موجز الاجابة علي مدي جواز الشفعة في البيع غير المسجل فقد لقد اختلف الرأي بعد صدور قانون التسجيل فيما إذا كان البيع غير المسجل يعطى الحق في الشفعة فرأي فريق جواز الأخذ بالشفعة، ولو أن العقد لم يسجل ورأي فريق آخر عدم جواز الشفعة لعدم نقل الملكية في البيع غير المسجل والتساؤل بأى رأى أخذت محكمة النقض هذا ما سنتعرف عليه
محتويات المقال
الرأى الصحيح بشأن الشفعة للبيع العرفي
يوجد رأيان رأى أجاز الأخذ بالشفعة في البيع العرفي غير المسجل ورأى رأى عدم جواز ذلك فما هي حجج كل فريق وما هو الرأى الصائب وما هو موقف محكمة النقض هذا ما سنتعرف عليه
الرأى بجواز الشفعة بالعقد العرفي
حجج القائلين بجواز الشفعة في البيع غير المسجل
استند من يقول بجواز الشفعة على الأسباب الآتية :
(1) عدم قبول الشفعة له نتائج خطيرة لا يمكن أن يجيزها القانون، لما تنطوي عليه من احتمال تعطيل حق موجود، وهو حق الشفعة، في كثير من الأحوال، فما هو إلا أن يحجم المشترى بإرادته عن تسجيل العقد، خصوصا إذا كان مطمئنا من جهة البائع له،
ويستمر (أي المشترى) متمتعا بالعقار المبيع بكل حقوق المالك، في حين أن الشفيع تصيبه جميع الأضرار التي شرع من اجلها حق الشفعة، فيظل تحت رحمة المشترى فإن سجل جازت الشفعة
(المنصورة الجزئية) (القاضي يوسف رفعت بك) 8 ديسمبر 1924 المجموعة 26 رقم 46 ص85 المحاماة رقم 567 ص651 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1066 .
أسيوط الابتدائية (دائرة حامد شكري بك والقاضي محمد عزت والقاضي محمد أمين صدقي) 28 مايو 1925 المجموعة 26 رقم 46 ص83 المحاماة 6 رقم 113 ص162 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 5657 الحقوق 42 رقم 3 ص 11 . إسنا الجزئية (القاضي محمد فايز) 31 أكتوبر 1925 المحاماة 6 رقم 361 ص548) .
الخليفة الجزئية (القاضي سعيد أور بك) 21 ابريل 1926 المحاماة 7 رقم 253 ص376 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1073. سمالوط الجزئية (القاضي اسكندر حنا) 30 مايو 1926 المحاماة 6 رقم 451 ص746. إيتاي البارود (القاضي محمد حلمي سوكه) 22 نوفمبر 1926 المحاماة 8 رقم 46 ص84 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1076)
ومن أسهل قياس هذه الحالة على الحالة التي يكون فيها أمر ما معلقا على شرط ارادى، فقد أجمعت القوانين على أن مثل هذا الشرط لا قيمة له، ولا يمكن أن يعطل لأحد حقا.
مصر الابتدائية (دائرة محمد شكري بك ومحمد نصار بك والقاضي سابا حبشي) 10 مارس 1926 المجموعة 27 رقم 33 ص51 المحاماة 7 رقم 16 ص31 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1072.
(2) إن قانون الشفعة لم يقل في نصوصه المتعلقة بدعوى الشفعة انه يجب لصحة رفع الدعوى أن تكون موجهة ضد المالك الأصلي والمالك الجديد، بل قال برقع الدعوى على البائع والمشترى، وهما صفتان تصدقان على البائع والمشترى، سواء احصل التسجيل أم لم يحصل، وذلك لان البيع لم يزل من العقود الرضائية المحضة
مصر المختلطة 15 مايو 1926 جاريت 16 رقم 305 ص303 المحاماة 6 رقم 508 ص827 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1071 إيتاي البارود 22 نوفمبر 1926 المتقدم المحاماة 8 رقم 46 ص84).
ومن الخطأ البين أن يقال أن عقد البيع غير المسجل هو عقد بيع ناقص بل هو بيع كامل وصحيح وكل ما هناك أن يقل الملكية، وهو أثر من آثار البيع، أصبح خاضعا لإجراءات شكلية تنحصر في تسجيل العقد
مصر المختلطة 15 مايو 1926 جاريت 16 رقم 305 ص303 المحاماة 6رقم 508 ص140827 فبراير 1928 جاريت 18 رقم 135 ص123
(3) أوجب قانون الشفعة على الشفيع أن يبدى رغبته في استعمال حقه في خمسة عشر يوما من تاريخ العلم بالبيع أو تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشترى) في القانون المدني الجديد من تاريخ الإنذار الرسمي) لا من تاريخ التسجيل
(مصر الابتدائية (برياسة عبد الباقي زكى القشيرى بك) 2 مايو 1925 المجموعة 26 رقم 46 ص82 الحقوق 42 رقم 3 ص9. سمالوط الجزئية 30 مايو 1926 المتقدم المحاماة 6 رقم 451 ص746، إسنا الجزئية 10 مايو 1927 المتقدم المحاماة 7 رقم 531 ص923، استئناف مختلط 21 ديسمبر 1926 (39 ص102) جازيت 18 ص132 رقم 145 المحاماة 8 رقم 186 ص238، استئناف مختلط 5 فبراير 1929 (41 ص159) المحاماة 9 رقم 552 س1020)
وضع القانون المدني نظاما معينا لإجراءات الأخذ بالشفعة نص عليه في المواد من 940 إلي 943 وجعل إجراءات هذا النظام مرتبطة بعضها البعض ارتباطا وثيقا وماسة بذات الحق وأوجب إتباعها وإلا سقط الحق في الشفعة،
وكانت هذه الإجراءات جميعا تبدأ من جانب الشفيع من تاريخ إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة وان المشرع أوجب في المادة 940 من القانون المدني على المشترى أو البائع إنذار الشفيع بحصول البيع،
وحدد في المادة 948 من ذات القانون البيانات التي يجب أن يشتمل عليها وهي بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بيانا كافيا، وبيان الثمن والمصروفات الرسمية وشروط البيع واسم كل من البائع والمشترى ولقبه وصناعته وموطنه وذلك بهدف علم الشفيع الشامل باركان البيع الجوهرية لكي يقدر مصلحته في طلب الشفعة ويتمكن من توجيه طلبه إلي من جيب توجيهه إليه،
فإن القانون قد حدد طريقة خاصة لهذا العلم وهو الإنذار الرسمي المتضمن لتلك البيانات وانه لا مجال للاعتداد بعلم الشفيع بها بغير تلك الوسيلة التي حددها القانون، فإذا لم يتم إنذار الشفيع بالطريق الذي رسمه القانون فإن ميعاد إعلان رغبته في أخذ العقار المبيع بالشفعة يكون منفتحا أمامه إلي ما بعد تسجيل البيع بأربعة أشهر طبقا لن الفقرة (ب) من المادة 948 من القانون المدني
( الطعن رقم 172 لسنة 54 ق جلسة 14/2/1991 س 42 ع 1 ص 446)
(4) إن القول باعتبار تاريخ التسجيل مبدأ للطلب في الشفعة يترتب عليه أن يسقط حق الشفيع الذي لا يبادر إلي الطلب خلال خمسة عشر يوما من تاريخ التسجيل،
مع أن قانون الشفعة نفسه ينص على أن الحق لا يسقط إلا إذا سكت الشفيع عن الطلب ستة أشهر (في القانون المدني الجديد أربعة أشهر بعد يوم التسجيل، ولا يخفي ما في ذلك من التناقض والتعارض
(المنصورة الجزئية 8 ديسمبر 1924 المتقدم المجموعة 26 رقم 46 ص 85)
(5) لم يتعرض قانون التسجيل لنصوص الشفعة بتعديل أو تغيير، مما يدل على أن الشارع لم ير أن في إصدار هذا القانون مساسا ما بالحقوق المقررة بقانون الشفعة من قبل
(المنصورة الجزئية 8 ديسمبر 1924 المجموعة 26 رقم 46 ص85 المتقدم مصر الابتدائية 10 مارس 1926 المتقدم المجموعة 27 رقم 33 ص51 المحاماة 7 رقم 16 ص31).
(6) أن الشفعة جائزة بإجماع آراء الفقهاء في البيع بشرط الخيار إذا كان الخيار للمشترى، وحكمه ذلك أن البائع في هذه الحالة لا يملك طلب الفسخ، وإنما يكون الأمر موكولا إلي إرادة المشترى،
وحينئذ تصح الشفعة (المادة 1026 من المجلة، التعليق على هذه المادة في مرآه المجلة 2ص42) فيمكن أن يقاس البيع غير المسجل في حالة الشفعة على البيع بشرط الخيار للمشترى،
إذ أن انتقال الملكية هو في الواقع في يد المشترى، والذي أن شاء سجل وإن شاء امتنع للنكاية بالشفيع، وأما البائع فلا عمل له ولا مصلحة في التسجيل إلا في أحول مخصوصة لحفظ الامتياز وغيره، وليس من الحق ولا من العدل أن يكون خيار المشترى في التسجيل منشأ ضرر للشفيع
(المنصورة الجزئية 8 ديسمبر 1924 المجموعة 26 رقم 46 ص85 المتقدم قارن مصر الابتدائية 10 مارس 126 المتقدم المجموعة 27 رقم 33 ص51 – المحاماة 7 رقم 16 ص31
فقد اعترضت المحكمة على من شبه البيع مع عد التسجيل بالبيع مع خيار المشترى، فقالت أنهم أخطئوا في العلة التي بنوا عليها هذا الرأي، لان الحكمة التي أجازت لها الشريعة الإسلامية الشفعة في البيع مع خيار المشترى، وعلى الضد من ذلك حرمتها في البيع مع خيار البائع،
هي أن الملكية في حالة خيار المشترى تنتقل إلي هذا الأخير فعلا، بعكس ما إذا كان الخيار للبائع، فإنها لا تنتقل، فالدليل إذن على هذه الصورة لا يؤدي إلي صحة هذا الرأي، بل الأمر بالعكس.
(7) أن الشفيع لا يتلقى حق الملكية من المشترى حتى ينتظر تسجيل العقد، ولكنه يحل محله بمقتضى المادة 13 من قانون الشفعة (المادة 945 من القانون المدني الجديد) في جميع حقوقه والتزاماته، ويعتبر البيع كأنه صادر إليه من البائع دون المشترى
(المنصورة الجزئية 8 ديسمبر 1924 المجموعة 26 رقم 46 ص85 المتقدم الوايلى الجزئية القاضي محمد وصفي أبو الذهب بك) 7 نوفمبر 1925 المحاماة 6 رقم 354 ص531 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1069، راجع استئناف مختلط 5 فبراير 1929 (41 ص196) المحاماة 9 رقم 552 ص 1020 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1081)
ومن بين الحقوق التي تؤول إلي المشترى بعقد البيع الصحيح أن تنقل الملكية إليه بشهر العقد بالتسجيل بغير حاجة إلي تدخل البائع وهذا الحق ينتقل إلي الشفيع، فله أن يطلب حلوله محل المشترى وشهر عقده بالطرق القانونية، حتى تنتقل إليه الملكية التي كانت تنتقل للمشترى لو انه سجل عقده .
(أسيوط الابتدائية 28 مايو 1925 المجموعة 26 رقم 46 ص83 المحاماة 6 رقم 113 ص162 المتقدم، المنصورة الابتدائية (دائرة على عبد الرازق بك والقاضي محمد زكى أباظة والقاضي كامل عزمي) 11 أكتوبر 1925 المحاماة 6 رقم 495 ص805 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1068)
وليس للبائع أن يشكو من ذلك فإنه تخلى عن الملكية، وهي لا تبقى لاصقه به بإرادته بل بإرادة غيره، وهو المشترى، وأما المشترى فإن احتماءه وراء عدم تسجيله عقده الذي هو من عمله ومن واجباته أن يقوم به، تلاعب غير مشروع وتحكم غير جائز في حق الشفيع والقانون لا يحمى الأعمال المنطوية على سوء النية
(مصر الابتدائية 10 مارس 1926 المجموعة 27 رقم 33 ص 51 المحاماة 7 رقم 16 ص21 المتقدم).
(8) أن الشارع خالف في قانون الشفعة القواعد العامة المدونة في قانون المرافعات فقضى بأن الأحكام الغيابية فيها لا تقبل المعارضة، كما قصر في ميعاد استئنافها وجله خمسة عشر يوما
ولم يقصد الشارع من ذلك إلا تقصير أمد النزاع بين أرباب المصالح في دعاوى الشفعة حتى يساعد على استقرار حالة الملكية العقارية،
لما رأي في ذلك من أوجه النفع، وهو لا يمكن إنكاره، فتأخير إبداء الرغبة حتى يسجل العقد يطيل أمد النزاع، ولا يساعد على استقرار حالة الملكية العقارية.
(مصر الابتدائية 10 مارس 1926 المجموعة 27 رقم 33 ص51 المحاماة 7 رقم 16 ص31 المتقدم، وقارن القانون الجديد كتابنا “الحقوق العينية الأصلية” الجزء الثالث بند 461).
(9) لا ضرر من عدم تسجيل عقد البيع، لأن تسجيل حكم الشفعة يقوم مقام تسجيل العقد.
(مصر الابتدائية 10 مارس 1926 المتقدم)
الرأى بعدم جواز الشفعة بالعقد العرفي
حجج القائلين بعدم جواز الشفعة في البيع غير المسجل
وقد استند من يقول بعدم جواز الشفعة على الأسباب الآتية :
(1) إن الشفعة كما عرفها الفقهاء هي تملك العقار المبيع كله أو بعضه، ولو جبرا على المشترى، بما قام عليه من الثمن والمؤمن ” (المادة 95 من مرشد الحيران) فالشفعة إنما هي في الملكية دون سواها)
إذا انتقلت بالبيع، فإذا لم تنتقل فلا شفعة وهي أثر من آثار البيع، وقد قضت المادة الأولى من قانون التسجيل (المادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقاري)، صراحة على أن العقد غير المسجل لا يكون له من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين المتعاقدين فنفت بذلك الشفعة
(مصر الابتدائية (دائرة على زكى العرابي بك والقاضي محمد شوقي والقاضي إبراهيم حلمي) 8 مارس 1927 المحاماة 7 رقم 441 ص715 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1077، الخليفة الجزئية (القاضي إبراهيم عارف بك) 28 يونيه 1926 المحاماة 7 رقم 168 ص239).
(2) أن القول بأن القانون لم يوجب رفع دعوى الشفعة على المالك الأصلي والمالك الجديد، بل قال برفعها على البائع والمشترى، وهاتان الصفتان تصدقان على البائع والمشترى حتى عند عدم تسجيل عقد البيع هو قول في غير محل، لأن العبرة ليست بالألفاظ، فنقل الملكية هو جوهر عقد البيع، والغرض الوحيد منه،
فإن كان العقد غير ناقل للملكية فهو ليس بيعا في الحقيقة، رغم تسمية المتعاقدين له بهذا الاسم، ولا يسميان بائعا ومشتريا رغم انتحالهما هاتين الصفتين، بل هما متعاقدان على عقد خاص ليس له من الأثر إلا الالتزامات الشخصية،
وقد كان البيع قبل قانون التسجيل بنقل الملكية في الحال بين المتعاقدين بمجرد العقد، وكان يصدق عليهما أنهما بائع ومشتر، أما بعد هذا القانون فلا يتم ذلك إلا بالتسجيل
(مصر الابتدائية 8 مارس 1927 المحاماة 7 رقم 441 ص 715 المتقدم، مصر المختلطة 9 ابريل 1925 جازيت 16 ص 303 رقم 304)
(3) لا محل للقول كذلك أن الشفعة ما شرعت إلا لمنع الأجنبي من أن يكون شريكا أو جارا للشفيع، والمشترى ولو لم يسجل عقده يكون في الواقع كذلك لا محل لهذا القول لأن الشفعة لا تكون إلا في الملك، فإذا لم يأت الأجنبي بصفة مالك فلا شفعة .
ولذلك فإن الإيجار مهما طالت مدته لا يعطى الحق في الشفعة، والمشترى غير المسجل ليس مالكا وليس له حق عيني على العيني، بل له مجرد حقوق شخصية قبل البائع، والشفعة هي حلول المشترى في الملكية لا في مجرد حقوق شخصية
(مصر الابتدائية 8 مارس 1927 المحاماة 7 رقم 441 ص715 المتقدم)
(4) إن القول بأن البائع قد فعل كل ما يلزم من جهته للتخلي عن ملكه ود يكون المشترى واثقا منه فيمتنع عمدا عن التسجيل لمنع الشفعة، والقانون لا يحمى الأعمال المنطوية على سوء النية،
هذا القول مدفوع بأن القانون إنما يحمى الشفيع بعد أن يتولد له حق الشفعة، وهذا الحق لا يولد إلا بانتقال الملكية وكل ما يمنع انتقالها لا ينع تولده،
ولا يمكن القول بحرمان الشفيع من حق الشفعة قبل وجوده وليس له إذا رأي أن العقد غير ناقل للملكية أن يكره المتعاقدين على إتمام الإجراءات الناقلة لها ليتولد له حق الشفعة كما ليس له أن يدعى هذا الحق قبل إتمام تلك الإجراءات
(مصر الابتدائية 8 مارس 1927 المحاماة 7 رقم 441 ص 715 المتقدم).
(5) طلب الأخذ بالشفعة في بيع لم يتم تسجيله هو طلب سابق لأوانه، لأن الشفعة وجدت لدرء الضرر الذي يلحق الشفيع من جراء تصرفات ينبني عليها حلول جار جديد أو شريك جديد يتسبب من وجودهما علاقات غير مرض بينهما وبين الشفيع، أو لوجود حقوق عينية تربط العقارين المملوكين للشفيع وللبائع بدرجة يحسن معها توحيد الملكية،
وهذه المشروعية تستلزم حتما وجود بيع تام بنقل الملكية من البائع إلي المشفوع منه، حتى يوجد حق الشفيع لدرء الضرر الذي ربما يناله من هذا التصرف، ولذلك فقد جاء في أحكام الشريعة أن الشفعة لا توجد إذا كان البيع قابلا للفسخ بالخيار وغيره، ولا شئ يمنع القضاء الحالي من الأخذ بهذه القاعدة، وقد سبق للقضاء المختلط أن اخذ بذلك،
حيث قرر أن الشفعة لا تجوز إلا في البيع البات دون البيع الموقوف على إتمام الإجراءات، أو البيع القابل للفسخ، كالبيع الوفائي. والبيع غير المسجل غير منشئ ولا ناقل للحقوق العينية أو لحق الملكية وأصبح اتفاقا بسيطا يعطى كلا من الطرفين حق الرجوع على الآخر بالالتزامات الشخصية
(استئناف مصر دائرة عطية حسنى باشا ومستر رافرتى ومحمد فهمي حسين بك) 10 يونيه 1926 المحاماة 7 رقم 154 ص214 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1074).
(6) أن الرأي القائل بجواز الشفعة في العقد غير المسجل لا يقوم إلا على إنكار التشريع الخاص بالتسجيل، الذي أدخل عمدا بنص صريح، وبني على أسباب صريحة لا تحتمل التأويل،
لأنه يجعل حكم البيع بعد صدور قانون التسجيل هو نفسه حكمه قبل صدوره ويعطيه بمجرد الاتفاق على كل نتائجه القانونية، متجاهلا النص على عدم انتقال الملكية، ولا يكون من الواضح حينئذ معنى هذا النص، ولا ما هي نتائجه العملية ولا ما هو الغرض من إيجاده
(مصر الابتدائية 8 مارس 1927 المحاماة 7 رقم 441 ص 715)
(7) إن قياس البيع غير المسجل على البيع بشرط الخيار للمشترى قياس مع فروق عدة، فإنه وان كان نقل الملكية في يد المشترى أن شاء سجل عقده وإن شاء امتنع،
فإنه يجوز للبائع في حالة عدم التسجيل أن يتفق مع مشتر آخر يبيع له العقار فيسجل عقده وتنتقل إليه الملكية نهائيا دون أن يكون البائع مسئولا أمام المشترى الأول إلا عن التزاماته الشخصية فقط، وليست هذه حالة البائع في البيع بشرط خيار المشترى
(قنا الابتدائية 25 يناير 1926 المحاماة 6 رقم 544 ص 875).
(8) إن القول بأن الشفيع لا يستمد حقه من المشترى مباشرة، بل هو يحل محله في جميع حقوقه وتعهداته، ويعتبر انه تلقى الملك من البائع، تحميل للمركز القانوني فوق ما يحتمل، لأن كل ذلك معلق على شرط انتقال الملكية من البائع للمشترى نهائيا، وهذه لا تحصل في البيع غير المسجل
(قنا الابتدائية 25 يناير 1926 المحاماة 6 رقم 544 ص 875 المتقدم)
(9) لا نزاع في القانون ولا في الشريعة في أنه يشترط لقبول حق الشفعة أن يصير المشترى مالكا نهائيا للعقار المبيع، كما أنه لا تصح الشفعة في البيع بشرط خيار البائع لأن خياره يمنع خروج المبيع عن ملكه وعقد البيع غير المسجل غير ناقل نهائيا للملكية فلا يترتب عليه إذن حق الشفعة
(مصر الابتدائية دائرة عبد الوهاب فهمي بك ومتري ميخائيل بك وجمال الدين أباظة بك) 3 نوفمبر 1924 المحاماة 5 رقم 295 ص333 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1065 قنا الابتدائية (دائرة حسن صادق رشيد بك والقاضي حسين منصور والقاضي عبد الحميد عمر وشاحي) 25 يناير 1926 المحاماة 6 رقم 544 ص875 الجدول العشري الأول للمحاماة رقم 1070)
(10) إن كثيرين من علماء القانون وفقهاء الشريعة الإسلامية وعددا كبيرا من أحكام المحاكم ذهبوا إلي أن الشفعة لا تجوز في حالة البيع الوفائي، والبيع المعلق على شرط فاسخ أو شرط واقف،
مع أنه في هذه الأحوال تنتقل الملكية من البائع إلي المشترى، ولكنها تكون مقيدة ببعض القيود، وقد حكمت محكمة الاستئناف في 21 نوفمبر سنة 1895 بأنه لا تصح الشفعة فيما يباع تحت شرط مجحف بنقل الملكية مثل أن المشترى لا يكون مالكا للمبيع ملكا تاما إلا بعد دفع آخر قسط،
فمن باب أولى أن لا تصح الشفعة في حالة بيع لم يسجل ولم تنتقل بمقتضاه الملكية من البائع إلي المشترى وخصوصا أن حق الشفعة حق استثنائي يجب عدم التوسع فيه حتى أن علماء الشرع قد توسعوا في مسقطات حق الشفعة وبالغوا في ذلك إلي حد أنهم أجازوا الحيل في إسقاطها
(قنا الابتدائية 25 يناير 1926 المحاماة 6 رقم 544 ص 875 المتقدم)
موقف محكمة النقض
لقد أخذت محكمة النقض بالرأي الأول القائل بجواز الشفعة ولو أن العقد لم يسجل:
فقد جاء في أحد أحكامها انه:
من المقرر أن ملكية الشفيع للعقار الذي يشفع به يجب أن تكون ثابتة وقت بيع العقار الذي يشفع فيه، وأن الشفعة جائزة في العقار المبيع ولو كان عقد البيع لم يسجل، وقد سبق للدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف أن بحثت هذا الموضوع، على ضوء النصوص الواردة في قانون الشفعة والتسجيل وأصدرت فيه حكما في 3 من ديسمبر سنة 1927 قالت فيه أن حق الشفعة الذي ينشأ من يوم البيع لا يمكن تعليقه على حصول تسجيل العقد أو القول بتولده من يوم التسجيل فقط، ومحكمة النقض. تقر هذا الحكم والمقدمات التي أقيم عليها
(نقض 15 فبراير 1945 مجموعة القواعد القانونية 4 رقم 209)
كما قضت بأن
من المقرر أن ملكية الشفيع للعقار الذي يشفع به يجب أن تكون ثابتة وقت بيع العقار الذي يشفع فيه، وأن الشفعة جائزة في العقار المبيع ولو كان عقد البيع لم يسجل، فإن حق الشفعة ينشأ من يوم البيع لا يمكن تعليقه على حصول تسجيل العقد أو القول بتولده من يوم التسجيل فقط
(طعن رقم 120 لسنة 14ق جلسة 22/2/1945)
وبأنه لما كان عقد البيع الابتدائي يتولد عنه بمجرد تمامه حق الشفعة لكل من قام به من أسبابها فإنه واجبا على الشفيع اختصام بائع البائع ولو اشترك الأول في التوقيع على العقد النهائي لتسهيل إجراءات التسجيل
( طعن رقم418 لسنة 21 ق جلسة 27/1/1955)
وبأنه من المقرر انه لا يشترط قانونا في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل أو ثابت التاريخ – لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن عقد البيع الصادر من الطاعن – المشترى الأول للعقار المشفوع فيه – إلي المطعون ضده الأخير – المشترى الثاني قد تم بتاريخ .. أي قبل تاريخ إعلان الرغبة الموجه من الشفيع – المطعون ضده الأول – إلي الطاعن والبائعين له – والذي تم تسجيله في … وكان الطاعن قد دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة
وادخل المطعون ضده الأخير المشترى منه في الدعوى. كما تمسك المدخل أيضا بالدفع بعدم قبول الدعوى لعدم توجبه طلب الشفعة إلي البيع الثاني الصادر إليه من المشترى الأول في …… والسابق على تاريخ إعلان الشفيع رغبته بالأخذ بالشفعة الموجه إليه المشترى الأول والبائعين له في ….
وعلى تاريخ تسجيله في …. وكان الشفيع المطعون ضده الأول وان ذهب ردا على ذلك الدفع أمام محكمة الدرجة الأولى إلي العزوف صراحة عن الطعن على البيع الثاني بالصورية بمقولة إنه لا حاجة لذلك – وهو ما سجله عليه الحكم الابتدائي وقضى على أساسه برفض دعواه إلا انه عاد أمام المحكمة الاستئنافية إلي التمسك بان العقد المذكور غير ثابت التاريخ
ومن ثم فلا يحتج به عليه باعتباره من الغير، هذا إلي انه عقد صوري صورية مطلقة دون حاجة إلي طلب تحقيق ذلك اكتفاء بما أورده من انه من صورة واحدة وغير موقع عليه من أي شاهد وأنه مقدم من البائع،
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في رده على هذا الدفع إلي القول بأنه يشترط لتطبيق نص المادة 938 من القانون المدني أن يكون البيع للمشترى الثاني ثابتا ثبوتا قاطعا على نحو ما توجيه المادة 15 من قانون الإثبات قبل تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة
وان كلا من الطاعن والمطعون ضده الأخير لم يوردا أي دفاع أو طلبات بشأن عدم ثبوت تاريخ العقد المذكور مما يقتضى الالتفات عنه لانتفاء الدليل على انه سابق على تسجيل إنذار الشفعة الحاصل في …
لما كان ما تقدم وكان هذا الذي ذهب وانتهي إليه الحكم يخالف صحيح القانون الذي لا يشترط في البيع الذي تجوز فيه الشفعة أن يكون بعقد مسجل أو ثابت التاريخ وأوجب على الشفيع في هذه الحالة أن يوجه طلب الأخذ بالشفعة إلي البيع الثاني متى كان سابقا لإعلان الرغبة أو تسجيله فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون”
(طعن رقم 864 لسنة 51ق جلسة 12/2/1985)
الخاتمة في جواز الشفعة بالعقد العرفي
في الختام نقول أنه قد اختلف الرأي بين الخبراء في جواز الشفعة بالعقد العرفي حيث ذهب فريق لجواز الأخذ بالشفعة ولو أن العقد لم يسجل وذهب فريق آخر لعدم جواز الشفعة لعدم نقل الملكية في البيع غير المسجل.
ومن الممكن أن يؤدي البيع غير المسجل إلى عدم جواز الشفعة حيث يتم تحويل الملكية بعد التسجيل فقط ومع ذلك يمكن للشفيع أن يتمتع بحق الشفعة في البيع غير المسجل، وذلك بناء على الأسباب الآتية:
ويمكن أن يحجم المشتري بإرادته عن تسجيل العقد، خصوصًا إذا كان مطمئنًا من جهة البائع له، ويستمر المشتري متمتعًا بالعقار المبيع بكل حقوق المالك، في حين أن الشفيع تصيبه جميع الأضرار التي شرع من أجلها حق الشفعة.
يمكن أن يكون البيع غير المسجل معلقًا على شرط إرادي، وفي هذه الحالة، يمكن أن يحجم المشتري بإرادته عن تسجيل العقد، ويستمر المشتري متمتعًا بالعقار المبيع بكل حقوق المالك، في حين أن الشفيع تصيبه جميع الأضرار التي شرع من أجلها حق الشفعة.
يمكن أن يكون البيع غير المسجل بيعًا عرفيًا وفي هذه الحالة يمكن أن يتمتع الشفيع بحق الشفعة في البيع غير المسجل.
ومن الممكن أن يكون هناك رأيان مختلفان في هذا الأمر ولكن يمكن للمحكمة أن تحكم بجواز الشفعة في البيع غير المسجل، ولو أن العقد لم يسجل بناء على الأسباب المذكورة أعلاه.
ختاما: وفي الأخير للمزيد ننوه عن المراجع المستخدمة في البحث وهي الوسيط للدكتور السنهوري وشرح القانون المدني للمستشار عزمي البكري .
مقال هل تجوز الشفعة في البيع غير المسجل
- انتهي البحث القانوني ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني
- زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات
- كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل
- كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع