حقوق الصغير على أبيه متعددة ، ومنها نفقة الصغير وأنواعها ، أجر مسكن ، مصاريف العلاج ، مصاريف الدراسة ، الفرش والغطاء ، بشرط ألا يكون للصغير مال ، أى فقيرا ، ونتعرض لإشكالية اعسار الأب أو استحالة قدرته على الانفاق ، فمن ينفق على الصغير ، وفى الخاتمة نعرض الدفوع فى نفقة الصغير 

شرح نفقة الصغير وأنواعها

نفقة الصغير فى ثلاث مباحث

  • المبحث الأول – النصوص القانونية
  • المبحث الثاني – الشرح والتعليق وأنواع نفقة الصغير
  • المبحث الثالث – الدفوع القانونية فى نفقة الصغير

المبحث الأول – النصوص القانونية لنفقة الصغير

نصت المادة 18 مكرر ثانياً من القانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 على أنه :

إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبيه.

وتستمر نفقة الأولاد على أبيهم إلى إن تتزوج البنت أو تكسب ما يكفى نفقتها والى أن يتم الابن الخامسة عشر من عمره قادراً على الكسب المناسب، فان أتمها عاجزاً عن الكسب لآفة بدنية أو عقلية أو بسبب طلب العلم الملائم لأمثاله ولاستعداده ، أو بسبب عدم تيسر هذا الكسب استمرت نفقته على أبيه.

ويلتزم الأب بنفقة أولاده وتوفير المسكن لهم بقدر يساره وبما يكفل للأولاد العيش فى المستوى اللائق بأمثالهم.

وتستحق نفقة الأولاد على أبيهم من تاريخ امتناعه عن الإنفاق عليهم.

المبحث الثاني – الشرح والتعليق على نفقة الصغير وأنواعها

شرح نفقة الصغير وأنواعها والدفوع

الأصل أن نفقة الصغير في ماله إن كان له مال

نصت المادة على أنه إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبية وهذا يتفق مع الأصل الشرعي على أن نفقة الإنسان في ماله فمن كان له مال لا تجب نفقته على غيره سواء كان صغير أو كبيراً ذكراً أو أنثى لأن نفقة الأقارب تجب للحاجة فإذا لم يكن القريب محتاجاً لا تجب نفقته على غيره .

الأصل الشرعي لنفقة الأولاد الصغار على أبيهم

لا خلاف بين الفقهاء في وجوب نفقة الأولاد الصغار على الآباء فقد ثبت وجوب هذه النفقة بنصوص من الكتاب والسنة .

فقد قال تعالى : وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ “

فالمولود له أب ولما ثبت رزق الوالدات على الأب بسبب الولد ، وجب عليه رزق الولد ، وما روى من أن هند بنت عتبة زوجة أبى سفيان قالت يا رسول الله ” إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذ منه وهو لا يعلم

فقال رسول الله ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) ، وقول رسول الله فى خطبة الوداع ” ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ” صدق رسول الله

نفقة الصغير تكون على أبيه إذا لم يكن له مال

نصت المادة كما رأينا على إنه لم يكن للصغير مال فنفقته على أبيه وهذا يتفق مع الأصل الشرعي إنه لا يشارك الأب في نفقة ولده أحد والمراد بالولد المباشر لا من دونه لأن الأولاد جزء منه فالإنفاق عليهم كالإنفاق على نفسه لأن الأب يتصل بانتساب أولاده إليه لا يشاركه أحد في ذلك وهو غنم يختص به فيتحمل غرم النفقة .

وقد جعل النص نفقة الصغير على أبية حتى بلوغه الخامسة عشرة وتحسب هذه السن على أساس التقويم الهجري لأنه الأصل في التقويم الشرعي ما لم يرد نص على خلافه ، والسن المذكورة هي أقصى سن البلوغ وثبوت الولاية على النفس وإلية التقاضي طبقاً للرأي الراجح في المذهب الحنفي .

وقد أحسن القانون بإلزامه بنفقة ولده حتى هذه السن لأن الولد قبلها ينبغي أن يكون مشغولاً بطلب الحد الأدنى من العلم الأساسي سواء في ذلك النظري أو الذى يؤهله لاحتراف مهنه فينبغي ألا يكلف قبل هذه السن بالخروج للتكسب والاحتراف ولو كان بالغاً أو قادراً على الكسب .

وتجب النفقة على الأب ولو كان مختلفاً مع أبنه في الدين لأنه لا يشترط اتحاد الدين في نفقة الأولاد لأن سبب وجوبها الولادة ، وهذه لا تختلف باختلاف الدين ولا عبرة فيها بالإرث .

ولأن الفرع جزء من الأصل وجزء الإنسان في معنى نفسه فكما لا تمتنع النفقة على نفسه بالكفر فكذلك لا تمتنع على جزئه .

من تجب عليه نفقة الصغير في حالة إعسار الأب أو عجزه أو عدم وجوده ؟

نصت المادة على أنه إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبية ولكنها لم تبين من تجب عليه نفقته إذا كان الأب معسراً أو عاجزاً عن الكسب أو غير موجود

وعلى هذا يتعين الرجوع في هذا الصدد للرأي الراجح في المذهب الحنفي عملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمنصوص عليه في المذهب الحنفي إنه إذا كان الأب معسراً ولكنه قادراً على الكسب أو كان قادراً على الكسب ولكنة لا يكسب بالفعل لعدم وجود عمل له

فلا ينتقل وجوب النفقة إلى غيره بل يبقى الوجوب عليه ولكنه لا يكلف بالأداء بل تكلف الأم بالإنفاق إن كان لها مال ويكون ما تنفقه ديناً على الأب ترجع به عليه إذا أيسر لآنها أولى بالتحمل من سائر الأقارب فإن لم يكن للأم مال كلف من يليها فلا ترتيب من تجب عليهم النفقة وهو الجد لأب بالإنفاق ليرجع على الأب إذا أيسر كذلك .

أما إذا كان الأب معسراً عاجزاً عن الكسب كأن يكون مريضاً بمرض مزمن يقعده عن الكسب بحيث تكون نفقته على غيره من الأصول أو الفروع فأنه في هذه الحالة يعتبر في حكم الميت ويسقط وجوب النفقة وينتقل الوجوب إلى من يليه في الترتيب لأنه لا يسوغ عقلاً أن توجب عليه نفقة غيره وهو يأخذ نفقة من غيره .

إذا كان مال الصغير حاضراً في يد الأب أنفق منه عليه وينبغي أن يشهد على ذلك ، وإذ لم يشهد فمن الجائز أن ينكر الصبى إذا بلغ ويقول أن الأب أنفق من مال نفسه لا من ماله فيصدقه القاضى لأن الظاهر أن الرجل الموسر ينفق على ولده من مال نفسه وأن كان لولده ، فكان الظاهر شاهداً للولد فيبطل حق الأب .

وأن كان مال الصغير في بلد آخر ينفق الأب من مال نفسه بأمر القاضى ويرجع على الابن أو يشهد أنه ينفق من مال نفسه ليرجع به في مال ولده ليمكنه الرجوع لما ذكرنا أن الظاهر إن الإنسان يتبرع بالإنفاق من مال نفسه على ولده فإذا أمر القاضى بالإنفاق من ماله ليرجع أو يشهد على أنه أنفق ليرجع ، فقد بطل الظاهر وتبين أنه إنما أنفق من ماله على طريق القرض وهو يملك إقراض ماله فيمكنه الرجوع .

أنواع نفقة الصغير

شرح نفقة الصغير وأنواعها

اقتصرت ( المادة 17 مكرراً ثانيا ) على النص على التزام الأب بنفقة صغيره إذا لم يكن للصغير مال دون أن تعدد أنواع النفقة الواجبة له وذكرت منها السكنى ومصاريف التعليم فقط ولا ينال من ذلك أن النص جرى على إلزام الأب بمصاريف تعليم الابن الكبير العاجز عن الكسب دون الابن الصغير لأن وجوبها للأخير أولى .

والنفقة شرعاً هي الطعام والكسوة والسكنى وفى العرف الطارئ في لسان أهل الشرع هي الطعام فقط ولذا يعطفون عليه الكسوة والسكنى والعطف يقتضى المغايرة فنجد كثيراً من الفقهاء يقولون مثلا تجب للزوجة على زوجها النفقة والكسوة والسكنى فيجعلونها شيئاً أخر غير الكسوة والسكنى .

وعلى ذلك إذا أطلق لفظ النفقة فأنه لا يشمل سوى الطعام والكسوة والسكنى دون غيرها من أنواع النفقة .

غير إن الفقهاء يدخلون علي نفقة الصغير أنواعاً أخرى هي بدل الفرش والغطاء وأجر الحضانة وأجر الخادم وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للمرسوم بالقانون رقم 78 لسنة 1931 المشتمل على لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المتعلقة بها (الملغى ) ما يأتي :

شمول نفقة الزوجية لنفقة الطعام وبدل الكسوة وأجرتي المسكن والخادم وشمول نفقة الصغير لذلك ولأجرتي الحضانة والرضاعة

وعلى ذلك تكون أنواع نفقة الصغير كالاتي :

1- الطعام :

وقد جرى القضاء على فرض نفقة الطعام شهرياً لمن في يده الصغير كما سنرى ، وإذا كان الصغير في سن الإرضاع وهو حولان فإنه يستحق نفقة طعام تفرض له بجانب أجر الإرضاع وتسمى بدل إصلاح شأن .

2- الكسوة :

جرت عادة الفقهاء على فرض كسوة للصغير كل أربعة أشهر أي ثلاثة مرات في السنة وقد جرى القضاء على فرض مبلغ شهري للكسوة .

3- بدل الفرش والغطاء – من نفقة الصغير  :

يجب للصغير على أبيه فرشه وغطاؤه ولما كان الفرش والغطاء مما يبلى فإنه يلتزم بتجديده بدوام الاستعمال ويجب للصغير الفرش والغطاء ولو كان رضيعاً إذ المعروف عادة والمقرر طبيعة إن الطفل يجب أن يكون في مهد خاص يناسب حالته لا يشترك مع حاضنته في فراشها وغطائها وهذا أيضا ما تمليه المبادئ الصحية .

وقد جرى القضاء على فرض مبلغ يسير شهرياً لبدل فرش وغطاء الصغير يضاف إلى نفقته .

4- أجر الخادم – من نفقة الصغير :

إذا أحتاج الصغير إلى خادم للقيام بشئونه فإن أجر الخادم يكون من كفايته ويلتزم به الأب إذا كان مثله ممن يخدم أولاده فإذا كان الصغير في يد حاضنتها المفروض لها أجر خادم فإنه لا يفرض للصغير أجر خادم إلا إذا كانت حالته تسمح بأكثر من خادم وإذا كان للأب أكثر من ولد لا يكفيهم خادم واحد فإنه يجوز فرض أجر أكثر من خادم للأولاد إذا كانت حالته تسمح بذلك .

وتقدير ما إذا كان الأولاد يحتاجون إلى أكثر من خادم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لقاضى الموضوع .

5- مصاريف العلاج – من نفقة الصغير  :

لم تنص المادة 18 مكرراً ثانياً المضافة إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على إلزام الأب مصاريف علاج الصغير كما فعلت المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 المستبدلة بالقانون المذكور بالنسبة لمصاريف علاج الزوجة نصت على إلزام الزوج بها

ومن ثم يتعن الرجوع في ذلك إلى الرأي الراجح في المذهب الحنفي عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية .

وبالرجوع إلى المذهب الحنفي نجد أن العلامة أبن عابدين ذكر في حاشيته إنه لم يرد من ذكر وجوب أجر الطبيب وثمن الأدوية على الوالد لأبنه وإنما ذكروا عدم الوجوب للزوجة .

والذى نراه مع البعض ، إن مصاريف العلاج لا غنى عنها للصغير وللأقارب المستحقين للنفقة عامة ، فهي بهذه المثابة تدخل ضمن الحاجات التى فرضت ضمن نفقة الأقارب ، فتكون إذن من جملة الكفاية وتجب للقريب على قريبة .

المبحث الثالث – الدفوع القانونية فى نفقة الصغير

شرح نفقة الصغير وأنواعها والدفوع

1- الدفع بعدم وجوب نفقة الصغير على المدعى عليه .

وحيث ان من المقرر انه اذا كان الصغير ذا مال حاضر فان نفقته تقع فى ماله ولا تجب على أبيه فإذا لم يكن له مال يكفيه فإن وجوبها على أبيه وانفراده بتحملها بقدر احتياج الولد لها . قاعدة ثابتة لا تأويل فيها .

 ( القضية رقم 29 لسنة 11 ق ” دستورية ” جلسة 26/3/1994 )

2 – الدفع بثبوت عجز المدعى عليه عن الكسب وعدم القدرة على نفقة الصغير .

من المقرر أنه لا مراء فى أن نفقة الأولاد على أبيهم تكون بقدر يساره وبما يكفل لهم العيش اللائق بأمثالهم وأن الأب لا يشاركه أحد فى نفقة أولاده

( الدعوى رقم 354 لسنة 1986 شبين الكوم – جلسة 25/10/1986 )

3 – الدفع بوجوب نفقة الصغير على الحاضنة ( الأم )

 بموجب عقد مؤرخ  /  /    مبرم فيما بين المدعى عليه والمدعي عليها تم الاتفاق فيما بينهما على أن تتحمل نفقة صغيرها منه ………… وحتى بلوغه الخامسة عشر من عمره نظير طلاقها وذلك بدلاً من مخالعته ، فكان ذلك بمثابة طلاق على مال ، وهو الأمر الذى يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى .

خاتمة نفقة الصغير وأنواعها

الى هنا انتهى شرح نفقة الصغير على أبيه ، وننوه لعدة ملاحظات ، منها أنه اذا بلغ الصغير خمسة عشر عاما انتفت صفة الحاضنة فى مطالبة الأب بأى نفقات وحقوق للصغير ، وصبح الصغير هو صاحب الصفة فى رفع الدعاوى ومقاضاة والده ، ويحق له عمل وكالة فى شئون الأسرة بالشهر العقارى

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page

DMCA.com Protection Status