان هو الدافع إلى الهبة ، وإما أن الموهوب له مع عمله بأنه ليس ابن الواهب كان يعلم ، أو يسهل عليه أن يعلم ، بالوهم الذي قام في ذهن الواهب وأن هذا الوهم هو الذي دفعه إلى التبرع .

وإذا كان الغلط في القيمة ، كما إذا باع شخص لآخر سهماً بقيمته الفعلية وهو لا يعلم أن هذا السهم قد ربح جائزة كبيرة ، استطاع البائع أن يطلب إبطال البيع للغلط ، ولكن عليه أن يثبت أن المشتري كان يجهل مثله أن السهم قد ربح الجائزة ، أو أن هذا المشتري مع علمه بربح الجائزة كان يعلم 

أو يسهل عليه أن يعلم ، بجهل البائع لذلك . ولا شك في أن مجرد بيع السهم بقيمته الفعلية دون حساب للجائزة كاف وحده ليكون قرينة على أن المشتري كان إما مشتركاً في الغلط ، وإما عالما به ، وإما على الأقل كان من السهل عليه أن يتبينه .

وإذا كان الغلط في الباعث ، كما إذا باع مريض شيئاً وهو يعتقد أنه في مرض الموت ثم شفى ، كان للبائع في هذه الحالة أن يطلب إبطال البيع للغلط إذا هو اثبت أن المشتري كان يعتقد هو أيضاً أن البائع في مرض الموت 

أو أن المشتري يعلم ، أو يسهل عليه أن يعلم ، أن البائع كان يعتقد أنه في مرض الموت وأن هذا الاعتقاد هو الذي دفع المريض إلى البيع . وقد تقوم تفاهة الثمن مع خطورة المرض قرينة على ذلك .

ويتضح من التطبيقات المتقدمة أن القول بالغلط الفردي لا يصطدم مع استقرار التعامل متى روعيت قواعد الإثبات التي بينها .

التمسك بالغلط على وجه يتعارض مع حسن النية 

 وقد أشتمل القانون الجديد على نص من شأنها أن يخفف من حدة الطابع الذاتي في الغلط . فقضت المادة 124 بما يأتي :

1 – ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية .

2 – ويبقي بالأخص ملزما بالعقد الذي قصد إبرامه ، إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ هذا العقد

ويتبين من هذا النص أن أي تمسك بالغلط ، إذا تعارض مع حسن النية ، يكون غير جائز . فإذا اشترى شخص أرضا وهو يعتقد أن لها منفذاً إلى الطريق العام ،

ثم يتضح إنها محصورة ، فيعرض عليها البائع النفقات التي يقتضيها حصوله على حق المرور إلى الطريق العام مما يحقق له كل الأغراض التي قصد إليها ، فيأبى إلا إبطال العبي ، جاز أن يكون التمسك بالغلط في هذه الحالة متعارضاً مع ما يقضي به حسن النية ، فلا يجاب المشتري إلى طلبه . ويمكن اعتبار هذا الحكم تطبيقاً من تطبيقات نظرية التعسف في استعمال الحق .

وقد أورد الشق الثاني من النص تطبيقاً من أهم تطبيقات هذا المبدأ . فقضى بأن المتعاقد الذي وقع في الغلط يبقى ملزماً بالعقد الذي قصد إبرامه إذا اظهر الطرف الآخر استعدادها لتنفيذ هذا العقد .

فإذا باع شخص سهماً بقيمته الفعلية ، وكان يجهل أن هذا السهم قد ربح جائزة كبيرة ، يبقى مع ذلك ملزماً بالبيع إذا نزل له المشتري عن هذه الجائزة . وإذا تعاقد شخص مع قاصر وهو يعتقد أنه بلغ سن الرشد ، فليس له أن يتمسك بالغلط إذا أجاز الوصي العقد . وإذا اشترى شخص شيئاً وهو يعتقد أنه أثرى ،

فإنه يظل مرتبطاً بالعقد إذا عرض البائع أن يعطيه الشيء الأثري الذي قصد شراءه

دعوي بطلان العقد والتصرف للغلط الجوهري

ابطال التصرف والتعاقد للغلط

السند القانوني لهذه الدعوى :

المادة (120) مدني :

إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد، إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط، أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبيّنه.

المادة (121) مدني :

1- يكون الغلط جوهرياً إذا بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط.

2- ويعتبر الغلط جوهرياً على الأخص:

(أ) إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين، أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن النية.

(ب) إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد.

المادة (122) مدني :

يكون العقد قابلاً للإبطال لغلط في القانون، إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقاً للمادتين السابقتين، هذا ما لم يقض القانون بغيره.

المادة (123) مدني :

لا يؤثر في صحة العقد مجرد الغلط في الحساب، ولا غلطات القلم، ولكن يجب تصحيح الغلط.

المادة (124) مدني :

1- ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية.

2- ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد الذي قصد إبرامه، إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ هذا العقد.

أحكام النقض المرتبطة

  المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً للمادتين 120، 122 من التقنين المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط في القانون أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان جوهرياً ووقع فيه المتعاقد الآخر أو اتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.

 [الطعن رقم 846 –  لسنــة 44 ق  –  تاريخ الجلسة 13 / 12 / 1978 –  مكتب فني 29 –  رقم الجزء  1 –  رقم الصفحة 1915 –  تم قبول هذا الطعن]

جرى قضاء هذه المحكمة على أنه يشترط لإبطال العقد للغلط سواء كان فى الواقع أو فى القانون أن يكون جوهرياً ، أى أن يكون هو الذى دفع إلى التعاقد .

[الطعن رقم 1297 –  لسنــة 56 ق  –  تاريخ الجلسة 29 / 11 / 1990 –  مكتب فني 41 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 833 – تم رفض هذا الطعن]

من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية تستقل محكمة الموضوع بتقدير الأدلة فيها وأن تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون ما حاجة للرد على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة وما دام هذا التقدير لا خروج فيه على الثابت بالأوراق.

وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أسباباً موضوعية سائغة تكفي لحمل قضائه بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب مما لا تجوز المجادلة فيها أمام محكمة النقض، ولا يعيبه بعد ذلك أنه لم يرد على القرائن التي ساقتها الطاعنة للتدليل على ذلك العلم، فيكون النعي – عليه بالقصور في التسبيب – على غير أساس.

 [الطعن رقم 16 –  لسنــة 43 ق  –  تاريخ الجلسة 19 / 11 / 1975 –  مكتب فني 26 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 1444 – تم رفض هذا الطعن]

   المقرر وفقاً للمادتين 120، 121 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري في قيمة الشيء أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد ووقع فيه المتعاقد الآخر أو اتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.

[الطعن رقم 8240 –  لسنــة 65 ق  –  تاريخ الجلسة 23 / 06 / 1997 –  مكتب فني 48 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 952 –  تم قبول هذا الطعن]

المقرر وفقاً للمادتين 120، 125 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري أو وقع عليه تدليس الحق في طلب إبطال العقد وهو حق يتوافر به شرط المصلحة الحالة اللازمة لقبول الدعوى.

 [الطعن رقم 8240 –  لسنــة 65 ق  –  تاريخ الجلسة 23 / 06 / 1997 –  مكتب فني 48 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 952 –  تم قبول هذا الطعن]

المادة 37 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة فى سنة 1938 تنص على أنه يجوز للزوج الطعن فى الزواج إذا وقع غش فى شأن بكارة الزوجة بأن ادعت أنها بكر و ثبت أن بكارتها أذيلت بسبب سوء سلوكها أو فى خلوها من الحمل و ثبت أنها حامل ، كما تنص المادة 38 منها على أنه

” لا تقبل دعوى البطلان فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة السابقة إلا إذا قدم الطلب فى ظرف شهر من وقت أن علم الزوج بالغش و بشرط أن لا يكون حصل اختلاط زوجي من ذلك الوقت “

مما مفاده أن الغش فى شأن بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج بإعتباره غلطاً فى صفة جوهرية يعيب إرادة الزوج وقت انعقاده بشرط أن يرفع دعوى البطلان فى ظرف شهر من وقت علمه بالغش  على ألا يكون قد حصل اختلاط زوجي بين الطرفين من ذلك الوقت لما فى هذا الاختلاط من إجازة ضمنية للعقد .

 [الطعن رقم 9 –  لسنــة 54 ق  –  تاريخ الجلسة 16 / 04 / 1985 –  مكتب فني 36 –  رقم الجزء  1 –  رقم الصفحة 606 – تم رفض هذا الطعن]

يشترط لإبطال العقد للغلط سواء كان فى الواقع أو فى القانون أن يكون جوهرياً ، أى أن يكون هو الذى دفع إلى التعاقد .

 [الطعن رقم 132 –  لسنــة 45 ق  –  تاريخ الجلسة 27 / 02 / 1980 –  مكتب فني 31 –  رقم الجزء  1 –  رقم الصفحة 622 – تم رفض هذا الطعن]

لئن كان يجوز الإتفاق على أجرة تقل عن الأجرة القانونية و لا يعد ذلك مخالفة للنظام العام ، إلا أنه يعد من قبيل العيب الذى يشوب إرادة العاقدين أن يثبت أن هذا الإتفاق كان وليد غلط فى تبين القانون الواجب التطبيق تحققت فيه الشرائط ، و هو ما يجوز معه للمتعاقد طلب إبطاله .

 [الطعن رقم 846 –  لسنــة 44 ق  –  تاريخ الجلسة 13 / 12 / 1978 –  مكتب فني 29 –  رقم الجزء  1 –  رقم الصفحة 1915 –  تم قبول هذا الطعن]

توهم غير الواقع الذى يخالط الإرادة عند تكوين العقد هو من قبيل الغلط الذى نظم المشرع أحكامه في المواد من 120 إلى 124 من القانون المدني. فجعل للمتعاقد الذى وقع فيه أن يطلب إبطال التصرف الذى شابه متى كان الغلط جوهرياً ووقع فيه المتعاقد الآخر أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.

[الطعن رقم 349 –  لسنــة 60 ق  –  تاريخ الجلسة 12 / 07 / 1994 –  مكتب فني 45 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 1192 –  تم قبول هذا الطعن]

يجب في تفسير العقد إعمال الظاهر الثابت به، ولا يجوز العدول عنه إلا إذا ثبت ما يدعو إلى هذا العدول، وإذ كان ادعاء المطعون عليه وقوع الغلط في تحديد الأجرة المثبتة بعقد الإيجار بإعماله التخفيض الوارد بالقانون رقم 168 لسنة 1961 يستلزم – وعلى ما نصت عليه المادة 120 من القانون المدني

أن يثبت إما أن المتعاقد الآخر اشترك معه في الغلط أو كان يعلم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه، وكانت القرائن التي ساقها الحكم المطعون فيه لا تؤدى إلى ذلك، فإنه إذ قضى بتحديد أصل الأجرة على خلاف ما ورد صريحاً بالعقد يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

 [الطعن رقم 106 –  لسنــة 38 ق  –  تاريخ الجلسة 21 / 06 / 1973 –  مكتب فني 24 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 953 –  تم قبول هذا الطعن]

 إذ كانت المطعون عليها قد أسست دفاعها على أنها وقعت في غلط في القانون عند تأجيرها شقتي النزاع في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 إذ اعتقدت أن المبنى يخضع لأحكام التخفيض المقررة بالقانون رقم 199 لسنة 1952 لبدء إنشائه في ظله وقامت بتخفيض الأجرة المتفق عليها وفقاً للنسب المحددة به وهي 15%

و كان المقرر وفقاً للمادتين 120، 122 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط في القانون أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان جوهرياً ووقع فيه المتعاقد الآخر أو اتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه

وكان الحكم المطعون فيه لم يعتد بما أجراه المتعاقدان من تخفيض على الأجرة المتفق عليها على سند من وقوعها في غلط في القانون نتيجة إعمالهما قواعد التخفيض المقررة بالقانون رقم 199 لسنة 1952 رغم عدم سريان أحكامه

وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً في التدليل على أن الإتفاق على تخفيض الأجرة المتعاقد عليها لم يكن من قبيل التحايل على القانون وإنما جاء وليد الغلط فيه ومن ثم يقع باطلاً وتكون الأجرة قبل تخفيضها هي المتعين اتخاذها أساساً للتخفيض المقرر بالقانون رقم 55 لسنة 1958.

 [الطعن رقم 263 –  لسنــة 44 ق  –  تاريخ الجلسة 07 / 06 / 1978 –  مكتب فني 29 –  رقم الجزء  1 –  رقم الصفحة 1434 – تم رفض هذا الطعن]

ادعاء المؤجر بوقوعه في غلط في القانون عند تحديد الأجرة بأقل من الأجرة القانونية بما يترتب عليه بطلان العقد بشأنها بطلاناً نسبياً يستلزم وعلى ما نصت عليه المادتان 120، 122 من القانون المدني أن يثبت اشتراك المتعاقد الآخر معه في هذا الغلط أو كان يعلم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه ويقع على المؤجر عبء إثبات وقوعه في الغلط واتصال المتعاقد الآخر بذلك بجميع طرق الإثبات القانونية لما كان ذلك وكان دفاع الطاعنة المستأجرة أمام محكمة الموضوع قد قام على نفس وقوع الغلط المدعى به لخلو العقد من بيان القوانين المنطبقة عليه

إلا أن الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي لأسبابه بعد أن أثبت وقوع المؤجر في غلط في القانون عند تحديد الأجرة رتب على ذلك إبطال الإتفاق على القيمة التي حددها الطرفان للأجرة في العقد دون أن يتحقق من اتصال الطاعنة “المستأجرة” بهذا الغلط على أي وجه من الوجوه مما مفاده أن الحكم قد اكتفي بثبوت الغلط الفردي في جانب المطعون ضده وأعمل أثره على العقد بإبطاله الأمر الذي يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.

 [الطعن رقم 769 –  لسنــة 50 ق  –  تاريخ الجلسة 09 / 12 / 1987 –  مكتب فني 38 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 1070 –  تم قبول هذا الطعن]

  إذا رفع المشتري دعوى على البائع يطالبه فيها بتعويض عما لحقه من الضرر بسبب عدم إتمام الصفقة التي تعاقد معه عليها ودفع له جزءاً من ثمنها، مدعياً أن البائع دلس عليه بأن أوهمه بأنه تام الأهلية في حين أنه كان محجوزاً عليه، فرفضت المحكمة الدعوى على أساس ما استبانته من ظروفها ووقائعها من أن كل ما وقع من البائع هو أنه تظاهر للمشتري بأنه كامل الأهلية وهذا لا يعدو أن يكون مجرد كذب لا يستوجب مساءلة مقترفة شخصياً، فلا شأن لمحكمة النقض معها في ذلك ما دامت الوقائع الثابتة في الدعوى مؤدية إليه.

 [الطعن رقم 91 –  لسنــة 13 ق  –  تاريخ الجلسة 04 / 05 / 1944 –  مكتب فني 4 ع –  رقم الجزء  1 –  رقم الصفحة 352 – تم رفض هذا الطعن]

يجوز مع القضاء ببطلان العقد للغلط أو التدليس أن يحكم بالتعويض إذا ترتب عليه ضرراً بأحد المتعاقدين ويكون ذلك لا على اعتبار أنه عقد بل باعتباره واقعة مادية متى توافرت شروط الخطأ الموجب للمسئولية التقصيرية في جانب المتعاقد الآخر الذي تسبب بخطئه في هذا البطلان.

[الطعن رقم 8240 –  لسنــة 65 ق  –  تاريخ الجلسة 23 / 06 / 1997 –  مكتب فني 48 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 952 –  تم قبول هذا الطعن]

مذكرة من المدعي

ابطال التصرف والتعاقد للغلط

بدفاع / ……………….                          (المدعى)

ضد

…………………..                              (المدعى عليه)

في الدعوى رقم …… لسنة ……. والمحدد لنظرها جلسة ………..

( الطلبات )

إبطال العقد المبرم بين المدعي والمدعى عليه المؤرخ   /   /   والمبين بصدر صحيفة افتتاح الدعوى مع كل ما يترتب على ذلك من آثار علاوة على إعادة الحال إلى ما كانت عليها قبل التعاقد .

(الدفاع)

 إبطال العقد لوقوع المدعي في غلط جوهري

لما كان المدعي قد تبين له أن هناك غلط جوهري يتمثل في …………. .

ولما كان هذا الغلط جسيماً وسوف يعرض المدعي للأضرار الآتية ………… .

وحيث أنه وطبقاً لما انتظمته المادة (120) من القانون المدني والتي تنص على أن “إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد، إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط، أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبيّنه” .

ولما كان الأمر كذلك فإن المدعي لو كان يعلم بهذا الغلط ما كان تعاقد مع المدعي عليه الذي أخفى عليه هذا الأمر .

وقد قضت محكمة النقض بأن :

المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً للمادتين 120، 122 من التقنين المدني أن للمتعاقد الذي وقع في غلط في القانون أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان جوهرياً ووقع فيه المتعاقد الآخر أو اتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه.

 [الطعن رقم 846 –  لسنــة 44 ق  –  تاريخ الجلسة 13 / 12 / 1978 –  مكتب فني 29 –  رقم الجزء  1 –  رقم الصفحة 1915 –  تم قبول هذا الطعن]

وقد قضت أيضاً بأن :

جرى قضاء هذه المحكمة على أنه يشترط لإبطال العقد للغلط سواء كان فى الواقع أو فى القانون أن يكون جوهرياً ، أى أن يكون هو الذى دفع إلى التعاقد .

[الطعن رقم 1297 –  لسنــة 56 ق  –  تاريخ الجلسة 29 / 11 / 1990 –  مكتب فني 41 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 833 – تم رفض هذا الطعن]

وقد قضت كذلك بأن :

من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية تستقل محكمة الموضوع بتقدير الأدلة فيها وأن تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون ما حاجة للرد على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة وما دام هذا التقدير لا خروج فيه على الثابت بالأوراق

وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أسباباً موضوعية سائغة تكفي لحمل قضائه بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب مما لا تجوز المجادلة فيها أمام محكمة النقض، ولا يعيبه بعد ذلك أنه لم يرد على القرائن التي ساقتها الطاعنة للتدليل على ذلك العلم، فيكون النعي – عليه بالقصور في التسبيب – على غير أساس.

[الطعن رقم 16 –  لسنــة 43 ق  –  تاريخ الجلسة 19 / 11 / 1975 –  مكتب فني 26 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 1444 – تم رفض هذا الطعن]

( بناء عليه )

نصمم على الطلبات

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة