التعويض عن فسخ الخطبة و إساءة استعمال حق الطلاق

نتعرف على قول القانون والشرع بشأن حق التعويض عن فسخ الخطبة للخاطب والمخطوبة ، و إساءة استعمال حق الطلاق من الزوج أو الزوجة ، أراء الفقهاء القانونيين والشرعيين

التعويض عن فسخ الخطبة

هل يحق للخاطب والمخطوبة

والزوج الزوجة

التعويض عن الخطبة والطلاق

نعرض أولا أراء الفقهاء لمسألة التعويض عن فسخ الخطبة ، وفى المبحث الثانى مدي أحقية التعويض عن إساءة حق الطلاق بما يؤدي الى الاضرار بالطرف الأخر

التعويض عن فسخ الخطبة

اثار الخلاف بين الشراح حول مدى التعويض عن استعمال الخاطب أو المخطوبة لحق فسخ الخطبة.

فيذهب أستاذنا المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة  إلى انه لا يقر الرأي الذى يمنع كل تعويض عن الضرر بإطلاق، ولا

الأحوال الشخصية – الزواج – لأستاذنا المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة – ص 20 وما بعدها

الرأي الذى يمنحه بإطلاق، بل يقول قولا وسطا، فيقرر ان العدول عن الخطبة فى ذاته لا يكون سببا للتعويض لأنه حق، والحق لا يترتب عليه تعويض قط، ولكن ربما يكون الخاطب قد تسبب فى اضرار نزلت بالمخطوبة لا بمجرد الخطبة والعدول

كأن يطلب هو نوعا من الجهاز، أو تطلب هي إعداد المسكن، ثم يكون العدول والضرر، فالضرر نزل بسبب عمل كان من الطرف الذى عدل غير مجرد الخطبة فيعوض، وان لم يكن كذلك فلا يعوض.

ويرى الأستاذ الشيخ محمد زكريا البرديسى

 ان مجرد العدول عن الخطبة حق العادل ، فلا ينبغي أن يترتب علي الضرر الذي يصيب الطرف الآخر بسبب ذلك العدول تعويض ، لأن العادل لم يكن إلا مستعملاً حقه في هذه الحالة ، واستعمال الحق لا يوجب الضمان أما الضرر الذي لم يكن لاستعمال الحق دخل فيه ، فهذا يجب أن يعوض عنه عملا بقوله صلي الله عليه وسلم : ” ولا ضرر ولا ضرار”.

الأحوال الشخصية – للأستاذ الشيخ محمد زكريا البرديسى – طبعة 1965 – ص16 وما بعدها

ويرى الدكتور السعيد مصطفى السعيد

 ان اصح الآراء هو الرأي الذى يقرر مبدأ المسئولية عن فسخ الخطبة على أساس سوء استعمال الحق، باعتبار ان حق العدول عن الخطبة لم يشرع الا لمسوغ يقتضيه، عندما يظهر ان الزواج المزمع لا يحقق غايته المأمولة

 فقد وافق الشريعة الإسلامية بكونه لم يجرد الخطبة من كل اثر قانونى ، بل انها طبقا لهذا الرأي، تعتبر اتفاقا مستحبا ينشأ عنه ارتباط، وان العدول عن الخطبة حق ولكنه مقيد فى استعماله بوجوب ان يكون مطابقا للحكمة الغالية التى من اجلها شرع

 حقيقة ان هناك حقا فى العدول مما يشعر بانعدام الأساس التعاقدي للمسئولية إذا ما وجدت، ولكن هذا الحق مقيد بالقيد الذى اشرنا إليه وهو عدم الإساءة، فإذا اسئ فى استعمال هذا الحق أي حق العدول لم يكن الفعل تطبيقا لهذا الحق الذى يكون غير قائم لعدم قيام موجبه، وبذلك يكون تصرف الناكل منافيا وموجبا لمسئوليته على أساس العقد.

مدي استعمال حقوق الزوجية – الدكتور السعيد مصطفي السعيد – ص 117

ويرى المستشار حسين عامر

 ان الخطبة تنشئ علاقات بين طرفين لا يمكن تجاهلها، كما لا يمكن اغفال اعتبارها، وتجريدها من أي تقدير قانونى، ففيها يصدر ايجاب يقترن بقبول على الوعد بالزواج فهو ارتباط قانونى وعقد كامل

 يلتزم فيه كل من الطرفين بإجراء التعاقد النهائي فى الوقت الملائم، وليس ثمة ما يوجب وفاء الالتزام عينا، أي إجراء التعاقد النهائي

 لان الوعد بالتعاقد لا ينشئ الا حقا شخصيا فليس لأى الطرفين قبل الآخر إلا المطالبة بالتعويض عن الرجوع فى هذا الوعد، وليس فى هذا ما يمس حرية الزواج إطلاقا، إذ لكل من الطرفين ان يعدل عن وعده، ولكنه إذا أساء استعمال ذلك، فإنه يجب مساءلته وإلزامه بالتعويض.

نظرية سوء استعمال الحقوق – المستشار حسين عامر – ص 205

ونرى- ان فسخ الخطبة حق مقيد، وان إساءة استعماله تستوجب الحكم على الطرف المسيء بالتعويض، ذلك ان الحق لم يعد سلطة مطلقة يستعمله صاحبه على النحو الذى يراه

 بل أصبح وظيفة مقيدة بعدم إساءة استعمالها، ومن ثم يكون الطرف الفاسخ للخطبة مسئولا عن تعويض الطرف الآخر متى ثبت تعسفه فى استعمال حق فسخ الخطبة ولحق الضرر بالطرف الآخر من جراء هذا الفسخ

طبقا لأحكام المسئولية التقصيرية وإعمالاً لنظرية التعسف فى استعمال الحق، وقيام تلك الأركان أو عدم قيامها مسألة موضوعية لقاضى الموضوع ان يستجليها.

أصول المرافعات الشرعية – أنور العمروسى – طبعة 3-ص 429 و 930

اما القضاء المصري، فقد ترددت أحكامه إلى أراء ثلاثة:

  • الأول: يذهب إلى الفسخ فى ذاته وان لم يكن موجبا للتعويض، فإن الظروف التى تلابس هذا الفسخ قد تكون موجبة للتعويض.
  • الثاني: يقول بأن فسخ الخطبة هو حق مقيد، وان الإساءة فى استعماله تستوجب الحكم على المسيء بالتعويض.
  • الثالث: يقوم بأنه لا يمكن ان يترتب على فسخ الخطبة حق ما فى أي تعويض.

وحاصل قضاء النقض انه يتجه إلى اعتبار مسئولية انهاء الخطبة بالعدول عنها مسئولية تقصيرية، تماما مثلما اتجه إليه القضاء الفرنسي

الطبيعة القانونية للخطبة – الدكتور توفيق حسن فرج – طبعة 1963 – ص 129 وما بعدها

 فقد اطرد قضاؤها – فى التعويض عن فسخ الخطبة – على أن الخطبة ليس بعقد ملزم، ولذا فإن مجرد العدول عنها لا يكون سببا للتعويض، الا إذا اقترن العدول عن الخطبة بأفعال الحقت ضرراً بأحد الخطيبين، فيجوز عندئذ الحكم بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية

أصول المرافعات الشرعية – أنور العمروسى- طبعة 3ص 424 وما بعدها

التعويض عن فسخ الخطبة و إساءة استعمال حق الطلاق

التعويض عن إساءة استعمال حق الطلاق

يرى الدكتور السنهوري

 انه إذا تعهد الزوج بتعويض زوجته إذا طلقها، فليس فى ذلك ما يخالف أحكام الشريعة ولا النظام العام، ولكن هذا التعهد ينتفى الالتزام به إذا كان الزوج لم يطلق زوجته الا بناء على شرط موقف هو وقوع الطلاق بناء على فعل الزوج.

الوسيط- جزء 1- مصادر الالتزام- للدكتور عبد الرزاق السنهوري- طبعة 1964- ص 448 وهامش 1

ويذهب الدكتور السعيد مصطفى السعيد

 إلى ان الرأي الصحيح هو الذى يقول بالتعويض، وان المتعة المقررة فى الشريعة الإسلامية أساس تشريعي قديم للحكم بالتعويض عند الإساءة فى استعمال حق إيقاع الطلاق، ان كان مفوضا للزوج بحسب أحكام الشريعة الإسلامية

الا انه مقيد عند الفقهاء بوجوب ان يكون لحاجة تدعو اليه، والا يكون بحيث ينشأ عنه ضرر زائد عن مجرد حل رابطة الزوجية فى حالة الطلاق، فقول غير صحيح اطلاقا، لان المهر من أحكام عقد الزواج وتستحقه الزوجة بالعقد.

مدى استعمال حقوق الزوجية- رسالة- للدكتور سعيد مصطفى السيد- ص 253 وما بعدها

ويذهب الدكتور احمد الغندور

الى انه إذا ما راعينا قصد الشريعة والمبادئ التى رسمها الإسلام للطلاق، نجد ان حق إيقاع الطلاق، وان كان للزوج بحسب أحكام الشريعة، فهو مقيد عند كثير من الفقهاء بوجوب ان يكون لحاجة تدعو اليه، والا يكون بحيث ينشأ عنه ضرر فوق حل رابطة الزواج

 واما القول بأن مؤخر الصداق والنفقة كتعويض، ففيه نظر، لان المؤخر والنفقة لم يفرضا على الزوج، بوصفها تعويضا عن الطلاق، وانما الأول حق للمرأة، والثاني نظير احتباسها لزوجها

 والرأي الوجيه ان المتعة أساس تشريعي للحكم بالتعويض عند الإساءة فى استعمال حق إيقاع الطلاق، فللقاضي معاقبة من يسئ استعمال حق إيقاع الطلاق بتعويض المرأة بقدر مالي، سواء أكان دفعة واحدة ام على أقساط حتى تتزوج أو تموت، زجرا الأمثال عن إساءة استعمال ما خوله الشرع له، ولم يقرر لها الفقهاء تعويضا على من يستعمل حقه استعمالا لم يترتب عليه ضرر ظاهر بالمرأة.

الطلاق فى الشريعة الإسلامية والقانون- الدكتور احمد الغندور- طبعة 1963- ص 78 وما بعدها.

ويرى الدكتور محمد سلام مدكور

 بان القول بالمتعة ما هو الا تعويض للمطلقة على ما أصابها بسبب الطلاق من غضاضة، وليرفع عنها وصف الإساءة، ونحن إذا قلنا بالتعويض، فإننا نتجه وجهة الشافعي فى قصره على حالات الطلاق بعد الدخول التى يستبد فيها الرجل، ولا يكون بالاتفاق أو القضاء، وكذلك يجب التعويض للرجل إذا كانت المرأة هي التى استبدت بالطلاق.

أحكام الأسرة فى الإسلام- الدكتور محمد سلام مدكور- جزء 2 طبعة 1967 – ص 33

ونرى – الحق فى مطالبة المطلقة بالتعويض عما نالها من جزاء استعمال حق الطلاق مقيد بأن لا يساء استعماله، وإلا رتب للمطلقة حق مطالبة المطلق بالتعويض عما نالها من جزاء ذلك من ضرر مادى أو ادبى، للحجج التى ساقها أصحاب هذا الرأي

 والتي نضيف إليها ان المشرع الوضعي قد اظهر اهتمامه بنظرية التعسف فى استعمال الحق حيث احلها مكانا بارزا فى الباب التمهيدي لتكون من المبادئ الهامة التى تسود جميع نواحي القانون، ولم يرد بالضرورة ان يقيم المبدأ على غير أساس قانونى

فالتعسف فى استعمال الحق ليس الا صورة من صورتي الخطأ التقصيري، فيدخل بذلك الاعتبار فى نطاق المسئولية التقصيرية- ويبدو واضحا ان الأحوال التى نصت عليها المادتان 4 و5 مدنى فى بيان متى يكون استعمال الحق مشروعا وغير مشروعا لم يقصد المشرع إيرادها على سبيل الحصر

 بل – كما تقول المذكرة الإيضاحية-

ان هذه الضوابط تهيئ للقاضي عناصر نافعة للاسترشاد. وحق الطلاق كغيره من الحقوق يمكن ان يرتب فى جانب من يسئ استعماله تعويضا لمن لحقه ضرر (وهى المطلقة غالبا)

 سواء اكان الضرر ماديا أو ادبيا، كما لو كانت الزوجة تمارس عملا تتكسب منه قبل زواجها وتركته بسبب الزواج بناء على طلب الزوج، وهذا يمثل الضرر المادي، ويتمثل الضرر الأدبي فيما لو كانت ملابسات الطلاق تثير الظنون حول سمعة المطلقة.

أصول المرافعات الشرعية – أنور العمروسى –  طبعة 3 -ص558 وما بعدها ، وتاله : الأساس الشرعي والقانوني للتعويض عن الطلاق – المحاماة- السنة 50- العدد3-ص67 وما بعدها

ويختلف قضاء المحاكم فى مصر إلى رأيين

  1. الأول: يقوم على ان الطلاق فى الأصل ممنوع، وهو لا يباح الا لحاجة، فهو ليس مباحا للزوج إباحة مطلقة، وانما هو حق مقيد ليس له ان يستعمله الا إذا تحققت الحاجة اليه، فإذا أوقع الزوج الطلاق بغير سبب، يكون قد اساء فى استعمال حقه، ويلزم بتعويض الضرر الناتج عنه، سواء اكان الضرر ماديا أو ادبيا.
  2. الثاني: يقوم على ان الطلاق مطلق للزوج، ولا يترتب عليه للمطلقة سوى استحقاقها لمؤخر صداقها ونفقة عدتها، وان مؤخر الصداق ونفقة العدة هما كل التعويض المستحق للمطلقة.

تطبيقات القضاء لكل رأي بشأن التعويض عن فسخ الخطبة والطلاق

بنظر في تطبيقات القضاء لكل رأي :

أصول المرافعات الشرعية – أنور العمروسى الطبعة 3- ص558 وما بعدها ، ومقاله بالمحاماة – السنة 50- العدد 3 – ص 67 وما بعدها ، والطلاق – لمولاي محمد علي – طبعة المناهل – بيروت – ص 52 وما بعدها ، وفي المحكمة المختصة بنظر التعويض عن الطلاق – أصول المرافعات الشرعية السابق – ص 576 وما بعدها.

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة