أحكام مجلس الدولة عن إصابة العمل فى قانون التأمينات الاجتماعية ، وبيان ماهية إصابة العمل – والقانون الواجب التطبيق – فالمشرع لم يرتب الحق في التعويض على مجرد وقوع الإصابة

وإنما جعله رهيناً بتخلف عجز عنها – مقدار التعويض يتحدد بحسب نسبة العجز وآثاره – الواقعة القانونية التي يعتد بها لاستحقاق التعويض هي ثبوت العجز المتخلف عن الإصابة

مبادئ مجلس الدولة المصرى عن إصابة العمل

إصابة العمل فى قانون التأمينات الاجتماعية

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا -السنة الثلاثون – العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) – صـ 949 – الطعن رقم 318 لسنة 28 القضائية – جلسة 21 من إبريل سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي ومحمد يسري زين العابدين والدكتور محمد عبد السلام مخلص وأحمد إبراهيم عبد العزيز – المستشارين.

عاملون مدنيون بالدولة ( إصابة عمل )

إصابة عمل – القانون الواجب التطبيق – المشرع لم يرتب الحق في التعويض على مجرد وقوع الإصابة وإنما جعله رهيناً بتخلف عجز عنها – مقدار التعويض يتحدد بحسب نسبة العجز وآثاره –

الواقعة القانونية التي يعتد بها لاستحقاق التعويض هي ثبوت العجز المتخلف عن الإصابة – الإصابة لا تعدو أن تكون واقعة مادية لا يرتب المشرع أثراً على مجرد حدوثها – ضرورة تكامل الواقعة المنشئة للالتزام بتوافر عنصري الإصابة والعجز معاً –

نتيجة ذلك

القانون الواجب التطبيق هو القانون المعمول به وقت ثبوت العجز المتخلف عن الإصابة ذاتها – ثبوت العجز الناشئ عن الإصابة يكون باستقرار العجز وثباته وعدم تحوله ويتحقق بانتهاء العلاج وعودة العامل المصاب لعمله

حتى ولو تراخى تقدير نسبة العجز إلى تاريخ لاحق – أساس ذلك:

أن تاريخ تقدير القومسيون لنسبة العجز بعد أن تكون قد استقرت هو مجرد تحديد لمقدار العجز المترتب عليها وليس تحديداً لتاريخ استقرارها – تطبيق.

إجراءات الطعن

بتاريخ 4/ 2/ 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الداخلية ورئيس الهيئة العامة للتأمين والمعاشات قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 318 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 27/ 12/ 1981 في الدعوى رقم 402 لسنة 2 القضائية

المقامة من السيد/ مصطفى يسري عصفور ضد وزير الداخلية ورئيس الهيئة العامة للتأمين والمعاشات

والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار منها اعتبار إصابة المدعي التي حدثت في 21/ 11/ 1972 إصابة عمل نجم عنها عجز قدره 15% خمسة عشر في المائة

وما يترتب على ذلك من حقوق للمدعي قبل جهة الإدارة وألزمت جهة الإدارة المصروفات.

وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن

 الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه

الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.

وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/ 6/ 1984، وبجلسة 10/ 12/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية)

حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 10/ 2/ 1985 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 19/ 4/ 1980 أقام السيد/ مصطفى يسري عصفور الدعوى رقم 402 لسنة 2 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة

طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من اللجنة المختصة بالفصل في حالات الإجهاد المبلغ له في 20/ 3/ 1980 والقاضي برفض اعتبار إصابته الحادثة في 21/ 11/ 1972 إصابة عمل

وما يترتب على ذلك من أحقيته في اعتبارها إصابة عمل وأنها خلفت عجزاً بنسبة 15% طبقاً لقرار القومسيون الطبي المشار إليه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وقال المدعي شرحاً لدعواه

 أنه بتاريخ 21/ 11/ 1972 وبمناسبة قيامه بمأمورية سرية أرهقته إرهاقاً شديداً لتعقبه بعض الخطرين ومحاولته ضبط بعض المواشي المسروقة في مركزي دمياط والدقهلية شعر بآلام مفاجئة وحادة في صدره فأدخل أقرب مستشفى وهي مستشفى فار سكور حيث أبقى للصباح لعمل رسم قلب له، وبعد إجراء هذا الرسم تقرر نقله إلى مستشفى الهلال بدمياط.

وقد ثبت من الكشف الطبي أنه أصيب بجلطة في الشريان التاجي للقلب واستمر في إجازة مرضية لمدة 137 يوماً، ثم عرض على القومسيون الطبي لمحافظة دمياط، الذي قام بالكشف عليه بتاريخ 18/ 11/ 1973

وقرر أن الإصابة بالوصف الوارد بالكشف الطبي تتفق وحصول الحادث بالكيفية الواردة بالتحقيق، ويرى القومسيون أن ظروف حدوث الإصابة ووصفها يجعلها مرتبطة ارتباطاً مباشراً بطبيعة عمله

وأضاف المدعي أنه بتاريخ 17/ 4/ 1977 قام القومسيون الطبي المذكور بإعادة الكشف عليه وانتهى إلى وجود جلطة قديمة بالشريان التاجي للقلب وتقدر نسبة العجز 15% خمسة عشر في المائة

وذلك نتيجة إصابته بجلطة بالشريان التاجي في المدة من 22/ 11/ 1972 حتى 7/ 4/ 1973، ويذكر المدعي أن وزارة الداخلية كانت تقوم بصرف ثمن الأدوية التي يحتاج إليها للعلاج المستمر الذي تقتضيه إصابته القديمة المشار إليها

إلا أنه فوجئ بوقف صرف ثمن العلاج حيث قامت الوزارة بعرض حالته على مجلس الدولة الذي أفاد بكتابه رقم 599 في 26/ 3/ 1979 بعدم اعتبار إصابته في 21/ 11/ 1972 إصابة عمل لعدم توافر عنصر الواقعة ذات الأصل الخارجي ولأنه لم يكلف بجهد أو عمل زائد بالمقارنة لزملائه في العمل بل كان يباشر واجبات وظيفته العادية

واستطرد المدعي قائلاً أن إصابته حدثت في 21/ 11/ 1972 أي قبل صدور قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 وأنه في تاريخ وقوع الإصابة كان القومسيون الطبي هو الجهة الوحيدة التي كانت مختصة بتحديد ما إذا كانت تلك الإصابة إصابة عمل أم لا

وإنه نظراً لصدور قرار القومسيون الطبي في 8/ 11/ 1983 باعتبار إصابة المدعي إصابة عمل فإن هذا القرار يعتبر نهائياً، ومن أجل ذلك يكون من حقه طلب إلغاء قرار اللجنة المختصة بالفصل في حالات الإجهاد الصادر برفض اعتبار إصابته إصابة عمل.

وعقبت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة أوضحت فيها

أن المدعي أصيب بالأزمة القلبية في 21/ 11/ 1972 وبذلك تكون الإصابة قد حدثت في ظل العمل بأحكام القانون رقم 63 لسنة 1964 وأن أحكام القانون المذكور وكذا أحكام القانون رقم 50 لسنة 1963

تحدد إصابة العمل بأنها الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) الملحق بالقانون رقم 63 لسنة 1964 أو الإصابة نتيجة حادث وقع بفعل قوة خارجية أثناء العمل أو بسببه ومس جسم العامل وأحدث به ضرراً

وكذا ما وقع للعامل خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي

كما أن المقصود بحادث العمل هو الحادث المفاجئ الذي يقع بغتة بفعل قوة خارجية أثناء العمل أو بسببه ويمس جسم العامل من الخارج ويحدث به أضراراً كالانفجار أو الحريق أو السقوط أو التصادم أو الاختناق تحت الأرض أو تحت الماء

ومن ثم يكون القانون رقم 63 لسنة 1964 هو الذي يحكم واقعة النزاع وبالتالي لا تعتبر إصابة المدعي إصابة عمل، وأنه إذا كان قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 قد أضاف حالات أخرى إلى الحالات السابق بيانها في القانون رقم 63 لسنة 1964 وهي الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق

فإن هذا القانون وقد عمل به اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1975 لا ينطبق على الوقائع التي تمت قبل العمل بأحكامه، وإذا كانت إصابة المدعي قد حدثت في 21/ 11/ 1972 فإن هذا القانون لا ينطبق عليها وينطبق في شأنها أحكام القانون رقم 63 لسنة 1964.

وبجلسة 27/ 12/ 1981 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة حكمها المطعون فيه ويقضي

 بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار منها اعتبار إصابة المدعي التي حدثت في 21/ 11/ 1972 إصابة عمل نجم عنها عجز قدره 15%

وما يترتب على ذلك للمدعي من حقوق قبل جهة الإدارة وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وشيدت المحكمة قضاءها على أن القانون الواجب التطبيق في شأن التعويض عن إصابات العمل هو القانون المعمول به وقت ثبوت العجز المتخلف عن الإصابة ذاتها،

ووفقاً لأحكام هذا القانون تتحدد حقوق المصاب والتزامات الجهة التي يعمل بها

ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن القومسيون الطبي العام بدمياط قد قدر بتاريخ 14/ 4/ 1977 نسبة العجز الناجمة عن إصابة المدعي بمقدار 15%

فمن ثم تكون أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي هي الواجبة التطبيق على حالة إصابة المدعي والعجز المتخلف عنها

ولا يعتد في هذا الشأن بالقانون الذي كان سارياً وقت عودة المدعي إلى عمله في 8/ 4/ 1973 إذ أنه في هذا التاريخ لم تكن نسبة العجز التي نجمت عن الإصابة قد استقرت وتحددت بصفة نهائية.

وأنه يبين من استعراض أحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 أن المشرع عندما اعتبر الإصابة الناتجة عن الإرهاق والإجهاد في العمل إصابة عمل استلزم لذلك أن تتوافر فيها الشروط والقواعد التي يصدر بها قرار وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير الصحة

إصابة العمل فى قانون التأمينات الاجتماعية

إصابة العمل فى قانون التأمينات الاجتماعية

وقد صدر قرار وزير التأمينات رقم 329 لسنة 1977 في شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إصابة عمل، ونص أن تعتبر الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق من العمل إصابة عمل متى كانت سن المصاب أقل من الستين وتوافرت في الإصابة الشروط الآتية مجتمعة:

1 – أن يكون الإجهاد أو الإرهاق ناتجاً عن بذل مجهود إضافي يفوق المجهود العادي للمؤمن عليه سواء بذل المجهود وقت العمل الأصلي أو غيره.

2 – أن يكون المجهود الإضافي ناتجاً عن تكليف المؤمن عليه بإنجاز عمل معين في وقت محدد معين بالإضافة إلى عمله الأصلي.

3 – أن تقرر الجهة المختصة بالعلاج أن هناك ارتباطاً مباشراً بين حالة الإجهاد أو الإرهاق من العمل والحالة المرضية.

4 – أن تقرر الجهة الطبية المختصة بالعلاج أن الفترة الزمنية للإجهاد أو الإرهاق كافية لوقوع الحالة المرضية.

5 – أن تكون الحالة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق ذات مظاهر مرضية حادة.

6 – أن ينتج عن الإجهاد أو الإرهاق في العمل إصابة المؤمن عليه بأحد الأمراض الآتية:

  • ( أ ) نزيف المخ أو انسداد شرايين المخ متى ثبت ذلك بوجود علامات إكلينيكية واضحة.
  • (ب) انسداد الشرايين التاجية بالقلب متى ثبت ذلك بصفة قاطعة.

واعتبرت المحكمة أن المدعي قد توافرت في شأنه الشروط المشار إليها، وبالتالي فإن إصابته نتيجة الإجهاد والإرهاق في العمل تعتبر إصابة عمل تخلف عنها عجز مقداره 15 % وما يترتب على ذلك من آثار وحقوق قبل جهة الإدارة.

ومن حيث أن الطعن يقوم على

 أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، لأن العبرة في تطبيق القانون هي بواقعة الإصابة، ولما كانت إصابة المدعي قد وقعت في سنة 1973 أي في ظل العمل بأحكام القانون رقم 63 لسنة 1964 وقبل العمل بأحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 الذي اعتبر الإصابة بسبب الإرهاق أو الإجهاد إصابة عمل

ومن ثم فإن إصابة المدعي لا تعتبر إصابة عمل في ظل أحكام القانون رقم 63 لسنة 1964 الذي اعتبر إصابة العمل كل ما يمس جسم العامل من الخارج ويحدث به ضرراً

ومن ناحية أخرى مع التسليم جدلاً بما انتهى إليه الحكم من أن العبرة في تحديد القانون الواجب التطبيق ليس بواقعة الإصابة، إنما بواقعة تقدير العجز، فإن ما قام به المدعي من عمل يعتبر عملاً طبيعياً مسنداً إليه

إذ أن من طبيعة عمله مطاردة اللصوص والمنحرفين وضبطهم. وبالتالي لا يكون هناك المجهود الإضافي الذي يفوق المجهود العادي

كما أن قرار القومسيون الطبي العام بدمياط في 14/ 4/ 1977 بتقدير نسبة عجز للمدعي لم يصدر من الجهة الطبية المختصة والتي قررتها المادة الأولى من قرار وزير التأمينات رقم 329 لسنة 1977.

ومن حيث إنه فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق في الدعوى محل الطعن الماثل

 فإن المشرع منذ قرر حق العامل في التعويض عن إصابات العمل ، لا يرتب الحق في التعويض على مجرد وقوع الإصابة إنما يجعله رهيناً بتخلف عجز عنها، وهو يغاير في مقدار التعويض بحسب نسبة العجز وآثاره

ومن ثم فإن الواقعة القانونية التي يعتد بها مناطاً لاستحقاق التعويض هي ثبوت العجز المتخلف عن إصابة العمل

أما الإصابة ذاتها فلا تعدو أن تكون واقعة مادية لا يرتب المشرع أثراً على مجرد حدوثها وإنما يرتب هذا الأثر على تكامل الواقعة المنشئة للالتزام التي يلزم لقيامها توافر عنصري الإصابة والعجز معاً.

وهذا النظر ينطوي على تطبيق سليم لفكرة تنازع القوانين من حيث الزمان التي تقوم على قاعدة الأثر الفوري أو المباشر للقانون الجديد وعدم رجعيته بما يمس حقوقاً أو مراكز نشأت في ظل قانون سابق، فيحكم كل قانون الوقائع أو المراكز القانونية التي اكتملت في ظله، ولا يجوز أن تمتد أحكام قانون قديم لتحكم وقائع ومراكز اكتملت في ظل العمل بقانون لاحق

كما لا يجوز إذا ما صدر قانون جديد أن يرجع أثره إلى الماضي ليحكم مراكز أنتجت آثارها وفقاً لأحكام قانون قديم، وترتيباً على ذلك فإن المركز القانوني الذاتي وهو نشوء الحق في التعويض لا يتحقق إلا إذا اكتملت الواقعة القانونية الشرطية التي نص عليها المشرع وجعل منها مناطاً لتوافر هذا المركز بعنصريها وقوع الإصابة وتخلف عجز عنها

كما يتفق هذا المنحى مع طبائع الأشياء، فالإصابة قد ينجم عنها عجز حال وقوعها مباشرة فتتعاصر الإصابة والعجز وقت الحدوث، وقد لا يتحقق هذا التعاصر فيتراخى ظهور العجز فترة من الزمن، وليس من شك في أن أحكام القانون تشمل الحالتين معاً

وبالتالي لا يسوغ إغفال العنصر الزمني وما قد يطرأ على الأحكام القانونية السارية من تغيير، والقول بأن الواقعة التي يعتد بها هي الإصابة بحيث يرد العجز الناشئ عنها إلى وقت حدوثها يخالف منطق النصوص التي تجعل الواقعة القانونية التي ترتب الحق في التعويض هي الإصابة التي ينجم عنها عجز معين

سواء حدث هذا العجز وقت حدوث الإصابة أم حدث بعد ذلك بسببها. وعلى ذلك فإن القانون الواجب التطبيق على الواقعة محل التداعي هو القانون المعمول به وقت ثبوت العجز المتخلف عن الإصابة ذاتها، ووفقاً لأحكام هذا القانون تتحدد حقوق المدعي قبل جهة الإدارة.

وثبوت العجز الناشئ عن الإصابة يكون باستقرار العجز وثباته وعدم تحوله وهو ما يتحقق بانتهاء العلاج وعودة العامل المصاب إلى عمله، بحيث إذا ما رخص للعامل المصاب بإجازات مرضية وقرر القومسيون الطبي إن حالته قد استقرت وقرر إعادته إلى عمله،

فإن استقرار الإصابة على هذا النحو يعتد به لبيان القانون الواجب التطبيق على حالة المصاب، حتى ولو تراخى تقدير نسبة العجز إلى تاريخ لاحق، ذلك أن تاريخ تقدير القومسيون لنسبة العجز بعد أن تكون الإصابة قد استقرت، هو مجرد تحديد لمقدار العجز المترتب عليها، وليس تحديداً لتاريخ استقرارها.

ومن حيث إن المدعي كان قد أصيب بتاريخ 21/ 11/ 1972 بجلطة بالشريان التاجي وترخص له بإجازة مرضية من 22/ 11/ 1972 حتى 7/ 4/ 1973، وعاد إلى عمله بتاريخ 8/ 4/ 1973

وأشارت مذكرة إدارة شئون الخدمة بمديرية أمن دمياط المؤرخة 5/ 5/ 1973 إن القومسيون الطبي بدمياط أعاد الكشف عليه بجلسة 22/ 4/ 1973 وقرر أن صحته في الحدود الطبيعية ويستمر في عمله العادي

كما تقدم بطلب إلى السيد مدير أمن دمياط في 26/ 5/ 1973 أوضح فيه أنه في 22/ 4/ 1973 عرض على القومسيون الطبي وبعد الكشف والاطلاع على جميع التحاليل الطبية ورسم القلب قرر أن صحته في الحدود الطبيعية وطلب البقاء في عمله الحالي لأن حالته المرضية انتهت

واستمر بالفعل في عمله كرئيس لقسم المباحث الجنائية، وبالتالي فإن إصابته تكون قد استقرت منذ عودته لعمله في 8/ 4/ 1973، ويكون قانون التأمين الاجتماعي رقم 63 لسنة 1964 المعمول به وقت استقرار إصابته هو المعول عليه في تحديد الحقوق الناشئة عن الإصابة وليس القانون رقم 79 لسنة 1975.

ومن حيث إن المادة 3 من قانون التأمين والمعاشات رقم 63 لسنة 1964 تنص على أن (تلتزم الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة ووحدات الإدارة المحلية بعلاج المصابين من العاملين فيها ودفع التعويضات المقررة وفقاً لأحكام الباب الرابع من هذا القانون أو أي قانون أفضل).

وتنص المادة 29 على أنه

(إذا نشأ عن الإصابة عجز مستديم لا تصل نسبته إلى 35% من العجز الكامل استحق المصاب تعويضاً معادلاً لنسبة ذلك العجز مضروبة في قيمة معاش العجز الكامل عن أربع سنوات ويؤدي هذا التعويض دفعة واحدة).

ومفاد هذين النصين أن المشرع ألزم الحكومة بتعويض العاملين بها عما يلحقهم من إصابات عمل وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية أو أي قانون آخر أفضل للمصاب.

ومن حيث إن المادة 1 من قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه تنص على أن

(يقصد بإصابة العمل الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم (1) الملحق بهذا القانون، أو الإصابة نتيجة حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه ويعتبر في حكم ذلك كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل وعودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي).

والمستفاد من النص المتقدم أن إصابة العمل إما أن تكون إصابة بأحد أمراض المهنة المبينة في الجدول رقم (1) الملحق بقانون التأمينات الاجتماعية والذي يوضح نوع المرض والأعمال المسببة له

إصابة العمل فى قانون التأمينات الاجتماعية

وإما أن تكون الإصابة ناتجة عن حادث أثناء تأدية العمل أو بسببه أي ناتجة عن أسباب متعلقة بالعمل ولو لم تكن أثناء تأديته.

ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المدعي كان يقوم بعمله العادي يوم 21/ 11/ 1972 كضابط شرطة مهمته الأولى تعقب المجرمين والقبض عليهم

وليس بالأوراق ما يحمل على أن تكليفاً بعمل غير عادي أو حادثاً بعينه كان هو السبب فيما أصابه من جلطة بالشريان التاجي للقلب ومن ثم فإن إصابته والحالة هذه لا تعتبر إصابة عمل وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 63 لسنة 1964.

ولا يقدح في هذا النظر ما قرره القومسيون الطبي بدمياط بجلسة 8/ 11/ 1973 من أن ظروف حدوث الإصابة ووصفها يجعلها مرتبطة ارتباطاً مباشراً بطبيعة عمله

وما قرره القومسيون الطبي بدمياط بجلسة 17/ 4/ 1977 من حالة المذكور جلطة قديمة بالشريان التاجي للقلب والقلب متكافئ وتقدر نسبة العجز 15%

إذ سبق أن أفاد القومسيون الطبي بدمياط بكتابه رقم 3856 المؤرخ 2/ 7/ 1973 أنه بعرض الأمر على الإدارة العامة للقومسيونات الطبية أفادت بأن إصابة المدعي بانسداد في الشريان التاجي في 22/ 11/ 1972 هي حالة مرضية غير مرتبطة بطبيعة عمله.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون حقيقاً بالإلغاء وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.

تحميل إصابة العمل فى قانون التأمينات

عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

شاركنا برأيك أو أترك استفسارك القانوني