الشك يفسر في مصلحة المدين ( شرح المادة 151 مدني )

المادة 151 مدني تقضي بأن الشك يفسر في مصلحة المدين وكذلك تنص علي عدم جواز تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان بما يضر بمصلحة المدعي فما معني ذلك الاجابة في هذا الموجز

نص المادة 151 مدني

الشك يفسر في مصلحة المدين

يجري نص المادة 151 من القانون المدني المصري علي

  1.  يفسر الشك في مصلحة المدين
  2.  ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن

النصوص العربية المقابلة

هذه المادة تقابل فى نصوص القانون المدني بالأقطار العربية، المواد التالية – مادة 150 و 151 و 153 ليبى و 152 سورى و 167 عراقى و 160 و 161 كويتى و 172 لبنانى و 141 سودانى.

  الاعمال التحضيرية الشط لصالح المدين

اذا عرض ما يدعو الى تفسير العقد وبقى الشك يكشف إرادة المتعاقدين المشتركة رغم اعمال أحكام التفسير الذى تقدمت الاشارة اليها فسر هذا الشك فى مصلحة المدين دون الدائن تلك قاعدة أساسية اخذ بها اغلب التقنيات وهى ترد الى ان الأصل فى الذمة البراءة وعلى الدائن ان يقيم الدليل على وجود دينه بإعتبار انه يدعى ما يخالف هذا الأصل فإذا بقى شك لم يوفق الدائن الى ازالته، فمن حق المدين ان يفيد منه.

الأصل ان يفسر الشك فى مصلحة المدين عند غموض عبارة التعاقد غموضا لا يتيح زواله، وقد استثنى المشرع من حكم هذا الأصل عقود الازعان فقضى بان يفسر الشك فيها لمصلحة العاقد المذعن دائنا كان أو مدينا فالمفروض ان العاقد الاخر هو اقوى العاقدين يتوافر له من الوسائل ما يمكنه من ان يفرض على المذعن عند التعاقد شروطا واضحة بينه فإذا لم يفعل ذلك اخذ بخطئه أو تقصيره وحمل تبعه، لانه يعتبر متسببا فى هذا الغموض

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 2- ص 299و300)

الشرح معني الشك في مصلحة المدين

1- إذا قام شك فى مدى إلتزام المدين بعقد فسر هذا الشك فى مصلحته واخذ بالتفسير الاضيق فى تحديد هذا المدى وذلك المبررات الاتية:

  • (1) الأصل براءة الذمة والإلتزام هو الإستثناء، لا يتوسع فيه، هذا الى ان النية المعقولة عند الملتزم ان يلتزم الى اضيق مدى تتحمله عبارات العقد، فلا يمكن ان يكون هناك توافق بين إرادة الدائن وإرادة المدين الا فى حدود هذا المدى الضيق
  • (2) ان الدائن هو المكلف بإثبات الإلتزام، فإذا كان هناك شك فى الإلتزام من حيث مداه، اراد الدائن الأخذ بمدى واسع، كان عاجزا عن إثبات ذلك، فلا يبقى الا الأخذ بالمدى الضيق، لانه هو وحده الذى قام عليه  الدليل
  •  (3) ويقال ايضا فى تبرير القاعدة ان الإلتزام يمليه الدائن لا المدين، فإذا املاه مبهما يحوم حوله الشك، فالخطأ خطؤه، وواجب ان يفسر الإلتزام لمصلحة المدين، اذ كان فى مقدور الدائن ان يجعل الإلتزام واضحا لا شك فيه.

نطاق تطبيق هذه القاعدة

الشك يفسر في مصلحة المدين

ان يكون هناك شك فى التعرف على الإرادة المشتركة للمتعاقدين بان يتراوح تفسير العقد بين وجوه متعددة كل وجه منها محتمل ولا ترجيح لوجه على وجه

اما إذا استحال التفسير ولم يستطيع القاضى ان يتبين اى وجه لتفسير العقد فهذه قرينة على انه ليست هناك إرادة مشتركة للمتعاقدين بل اراد كل منها شيئا لم يرده الاخر، فلم ينعقد العقد

ولا بد من جهة اخرى ان يكون الشك مما يتعذر جلاؤه فإذا امكن القاضى ان يكشف عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين مهما كان هذا عسير واستطاع ان يزيح عنها الشك وجب عليه تفسير العقد بموجب هذه الإرادة المشتركة

ولو كان التفسيرفى غير مصلحة المدين ويرد على القاعدة إستثناء هو ان يكون تفسير العبارات الغامضة فى عقود الاذعان لمصلحةالطرف المذعن دائما لو كان هوالدائن

الوسيط – 1- للدكتور السنهوري – ط 1952- ص 614- وما بعدها ، وكتابة الوجيز – ص 234 وما بعدها

2- تنص التقنيات العربية جميعا على ان يفسر الشك فى مصلحة المدين  وانها فيما عدا نقتين الموجبات والعقود اللبنانى تستثنى عقود الاذعان من هذه القاعدة

حيث تنص على انه

لا يجوز ان يكون تفسير العبارات الغامضة فى عقود الاذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن، والواقع ان هذا الإستثناء يصدق ايضا فى القانون اللبنانى

وقد كان القضاء فى مصر يأخذ بحكم هذا الإستثناء فى ظل النقنين القديم كما يأخذ به القضاء الفرنسى وقاعدة ان يفسر الشك فى مصلحة المدين تنهض بها الاصول العامة فى القانون لان الأصل فى الشخص براءة الذمة فإذا قام شك حول مدى إلتزام المدين فمر هذا الشك بالطريقة التى تجعل الإلتزام فى اضيق الحدود

كما تبررها القواعد العامة فى الإثبات، لان إثبات مدى الإلتزام يقع على عاتق الدائن فإذا قام شك فى حقيقة هذا المدى كان معنى ذلك ان الدائن لم يستطيع إثباته على نحو واسع، فيؤخذ اذن بالمعنى الضيق للإلتزام .

فاذا كان العقد ملزما لجانب واحد
كان تفسير الشك لصالح هذا الجانب المدين
واذا كان العقد ملزما للجانبين
كان تفسير الشك فى معنى العبارة الواردة فى شرط معين لصالح الجانب المدين فى هذا الشرط

المعني المقصود في لفظ المدين في هذه القاعدة

ويجب ان يلاحظ المعني المقصود في لفظ المدين في هذه القاعدة

فالرأي المجمع عليه بين الفقهاء ان المقصود هو المدين في الإلتزام  غير ان هذا القول علي إطلاقه لا يصدق في جميع الحالات والصحيح ان المدين هنا يراد به المدين في الشرط  أي الشخص الذي يضار من الشرط الذي يجري تفسيره فهو تارة يكون مديناً في الإلتزام الذي يقرره الشرط  وهذا هو الغالب وتارة أخري يكون مديناً في الشرط فحسب .

وتفصيل ذلك

انه إذا كانت العبارة الغامضة تفرض إلتزاما فإن الشك يفسر في مصلحة المدين في هذا الإلتزام  والمدين في هذه الحالة يكون مديناً في الإلتزام والشرط معاً وهذا هي الصورة الغالبة .

أما إذا كانت العبارة الغامضة تعفي الشخص من الإلتزام يقع عليه طبقاً للقواعد العامة فإن الشك يفسر حينئذ في مصلحة الطرف الذي يضار من الشرط  وهو الدائن في هذا الإلتزام ولكنه في هذه الصورة يكون مديناً في الشرط .

ويستنثي من هذه القاعدة

ان تكون العبارة الغامضة التي يجري تفسيرها قد وردت في عقد الاذعان

إذ يفسر الشك في هذه الحالة في مصلحة الطرف المذعن دائناً كان أو مدينا وينص بهذا الإستثناء ان الطرف الآخر في هذا العقد وهو محتكر قانون أو فعل السلطة أو المرافق الذي يرفق العقد في شانه يتوفر له من أسباب القوة ما يجعله يفرض شروط العقد فهو صانع هذه الشروط وعليه يقع وزر ما فيها من غموض كان في وسعه ان يتحاشاه

نظرية العقد في قوانين البلاد العربية – الجزء 2- الدكتور عبد المنعم فرج الصده ص 12 وما بعدها

تفسير الشك لمصلحة المدين

الشك يفسر في مصلحة المدين

عبارة العقد إن كانت واضحة فلا يجوز اللجوء إلى تفسيرها لأن الواضح يؤخذ بوضوحه ولا يكون بحاجة إلى تفسير، وأن العبارة إن كانت غامضة تعين تفسيرها باللجوء إلى قواعد التفسير المقررة قانونا فإن أدى التفسير إلى إزالة ما اكتنف العقد من غموض وظهرت النية المشتركة للمتعاقدين بجلاء تعين الأخذ بها وإعمال حكمها ولو كانت في غير مصلحة المدين.

أما إن لم يؤد تفسير العبارة الغامضة إلى جلاء النية المشتركة للمتعاقدين وإنما تعلق الشك بالمراد منها تعين أن يفسر هذا الشك في مصلحة المدين وإن خلص قاضي الموضوع إلى توافر الشك كان ذلك من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض ذلك أن تحديد معنى الشك ذاته هو من تلك المسائل.

فلا يكتفي القاضي بالقول بوجود شك في عبارة العقد وإنما يجب عليه أن يبين هذا الشك ببيان كافة المعاني التي يمكن أن تنصرف إليها العبارة وأنه لم يتمكن من تحديد أي منها إرادة المتعاقدان ثم يأخذ بالمعنى الأكثر فائدة للمدين طالما كان يحتمل أن يكون هو المراد من العاقدين أما إن تبين أن النية المشتركة لم تتجه إلى أي من هذه المعاني فإن العقد لا يكون قد تم .

(أنور طلبة – ص89- السنهوري بند 398)
وقد قضت محكمة النقض بأن

للمحكمة أن تستعين بالبينة والقرائن في تفسير ما غمض من نصوص العقد، فإذا كانت المحكمة بعد أن أوردت عبارات العقد المتنازع على تكييفه أهو عقد قسمة أم عقد بدل واستعرضت أسانيد كل من الطرفين لوجهة نظره، قد اعتبرته عقد بدل بناء على ما ذكرته من أسباب مسوغة لذلك مستخلصة من عبارات العقد ومن ظروف الدعوى، فإنها تكون في حدود سلطتها وكل مجادلة لها في ذلك تكون مجادلة موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها

(الطعن رقم 66 لسنة 19ق جلسة 7/6/1951)

وبأنه إن الاشتباه في الغرض المقصود من المشارطة التي يجب معه بحكم المادة 140 من القانون المدني تفسير المشارطة بما فيه الفائدة للمتعهد هو الاشتباه الذي يقوم في نفس القاضي لخلو الدعوى من دليل مقنع فإذا كان المستفاد من الحكم أن المحكمة قد استخلصت في اقتناع تام من أدلة الدعوى المرفوعة على المشتري بمطالبته بثمن القطن المبيع له أنه تسلم المبيع، ثم قضت بإلزامه بالثمن، فإن حكمها يكون سليماً ولا غبار عليه

(الطعن رقم 21 لسنة 14ق جلسة 14/12/1944)

نطاق تطبيق هذه القاعدة هو أن يكون هناك شك في التعرف على النية المشتركة للمتعاقدين

 مجرد شك بأن يتراوح تفسير العقد بين وجوه متعددة كل وجه منها محتمل، ولا ترجيح لوجه على وجه، أما إذا استحال التفسير، ولم يستطع القاضي أن يتبين ولو وجهاً واحداً لتفسير العقد مهما كان جانب الشك فيه،

فهذه قرينة على أنه ليست هناك نية مشتركة للمتعاقدين التقيا عندها، بل أراد كل منهما شيئاً لم يرده الآخر، فلم ينعقد العقد، ولابد من جهة أخرى، أن يكون الشك مما يتعذر جلاؤه،

فإذا أمكن القاضي أن يكشف عن النية المشتركة للمتعاقدين – مهما كان هذا عسيراً – واستطاع أن يزيح عنها الشك، وجب عليه تفسير العقد بمقتضى هذه النية المشتركة، ولو كان التفسير في غير مصلحة المدين.

(السنهوري بند 399 – الشرقاوي بند 80 مرقص بند 260)
وقد قضت محكمة النقض بأن

لما كان الحكم المطعون فيه قد وقف في تفسيره لعقد البيع موضوع النزاع عند البند العاشر منه الذي حظر على الطاعنة ممارسة نشاط يؤثر على سلامة المبنى أو الإضرار به كلياً أو جزئياً ورتب على ذلك قضاءه بالفسخ والتسليم استناداً إلى تدخلها المباشر في الإضرار بالأعمدة الخرسانية بالعين

فضلاً عما تحدثه آلات الطباعة من قلق واهتزازات دون أن يأخذ في اعتباره ما ورد بالبند الرابع منه من أن الغرض من شراء المحل هو لاستخدامه كمطبعة أو يسترشد بالمعايير التي حددها القانون لمباشرة هذا النشاط والذي يستوجب استعمال آلات ذات مواصفات معينة والحصول على ترخيص يحدد نوعية الآلات المستخدمة في العمل

وهو ما تحصلت الطاعنة من أجله على الترخيص رقم 120112 نفاذاً للقانون رقم 48/1967 فإنه يكون قد مسخ نصوص العقد وخالف قواعد التفسير مما حجبه عن الوقوف على حقيقة الإخلال الذي وقعت فيه الطاعنة ومداه وما إذا كان من شأن تكسير الأعمدة الخرسانية وفق منطوق الحكم أن يؤدي إلى الإضرار بالعقار الكائن به عين النزاع بعد استبعاد النشاط العادي للمطبعة وهو ما لم يستظهره الحكم المطعون فيه مما يعيبه

(الطعن رقم 3268 لسنة 67ق جلسة 27/6/1998)

وبأنه أن محكمة الموضوع إذ تفسر غامض السند موضوع النزاع طبقاً لمقاصد العاقدين مسترشدة في ذلك بظروف الدعوى وملابساتها وإذ تأخذ بما ترجحه من وجوه التفسير معتمدة على اعتبارات معقولة مقبولة لا تخضع لرقابة  محكمة النقض على ما يجري به قضاؤها. فإذا اختلف طرفا الدعوى على تفسير ورقة قال المدعي أن المبلغ الوارد بها هو قرض واجب الأداء

وقال المدعى عليه أنه لم يكن قرضاً اقترضه من المدعي وإنما هو جزء من ثمن قطن تسلمه المدعي من زراعته بصفته وكيلاً عنه وباعه وقبض ثمنه ورشح المدعي عليه لهذا الادعاء بعبارة الورقة المطالب بقيمتها وبأوراق أخرى قدمها، فحكمت محكمة الاستئناف تمهيدياً باستجواب الخصمين وحققت ما ادعاه كل منهما

وحصلت مما استظهرته من القرائن ومن جميع ظروف الدعوى أن دعوى المدعى عليه أرجح من دعوى المدعى، أو أن هذه القرائن – على أقل تقدير – موجبة للشك في سبب الدين المدعى به، فرفضت الدعوى، فهذا الحكم صحيح

(نقض 7/12/1933 جـ2 في 25سنة السابق ص845)

وبأنه وأن القانون إذ بين نتائج البيع من جهة التزامات كل من المتعاقدين لم يقصد إلزام المتعاقدين بعدم الخروج عن تلك النتائج ولكنه وضعها على اعتبار أنها فكرة المتعاقدين وما يقصدانه غالباً وقت البيع.

فإذا لم يذكر في عقد البيع التزامات صريحة خاصة بالضمان فإن القانون يفرض أن المتعاقدين أرادا ما بينه في مواده ولهذا يجب على من يريد مخالفة ما فرضه القانون من الضمان – إذا هو أراد تشديد الضمان  على البائع – أن يبين في العقد الشرط الذي يفهم منه صراحة تشديد الضمان ومخالفة ما نص عليه القانون.

أما اشتمال العقد على ما قرره القانون بعبارات عامة، فإنه لا يدل على أن البائع تعهد بضمان أشد مما فرضه القانون، ويكون من المتعين في هذه الحالة تطبيق الضمان القانوني دون زيادة عليه، لأنه في حالة الاشتباه يكون التفسير بما فيه الفائدة للمتعهد

(الطعن رقم 43 لسنة 1ق جلسة 3/3/1932)

الاستثناء القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الثانية

أما الاستثناء الذي يرد على القاعدة فهو ما ور دفي الفقرة الثانية من المادة 151 من أنه
” لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن “

فيجب إذن أن يكون التفسير لمصلحته دائما ولو كان دائنا على خلاف القاعدة التي نحن بصددها من أن التفسير عند الشك لا يكون لمصلحة المتعاقد إلا إذا كان مديناً.

(الشرقاوي بند 80 – مرقص بند 260 – السنهوري بند 399)
وقد قضت محكمة النقض بأن

الشك يفسر في مصلحة المدين

التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بعدم جواز تفسير وثيقة التأمين بما يضر مصلحة الطرف المذعن طبقاً للمادة 151 من القانون المدني غير مقبول ذلك أنه يتضمن دفاعاً جديداً لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع

(الطعن رقم 169 لسنة 36ق جلسة 31/12/1970)
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة