شرح المادة 809 من القانون المدني بشأن الري والصرف أحد قيود حق الملكية  حيث يجب على مالك الأرض أن يسمح بأن تمر بأرضه المياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن المياه وكذلك مياه الصرف الآتية من الأراضي المجاورة لتصب في أقرب مصرف عمومي بشرط أن يعوّض عن ذلك تعويضاً عادلاً.

نص القانون عن الري والصرف وقيد الملكية

الري والصرف أحد قيود حق الملكية

المادة 809 مدني تنص علي

يجب على مالك الأرض أن يسمح بأن تمر بأرضه المياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن مورد المياه وكذلك مياه الصرف الآتية من الأراضي المجاورة لتصب في أقرب مصرف عمومي، بشرط أن يعوّض عن ذلك تعويضاً عادلاً.

النصوص العربية المقابلة بشأن الري

هذه المادة تقابل من مواد نصوص القوانين العربية ” المادة 963 و 964 و 968 و 980 و 981 و 984 و 985 و 986 من التقنين المدنى السورى والمادة 818 من التقنين المدنى الليبى ، المادة 1052 – 1054 – 1058 من التقنين المدنى العراقى والمواد 59 و 60 و 64 و 77 و 78 و 81 – 83 من قانون الملكية العقارية اللبنانى .

وقد ورد هذا النص فى المادة 1173 من المشروع التمهيدى مطابقا لما أستقر عليه فى التقنين المدنى الجديد فيما عدا أن العبارة الأخيرة من النص كانت فى المشروع التمهيدى على الوجه الأتى :

بشرط أن يعوض عن ذلك مقدما وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 878 فى المشروع النهائى واستبدل مجلس النواب عبارة تعويضا عادلا بكلمة ” مقدما ” ووافق على النص معدلا على هذا الوجه تحت رقم 877 وأقره مجلس الشيوخ بهذا التعديل تحت رقم 809

( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 27 – ص28 )

وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى أن

  • أما الحق المجرى فقد أعطاه المشرع المالك الأرض البعيدة عن مأخذ المياه فتمر من أرض الجار المياه الكافية لرى أرضه ، وهى مياه يأخذها من ترعة عامة أو من ترعة خاصة مملوكة له أو من ترعة خاصة مملوكة للغير ،
  • ولكن تقرر له عليها حق الشرب
  • وذلك فى نظير تعويض عاد يعطى للجار مقدما . بقى حق المسيل ، وقد أعطاه المشرع لمالك الأرض البعيدة عن المصرف العام ، فيكون له الحق فى أن يستعمل المصرف  الخاص المملوك لجاره بعد أن يستوفى الجار حاجته ،
  • أو فى أن ينشئ مصرفا خاصا على نفقته فى أرض الجار ليصل إلى المصرف العام ، وفى الحالة الأولى يشترك مالك الأرض فى نفقة المصرف الخاص الذى أنشأه الجار وفى صيانته بنسبة مساحة أرضه التى تنتفع من المصرف ،
  • وفى الحالة الثانية ، يعطى الجار مقدما التعويض العادل عما إقتطعه من أرضه لإنشاء المصرف ،
  • وهناك حق مسيل للمياه الطبيعية عرض له المشروع ، فأوجب على مالك الأرض المنخفضة أن تنزل عن أرضه المياه التى تنحدر بفعل الطبيعة من الأراضى المرتفعة عنها ،
  • كمياه الأمطار وليس لمالك الأرض المنخفضة أن يقيم جسرا يسد الماء ، كما أنه ليس لمالك الأرض المرتفعة أن يأتى ما من شأنه الزيادة فيما يجب أن تتحمله الأرض من ذلك
( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص44)

الشرح والتعليق للمادة 809 مدني

 

1 ـ يأخذ حق المسيل احدي صورتين : فهو في الأصل يقابل حق المجري ، فكما يكون للجار حق المجري لمرور مياه الري من أرض جاره حتي تصل الي أرضه ،

كذلك يكون له حق المسيل لمرور مياه الصرف بعد ري أرضه من أرض جاره حتي تصل الي اقرب مصرف عام ( م 819 ).

ومن ثم يكون هناك تقابل كامل بين الري والصرف ، فتارة يستعمل الجار مسقاة جاره للري ، وهذا هو حق الشرب ، ويستعمل مصرف جاره للصرف وهذا هو حق المسيل ،

وطوراً لا يستعمل الجار مسقاة جاره ولا مصرفه وانما يجري مياه الري في أرض جاره لتصل الي أرضه وهذا هو حق المجري ، ويصرف مياه الصرف عبر أرض جاره في ممر هو الذي ينشئه علي نفقته لتصل المياه بواسطة هذا الممر الي المصرف العام وهذا هو حق المسيل في صورته الأخري .

وللحصول علي حق المجري او حق المسيل ، يجب لمالك الأرض التي يراد استعمال الحق فيها .

الثاني ـ أن يكون الجار في حاجة الي ري أرضه عن طريق المجري ، او الي صرف مياهه عن طريق المصرف

واجراءات الحصول علي حق المجري وحق المسيل والتعويض الواجب ، هي الاجراءات الواجب اتباعها للحصول علي حق الشرب ، وهذه الاجراءات هي نفسها الاجراءات الواجب اتباعها للحصول علي حق المجري وعلي حق المسيل .

ويجب أن يعوض المالك عن حق المجري وحق المسيل كما يعوض عن حق الشرب ، وان يكون هذا التعويض عادلاً ( م 809 مدني )

2 ـ لم تشترط المادة 809 مدني دفع التعويض مقدماً ، بل اكتفت باشتراط ان يعوض المالك تعويضاً عادلاً . علي ان الدكتور محمد علي عرفه لا يري في هذا التعديل ما يمنع من تمسك مالك الأرض بدفع التعويض قبل بدء أعمال الانشاء ،

لأن المشرع لم يمنح حق المجري الا في مقابل تعويض ، فلا يجوز اذن البدء في انشاء المسقاة قبل دفع المقابل ومع ذلك فمن الجائز ايضاً أن يطلب صاحب المجري جعل التعويض ريعاً سنوياً بدلاً من دفعه جملة واحدة ، اذا  ثبت عدم اقتداره ، لن المشرع لا يشترط دفع التعويض مقدماً ، وبالتالي لا يلزم دفعه كاملاً قبل البدء في أعمال الانشاء .

ويري الدكتور محمد علي عرفه أيضاً ان

من حق مالك المسقاة الخاصة ان يدخل في تقدير التعويض الذي يطلبه مبلغاً في مقابل كمية المياه التي تلزم لري العقار المخدوم

ولكن يلاحظ ان القانون المدني لم يمنح حق الصرف بنفس السعة التي منح بها حق المجري ، فالمادة 809 منه لا تبيح الحق في الصرف الا : ” في اقرب مصرف عمومي ” .

ومن مقتضي ذلك أنه لا يجوز للجار ان يطلب صرف مياهه في مصرف خاص جبراً علي صاحبه بل ان ذلك يقتضي الاتفاق مع صاحب هذا المصرف الذي يحق له ان يرفض الطلب .

والواقع ان ايراد هذا القيد علي حق الصرف دون حق المجري منتقد فكل منهما يتم الآخر ، فضلاً عن أن تقرير الحاجة اليهما وتحديد مكانهما وطريقة استعمالهما ، يجب ان يخضع لخطة واحدة .

ولا شك ان أمثل الخطط هي التي تؤدي الي التوسع في منح هذين الحقين وفقاً لما تقتضيه مصلحة الزراعة ، وهي مصلحة عامة يجب تغليبها علي المصالح الخاصة وعدم تركها للتحكم والأثرة .

ازاء هذا القيد الوارد بالنص لا يكون لجار ان يجبر جاره علي اشراكه في مصرفه الخاص الا اذا كان مجاوراً لهذا المصرف . وفيما عدا حالة الجوار لا يجوز صرف المياه في مصرف خاص الا بالاتفاق مع مالكه ،

ويعتبر هذا الاتفاق مقرراً لارتفاق بالصرف ، بخلاف طلب شق مصرف في أرض الجار لتوصيل المياه الي أقرب مصرف عمومي ، فانه يعتبر قيداً قانونياً عاماً علي ملكية الأراضي الزراعية   .

3 ـ يتضح من نص المادة 809 مدني ان حق المجري هو حق مالك الأرض البعيدة عن مورد المياه في اجراء مياه الري في أرض الغير حتي الي أرضه . وهذا الحق مقرر بنص القانون حتي لا تحرم الأراضي البعيدة عن مورد المياه من ماء النيل او الترع او المساقي

ان حق المجري مقرر للأراضي البعيدة عن مأخذ المياه بقصده الحصول علي المياه الكافية للري . ولا يشترط أن تكون هذه المياه لازمة ضرورية .

وعلي ذلك اذا كان لدي مالك الأرض ماء ولكنه غير كاف لري أرضه ، كان له أن يحصل علي مجري في أرض الغير لتوصيل المياه الكافية للري ، وهذا المعني واضح في عبارة المادة 809 مدني . ويتقرر المجري سواء أكان المورد أخذ الماء منه ترعة عامة او ترعة خاصة .

ويجب علي المالك الذي يحصل علي حق المجري ان يدفع تعويضاً لمالك الأرض التي يشق فيها المجري ، ويكون التعويض عبارة عن مقابل حرمان المالك من الأرض التي تشغلها المسقاة ، وما يقابل الأضرار المترتبة علي انشائها ، وهذا هو التعويض العادل الذي أشارت اليه المادة 809 مدني   .

4 ـ حق المجري هو حق مالك الأرض البعيدة عن مورد المياه في أن تمر في أرض غيره المياه الكافيه لري أرضه . وقد ورد حكمه في المادة 809 مدني . وظاهر من نصها ،  فيما يتعلق بمياه الري أنه يشترط لثبوت حق المجري أن تكون الأرض التي تحتاج الي الري بعيدة عن مورد المياه ،

يستوي أن يكون هذا المورد الذي يراد أخذ المياه منه هو النيل او ترعة او مسقاة خاصة . فاذا كان المورد هو النيل او ترعة عامة ، فيجب علي مالك الأرض التي يراد ريها ان يحصل علي ترخيص من الجهة المختصة يبيح له انشاء فتحة لأخذ المياه من جسر النيل او الترعة .

واذا كان المورد مسقاة مملوكة للغير ، فيجب ان يكون لمالك الأرض التي يراد ريها حق اخذ المياه من هذه المسقاة أما بمقتضي اتفاق بينه وبين مالك المسقاة واما بمقتضي حق الشرب المنصوص عليه في المادة 808 مدني . ويثبت حق المجري لمالك الأرض التي لا تتوفر لها المياه الكافية

فلا يلزم ان تكون هذه الأرض محرومة تماماً من المياه . فاذا كان لمالك الأرض البعيدة عن مورد بئراً يستخرج منه المياه ولكن هذه المياه لا تكفي لري الأرض ، كان له حق المجري .

ولمالك الأرض التي تمر منها المياه الحق في التعويض الذي يشمل مقابل حرمانه من الانتفاع بالجزء من الأرض الذي يشغله المجري ، كما يشمل الأضرار الأخري التي تلحقه بسبب شق المجري في أرضه .

أما حق الصرف ، او حق المسيل ، هو حق مالك الأرض الزراعية البيعدة عن الصرف العام في تصريف المياه الزائدة عن حاجة أرضه بعد ريها ، أما في مصرف خاص لغيره ، واما خلال أرض غيره لتصب في أقرب مصرف عمومي . وقد وردت أحكام حق الصرف في المادتين 808 و 809 مدني   .

5 ـ يقصد بحق المجري حق صاحب الأرض البعيدة عن مورد المياه ، في أن تمر بأرض جاره المياه اللازمة لري الأرض المنفصلة عن هذا المورد ، أي أنه حق يتضمن تخويل الغير حقوقاً علي أرض غير مملوكة له ، ولذا فهو قيد مقرر علي الملكية لمصلحة الغير في الظروف التي يكون هذا القيد فيها مفيداً له .

وتقرر المادة 809 مدني حق الجار في المجري . وحق المجري يثبت لصاحب الأرض البعيدة عن مورد المياه سواء أكان هذا المورد هو النيل أو احدي الترع العامة ان يحصل المطالب بحق المجري علي ترخيص الجهة الادارية المختصة لانشاء مآخذ للمياه من جسر النيل او الترعة العامة ، كما يلزم في حال المطالبة بالمجري للري من مسقاة خاصة ، ان يكون مالك الأرض البعيدة له حق الشرب وفقاً لحكم المادة 808/2 مدني ،

فان لم تتوافر شروط كسب حق الشرب القانوني كان عليه أن يحصل علي هذا الحق بالاتفاق مع مالك المسقاة الخاصة قبل طلب حق اجراء المياه في أرض الجار .ولا يلزم لثبوت حق المجري أن تكون الأرض البعيدة عن مورد المياه محرومة حرماناً تاماً من وسائل الري ، بل يكفي ان تكون مورادها من المياه غير كافية ، ليثبت لصاحبها حق اجراء ما يكفي لريها من المياه من أرض الجار ، كما لو بها بئر ولكن مياهه لا تكفي لريها ،

وهذا الحكم يؤخذ من نص المادة 809 مدني الذي يوجب علي المالك ان يسمح بأن تمر بأرضه المياه الكافية لري الأرض البعيدة .ويلتزم من له حق المجري بان يعوض المالك الذي تجري في أرضه المياه عما يتحمل من ضرر نتيجة شق المجري واستخدامه ، تعويضاً عادلاً ، فعليه أن يؤدي له مقابل حرمانه من الانتفاع بالأرض التي يشغلها المجري ،

وكذا تعويضه عن كل ما يصيبه من أضرار من وجود هذا المجري او استخدامه .وصاحب حق المجري هو الذي يتحمل تكاليف شق مجري المياه كما يتحمل بكل ما يلزم من المصروفات لحفظه صالحاً للاستعمال ، أي صيانته ، وهذا أمر طبيعي لأن المجري ولو انه يمر بأرض الجار ،

الا انه لخدمة مالك الأرض البعيدة ، ولكن مالك الأرض التي يمر بها المجري له حق الشرب من هذا المجري وفقاً للمادة 808/2 مدني أي يحق له ان يأخذ من المياه الجارية في أرضة ما يكفي لريها بعد أن يستوفي صاحب المجري حاجته ،

وفي هذه الحال يشترك صاحب ألأرض التي يمر بها المجري مع صاحب حق المجري في نفقات انشائه وصيانته.اما حق المسيل ( او الصرف ) فيقصد به حق صرف المياه الزائدة عن حاجة الأراضي بعد ريها الي القنوات والمجاري المعدة لذلك والتي تسمي المصارف وهذه المصارف قد تكون مصارف عامة تنشئها الدولة كما تنشئ الترع العامة .

كما قد تكون مصارف خاصة ينشئها الملاك .. لمصلحة .. ويبدو حق صرف المياه الزائدة قيداً علي الملكية لمصلحة الجار ، اذا ما تقرر حق الجار في صرف مياه أرضه في مصرف مملوك لجاره ،

او تقرر حقه في مرور المياه الزائدة في أرض هذا الجار الي المصارف المملوكة للدولة أي المصارف ، وهذا هو ما تنص عليه المادتان 808 و 809 من القانون المدني . ومن المادتين السابقتين يظهر أن لحق الصرف ( او المسيل ) في ملك الغير صورتين صورة الصرف في مصرف مجاور مملوك للغير ، وصورة مرور مياه الصرف في أرض الغير الي المصرف العام   .

6 ـ يقصد بحق المجري حق مرور المياه للسقي خلال أرض الي أرض أخري لمالك آخر  وقد كانت أحكام الشريعة الاسلامية المنصوص عليها في مجلة الأحكام العدلية تجعل لصاحب المجري القديم حق استعماله والدخول في أرض الغير لاصلاحه جبراً عليه لكن يشترط السلامة أي عدم احداث الضرر في أرض الغير . ومن هذا تري أن ( المجلة )

لا تبيح انشاء حق المرور انشاء جديداً جبراً علي مالك الأرض او صاحب حق التصرف وانما تترك الأمر بينهم للقواعد العامة . فاذا وقع الاتفاق علي ذلك فيها والا كان لصاحب الأرض الامتناع من اعطاء مجري يوصل المياه الي الأرضاي البعيدة .

الا ان المشرع العراقي الحديث قد خفف حدة المشكلة عندما وضع قانون تسوية حقوق الأراضي سنة 1983 فخول لجان التسوية ان تسوي النزاع علي حقوق الشرب والمجري والمسيل القديمة من جهة وا تضمن لصاحب الأرض المحرومة منها انشاء هذه الحقوق علي حساب الأراضي الأخري .

وبهذا القانون صار من الممكن انشاء حقوق ارتفاق جديدة بعد ان كانت لا تقوم الا علي أساس المقدم وحده .ومن هنا تبين لنا أهمية الخطوة التي خطاها القانون المدني في رعاية المصالح الزراعية والوظيفة الاجتماعية للملكية فقد أقر بالمادة 1058 المبدأ الذي أقره القانون المصري منذ نحو سبعين سنة والقانون الفرنسي قبله ،

وهو أن يكون حق الحصول علي المجري والمسيل اجبارياً علي أصحاب الأراضي التي تقع ورائها أراض أخري لا يمكن استغلالها وزراعتها الا بمرور مياهها من تلك العقارات الا ان القانون العراقي شأن القانون المصري في المادة 809 والقانون الفرنسي في المادة 640 لم يطلق هذا الحق ولم يجعله سيفاً مصلتا علي صاحب الأرض القريبة من صور الماء .

ذلك أن تقييد حق الملكية يجب أن يكون له ما يبرره ، كأن يكون فيه ما يزع المالك من الغلواء في استعمال حقه او ان تكون هناك حالة اجتماعية ظاهرة واجبة علي تحمل حق المجري والمسيل في أرضه لصالح أرض أخري .

الأول أن تكون ألارض بعيدة عن مورد

ولا يصرف البعد الي المسافة وحدها ، فقد تكون الأرض قريبة جداً من مورد الماء ، وانما البعد هنا معناه المشقة والامتناع ،  لهذا فقد كان أولي بالمشرع ألا يستعمل لفظ ( البعيدة ) .

الثاني أن لا يكون في الأرض ماء يمكن ان يغني عن طلب حق المجري

والا حق لصاحب الأرض أن يطلب مرور المياه بحيث تكفي مع المياه القديمة لريها .

والمحكمة هي التي تعين من طريق الكشف وتقدير أهل الخبرة ان كانت المياه كافية او غير كافية ، وذلك ما اخذ به القانون العراقي في المادة 1058 مدني والقانون المصري في المادة 809 مدني والقانون السوري في المادة 980 مدني .

وذلك ما تقضي به المصلحة العامة والخروج من القيود الجائزة الي القيود المرنة التي تتلائم مع الوظيفة الاجتماعية للملكية . وواضح بعد هذا ان الكفاية مشروطة للأرض لا للزرع او الموسم ، فلصاحب المجري ان يجعل مجراه بحيث يكفي لكل ما يزرع فيها في جميع المواسم .

الثالث ان لا تكون هناك سبيل مباشرة لمرور المياه الي الأرض المحبوسة عنها

وربما كان هذا القيد متنافراً مع الفكرة التي يقوم عليها النص ، وكان ينبغي أن يسلك الشارع ما سلكه في حق المرور الي الأرض المحبوسة ،

لأن العلة فيهما واحدة فيشترط عدم تيسر الوصول الي الأرض الا بنفقة باهظة او مشقة كبيرة .ولم يرد مثل هذا الشرط ، أي فقد السبيل المباشرة لمرور المياه في القانون المصري لا القديم ولا الجديد ، ولا في القانون السوري او البناني ، كما ان القانون الفرنسي الذي هو أصل هذه النصوص قد خلا من هذا الشرط ايضاً .

الرابع ـ عدم الاخلال بانتفاع صاحب الأرض اخلالاً بيناً

وهذا شرط جديد أيضاً بالنسبة  للتشريعات المماثلة ، وقد كان علي المشرع ان يترك هذا النص للقواعد العامة .

الخامس ـ أن يدفع أجراً سنوياً مقدماً

وهذا الأجر يقابل أجر المرور الذي تقدم الكلام عليه في مرور الأرض المحبوسة بفرق واحد ، وهو النص بأن يدفع مقدماً في المجري والسكوت عن دفعه مقدماً في المرور ،

وكل ذلك عند عدم الاتفاق بين أصحاب الأرض علي كيفية الدفع . وحبذا بالتعويض العادل . ذلك لأن ما يدفعه صاحب حق المجري وعما يصيب الأرض من ضرر ، فهو علي هذا عوض عن حق الاستعمال الذي يملكه صاحب الأرض في أرضه . والنص علي تقديم الأجر له فائدة كثيرة ،

اذ انه يمنع احتمال النزاع عي دفعه وما ينشأ من ذلك من خطوات ، لأن اثباته قد يمكن صاحب الارض من التعسف في استعمال الشرط ، علي حين ان عدم ذكره لا يمنع من دفع الأجر مقدماً او علي أية حالة يقع عليها الاتفاق . ولفظ العدالة كما نص عليه القانون المصري هو الأولي بالحال كما هو ظاهر .

ويتبع في حق الصرف مثل ما يتبع في حق المجري في كل ما تقدم من الشروط . وليست صفة العمومية شرطاً حتمياً في الصرف وان ورد في النص بهذا اللفظ ( مصرف عام ) ،

لأن المقصود هو التخلص من المياه الزائدة عن حاجة الأرض سواء أكان المصرف عاماً او كان خالصاً اتفق مع صاحب المصرف علي الارتفاق به .وقد جاء القانون بنص يضمن لصاحب الأرض سلامتها من الأضرار التي يحدثها المجري بسبب الاستعمال غير العادي او اهمال الجسور والسدود والأبواب فيسبب ذلك نضج المياه او طفحها علي جانبي المجري فتضرر الأرض أو يفسد الحاصل او المنشآت او الزرع او بسبب كثرة المرور في المجري والعمل فيه .

ففي هذه الأحوال يحق لصاحب الأرض المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة من ذلك ، فاذا لم يتفق الطرفان علي تقديره قدرته المحكمة تقديرا عادلاً بحيث يكفي لاصلاح الأرض المتضررة ويقابل الخسارة التي لحقت بصاحبها .وليس لصاحب المجري ان يستعمل مجراه لغير السقي .

لذلك ليس له ان يتخذ بجانبه طريقاً او ممراً لحاجاته الأخري ولا ان تمر فيه مواشيه ، كما ليس له ان يتخذ المجري طريقاً مائياً لنقل متاعه وحاصلاته ، لأن المجري حق اورده الشارع قيداً علي حق الملكية خلافاً للأصل سداً للضرورة ،

فيكتفي بما يسد الحاجة التي دعت الي هذه الضرورة دون التجاوز الي أغراض أخري غير ما هو لازم استقامته او تعليته او حفره او انشاء قناطر عليه .

وليس لصاحب الأرض ان يستعمل المجري او ان يأخذ من مائه او ان يغير في اتجاهه دون موافقة صاحبه ، لان ذلك حق عيني قانوني ترتب علي عقاره لمصلحة عقار آخر ، لا سيما انه قد استولي علي الأجر او التعويض مقابل ذلك الاتفاق  .

حق المجرى وحق الصرف (المسيل)

قد لا توجد إلى جوار الأرض ترعة أو مسقاه خاصة أو مصرف يستطاع كفاية حاجة الأرض بالأخذ مباشرة من مياهها لذا قرر النص للجار حق المجرى بأن يشق فى أرض جاره مجرى تصل عن طريقه المياه لرى أرضه ، كما قرر للجار حق المسيل بأن يشق فى أرض جاره مجرى تصل عن طريقه مياه الصرف إلى أقرب مصرف عام .

(أنور طلبه ص254)

 المسيل قد يقابل المجرى وقد يقابل الشرب

فالمقصود بحق المسيل أو الصرف هو الحق فى تصريف مياه الرى الزائدة عن حاجة الأرض الزراعية فى مصاريف معدة لذلك ، ولما كان الصرف مقابلا للرى تماما ، فأنه أما أن يتم مباشرة كما هو الشأن فى حق الشرب ، وأما أن يتم عن طريق غير مباشر بتمرير المياه عبر أرض الجار كما هو الشأن فى حق المجرى .

أما حق الصرف مباشرة فتسوية المادة 808/2 من التقنين المدنى المصرى بحق الشرب ، ولذلك يصدق فى شأنه كل ما سبق قوله خاصا بحق الشرب ،

فهو يتقرر لمالك الأرض المجاورة لذات المصرف الخاص المملوك للغير دون مالك الأرض المجاورة للأرض المحفور بها هذا المصرف وذلك مقابل الإشتراط فى نفقات إنشائه وصيانته ، وهو ما يجعله مجرد شريك فى الإنتفاع منه بصرف المياه الزائدة فيه لا شريكا فى ملكيته .

وأما حق الصرف غير المباشر ، أى حق تمرير مياه الصرف عبر أرض الجار فى طريقها إلى مصابها فلا يسويه المشرع بحق المجرى من كل الوجوه فهو يختلف عنه فى أن المياه تصيب فى أقرب مصرف عمومى أى أن المقصود هو حبس المياه فى مصرف عمومى بينما يجوز فى حق المجرى أن تمر المياه بأرض الجار سواء كان مورد المياه عاما أو مسقاه خاصة

( جميل الشرقاوى ص87 ومابعدها – منصور مصطفى منصور ص68 – حسن كيرة ص346)

شروط ثبوت حق المجرى وحق الصرف ( المسيل)

 

هناك شروط يجب توافرها لثبوت حق المجرى وحق الصرف ( المسيل)

الشرط الأول: أن يكون طالب هذا الحق جارا لمالك الأرض التى يراد إستعمال الحق فيها

وأن يكون مالكا للأرض التى يزرعها الطالب المجرى أو المسيل على نفقته ، ويشترط أن يكون جارا للأرض  التى يطلب أقامة المجرى أو المسيل بها وأن يكون مالكا للأرض التى يزرعها ،

فإن تعلق الحق بالمجرى ، فللطالب أن يشق المجرى حق تصل إلى مجرى عام كالنيل أو ترعة عامة أو ترعة خاصة مملوكة له أو ترعة خاصة مملوكة للغير ولكن تقرر له عليها حق الشرب ،

فإن أراد الحصول على المياه من مجرى عام فإن حقه فى المجرى لا يتقرر بالنسبة للأرض المجاورة إلا إذا حصل أولا على ترخيص من تفتيش الرى بالحصول على المياه من النقطة التى حددها بالمجرى العام إذ قد يحدد له التفتيش مكان آخرا فيتغير مكان المجرى ، ومتى رخص له فله شق مجراه فى أى أرض تفصل بين المجرى الوارد منه المياه وبين أرضه ،

ويكون له الحق وحده فى إستغلال المجرى إلا إذا وجد اتفاق على غير ذلك أو كانت أرض المالك بعيدة بدورها عن مورده المياه وتوافرت فيه شروط الحصول على حق الشرب أو المسيل كما لا يجوز لمن يمر المجرى بأرضه أن يعدل فيه ،

ويحدد المكان الذى يشق المجرى به بأقصر خط يصل بين المجرى العام وبين أرض الطالب إلا إذا حالت طبيعة الأرض بين ذلك وللمحكمة الجزئية أن تستعين بأهل الخبرة ( مادة 43 مرافعات )

( أنور طلبه ص254)

الشرط الثانى : البعد عن مورد المياه

يجب أن تكون الأرض التى يتقرر ها حق المجرى أو المسيل بعيده عن مورد المياه ، حتى يفهم وجه حاجتها إلى تمرير كفايتها منها عبر أراضى الجار ، وليس من الحتم أن يكون مورد المياه الذى تريد الإتصال به الأرض البعيدة ترعة عامة ،

فقد يكون كذلك مسقاه خاصة مملوكة لأحد أصحاب الأراضى المجاروة

( حسن كيرة ص100)

الشرط الثالث : أن يكون الجار فى حاجة إلى رى أرضه من طريق المجرى أو إلى صرف مياهيه عن طريق المصرف

فيشترط أن يكون الطالب فى حاجة لإستعمال حق المجرى أو حق المسيل ،

ومن ثم فإذا وجدت لديه وسيلة أخرى للرى الكافى بأن تكون لديه آبار ارتوازية أو مروى أخرى يستعملها بإتفاق مع مالكها ، فإنه لا يجوز له المطالبة بحق المجرى ، وكذلك بالنسبة للمسيل ،

فإن كان له تصريف  المياه بمصرف جار اتفق معه على ذلك وكان يمكن التصريف بواسطته تصريفا كاملا فلا يكون له الحق فى المسيل

( أنور طلبه ص255)

الشرط الرابع : التزام الجار بدفع تعويض عادل

إذا كان القانون يجبر المالك على قبول مرور المياه الكافية لرى الأراضى البعيدة عن مورد الماء عبر أرضه ، فو من ناحية أخرى يقرر له الحق فى الحصول على تعويض عن ذلك ،

وإذا كان المشروع يكتفى فى وصف هذا التعويض بأنه تعويض عن ذلك ، وإذا كان المشرع يكتفى فى وصف هذا التعويض بأنه تعويض عادل ،

فمن الواضح أن يشمل قيمة ما يقابل تعطي الأرض التى يشغلها المجرى وما يقابل الأضرار الدائمة أو الوقتية المترتبة على شقة ،

ولا ينبغى أن يدخل ضمن عناصر التعويض ما يكون قد عاد بالنفع على الأرض المنتفعة بشق هذا المجرى  وعلى أى حال لا يشترط دفع التعويض مقدما كما كان يقضى بذلك التقنين المدنى السابق ،

فقد جاء نص التقنين الحالى مطلقا فى هذا الشأن فيصح دفع التعويض مقدما ويصح دفعه مسقطا على السواء

( حسن كيرة ص101)

ومتى تقرر لجار الحق فى المجرى والمسيل ، جاز لجيرانه الأنتفاع بهما وفقا للقواعد التى قررتها المادة 808 من القانون المدنى ، على نحو ما تقدم .

وقد قضت محكمة النقض بأن 

حق المجرى لا يتقرر وفقا للمادة 33 من القانون المدنى الملغى والمادة 809 من القانون المدنى القائم والمادة التاسعة من لائحة الترع والجسور لمجرد ما أوجبه القانون فى هذه المواد على مالك الأرض من السماح بأن تمر فى أرضه المياه الكافية لرى الأطيان البعيدة عن مورد الماء

بل يجب لذلك أن يتقدم صاحب الأرض الذى يرى أنه يستحيل أو يتعذر عليه رى أرضه ريا كافيا والذى تعذر عليه التراضى مع مالك الأرض التى يمر بها المجرى بطلب إلى المحكمة أو جهة الإدارة المختصة لتقرير هذا الحق وبيان الكيفية التى يكون بها إنشاء المجرى وتحديد التعويض الذى يدفعه مقابل تقرير هذا الحق له

إذ أن تقرير هذا الحق لا يكون إلا مقابل تعويض عادل ( نقض 11/11/1965 س16 ص1044) وبأنه ” مفاد نص المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 بشأن الرى والصرف ( تقابل المادة 24 من قانون الرى والصرف رقم 12 لسنة 1984 ) عن الحق الذى يتولد من ترخيص جهة الإدارة مسقاه فى أرض الغير ليجرى بها المياه توصلا لاستعمالها فى رى أرض الجار

هو حق المجرى والشرب وهو الحق المقرر بالمادتين 808 ، 809 من القانون المدنى وتقرير هذا الحق يختلف عن حق الملكية فالحيازة بإستعمال المسقاة فى الرى ركونا إلى ذلك الحق تعتبر حيازة بسبب معلوم غير أسباب الملكية مما تنتفى معه نية تملك أرض المسقاة وتبقى هذه الحيازة المجردة من هذه النية غير صالح للتمسك بالتملك مهما طال أمدها إلا إذا حصل تغيير فى سببها

( جلسة 21/2/1980 الطعن رقم 455 لسنة 49ق س31 ص573)

مياه الأمطار والمياه المتخلفة عن الإستعمال لا تدخل فى نطاق حق الصرف

لقد نصت المادة 42/64 من التقنين المدنى القديم على أنه

يجب على كل مالك أن يصرف فى أرضه أو فى أرضه فى الطريق العام مياه الأمطار أو مياهه المنزلية بالتطبيق على اللوائح الصحية ، وكان المشروع التمهيدى للتقنين المدنى يتضمن نصا يعطى حق المسيل للمياه التى تنحدر بفعل الطبيعة كمياه الأمطار فكانت المادة 1177 من المشروع تنص على أن

“على مالك الأرض المنخفضة أن يسمح بأن تنزل فى أرضه المياه التى تنحدر بفعل الطبيعة من الأرض المرتفعة عنها كمياه الأمطار وليس لمالك الأرض المنخفضة أن يقيم جسرا يسد الماء كما أنه ليس لمالك الأرض المرتفعة أن يأتى ما من شأنه الزيادة فيما يجب أن تتحمله الأرض المنخفضة من ذلك “

إلا أنه فى الحسبة المراجعة بمجلس النواب اقترح حذف هذه المادة عدم الحاجة المراجعة بمجلس النواب اقتراح حذف هذه المادة لعدم الحاجة إليها فى مصر حيث تقل بزول الأمطار فوفقت اللجنة على ذلك

( مجموعة الأعمال التحضيرية ج6 ص43 الهامش )

ولما كانت قيود الملكية واردة فى القانون على سبيل الحصر وليس من بينها حق صرف مياه الأمطار والمياه المنزلية ، فلا يتأتى إجبار مالك آخر على قبولها فى أرضه ،ب

ل يتعين صرف هذه المياه فى الطريق العام بشرط مراعاة لوائح التنظيم واللوائح الصحية أو فى نفس العقار الذى تجمعت فيه ، اللهم إلا إذا ارتضى صاحب العقار المجاور أن يثقل بإرتفاق بمسيل هذه المياه أو إذا كان هذا الإرتفاق مرتبا بتخصيص رب الأسرة .

إجراءات الحصول على حق المجرى وحق المسيل

الإجراءات الواجب إتباعها للحصول على حق المجرى وحق المسيل هى نفسها الإجراءات الواجب إتباعها للحصول على حق الشرب والتى بينها فيما تقدم

وقد رأينا المادة 24 من قانون ارى والصرف رقم 12 لسنة 1984 تقضى بأنه

فى حالة ما إذا رأى أحد الملاك أنه ” يتعذر عليه رى أرضه أو صرفها على وجه كاف إلا بإنشاء مسقاه (وهذا هو حق المجرى) أو مصرف (وهذا هو حق المسيل فى إحدى صوريته) فى أرض ليست ملكه ، أو بإستعمال مسقاة (وهذا هو حق الشرب)  أو مصرف (وهذا هو المسيل فى الصورة الأخرى) موجود فى أرض الغير

فإنه إذا لم يستطع التراضى مع أصحاب الأراضى ذوى الشأن يقدم شكوى إلى مدير عام الرى ليأمر بالتحقيق فيها وعلى الإدارة أن تطلب جميع الخرائط والمستندات التى يستلزمها بحث الطلب فى مدة لا تتجاوز إجراءات معينة سبق بيانها ، ويجب أن يعوض المالك عن حق  المجرى وحق المسيل كما يعوض عن حق الشرب فيما رأنيا ،

فإذا كان المطلوب شق مروى أو مصرف فى أرض المالك للمجرى أو للمسيل ، تحمل الجار كل نفقات إنشاء المروى أو المصرف وجميع تكاليف صيانته وسنرى أنه إذا أصاب أرض المالك ضرر من المروى أو الصرف فللمالك أن يطلب تعويضا عما أصابه من الضرر وإذا كان المطلوب الأنتفاع بمسقاه المالك أو بمصرفه ،

فإن التعويض يكون بإشتراك الجار فى نفقات إنشاء المسقاه أو المصرف وصيانتهما ، بنسبة مساحة (أرضه) التى تنتفع منها ( م 808/2 مدنى ) وتقدر قيمة التعويض على النحو السالف الذكر ، عند عدم الاتفاق عليه وديا ، لجنة تشكيل برئاسة مفتش الرى أو من ينيبه وعضوية مفتش المساحة وعمدة البلد ،

ويصدر قرارها بأغلبية الآراء ويكون نهائيا وكان المشروع التمهيدى لنص المادة 809 مدنى يقضى بان يدفع التعويض مقدما ، ولكن هذا الحكم الخاص بتعجيل التعويض حذفه مجس النواب ،

واستبدال به أن يكون التعويض ” تعويضا عادلا ” ولكن المادة 26 من قانون الرى والصرف ، وقد صدر هذا القانون بعد صدور التقنين المدنى الجديد ، تنص على ما يأتى “

ينفذ القرار الصادر وفقا لأحكام المادتين السابقتين (ويدخل القرار الذى يعطى الجار حق الشرب أو حق المجرى أو حق المسيل) بعد أداء تعويض لجميع الأشخاص الذين حقهم ضرر منه ،

ومعنى ذلك أن يدفع التعويض مقدما ، فلا يجوز إذن تقسيطه ، بل يجب تعجيله جملة واحدة ومن ثم فلا يجوز البدء بأعمال الإنشاء قبل دفع التعويض الواجب ،

أما فيما يتعلق بمصروفات الصيانة فيدفعها الجار على دفعات ، معجلة أيضا فى كل دفعة ، بحسب ما تقضيه أعمال الصيانة ، كل هذا إلا إذا تم اتفاق بين أصحاب الشأن على غير ذلك

(السنهورى ص694)

هذه هى الإجراءات الواجب توافرها للحصول على حق المجرى والمسيل ولا يكسب حق المجرى أو حق المسيل إلا بإتباع هذه الإجراءات .

وقد قضت محكمة النقض بأن

حق المجرى لا يتقرر لمجرد ما أوجبه القانون على مالك الأرض من السماح بأن تمر فى أرض المياه الكافية لرى الأطيان البعيدة عن مورد الماء ، بل يجب لذلك أن يتقدم صاحب الأرض الذى يرى أنه يستحيل أو يتعذر عليه رى أرضه ريا كافيا ، والذى تعذر عليه التراضى مع مالك الأرض يمر بها المجرى بطلب إلى المحكمة أو جهة الإدارة المختصة لتقرير هذا الحق وبيان الكيفية التى يكون  بها إنشاء المجرى وتحديد التعويض الذى يدفعه مقابل تقرير هذا الحق له ، إذ أن تقرير الحق لا يكون إلا مقابل تعويض عادل”

(نقض مدنى 11 نوفمبر سنة 1965 مجموعة أحكام النقض رقم 162 ص1043)

ولكن متى حصل الجار على حق المجرى فى أرض المالك ، وكان المالك نفسه أرضه بعيدة عن مورد المياه وتوافرت فيه شروط الحصول على حق الشرب فإنه يستطيع أن يحصل على حق الشرب من مروى الجار المشقوقه فى أرضه

(انظر آنفا فقرة 446- وانظر محمد كامل مرسى فقرة 309 – شفيق شحاته فقرة 377 ص369 – عبد المنعم الدراوى فقرة 354 ص397 وفقرة 359 ص401 – عبد المنعم فرج الصادة 67 ص105)

وكذلك إذ حصل الجار حق المسيل فى أرض المالك فأنشاء مصرفا خاصا جاز للمالك إذا توافرت فيه هو أيضا شروط الحصول على حق المسيل أن يحصل على هذا الحق ويصرف مياهه فى المصرف الخاص المملوك لجاره المشقوق فى أرضه .

الإختصاص بتقرير حق المجرى وحق المسيل

الأصل هو اختصاص جهة الإدارة بتقرير حق المجرى وحق المسيل ولكن ذلك لا يسلب المحاكم وهى ذات الولاية العامة اختصاصها بهذه المسائل وذلك أن قانون الرى والصرف لم يقصر الأختصاص بهذه المنازعات على جهة الإدارة وحدها دون غيرها ، ومن ثم يجوز للجوء إلى القضاء للحصول على حكم بتقرير حق المجرى وحق المسيل ،

وتنص المادة 43 من قانون المرافعات على أن

” تختص محكمة المواد الجزئية كذلك بالحكم ابتدائيا مهما كانت قيمة الدعوى وانتهائيا إذا لم تجاوز قيمتها ألفى جنيه ما يلى :

1- الدعاوى المتعلقة بالإنتفاع بالمياه وتطهير اترع والمساقى والمصارف .

2- ………… إلخ ” ،

ويشترط لاختصاص المحكمة الجزئية بالنزاع حول الإنتفاع بالمياه أو التطهير ألا تكون الملكة محل نزاع فإن كانت كذلك فصلت المحكمة فى النزاع حول الملكية إن كان يدخل فى اختصاصها القيمى ،

وإلا أحالت الدعوى إلى المحكمة الإبتدائية وإذا كانت الدعوى التى يرفعها صاحب الحق تتضمن إدعاء بأن له حق ارتفاق سابق مقرر ، ويريد تثبيت ملكيته لما يعتبره حقا مكتسبا من قبل على أرض الجار من مرور  المياه لأرضه مخترقة أرض الجار المذكورة فإن الدعوى تكون من اختصاص المحاكم وحدها

( محمد كامل مرسى ص355 – جميل الشرقاوى قواعد اختصاص المحاكم المدنية فى القانون المصرى 1955/1956 ص 55 هامش )

وقد قضت محكمة النقض بأن

النص فى المادة 43 من قانون المرافعات على ” تختص محكمة المواد الجزئية كذلك بالحكم ابتدائيا مهما تكن قيمة الدعوى وانتهائيا إذا لم تجاوز قيمتها خمسين جنيها فيما يلى :

1- الدعاوى المتعلقة بالإنتفاع بالمياه وتطهير الترع والمصارف ” ومن بين الدعاوى المتعلقة بالإنتفاع بالمياه – الدعاوى المتعلقة بحقوق إرتفاق الرى ،

وإذا كانت الدعوى التى أقامها المطعون ضده ابتداء أمام محكمة دمياط الإبتدائية هى بطلب منع تعرض الطاعنين له فى الرى من المسقى المبينة بصحيفة الدعوى

ومن ثم فهى بهذا الوصف تعتبر من الدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه التى عنتها المادة 43 سالفة الذكر وتدخل بالتالى فى الاختصاص الاستثنائى لمحكمة المواد الجزئية”

(طعن رقم 1426 لسنة 47ق جلسة 15/4/1981)

وبأنه ” النص فى المادة 43 من قانون المرافعات على أن تختص محكمة المواد الجزئية كذلك بالحكم إبتدائيا مهما تكن قيمة الدعوى وانتهائيا إذا لم تجاوز قيمتها خمسين جنيها فيما يلى

1- الدعاوى المتعلقة بالإنتفاع بالمياه وتطهير الترع والمساقى والمصارف ” وكان من بين الدعاوى المتعلقة بالإنتفاع بالمياه الدعاوى المتعلقة بحقوق ارتفاق الرى ومن ثم فهما بهذا الوصف يعتبران من الدعاوى المتعلقة بالمياه التى عنتها المادة 43 سالفة الذكر وتدخلان بالتالى فى الإختصاص الاستثنائى لمحكمة المواد الجزئية

(طعن رقم 5109 لسنة 63ق – جلسة 14/12/1994)

وبأنه ” إذا كان النص فى المادة 43 من قانون المرافعات – المنطبق على واقعة النزاع بعد تعديله فى 17/5/1999 – على أن تختص محكمة المواد الجزئية كذلك بالحكم ابتدائيا مهما تكن قيمة الدعوى وانتهائيا إذا لم تجاوز قيمتها ألفى جنيه الدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه وتطهير الترع والمساقى والمصارف وكان من بين الدعاوى المتعلقة بالإنتفاع بالمياه الدعاوى المتعلقة بحقوق ارتفاق الرى ومن ثم فهى بهذا الوصف تعتبر من الدعاوى المتعلقة بالمياه التى عنتها المادة المذكورة وتدخل بالتالى فى الاختصاص الاستثنائى لمحكمة المواد الجزئية

( طعن رقم 4353 لسنة 63ق – جلسة 11/7/2001)

مما تقدم يتبين لنا أن الاختصاص بتقرير حق المجرى وحق المسيل يكون إما لجهة الإدارة وهو الأصل أو للقضاء ولكن وإذا صدر حكم يتعارض مع قرار الجهة الإدارية فإن كان واجب النفاذ ولم يكن القرار قد تم تنفيذه وجب تنفيذ الحكم صدوره من المحكمة صاحبة الولاية العامة ، أما إذا كان قد تم تنفيذ القرار قبل صدور الحكم فيقضى فى الدعوى بعدم قبولها إن كانت قد رفعت صدور الحكم فيقضى فى الدعوى بعدم قبولها إن كانت قد رفعت بعد تنفيذ القرار أو برفضها إن كان القرار قد نفذ أثناء نظرها

(محمد كامل عبد العزيز ص343)
وكان الخلاف قد ثار منذ القانون المدنى القديم حول الاختصاص بنظر المسائل المتعلقة بالرى والصرف

ذلك أن المادة 33/54 من القانون المدنى القديم تجعل للمحاكم الاختصاص بتقدير التعويض المستحق عن شق مسقاة أو مصرف فى أرض الغير ، كما تخولها النظر فى تحديد طريقة مرور المسقاة أو المصرف ، وفى سائر المنازعات الأخرى المتعلقة بحقوق الرى والصرف .

فلما صدرت لائحة الترع والجسور فى 22/2/1894 نصت فى كثير من موادها على اختصاص الجهات الإدارية ، ممثلة فى المدير ووزارة الأشغال ، بالفصل فى المنازعات ،

كما جعلت المادة 27 من اللائحة المذكورة تقدير التعويض المستحق عن إنشاء مسقاة أو مصرف من اختصاص لجنة خاصة ، تؤلف من المدير أو من ينوب عنه رئيسا ومن الباشمهندس واثنين من عمد المديرية يختار كل من الخصمين واحدا منهما

وصرحت المادة 42 منها نصت على إلغاء كل ما كان مخالفا لهذه اللائحة وهذا النص العام يتناول بالإلغاء اختصاص المحاكم الذى قررته المادة 33/55 من القانون المدنى القديم .

بينما ذهب رأى آخر إلى إبقاء اختصاص المحاكم بنظر كافة منازعات الرى والصرف بما فيها ما خولت لائحة الترع والجسور جهة الإدارة أو اللجان التى شكلتها سلطة الفصل فيه مادامت هذه اللائحة لم تقصر هذا الاختصاص على جهة الإدارة وحدها ،

فيكون الاختصاص بتلك المسائل مشتركا بين المحاكم وجهة الإدارة

(محمد كامل مرسى ص351 وما بعدها)
غير أن محكمة النقض ذهبت إلى أن الاختصاص يظل مشتركا بين المحاكم وجهة الإدارة فى دعاوى وضع اليد المتعلقة بالترع والمصارف أما دعاوى الملك فإن المحاكم وحدها دون غيرها هى صاحبة الحق فى الفصل فيها . حيث قضت بأن

1-إن الجهة الإدارية ليس لها فى الأصل اختصاص بالفصل فى حقوق الإرتفاق المتعلقة بالرى أو الصرف ، ولكن المشرع ، مراعاة لمصلحة الزراعة وما يقتضيه ذلك من وجوب احترام المساقى والمصارف من تعدى أحد المنتفعين بها بما يضر الآخرين ،

قد أجاز لهؤلاء توخيا للسرعة التى تقتضيها الحال – أن يلجأوا إلى الجهات الإدارية التى خولها فى هذه الحالة أن تعيد الأمور إلى ما كانت عليه ،

وذلك دون أن يقصد منع المحاكم مما هو مقرر لها أصلا من الفصل فى هذه الدعوى سواء أكانت متعلقة بوضع الدي أم بالملك وبذلك تكون هناك هيئتان مختصتان بالفصل فى دعاوى وضع اليد المتعلقة بالترع والمصارف

أما دعاوى الملك فإن المحاكم وحدها دون غيرها هى صاحبة الحق فى الفصل فيها وإذن فقضاء المحكمة باختصاصها بدعوى منع التعرض فى مسقى لا مخالفة فيه للقانون ،

وإذا كان الحكم الذى تصدره المحكمة بمرور المسقى يقتضى تنفيذه وضع بدالة على المصرف – الأمر الذى لا يكون الترخيص به إلا من وزارة الأشغال ، فإن ذلك لا تأثير له فى الأختصاص

( الطعن رقم 14 سنة 59ق – جلسة 11/1/1940)

2- وبصدور قانون الرى والصرف رقم 68 لسنة 1953 المعدل بالقوانين رقم 29 لسنة 1956 ، 385 لسنة 1956 ، 116 لسنة 1959 وخول الجهات الإدارية الاختصاص بالبت فى المنازعات الناشئة عن قيود الإنتفاع بالمياه وتطهير الترع والمساقى والجسور وبما فيها التعويض المستحق لذوى الشأن .

وقد ذهبت محكمة النقض إلى أن اختصاص اللجنة الإدارية مقصور على نظر طلبات التعويض فى الحالات المحددة بالقانون سالف الذكر ، أما طلبات التعويض فى غير هذه الأحوال فإن الإختصاص بنظرها يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة . إذ قضت بأن

1- جعلت المادة 77 من القانون رقم 68 لسنة 1953 فى شأن الرى والصرف والاختصاص بطلب التعويض فى الأحوال الخاصة التى نص على استحقاق التعويض فيما عما ينشأ من الأضرار بسبب تنفيذ بعض أحكامه إلى لجنة إدارية ،

ومفاد ذلك أن اختصاص اللجنة الإدارية مقصور على نظر طلبات التعويض فى الحالات المحددة بالقانون المذكور ، أما طلبات التعويض فى غير هذه الأحوال فإن الاختصاص بنظرها يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة بنظر جميع الأنزعة

إلا ما استثنى منها بنص ، فإذا كان الطاعن قد طلب التعويض عن الأضرار التى لحقت بأرضه نتيجة لما يدعيه من أن الحكومة لم تراع الأصول الفنية فى إنشاء المصرف ولم تتعهده بالصيانة والتطهير وكان التعويض لذلك السبب مما لم يرد عليه نص فى القانون رقم 68 لسنة 1953 فإن اللجنة الإدارية سالفة الذكر لا تكون مختصة بنظره

طعن رقم 389 لسنة 27ق – جلسة 31/1/1963)

ثم صدر بعد ذلك قانون الرى والصرف رقم 74 لسنة 1971 الذى ألغى القانون السابق ، ثم صدر القانون رقم 12 لسنة 1984 الحالى ونصا أيضا على اختصاص جهة الإدارة بمنازعات الرى والصرف ، وقد ثار الخلاف الذى كان موجودا فى ظل لائحة الترع والجسور حول اختصاص المحاكم ، وقد أوضحنا سلفا الرأى الواجب الإتباع .

(عزمى البكرى ص366)

تعدد المنتفعين بالمصرف

 

وقد رأينا أن المادة 811 مدنى تنص على أنه

” إذا لم يتفق المنتفعون بمسقاة أو مصرف على القيام الإصلاحات الضرورية ، جاز إلزامهم بالإشتراك فيما بناء على أى واحد منهم ” وقد سبق بيان ذلك فيما يتعلق بالمسقاة الخاصة ، وما ذكرناه فى هذا الشأن ينطبق على المصرف الخاص فقد يكون هذا المصرف ملكا لأشخاص متعددين اشتركا جميعا فى إنشائه ،

أو يكون ملكا لواحد منهم والباقى ينتفعون به بموجب حق المسيل وفى جميع الأحوال يلزم المنتفعون بالقيام بالإصلاحات الضرورية للمصرف وتطهيره وصيانته وحفظ جسوره وتقول المادة 19 من قانون الرى والصرف فى هذا الصدد كما رأينا “

يجب على حائزى الأراضى المنتفعة بالمساقى والمصارف الخاصة تطهيرها وإزالة نبات الهابسنت وغيره من النبانات والحشائش المعوقة لسير المياه فيها وصيانتها وحفظ جسورها فى حالة جيدة ويكون ذلك بنسبة ما يملكه كل منهم من الأراضى التى تنتفع بالمصرف ويجوز لأى من المنتفعين سواء كان هو المنشئ للمصرف أو كان من المنتفعين بموجب حق المسيل أن يجبر الآخرين على ذلك إذا امتنعوا عن القيام بهذا الإلتزام .

الخاتمة مصادر ومراجع البحث

حق الشرب والمسيل والصرف

  1. ـ الوسيط ـ الجزء 8 ـ للدكتور السنهوري ـ المرجع السابق ـ ص 727 وما بعدها.
  2. ـ حق الملكية ـ 1 ـ للدكتور محمد علي عرفه ـ المرجع السابق ـ ص 282 وما بعدها .
  3. ـ الحقوق العينية ـ للدكتور عبد المنعم البدراوي ـ المرجع السابق ـ ص 399 وما بعدها.
  4. ـ حق الملكية ـ للدكتور منصور مصطفي منصور ـ المرجع السابق ـ ص 67 وما بعدها .
  5. ـ حق الملكية ـ للدكتور جميل الشرقاوي ـ المرجع السابق ـ ص 85 وما بعدها .
  6. ـ الملكية العقارية في العراق ـ جزء 1 ـ للأستاذ حامد مصطفي ـ ص 100 وما بعدها .
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047