الحوالة بين المحيل والمحال

شرح الحوالة في المواد 308 الى 311 من القانون المدني بشأن حوالة الحق و ضمان الحق المحال ان كان بعوض وبغير عوض ومدي صحة اتفاق المحيل والمحال اليه علي شروط ضمان معينة بانقاصه أو زيادته ومدي تعلق ضمان الحوالة بالنظام العام وبيان مسئولية المحيل عن أعماله ونوع هذه المسئولية ومسئولية البنك عن الحوالة .

الحوالة في نص المادة 308 مدني

 

  1.  إذا كانت الحوالة بعوض فلا يضمن المحيل إلا وجود الحق المحال به وقت الحوالة ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك.
  2.  أما إذا كانت الحوالة بغير عوض فلا يكون المحيل ضامناً حتى لوجود الحق.

الحوالة في النصوص العربية المقابلة

  • هذه المادة تقابل من مواد نصوص القوانين العربية المادة 308 سوري والمادة 295 ليبي والمادة 368 عراقي والمادة 284 لبناني
  • وقد ورد هذا النص في المادة 435 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا أن الفقرة الثانية من نص المشروع التمهيدي كانت تتضمن في آخرها عبارة “ما لم يتفق علي غير ذلك”.
  • وفي لجنة المراجعة حذفت هذه العبارة “حتى يتمشي حكم هذه القفرة مع حكم المادة 437 من المشروع (وتقابل المادة 310 من التقنين المدني الجديد)
  • لأن المحيل بغير عوض لم يستول علي شئ حتى يرده في حالة الضمان المتفق عليه” فأصبح نص المادة مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد، وصار رقمها المادة 320 في المشروع النهائي.
  • ووافق عليه مجلس النواب، فمجلس الشيوخ تحت رقم 308
(مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص122-ص123)

الحوالة في القانون المدني

الشرح والتعليق علي المادة 308 مدني

يلاحظ ان المادة 308 من القانون المدنى قد وردت فى صيغة مطلقة فلم ترتب إلتزاما على عائق المحيل إذا كانت الحوالة بغير عوض على ان هذا الاطلاق لايمنع من تطبيق القواعد العامة فيما لو كان المحيل قد تعمد إخفاء سبب انعدام الحق ويلاحظ أيضاً أن المشروع التمهيدى كان يجيز الإتفاق فى الحوالة بغير عوض على خلاف ماتقضى به المادة 308 مدنى

وقد حذف النص الذى يبيح ذلك الإتفاق على إعتبار أن المحيل بغير عوض لم يستوفى على شىء حتى يرده فى حالة الضمان المتفق عليه هذا فى حين ان المادة 494 مدنى الواردة فى باب الهبة يبيح الإتفاق على الضمان بالرغم من انعدام المقابل فى عقد الهبة ذلك انه فى وسع القاضى دائما ان يقدر للموهب له تعويضاً عادلاً عما أصابه من ضرر

كما تقول المادة 494 مدنى هى نفسها وظاهر ان المشرع قد خرج هنا وبهذا القدر على القواعد المتعلقة بالضمان فى عقد الهبة ويلاحظ أخيراً ان المادة 308/2 مدنى لم تواجه صورة   الهبة    بعوض والهبة يعوض شأنها شأن البيع يضمن فيها الواهب الإستحقاق بقدر ما أداه الموهوب له عن عوض (م 494 / 2مدنى )

( حوالة الحق في قوانين البلاد العربية – للدكتور شفيق شحاتة – ص 27)

ضمان المحيل للحوالة إذا كانت بعوض

إذا كانت الحوالة بعوض فإن ضمان المحيل يقتصر علي وجود الحق المحال به وقت  الحوالة  ويكون الحق المحال به غير موجود وقت صدور الحوالة فيجب علي المحيل الضمان،

إذا كان مصدر هذا الحق عقدا باطلا فإذا كان مصدر الحق عقدا قابلا للإبطال لمصلحة المدين الذي ترتب الحق في ذمته وأبطله هذا فعلا صار الحق غير موجود ووجب الضمان علي المحيل حتى لو كان الحكم بالإبطال قد صدر بعد صدور الحوالة لأن للإبطال أثرا رجعيا فيعتبر الحق كأنه لم يوجد أصلا،

ومن ثم لا يكون موجودا وقت صدور الحوالة ويجب الضمان أيضا علي المحيل إذا كان الحق المحال به قد انقضي قبل صدور الحوالة بأي سبب من أسباب الانقضاء كأن يكون المحيل قد استوفاه أو قضاه بالتجديد أو بالمقاصة أو باتحاد الذمة أو بالإبراء أو أن يكون الحق قد انقضي بالتقادم

(السنهوري ص410)

أما إذا كان قد انقضي بفعل المحيل بعد صدور الحوالة فإن مسئوليته محمولة علي المادة 311، كما يتحقق الضمان إذا كان القح قد زال بسبب تحقق شرط فاسخ لا يعلمه المحال له سواء كان تحققه سابقا أو لاحقا لانعقاد الحوالة، ويشمل الضمان كذلك وجود توابع الحق المحال به وقت انعقاد الحوالة.

ويقتصر ضمان كذلك وجود الحق فلا يضمن بغير اتفاق خاص يسار المدين المحال عليه إلا إذا كان يعلم بإعساره وأخفي ذلك غشا عن المحال له فيقوم التزامه بالضمان علي أساس الغش وليس علي أساس عقد الحوالة،

كما يقتصر الضمان علي وجود توابع الحق التي تنتقل معه كرهن أو امتياز أو كفالة ولكنه لا يشمل بغير اتفاق خاص كفاية التأمين أو ملاءة الكفيل وفي حالة وجود مثل هذا الاتفاق تخرج من نطاق الضمان بحكم القانون إلي نطاق الضمان الاتفاقي. فإذا وجد الضمان وقت انعقاد الحوالة ثم زال بعد ذلك انتفي موجب الضمان ألا أن يكون الزوال راجعا إلي سبب سابق علي الحوالة

(السنهوري بند 281 وهامشه-غانم بند 199- جمال زكي بند 523)

ضمان المحيل للحوالة إذا كانت بغير عوض

لما كان الأصل أن المشرع غير ضامن فإن المحيل لا يضمن حتى وجود الحق المحال به.

لكن إذا توافرت المسئولية التقصيرية في حق المحيل كما لو كان عالما بانعدام الحق أو تعمد إخفاء سبب الاستحقاق وترتب علي ذلك ضرر بالمحال له كتفويت فرصة عليه بسبب الحوالة، وجب إلزامه بتعويض يقدره القاضي بما لحقه من خسارة وما فاته من كسب،

ولا يجوز للمحيل أن يشترط عدم مسئوليته عن خطأه التقصيري وإلا كان الشرط باطلا لمخالفته النظام العام

(أنور طلبه ص193)
قضت محكمة النقض بأن

يتضمن التناول عن الإيجار   حوالة حق  بالنسبة إلي حقوق المستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته ويعتبر المستأجر المتنازل-فيما يختص بحق الانتفاع بالعين المؤجرة الذي حوله إلي المتنازل له في مركز المحيل

ومن ثم فإن ضمانه لهذا الحق ولو كان التنازل بعوض يخضع للقواعد المقررة للضمان في حوالة الحق وليس القواعد المقررة لضمان البائع فإذا تحقق سبب الضمان وفقا للمادة 308 من القانون المدني فإن المستأجر المتنازل لا يلزم طبقا للمادة 310 إلا برد ما استولي عليه مقابل حق الانتفاع الذي حرم منه المتنازل له مع الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يقضي بغير ذلك

(الطعن رقم 343 لسنة 32ق جلسة 8/12/1966)

وبأنه إذ نظم المشرع في المواد من 308 إلي 311 من القانون المدني أحكام الضمان في حوالة الحق بنصوص خاصة فإنه لا يجوز مع وجود هذه الأحكام الخاصة تطبيق أحكام الضمان الواردة في باب البيع علي الحوالة

(الطعن رقم 50 لسنة 33ق جلسة 9/2/1967)

وبأنه لا يقتصر حق المحال له في التعويض- في حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية وفقا للمادة 311 من القانون المدني-علي استرداد ما دفعه للمحيل عوضا عن الحق المحال به مع   الفوائد   والمصروفات كما هو الحال عندما يتحقق الضمان طبقا للمادتين 308، 309 من القانون المدني بل يكون التعويض كاملا يشمل قيمة هذا الحق كلها ولو زادت علي ما دفعه المحال له للمحيل ويشمل أيضا التعويض عن أي ضرر آخر يلحق بالمحال له من جراء فعل المحيل

(الطعن رقم 50 لسنة 33ق جلسة 9/2/1967)

وبأنه امتناع المحيل عن تسليم المستندات المثبتة للحق المحال به لا يجيز الرجوع عليه بالضمان إلا إذا ترتب عليه استحالة استيفاء المحال له الحق المحال من المدينين المحال عليهما إذ يعتبر عندئذ عائقا يحول دون حصول المحال له علي هذا الحق فيضمنه المحيل متى كان بفعله الشخصي

(الطعن رقم 50 لسنة 33ق جلسة 9/2/1967)

وبأنه حق المحال له في التعويض في حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية وفقا للمادة 311 من القانون المدني-وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة-لا يقتصر علي استرداد ما دفعه للمحيل عوضا عن الحق المحال به مع الفوائد والمصروفات كما هو الحال عندما يتحقق الضمان طبقا للمادتين 308 ، 309 من القانون المدني بل يكون التعويض  كاملا يشمل قيمة هذا الحق كلها ولو زادت علي ما دفعه المحال له للمحيل ويشمل أيضا التعويض عن أي ضرر آخر يلحق بالمحال له من جراء فعل المحيل

(الطعن رقم 352 لسنة 41ق جلسة 22/3/1977)

أحكام الضمان القانوني ليست من النظام العام

فقد رأينا أن الفقرة الأولي من المادة 308 مدني سالفة الذكر قد نصت علي أنه إذا كانت الحوالة بعوض فلا يضمن المحيل إلا وجود الحق المحال به وقت الحوالة ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك

وعلي ذلك يجوز للمتعاقدين الاتفاق علي إنقاص الضمان أو إسقاطه أو الزيادة فيه.

من صور إنقاص الضمان

اتفاق المحيل مع المحال له علي عدم ضمان توابع الحق أو علي عدم ضمان وجود الحق نفسه،

علي أن هذا الشرط الأخير لا يعفيه من وجوب رد الثمن الذي قبضه، هذا مع ملاحظة أن شرط إنقاص أو إسقاط الضمان لا يعفي المحيل من مسئوليته عن أفعاله الشخصية

( توفيق حسن فرج ص 788 )

ومن صور الزيادة في الضمان

أن يتفق المحيل مع المحال إذا كانت الحوالة يغير عوض أصلا علي أنه في حالة استحقاق الحق المحال به أو في حالة انعدامه يرجع المحال له علي المحيل بتعويض عادل حتى لو كان المحيل يجهل أن الحق المحال به مستحق للغير أو منعدم فهذا يعد تشديد للضمان الذي قرره القانون والذي بسطنا أحكامه فيما تقدم فإن المحيل لا يكون ملتزما طبقا لهذه الأحكام إلا إذا كان يعلم بانعدام الحق أو باستحقاقه للغير ثم يتعمده ذلك علي المحال له.

شرح المادة 309 مدني

تنص المادة 309 من القانون المدني علي
  1.  لا يضمن المحيل يسار المدين إلا إذا وجد اتفاق خاص على هذا الضمان
  2.  وإذا ضمن المحيل يسار المدين فلا ينصرف هذا الضمان إلا إلى اليسار وقت الحوالة ما لم يتفق على غير ذلك

النصوص العربية المقابلة

هذه المادة تقابل من مواد نصوص القوانين العربية المادة 309 سوري والمادة 296 ليبي والمادة 369 عراقي والمادة 284 لبناني.

وقد ورد في هذا النص من المادة 436 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد. ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 321 من المشروع النهائي فمجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 309

(مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص124-ص125)
وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه
  • تتناول المواد من 435 إلي 438 أحكام التزام المحيل بالضمان، وهو التزام يترتب بمقتضي الحوالة ولم يستحدث المشروع جديدا في هذا الشأن فهو يكاد يقتصر علي الأخذ بما استقر من المبادئ علي أن هذه المبادئ ليست في جملتها إلا قواعد مفسرة لإرادة المتعاقدين، والأصل في تطبيقها أن يقتصر ضمان المحيل علي وجود الحق المحال به (المادة 435)
  • وأن اشتراط ضمان اليسار لا يتناول إلا مركز المحال عليه وقت الحوالة (المادة 436) ما لم يتفق علي خلاف ذلك. علي أن إعمال مبدأ سلطان الإرادة يرد عليه في هذا النطاق قيدان: فيراعي من ناحية أن مدى التزام المحيل بالضمان طبقا للمادة 437 لا يجاوز علي وجه الإطلاق رد ما أدي إليه فعلا مع الفوائد والمصروفات.
  • وقد قصد من نص المشروع علي عدم جواز الاتفاق علي خلاف هذا الحكم إلي قطع السبيل علي المرابين. ويراعي من ناحية أخرى أن اشتراط الإعفاء من المسئولية عن ضمان الاستحقاق يقع باطلا، إذا كان هذا الاستحقاق يرجع إلي فعل المحيل نفسه (المادة 438)،
  • وليس هذا الحكم سوى مجرد تطبيق للقواعد المقررة بشأن ضمان الاستحقاق بوجه عام. ويتفرغ علي هذه القواعد ذاتها أن المحيل يسقط عنه الضمان إذا كانت الحوالة بغير عوض، ما لم يتفق علي خلاف ذلك (المادة 435 فقرة2) بيد أنه يسأل في هذه الحالة أيضا عن فعله الشخصي (المادة 438) .

الشرح والتعليق للمادة 309 قانون مدني

عدم ضمان المحيل يسار الدين ما لم يوجد اتفاق علي غير ذلك

لا يضمن المحيل يسار المدين إلا إذا وجد اتفاق خاص علي هذا الضمان فإن لم تتضمن الحوالة شرطا يلتزم بموجبه المحيل بضمان يسار المدين فإن المحيل لا يضمن هذا اليسار بحيث إذا رجع المحال له علي المدين وقت حلول أجل الدين وتبين إعساره، فلا يجوز له الرجوع علي المحيل لأن الأخير لم يضمن يسار المدين.

فإن ضمن المحيل يسار المدين فإن هذا الضمان ينحصر في يسار المدين وقت نشوء الحوالة وليس وقت استحقاق الحق محل الحوالة، فإن كان موسرا وقت الحوالة ثم أعسر بعد ذلك، فلا ضمان

(أنور طلبه ص197)

وإذا انضمت الحوالة شرطا بضمان يسار المدين وقت الاستحقاق، كان للمحال له الرجوع علي المحيل بالضمان إذا أصبح المدين معسرا في ذلك الوقت، ولكن لما كان هذا الشرط من شأنه التشديد في أحكام الضمان فلا يجب ألا يتوسع في تفسيره. وعلي ذلك فإن لم يحدد الوقت الذي يضمن فيه المحيل يسار المحال عليه،

فلا يصرف الضمان إلا إلي اليسار وقت الحوالة واشتراط ضمان يسار المدين يؤدي إلي إلزام المحيل بقيمة عوض الحوالة مع الفوائد والمصروفات لا بقيمة الحق المحال به

(عبد المنعم البدراوي ص 304 )

شرح  المادة 310 مدني

 

تنص المادة 310 من القانون المدني علي

إذا رجع المحال له بالضمان على المحيل طبقاً للمادتين السابقتين فلا يُلزم المحيل إلا بردّ ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يقضي بغير ذلك

  النصوص العربية المقابلة

هذه المادة تقابل من مواد نصوص القوانين العربية المادة 310 سوري والمادة 297 ليبي والمادة 370 عراقي والمادة 284 لبناني.

وقد ورد هذا النص في المادة 437 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد. ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 322 من المشروع النهائي وقد ذكر في هذه اللجنة، بعد أن تساءل أحد الأعضاء عما إذا كان المقصود من الحكم الأخير منع الربا

أن المقصود من هذا الحكم أن يتحمل المحال له الغنم والغرم، لأن الحوالة تنطوي علي معنى المضاربة”. ووافق مجلس النواب علي النص، ثم وافق مجلس الشيوخ تحت رقم 310

(مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص126)

الشـرح والتعليق للمادة 310 مدني

رجوع المحال له بالضمان علي المحيل

عند تحقق الضمان يكون أقصي ما يرجع به المحال له علي المحيل هو أن يسترد منه ما دفعه له عوضا عن الحق المحال به، مع الفوائد من يوم الدفع بالسعر القانوني

ومع المصروفات التي يكون قد أنفقها في إبرام الحوالة أولا ثم في مطالبة المدين ثانيا في الرجوع بالضمان علي المحيل أخيرا.

وهذا سواء كان الضمان بحكم القانون ولم يجد المحال له الحق موجودا، أو كان بحكم الاتفاق ولم يجد المحال له المدين موسرا

(السنهوري ص420)

ولا يجوز الاتفاق علي زيادة الضمان عن هذه الحدود وإلا كان باطلا ومخالفا للنظام العام، ولكن يجوز الاتفاق علي تخفيف الضمان أو الإعفاء منه عملا بالمادة 217 من القانون المدني

(أنور طلبه ص199)

ولكن لا يجوز أن يرجع المحال له بأكثر من استرداد ما دفعه مع الفوائد والمصروفات إلا في حالة واحدة هي حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية.

فإن التعويض في هذه الحالة الأخيرة يكون مصدره خطأ تقصيريا في جانب المحيل، فوجب أن يكون كاملا يشمل قيمة الحق المحال به كله ولو زادت علي ما دفعه المحال له للمحيل، ويشمل أيضا التعويض عن أي ضرر آخر. ويبقي هذا الحكم صحيحا حتى لو قلنا إن التعويض مصدره عقد الحوالة لا الخطأ التقصيري فإن التعويض في المسئولية العقدية يتناول كل الضرر المباشر المتوقع، فيشمل قيمة الحق المحال به كما يشمل التعويض عن أي ضرر آخر يكون مباشرا متوقعا

وإذا كانت المادة 310 مدني قد قصرت الرجوع بالضمان علي إلزام المحيل برد ما استولي عليه مع الفوائد والمصروفات ولم تجز الاتفاق علي غير ذلك

فإن هذا الحكم خاص بالضمان الذي لا يرجع إلي أفعال المحيل الشخصية. وهو الضمان المنصوص عليه في المادتين 308و 309 مدني. ونص المادة 310 مدني صريح في هذا المعنى ولا يتناول مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية المنصوص عليه بعد ذلك في المادة 311 مدني. وفي غير مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية، لا يجوز للمحال له في إلزامه المحيل بالضمان

أن يرجع عليه بأكثر مما دفعه له مع الفوائد والمصروفات فلا يجوز له أن يرجع عليه بقيمة الحق المحال به كله إذا كانت هذه القيمة أكثر مما دفعه، حتى لو اتفق معه علي ذلك. فالمبدأ الذي يضع الحد الأقصى لمقدار ما يرجع به المحال له هو إذن من النظام العام، لا يجوز الاتفاق علي مخالفته

(السنهوري ص221)

وقد قضت محكمة النقض بأن “إذ نصت المادة 310 من القانون المدني علي أنه “إذا رجع المحال له بالضمان علي المحيل. فلا يلزم المحيل إلا برد ما استولي عليه مع الفوائد والمصروفات ولو وجد اتفاق يخالف ذلك” فإن قصد المشرع من هذا النص هو تحديد أقصي ما يرجع به المحال له علي المحيل من تعويض عند تحقق الضمان

وهذا الحكم يغاير الحكم الوارد بالمادة 216 من القانون المدني الذي يجري سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إذا كان موضوع الالتزام مبلغا من النقود تأخر المدين في الوفاء به ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذا لم يعمل حكم المادة 226 من القانون المدني، وقضي للمحال له بالفوائد من تاريخ دفعه مبلغ الحوالة للطاعن وهو المحيل فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون

(الطعن رقم 289 لسنة 30ق جلسة 11/1/1966)

وبأنه “حق المحال له في التعويض لا يقتصر-في حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية وفقا للمادة 311 من القانون المدني-علي استرداد ما دفعه المحيل عوضا عن الحق المحال به مع الفوائد والمصروفات كما هو الحال عندما يتحقق الضمان طبقا للمادتين 308و 309 من القانون المدني بل يكون التعويض كاملا يشمل قيمة هذا الحق كله ولو زادت علي ما دفعه المحال له للمحيل ويشمل أيضا التعويض عن أي ضرر آخر يلحق بالمحال له من جراء فعل المحيل

(مجموعة أحكام النقض السنة 18 ص325 جلسة 9/2/1967، الطعن رقم 352 لسنة 41ق السنة 28 ص 732 جلسة 22/3/1977 الطعن رقم 8767 لسنة 63ق جلسة 26/2/2001)

وبأنه إذا نظم المشرع في المواد من 308 إلي 311 من القانون المدني أحكام الضمان في حوالة الحق بنصوص خاصة فإنه لا يجوز مع وجود هذه الأحكام الخاصة تطبيق أحكام الضمان الواردة في باب البيع علي الحوالة

(مجموعة أحكام النقض السنة 18 ص325 جلسة 9/2/1967)

شرح المادة 311 مدني

 

يجري نص المادة 311 مدني علي

يكون المحيل مسئولاً عن أفعاله الشخصية ولو كانت الحوالة بغير عوض أو لو اشترط عدم الضمان.

النصوص العربية المقابلة

هذه المادة تقابل من مواد نصوص القوانين العربية المادة 311 سوري و المادة 298 ليبي و المادة 381 عراقي

وقد ورد هذا النص في المادة 438 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد، فيما عدا خلافا لفظيا طفيفا أزالته لجنة المراجعة، فأصبح التطابق تاما وصار رقم المادة 323 في المشروع النهائي. ووافق عليها مجلس النواب، فمجلس الشيوخ تحت رقم 311

(مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص127-ص128).

الأعمال التحضيرية 

  • تتناول المواد الأربعة أحكام إلتزام المحيل بالضمان ، وهو إلتزام يترتب بمقتضي الحوالة ولم يستحدث المشرع جديداً في هذا الشأن
  • فهو يكاد يقتصر علي الأخذ بما إستقر من المبادئ ، علي أن هذه المبادئ ليست في جملتها إلا قواعد مفسرة لإرادة المتعاقدين
  • والأصل في تطبيقها أن يقتصر ضمان المحيل علي وجود الحق المحال به . وأن إشتراط ضمان اليسار لا يتناول إلا مركز المحال عليه وقت الجوالة ما لم يتفق علي خلاف ذلك .
  • علي أن إعمال مبدأ سلطان الإرادة يرد عليه في هذا النطاق قيدان: فيراعي من ناحية أن مدي إلتزام المحيل بالضمان طبقاً للمادة السابقة لا يجاوز علي وجه الإطلاق رد ما أدي إليه فعلاً مع الفوائد والمصروفات
  • وقد قصد من نص المشرع علي عدم جواز الإتفاق علي خلاف هذا الحكم إلي قطع السبيل علي المرابين ، ويراعي من ناحية أخري أن إشتراط الإعفاء من المسئولية عن ضمان الإستحقاق يقع باطلا إذا كان هذا الإستحقاق يرجع إلي فعل المحيل نفسه وليس هذا الحكم سوي مجرد تطبيق للقواعد المقررة بشأن ضمان الإستحقاق بوجه عام .
  • ويتفرع علي هذه القواعد ذاتها أن المحيل يسقط عنه الضمان إذا كانت الحوالة بغير غرض ، مالم يتفق خلاف ذلك ، بيد أنه يسأل في هذه الحالة أيضاً عن فعله الشخصي .
(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني جزء 3 ص 427 و128)

الشرح للمادة 311 مدني

ضمان المحيل لأفعاله الشخصية

يضمن المحيل للمحال له جميع الأفعال التي تصدر منه بعد صدور الحوالة ويكون من أنها الانتقاص من الحق المحال به أو زواله فيكون مسئولا بحكم هذا الضمان إذا هو بعد   الحوالة   وقبل صيرورتها نافذة في حق المدين استوفي الحق من هذا الأخير كان متواطئا معه أو غير متواطئ وسواء كان المدين يعلم بصدور الحوالة أو لا يعلم

فإن فعل ذلك رجع عليه المحال له بالضمان لأن المحيل مسئول عن الفعل الشخصي الذي صدر منه صدور الحوالة وهذا الفعل هو استيفاء الحق من الدين. ويكون مسئولا أيضا بحكم هذا الضمان

إذا هو بعد الحوالة وقبل صيرورتها نافذة في حق الغير تصرف في الحق المحال به تصرفا مناقضا للحوالة الأولي، بأن باعه مرة أخرى أو وهبه أو رهنه أو أجرى فيه أي تصرف آخر

فإذا عمد المحيل بعد الحوالة الأولي إلي تحويل الحق مرة أخرى إلي محال له ثان واستطاع هذا المحال له الثاني جعل حوالته نافذة في حق المحال له الأول، رجع المحال له الأول علي المحيل بالضمان من جراء فعل شخصي صدر منه، وهو تصرفه في الحق المحال به بعد أن حوله.

ويكون مسئولا كذلك بحكم هذا الضمان إذا عمد أحد دائنيه بعد صدور الحوالة وقبل صيرورتها نافذة في حق الغير، إلي توقيع حجز تحفظي علي الحق المحال به وصار هذا الحجز نافذا في حق المحال له فإن المحال له في هذه الحالة يرجع بالضمان علي المحيل بسبب أن الحجز التحفظي  وإن لم يكن عملا شخصيا صادرا من المحيل نفسه، هو عمل صادر من جهته وبسبب الدين الذي في ذمته للدائن الحاجز

(السنهوري ص408)

ويلتزم المحيل بالضمان سواء كانت الحوالة بعوض أو بغير عوض وحتى لو اشترط عدم الضمان. ومتى تحققت شروط مسئولية المحيل عن فعله الشخصي فإن جزاءها يخضع للقواعد العامة،

ولا يسري عليه القصر أو التحديد الذي قضت به المادة 310 فيما يتعلق بالإخلال بضمان وجود الحق أي أن المحال له يكون له الحق في تعويض كافة الأضرار التي أصابته سواء في ذلك ما لحقه من خسارة أو ما فاته من كسب

فيجوز له أن يرجع علي المحيل بقيمة الحق المحال به كلها إذا أثبت أنه لولا خطأ المحيل لاستطاع هو أن يحصل علي تلك القيمة كاملة

(محمود جمال الدين زكي ص170-سليمان مرقص ص415-عبد المنعم البدراوي ص305)
وقد قضت محكمة النقض بأن

لنص في المادة 311 من القانون المدني علي أن “يكون المحيل مسئولا عن أفعاله الشخصية ولو كانت الحوالة بغير عوض أو اشتراط عدم الضمان” يدل علي أن المحيل يضمن للمحال له جميع الأفعال التي تصدر منه بعد صدور الحوالة ويكون من شأنها الانتقال من الحق المحال به أو توابعه أو زواله.

ويستوي في ذلك أن تكون الحوالة بعوض أو بغير عوض ولو اشترط المحيل عدم الضمان. ذلك أن مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية تعتبر مسئولية تقصيرية لا يجوز الاتفاق علي التحلل منها أو تعديلها.

فإذا عمد المحيل بعد انعقاد الحوالة وقبل صيرورتها نافذة في حق المدين إلي مطالبة المدين بالحق المحال به فأوفاه أو استصدر به حكما ضده فإن الوفاء للمحيل – إن كان قد حدث-يكون صحيحا مبرئا لذمة المدين ولكن المحيل بمطالبته المحال عليه بالدين يكون مسئولا قبل المحال له بالضمان ولو كانا قد اتفقا علي عدم الضمان

(الطعن رقم 440 لسنة 45ق س30 ع2 ص746 جلسة 25/6/1979)

وبأنه النص في المادة 311 من القانون المدني وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة علي أن يكون المحيل مسئولا عن أفعاله الشخصية ولو كانت الحوالة بغير عوض أو اشترط عدم الضمان يدل علي أن المحيل يضمن للمحال له جميع الأفعال التي تصدر منه بعد صدور الحوالة ويكون من شأنها الانتقاص من الحق المحال به أو توابعه أو زواله

ويستوي في ذلك أن تكون الحوالة بعوض أو بغير عوض ولو اشترط المحيل عدم الضمان ذلك أن مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية تعتبر مسئولية تقصيرية لا يجوز الاتفاق علي التحلل منها أو تعديلها وإن ترك المحيل الخصومة في دعوى البيوع بعد استيفاء دين المحجوز من أجله من المحال إليه يعد إخلالا بالتزامه قبله لما يتضمن هذا الترك من التنازل عن الحجز الذي اتفق المحيل معه علي حلوله محله فيه.

لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه للمطعون ضدهما بالتعويض المقضي علي ما خلص إليه. من أن البنك  الطاعن لم يتخذ الحيطة والحذر الواجبين في المحافظة علي حقوق المطعون ضدهما واللذين يفرضهما عليه عقد الحوالة المبرم بينهم بعد أن قاما بسداد الدين المتقدم أجله وحلولهما محله مما كان من مقتضاه ألا يقرر بترك الخصومة في دعوى البيوع رقم 36 لسنة 1969 بيوع دمنهور.

لما يترتب عليه هذا الترك من تنازل عن كافة إجراءات التنفيذ بعد أن قطعت شوطا كثيرا وكان من بين ذلك الحكم ببطلان تعجيل المطعون ضدهما للسير في تلك الإجراءات المؤيد استئنافيا في الاستئناف رقم 324 لسنة 36ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) ورتب علي ذلك مسئولية عن تعويضهما عما لحقهما من أضرار نتيجة هذا الخطأ الشخصي من جانبه فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون

(الطعن رقم 2347 لسنة 58ق جلسة 12/6/1991)

وبأنه لا يقتصر حق المحال له في التعويض-في حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية وفقا للمادة 311 من القانون المدني-علي استرداد ما دفعه للمحيل عوضا عن الحق المحال به مع الفوائد والمصروفات كما هو الحال عندما يتحقق الضمان طبقا للمادتين 308، 309 من القانون المدني بل يكون التعويض كاملا يشمل قيمة هذا الحق كلها ولو زادت علي ما دفعه المحال له للمحيل ويشمل أيضا التعويض عن أي ضرر آخر بالمحال له من جراء فعل المحيل

(الطعن رقم 50 لسنة 33ق جلسة 9/2/1967)
كما قضت بأن

امتناع المحيل عن تسليم المستندات المثبتة للحق المحال به لا يجيز الرجوع عليه بالضمان إلا إذا ترتب عليه استحالة استيفاء المحال له الحق من المدينين المحال عليهما إذ يعتبر عندئذ عائقا يحول دون حصول المحال علي هذا الحق فيضمنه المحيل متى كان بفعله الشخصي

(الطعن رقم 50 لسنة 33ق جلسة 9/2/1967)

وبأنه حق المحال له في التعويض في حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية وفقا للمادة 311 من القانون المدني-وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة-لا يقتصر علي استرداد ما دفعه للمحيل عوضا عن الحق المحال به مع الفوائد والمصروفات، كما هو الحال عندما يتحقق الضمان للمادتين 308، 309 من القانون المدني بل يكون التعويض كاملا يشمل قيمة هذا الحق كلها ولو زادت علي ما دفعه المحال له للمحيل ويشمل أيضا التعويض عن أي ضرر آخر يلحق بالمحال له من جراء فعل المحيل

(الطعن رقم 352 لسنة 41ق جلسة 22/3/1977)

حكم المادة 311 يتعلق بالنظام العام

الحوالة في المواد 308 الى 311

حكم المادة مما يتعلق بالنظام العام ومن ثم لا يجوز الاتفاق علي عدم مسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية أو تحديد هذه المسئولية وإلا وقع الاتفاق باطلا وهذا واضح من نص المادة حيث جاء في عجزها ولو اشترط عدم الضمان وقد قصد المشرع بهذا الإطلاق الخروج علي حكم المادة 217 فقرة ثانية التي تجيز الاتفاق علي إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب علي عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم.

(سليمان مرقص ص413 وما بعدها)
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047