مادة 488 مدني: الهبة المستترة وعدم اشتراط الرسمية

الهبة المستترة في القانون

الرسمية شرط لصحة الهبة ولكن هناك استثناءات منها الهبة المستترة وعدم اشتراط الرسمية فيها وهي الهبة المستترة في صورة عقد بيع فقد يحرر المورث لأحد ورثته عقد بيع ولكن في الحقيقة ستر تصرفا أخر كالهبة وهذا هو موضوع البحث الهبة المستترة وشروطها وأركانها

الهبة المستترة في القانون

الهبة المستترة

تنص المادة 488 مدني علي:

  1.  تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر.
  2.  ومع ذلك يجوز في المنقول أن تتم الهبة بالقبض، دون حاجة إلى ورقة رسمية.

   الهبة المستترة في القوانين العربية 

هذه المادة تقابل من مواد نصوص القوانين العربية ؛ المادة 456 سوري؛ المادة 477 ليبي ؛ المادة 602 عراقي ؛ المادة 509 لبناني.

وقد ورد هذا النص في المواد 660 – 662 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي (م660) :

  • 1- تكون هبة العقار بورقة رسمية، وإلا وقعت باطلة.
  • 2- عسى أنه إذا تمت الهبة تحت ستار عقد آخر جاز للغير حسن النية أن يتمسك بالعقد المستتر أو بالعقد الآخر وفقاً لما تقضي به مصلحته فإذا تعارضت مصالح ذوي الشأن، فتمسك البعض بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر، كانت الأفضلية للأولين” (م661)

لا تتم هبة المنقول إلا بتسليم الموهوب تسليما فعليا وقبضه (مادة 662) :

“إذا تمت الهبة في صورة اشتراط لمصلحة الغير، فلا يشترط فيها شكل خاص، إلا الشكل الذي قد يتطلبه العقد ما بين المشترط والمتعهد”.

وفي لجنة المراجعة عدلت هذه النصوص لاستيفاء الأحكام التي كان معمولا بها في التقنين السابق قيما يتعلق بشكل الهبة في العقار والمنقول والهبة المستترة والهبة اليدوية باعتبار أن هذه الأحكام قد ألفها المتعاملون منذ وقت طويل ولم يجد ما يدعو إلى تغييرها،

فأصبحت المادة 660 مطابقة لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد وحذفت المادتان 661 و 662، الأولى لأن حكمها مستفاد من المادة 660 بعد تعديلها والثانية لأن حكمها وارد في الاشتراط لمصلحة الغير،

وصار رقم النص المستبقى 515 في المشروع النهائي، ووافق عليه مجلس النواب وفي لجنة مجلس الشيوخ اقترح أن يضاف النص الآتي ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح فليس ثمة ما يدعو إلى تعريف القبض على هذه الصورة بالنسبة إلى الهبة بخصوصها ووافقت لجنة مجلس الشيوخ على المادة دون إضافة، ووافق مجلس الشيوخ عليها كما أقرتها لجنته، وأصبح رقمها 488.

(مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 248 – 251)
وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه

واستمد المشروع الأحكام الموضوعية في الهبة من الشريعة الإسلامية وبخاصة من كتاب الأحوال الشخصية لقدري باشا وعرض المشروع للوعد بالهبة وللهبة في مرض الموت ولهبة ملك الغير وللهبة المقترنة بشرط مستحيل أو بشرط غير مشروع وللهبة المشروط فيها عدم التصرف وللهدايا إذا فسخت الخطبة

وقرر أن الهبة يجب أن تكون في ورقة رسمية إلا إذا كانت مستترة تحت ستار عقد آخر أو كانت هبة منقول تم تسليمه واتخذ البيع نموذجاً تسير الهبة على غراره فهناك التزامات في ذمة الواهب هي نقل ملكية الموهوب وتسليمه وضمان الاستحقاق وضمان العيب أما الموهوب له فلا يكاد يلتزم بشيء لأن الهبة تبرع له إلا أن الواهب قد يشترط العوض فيلزم الموهوب له بأدائه

الهبة المستترة بالمادة 488 مدني

 

1- الهبة هى فى الأصل عقد شكلى وهى من العقود الشكليه النادرة التى بقيت حتى اليوم بعد أن أصبحت الكثرة الغالبة من العقود رضائية تتم بمجرد تلاقى الإيجاب والقبول .

وقد إعترض بعض الفقهاء على هذه الشكلية فى  عقد الهبة ولكن يبرر الشكلية فى الهبة أنها عقد خطير لا يقع إلا نادراً ولدوافع قوية .

والورقة الرسمية بما تتضمنه من إجراءات معقدة وما تستتبعه من جهر وعلانية وما تسلتزمه من وقت وجهد ، نافعة كل النفع لحماية الواهب ولحماية أسرته بل ولحماية الموهوب له نفسه .

وإذا كان القانون إستغني عن الرسمية في المنقول بالقبض فذلك أثر من الآثار الباقية في إيثار العقار علي المنقول في وجوه الحماية علي  أن القبض أكثر ملاءمة لطبيعة المنقول ، وهو عمل مادي كفيل بأن ينبه الواهب إلي خطر أقدم عليه ، إذ يتجرد به عن حيازة الشئ الموهوب .

ويجب في بيان شكل الهبة أن تميز بين العقار والمنقول ، فهبة العقار لا تتم إلا بورقة رسمية، أما هبة المنقول فتتم إما بورقة رسمية وإما بالقبض ، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 488 مدني .

وهبة العقار في مصر لا تتم إلا بورقة رسمية يحررها موثق العقود بمكتب الشهر العقاري :

والقبض في هبة المنقول ليس إجراء واجبا إلي جانب الورقة الرسمية بل هو إجراء يغني عن الرسمية فلا محل إذن للجمع بين الإجرائين الرسمية والقبض فنص المادة 488 مدني عام يشمل المنقول والعقار بالنسبة للرسمية في الهبة .

وإذا اختل شكل الهبة في العقار أو في المنقول فإن الهبة تكون باطلة بطلانا مطلقاً ولا تتنج أثراً فيبقي المال الموهوب ملكاً للواهب يستطيع أن يتصرف فيه كما يريد ولا ينتقل الملك إلي الموهوب له فلا يستطيع هذا أن يطالب بتسليمه المال ولا يستطيع أن يتصرف فيه .

ويجوز للواهب أن يرفع دعوي البطلان وأن يتمسك بالبطلان دفعاً في دعوى يرفعها عليه الواهب كما يجوز لأي ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان فيتمسك به ورثة الواهب والخلف الخاص كمشتر من الواهب

وإذا كان الواهب قد سلم الشئ الموهوب له  وإنقضت دعوي البطلان بالتقادم  جاز للواهب أن يرفع دعوى إستحقاق يسترد بها  العقار ولا يستطيع الموهوب له أن يدفع هذه الدعوى بالتقادم فإن الدفوع لا تتقادم .

والهبة الباطلة لا تصححها الأجازة وكل ما يستطيع المتعاقدان عمله هو أن يعيد إبرام العقد من جديد مستوفياً الشكل المطلوب .

(الوسيط-5- الدكتور السنهوري- ص43 وما بعدها)

2- أوجبت المادة 488/1 مدني أن تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة والرسمية ركن لإنعقاد الهبة وليست طريقاً لإثباتها والحكمة فيها حماية الواهب ومقررة لمصلحته وحده .

والغالب أن يتضمن المحرر الرسمي رضاء الطرفين وليس ما يمنع أن يكون كل من الإيجاب والقبول في ورقة مستقلة وفي هذه الحالة لا يجب أن يكون رسمياً إلا المحرر المتضمن إيجاب الواهب أما قبول الموهوب له فيجوز أن يكون في محرر عرفي .

 وتختص بتحرير الهبة مكاتب التوثيق وقد أوجب الشارع علي الموثق أن يثبت من أهلية المتعاقدين ورضائهم قبل إجراء التوثيق .

 وجزاء مخالفة نص المادة 488/1 مدني هو البطلان المطلق بما يستتبعه هذا البطلان من آثار فالهبة التي لا تستوفي الرسمية تعتبر باطلة أو منعدمة عند من يفرقون بين البطلان المطلق والإنعدام لأن الشكل ركن لإنعقادها وليس شرطا لصحتها أو دليلا لإثباتها يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان ولا يزول بالأجازة ، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها .

( العقود المسماه- للدكتور محمود جمال الدين زكي -ص 93 وما بعدها)

شكل عقد الهبة

لقد اشترط المشرع في الهبة الشكلية وذلك لأنها عقد له خطره إذ يتجرد الواهب عن ماله دون عوض مما يتطلب التأني والتدبر وتعين الشكلية على ذلك حيث أنها تستلزم إجراءات عديدة تدعو الواهب إلى التفكير والتدبر بما يقتضيه من وقت.

 الرسمية في الهبة

تنص المادة 488 مدني على أنه

  • 1- تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر.
  • 2- ومع ذلك يجوز في المنقول أن تتم الهبة بالقبض، دون حاجة إلى ورقة رسمية
فيبين من نص الفقرة الأولى من هذه المادة أنه

الهبة لا تتم إلا بورقة رسمية وإلا كانت باطلة ويستثنى من ذلك أن تتم تحت ستار عقد آخر أي أن يكون هناك  محرر عرفي  تفرغ فيه الهبة في صورة عقد آخر كالبيع مثلاً.

وعلى ذلك فالرسمية ركن لانعقاد العقد وليست طريقاً لإثباته والغالب أن يتضمن المحرر الرسمي رضاء الطرفين أي الإيجاب والقبول ولكن ليس هذا ضرورياً فليس ثمة ما يمنع من أن يكون كل من الإيجاب والقبول في ورقة مستقلة وفي هذه الحالة لا يجب أن يكون رسمياً إلا المحرر المتضمن إيجاب الواهب أما قبول الموهوب له فيصح أن يكون في محرر عرفي

(محمود جمال الدين زكي ص89- السنهوري ص51)

ويجب أن تتضمن الورقة الرسمية جميع شروط الهبة أي جميع عناصر الهبة من مال موهوب وواهب وموهوب له وجميع الشروط التي قد يحتويها هذا العقد من عوض والتزامات مفروضة على الموهوب له ولا يجوز أن تستكمل هذه الورقة الرسمية في عنصر من عناصر الهبة أو في التزام فيها بورقة عرفية وإلا كانت الشكلية ناقصة وكانت الهبة باطلة،

وإنما يجوز تفسير عقد الهبة فيما اشتمل عليه من عناصر والتزامات وشروط، بأوراق عرفية أو بمراسلات أو بدلائل مادية أو ببينة أو بقرائن أو بغير ذلك مما يستعان به عادة في تفسير العقود فإن عقد الهبة يفسر بالطرق ذاتها التي تفسر بها سائر العقود

(السنهوري ص40)
ويخضع شكل الهبة لقانون البلد الذي تمت فيه عملاً بالمادة 30 من التقنين المدني التي تجري على أن

العقود ما بين الأحياء تخضع في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه، ويجوز أيضاً أن تخضع للقانون الذي يسري على أحكامها الموضوعية كما يجوز أن تخضع لقانون موطن المتعاقدين أو قانونهما الوطني المشترك”.

وتختص بتحرير الهبة مكاتب التوثيق التي صدر بإنشائها القانون رقم 68 لسنة 1947 (المعدل) بشأن التوثيق، كما هو الشأن في جميع المحررات الرسمية وذلك طبقاً للأوضاع التي قررها ذلك القانون.

 شكل الهبة في العقار وشكلها في المنقول

 يجب في بيان شكل الهبة أن نميز بين  العقار والمنقول .

 شكل الهبة في العقار :

 الهبة في العقار لا تتم إلا بورقة رسمية وعلى المتعاقدين أن يتقدما لأي مكتب من مكاتب التوثيق؛ وليس ضرورياً أن يكون هو مكتب التوثيق الذي يوجد في دائرته العقار الموهوب فقد يكون هذا العقد في إحدى محافظات الصعيد وتوثق الهبة في مكتب للتوثيق بالقاهرة ويقوم الموثق بتوثيق عقد الهبة بعد دفع الرسم المستحق

ويجب عليه قبل إجراء التوثيق أن يثبت من أهلية المتعاقدين، ورضائهما وله أن يطلب إثباتاً لأهلية المتعاقدين وتقديم ما يؤيد تلك الأهلية من مستندات كشهادة ميلاد أو شهادة طبية أو مستند آخر،

وإذا تمت الهبة بوكيل فعلى الموثق أن يتأكد من أن مضمون الهبة لا يجاوز حدود الوكالة، ولا يجوز التوثيق إلا بحضور شاهدين كاملي الأهلية مقيمين بالإقليم المصري ولهما إلمام بالقراءة والكتابة ولا صالح لهما في الهبة ولا تربطهما بالمتعاقدين أو بالموثق صلة قرابة أو مصاهرة لغاية الدرجة الرابعة

وعلى الشاهدين أن يوقعا  عقد الهبة مع المتعاقدين والموثق ويجب على الموثق قبل توقيع المتعاقدين على الهبة أن يتلو عليهما الصيغة الكاملة للعقد وأن يبين لهما الأثر القانوني المترتب عليه،

وإذا اتضح للموثق عدم توافر الأهلية أو عدم توافر الرضا لدى المتعاقدين أو إذا كانت الهبة المطلوب توثيقها ظاهرة البطلان كأن كان المال الموهوب مال مستقبلا كان للموثق أن يرفض التوثيق وأن يعيد المحرر إلى ذوي الشأن بكتاب موصى عليه مع إبداء الأسباب

(السنهوري ص71)

وللمتعاقدين التظلم إلى قاضي الأمور المستعجلة خلال عشرة أيام من إبلاغ الرفض ولهما أن يطعنا في قرار القاضي أمام غرفة المشورة وقرارها وقرار القاضي لا يحوز قوة الأمر المقضي في موضوع الهبة ومتى تم التوثيق يحتفظ مكتب التوثيق بالأصل ويسلم صورة تنفيذية لكل متعاقد، ويرسل صورة إلى المكتب الرئيسي بالقاهرة لحفظها فيه.

 شكل الهبة في المنقول

هبة المنقول

يصح أن تتم بورقة رسمية كما يصح أن تتم بالقبض وتسمى الهبة هنا هبة يدوية، ولا يتم الوعد بالهبة اليدوية إلا بورقة رسمية لأن القبض لا يقع فإن تم الوعد بورقة عرفية كان باطلاً

ويتم القبض بالكيفية التي يتم بها تسليم المبيع فقد يكون التسليم والتسلم الفعلي للمنقول بالمناولة أو بوضع المنقول تحت تصرف الموهوب له ولو لم يستول عليه وقد يكفي القبض الحكمي في هبة المنقول

كما يكفي في تسليم المبيع م 431 بشرط تجرد الواهب عن حيازة الشيء ولو استعادها فلا يعتبر قبضاً حكمياً بقاء الشيء الموهوب في حيازة الواهب ولو غير الأخير صفته من مالك إلى مستعير مثلاً. وبالتالي يكون القبض في هبة المنقول ركناً وليس التزاما

(أنور طلبة ص70)
وترد الهبة اليدوية على المنقولات المادي والمعنوية

فإذا وهب شخص لآخر نقودا أو مجوهرات أو كتباً وقبضها الموهوب له تمت الهبة كذلك إذا جهز الأب ابنته وسلمها الجهاز تمت الهبة وليس للأب أو لورثته استرداد الهتاز أما إذا لم يسلمه فلا تملكه

وإذا سلمه لها في  مرض الموت  كان في حكم الوصية، وإذا كانت البنت قاصرة فشراء أبيها الجهاز يكفي لتمام الهبة لأن الأب يقوم مقام ابنته القاصرة في القبض فكأنها هي التي قبضت الجهاز

ويصح أن ترد الهبة اليدوية في التقنين المصري الجديد على السندات، سواء كانت لحاملها (au porteur) أو كانت تحت الإذن (a ordre) أو كانت سندات اسمية (titres nominatifs) فهذه كلها منقولات

وإن كانت منقولات معنوية ويقبضها الموهوب له بالتسلم الفعلي في السندات لحاملها وبالتظهير مع تسلم السندات في السندات تحت الإذن وينقل السند إلى اسمه طبقاً للإجراءات المقررة لذلك مع تسلم السند في السندات الإسمية 

أما في فرنسا فترد الهبة اليدوية على السندات لحاملها دون غيرها، لأنها في حكم المنقولات المادية

ولا ترد الهبة اليدوية على السندات تحت الإذن ولا على السندات الإسمية. ويصح أن ترد الهبة اليدوية في التقنين المدني المصري الجديد على الديون (créances) وإن كانت منقولات معنوية، فيجوز إذن أن يحول الدائن لأجنبي الدين الذي له في ذمة المدين وفقاً للإجراءات المقررة في حوالة الحق

وتكون الحوالة على سبيل التبرع، ثم يتسلم الموهوب له سند الدين وهذا هو القبض. أما الملكية الأدبية والفنية والصناعية، كحقوق المؤلف وبراءة الاختراع والعلامات التجارية وغير ذلك، فهذه تنظمها قوانين خاصة فلا ترد على هذه الحقوق الهبة اليدوية، لا في فرنسا ولا في مصر

ولكن ذلك لا يمنع من أن ترد الهبة اليدوية على نتاج هذه الملكية إذا كانت منقولاً، فترد على كتاب بالذات هو نتاج حق المؤلف، أو على تمثال أو على صورة زيتية أو نحو ذلك وهذا هو نتاج حق الفنان، كذلك المتجر (fons de commerce) وإن كان منقولاً يخضع لقانون خاص ينظمه،وكذلك السفن، فهي تخضع لنظم خاصة.

(السنهوري ص 52)

 الإثبات في الهبة اليدوية

لم يستثن المشرع هبة المنقول إذا تمت بالقبض إلا من الرسمية، ومعنى هذا خضوعها – فيما عدا ذلك – للقواعد الموضوعية الخاصة بعقد الهبة وللمبادئ العامة في إثبات الالتزام. وعلى ذلك يجب إثبات الهبة فيما بين المتعاقدين بالكتابة إذا جاوزت قيمة الموهوب خمسمائة جنيه، ما لم يوجد مانع من الحصول على الكتابة.

فإذا كان مدعي الهبة غير حائز للمنقول، فإنه يتعين عليه إثبات عقد الهبة وفق هذه القواعد ثم يثبت أنه قبض المنقول ثم فقد حيازته. ويجوز إثبات واقعة القبض بكافة طرق الإثبات القانونية باعتبارها واقعة مادية.

أما إذا كان مدعي الهبة حائزاً للمنقول فإن الحيازة تكون قرينة على الملكية حتى يقيم الوارث الدليل على أنه غير مالك فقد تكون الحيازة معيبة بالغموض والخفاء وهذه العيوب، وقائع مادية يثبتها بجميع الطرق وقد لا يطعن الوارث في  الحيازة  ذاتها ولكن في عقد الهبة فيدعي صدوره في مرض الموت أو صدوره نتيجة لاستغلال أو تسلط واستهواء وكل هذه وقائع مادية يستطيع الوارث أن يثبتها بجميع الطرق بما فيها البينة والقرائن.

 جزاء الإخلال بشكل للهبة

إذا اختل شكل الهبة في العقار أو في المنقول على النحو الذي أسلفناه، فإن الهبة تكون باطلة بطلاناً مطلقاً، ولا تنتج أثراً، فيبقى المال الموهوب ملكاً للواهب يستطيع أن يتصرف فيه كما يريد ولا ينتقل الملك إلى الموهوب له فلا يستطيع هذا أن يطالب بتسليمه المال ولا يستطيع أن يتصرف فيه.

ويجوز للواهب أن يرفع دعوى البطلان، وأن يتمسك بالبطلان دفعاً في دعوى يرفعها عليه الواهب، كما يجوز لأي ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان.

وقد قضت محكمة النقض بأن

لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على ما خلص إليه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى من أن مورث المطعون عليهما الثالثة والرابعة قام بتنفيذ ما التزم به في البند الحادي عشر من عقد الصلح المؤرخ .. من تقرير حق إرتفاق على عقاره وذلك بترك ستة أمتار من هذا  العقار ورتب على ذلك عدم جواز المطالبة باسترداد هذا الحق بعد أن تم التنازل عنه اختياراً عملاً بالمادة 489 من القانون المدني باعتباره أن هذا التنازل هبة باطلة لعيب في الشكل لصدوره بغير مقابل دون إفراغه في ورقة رسمية، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمل قضائه

(الطعن رقم 614 لسنة 55ق جلسة 30/11/1988)

وبأنه متى كان موضوع التداعي التزاما غير قابل للانقسام كما هو الشأن في طلب بطلان عقد هبة لعدم استيفاءه الشكل الرسمي فإنه – طبقاً للفقرة الأولى من المادة 302 من القانون المدني – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – إذا تعدد الدائنون أو تعدد ورثة الدائن جاز لكل منهم أن يطالب بأداء الالتزام كاملاً

ومؤدى هذا أن الطاعنين وهم ورثة الدائن أي من له التمسك ببطلان إلزامه بالعقد باعتباره هبة لم تتخذ الشكل أن يتمسكوا بهذا البطلان مجتمعين أو منفردين وينبني على هذا أن بطلان الطعن من واحد أو أكثر منهم لا يحول دون قيامه متى صح بالنسبة لطاعن آخر أو أكثر منهم

إذا كان ذلك فلا محل لما يشيره الحاضر عن المطعون ضدهما من بطلان الطعن بالنسبة لبعض الطاعنين ويكون غير منتج البحث في بطلان الطعن بالنسبة للبعض لعدم إيداع المحامي توكيل عنهم عند تقديم صحيفة الطعن أو لصدور التوكيل له بعد ذلك طالما يكفي الطعن ممن صح الطعن منه

(الطعن رقم 843 لسنة 44ق س29 ص891 جلسة 29/3/1978)

وإذا كان الواهب قد سلم الشيء الموهوب للموهوب له، وانقضت دعوى البطلان بالتقادم، جاز للواهب أن يرفع دعوى استحقاق يسترد بها العقار، ولا يستطيع الموهوب له أن يدفع هذه الدعوى بالتقادم فالدفوع لا تتقادم.

وقد قضت محكمة النقض بأن

عقد البيع الذي يستر هبة صادرة لم تتم في شكل رسمي يعتبر باطلاً، ولكن هذا البطلان لا يحول دون تمسك الموهوب له للأطيان متى وضع يده عليها المدة الطويلة واستوفى وضع يده الأركان القانونية التي تجعلها سبباً لكسب الملكية

(الطعن رقم 249 لسنة 27ق جلسة 17/11/1963 مجموعة أحكام النقض السنة 14 ص111).

 اجازة الهبة الباطلة لتخلف الشكل

الهبة المستترة

 لما كان بطلان الهبة لعيب في الشكل هو بطلان مطلق متعلق بالنظام العام فإن هذا البطلان لا يزول ولا تصححه إجازة؛ حيث تنص المادة 141/1 مدني على أنه:

“إذا كان العقد باطلاً جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالإجازة. إنما يجوز للمتعاقدين إبرام عقد هبة جديد، تتوافر فيه عناصر العقد المطلوبة، ومنها الشكلية. ويشترط توافر الأهلية في المتعاقدين عند عمل الهبة الجديدة ولا يكفي في توافرها وقت إبرام الهبة القديمة”.

فإذا كان الموهوب منقولاً ولم توثق الهبة في ورقة رسمية أو وثقت به في ورقة رسمية باطلة  ولكن الواهب اعتقد أن الهبة صحيحة وأنها تلزمه بتسليم المنقول إلى الموهوب له، فقبضه هذا منه، ولم يكن في تنفيذ الهبة على هذا النحو إجازة للهبة الباطلة، فإن هذه الهبة لا تلحقها الإجازة كما قدمنا

ويستطيع الواهب في هذه الحالة أن يسترد المنقول الذي وهبه لا يجوز للموهوب له أن يدفع بعدم جواز الاسترداد بدعوى أن الواهب قد نفذ الهبة استناداً إلى المادة 489 مدني

فإن الواهب هنا لم ينفذ الهبة مختاراً وهو عالم ببطلانها، وشرط عدم الاسترداد تطبيقاً للمادة 489 مدني أن يكون الواهب يعلم ببطلان الهبة وينفذها باختياره كما سيأتي، ولا يمكن القول من جهة أخرى أن الهبة – وهي هنا هبة في المنقول – بعد أن نفذت تصح بالقبض على اعتبار أنها هبة يدوية

فإن الواهب لم يسلم المنقول للموهوب له كإجراء متمم للهبة مكمل لركن التراضي كما هو الأمر في الهبة اليدوية، بل سلمه بعد أن اعتقد أن الهبة قد تمت وأنه ملزم بالتسليم، ولئن كان الأصل في بطلان الهبة لعيب في الشكل أنه بطلان مطلق لا تلحقه إجازة؛ إلا أنه يستثنى من هذا الأصل حالة واحدة وهي حالة تنفيذها باختيار الواهب أو ورثته على نحو ما سنرى عند التعليق على المادة 489 مدني.

 استثناء نوعين من الهبة من وجوب الشكلية

يستثنى من وجوب الشكلية في الهبة أي وجوب أن تتم بورقة رسمية نوعين من الهبة هما :

الهبة المستترة

 وهي هبة مباشرة ينقل فيها الواهب للموهوب له حقاً عينياً أو يلتزم له بحق شخصي ولكنها تتم تحت ستار عقد آخر وقد أعفيت الهبة المستترة من الشكل بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 488 مدني والتي تجري على أن:

“تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر”.

فيجب إذن لتحقق الهبة المستترة وجود عقد ساتر للهبة ومقتضى ذلك أن يتجنب الطرفان الإفصاح أو ألإشارة إلى الهبة التي يعملان على إخفائها وإلا كانت الهبة مكشوفة فيقضى ببطلانها لتخلف الرسمية ذلك أن الجهد الذي يبذله الواهب في ستر هبته في صورة عقد آخر كفيل بأن ينبهه إلى ما هو مقدم عليه من تصرف ويدل في الوقت ذاته على تصميمه على المضي في التصرف  وهذا يحل محل الشكلية أو العينية في حماية إرادة الواهب ويجب أن يكون العقد الساتر للهبة مستوفياً لشروط انعقاده المقررة له في القانون.

وقد قضت محكمة النقض بأن

تجيز المادة 488 من القانون المدني حصول الهبة تحت ستار عقد آخر، وكل ما يشترطه القانون لصحة  الهبة المستترة  أن يكون العقد للهبة مستوفياً الشروط المقررة له في القانون وإذ كان الحكم قد انتهى في أسبابه إلى أن تصرفات مورث الطاعن – التي اعتبرها هبات مستترة – قد صدرت منجزة ومستوفية الشكل القانوني بتلاقي الإيجاب والقبول على مبيع معين لقاء ثمن مقدر

وكان ذكر الباعث الدافع للهبة في العقد الساتر لها يتنافى مع سترها وكان الطاعن لم يقدم – على ما سجله ذلك الحكم – الدليل على ما ادعاه من عدم مشروعية السبب في هذه التصرفات، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله يكون على غير أساس

(الطعن رقم 207 لسنة 35ق جلسة 17/4/1969)

أمثلة للهبة المستترة

 (أ‌) الهبة المستترة في صورة عقد بيع:

كثيراً ما يكون عقد البيع هو الساتر للهبة ومن ثم يتعين – لعدم اشتراط الرسمية – أن يحدد المبيع في عقد البيع وأن يحدد به ثمن على ألا يكون نافها وإلا اعتبر العقد هبة مكشوفة أما إن كان الثمن بخس فقد يكون حقيقياً ويصح البيع ويجب ألا يقرر البائع أنه وهب الثمن للمشتري أو أبرأه منه فهذه هبة سافرة تستلزم الشكلية وتؤدي إلى بطلان عقد البيع الساتر لها حتى فيما بين المتعاقدين باعتباره هبة لم تستوف الشكل المقرر لها.

وقد قضت محكمة النقض بأن

المادة 488 من القانون المدني تجيز حصول الهبة تحت ستار عقد آخر، وهي تخضع في شكلها للقواعد الخاصة بالعقد الذي يسترها، وأن الهبة المستترة في صورة عقد بيع تصلح متى كان العقد جامعاً في الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده وأن الثمن وإن كان يعتبر ركناً أساسياً في عقود البيع إلا أنه على ما يستفاد من نص المادتين 423، 424 من القانون المدني لا يشترط أن يكون الثمن مبيناً بالفعل في عقد البيع

فإذا ما خلا العقد المكتوب من قيمة الثمن مع تضمنه إقرار طرفيه بأن البيع باعتباره عقداً رضائياً، لما كان ذلك، وكان العقد محل النزاع قد تضمن بيع الطاعنين حصتهما في محل الجزارة إلى المطعون ضدهما، وتضمن كذلك ما يفيد دفع الأخيرين المقابل المالي – أي الثمن النقدي – لهذه الحصة إلى الأولين

ومن ثم فإن هذا العقد يكون قد جمع في ظاهره  أركان البيع اللازمة لانعقاده، ويصلح أن يكون ساتراً لعقد الهبة وهو ما يغني عن الرسمية بالنسبة لها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ذات النتيجة فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس

(الطعن رقم 526 لسنة 55 ق جلسة 9/5/1991)

وبأنه المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الهبة المستترة في صورة عقد بيع تصح متى كان العقد جامعاً في الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده ومن ذلك أن يكون مذكوراً به الثمن بطريقة غير نافية لوجوده، ولو ثبت بأدلة أخرى أن حقيقة نية التصرف هي التبرع”

(الطعن رقم 599 لسنة 50 ق جلسة 15/12/1983)

وبأنه تجيز المادة 488 من القانون المدني حصول الهبة تحت ستار عقد آخر، وهي تخضع في شكلها للقواعد الخاصة بالعقد الذي يسترها، والهبة المستترة في صورة عقد بيع تصح متى كان العقد جامعاً في الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده، أي مذكوراً فيه الثمن بطريقة غير نافية لوجوده، وتحقق ذلك لا يغير منه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وجود ورقة أو اكتشاف دليل بأي سبيل يكشف عن حقيقة اتجاه نية المتصرف إلى التبرع طالما توافر الشكل الظاهري

(الطعن رقم 669 لسنة 42ق جلسة 14/3/1979)

وبأنه إذا كان الواقع في الدعوى أن العقد استوفى ظاهرياً الأركان القانونية لعقد البيع المنجز من بيع وثمن، وأنه صدر من الطاعن بصفته الشخصية إلى نفسه بصفته الشخصية إلى نفسه بصفته  وليا شرعيا على أولاده المطعون عليهم وقت أن كانوا قصراً، وكانت المادة 487 من القانون المدني تجيز للولي الشرعي أن ينوب عن الموهوب له في قبول الهبة ولو كان الواهب، فيكون له أن يتعاقد مع نفسه فإن التصرف المعقود باعتباره هبة مستترة في صورة البيع تكون قد توافرت له شرائط الصحة

(الطعن رقم 669 لسنة 42ق جلسة 14/3/1979)

وبأنه إذا كان البين من الإطلاع على العقد موضوع الدعوى أن الطاعن باع القدر المبين فيه متعاقداً مع نفسه بصفته ولياً شرعياً آنذاك على أولاده المطعون عليهم وأن دور والدتهم اقتصر على مجرد الإشارة إلى دفعها الثمن تبرعاً منها للقصر المشترين وأنها تتعهد بعدم مطالبتهم أو الرجوع عليهم مستقبلاً

وكانت الدعوى الماثلة قد أقيمت من الطاعن بطلب بطلان التصرف الحاصل منه إلى أولاده بصوريته المطلقة، استناداً إلى إقرار صادر من الوالدة بأن ثمناً لم يدفع منها في واقع الأمر، فإن ما خلص إليه الحكم من أن هذه الأخيرة ليست من بين أطراف العقد، وأنه لا علاقة لها بإحداث الأثر القانوني المراد من التصرف

وأن الإقرار لا يتضمن إلا نفياً لواقعة سداد الثمن منها دون أن يعرض للتصرف في حد ذاته، ورتب على ذلك افتقاد إمكان إثبات صورية العقد صورية مطلقة بغير الكتابة، فإن هذا الذي خلص إليه الحكم تحصيل سائغ تحتمله مستندات الدعوى وله مأخذه

(الطعن رقم 669 لسنة 42ق جلسة 14/3/1979)

وبأنه إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى تنجيز التصرف ، فإنه لا يتعارض مع تنجيزه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – عدم استطاعة المتصرف إليه دفع الثمن المبين بالعقد لأن التصرف الناجز يعتبر صحيحاً سواء أكان العقد في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في عقد بيع استوفى شكله القانوني

(الطعن رقم 240 لسنة 46ق جلسة 29/3/1979)

وبأنه إذا كان البين من عقد البيع أنه ينص على أن المورث قد باع  العقار محل النزاع إلى نفسه بصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر ودفع الثمن تبرعاً منه لأولاده المذكورين ورأت المحكمة أن الإدعاء بأن دفع المورث الثمن بصفته ولياً شرعياً يفيد أنه من مال القصر لا يتسق وباقي عبارات العقد من أن المورث قد تبرع بالثمن ووهبه لأولاده القصر الذين اشترى العقار لهم والتزم بعدم الرجوع في تبرعه

بما يدل على أنه قد تبرع بالثمن في العقد الأمر الذي يفصح عن أن التصرف هبة سافرة وليس بيعاً إذ لم تستوف بيانات العقد أحد أركان البيع وهو الثمن ومن ثم فلا يصلح لستر الهبة الحاصلة بموجبه والتي تعتبر باطلة لعدم اتخاذها الشكل الرسمي ولا تعتبر وصية لأن العقد غير محرر بخط المورث ولم يصدق على توقيعه عليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون مخطئاً في تطبيق القانون

(الطعن رقم 843 لسنة 44ق جلسة 29/3/1978)
كما قضت بأنه

لا يمنع من تنجيز التصرف عدم استطاعة المتصرف إليهما دفع الثمن المبين بالعقد ذلك أن التصرف الناجز يعتبر صحيحاً سواء كان العقد في الحقيقة بيعاً أو هبة مستترة في عقد بيع مستوفياً شكله القانوني

(الطعن رقم 169 لسنة 33ق جلسة 13/2/1968)

وبأنه إذا ظهر من نصوص عقد البيع المسجل تسجيلاً تاماً ومن ملابساته أنه عقد تمليك قطعي منجز وأن الملكية قد انتقلت بموجبه فوراً إلى المشتري فاتفاق البائع والمشتري على بقاء العين تحت يد البائع بعد البيع لينتفع بها طول حياته دون المشتري لا يمنع من انتقال ملكية الرقبة فورا

ووصف هذا العقد بأنه وصية يكون خطأ بل إذا كان المستخلص من كافة ظروف الدعوى أن المشتري وهو حفيد البائع لم يكن في حالة تمكنه من دفع الثمن المبين في العقد وأن هذا الثمن لم يذكر إلا بصفة صورية

كان العقد في الحقيقة عقد تبرع منجز أي هبة مستترة في صورة عقد بيع، والهبة الموصوفة بصفة عقد آخر صحيحة طبقاً لنص المادة 48 من القانون المدني ولو لم تكن بعقد رسمي

(الطعن رقم 7 لسنة 2ق جلسة 2/6/1932)

وبإن التصرف المنجز حال حياة المتصرف ولو كان من غير عوض ومقصوداً به حرمان بعض الورثة هو تصرف صحيح متى كان مستوفيا شكله القانوني فإذا كان من المسلم به أن عقد البيع المتنازع عليه قد صدر منجزاً ممن هو أهل للتصرف ومستوفياً لكل الإجراءات التي يقتضيها القانون في مثله وسجل قبل وفاة المتصرف بزمن طويل، فهو صحيح سواء اعتبر عقد بيع حقيقي أو هبة يسترها عقد بيع

(الطعن رقم 33 لسنة 8ق جلسة 22/6/1938)

وبأنه لا عبرة بعدم ذكر قبض الثمن في عقد البيع متى كان الثمن مسمى فيه فإن البيع يقتضي إطلاقاً التزام المشتري بدفع الثمن المسمى ولكن إذا كان الثمن لم يذكر في العقد أو ذكر مع إبراء المتصرف له منه أو وهب إليه لأن القانون وإن أجاز في المادة 48 مدني (قديم) أن يكون العقد المشتمل على الهبة موصوفاً بعقد آخر إلا أنه يشترط أن يكون هذا العقد مستوفياً الأركان والشرائط اللازمة لصحته

(نقض 9/6/1938 جـ 2 في 25 سنة 1194).

(ب‌) الهبة المستترة في صورة قرض:

قد تكون الهبة مستترة في صورة قرض فيكتب الواهب سنداً عليه بمبلغ من النقود يقول أنه تسلمها على سبيل القرض ويكون في الحقيقة قد التزم بها على سبيل التبرع.

وقد قضت محكمة النقض بأن:

من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحرير سند الدين وتسليمه لمن صدر له، يجعل ذمة الملتزم فيه مشغولة بقيمته، ولو كان سببه التبرع ولم يطالب صاحبه بقيمته إلا بعد وفاة من صدر له

(الطعن رقم 202 لسنة 36ق جلسة 12/12/1973)

وبأنه متى كان الحكم المطعون فيه – إذ استبعد الدين المستحق على المتوفاة لابنتها من  وعاء الضريبة على التركة – قد انتهى إلى أن الدين موضوع النزاع مستحق على المتوفاة حال حياتها، وثابت بمستند يصلح دليلاً عليها أمام القضاء مما يدل على جدية الدين، واستند الحكم في ذلك إلى أسباب سائغة، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس

(الطعن رقم 202 لسنة 36ق جلسة 12/12/1973).

 (ج) الهبة المستترة في صورة حوالة:

أيضاً قد تستر الهبة في صورة حوالة فيحيل صاحب الحق حقه إلى المحال له على سبيل التبرع ولكنه يكتب في الحوالة مقابلاً يستر به الهبة.

 (د) الهبة المستترة في عقد تخارج:

وفي ذلك تقول محكمة النقض أنه

إذا كانت المحكمة قد استخلصت مما أوردته في حكمها من القرائن التي استنبطتها من الوقائع الثابتة في الدعوى أن عقد التخارج الصادر من الجدة لأحفادها المذكور فيه أن التخارج كان مقابل عوض قبضته من عمهم لم يكن في حقيقته إلا هبة لم يقض عنها أي عوض مؤيدة ذلك بخلو العقد المذكور من التزام الأحفاد بوفاء ذلك العوض إلى عمهم الذي لم يكن له شأن في هذا العقد.

فذلك مما يدخل في حدود سلطتها ولا معقب لمحكمة النقض عليها فيه مادام تحصيلها إياه من الواقع سائغا إذ قاضى الدعوى من حقه أن يؤول المشارطات بما يكون متفقاً مع ما قصده المتعاقدون غير متقيد بألفاظها وعباراتها  وإذن فقد كان للمحكمة وقد تبينت أن التصرف لم يكن إلا هبة أن تستظهر المقصود من الإقرار بقبض مقابل التخارج مسترشدة بظروف الدعوى وملابساتها وبما فيها من قرائن ولو لم يكن هناك دليل كتابي.

(الطعن رقم 28 لسنة 11ق جلسة 15/1/1942)

 (هـ) الهبة المستترة في سند عرفي أو إقرار بدين:

قد تستر الهبة في صورة سند عرفي أو في صورة إقرار بدين.

وقد قضت محكمة النقض بأن

ذا كان المسلم به من الخصوم أن السند موضوع الدعوى الصادر من والد إلى ولده إنما يستر تبرعاً، ولم يكن الخلاف إلا على وصف التبرع فيه هل هو منجز فيكون هبة نافذة أم مضاف إلى ما بعد الموت فيكون وصية لوارث موقوفاً نفاذها على إجازة بقية الورثة

ثم قالت المحكمة بأنه وصية لإضافة القبض فيه إلى أجل في حين أن المقر كان له وقت الإقرار مبلغ من المال في أحد المصارف يسمح له بتنجيز التبرع منه وأن المتبرع له كان معوزاً ثم لاشتراط عدم جواز حوالة السند وسكوت المتبرع له عن المطالبة به حتى توفي والده، فهذا التكييف غير صحيح؛ لأن هذا التصرف إنما هو عقد هبة في صورة إقرار بدين مستكمل لجميع الشروط فهو صحيح ونافذ

(الطعن رقم 5 لسنة 10ق جلسة 23/5/1940)

وبأنه الهبة متى كانت موصوفة بعقد آخر فالقبض ليس بلازم لصحتها، بل يكفي أن يكون العقد الساتر لها مستكملاً الشروط المقررة له قانوناً لكي تنتقل بمقتضاه ملكية الشيء الموهوب إلى الموهوب له

فإن القانون في المادة 48 مدني قد أجاز الهبة بعقد غير رسمي إذ قرر ما يفيد أن الهبة بعقد موصوف بعقد آخر صحيحة مادام العقد الساتر صحيحا ليس من هذا القبيل البيع والمقايضة فحسب بل والهبة التي يسترها إقرار عرفي بالدين أيضاً مادام العقد العرفي الظاهر يكفي لصحة الإقرار بالدين.

فالهبة التي تتخذ شكل السند تحت الإذن صحيحة ولا يصح الطعن ببطلان الهبة على هذه الصورة لعدم التسليم وتخلي الواهب عن مبلغ السند، فإن تسليم السند للموهوب له يكفي قانوناً لتخويل الموهوب له المذكور – على الأقل في علاقاته مع الواهب – كل حقوق الدائن الحقيقي

(الطعن رقم 91 لسنة 17ق جلسة 23/12/1948)

وبأنه إذا كان إقرار الموهوب له في تحقيقات الشكوى الإدارية بأن المبلغ الثابت بسند الدين في حقيقته تبرع لا يجعل الهبة مكشوفة مادامت عبارات السند بذاتها لا تكشف عن الهبة وكان لا يؤثر في صحة الهبة خطأ الحكم في تكييف العقد الساتر بأنه وديعة لا عارية استهلاك، لأن القانون لا يشترط أن يتم أي من هذين العقدين في شكل معين، فإن النعي على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس

(نقض 17/2/1977 س28 ص474)

يجوز أن تستر بعض العقود من ذلك عقد الوصية:

 وقد قضت محكمة النقض بأن

التمسك من الطاعن بأن عقد الهبة يستر وصية هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر يخضع للقواعد العامة في الإثبات التي تلقى على عاتق الطاعن وهو وارث الواهب عبء إثبات هذه الصورية، فإن عجز وجب الأخذ بظاهر نصوص العقد الذي يعد حجة عليه.

(الطعن رقم 685 لسنة 45ق جلسة 28/5/1980)

وبأنه العبرة في تكييف العقود يكون بحقيقة ما عناه العاقدان منها دون التقيد بتكييف العاقدين لها، ولئن كانت الهبة كعقد يجوز أن تستر وصية إلا أن احتفاظ الواهب بحقه في الانتفاع بالمال الموهوب مدى حياته لا يتحتم معه وجوب اعتبار العقد وصية ولا يتعارض مع تنجيز التصرف.

ولما كان المقرر في المادة 486 من القانون المدني أن “الهبة عقد يتصرف به الواهب في مال دون عوض ويجوز للواهب دون أن يتجرد عن نية التبرع أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين سواء كان هذا الالتزام لمصلحة الواهب أو لمصلحة الموهوب له أو لمصلحة الغير دون أن يمنع ذلك كله من كون العقد هبة بمقدار الفرق بين العين الموهوبة والعوض

(الطعنان رقما 1945، 1465 لسنة 48ق جلسة 4/1/1983)

وبأنه تكييف إدارة الأموال المصادرة لعقد الهبة على أنه وصية مضاف التمليك فيها إلى ما بعد الموت يعتبر منازعة في الملكية من جانب الجهة الإدارية بشأن تكييف عقد يخضع لأحكام القانون المدني بما يخرجه عن نطاق القرارات الإدارية وينعقد الاختصاص في شأنه للمحاكم ذات الولاية العامة بنظر المنازعات الناشئة عن هذا القرار

(الطعنان رقما 1459 ، 1465 لسنة 48ق جلسة 4/1/1983)

وبأنه إذا كان احتفاظ الواهب بحقه في الانتفاع بالمال الموهوب مدى حياته لا يتحتم معه وجوب اعتبار العقد وصية، ولا يتعارض مع تنجيز التصرف، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه برفض ما تمسك به الطاعنون من أن عقد الهبة الصادر من مورثهم إلى المطعون عليه الأول

وهو غير وارث يخفي وصية على ما استظهره من أقوال شهود المطعون عليه المذكور – الذين سمعتهم محكمة الاستئناف، ولم تكن محل نعي من الطاعنين – من أن عقد الهبة قد تم تنجيزه بأن استم الموهوب له حال حياة الواهبة المنازل موضوع العقد، واستغلها لحساب نفسه فإن النعي على الحكم بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض

(الطعن رقم 155 لسنة 410ق جلسة 26/6/1975) 

إثبات الهبة المستترة

الهبة المستترة

يقع عبء الإثبات على من يدعي أن العقد الظاهر ليس إلا هبة مستترة ليجري عليه أحكام الهبة الموضوعية. فإذا ادعى المتصرف مثلاً أن البيع الصادر منه إلى المشتري ليس إلا هبة مستترة

وأنه يريد الرجوع فيها، فعليه هو أن يثبت ذلك وفقاً للقواعد المقررة في الإثبات فإذا كانت قيمة المال المتصرف فيه تزيد على خمسمائة جنيه أو كان التصرف مكتوباً لم يجز إثبات التستر إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها

ولذلك يكون من الخير للواهب في الهبة المستترة أن يحصل على “ورقة ضد” من الموهوب له يقرر فيها هذا أن العقد الظاهر هو في حقيقته هبة مستترة حتى يتيسر للواهب إثبات التستر بالكتابة عند الاقتضاء

وإذا كان الذي يدعي استتار الهبة هو الغير كدائن الواهب إذا طعن في الهبة المستترة بالدعوى البوليصية فإن هذا الغير هو الذي يحمل عبء الإثبات ولكن له أن يثبت الاستتار بجميع طرق الإثبات ويدخل في ذلك البينة والقرائن لأنه غير لا يكلف الإثبات بالكتابة.

 (السنهوري ص73)
 وقد قضت محكمة النقض بأن:

لدائني المتعاقدين والخلف الخاص متى كانوا حسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري كما أن لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الطرق  صورية العقد  الذي أضر بهم، أما المتعاقدين فلا يجوز لهم إثبات ما يخالف ما اشتمل عليه العقد المكتوب إلا بالكتابة

ولما كان الطعن على عقد البيع أنه يستر وصية هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر:

ومتى كان العقد الظاهر المطعون عليه بهذه الصورية مكتوباً فإنه لا يجوز لأي من عاقديه أن يثبت هذه الصورية إلا بالكتابة وذلك عملاً بنص المادة 61/1 من قانون الإثبات. ولا يصح قياس هذه الحالة على حالة الوارث الذي يجوز له إثبات طعنه على العقد بأنه يخفي وصية بجميع الطرق

كما يجوز له الاستفادة من القرينة المقررة لصالحه بالمادة 917 من القانون المدني عند توافر شروطها، ذلك أن الوارث لا يستمد حقه في الطعن في هذه الحالة عن المورث وإنما من القانون مباشرة على أساس أن التصرف قد صدر إضراراً بحقه في الإرث فيكون تحايلاً على القانون

(الطعن رقم 731 لسنة 49 ق جلسة 27/6/1982 السنة 33 ص 535 جلسة 28/5/1980 مجموعة أحكام النقض السنة 31 ص1531 الطعن رقم 360 لسنة 35 ق جلسة 5/1/1971 )

وقاضي الموضوع هو الذي يبت فيما إذا كان التصرف المطعون فيه هو هبة مستترة ناظرا في ذلك إلى ظروف التصرف وملابساته وملا معقب على تقديره من  محكمة النقض  .

(2) الهبة غير المباشرة:

الهبة غير المباشرة هي الهبة التي يكسب فيها الموهوب له حقاً عينياً أو حقاً شخصياً دون مقابل على سبيل التبرع عن طريق الواهب، دون أن ينقل إليه هذا الحق مباشرة عن الواهب أي تنشأ الهبة غير المباشرة عن أي عقد غير عقد الهبة من غير أن يكون التبرع الذي يحويه خافياً.

(السنهوري ص61)

أمثلة للهبة الغير مباشرة

 النزول عن حق عيني يعتبر هبة غير مباشرة

مثل ذلك أن ينزل صاحب حق الانتفاع أو حق السكنى أو حق الاستعمال عن حقه فيؤول لمالك الرقبة أو ينزل صاحب حق الارتفاق أو صاحب حق الحكر عن هذا الحق فيؤول للمالك ففي هذه الأحوال كسب الموهوب له (وهو المالك) حقاً عينياً عن طريق الواهب، ولكنه كسب هذا الحق لا عن طريق انتقاله إليه من الواهب

بل عن طريق نزول الواهب عنه وتركه إياه والنزول عن حق شخصي – أي الإبراء – يعتبر هبة غير مباشرة، فإذا أبرأ الدائن ذمة مدينه من الدين، كان هذا هبة غير مباشرة لأن الموهوب له (المدين) كسب الدين لا عن طريق انتقاله إليه من الواهب، بل عن طريق نزول الواهب عنه، كما هي الحال في النزول عن حق عيني.

(السنهوري ص60 وما بعدها).
وقد قضت محكمة النقض بأن:

لما كان الثابت أن الدين الثابت في ذمة المدين مستحق الأداء وغير متنازع فيه، وكان الاتفاق بين الشركة الدائنة والمدين الذي تضمن التنازل عن جزء من الدين وعن الفوائد دون أي مقابل من جانب المدين لا يعتبر صلحاً وإنما إبراء من جزء من الدين وهو عمل تبرعي محض

(جلسة 21/1/1971 مجموعة أحكام النقض السنة 22 ص100).

الاشتراط لمصلحة الغير على سبيل التبرع يعتبر هبة غير مباشرة:

فإذا باع شخص داراً لآخر واشترط عليه أن يدفع الثمن إيراداً مرتباً مدى الحياة لوالد البائع دون أن يأخذ البائع مقابلاً من والده عن هذا الإيراد، كان هذا الاشتراط هبة غير مباشرة من البائع لوالده، ذلك أن والد البائع قد كسب عن طريق البائع التزاماً بدفع الإيراد

ولكن البائع لم يلتزم بهذا الإيراد مباشرة لوالده، بل الذي التزم به شخص آخر هو المشتري، ولذلك كانت الهبة غير مباشرة، وإذا أمن شخص على حياته لمصلحة أولاده

فاستحق أولاده مبلغ التأمين، كان هذا التأمين أيضاً هبة غير مباشرة من المؤمن لأولاده، لأن التأمين هنا ليس إلا اشتراطاً لمصلحة الغير.

ويمكن القول أيضاً بأن قبول المحال عليه لحوالة الدين دون مقابل يعتبر هبة غير مباشرة من المحال عليه للمحيل لأن المحيل كسب براءته من الدين مع التزام المحال عليه لشخص آخر هو المحال له دون أن يلتزم للمحيل وإلا كانت الهبة مباشرة

وكذلك الحال فيما إذا التزم شخص دون مقابل أن يوفي دين غيره فهذه هبة غير مباشرة من الملتزم لأن هذا قد التزم لا للمدين بل للدائن ولو التزم المدين كانت الهبة مباشرة.

كما أن تعهد شخص بضمان دين على آخر من غير الرجوع على المدين عند الاقتضاء يعد هبة غير مباشرة أما إذا احتفظ بحقه في الرجوع على المدين فإن العقد ولو أنه من غير مقابل لا يعتبر تبرعاً.

(محمد كامل مرسي ص117)

التعاقد عن الغير يعد هبة غير مباشرة

قضت محكمة النقض بأن:

إذا كان الورقة الصادرة إلى أم من أولادها تتضمن إقرارهم بشراء أمهم من مالها الخاص المنزل محل النزاع الصادر عنه عقد البيع من المالك بأسماء الأولاد في تاريخ لاحق لتلك الورقة وأن الأم تنازلت عنه بطريق الهبة إلى أولادها هؤلاء الذين تعهدوا بألا يتصرفوا فيه إلا بعد وفاتها كما تعهدوا بأن يعطوها نفقة شهرية مقدارها مائتا قرش

فاعتبرت المحكمة هذا الإقرار ورقة ضد تكشف عما أخفاه عقد البيع الصادر بعدها من أن الأولاد ليسوا هم المشترين في الحقيقة بل المشتري هي الأم، وأنها قصدت بإخفاء اسمها أن تختصر الطريق والإجراءات فلا تشتري بعقد ثم تهب بآخر بل يتم الأمران بعقد واحد

فهذا الذي حصلته المحكمة يسوغه ما ورد في الإقرار والمحكمة إذ كيفت عقد البيع المذكور بأنه هبة من الأم لأولادها حررت في صورة بيع من البائع إلى الموهوب لهم لم يظهر فيه اسم المشترية الواهبة وإذ حكمت ببطلان البيع الذي تصرف به الموهوب لهم في الموهوب ويفسخ الهبة لإخلالهم بالتزامهم بعدم التصرف لا تكون قد أخطأت بل هي طبقت أحكام الصورية والهبة غير المباشرة تطبيقاً صحيحاً

فلا يصح الطعن على الحكم من هذه الناحية وما يقال من أن شرط عدم التصرف باطل، أو أن الفسخ لم ينص عليه جزاء لمخالفته، مردود بأن اشتراط عدم التصرف قد أقت بحياة الواهبة فهو لا ينافي ترتيب حق الملكية لمن وهبت له

ومن ثم صح الشرط ونفذ وجاز لمن وضع لمصلحته أن يطلب فسخ الهبة إذا ما أخل به دون حاجة إلى نص صريح على حق الفسخ. وأما القول بأن إقرار المشترين سابق على  الشراء والتملك  وأنه يخالف عقد البيع في رواية دفع الثمن فلا غناء فيه متى كانت المحكمة قد حصلت فهمها واقع الدعوى من أن الإقرار وعقد الشراء ولو اختلف تاريخهما إنما هم عن واقعة واحدة

وكذلك القول بأن ورقة الإقرار إذ كان تاريخها ثابت فلا يجوز الاحتجاج بها على من تصرف له الموهوب لهم بالبيع، فهو مردود بأن الواهبة قد سجلت صحيفة دعواها بالفسخ قبل أن يسجل المشتري عقد البيع الصادر له وأنها اختصمته في الدعوى

(الطعن رقم 82 لسنة 17ق جلسة 20/1/1949)

وبأنه لما كان التكييف الصحيح لتداخل طرف ثالث في عقد بيع العقار، وقيامه بدفع كامل الثمن من ماله إلى البائع على سبيل التبرع مقابل أن تنتقل الملكية من الأخير إلى المشتري مباشرة أن هذا التصرف في حقيقته هبة غير مباشرة وأن المال الموهوب ليس هو الثمن بل هو العقار المبيع ذاته

وكان الثابت من عقد البيع موضوع الدعوى أن مورثة الطاعنين كانت طرفا فيه وقد تضمن هذا العقد أنها هي التي دفعت إلى البائعين كامل الثمن من مالها تبرعاً منها للمشترين

مما مفاده أن المورثة هي المشترية الحقيقية للأطيان المبيعة وقد قصدت بتصرفها أن تختصر الطريق والإجراءات فلا تشتري بعقد ثم تهب بعقد آخر بل يتم الأمران بعقد واحد وكان التكييف الصحيح لهذا التصرف أنه هبة غير مباشرة منها لولدها وزوجته وأولادهما وأن المال الموهوب في الحقيقة ليس هو الثمن كما هو وارد بالعقد بل هو الأطيان المبيعة ذاتها

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن المورثة لم تكن طرفا في العقد واستخلص من عبارات العقد أن المال الموهوب هو الثمن وليس الأطيان المبيعة وأن هذا الثمن قد هلك بدفعه من المشترين إلى البائعين

ورتب الحكم على هذا الاستخلاص الفاسد عدم جواز الرجوع في الهبة تطبيقاً لنص الفقرة السادسة من المادة 502 من القانون المدني وتحجب بذلك عن مواجهة ما أثارته الواهبة من جمود المطعون ضدها الأولى فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب

(الطعن رقم 2342 لسنة 55ق جلسة 25/10/1988)

وهناك تصرفات اختلف الرأي فيها فالبعض يعدها هبات غير مباشرة والبعض تعدها هبات مستترة ونذكر من هذه التصرفات:

الإقرار بالدين وعقود المحاباة:

ففي الإقرار بالدين يقر الواهب بدين عليه للموهوب عليه، والحقيقة أنه غير مدين وإنما قصد الالتزام على سبيل التبرع، ولا نرى أن الإقرار بالدين على هذا النحو هبة غير مباشرة

بل هو هبة مباشرة إذ التزم الواهب مباشرة للموهوب له، ولكن الهبة هنا مستترة تحت اسم تصرف آخر هو الإقرار، فلا تجب الرسمية لا لأن الهبة غير مباشرة بل لأنها مستترة. كذلك عقود المحاباة نرى أنها هبات مستترة لا هبات غير مباشرة فإذا باع شخص عيناً لآخر بثمن بخس حاباه فيه بقصد التبرع

فإنه يكون قد وهب له الفرق بين ثمن المثل والثمن المدفوع وهذه الهبة هي هبة مباشرة لأن البائع نقلها مباشرة من ذمته إلى ذمة المشتري، ولكنها هبة يسترها عقد البيع، فلا تشترط فيها الرسمية لأنها هبة غير مباشرة بل لأنها هبة مستترة.

(السنهوري ص63)

 إثبات الهبة غير المباشرة

الهبة المستترة

تخضع الهبة غير المباشرة للقواعد العامة في الإثبات :

فيجب الإثبات بين المتعاقدين بالكتابة إذا كانت قيمة الموهوب تجاوز خمسمائة جنيه ما لم يوجد مانع من الليل الكتابي.

أما الغير فله إثبات الهبة غير المباشرة بكافة طرق الإثبات القانونية – بما فيها البينة والقرائن – كما إذا أراد دائن الواهب أن يطعن في الهبة غير المباشرة  بالدعوى البوليصية .

(عزمي البكري ص 153)

خاتمة الهبة المستترة في القانون المدني

  • انتهي البحث القانوني ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني
  • زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات
  • كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل
  • كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع
مع خالص تحياتي
logo2
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة