مقال قانوني عن خطورة الكمبيوتر و الإنترنت وأشخاص الجريمة الالكترونية فجرائم الكمبيوتر والانترنت طائفة من الجرائم التي تتسم بسمات مخصوصة عن غيرها من الجرائم فهي تستهدف معنويات وليست ماديات محسوسة وتثير في هذا النطاق مشكلات الاعتراف بحماية المال المعلوماتي ان جاز التعبير.
محتويات المقال
خطورة الكمبيوتر والانترنت السمات
تتسم بالخطورة البالغة نظرا لأغراضها المتعددة . ونظرا لحجم الخسائر الناجم عنها قياسا بالجرائم التقليدية . ونظرا لارتكابها من بين فئات متعددة تجعل من التنبؤ بالمشتبه بهم امرا صعبا . ونظرا لأنها بذاتها تنطوي على سلوكيات غير مألوفة
وبما اتاحته من تسهيل ارتكاب الجرائم الأخرى تمثل إيجاد وسائل تجعل ملاحقة الجرائم التقليدية امرا صعبا متى ما ارتكبت باستخدام الكمبيوتر.
وتحقيق وتحري جرائم الكمبيوتر والانترنت والمقاضاة في نطاقها تنطوي على مشكلات وتحديات إدارية وقانونية تتصل ابتداء بمعيقات ومتطلبات عمليات ملاحقة الجناة
فان تحققت مكنة الملاحقة أصبحت الإدانة صعبة لسهولة اتلاف الأدلة من قبل الجناة او لصعوبة الوصول الى الأدلة او لغياب الاعتراف القانوني بطبيعة الأدلة المتعلقة بهذه الجرائم .
ونظرا لأنها جرائم لا تحدها حدود وتعد من الجرائم العابرة للحدود ، فتثير لذلك تحديات ومعيقات في حقل الاختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق ومتطلبات التحقيق والملاحقة والضبط والتفتيش .
ان جرائم الكمبيوتر قد ترتكب عن طريق حاسب آلي في دولة ما، في حين يتحقق الفعل الاجرامي في دولة أخرى” فجرائم الكمبيوتر والانترنت ، لا تحدها حدود ولا تعترف ابتداء – في هذه المرحلة من تطورها بسبب شبكات المعلومات – بعنصر المكان او حدود الجغرافيا
وتتميز بالتباعد الجغرافي بين الفاعل والمجني عليه، ومن الوجهة التقنية ، بين الحاسوب أداة الجريمة ، وبين المعطيات أو البيانات محل الجريمة في نظام الحاسوب المستهدفة بالاعتداء ، هذا التباعد قد يكون ضمن دائرة الحدود الوطنية للدولة، لكنه ، وبفعل سيادة تقنيات شبكات النظم والمعلومات ، امتد خارج هذه الحدود – دون تغيير في الاحتياجات التقنية – ليطال دولة أخرى يتواجد فيها نظام الحاسوب المخزنة فيه المعطيات محل الاعتداء.
والحقيقة أن مسألة التباعد الجغرافي بين الفعل وتحقق النتيجة من أكثر المسائل التي تثير إشكالات في مجال جرائم الحاسوب وبشكل خاص الاجراءات الجنائية والاختصاص والقانون الواجب التطبيق. وهذا بدوره عامل رئيس في نماء دعوات تظافر الجهود الدولية لمكافحة هذه الجرائم،
ولعل هذه السمة تذكرنا بإرهاصات جرائم المخدرات والاتجار بالرقيق وغيرها من الجرائم التي وقف تباين الدول واختلاف مستويات الحماية الجنائية فيها حائلا دون نجاعة أساليب مكافحتها فلم يكن من بد غير الدخول في سلسلة اتفاقيات ومعاهدات دولية لمكافحة هذه الجرائم ، وذات الامر يقال الان بشان أنشطة غسل الأموال
وهي في ذات الوقت الأسباب ذاتها التي تجعل موضوع جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والجرائم الاقتصادية المواضيع الرئيسة على اجندة اهتمام المطمع الدولي
ولمواجهة مثل هذه الجريمة (جريمة الحاسوب) العابرة للحدود مواجهة فعالة، يجب تجريم صورها في القانون الوطني للمعاقبة عليها، وان يكون هناك تعاون وتضامن دولي لمواجهة مشاكلها من حيث مكان وقوعها واختصاص المحاكم بها وجمع المعلومات والتحريات عنها والتنسيق بين الدول في المعاقبة عليها وتحديد صورها وقواعد التسليم فيها
الحلول لمواجهة جرائم الانترنت دوليا
إيجاد الحلول لمشكلاتها الأساسية وابرزها:-
- 1- غياب مفهوم عام متفق عليه بين الدول -حتى الآن- حول نماذج النشاط المكون للجريمة المتعلقة بالكمبيوتر والانترنت .
- 2- غياب الاتفاق حول التعريف القانوني للنشاط الاجرامي المتعلق بهذا النوع من الاجرام.
- 3- نقص الخبرة لدى الشرطة وجهات الادعاء والقضاء في هذا المجال لتمحيص عناصر الجريمة ان وجدت وجمع المعلومات والأدلة عنها للإدانة فيها.
- 4-عدم كفاءة وملاءمة السلطات التي ينص عليها القانون بالنسبة للتحري واختراق نظم الكمبيوتر، لأنها عادة متعلقة بالضبط والتحري بالنسبة لوقائع مادية هي الجرائم التقليدية وغير متوائمة مع غير (الماديات) كاختراق المعلومات المبرمجة وتغييرها في الكمبيوتر.
- 5-عدم التناسب بين قوانين الإجراءات الجنائية للدول المختلفة فيما يتعلق بالتحري في الجرائم المتعلقة بالحاسوب.
- 6-السمة الغالبة للكثير من جرائم الكمبيوتر هي أنها – كما اوضحنا أعلاه – من النوع العابر للحدود Transnational وبالتالي تثير من المشاكل ما تثيره أمثال تلك الجرائم كجرائم الاتجار بالمخدرات والاتجار غير المشروع في الأسلحة والاتجار في الرقيق الأبيض والجرائم الاقتصادية والمالية وجرائم التلوث البيئي.
- 7- عدم وجود معاهدات للتسليم أو للمعاونة الثنائية أو الجماعية بين الدول تسمح بالتعاون الدولي أو عدم كفايتها ان كانت موجودة لمواجهة المتطلبات الخاصة لجرائم الكمبيوتر ودينامية التحريات فيها وكفالة السرعة بها”. ويمثل مشروع الاتفاقية الأوروبية لجرائم الكمبيوتر في الوقت الحاضر المشروع الأكثر نضجا لموجهة جرائم الكمبيوتر بل وواحدا من اهم أدوات التعاون الدولي في هذا الحقل ، وهو ما سنتناوله تفصيلا في موضع آخر من هذا الدليل .
وعوضا عن هذه المشكلات، فإننا نرى أن من أبرز المشاكل التي تواجه سياسات مكافحة جرائم الحاسوب لا على الصعيد الدولي بل وفي نطاق التشريعات الوطنية،
عدم التعامل معها كوحدة واحدة في اطار الحماية الجنائية للمعلومات. وقد عالجنا هذه المسألة في الكتاب الاول من هذه الموسوعة – اذ أن التعامل على الصعيد الدولي
وكذلك على صعيد التشريع الوطني بشأن توفير الحماية الجنائية للمعلومات قد تم -كما يذكر الفقيه Utrich seiber- من خلال السعي لتشييد الحماية الجنائية لكل من الحياة الخاصة، الأموال (المعلومات المجسدة للمال على ما نرى) والحقوق الذهنية إزاء اجرام تقنية المعلومات، كل على حده.
دوافع ارتكاب جرائم الحاسوب
الدافع (الباعث) ، الغرض ، الغاية ، تعبيرات لكل منها دلالته الاصطلاحية في القانون الجنائي، تتصل بما يعرف بالقصد الخاص في الجريمة ، وهي مسألة تثير جدلا فقهيا وقضائيا واسعا، ذلك أن “القاعدة القضائية تقرر أن الباعث ليس من عناصر القصد الجرمي”
وان الباعث “لا اثر له في وجود القصد الجنائي” واذا كان الاستخدام العادي للتعبيرات المشار اليها يجري على أساس ترادفها في الغالب ، فإنها من حيث الدلالة تتمايز وينتج عن تمايزها آثار قانونية على درجة كبيرة من الأهمية.
فالباعث (الدافع) هو “العامل المحرك للإرادة الذي يوجه السلوك الاجرامي كالمحبة والشفقة والبغضاء والانتقام” وهو اذن قوة نفسية تدفع الإرادة الى الاتجاه نحو ارتكاب الجريمة ابتغاء تحقيق غاية معينة وهو “يختلف من جريمة الى أخرى
تبعا لاختلاف النـاس من حيث السن والجنس ودرجة التعليم وغير ذلك من المؤثرات كما يختلـف بالنسبـة للجريمة الواحدة من شخص لآخر”
أما الغرض، “فهو الهدف الفوري المباشر للسلوك الاجرامي ويتمثل بتحقيق النتيجة التي انصرف اليها القصد الجنائي أو الاعتداء على الحق الذي يحميه قانون العقوبات”
وأما الغاية، “فهي الهدف البعيد الذي يرمي اليه الجاني بارتكاب الجريمة كإشباع شهوة الانتقام أو سلب مال المجني عليه في جريمة القتل”
والأصل أن الباعث والغاية ليس لهما أثر قانوني في وجود القصد الجنائي الذي يقوم على عنصرين ، علم الجاني بعناصر الجريمة ، واتجاه ارادته الى تحقيق هذه العناصر أوالى قبولها.
ولا تأثير للباعث أو الغاية “على قيام الجريمة أو العقاب عليها، فالجريمة تقوم بتحقق عناصرها سواء كان الباعث نبيلا أو رذيلا وسواء كانت الغاية شريفة أو دنيئة. واذا كانت القاعدة أن الباعث أو الغاية لا أثر لهما على قيام الجريمة، فان القانون يسبغ عليهما في بعض الأحيان أهمية قانونية خاصة”
وبالنسبة لجرائم الكمبيوتر والانترنت ، فثمة دوافع عديدة تحرك الجناة لارتكاب أفعال الاعتداء المختلفة المنضوية تحت هذا المفهوم
يمكن من خلال الحالات التطبيقية تبين الدوافع الرئيسة التالية:
أولا: السعي الى تحقيق الكسب المالي:
يعد هذا الدافع (والذي يمثل في الحقيقة غاية الفاعل) من بين أكثر الدوافع تحريكا للجناة لاقتراف جرائم الحاسوب ، ذلك أن خصائص هذه الجرائم ، وحجم الربح الكبير الممكن تحقيقه من بعضها، خاصة غش الحاسوب أو الاحتيال المرتبط بالحاسوب يتيح تعزيز هذا الدافع.
ومنذ بدايات الظاهرة ، فان الدراسات اشارت الى ان المحرك الرئيسي لأنشطة احتيال الكمبيوتر ، وفيما بعد احتيال الانترنت ، هو تحقيق الكسب المالي
ففي دراسة قديمة عرض لها الفقيه Parker يظهر أن 43% من حالات الغش المرتبط بالحاسوب المعلن عنها قد بوشرت من أجل اختلاس المال، وهي النسبة الأعلى من بين النسب التي حققتها جرائم أخرى في هذه الدراسة (32% سرقة معلومات 19% أفعال إتلاف 15% سرقة وقت الحاسوب (الآلة) لأغراض شخصية).
واذا ما انتقلنا للدراسات الحديثة ، فسنجد ان هذا الدافع يسود على غيره ويعكس استمرار اتجاه مجرمي التقنية الى السعي لتحقيق مكاسب مادية شخصية .
وفي مقدمة هذه الدراسات المسحية والتقارير الإحصائية الدراسات والتقارير الصادرة عن مركز احتيال المعلومات الوطني في الولايات المتحدة الامريكية NFIC .
ثانيا : الانتقام من رب العمل والحاق الضرر به :
في معرض بياننا لمشكلات التقنية العالية ، تعرضنا – في الكتاب الاول من هذه الموسوعة – لما ينشأ عن استخدام التقنية من آثار سلبية في سوق العمل من جهة وفي البناء الوظيفي من جهة أخرى
وقد لوحظ أن العاملين في قطاع التقنية أو المستخدمين لها في نطاق قطاعات العمل الأخرى، يتعرضون على نحو كبير لضغوطات نفسية ناجمة عن ضغط العمل والمشكلات المالية ومن طبيعة علاقات العمل المنفرة في حالات معينة
هذه الأمور قد تدفع الى النزعة نحو تحقيق الربح كما اسلفنا، لكنها في حالات كثيرة ، مثلت قوة محركة لبعض العاملين لارتكاب جرائم الحاسوب ، باعثها الانتقام من المنشأة أو رب العمل
وسنجد في معرض تناولنا لجرائم الحاسوب، وتحديدا جرائم إتلاف البيانات، والبرامج ، أمثلة كثيرة كان دافع الجناة فيها اشباع الرغبة بالانتقام. وربما تحتل أنشطة زرع الفيروسات في نظم الكمبيوتر النشاط الرئيس والتكنيك الغالب للفئة التي تمثل الأحقاد على رب العمل الدافع المحرك لارتكاب الجريمة .
ثالثا: الرغبة في قهر النظام والتفوق على تعقيد وسائل التقنية :
يرى البعض
“ان الدافع الى ارتكاب الجرائم في الطائفة الأولى (جرائم الحاسوب) يغلب عليه الرغبة في قهر النظام أكثـر من شهوة الحصول على الربح” ومع أن الدراسات لا تظهر هذه الحقيقة على اطلاقها، اذ يظهر السعي الى تحقيق الربح دافعا أكثر تحريكا لجرائم الحاسوب من الرغبة في قهر النظام الا أن الدافع الأخيـر،
يتجســد في نسبة معتبـرة من جرائم الحاسوب خاصة ما يعرف بأنشطة الـ (hackers) – المتطفلين الدخيلين على النظام والمتجسدة في جرائم التوصل مع أنظمة الحاسب – تحديدا عن بعد – والاستخدام غير المصرح به لنظام الحاسوب ، واختراق مواقع الانترنت .
ويميل مرتكبو هذه الجرائم “الى اظهار تفوقهم ومستوى ارتقاء براعتهم، لدرجة أنه إزاء ظهور أي تقنية مستحدثة فان مرتكبي هذه الجرائم لديهم (شغف الآلة) يحاولوا إيجاد، وغالبا ما يجدون، الوسيلة الى تحطيمها (والأصوب التفوق عليها) .
ويتزايد شيوع هذا الدافع لدى فئة صغار السن من مرتكبي جرائم الحاسوب، الذين يمضون وقتا طويلا أمام حواسيبهم الشخصية في محاولة لكسر حواجز الأمن لأنظمة الحواسيب وشبكات المعلومات، ولإظهار تفوقهم على وسائل التقنية،
وقد تناولنا أمثلة عديدة من هذه الحالات الواقعية فيما سبق ، ونكتفي بالقول هنا ، ان هذا الدافع هو اكثر الدوافع التي يجري استغلالها من قبل المنظمات الجرمية ( مجموعات الجريمة المنظمة ) لجهة استدراج محترفي الاختراق الى قبول المشاركة في أنشطة اعتداء معقدة او استئجارهم للقيام بالجريمة .
دوافع أخرى ودوافع متعددة
هذه ابرز دوافع ارتكاب أنشطة جرائم الكمبيوتر والانترنت ، لكنها ليست كل الدوافع ، فمحرك أنشطة الإرهاب الالكتروني وحروب المعلومات الدوافع السياسية والأيديولوجية ، في حين ان أنشطة الاستيلاء على الاسرار التجارية تحركها دوافع المنافسة
والفعل الواحد قد يعكس دوافع متعددة خاصة ما اذا اشترك فيه اكثر من شخص انطلق كل منهم من دوافع خاصة تختلف عن غيره
ويمكننا أخيرا ان نضع التصور – الرياضي – التالي لدوافع بعض الهجمات الشائعة في حقل جرائم الكمبيوتر والانترنت :-
- حروب المعلومات والإرهاب الالكتروني =دوافع سياسية او فكرية.
- انكار الخدمة للمواقع التجارية والخدمية = التحدي وقهر النظام+ أفعال ثأرية واحقاد موظفين+ التنافسية بأنشطة غير مشروعة
- احتيال الكمبيوتر واحتيـال الانترنت= استيلاء على المال او المنافع وتحقيق الربح .
- الاستيلاء على المعلومات = التنافسية +ابتزاز الافراد وتحقيق المكاسب + المنافع المالية + الأفعال الثأرية + الاعداد للهجمات ذات الدوافع المالية .
- اتلاف المعطيات وتخريب الأنظمة = الأحقاد والدوافع الثأرية + إخفاء الأنشطة الجريمة الأخرى + التنافسية غير المشروعة + التحدي وتحديدا بالنسبة لبرامج الفيروسات
( أشخاص الجريمة ) من يرتكب جرائم الكمبيوتر والإنترنت ؟
في بداية الظاهرة شاع الحديث عن المجرمين الصغار الذين يرتكبون مختلف أنواع الاعتداءات على نظم الكمبيوتر وتحديدا الاختراقات بدافع التحدي واثبات المقدرة العلمية والتقنية
وكان ثمة حديث عن استغلال منظمات الجريمة لهؤلاء النابغين وتحديدا استغلال ميول التحدي لديهم واحيانا احتياجاتهم المادية لتسخيرهم للقيام بأنشطة جرمية تتصل بالتقنية تدر منافع لمنظمات الجريمة ، ومع تنامي الظاهرة وتعدد أنماط هذه الجرائم ، ونشوء أنماط جديدة متصلة بشبكات الكمبيوتر وتحديدا الإنترنت
اتجهت جهات البحث وتحديدا الهيئات العاملة في ميدان السلوك الاجرامي لمحاولة تصنيف مرتكبي جرائم الكمبيوتر والإنترنت وبيان السمات الأساسية لكل فئة بغرض بحث انجع الوسائل لردع هذه الفئات او الحد من نشاطها ، باعتبار ذلك من المسائل الموضوعية اللازمة لتحديد اتجاهات المكافحة .
ان دراسات علم الاجرام الحديثة في ميدان اجرام التقنية تسعى في الوقت الحاضر الى إيجاد تصنيف منضبط لمجرمي التقنية لكنها تجد صعوبة في تحقيق ذلك بسبب التغير السريع الحاصل في نطاق هذه الظاهرة والمرتبط أساسا بالتسارع الرهيب في ميدان الكمبيوتر والإنترنت
فالمزيد من الوسائل والمخترعات والأدوات التقنية يساهم في تغير أنماط الجريمة وتطور وفعالية وسائل الاعتداء ، وهذا بدوره يساهم في احداث تغيرات على السمات التي يتصف بها مجرمي التقنية
على الأقل السمات المتصلة بالفعل نفسه وليس بالشخص ، ولهذا يتجه الباحثون مؤخرا الى الاقرار بأن افضل تصنيف لمجرمي التقنية هو التصنيف القائم على أساس أغراض الاعتداء وليس على أساس التكنيك الفني المرتكب في الاعتداء او على أساس الوسائط محل الاعتداء او المستخدمة لتنفيذه.
ويعد من افضل التصنيفات لمجرمي التقنية التصنيف الذي أورده david icove, karl seger & William vonstorch في مؤلفهم جرائم الكمبيوتر الصادر عام (40) 1995 حيث تم تقسيم مجرمي التقنية الى ثلاثة طوائف المخترقون ، والمحترفون ، والحاقدون . كما ان من بين التصنيفات الهامة التمييز بين صغار السن من مجرمي الكمبيوتر وبين البالغين الذين يتجهون للعمل معا لتكوين المنظمات الاجرامية الخطرة
ونتناول تاليا هذه الطوائف بالقدر اللازم :-
المخترقون او المتطفلون & Hackers Crackers
وهذه الطائفة لدى هذا الراي لا تختلف عن طائفة الهاكرز ، علما ان بين الاصطلاحين تباينا جوهريا ، فالهاكرز متطفلون يتحدون اجراءات امن النظم والشبكات، لكن لا تتوافر لديهم في الغالب دوافع حاقدة او تخريبية وانما ينطلقون من دوافع التحدي واثبات المقدرة
اما الكريكرز فان اعتداءاتهم تعكس ميولا جريمة خطرة تنبئ عنها رغباتهم في احداث التخريب ، ومع ان هذا المعيار غير منضبط الا ان الدراسات والمعالجات في حقل جرائم الكمبيوتر والانترنت – بل بعض التشريعات المحلية في الولايات المتحدة الامريكية – تعتمد هذا التمييز
فاصطلاح الكريكرز مرادف للهجمات الحاقدة والمؤذية في حين ان اصطلاح الهاكرز مرادف في الغالب لهجمات التحدي طبعا دون ان يؤثر هذا التمييز على مسؤولية مرتكبي الأنشطة من كلا الطائفتين ومساءلتهم عما يلحقونه من اضرار بالمواقع المستهدفة باعتداءاتهم .
هذا اضافة الى ان الاصطلاحين يختلفان واقعيا ومن حيث الأساس التاريخي لنشأة كل منهما . وافراد هذه الطائفة يرتكبون جرائم التقنية بدافع التحدي الإبداعي ويجدون أنفسهم متفقين الى درجة الى انهم ينصبون أنفسهم اوصياء على أمن نظم الكمبيوتر في المؤسسات المختلفة
والسمة الغالبة على أعضاء هذه الطائفة صغر السن وقلة الخبرة وعدم التمييز بين الأنظمة محل الاختراق ( طبعا يتميز الكريكرز عن الهاكرز في مستوى المعرفة التقنية ) ، وبرغم هذه السمات فقد تمكن المجرمون من هذه الطائفة من اختراق مختلف أنواع نظم الكمبيوتر التابعة للشركات المالية والتقنية و البنوك ومصانع الألعاب والمؤسسات الحكومية ومؤسسات الخدمة العامة
وكثر الحديث عن وقائع عملية كما في حالة اختراق أحد الصبية الذي يبلغ من العمر 14 عاما نظام الكمبيوتر العائد للبنتاغون والاخر لا يتجاوز عمره السابعة عشرة تمكن من اختراق كمبيوترات العديد من المؤسسات الاستراتيجية في أوروبا والولايات المتحدة ومن بينها الكمبيوترات المتصلة ببرنامج حرب النجوم الذي كان مخطط لتنفيذه من قبل الولايات المتحدة في حقبة الحرب الباردة .
والسمه المميزة الأخرى لهذه الطائفة تبادلهم للمعلومات فيما بينهم وتحديدا التشارك في وسائل الاختراق واليات نجاحها واطلاعهم بعضهم البعض على مواطن الضعف في نظم الكمبيوتر والشبكات ، حيث تجري عمليات التبادل للمعلومات فيما بينهم وبشكل رئيسي عن طريق النشرات الإعلامية الإلكترونية ومجموعات الاخبار
وفي تطور حديث لتنظيم هذه الطائفة نفسها يجري عقد مؤتمرات لمخترقي الكمبيوتر يدعى له الخبراء من بينهم للتشاور حول وسائل الاختراق ووسائل تنظيم عملهم فيما بينهم وبالرغم من ان الخطورة في هؤلاء تكمن بمثابرتهم على أنشطة الاختراق وتطوير معارفهم التقنية وبالرغم من توفر فرصة استغلال هؤلاء من قبل منظمات وهيئات إجرامية تسعى للكسب المادي
فانه ومن ناحية أخرى ساهم العديد من هؤلاء المخترقين في تطوير نظم الأمن في عشرات المؤسسات في القطاعين الخاص والعام ، حتى ان العديد من الجهات تستعين بخبراتهم في أحيان كثيرة في فحص وتدقيق مستوى أمن نظم الكمبيوتر والمعلومات .
هل الهاكرز مجرمون ؟
ثمة خلط كبير – تحديدا في المواد التي تتناقلها الصحف والمجلات الوسائل الإعلامية – بين مجرمي التقنية وبين الهاكرز ، وقد وصل الخلط الى حد اعتبار كل من ارتكب فعلا من أفعال الاعتداء المتصلة بجرائم الكمبيوتر والإنترنت من قبيل الهاكرز ، ربما لان غالبية الاعتداءات تتم عن طريق الدخول غير المصرح به عبر شبكات المعلومات وتحديدا الإنترنت
لكن الحقيقة غير ذلك ، حتى ان هناك من يدافع عن مجموعات الهاكرز التي لا تمارس اية أفعال تستهدف الحاق الضرر بالغير انطلاقا الى ان أغراض الاختراق لديهم تنحصر في الكشف عن الثغرات الأمنية في النظام محل الاعتداء ، وثمة من يؤكد من بين الهاكرز المحترفين ان لديهم ضوابط واخلاقيات خاصة بهم
بل ان العديد من مواقع الإنترنت التي تهتم بمسائل الهاكرز انشأها بعضهم ويعرضون فيها لمواد تتصل بتوضيح حقيقة هؤلاء ومحاولة سلخ اية صفة غير مشروعة او جرمية عن الأنشطة التي يقومون بها .
ومع ذلك فان علينا ان نقر بخطورة الهاكرز الذين تربوا في أجواء تحديات الاختراق والتفاخر بإبداعاتهم في هذا الحقل والذين يتم استغلالهم من قبل مجموعات الجريمة المنظمة لارتكاب أفعال مخططة لها ، فعنصر التحدي القائم لديهم لا يترك لديهم وازعا للتراجع ولا يتيح لهم التمييز او تقليب الأمور ، وليس لديهم ضوابط بشأن النشاط الذي يقومون به النظام الذي يخترقونه .
مجرمو الكمبيوتر المحترفون
تتميز هذه الطائفة بسعة الخبرة والادراك الواسع للمهارات التقنية ، كما تتميز بالتنظيم والتخطيط للأنشطة التي ترتكب من قبل افرادها ، ولذلك فان هذه الطائفة تعد الأخطر من بين مجرمي التقنية حيث تهدف اعتداءاتهم بالأساس الى تحقيق بالكسب المادي لهم او للجهات التي كلفتهم وسخرتهم لارتكاب جرائم الكمبيوتر كما تهدف اعتداءات بعضهم الى تحقيق أغراض سياسية والتعبير عن موقف فكري او نظري او فلسفي.
ويتم تصنيف افراد هذه الطائفة الى مجموعات متعددة اما تبعا لتخصصهم بنوع معين من الجرائم او تبعا للوسيلة المتبعة من قبلهم في ارتكاب الجرائم فمثلا نجد طائفة محترفي التجسس الصناعي وهم أولئك الذين يوجهون انشطهم الى اختراق نظم الكمبيوتر العائدة للشركات الصناعية ومشاريع الاعمال بقصد الاستيلاء على الاسرار الصناعية والتجارية اما لحساب أعمال يقومون بها بذاتهم او في الغالب لحساب منافسين اخرين في السوق واحيانا لحساب مجموعات القرصنة الدولية .
ونجد مثلا طائفة مجرمي الاحتيال والتزوير ، وهؤلاء هم الطائفة التي تكون أغراضها متجهة الى تحقيق كسب مادي والاستيلاء على أموال الآخرين وضمن هذه الطائفة أيضا ثمة تصنيفات عديدة فمنهم محتالو شبكات الهاتف محتالو الإنترنت وغير ذلك
وحتى في الطائفة الفرعية ، قد تتوفر تخصصات لبعضهم كأن يوجه الشخص انشطته الاحتيالية الى قطاع مزادات البضاعة والمنتجات على الإنترنت او في ميدان الاستيلاء على أرقام بطاقات الائتمان والاتجار بها .
والى جانب المعرفة التقنية المميزة والتنظيم العالي والتخطيط للأنشطة المنوي ارتكابها ، فان افراد هذه الطائفة يتسمون بالتكتم خلافا للطائفة الأولى فلا يتبادلون المعلومات بشأن انشطتهم بل يطورون معارفهم الخاصة ويحاولون ما امكن عدم كشف طرقهم التقنية لارتكاب جرائمهم وحول الاعمار الغالبة على هذه الطائفة فان الدراسات تشير الى انهم من الشباب الأكبر سنا من الطائفة الأولى وان معظمهم تتراوح أعمارهم ما بين 25 – 40 عام .
الحاقدون :
هذه الطائفة يغلب عليها عدم توفر اهداف واغراض الجريمة المتوفرة لدى الطائفتين المتقدمتين ، فهم لا يسعون الى اثبات المقدرات التقنية والمهارية وبنفس الوقت لا يسعون الى مكاسب مادية او سياسية ، انما يحرك انشطتهم الرغبة بالانتقام والثأر كاثر لتصرف صاحب العمل معهم او لتصرف المنشأة المعنية معهم عندما لا يكونوا موظفين فيها
ولهذا فانهم ينقسمون اما الى مستخدمي للنظام بوصفهم موظفين او مشتركين او على علاقة ما بالنظام محل الجريمة ، والى غرباء عن النظام تتوفر لديهم أسباب الانتقام من المنشأة المستهدفة في نشاطهم .
ولا يتسم أعضاء هذه الطائفة بالمعرفة التقنية الاحترافية ، ومع ذلك يشقى الواحد منهم في الوصول الى كافة عناصر المعرفة المتعلقة بالفعل المخصوص الذي ينوي ارتكابه ، وتغلب على انشطتهم من الناحية التقنية استخدام تقنيات زراعة الفايروسات والبرامج الضارة وتخريب النظام او إتلاف كل او بعض معطياته ، او نشاط انكار الخدمة وتعطيل النظام او الموقع المستهدف ان كان من مواقع الإنترنت .
وليس هناك ضوابط محددة بشأن أعمارهم ، كما انه لا تتوفر عناصر التفاعل بين أعضاء هذه الطائفة ، ولا يفاخرون بأنشطتهم بل يعمدون الى اخفائها ، وهم الطائفة الاسهل من حيث كشف الأنشطة التي قاموا بارتكابها لتوفر ظروف وعوامل تساعد في ذلك .
وبالرغم من ان سمات هذه الطائفة تضعها من حيث الخطورة في مؤخرة الطوائف المتقدمة اذ هم اقل خطورة من غيرهم من مجرمي التقنية ، لكن ذلك لا يمنع ان تكون الاضرار التي نجمت عن أنشطة بعضهم جسيمة الحقت خسائر فادحة بالمؤسسات المستهدفة .
طائفة صغار السن
فئة صغار السن، أو كما يسميهم البعض، (صغار نوابغ المعلوماتية) ويصفهم بأنهم “الشباب البالغ المفتون بالمعلوماتية والحاسبات الآلية”
فان من بينهم في الحقيقة، فئة لما تزل دون سن الأهلية مولعين بالحوسبة والاتصال. وقد تعددت أوصافهم في الدراسات الاستطلاعية والمسحية، وشاع في نطاق الدراسات الإعلامية والتقنية وصفهم بمصطلح (المتلعثمين)، الدال، حسب تعبير الأستاذ توم فورستر، على “الصغار المتحمسين للحاسوب، بشعور من البهجة، دافعهم التحدي لكسر الرموز السرية لتركيبات الحاسوب”
ويسميهم البعض كذلك بمجانين (معدلات ومعدلات عكسية) بالاستناد الى كثرة استخدامهم لتقنية المعدل والمعدل العكسي (الموديم)، الذي يعتمد على الاتصال الهاتفي لاختراق شبكة النظم – ويثير مجرمو الحوسبة من هذه الطائفة جدلا واسعا، ففي الوقت الذي كثر الحديث فيه عن مخاطر هذه الفئة، على الأقل بمواصلتها العبث بالحواسيب، ظهرت دراسات ومؤلفات تدافع عن هذه الفئة، لتخرجها من دائرة الاجرام الى دائرة العبث
وأحيانا البطولة. من هذه المؤلفات على سبيل المثال، كتاب (خارج نطاق الدائرة الداخلية – كيف تعملها) لمؤلفه الأمريكي (لبيل لاندريت)، وكتاب (الدليل الجديد للمتلعثمين) لمؤلفه (هوجو كورن) في المملكة المتحدة، وكتاب (المتلعثمون – ابطال ثورة الحاسوب)، لمؤلفه (ستيفن ليفي).
ومن الأمثلة الشهيرة لجرائم الحاسوب التي ارتكبت من هذه الفئة :
العصابة الشهيرة التي أطلق عليها (عصابة 414)
والتي نسب اليها ارتكاب ستون فعل تعد في الولايات المتحدة الأمريكية على ذاكرات الحواسيب، نجم عنها أضرار كبيرة لحقت بالمنشآت العامة والخاصة.
وكذلك تلاميذ المدرسة الثانوية في ولاية (منهاتن) الذين استخدموا في عام (1980) طرفيات غرف الدرس للدخول الى شبكة اتصالات وبيانات كثير من المستخدمين ودمروا ملفات زبائن الشركة الرئيسية في هذه العملية.
كما سبب متلعثمو المانيا الغربية الصغار في عام 1984 فوضى شاملة، عندما دخلوا الى شبكة (الفيديوتكس) ونجح بعض المتلعثمون الفرنسيون في إيجاد مدخل الى الملفات السرية لبرنامج ذري فرنسي.
ويمكن رد الاتجاهات التقديرية لطبيعة هذه الفئة، وسمات أفرادها، ومدى خطورتهم في نطاق ظاهرة جرائم الحاسوب الى ثلاثة اتجاهات :
الأول: اتجاه لا يرى اسباغ أية صفة جرمية على هذه الفئة، أو على الأفعال التي تقوم بها، ولا يرى وجوب تصنيفهم ضمن الطوائف الاجرامية لمجرمي الحواسيب، استنادا الى أن صغار السن (المتلعثمين)
“لديهم ببساطة ميل للمغامرة والتحدي، والرغبة في الاكتشاف، ونادرا ما تكون أهداف أفعالهم المحظورة غير شرعية، واستنادا الى أنهم لا يدركون ولا يقدرون مطلقا النتائج المحتملة التي يمكن أن تؤدي اليها أفعالهم غير المشروعة بالنسبة لنشاط منشأة أو شركة تجارية”
الثاني : الاتجاه الذي يحتفي بهذه الفئة ويناصرها ويعتبرها ممن يقدم خدمة لأمن المعلومات ووسائل الحماية ويصفهم بالأخيار واحيانا بالأبطال الشعبيين ويتمادى هذا الاتجاه في تقديره لهذه الفئة بالمطالبة بمكافئتهم باعتبارهم لا يسببون ضررا للنظام، ولا يقومون بأعمال احتيال، وينسب اليهم الفضل في كشف الثغرات الأمنية في تقنية المعلومات”.
ومثل هذا الراي قال به احد اشهر المدافعين عن الهاكرز الصغار ، هوجو كورن وعكس أفكاره في مؤلفه – الدليل الجديد للمتلعثمين- وبسبب خطورة ما يشيعه (هوجو كورن ول) تم منع مؤلفه المذكور من قبل مركز بوليس مدينة لندن الكبرى (سكوتلاند يارد) ، غير أن هذا المنع كان له أثر في توسيع دائرة انتشار هذا الكتاب و تحقيق نسبة عالية جدا من المبيعات.
ويتمادى الإعلامي (ستيفن ليف ) في الاحتفال بهذه الفئة، واصفا إياهم بأبطال ثورة الحاسوب متحمسا لهذا الوصف الى درجة اطلاقه عنوانا على مؤلفه الخاص بهذه الظاهرة، لا لموقف معاد من التقنية، بل لأنه يرى في دوافعهم الخيرة لا الشريرة، الموجهة لمالكي، الأموال لا المحتاجين، ما ينهض بوصفهم بالأبطال الشعبيين.
الثالث: اتجاه يرى ان مرتكبي جرائم الحاسوب من هذه الطائفة، يصنفون ضمن مجرمي الحاسوب كغيرهم دون تمييز استنادا الى أن تحديد الحد الفاصل بين العبث في الحواسيب وبين الجريمة أمر عسير من جهة،
ودونما أثر على وصف الفعل – قانونا – من جهة أخرى، واستنادا الى أن خطورة أفعالهم التي تتميز بانتهاك الأنظمة واختراق الحواسيب وتجاوز إجراءات الأمن، والتي تعد بحق من أكثر جرائم الحاسوب تعقيدا من الوجهة التقنية، عوضا عن مخاطرها المدمرة كما عرضنا سابقا
ويدعم صحة هذا الاتجاه التخوفات التي يثيرها أصحاب الاتجاه الأول ذاتهم، اذ يخشون من الخطر الذي يواجه هذه الطائفة، والمتمثل باحتمال الانزلاق من مجرد هاو صغير لاقتراف الأفعال غير المشروعة الى محترف لأعمال السلب، هذا الى جانب خطر آخر أعظم، يتمثل في احتضان منظمات الاجرام ومجرمين غارقين في الاجرام لهؤلاء الشباب.
محترفو جرائم الحاسوب
المجرمون البالغون – محترفو الاجرام
ان مرتكبي جرائم الحاسوب عموما، ينتمون وفق الدراسات المسحية الى فئة عمرية تتراوح بين (25- 45) عاما، وبالتالي، يمتاز مرتكبو هذه الجرائم بصفات الشباب العمرية والاجتماعية، واذا استثنينا صغار السن من بينهم، الذين تكون أعمارهم دون الحد الأدنى المشار اليه أعلاه، كما رأينا فيما سلف، فان لمجرمي الحاسوب سمات عامة، يتحقق بعضها لدرجة أقل في صغار السن
وهذه السمات اضافة لما اوردناه في الطوائف المتقدمة تتمثل بما يلي :-
أولا : الصفات الشخصية والتخصص والكفاءة :
الجامع بين محترفي جرائم الحاسوب تمتعهم بقدرة عالية من الذكاء، والمام جيد بالتقنية العالية، واكتسابهم معارف عملية وعلمية، وانتمائهم الى التخصصات المتصلة بالحاسوب من الناحية الوظيفية، وهذه السمات تتشابه مع سمات مجرمي ذوي الياقات البيضاء”
أما فيما يتعلق بكفاءة مجرمي الحاسوب، فان الدراسات القليلة المتوفرة، تشير الى تمتعهم بكفاءة عالية، الى درجة اعتبارهم مستخدمين مثاليين من قبل الجهات العاملين لديها، وممن يوسمون بالنشاط الواسع والإنتاجية الفاعلة .
ثانيا: من حيث الجوانب السيكولوجية :
ان الدراسات القليلة للجوانب السيكولوجية لمجرمي الحاسوب، أظهرت شيوع عدم الشعور بلا مشروعية الطبيعة الاجرامية وبلا مشروعية الأفعال التي يقارفونها، كذلك الشعور بعدم استحقاقهم للعقاب عن هذه الأفعال، فحدود الشر والخير متداخلة لدى هذه الفئة
وتغيب في دواخلهم مشاعر الإحساس بالذنب، وهذه المشاعر في الحقيقة تبدو متعارضة مع ما تظهره الدراسات من خشية مرتكبي جرائم الحاسوب من اكتشافهم وافتضاح أمرهم، ولكن هذه الرهبة والخشية يفسرها انتماؤهم في الأعم الأغلب الى فئة اجتماعية متعلمة ومثقفة.