أثر بيع الأغلبية علي الأقلية
سبق وان قدمنا حكم تصرف الشريك مشاعا منفردا وفي هذا البحث نعرض حكم تصرف الشركاء أو الأغلبية في المال الشائع سواء في كل المال الشائع أو في جزء منه
محتويات المقال
تصرف الشركاء مجتمعين أو الأغلبية
يتضمن نوعين من التصرف اما تصرف الشركاء مجتمعين في كل أو في جزء من المال الشائع أو تصرف الأغلبية منهم دون الأقلية في كل المال الشائع في جزء منه فما هى أحكام هذه التصرفات وفقا للقانون
نص المادة 826/1 مدني بالملكية التامة
نصت المادة 826/1 مدنى على أن
كل شريك فى الشيوع يملك حصته ملكاً تاما وله أن يتصرف فيها
وظاهر من هذا النص أن
للشريك أن يتصرف منفرداً فى حصته الشائعة أما إذا تصرف فى المال كله أو فى جزء مفرز منه ( مادة 826/2 مدنى ) فإن لهذا التصرف حكماً آخر فقد يتصرف الشركاء مجتمعين – أو تتصرف أغلبيه كبيره منهم ( مادة 832 مدنى ) فى المال الشائع كله ولهذا التصرف حكمه الخاص .
أذن فالتصرف قد يكون جماعيا فيصدر من الشركاء مجتمعين أو أغلبيه كبيره منهم وقد يكون فردياً فيصدر من الشريك منفردا وسوف يتم شرح ذلك فى مبحثين
تصرف الشركاء مجتمعين أو تصرف أغلبيه منهم
1 – تصرف الشركاء مجتمعين :
التصرف فى المال الشائع كله أو فى جزء منه
إذا أجمع الشركاء على التصرف فى المال الشائع كله فهذا حقهم ويكون التصرف صحيحاً نافذاً بالنسبه إليهم جميعاً فإذا كانت العين شائعه بين شريكين وباعها الشريكان معاً فإن هذا البيع إذا سجل ينقل الملكية إلى المشترى
ولا يمكن أن يكون لقسمة الأموال الشائعة الآخرى بين الشريكين آثر فى ذلك لأن الشريكين لما باعا العين فقد خرجت من ملكيتهما ولا يجوز أن تدخل فى إية قسمه بينهما بعد ذلك
وإنما هنا يثار سؤال فى مدى آثر القسمة فى التصرفات التى تصدر من الشريكين وتقرر للغير حقاً عينياً غير الملكية مثل حق الرهن أو حق الأنتفاع ؟
فإذا رهن الشريكان معا المنزل الشائع وإقتسما بعد ذلك المنزل والأرض فوقع المنزل فى نصيب أحدهما فإنه يقع مثقل بحق الرهن ولا يستطيع هذا الشريك ان يحتج بإنه كان لا يملك المنزل وقت أن رهنه إلا جزءاً شائعاً فلا يبقى الرهن على المنزل إلا فى حدود هذا الجزء أما الباقى فيعتبر مرهوناً من شريكه الآخر وقد تبين بعد القسمة إنه غير مالك له فيظل الرهن الصادر منه ولا يستطيع الشريك أن يحتج بذلك بل يبقى الرهن كله قائماً على المنزل بعد القسمة .
وقد طبق التقنين المدنى تشريعيا هذ المبدأ فى الرهن الرسمى فنصت المادة (1039/1) منه على أن
يبقى نافذا الرهن الصادر من جميع الملاك لعقار شائع أيا كانت النتيجة التى تترتب على قسمة العقار فيما بعد أو على بيعه لعدم إمكانية قسمته “
كذلك إذا تصرف جميع الشركاء فى جزء مفرز من المال الشائع كان تصرفهم صحيحاً نافذا فى حق الجميع أيا كانت نتيجة القسمة فيما بعد فلو أن هناك أرض شائعة بين ثلاثة بالتساوى ورهن الثلاثة من هذه الأرض جزء مفرزاً يعادل ثلثها فإن هذا الرهن يلزمهم جميعاً .
وإذا إقتسموا الأرض كلها بعد ذلك ووقع الثلث المفرز المرهون فى نصيب أحدهم لزمه الرهن ولم يستطيع أن يحتج بالقسمة على الدائن المرتهن بدعوى إنه لم يرهن من الثلث المفرز إلا ثلثه
وإن ما تم ذكر على الرهن الرسمى يسرى على رهن الحيازة وكذلك ينطبق المبدأ فى حالة تقرير حق عينى أصلى على المال الشائع من جميع الشركاء كتقرير حق إنتفاع أو حق إرتفاق .
2 – تصرف أغلبية من الشركاء
تنص المادة ( 832 ) مدنى على
” للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا التصرف فيه إذا إستندوا فى ذلك إلى أسباب قويه على أن يعلنوا قراراتهم إلى باقى الشركاء ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الأعلان وللمحكمه عندما تكون قسمة المال الشائع ضاره بمصالح الشركاء أن تقرر تبعاً للظروف ما إذا كان التصرف واجباً ” .
ويتبين من هذا النص
إنه بالرغم من أن التصرف فى المال الشائع يقتضى إتفاق جميع الشركاء إلا إنه قد تعرض ظروف هامة وتقوم أسباب قوية تستدعى التصرف فى هذا المال ومع ذلك يتعذر إجماع الشركاء على التصرف .
ففى هذه الحالة الإستثنائية تدخل المشرع وأجاز لأغلبية كبيرة من الشركاء أن تقرر التصرف فى المال الشائع مع إعطاء الأقلية المعارضة الضمانات الكافية .
ما هى الأسباب القويه التى تستدعى التصرف فى المال الشائع ؟
قد يسوء إستغلال المال الشائع وهو باق على الشيوع ولا توجد طريقه لتلافى ذلك ويظهر من وجهة آخرى أن قسمة المال بين الشركاء ضار بمصالحهم فعندئذ يتبين إنه من الأصلح ليس هو بقاء الشيوع أو القسمة بل هو التصرف فى المال الشائع وقد تواتى فرصة يمكن معها التصرف فى المال الشائع فى صفقة رابحة يخشى من فواتها وألا تعود
أو قد يتعذر إدارة المال الشائع بالرغم من وجود كافة الوسائل التى هيأها القانون لإدارته وتكون القسمة العينية ضارة بالشركة ويكون التصرف فى المال الأجنبى عن الشركاء هو خير وسيله لقسمته .
وقد تحتاج العين الشائعة إلى ترميم أو تعمير يستدعى نفقه ولا سبيل إلى الحصول على المال اللازم لذلك إلا عن طريق رهن العين
وكالتصرف فى العين الشائعة كلها كالتصرف فى جزء مفرز منه فتقوم أسباب قوية تستدعى ليس التصرف فى جميع العين الشائعة بل فى جزء مفرز منها فقط ويتعذر إجماع الشركاء على هذا التصرف فيجوز للأغلبيه التصرف من هذا الجزء المفرز من باب أولى .
الأغلبية اللازمة لتقرير التصرف
ما هى الأغلبية اللازمة لتقرير التصرف فى المال الشائع :
مادام إجماع الشركاء متعذرا وأن هناك أسباب قوية للتصرف فلابد أذن من الترخيص فى شرط الأجماع والأكتفاء بأغلبية كبيرة وذلك فى مصلحة جميع الشركاء
وقد وضع القانون لهذا الوضع الضوابط والتى إشترطها بأن تكون هذه الأغلبية هى عدد من الشركاء يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع وهى نفس الأغلبيه المقرره لإدارة المال الإداره غير المعتاده والعدد الذى يملك هذا القدر قد يكون قليلاً أو كبيراً أو قد يكون شريكاً واحداً
الضمانات المعطاة للأقلية
لم يترك القانون الأقلية دون حماية كما قرر لها الحماية فى الإدارة غير المعتادة :
- فالقرار الذى يصدر من الأغلبيه بالتصرف فى المال الشائع لا يكون نافذا بل يجب على الأغلبية إعلانه للأقلية ويكون الأعلان بأية طريقه – على يد محضر أو كتاب مسجل أو غير مسجل أو إخطار شفوى
- ويقع عبء الأثبات بالنسبه للأعلان على الأغلبية لأى شريك من فريق الأقلية فى خلال شهرين من وقت إعلانه بقرار الأغلبية أن يعارض فى هذا القرار أمام المحكمة المختصة
- وإذا لم يعارض أحد خلال الشهرين أصبح قرار الأغلبية نافذاً وملزما للأقلية .
وللمحكمة أن تفحص أولاً وتتأكد من قيام أسباب قوية تستدعى التصرف فى العين الشائعة
فإن لم تقتنع بذلك ألغت قرار الأغلبية وفى حالة إقتناعها بقيام هذه الأسباب القوية فإنها تنتقل بعد ذلك إلى النظر فيما إذا كان من الحكمة قسمة العين قسمه عينيه لتخليص الشركاء من الشيوع وإطلاق يد كل واحد فى نصيبه مفرزاً فلا يعود الآمر فى حاجة إلى فرض قرار الأغلبية على الأقلية وإذا رأت المحكمة أن القسمة العينية لا تضر بمصالح الشركاء أمرت بها ولو من تلقاء نفسها دون أن يطلبها أحد من الشركاء .
أما إذا تبينت المحكمة أن القسمة العينية ضارة بمصالح الشركاء :
فإنها تنتقل أخيرا إلى تقرير ما إذا كان التصرف الذى قررته الأغلبية تصرف حكيما تبرره الظروف القائمة وليس فيه غبن فادح فهى فى النهاية تقدر تبعاً للظروف ما إذا كان التصرف واجباً وإن رأته واجباً أمرت بتنفيذه بعد إعطاء الأقلية الضمانات المعقولة للإستيثاق من صواب هذا القرار وإن رأته غير ممكن ألغت قرار الأغلبية ولم يعد التصرف ممكنا بعد ذلك إلا بإجماع الشركاء .
السند القانوني لحق الأغلبية في بيع المال الشائع
السند بحق تصرف الأغلبية في بيع المال الشائع هو نص المادة 832 من القانون المدني التى تنص علي :
للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا التصرف فيه إذا استندوا في ذلك إلى أسباب قوية على أن يعلنوا قراراتهم إلى باقي الشركاء ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان وللمحكمة عندما تكون قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء أن تقدر تبعا للظروف ما إذا كان التصرف واجبا
شروط صحة تصرف الأغلبية ببيع المال المشاع
لصحة تصرف أغلبية الشركاء مشاعا في بيع المال الشائع يشترط ووفقا لنص المادة 832 الشروط التالية :
- أن يكون الحد الأدنى للشركاء للمطالبين بالتصرف في كامل المال الشائع يمتلكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع.
- يجب إعلان قرار بيع العقار الذي اتخذه ملاك ثلاثة أرباع المال الشائع على الأقل -قبل التصرف- إلى باقي الملاك من الأقلية المتبقية بأي صورة سواء خطاب مسجل أو محضر شرطه ولكن لابد وصول العلم لهم ونرى يفضل أن يتم بطريق إنذار على يد محضر.
- أن تكون هناك أسباب قوية تدعو للتصرف في المال الشائع.
- وجوب إمهال باقي ملاك الأقلية من الشركاء مدة الشهرين قبل التصرف في المال ولملاك الباقي -الذي لا يتجاوز ربع العقار- الحق في اللجوء إلى القضاء خلال ذلك الأجل.
- إذا تم اللجوء للقضاء من الأقلية خلال الموعد المحدد -الشهرين- فيشترط حتى يكون التصرف في المال واجب أن يثبت لدى المحكمة أن قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء فلها أن تقدر تبعا للظروف ما إذا كان التصرف واجبا”.
تصرف الأغلبية للمال الشائع في قضاء النقض الحديث
المقرر في قضاء محكمة النقض أن مؤدى نص المادة ٨٣٢ من القانون المدني أنه بالرغم من أن التصرف في المال الشائع يقتضى اتفاق جميع الشركاء إلا أنه يتعذر إجماع الشركاء على التصرف فأجاز المشرع للأغلبية من الشركاء أن تقرر التصرف في المال الشائع مع إعطاء الأقلية غير الموافقة الضمانات الكافية وهى إعلانها بذلك القرار بأية طريقة سواء أكان ذلك بإعلان على يد محضر أو كتاب مسجل أو غير مسجل أو إخطار شفوي ولأي شريك من فريق الأقلية في خلال شهرين من وقت إعلانه بقرار الأغلبية أن يعارض في هذا القرار أمام المحكمة المختصة فإن لم يعارض أحد في خلال شهرين أصبح قرار الأغلبية نافذاً وملزماً للأقلية
الطعن رقم ١٦٢٣١ لسنة ٧٩ قضائية الصادر بجلسة ٢٠١٩/٠٢/٢٥
النص في المادة ٨٣٢ من القانون المدني على أنه
للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا التصرف فيه إذا استندوا في ذلك إلى أسباب قوية على أن يعلنوا قراراتهم إلى باقي الشركاء و لمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان و للمحكمة عندما تكون قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء أن تقدر تبعاً للظروف ما إذا كان التصرف واجباً
مفاده أن
المشرع و إن خول أغلبية الشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع الحق في أن يقرروا التصرف فيه كله دون الرجوع إلى باقي شركائهم أصحاب الأقلية إلا أنه اشتراط لذلك إعلان هؤلاء بالقرار حتى إذا لم يصادف قبولا لدى أي منهم كان له حق الاعتراض عليه أمام المحكمة خلال شهرين من وقت إعلانه به و مؤدى ذلك أن المعول عليه في انفتاح ميعاد الاعتراض على قرار الأغلبية هو بإعلانهم أصحاب الأقلية به مما لا يغنى عنه الإعلان الحاصل من غيرهم أو علم أصحاب الأقلية بهذا القرار بأي طريقة أخرى و لو كانت قاطعة
الطعن رقم ١٥٣١ لسنة ٥١ قضائية الصادر بجلسة ١٩٨٥/١٢/٣١مكتب فنى – سنة ٣٦ – قاعدة ٢٦١ – صفحة ١٢٦٣
أن النص في 832 من التقنين المدني على أن
للشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا التصرف فيه إذا استندوا في ذلك إلى أسباب قوية على أن يعلنوا قراراتهم إلى باقي الشركاء ولمن خالف من هؤلاء حق الرجوع إلى المحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان وللمحكمة عندما تكون قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء أن تقدر تبعا للظروف ما إذا كان التصرف واجبا
يدل على
أن التصرف أيا كان نوعه ينبغي صدور قرار به من أغلبية خاصة تمثل ثلاثة أرباع المال الشائع على الأقل ويلزم أن يكون قرار الأغلبية مبنيا على أسباب قوية وللأقلية من الشركاء حق التظلم إلى المحكمة المختصة خلال شهرين من تاريخ إعلانهم بالتصرف بأي طريق، وللمحكمة أن تقدر ما إذا كان التصرف واجبا من عدمه وإذا لم يعارض أحد في هذا الميعاد أصبح قرار الأغلبية نافذا وملزما للأقلية.
الطعن رقم 284 لسنة 41ق – جلسة 11/1/1982
في الختام ننوه بصدد حق أعلبية الشركاء مشاعا في بيع المال الشائع دون موافقة الأقلية أن الأغلبية تحدد علي أساس مجموع الأنصبة والحصص في المشاع وليس علي علي عدد الأفراد المشاع بمعني أنه قد تكون الأغلبية لفرد واحد فقط من المال الشائع في مواجهة عشرة شركاء أخرين طالما أن هذا الفرد حصته تمثل 4/3 المال الشائع فيكون هو صاحب الأغلبية والعشرة أفراد هم الأقلية