سلطة القاضي التقديرية في الدفوع الموضوعية

موجز بحث عن سلطة القاضي التقديرية في الدفوع الموضوعية ، فما هى هذه السـلطة التقديريـة للقاضـي ، وهل للقاضى تقدير فى القضايا المدنى والدفوع الموضوعية ، أم أنه مقيد ، هذا هو موضوع البحث

بحث سلطة القاضي التقديرية

سلطة القاضي التقديرية

تعريف الدفوع الموضوعية

الدفع الموضوعي هو الدفع الذي يوجه الى ذات الحق المدعى به كأن ينكر وجوده أو يزعم سقوطه أو انقضاؤه كالدفع ببطلان سند الدين أو بتزويره ، ومن ثم الدفوع الموضوعية إذن تشمل كل دفع يترتب على قبوله رفض طلب المدعى .

وقد يقوم المدعى عليه في سبيل الحصول على حكم برفض طلب المدعى بما يأتي :

  1. إنكار الوقائع المنشئة التي تمسك بها المدعى كأساس لطلبه ، أو إنكار الآثار القانونية التي ينسبها المدعى الى هذه الوقائع
  2.  التمسك بواقعة معاصرة لنشأة الواقعة التي يتمسك بها المدعى من شأنها منع هذه الواقعة الأخيرة من إنتاج كل أو بعض آثارها القانونية . كما لو تمسك المدعى عليه بصورية العقد أو بإبطاله للغلط .
  3.  التمسك بواقعة موضوعية من شأنها إثارة الواقعة المنشئة التي تمسك بها المدعى ، كما لو تمسك المدعى عليه بالوفاء

ويطلق فقه المرافعات المصري اصطلاح الدفوع الموضوعية على هذه الصور الثلاث .

فالدفع الموضوعي عندهم هو كل ما يعترض به المدعى عليه على الحق المطلوب حمايته من المدعى . وهو بهذا يطابق اصطلاح الدفاع الموضوعي في الفقه الفرنسي .

والواقع أن مجرد إنكار الوقائع المنشئة أو إنكار آثارها لا يمكن أن يعتبر دفعا بالمعنى الصحيح ، وذلك أن القاضي لا يحكم بمقتضى هذه الوقائع المنشئة إلا بعد إثباتها من المدعى ، كما أنه يجرى عليها آثارها القانونية من تلقاء نفسه .

فلا يعدو إنكار المدعى عليه للواقعة أو إنكار آثارها تنبيه القاضي الى واجبه بالنسبة لها ، ولهذا فإن اصطلاح الدفع الموضوعي يجب قصره على ما يقوم به المدعى عليه من تأكيد لواقعة مانعة أو منهية ترمى الى رفض الدعوى .

الدكتور / أحمد أبو الوفا 

وتختلف الدفوع الموضوعية عن دعاوى المدعى عليه في أنها مجرد وسائل دفاع سلبية محضة يرمى بها المدعى عليه الى تفادي الحكم للمدعى بطلباته دون أن يقصد الحصول منها على ميزة خاصة

ففي دعوى التعويض مثلا إذا أنكر المدعى عليه حصول ضرر فيكون قد أبدى دفعا موضوعيا ، أما إذا طالب بتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب خطأ المدعى فيكون قد تقدم بطلب عارض .

 كما تختلف الدفوع الموضوعية عن دعاوى المدعى عليه في أنها تبدى دائنا بدون شرط أو قيد ، أما الثانية فلا تبدى إلا إذا كانت مرتبطة بالدعوى الأصلية .

وقبول دعاوى المدعى عليه يوسع نطاق الخصومة في جميع الأحوال بينما قبول الدفوع الموضوعية تؤدى الى حسم النزاع .

والدفع الموضوعية يجوز إبداؤها في أية حالة تكون عليها الدعوى ، وهى لم ترد على سبيل الحصر وليس هناك ترتيب خاص فيما بينها .

ويراعى أنها إذا بحثت المحكمة دفاعا موضوعيا ورفضت الدعوى أو قبلتها ، ثم ألغى الحكم من المحكمة الاستئنافية ، فليس على هذه المحكمة إعادة القضية الى محكمة أول درجة لنظرها من جديد – بل نقوم هى بنظر الدعوى والحكم فيها .

سلطة تقدير القاضي

سلطة القاضي التقديرية

نجد أن إجراءات تقديم الدفع وآثاره القانونية داخل الخصومة تختلف وتتغاير باختلاف نوع الدفع . ويقع على القاضي مهمة الوصف القانونية لوسائل الدفاع التي تقدم داخل الخصومة المدنية .

وحتى يقوم القاضي بتقدير طبيعة الدفع المقدم إليه ، في نطاق الدفوع الموضوعية أولاً فإن عليه أن يعتمد بصفة أساسية على مجموع الوقائع التي يدعيها الخصوم على أساس أنها مكونة لما يفترض أنه دفع موضوعي .

وعليه أن يستند في ذات الوقت الى قاعدة أو قواعد قانونية مجردة يرى أنها هى المحتملة التطبيق على هذه الوقائع .

ثم يقوم القاضي بعد ذلك بفحص موضوع الدفع ليرى ما إذا كان هذا الدفع يقصد به التمسك :

1- بإنكار الوقائع المنشئة للحق الذي تمسك به المدعى كأساس لطلبه ، أو إنكار الآثار القانونية التي ينسبها المدعى لهذه الوقائع . في مثل هذه الحالة فإن مجرد إنكار الوقائع المنشئة أو إنكار آثارها يراه البعض مجرد تنبيه للقاضي الى واجبه 

لأن عليه ألا يحكم بمقتضى هذه الوقائع إلا بعد إثباتها من جانب المدعى ، وإذا ما تم إثباتها فعلى القاضي من تلقاء نفسه وبدون طلب أعمال حكم القانون عليها وتوليد الآثار المترتبة على هذه الوقائع المثبتة .

 وبناء على ذلك ينتهي هذا البعض الى أن إنكار الوقائع المنشئة أو إنكار آثارها لا يعد في واقع الأمر دفعا موضوعيا ، بل هو مجرد وسيلة دفاع الهدف منها تنبيه القاضي الى واجبه إزاء هذه الوقائع .

والبعض الآخر يرى أن التمسك بإنكار الوقائع المنشئة للحق المدعى به ، أو التمسك بإنكار آثار هذه الوقائع فقط في واقع الأمر دفعا موضوعيا بمعنى الكلمة .

فقيام المدعى عليه بإنكار الوقائع المنشئة يقتضي منه أن يتقدم بدوره الى القاضي بمجموع واقعي جديد يهدف الى تعزيز إنكاره لهذه الوقائع أو آثارها .

 مثل هذا المجموع الواقعي الجديد يتضمن عناصر متعلقة بالمراكز القانونية للخصوم من الناحية الموضوعية ، سواء تعلق الأمر بالواقع أم بالقانون ، وعلى القاضي يقع عبء تقدير كل ذلك .

2- قد يتمسك المدعى عليه ، من جهة أخرى ، بواقعة معاصرة لنشأة الواقعة التي يتمسك بها المدعى ويكون من شأنها منع هذه الواقعة الأخيرة من إنتاج كل أو بعض آثارها القانونية ، كما لو تمسك المدعى عليه بصورية العقد أو بإبطاله للغلط .

في مثل هذه الحالة يرجع القاضي ، بصفة مجردة ، لتقدير مسألة قبول الدفع الموضوع أو عدم قبوله ، الى القواعد القانونية القابلة للحكم على هذا المركز الموضوعي ، ويفحص مراكز الخصوم ويتأكد من أنه من شأن الواقعة المعاصرة للواقعة التمسك بها التأثير في آثار الواقعة الأولى أم لا .

فإذا انتهى الى عناصر الواقعتين وفقا للقانون الموضوعي ، وأن من شأن هذا التعاصر التأثير في الواقعة الأولى تأثيرا سلبيا وفقا للقانون الموضوعي ، فإنه ينتهي الى:

  •  اعتبار الدفع دفعا موضوعيا .
  •  تهيئة الدفع للفصل فيه .

3- وقد يتمسك المدعى عليه أخيرا ، بواقعة منهية من شأنها إنهاء آثار الواقعة المنشئة التي تمسك بها المدعى ، كما لو تمسك بالوفاء ، أو بانقضاء الالتزام لأى سبب كان .

هنا يقوم القاضي ببحث أسباب انقضاء آثار الواقعة المنشئة ، ويتم هذا البحث في نطاق القانون الموضوعي ، في حدود الواقعة التي تمسك بها المدعى عليه ، وعلى ضوء القاعدة القانونية التي يراها القاضي محتملة التطبيق على ما تمسك به الخصوم ، وينتهي إما الى قبول الدفع أو الى عدم قبوله .

وبناء على ذلك فإن النشاط التقديري الذي يقوم به القاضي للدفوع الموضوعية يتم داخل نطاق القانون الموضوعي .

وبحث سلطة القاضي التقديرية في نطاق الدفوع الموضوعية تترتب عليه العديد من الآثار الهامة .

كالتساؤل عن إمكانية إثارة القاضي للدفع الموضوعي من تلقاء نفسه ، أم أنه يشترط ذللك ضرورة تمسك المدعى عليه به .

سلطة القاضي التقديرية

مسألة أثارة الدفع الموضوعي بواسطة القاضي من تلقاء  نفسه

جائزة حتى ولو لم يتعلق بالنظام العام 

لأن الأمر يتعلق في الواقع بسلطة القاضي التقديرية ، وسلطة القاضي في الخصومة وبما أن الدفع الموضوعي يعبر عن الوجه السلبي للنزاع ،

وحيث أن قواعد العدالة تفرض على القاضي أن يتعرض للنزاع بأكمله سواء في وجهه الإيجابي أو السلبي ، فيكون له أن يحكم من تلقاء نفسه بالدفع الموضوعي ،

إذا تبين له ذلك من الوقائع المطروحة عليه ويستثنى من ذلك الحالات التي يشترط فيها القانون صراحة تمسك الخصم بالدفع الموضوعي .

(د/ أحمد أبو الوفا ، مرجع سابق)

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة