قانون الالتزامات غير التعاقدية ( المادة 21 مدني )

شرح المادة 21 مدني عن قانون الالتزامات غير التعاقدية وتحديد القانون الساري عليها وأسس تحديده وهو أمر خاص بما يحدث من وقائع خارج مصر

نص المادة 21 مدني

قانون الالتزامات غير التعاقدية

 

 

تنص المادة 21 مدني علي

1- يسري على الالتزامات غير التعاقدية قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام.

2- على أنه فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة عن الفعل الضار، لا تسري أحكام الفقرة السابقة على الوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في مصر وإن كانت تعدّ غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه.

 النصوص العربية المقابلة

هذه المادة تقابل فى نصوص القانون المدنى بالأقطار العربية المواد التالية مادة 21 ليبى و 22 سورى و 24 عراقى و 28 سودانى.

وقد جاء عنها بالمذكرة الإيضاحية بأن

“تنحصر القاعدة العامة في خضوع الالتزامات غير التعاقدية بوجه عام سواء أكان مصدرها الفعل الضار أم الإثراء دون سبب مشروع لقانون البلد الذي وقعت فيه الحادثة المنشئة للالتزام.

ولا تدخل الالتزامات المترتبة على نص القانون مباشرة في نطاق النص نفسه لأن القانون نفسه هو الذي يتكفل بتقريرها وتعيين من يلتزم بها دون أن يضع لذلك ضابطاً معيناً أو قاعدة عامة ،

ويختص هذا القانون (قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام) بالفصل في أركان المسئولية ومنها أهلية الشخص للمساءلة عن فعله الضار رغم عدم توافر أهلية التعاقد له، كما يختص بالفصل في آثار هذه المسئولية ومداها.

الأعمال التحضيرية

تنحصر القاعدة العامة فى خضوع الإلتزامات غير التعاقدية بوجه عام، سواء اكان مصدرها الفعل الضار ام الابراء دون سبب مشروع لقانون البلد الذى وقعت فيه الحادثة المنشئة للإلتزام ويختص هذا القانون بالفعل فى أركان المسئولية ومنها أهلية الشخص للمسائلة عن فعله الضار رغم عدم توافر أهلية التعاقد له

كما يختص بالفعل فى آثاره هذه المسئولية ومداها، ولا تدخل الإلتزامات المترتبة على نص القانون مباشرة فى نطاق النص، لان القانون نفسه هو الذى يتكلف بتقريرها، وتعيين من يلتزم بها، دون ان يخضع لذلك ضابطا معينا أو قاعدة عامة

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 1 – ص 300 و 301 )

شرح المادة 21 مدني

قانون الالتزامات غير التعاقدية

المقصود بالالتزامات

المقصود بالالتزامات غير التعاقدية هو الالتزامات الناشئة عن الفعل الضار (المسئولية التقصيرية)، والالتزامات المترتبة على الفعل النافع (  الإثراء بلا سبب  ).

أما الالتزامات الناشئة عن العقد فهي تخضع لقانون الإرادة أو القانون موطن المتعاقدين المشترك أو محل الإبرام. إن الالتزامات المترتبة على نص القانون مباشرة تخرج بدورها عن مضمون فكرة الالتزامات غير التعاقدية.

وقد عني المشرع المصري في الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون المدني بإسناد الالتزامات غير التعاقدية لقانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام، أي للقانون المحلي Loi locale.

وتطبيق القانون المحلي في شأن المسئولية التقصيرية والإثراء بلا سبب هو الحل السائد فقهاً وقضاء في معظم دول العالم. ومع ذلك يتجه بعض الشراح إلى إسناد الالتزامات غير التعاقدية لغير القانون المحلي.

(هشام صادق – مرجع سابق – الوكيل-  وأنظر منصور – مرجع سابق)

ما يخرج عن نطاق تطبيق نص المادة 21 مدني

يطبق النص على العمل غير المشروع أي أعمال تطبيق  المسئولية التقصيرية  على العمل غير المشروع وكذلك تطبيق نظرية الإثراء بلا سبب على الالتزامات الناشئة عن العمل النافع ومن ثم لا يطبق أحكام النص على غير ذلك من مصادر المسئولية غير التعاقدية كالإدارة المنفردة.

والمشرع المصري قد أخضع الالتزامات غير التعاقدية للقانون المحلي كقاعدة عامة. ومع ذلك فهناك استثناء أوردته الفقرة الثانية من المادة 21

بحيث لا ينطبق القانون المحلي على الفعل الضار إذا كان الفعل المعني مشروعاً في القانون المصري. وعلى هذا الأساس، يجب على القاضي أن يرجع إلى القانون المحلي والقانون المصري في نفس الوقت، لإمكان تقدير مدى مشروعية الفعل سالف البيان. وقد بررت المذكرة الإيضاحية الوضع السابق مقررة أن “إلحاق المشروعية بواقعة أو نفي هذا الوصف عنها أمر يتعلق بالنظام العام”

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني، ج1، ص300)

الاتجاهات الفقهية والمتعلقة بالالتزامات غير التعاقدية

قانون الالتزامات غير التعاقدية

 العديد من المشرعين العرب قد أسند المسئولية غير التعاقدية للقانون المحلي،كذا الحال، فعل المشرع المصري. والموقف السابق، يسود أيضاً في العديد من التشريعات الأجنبية ويرى البعض، أن القاعدة المتقدمة تقوم على أساس منطقي ومع ذلك فهناك، من يهاجم القاعدة المتقدمة. فتطبيق القاعدة السابقة،

قد يثير العديد من الصعوبات العملية في بعض الفروض، سواء إذا ما تعلق الأمر بالفعل الضار أو الفعل النافع، ففي الحالة التي يتعلق فهيا الأمر بالفعل الضار، فقد يقع هذا الفعل على إقليم لا يخضع لأي سيادة إقليمية. وهنا سوف يثار التساؤل عن ماهية القانون المحلي الواجب التطبيق.

كذا الحال، إذا ما وقع الفعل الضار في إقليم دولة معينة، وتحقق الضرر في إقليم دولة أخرى، فما هو القانون المحلي في هذا الفرض أيضاً. أما إذا ما تعلق الأمر بالفعل النافع،

فقد تثار بعض الصعوبات في تحديد القانون المحلي، في الفرض الذي تتوزع فيه عناصر الواقعة المنشئة للالتزام، بحيث يقع الافتقار في دولة معينة في حين أن الإثراء يقع في إقليم دولة أخرى. فما هو القانون المحلي في هذا الفرض. كذا فمن المتصور، أن يقع الفعل النافع على إقليم لا يخضع لأي سيادة إقليمية.

وهنا أيضاً، سوف يثار التساؤل السابق. وقد أجيب على ذلك، بأن النقد المتقدم ليس موجهاً إلى القاعدة القاضية بتطبيق القانون المحلي في ذاتها، بل هو كاشف عن بعض الصعوبات التي تثيرها تطبيق القاعدة المتقدمة في بعض الفروض.

ومع ذلك، فإن الفقه الدولي المعاصر، فقد أوجد العديد من الحلو التي يمكن إتباعها، حال تحقق أي فرض من الفروض السابقة. مع ذلك، فقد ذهب البعض، إلى أن تطبيق القانون المحلي يكون غير مناسب، في الفرض، الذي يتعين فيه الأخير، بناء على ظروف عارضة

ويمثل البعض لذلك بافتراض “أن إحدى المدارس الأمريكية قد أقامت معسكراً صيفياً للطلبة في مكان ناء بكندا بعيداً عن العمران، ثم حدث أن أصيب أحد الطلبة بناء على فعل غير مشروع ارتكبه طالب آخر أو أحد منظمي المعسكر. لاشك أن تطبيق القانون الكندي بوصفه القانون المحلي على دعوى المسئولية في هذا الفرض يخلو من أي معنى، فمرتكب الفعل والمضرور والمشرفين على المعسكر جميعهم يتمتعون  بالجنسية الأمريكية  ويتوطنون الولايات المتحدة (الأمريكية)

ومن ثم يبدو وقوع الفعل المنشئ للالتزام في الإقليم الكندي كمجرد ظرف عارض لا يصلح معياراً سليماً للإسناد”. وإزاء النقد السابق، حاول الفقه الدولي الحديث تطوير فكرة القانون المحلي

بحيث لا يفهم على أنه، قانون الدولة التي يقع على أرضها الفعل المنشئ للالتزام، بل بحسبانه القانون الذي يحكم الوسط الاجتماعي الذي وقعت في ظله الواقعة المنشئة للالتزام. وإعمالاً لهذا النظر، فإن الواجب هو تطبيق القانون الأمريكي على المثال سالف البيان، بحسبانه قانون الوسط الاجتماعي، الذي حدثت في ظله الواقعة المنشئة للالتزام. فمرتكب الفعل الضار أمريكي، والمضرور أمريكي

والمعسكر أمريكي، والمشرفين أمريكيين، والجميع متوطن في الولايات المتحدة الأمريكية. فكل الأمور السابقة تبرر تطبيق القانون الأمريكي، بحسبانه قانون الوسط الاجتماعي، في حين أن تواجد المعسكر في كندا هو أمر عارض، لا يمكن التعويل عليه، لعقد الاختصاص التشريعي للقانون الكندي، في هذا الفرض. ورغم سلامة هذا النظر في رأينا، فمن الصعوبة بمكان، تطبيقه في ظل المادة 21 مدني مصري، والتي ترى أن قانون الدولة التي وقع فيها الفعل المنشئ للمسئولية، هو الواجب التطبيق في هذا المقام.

(الدكتور هشام خالد – مرجع سابق)

وذهب رأي آخر إلى أن إذا كان وقوع الخطأ في دولة والضرر في دولة أخرى أن وجوب تطبيق المبادئ العامة للقانون، على العقود التي تكون الدولة طرفاً فيها. وأساس هذا النظر، أنه من غير المناسب، إخضاع العقد المعني لقانون الدولة المتعاقدة، أو للقانون المتقدم بالاشتراك مع قانون الدولة التي ينتمي إليها المتعاقد الآخر.

بل على العكس من ذلك، فمن الأفضل إخضاعه لنظام قانوني أعلى من القانونين المتقدمين، وهذا الأخير هو المبادئ العامة للقانون. ولا مجال في المقام الماثل للتفرقة بين المبادئ الصادرة عن الأمم المتمدينة، وتلك الصادرة عن أمم غير متمدينة

فالمبادئ القانونية العامة، واجبة الاعتبار أياً كان وصف الأمم التي صدرت عنها. ومن هذا المنطلق، أثرنا مع الفقه استئصال النزعة الاستعمارية التي شابت المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية

فتعين استعمال مصطلح أكثر إنسانية وواقعية ألا وهو “المبادئ العامة للقانون”، من شأنه إضفاء مسحة من الحيدة، على القانون الواجب التطبيق على عقود الدولة. فإذا كان اختيار القانون وطني معين، كأن يكون الأخير قانون الدولة المتعاقدة، أو قانون جنسية المتعاقد الآخر معها

يفيد نوع معين من التحيز، فعلى العكس من ذلك، فإن اللجوء للمبادئ العامة للقانون يكشف ولأول وهلة، عن الحيدة الكاملة، بحسبانه نظاماً يعلو على قوانين الدولة. وقد انتهت محكمة التحكيم، التي تصدت للفصل في قضية Le na Gold Field Ltd، 1930 إلى اعتبار المبادئ العامة للقانون

هي القانون الواجب التطبيق على العقد المبرم بين الشركة المدعية والدولة الروسية. ويرى أنصار الاتجاه الماثل أن تطبيق المبادئ العامة للقانون قد يكون مستنداً إلى نص صريح ضمنه المتعاقدان عقدهما. وقد يستفاد ذلك ضمناً، حين يتفق المتعاقدان إخضاع عقدهما للتحكيم

دون تحديد صريح للقانون الواجب التطبيق على عقدهم. فالوضع السابق يفيد لدى البعض انصراف إرادة الخصوم إلى إعمال المبادئ المتقدمة على عقدهما. وقد انقسم الفقه انقساماً شديداً حول المقصود بالمبادئ العامة للقانون، رغم شيوع استعمال هذا الاصطلاح كثيراً، فمن ناحية أولى: ذهب اتجاه أول، إلى القول بأن المقصود بذلك المبادئ العامة للقانون الدولي

ومن ناحية ثانية: ذهب اتجاه ثانٍ إلى القول بأن المقصود بها، قواعد القانون الطبيعي وقواعد المنطق والعمل، ومن ناحية ثالثة: ذهب اتجاه ثالث إلى أن المقصود بذلك، المبادئ المشتركة المستمدة من الأنظمة القانونية الداخلية. ولعل الاتجاه الأخير، هو الأقرب للصواب نظراً لصلاحية الأخيرة لحكم العقود التي تكون الدولة طرفاً فيها، عن الحال الذي يلجأ فيه إلى مبادئ القانون الدولي أو مبادئ القانون الطبيعي.

(الدكتور هشام خالد – مرجع سابق- هشام صادق – مرجع سابق- منصور – مرجع سابق)
وقد قضت محكمة النقض بأن

تقوم مسئولية المتبوع عن أعمال التابع الغير مشروعة – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – على أساس الخطأ المفترض من جانب المتبوع كتقصيره في مراقبة من عهد إليهم بالعمل لديه وتوجيههم مما مؤداه اعتبار مسئولية المتبوع قائمة بناء على عمل غير مشروع، ومقتضى المادة 217/3 من القانون المدني هو عدم جواز الاتفاق سلفاً على الإعفاء من المسئولية عن العمل غير المشروع.

وإذ كان هدف المشرع في تقرير مسئولية المتبوع عن أعمال التابع الغير مشروعة هو سلامة العلاقات في المجتمع مما يعد من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر

فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ اعتبر القاعدة المقررة لمسئولية المتبوع عن أعمال التابع غير المشروعة من المسائل المتعلقة بالنظام العام في معنى المادة 28 من القانون المدني ورتب على ذلك استبعاد تطبيق القانون الفلسطيني الذي لا تعرف نصوصه هذا المسئولية وطبق أحكام القانون المصري في هذا الخصوص”

(نقض 7/11/1967 س18 ص1614)

تحديد القانون المحلي بالنسبة للمسئولية المترتبة على العقل النافع

 يحكم القانون المحلي أركان الإثراء بلا سبب، فهو الذي يبين لنا مضمون الإثراء، وهل يلزم أن يكون إيجابياً، أم يمكن أن يكون سلبياً. وهل هو مباشر أم غير مباشر، مادي أم معنوي، وفضلاً عن ذلك يحدد لنا القانون المحلي أيضاً، مفهوم الافتقار، وهل هو إيجابي أم سلبي، وهب هو مباشر أو غير مباشر، ماد أم معنوي

ويحدد لنا القانون المحلي الحالات التي يكون فيها الإثراء مستنداً إلى سبب قانوني، والحالات التي ينعدم فيها السبب المبرر للإثراء. ويحكم القانون المحلي أيضاً دعوى الإثراء، حيث يحدد لنا ما إذا كانت أصلية أم احتياطية وهل يلزم توافر الإثراء وقتذاك. كذا، يحدد لنا القانون المحلي عناصر التعويض الواجب الحكم بها، لمن افتقر

وهل يتحدد على أساس ضوء قيمة الإثراء أو قيمة الافتقار، أم أقل القيمتين، أم على أساس مختلف عما ذكر. وليس هناك مشكلة إذا أحدثت الواقعة التي ترتب عليها الإثراء والافتقار في دولة واحدة فهنا سيطبق القانون السائد في هذه الدولة أما إذا تفرقت الواقعة حيث حدثت واقعة الإثراء في دولة وواقعة الافتقار في دولة أخرى

فذهب رأي إلى وجوب الاعتداد بقانون الدولة التي تحقق فيها الإثراء. وأساس هذا النظر لديهم، أن أساس المسئولية في هذا المقام، هو واقعة الإثراء. هذا إلى أن الإثراء أمر ظاهر في العالم الخارجي، بحيث يسهل إثباته، عن الحال الذي يتم فيه إثبات الافتقار بحسبانه أمراً سلبياً.

وهذا الوضع يوجب تطبيق القانون السائد في دولة الإثراء. وإعمالاً لهذا النظر، فإذا ما تعلق الأمر بدفع غير المستحق، فإن القانون الواجب التطبيق عليه، هو قانون الدولة التي تم فيها الدفع. وإذا ما تعلق الأمر بالفضالة، فإن القانون السائد في الدولة التي تولى فيها الفضولي شئون رب العمل، هو الواجب التطبيق في هذا الفرض. ففي الحالتين المتقدمتين، تم تطبيق القانون السائد في الدولة التي تحقق فيها الإثراء.

(الدكتور هشام صادق – مرجع سابق – منصور – مرجع سابق)

المسئولية عن العمل الشخصي

قانون الالتزامات غير التعاقدية

يتصدى القانون المحلي، لبيان مضمون الخطأ. فهذا الأخير، يبين لنا ما إذا كان مسلك الشخص المعني، يدخل في عداد الخطأ من عدمه. كذا، يبين لنا هذا القانون، ما إذا كان الدفاع الشرعي، وتنفيذ أوامر الرؤساء والضرورة من الأمور التي تخلع وصف المشروعية على التعدي الصادر من الشخص المتقدم من عدمه. ويبين لنا القانون المحلي أيضاً، ما إذا كان الإدراك ركناً لازماً  لوجود الخطأ، أم أن الأخير يمكن أن يوجد دونه. وتخضع أهلية المساءلة للقانون المحلي أيضاً.

ووفقاً للقواعد العامة، يجوز استبعاد هذا القانون، في الفرض الذي يكون فيه متعارضاً مع النظام العام في مصر، نزولاً على مقتضى المادة 28 مدني، سالفة البيان. وقد عرض الأمر على محكمة النقض المصرية في منازعة تتعلق بحادث وقع لإحدى الطائرات المملوكة لشركة مصر للطيران بمطار إيراني يدعى مهرباد. وقد ترتب على ذلك مفارقة الطاقم والركاب للحياة. وعلى أثر ذلك قامت إحدى الوارثات برفع الأمر للقضاء المصري

وقد اختصت في الدعوى شركة مصر للطيران، بوصفها الشركة التي كان يعمل فيها مورثها (أحد أفراد الطاقم) مطالبة الحكم بإلزام الأخيرة، بتعويضها عن الضرر الذي أصابها من جراء وفاة مورثها في الحادث سالف البيان.

وذهبت المدعية، إلى أن الشركة المتقدمة قد صدر عنها إهمال جسيم، تمثل في عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتأمين نزول الطائرة، على النحو الذي أدى في النهاية إلى وفاة مورثها، ضمن آخرين، على ما سبق لنا بيانه.

وقد دفعت شركة مصر للطيران الدعوى السابقة، مقررة أن القانون الإيراني هو الواجب التطبيق على المنازعة السابقة بوصفه القانون المحلي

وأن الأخير لا يجيز مساءلة الأشخاص الاعتبارية، الأمر الذي يوجب رفض دعوى المدعية سالفة البيان. رغم ذلك ذهبت المحكمة الابتدائية إلى إلزام الشركة المدعى عليها، بتعويض الطالبة عن الضرر الذي أصابها من جراء فقدها لمورثها بسبب الحادث سالف البيان. وقد ذهبت محكمة الاستئناف إلى تأييد قضاء محكمة أول درجة

الأمر الذي دفع شركة مصر للطيران إلى الطعن بالنقض في الحكم المتقدم، على أساس مخالفة محكمة الاستئناف لأحكام القانون الإيراني، والتي لا تجيز مساءلة الشخص الاعتباري إطلاقاً.

وقد انتهى الأمر بمحكمة النقض، إلى رفض الدفاع المتقدم على أساس أن الأحكام الواردة في القانون الإيراني والتي تحول دون مساءلة الشخص الاعتباري عن فعله التقصيري، تعتبر مخالفة للنظام العام في مصر إعمالاً للمادة 28 مدني مصري.

ويحدد لنا القانون المحلي ماهية الأضرار التي يجوز التعويض عنها وتلك التي لا ينصرف إليها الوضع المتقدم. كذا نوع  السببية التي يجب أن تربط الخطأ بالضرر، وفي النهاية، يحدد  لنا القانون سالف البيان أسباب دفع المسئولية.

(الدكتور هشام خالد – مرجع سابق – وأنظر هشام خالد – مرجع سابق- منصور- مرجع سابق- الوكيل – مرجع سابق)

المسئولية عن عمل الغير

ومثال هذا النوع من المسئولية، مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة، كذا الحال بالنسبة لمسئولية من يتولى رقابة من حددهم القانون. والقانون المحلي – بالتحديد السابق، هو الذي يقرر لنا، من يعتبر متولياً للرقابة، كذا من يعد متبوعاً.

كما يبين لنا ذات القانون المتقدم، أساس المسئولية التقصيرية وعما إذا كانت قائمة على قرينة الخطأ القابل لإثبات العكس من عدمه. كذا فإن القانون المتقدم هو الذي يبين لنا الحالات التي يجوز فيها للمتبوع ولمتولي الرقابة، دفع القرينة السابقة.

وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في الحكم الصادر عنها بجلسة 7/11/1967 إلى أن

مسئولية المتبوع عن أعمال التابع الغير مشروعة – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أساس الخطأ المفترض في جانب المتبوع لتقصيره في مراقبة من عهد إليهم بالعمل لديه وتوجيههم مما مؤداه اعتبار مسئولية المتبوع قائمة بناء على عمل غير مشروع، وكان مقتضى المادة 217/3 من القانون المدني هو عدم جواز الاتفاق سلفاً على الإعفاء من المسئولية عن العمل غير المشروع

وإذ يهدف المشرع من تقرير مسئولية المتبوع عن أعمال التابع الغير مشروعة، إلى سلامة العلاقات، في المجتمع مما يعد من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر

فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ أعتبر القاعدة المقررة لمسئولية المتبوع عن أعمال التابع الغير مشروعة من المسائل المتعلقة بالنظام العام في معنى المادة 28 ورتب على ذلك استبعاد تطبيق القانون الفلسطيني الذي لا تعرف نصوصه هذه المسئولية وطبق أحكام القانون المصري في هذا الخصوص

(مجموعة أحكام النقض، س18، ع4، أكتوبر – ديسمبر 1967، ص1614)

وعلى هذا الأساس، يبين لنا أن محكمة النقض المصرية – كما يشهد بذلك قضاءها السابق- تعتبر أحكام مسئولية المتبوع عن أعمال التابع والمؤسسة على فكرة الخطأ المفترض، إنما تتعلق بالنظام العام

المسئولية عن الأشياء

 ويقصد بالمسئولية عن الأشياء مسئولية الشخص عن أشياء معينة كالآلات أو الحيوانات، وذلك إذا ما سببت الأخيرة ضرراً للغير. ويخضع هذا النوع من المسئولية للقانون المحلي.

ويقصد بالأخير القانون المطبق في الدولة التي حدث فيها فعل الشيء المعني، حيواناً كان أم آلة. فالقانون المتقدم، هو الذي يبين لنا أساس المسئولية الشيئية. وهل هو الخطأ المفترض من عدمه، كذا يبين لنا القانون المتقدم. الحالات التي يجوز فيها للحارس نفي الخطأ.

آثار المسئولية

 تخضع آثار المسئولية للقانون المحلي أيضاً، فالقانون المتقدم، هو الذي يحكم التعويض وطرقه ومقداره، وكيفية أدائه. فالقانون المتقدم، هو الذي يبين لنا طريقة التعويض “هل يكون بالتنفيذ العيني أم يكون تعويضاً نقدياً أم غير نقدي، وإذا كان تعويضاً نقدياً، فهل يؤدى مرة واحدة أم مقسطاً أم في صورة إيراد مرتب مدى الحياة”.

ويحدد لنا القانون المحلي أيضاً مقدار التعويض، وهل يكون عن الضرر المباشر فقط، أم يمتد ليشمل أيضاً الضرر غير المباشر. كذا هل يعتد هنا بالضرر المادي فقط، أم بالضرر المعنوي أيضاً.

وقد كانت المادة 50/2 من المشروع التمهيدي للقانون المدني تنص على أنه “أما إذا كانت هذه الوقائع التي حدثت في الخارج تعتبر غير مشروعة في مصر، فليس للمصاب مع ذلك أن يطالب بتعويض أكبر مما يخوله إياه القانون المصري في مثل هذه الحالة”

(مجموعة الأعمال التحضيرية، ج1، ص300)

وقد ذهبت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني، إلى أن أساس الاحتكام للقانون المصري في هذا الصدد، هو بتعلق قاعدة المسئولية هنا بالنظام العام في مصر. وقد تم حذف النص السابق، بحسبان تعلقه بأحكام تفصيلية، رؤى أنه من الأفضل تركها لاجتهاد الفقه والقضاء.

المسئولية المترتبة على جريمة وقعت في الخارج

قانون الالتزامات غير التعاقدية

تنص المادة 3 من قانون العقوبات المصري، على أنه “كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر  وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه”.

وإزاء ذلك، يثار التساؤل عن الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحاكم الجنائية المصرية، بالتبعية للدعوى الجنائية الماثلة أمامها أيضاً، فهل يطبق على الدعوى المدنية القانون السائد في الدولة التي تم ارتكاب الجريمة فيها أم القانون المصري بحسبان أن الأخير يحكم الجريمة

ومن هذا المنطلق يجب أن يمتد لحكم الدعوى المدنية المترتبة عنها، نظراً للارتباط الشديد بينهما؟ وذهب البعض إلى وجوب تطبيق القانون الجنائي الوطني على الشق الجنائي من الواقعة، مع تطبيق القانون المدني الوطني على شقها المدني تحقيقاً للانسجام في هذا المقام. (الدكتور – هشام خالد – مرجع سابق)

وقد قضت محكمة النقض بأن “الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعي التدليل عليها، إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملاً بحكم المادة الثالثة من هذا القانون، فإنه يتعين على قاضي الموضوع – وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه – أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي أرتكب فيه”

(نقض جنائي 17/12/1962 س13 ص846)

لا يجوز تطبيق القانون الأجنبي إذا كان مخالفاً للنظام العام

وقد قضت محكمة النقض بأن

“تنص المادة 28 من القانون المدني على أنه

”لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص السابقة إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر. ومؤدى ذلك نهي القاضي عن تطبيق القانون الأجنبي كلما كانت أحكامه متعارضة مع الأسس الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع

وإذ كان الاعتراف بالأشخاص الاعتبارية وتقرير مساءلتها مدنياً عما يسند إليها من أعمال غير مشروعة يعتبر من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر وتعتبر بالتالي من المتعلقة بالنظام العام في معنى المادة المشار إليها فإن الحكم المطعون فيه إذ استبعد القانون الإيراني وطبق أحكام القانون المصري لما أن القانون الأول لا يجيز مساءلة الشخص الاعتباري عن الفعل الضار فإنه لا يكون مخالفاً للقانون

ولا يقدح في صحته ما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقاً على قاعدة الإسناد المنصوص عليها في المادة 21 من القانون المدني من أن القانون الأجنبي يختص بالفصل في أهلية المساءلة عن الفعل الضار ذلك أن القانون الأجنبي يمتنع تطبيقه عملاً بالمادة 28 مدني كلما كان حكمه في شأن المسئولية أو في شأن شرط من شروطها مخالفاً للنظام العام”

(الطعن رقم 308 لسنة 29ق جلسة 25/6/1964)

وبأنه “تقوم مسئولية المتبوع عن أعمال التابع الغير مشروعة – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – على أساس الخطأ المفترض من جانب المتبوع كتقصيره في مراقبة من عهد إليهم بالعمل لديه وتوجيههم مما مؤداه اعتبار مسئولية المتبوع قائمة بناء على عمل غير مشروع

ومقتضى المادة 217/3 من القانون المدني هو عدم جواز الاتفاق سلفاً على الإعفاء من المسئولية عن العمل غير المشروع. وإذ كان هدف المشرع في تقرير مسئولية المتبوع عن أعمال التابع الغير مشروعة هو سلامة العلاقات في المجتمع مما يعد من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر

فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ اعتبر القاعدة المقررة لمسئولية المتبوع عن أعمال التابع غير المشروعة من المسائل المتعلقة بالنظام العام في معنى المادة 28 من القانون المدني ورتب على ذلك استبعاد تطبيق القانون الفلسطيني الذي لا تعرف نصوصه هذا المسئولية وطبق أحكام القانون المصري في هذا الخصوص”

(الطعن رقم 22 لسنة 34ق جلسة 7/11/1967)
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة