معني الالتزامات التي تنشأ عن القانون مباشرة والتى تسري عليها النصوص القانونية التى أنشأتها وفقا لنص المادة 198 مدني بعرض شروحات فقهاء القانون للمادة و المذكرة الايضاحية لها وأحكام محكمة النقض
محتويات المقال
نص المادة 198 مدني
الالتزامات التي تنشأ مباشرة عن القانون وحده تسري عليها النصوص القانونية التي أنشأتها .
النصوص العربية المقابلة
هذه المادة تقابل في نصوص القانون المدني بالأقطار العربية ، المواد التالية – المادة 201 ليبي و المادة 245 عراقي والمادة 199 سوري والمادة 196 كويتي والمادة 120 لبناني والمادة 185 سوداني .
الأعمال التحضيرية للالتزامات بقانون
كل إلتزام أيا كان مصدره المباشر يرجع إلي القانون بإعتباره المصدر الأخير للإلتزامات والحقوق جميعاً ، فمن الإلتزامات ما يكون مصدره المباشر تصرف قانوني أو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب ويرد في مصدره الأخير إلي القانون
ومنها وعلي نقيض ذلك ما يكون القانون مصدره المباشر والأخير في آن واحد ويراعي أن القانون يعتبر في هذه الصورة مصدراً وحيداً يتكفل بإنشاء الإلتزام رأسا
ويتولي تعيين مداه وتحديد مضمونة وقد ساء التقنين اللبناني في معرض التمثيل للإلتزامات التي تصدر عن نص القانون إلتزامات الجوار ، والإلتزام بإنفاق علي بعض الأصهار … أن إلتزامات الفضولي فيما يتعلق بالمضي في العمل والعناية المطلوبة وتقييم الحساب كلها ينشئها القانون رأسا وينفرد بذلك دون سائر مصادر الإلتزام .
وتنشأ الإلتزامات المقررة بنص القانون إستقلالا عن إرادة ذوي الشأن فهي لا تقتضي فيهم أهلية ما ( م 120 من التقنين المدني اللبناني )
ومع هذا فقد يطلب القانون أهلية خاصة بالنسبة لبعض الإلتزامات مراعياً في ذلك أنها لا تترتب بمعزل عن الإدارة ، ومن هذا القبيل ما يقع من الإلتزامات علي عاتق الفضولي إذ يشترط القانون لترتيبه أن يكون من يتصدي لشأن من شئون الغير تفضلاً أهلا للتعاقد .
( مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – الجزء 2- ص 491 و 492)
الشرح والتعليق علي المادة 198 قانون مدني
الأصل أن كل إلتزام مصدره القانون
فالإلتزامات المترتبة علي العقد وعلي العمل غير المشروع وعلي الإثراء بلا سبب كل هذه الإلتزامات مصدرها للقانون
لأن القانون هو الذي جعلها تنشأ من مصادرها وحدد أركانها وبين أحكامها
ولكن هذه الإلتزامات لها مصادر مباشرة
فقد أختار القانون تصرفاً هو العقد وعملين ماديين هما العمل غير المشروع و الإثراء بلا سبب وجعل هذه الأعمال الثلاثة مصادر عامة للإلتزام ، فمتي قام عمل منها نشأ الإلتزام دون تمييز بين حالة وأخري .
ويستخلص من ذلك أمران
- (1) أن القانون هو مصدر مباشر لبعض الإلتزامات ولا سبيل إلي تحديد هذه الإلتزامات القانونية إذا بالنص القانوني وحده الذي ينشها.
- (2) النص وحده هو أيضاً يتكفل بتعيين أركان الإلتزام القانوني وبيان أحكامه .
(الوسيط -1 – الدكتور السنهوري – ص 1275 وما بعدها ، وكتابة الوجيز – ص525 وما بعدها )
القانون مصدر لجميع الالتزامات
القانون كما نعلم يعتبر مصدرا لجميع الالتزامات فلالتزامات الناشئة عن العقد أو الإرادة المنفردة أو العمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب مصدرها القانون غاية الأمر أن القانون يعتبر بالنسبة لها مصدرا غير مباشر
إلا أن هناك من الالتزامات ما يعتبر القانون بالنسبة لها مصدرا مباشرا وهذه الالتزامات تنشأ دون تدخل من جانب المدين أى دون عمل إيجابي أو سلبي منه
والقانون لا يعتبر مصدرا مباشرا للالتزام إلا إذا أنشأ بنص خاص وهذا النص هو الذي يحدد أركان هذا الالتزام ويبين أحكامه ولذا يتعين دراسة كل التزام قانوني بالمعنى الضيق في الموضع الذي جاء فيه النص المنشئ له
والذي يعنينا هنا هو أن نشير الى أن القواعد التي تحكم الالتزامات القانونية بالمعنى الضيق هى بصفة عامة ذات القواعد التي تحكم الالتزامات غير الإرادية
وأهم ما تتصف به هذه أنه لا يشترط لها أية أهلية في الملتزم للالتزام بالنفقة يقع على عديم الأهلية كما يقع على كاملها .
(تناغو ، بند 595)
تطبيقات الالتزامات القانونية
لا تقتصر الالتزامات القانونية بالمعنى الضيق على فرع معين من فروع القانون بل نجدها في القانون المدني ما تعلق منه بالأحوال الشخصية وما تعلق منه بالأحوال العينية كما نجدها في باقي فروع القانون الخاص بل وفي فروع القانون العام وعلى الأخص القوانين المالية والضرائبية .
قضت محكمة النقض بأن
مؤدى نص المادة الثامنة من القانون رقم 111 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 يدل على أن المشرع فوض السلطة التنفيذية في شخص وزير المالية في إحلال الجهات الحكومية وشركات القطاع العام والهيئات العامة محل المؤسسات الملغاة في حق إيجار الأماكن دون موافقة المالك خلافا لما هو مقرر في القانون ورائد المشرع في ذلك رعاية مصلحة الدولة الاقتصادية
يؤيد ذلك ما جاء بتقرير اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب عن مشروع القانون رقم 112 لسنة 1976 من أن الهدف من هذه الإضافة هو إعطاء الدولة الحق في تأجير الأماكن التي كانت تشغلها المؤسسات العامة الملغاة للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في استثمار أموالهم في جمهورية مصر العربية
وذلك مساهمة في دفع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تقضي توفير الأماكن المناسبة مما يتطلب إعطاء الدولة حق التأجير دون موافقة المالك ، خاصة وأن هناك أزمة شديدة في إيجار الأماكن
لما كان ذلك وكان النص في المادة 198 من القانون المدني على أن
الالتزامات التي تنشأ مباشرة عن القانون وحده تسري عليها النصوص القانونية التي أنشأتها فإنه يتعين الرجوع لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 في كل ما يتعلق بإحلال الغير محل المؤسسات الملغاة في حق إيجار الأماكن التي كانت تشغلها ، وتحديد مدى الالتزامات الناشئة عن ذلك وتعيين آثارها
ولما كان التي في المادة الثامنة سالفة البيان لم يحدد ميعادا لتصفية المؤسسات الملغاة بل جاء التحديد قاصرا على الفترة التي يتم فيها الإلغاء ومدته ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 111 لسنة 1975
ومن ثم يجوز لوزير المالية إحلال الغير في حق الإيجار للمؤسسات الملغاة باعتبار أن التصرف في حق الإيجار أن يعتبر المكان المؤجر متجرا في حكم القانون إذ جاء النص صريحا في إلغاء المؤسسات التي لا تباشر نشاطا بذاتها
كما لا يشترط في الجهة التي تؤول إليها الحق في الإيجار ممارسة الأعمال التجارية فقد جاء النص صريحا في إجازة إحلال جهات الحكومة والهيئات العامة وشركات القطاع العام
(الطعن رقم 691 لسنة 48ق جلسة 26/5/1983)
و قضت محكمة النقض أيضا بأن
لئن أناط المشرع بإدارة نزع الملكية بمصلحة المساحة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإتمام نزع ملكية العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بما فيها تقدير التعويض لذوي الشأن وأدائه إليهم بعد اقتضائه من الجهة المستفيدة مما يستتبع بالضرورة توجيه المطالبة بالتعويض قبلها
إلا أن ذلك كله رهين بإتباع الإجراءات التي يتطلبها القانون رقم 577 لسنة 1954 فيعتبر القانون في تلك الحالة مصدر التزامها بالتعويض عن نزع ملكية العقار للمنفعة العامة .
أما إذا لم تلتزم الجهة المستفيدة أحكام ذلك القانون وإجراءاته فإن استيلائها على العقار جبرا عن صاحبه يكون بمثابة غصب يرتب مسئوليتها ويخول لصاحب العقار الذي وقع عليه الغصب مطالبتها بالتعويض شأنه شأن المضرور في مقاضاة المسئول عن العمل غير المشروع .
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الهيئة الطاعنة لم تتخذ الإجراءات القانونية التي أوجب القانون إتباعها في نزع ملكية ما تم استطراقه في أعمال توسعة وإنشاء طريق مدينة العامرية الجديدة من العقار المملوك لمورث المطعون ضدهم
وفقا لما جاء في الرد على الوجه الأول من الطعن الأول مما يعد معه استيلائها عليه غصبا يرتب مسئوليتها المباشرة عن تعويض الملك المذكور عن فقد هذا الجزء من ملكه دون الإدارة سالفة البيان وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون
(الطعنان رقما 4798 ، 4850 لسنة 61ق جلسة 28/7/1993)
وبأنه القانون – وليس العمل غير المشروع – هو مصدر الالتزام بالتعويض عند الاستيلاء على العقار دون إتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية للمنفعة العامة ولا ينال من ذلك أن هذه المحكمة قد وصفت هذا الاستيلاء في بعض أحكامها بأنه يعتبر بمثابة غصب
إذ أن ذلك كان بصدد تحديد الوقت الذي تقدر فيه قيمة العقار لبيان مقدار التعويض الذي يستحقه مالكه وإقامة الاعتبارات التي تبرر تقدير قيمته وقت رفع الدعوى لا وقت الاستيلاء عليه أو في مقام تبرير أحقية مالك العقار المستولى عليه – بهذه الصورة – في المطالبة بريعه من تاريخ الاستيلاء وحتى صدور مرسوم نزع الملكية
أو الحكم نهائيا بقيمته بناء على طلب صاحبه ، أو في مقام صدور قرار إداري بالاستيلاء صدر من شخص لا سلطة له إطلاقا في إصداره ومشوبا بمخالفة صارخة للقانون بما يجرده عن صفته الإدارية ويغدو معه الاستيلاء على هذا النحو غصبا واعتداء ماديا
(الطعن رقم 631 لسنة 43ق جلسة 27/4/1977)
مجال القوانين المالية
وفي مجال القوانين المالية نجد الالتزامات القانونية بدفع الضرائب سواء ما فرض منها على العقار أو المنقول أو كسب العمل أو الإيراد العام وبالنسبة الى كل من هذه الالتزامات نرجع الى القانون الخاص بها ، فهذا القانون هو الذي يحدد أركان الالتزام ويبين حكمه .
وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بأن
الالتزام بالضريبة ليس التزاما عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين بل مرد هذا الالتزام الى نص القانون وحده ، فهو مصدره المباشر – وهو ما يملكه ولى الأمر ويجد دليله الشرعي في رعاية مصلحة الجماعة التي يمثلها – وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها فليس ذلك باعتبارها طرفا في رابطة تعاقدية أيا كان مضمونها
ولكنها تفرض – في إطار القانون العام – الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها بالاتفاق على خلافها ، ولا يعني إقرار السلطة التشريعية لضريبة معينة ، أن الخاضعين لها قد أنابوها عنهم في القبول بها ، وأن علاقتهم في مجالها هى علاقة تعاقدية أو شبه تعاقدية
ذلك أن إقرار السلطة التشريعية لتنظيم معين إنما يتم في إطار ممارستها لولايتها المستمدة مباشرة من الدستور والتي لا يجوز لها النزول عنها وتأتي الضريبة العامة في موقع الصدارة من مهامها لاتصالها من الناحية التاريخية بوجود المجالس التشريعية ذاتها
ولما ينطوي عليه فرضها من تحميل المكلفين بها أعباء مالية يتعين تقريرها بموازين دقيقة ، ولضرورة تقتضيها ، ولو كان حق الدولة في استداء الضريبة ناشئا عن علاقة تعاقدية أو أية علاقة أخرى تشتبه بها
لكان لها حق التخلي عنها وإسقاطها باتفاق لاحق ، وهو ما يناقض حقيقة أن الضريبة العامة لا يفرضها إلا القانون ولا يتقرر الإعفاء منها إلا وفقا لأحكامه على ما تقضي به المادة 119 من الدستور
(الدعوى رقم 35 لسنة 11ق “دستورية” جلسة 7/11/1992)
نطاق الأسرة نجد الالتزام بالنفقة
وقد رتبه القانون على علاقة القرابة أو الزوجية كما نجد التزامات الأولياء والأوصياء والقوام وأخيرا الواجبات بين الزوجين وبين الأصول والفروع مما أتت به قوانين الأحوال الشخصية
نطاق الأحوال العينية
نجد التزامات الجوار التي قررها القانون لصالح الجيران أنفسهم ، من حيث عدم مجاوزة مضار الجوار العادية ( مادة 807 ) ومن حيث ما فرضه بالنسبة الى الحائط المشترك ( مادة 814 ) وفي الملكية الشائعة فرض القانون التزامات قانونية لحماية كل مشتاع ( مادة 827 وما بعدها ) .