هلاك المبيع قبل التسليم ( المادة 437 مدني )

حالة من حالات البيع وهي هلاك المبيع قبل التسليم مثال ذلك شراء شقة وقبل موعد استلامها من البائع هلكت وهذه الحالة بينت أحكامها المادة 437 من القانون المدني وفرقت بين أمرين هلاك المبيع لسبب أجنبي عن البائع قبل الاعذار منه للمشتري بالاستلام  والأخرى هلاك المبيع بعد اعذار البائع للمشتري باستلام المبيع

النص القانوني لحالة هلاك المبيع قبل التسليم

هلاك المبيع قبل التسليم

تنص المادة 437 مدني علي

إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لا يدّ للبائع فيه, انفسخ البيع واسترد المشتري الثمن إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشتري لتسلم المبيع.

  الأعمال التحضيرية للمادة 437 مدني

هذه النصوص (……) تعرض لبيان تبعة هلاك المبيع قبل التسليم وقد استبقى المشرع هنا أحكام التقنين الحالى فجعل التبعة على البائع قبل التسليم خلافا للتقنيات اللاتينية وأخذاً بأحكام الشريعة الإسلامية وتطبيقا لقواعد الفسخ فى العقد الملزم للجانبين أما بعد التسليم فبديهي ان تبعة الهلاك تكون على المشترى وكذلك يكون الأمر إذا اعذر المشترى بالتسليم فلم يتسلم.

ويتبين من ذلك ان تبعة الهلاك تنتقل من انتقال الحيازة لا مع انتقال المليكة فلو هلك المبيع قبل التسليم وقبل تسجيل البيع كان هلاكه على البائع كما قدمنا اما بعد التسليم وبعد تسجيل البيع فهلاكه على المشترى وإذا هلك قبل التسليم وبعد تسجيل البيع فهلاكه على البائع اما إذا هلك بعد التسليم وقبل تسجيل البيع فهلاكه على المشترى .

( مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – الجزء 4- ص  75)

هذه المادة تقابل من مواد نصوص القوانين العربية، المادة 405 سوري، المادة 426 ليبي، المادة 547 عراقي، المادة 396 لبناني.

وقد ورد هذا النص في المادة 581 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد. وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 450 من المشروع النهائي. ووافق عليه مجلس النواب، فمجلس الشيوخ تحت رقم 437

(مجموعة الأعمال التحضيرية ص75-ص76).

وجاء عنها بمذكرة المشروع التمهيدي “ويتبين من ذلك أن تبعة الهلاك تنتقل مع انتقال الحيازة لا مع انتقال الملكية. فلو هلك المبيع قبل التسليم وقبل تسجيل البيع كان هلاكه علي البائع كما قدمنا أما بعد التسليم وبعد تسجيل البيع فهلاكه علي المشتري. وإذا هلك قبل التسليم وبعد تسجيل المبيع فهلاكه علي البائع، أما إذا هلك بعد التسليم وقبل تسجيل البيع فهلاكه علي المشتري”.

الشرح والتعليق علي المادة 437 مدني

هلاك المبيع قبل التسليم

لما كان التزام البائع بتسليم المبيع هو التزام بتحقيق غاية لأنه متفرع عن التزامه بنقل ملكية المبيع فإنه يترتب على ذلك أن تبعه هلاك المبيع قبل التسليم تكون على البائع ولو كان المشترى قد أصبح مالكاً لمبيع قبل هلاكه .

فإذا كان التزام بالتسليم التزام مستقلاً (أى غير متفرع عن التزام الملكية ) كالتزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر والتزام المستأجر بردها للمؤجر فإنه فى هذه الحالة يكون هلاك الشىء الواجب بالتسليم على مالكه ولو هلك قبل التسليم فمالك الشىء هو الذى يكسب الغنم وهو الذى يتحمل الغرم .

لكن إذا كان الإلتزام بالتسليم إلتزاماً تبعياً متفرعاً عن الإلتزام بنقل الملكية كالتزام البائع بتسليم المبيع إلى المشترى فالأصل أن الهلاك يكون على المدين بالتسليم إلا على البائع لا على المشترى وهو الدائن بالتسليم ولو أنه أصبح مالكاً للمبيع بانتقال ملكيته إليه قبل أن يتسلمه

فالملكية لا تخلص للمشترى إلا بالتسليم ومن ثم كان الهلاك على البائع وهو مدين بنقل الملكية وبالتسليم معاً، والفروض السابقة هى أن الهلاك قبل التسليم بقوة قاهرة أو بحادث فجائي أما إذا هلك بفعل البائع كان هو مسئولاً عن الهلاك من باب أولى بل ويكون مسئولاً عن تعويض المشترى عما أصابه من الضرر ولا يقتصر على رد الثمن .

وإذا هلك قبل التسليم بفعل المشترى كان الهلاك فى هذه الحالة على المشترى لأنه هو الذى تسبب فيه ووجب عليه دفع الثمن كاملاً إلى البائع إذا لم يكن قد دفعه ولا يسترده بطبيعة الحال إذا كان قد دفعه .

وليست المادة 437 مدنى إلا تطبيقاً لنظرية انفساخ العقد الملزم للجانبين بسبب استحالة التنفيذ إذا كان الهلاك المبيع قبل التسليم بقوة قاهرة أو حادث فجائي .

وهذا التأصيل وهو يتفق مع القواعد العامة يتفق فى الوقت ذاته مع أحكام الفقه الإسلامي وهى تجعل الهلاك على البائع قبل التسليم .

فإذا كان المبيع عينا معينة بالذات تنتقل تبعة هلاكه لامع انتقال الملكية بل مع انتقال الحيازة فلو كان المبيع عقارا وهلك قبل التسليم وقبل تسجيل البيع كان هلاكه على البائع أما إذا هلك بعد التسليم وقبل تسجيل البيع فهلاكه على المشترى

فالعبرة إذن بالتسليم الذى يتم به نقل الحيازة لا بالتسجيل الذى يتم به نقل الملكية عليه ولو لم تنتقل إليه الملكية بالتسجيل اما إذا لم تنتقل إليه الحيازة بالتسليم كان الهلاك على البائع ولو انتقلت الملكية إلى المشترى بالتسجيل .

وإذا كان المبيع شيئا غير معين بالذات ثم عين بعد ذلك فانه يبقى فى ضمان البائع حتى وقت التسليم فإن هلك قبل ذلك هلك على البائع بالرغم من أنه قد تعيينه قبل الهلاك

وبالرغم من أن ملكيته تكون قد انتقلت إلى المشترى بهذا التعيين أما إذا هلك بعد التسليم فهلاكه على المشترى لا لأنه تم تعيينه بالتسليم فانتقلت الملكية إلى المشترى بل لأنه قد سلم إلى المشترى فانتقلت حيازته إليه فأصبحت تبعة الهلاك بموجب انتقال الحيازة لا بموجب انتقال الملكية .

وأجاز القانون للبائع أن يعذر المشترى ليتسلم المبيع ومن وقت الاعذار يعتبر المبيع فى حكم السلم للمشترى فإذا هلك حتى قبل التسليم الفعلى فإن هلاكه يكون على المشترى لا على البائع .

وقد ينص عقد البيع ذاته على ان المشترى ملزم بتسليم المبيع فى يوم معين دون حاجة إلى اعذاره بذلك ففى هذه الحالة يعتبر المشترى معذراً بمجرد حلول اليوم المعين للتسليم طبقا للقواعد العامة فإذا هلك المبيع بعد ذلك كان هلاكه على المشترى ولو لم يكن قد تسلمه فعلاً .

وإذا حبس المبيع حتى يستوفى الثمن وأعذر المشترى أو أخطره بهذا الحبس وهلك المبيع أثناء الحبس كان الهلاك على المشترى بالرغم من عدم تسليم البائع المبيع له لأن عدم التسليم هنا راجع إلى خطأ المشترى فهو لم يدفع الثمن ودفع البائع بذلك إلى حبس المبيع ( م 460مدنى )

( الوسيط-4- للدكتور السنهوري – من 606 وما بعدها )

2-حمل المشرع المصرى هلاك الشىء قبل التسليم على عائق البائع بوصفه مدينا بالالتزام بالتسليم وقد استحال تنفيذها الإلتزام بهلاك المبيع فينقضي الإلتزام المقابل وهو التزام المشترى بدفع الثمن وينفسخ العقد طبقاً لما تنص عليه المادة 437 مدنى .

ويبرر موقف المشرع المصرى فى هذا الصدد ان الإلتزام بالتسليم ولو انه التزام تبعي للالتزام بنقل الملكية إلا أنه ليس إلتزاما ثانويا فلن تخلص الملكية فعلا للمشترى إلا بالتسليم فمن الواضح أن التسليم هو الذى يمكن المشترى من الإنتفاع فعلاً بالمبيع والتسليم هو الذى يقي المشترى خطر تصرف البائع فى المبيع مرة ثانية على الغير إذ يغلب إلا يقدم الغير على الشراء من البائع إلا إذا  كان المبيع لا زال فى يده .

على أنه يجب أن يلاحظ أن المشرع المصرى إذ ربط بين تبعة الهلاك والتسليم لم يطبق القواعد العامة فى تبعة العقد الملزم للجانبين تطبيقاً كاملا بل خرج عليها من ناحيتين :

الأولى – فالرأي السائد إنه لا تلازم إطلاقاً بين انتقال الملكية وتبعة الهلاك في القانون المصري ، فالهلاك علي البائع قبل التسليم ولو كانت الملكية قد انتقلت إلى المشترى والهلاك على المشترى بعد التسليم ولو لم تكن الملكية قد انتقلت إليه بعد ( في عقد بيع غير مسجل ) , وقطع الصلة بين تبعة الهلاك وانتقال الملكية قطعاً تاماً يتضمن خروجا علي القواعد العامة في تبعة العقد الملزم للجانبين .

 ذلك أن مقتضي هذه القواعد أن الهلاك يكون علي البائع ولو بعد التسليم إذا طرأ الهلاك قبل أن تنتقل الملكية إلي المشتري ، إذ لا زال البائع في هذه الحالة مدينا بالالتزام بنقل الملكية

وقد أصبح هذا الإلتزام مستحيل التنفيذ بسبب هلاك المبيع ، فكان مقتضي القواعد العامة في تبعة العقد أن يتحمل البائع التبعة

إذ هو المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه ، فجعل الهلاك علي المشتري علي أي الأحوال ، مادام قد تسلم المبيع ، فيه خروج علي هذه القواعد العامة .

الثانية – أن مقتضي القواعد العامة أن تكون العبرة في انتقال تبعة الهلاك أن المشتري بتنفيذ البائع لالتزامه بالتسليم ، لا التسليم الفعلي ، ويكفي في تنفيذ البائع لالتزامه كما تقدم ، أن يضع المبيع تحت تصرف المشتري وأن يعلمه بذلك بأي طريق من طرق الإعلام

ولكن المشرع قد خرج علي هذه القواعد العامة بأن جعل الهلاك علي البائع مادام المشتري لم يتسلم المبيع فعلاً ، إلا إذا كان البائع قد أعذره لتسلم المبيع . والإعذار كما هو معروف إنما يكون بأن يسجل البائع رفض المشتري التسليم بإعلان رسمي (م 334 مدني) .

فلا يكفي إذن أن يعلم البائع المشتري أن المبيع تحت تصرفه لكي تكون تبعة الهلاك الذي يطرأ بعد ذلك علي عاتق المشتري ، بل يجب أن يدعو البائع المشتري بإعلان رسمي إلي تسلم المبيع .

( الوجيز في عقد البيع – للدكتور إسماعيل غانم – ص 194 وما بعدها )

3- يخالف نص المادة 437 مدني القواعد العامة ، وتقضي هذه القواعد بأن المالك هو الذي يتحمل تبعه الهلاك ، فهو صاحب الغنم في الشئ ، وهو يتحمل الغرم فيه أيضاً .

 ولكن يبدو أن المشرع يفرق بين التزام بالتسليم يكون مستقلا قائماً بذاته كالتزام المؤجر بتسليم العين المؤجر للمستأجرة ، والتزام المستأجر برد العين المؤجرة للمؤجر عند إنتهاء الإيجار ، وبين التزام بالتسليم لا ينتقل بذاته ، ولكنه يتبع إلتزاما بنقل الملكية ، ففي ، الحالة .

الأولي حيث لا تعرض مسألة . انتقال الملكية فإن تبعة الهلاك تكون علي المالك وليس علي المدين بالتسليم . أما في الحالة الثانية وحيث يكون الأصل هو انتقال الملكية فإن تبعة الهلاك تكون مرتبطة بالتسليم وليس بانتقال الملكية ، ولعل المبرر لذلك أن التسليم يكون في هذه الحالة وسيلة مكملة لانتقال الملكية ، فالملكية لا تخلص للمنصرف إليه إلا بالتسليم .

 ولذلك يكون من المعقول أن يظل المدين بالتسليم متحملا تبعة الهلاك ولو كانت الملكية قد انتقلت إلي الطرف الآخر بحكم القانون .

 ونظرا لأن الإلتزام في عقد البيع هو التزام تابع للالتزام بنقل الملكية ، فإن البائع يظل محتملا لتبعه الهلاك الكلي الذي يحدث قبل التسليم ، ولو كانت الملكية قد انتقلت للمشتري فعلا . وقد طبق المشرع هذا الحكم الخاص علي عقد الشركة أيضاً ( م 511 مدني )  والتزام البائع علي هذا النحو هو التزام بتحقيق بنتيجة .

 ويعتبر البائع قد أخل به ولو حدث الهلاك الكلي بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي . أما إذا حدث الهلاك الكلي بفعل المشتري نفسه ، فإنه يكون مسئولاً عن فعله ، ويظل ملتزماً بدفع كامل الثمن ولا يكون له إسترداد الثمن  إذا كان قد دفعه فعلاً .

 أما إذا كان الهلاك بفعل البائع فإنه يتحمل تبعة الهلاك الكلي من باب أولي ، ويكون للمشتري أن يطلب زيادة علي فسخ البيع وإعفائه من دفع الثمن ، أن يطلب الحكم علي البائع بالتعويض .

(عقد البيع للدكتور سمير تناغو ص 345 وما بعدها ، والمراجع السابقة )

التزام لبائع بتسليم المبيع هو التزام بتحقيق غاية، لأنه التزام متفرع عن التزامه بنقل ملكية المبيع، ويترتب علي أن الالتزام بالتسليم التزام بتحقيق غاية أن تبعة هلاك المبيع قبل التسليم تكون علي البائع، ولو كان المشتري قد أصبح مالكا للمبيع قبل هلاكه. ويراد بالهلاك زوال الشئ من الوجود بمقوماته الطبيعية .

وقد قضت محكمة النقض بأن

“من المقرر في قضاء هذه المحكمة-أن الهلاك المنصوص عليه في المادة 437 من القانون المدني هو زوال الشئ المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية، ولا يعد استيلاء الإصلاح الزراعي علي الأطيان المبيعة بعد البيع هلاكا لها، تجرى عليه أحكام الهلاك في البيع”

(طعن 305 س 36ق نقض 16/2/1971)

وبأنه بيع البضاعة المتعاقد عليها بأمر من القضاء المستعجل خشية تلفها حتى يفصل في النزاع القائم بين الطرفين بشأن البيع الصادر بينهما لا يؤدي إلي انفساخ هذا العقد ولا يسوغ في ذاته الفسخ

إذ أن بيع البضاعة علي هذا الوجه لا يقاس بهلاك الشئ المبيع الموجب لانفساخ عقد البيع ذلك أن الهلاك الذي نصت عليه المادة 297 من القانون المدني القديم المقابلة للمادة 437 من القانون الجديد هو زوال الشئ المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية بسبب آفة سماوية أو حادث مادي بفعل إنسان،

أما بيع الشئ بأمر القضاء المستعجل خشية التلف فهو إجراء وقتي قصد به صيانة الشئ المبيع من الهلاك وحفظ قيمته لحساب من يقضي بالتسليم إليه ونقل النزاع الذي كان دائرا حول عين معينة إلي بديلها وهو الثمن المتحصل من بيعها وهو الذي ينصرف إليه أثر عقد البيع

(طعن 74 س 23ق نقض 21/2/1957)

وبأنه “الهلاك المنصوص عليه في المادة 437 من القانون المدني هو-علي ما جرى به قضاء محكمة النقض – زوال الشئ المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية ومن ثم فإن استيلاء الإصلاح الزراعي-بعد البيع-علي قدر من الأطيان لا يعد هلاكا لهذا القدر تجرى عليه أحكام الهلاك في البيع”

(الطعن رقم 377 لسنة 30ق جلسة 1/2/1966)

وبأنه “الهلاك المعني بنص المادة 437 من القانون المدني-التي تجعل تبعة الهلاك علي المشتري بعد انتقال الحيازة إليه بالتسليم هو-علي ما جرى به قضاء محكمة النقض-زوال الشئ المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية وهو ما لا يصدق علي التأميم”

(طعن رقم 182 لسنة 34ق جلسة 26/12/1968)

وبأنه لا يجدي الطاعنة ادعاء (الشركة البائعة) بأن عقد البيع ومحله أرض أكلها النهر) قد انفسخ لاستحالة تنفيذه بصدور القانون رقم 192 لسنة 1958 في شأن طرح النهر وأكله، لأنه وإن كان هذا القانون قد منع تسليم أرض من طرح النهر لأصحاب أرض أكلها، النهر وقصر التعويض عنها علي ما يعادل قيمة الأرض إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يحرم المشتري من حقه في الحصول علي مقابل عن هذه الأرض”

(طعن رقم 123 لسنة 36ق جلسة 26/5/1970)

وبأنه “الهلاك المنصوص عليه في المادة 437 من القانون المدني، هو زوال الشئ المبيع بمقوماته الطبيعية، ولا يعد استيلاء الإصلاح الزراعي علي الأطيان المبيعة بعد البيع هلاكا لها تجرى عليه أحكام الهلاك في البيع وتطبيق أحكام ضمان الاستحقاق لا يكون إلا حيث يرجع المشتري علي البائع بهذا الضمان علي أساس قيام عقد البيع

اما إذا اختار المشتري سبيل المطالبة بفسخ العقد فإنه لا مجل لتطبيق هذه الأحكام. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلي أن المطعون عليه رفع دعواه بطلب فسخ عقد البيع بسبب استيلاء جهة الإصلاح الزراعي علي الأطيان المبيعة، وقضي علي أساس السالف ذكره بإلزام الطاعنين برد الثمن الذي قبضه مورثهم-البائع-من المطعون عليه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون”

(طعن رقم 119 لسنة 43ق جلسة 5/4/1977)

ومفاد ما تقدم أن التزام بتسليم المبيع هو التزام بتحقيق غاية ويترتب علي ذلك أن تبعة هلاك المبيع قبل التسليم تكون علي البائع ولو كان المشتري أصبح مالكا قبل الهلاك كما لو كان المبيع معينا بذاته إذ أن التسليم التزام مكمل للالتزام بنقل الملكية. وإذا أهمل البائع إهمالا يسيرا تسبب عنه نقص في المبيع فإن ذلك لا يبرر فسخ البيع ولكن يستوجب إنقاص الثمن علي سبيل التعويض،

أما إن هلك المبيع قبل التسليم بفعل المشتري كان الهلاك علي المشتري ووجب عليه دفع الثمن كاملا، ومتى هلك المبيع قبل التسليم بقوة قاهرة أو بحادث فجائي فيصبح التزام البائع بالتسليم مستحيلا وينفسخ العقد بحكم القانون (م159)،

ومتى انفسخ العقد علي النحو السابق لاستحالة تنفيذ البائع لالتزامه بالتسليم، سقط بالتالي التزام المشتري بدفع الثمن فإذا لم يكن المشتري قد وفاه فليس للبائع مطالبته به،

وللمشتري أن سترده إن كان قد دفعه. فيخرج البائع بانفساخ البيع علي هذا النحو وقد خسر المبيع والثمن معا. وتنتقل تبعة الهلاك إلي المشتري متى انتقلت إليه حيازة المبيع ولو لم تكن الملكية قد انتقلت إليه فعلا، ويتحقق ذلك إذا كان المبيع عقارا وانتقلت حيازته إلي المشتري دون أن يكون قد سجل عقده، فعليه لا علي البائع تقع تبعة الهلاك

(السنهوري ص 613-إسماعيل غانم ص197)

وإذا كان المبيع معاقا علي شرط فإن كان الشرط فاسخا أنتج البيع أثاره في الحال والتزم البائع بتسليم المبيع إلي المشتري فإن هلك المبيع قبل التسليم فهلاكه علي البائع ولو تخلف الشرط بعد ذلك، وأن هلك بعد التسليم كان هلاكه علي المشتري أن تخلف الشرط فأصبح البيع باتا، أما إذا تحقق الشرط فيري البعض أن الهلاك يكون علي المشتري إذ لا يكون للشرط أثر رجعي في هذه الحالة عملا بالفقرة الثانية من المادة 270

(البدراوي بند 282-مرسي بند 157-الهلالي وزكي هامش ص284)

في حين يرى البعض أن الهلاك يكون علي البائع إذ بانفساخ البيع لا يكون التسليم التزام متفرعا عن الالتزام بنقل الملكية

(السنهوري هامش ص613)

وإن كان الشرط واقفا فيفرق بين ما إذا كان الهلاك قد وقع قبل تحقيق الشرط أو بعد تحققه فإن كان هلاك المبيع قبل تحقق الشرط كان هلاكه علي البائع في جميع الأحوال حتى ولو تحقق الشرط بعد ذلك إذ لا يكون لتحققه أثر رجعي عملا بالفقرة الثانية من المادة 270، أما إذا كان الهلاك بعد تحقق الشرط ومن ثم نفاذ البيع فإن كان قد وقع قبل التسليم يتحمل البائع تبعته وانفسخ البيع وأن كان قد وقع بعد التسليم تحمل المشتري تبعته

(البدراوي بند 282-السنهوري هامش ص613-مرسي بند 157-الهلالي وزكي هامش ص283)

وإذا هلك المبيع تحت يد البائع وهو حابس له حتى يستوفي ما له من ثمن الهلاك علي المشتري علما بأنه لم يتسلم المبيع-طالما أن البائع قد أعذره، إذ أن عدم التسليم يرجع هنا إلي خطأ المشتري. وفي هذا الشئ تنص المادة 460 مدني صراحة علي أنه “إذا هلك البيع في يد البائع وهو حابس له كان الهلاك علي المشتري ما لم يكن قد هلك بفعل البائع”

(محمد علي عمران وأحمد عبد العال ص230 وما بعدها).

وقد قضت محكمة النقض بأن

“مفاد نص المادة 246 من القانون المدني أن لحائز الشئ الذي أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة حق حبسه حتى يستوفي ما هو حق له يستوي في ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها، إذ أعطي القانون بهذا النص الحق في الحبس للحائز مطلقا، وبذلك يثبت لمن أقام منشآت علي أرض في حيازته الحق في حبسها حتى يستوفي التعويض المستحق له عن تلك المنشآت طبقا للقانون

وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضي بالتسليم، دون أن يرد علي دفاع الطاعنة-البائعة-من أن حقها أن تحبس العين المبيعة تحت يدها حتى تستوفي من المطعون ضدها-الوارثة للمشتري-ما هو مستحق لها من تعويض عن البناء الذي أقامته-فيما بعد البيع-وهو دفاع جوهري قد يتغير به لتطبيق هذه الأحكام

ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلي أن المطعون عليه رفع دعواه بطلب فسخ العقد البيع بسبب استيلاء جهة الإصلاح الزراعي علي الأطيان المبيعة، وقضي علي الأساس السالف ذكره بإلزام الطاعنين برد الثمن الذي قبضه مورثهم-البائع-من المطعون عليه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون”

(طعن 119 س 43ق نقض 5/4/1977) 

عدم تعلق أحكام تبعة الهلاك قبل التسليم بالنظام العام

قاعدة تحميل البائع تبعة الهلاك قبل التسليم ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق علي أساس آخر لانتقال تبعة الهلاك. فقد يتفق علي أن تكون التبعة علي المشتري بمجرد العقد، أو بمجرد انتقال الملكية. وقد يتفق علي أن تكون التبعة علي البائع طالما أن الملكية لم تنتقل إلي المشتري ولو كان المبيع قد سلم إليه

(عبد المنعم البدراوي ص430-أنور طلبه ص489-محمد لبيب شنب ص164)

رأي محكمة النقض عن تبعة هلاك المبيع

هلاك المبيع قبل التسليم

دعوى إقامة الطاعن بطلب فسخ عقد البيع المحرر بينه وبين المطعون ضده الأول ورد ثمن المبيع والتعويض لعدم التزامه بنقل ملكية العقار المبيع إليه لاستحالته بسبب أجنبى وهو صدور قرار نزع ملكية العقار للمنفعة العامة . م ١٥٩ مدنى . قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى لهلاك العقار المبيع بعد تسليمه إليه استناداً إلى م ٤٣٧ من القانون ذاته. خطأ و مخالفة للقانون وقصور .

إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن أقام الدعوى بطلب الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ ٢ / ١ / ١٩٨٢ ورد ثمن المبيع والتعويض تأسيساً على أن التزام المطعون ضده الأول البائع بنقل ملكية العقار المبيع إليه صار مستحيلاً بسبب أجنبى هو صدور القرار رقم ١٢٥٣ لسنة ١٩٨٩ بنزع ملكية هذا العقار للمنفعة العامة

وكانت الدعوى بالنظر إلى هذا الأساس تتعلق بانفساخ عقد البيع سندها من تلقاء نفسه لاستحالة تنفيذ التزام البائع بنقل الملكية وما يترتب على ذلك من آثار طبقاً لنص المادة ١٥٩ من القانون المدنى

وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأجرى عليها أحكام هلاك المبيع المنصوص عليها في المادة ٤٣٧ من ذات القانون والذى لا يصدق على نزع الملكية للمنفعة العامة على ما سلف بيانه ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعن لهلاك العقار المبيع بعد تسليمه إليه مخالفاً بذلك الوقائع التى أسس عليها الطاعن طلباته

فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وخرج بالدعوى عن نطاقها ، وإذ حجبه هذا الخطأ عن إعمال الآثار التى يرتبها القانون على تلك الوقائع الثابتة في الأوراق ، فإنه فضلاً عما تقدم يكون معيباً بقصور يبطله .

الطعن رقم ٤٧٣٥ لسنة ٧١ ق – الدوائر المدنية – جلسة ٢٠١٣/٠١/٠٨
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة

DMCA.com Protection Status