عقد الإذعان والشروط التعسفية ( شرح المادة 149 مدني )

ماهية عقد الإذعان والشروط التعسفية و شرح المادة 149 مدني التى يجري نصها علي أنه إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن شروطا تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقا لما تقضي به العدالة ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك .

نص المادة 149 مدني عن عقد الإذعان

عقد الإذعان

المادة 149 مدني تنص علي

إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمّن شروطا تعسفيّة جاز للقاضي أن يُعدّل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها، وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.

  الاعمال التحضيرية لعقد الإذعان

الأصل ان الحاجة الى التفسير لا تعرض متى كانت عبارة العقد واضحة  ففى مثل هذه الحالة تطبق شروط التعاقد كما افرغت فيه، بيد ان الحكم يختلف فيما يتعلق بما يدرج فى عقود الاذعان من الشروط الجائزة، فالإتجاه الى التفسير يتعين بشانها، ولو كانت واضحة العبارة بينة السياق

فمن واجب القاضى ان يثبت فى هذه الحالة مما إذا كان العاقد المذعن قد تثبه الى هذه الشروط، فإذا استوثق من تنبه هذا العاقد اليها، كما لو كان العاقد الاخر قد احتاط فجعل تلك الشروط مخطوطة بإليد فى عقد مطبوع، تحتم عليه امضاء حكمها رعاية لإستقرار المعاملات، اما إذا تبين ان العاقد المذعن لم يتنبه الى الشروط الجائزة فعليه ان يستبعدها وينزل أحكام القواعد العامة.

فى هذا النطاق يطبق هذا الإستثناء فلا يبلغ الأمر حد استبعاد الشرط الجائز بدعوى ان المذعن قد اكره على قبوله، متى تنبه اليه هذا العاقد وارتضاه، فالازعان لا يختلط بالاكراه

بل ان التوحيد بينهما امر ينبو به ما ينبغى للتعامل من أسباب الإستقرار، ثم ان ما يولى من حماية الى العاقد المذعن ينبغى ان يكون محلا لأحكام تشريعية عامة- كما هو الشان فى حالة الاستغلال- أو لتشريعات خاصة

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 2- ص 291و292)

  النصوص العربية المقابلة للمادة 149 مدني

هذه المادة تقابل من نصوص المواد العربية المادة 161 الكويتي و المادة 150 السوداني و المادة 172 اللبناني و المادة 149 الليبي و المادة 167/2 العراقي و المادة 138 السوداني .

وقد جاء عنها بمذكرة الإيضاحية بأن

يلاحظ أن بعض ما ورد في المذكرة الإيضاحية يتعلق بما كان عليه مشروع النص قبل تعديله فقد كان النص في المشروع يختلف عن النص من ناحيتين

أولاهما تتعلق بالشرط الجائز أو التعسفي حتى كان المشروع يشترط فيه فوق ذلك أن يكون العاقد لم ينتبه عليه وقد حذف هذا الشرط الأخير

وثانيهما تتعلق بسلطة القاضي حيث كان المشروع يقصرها علي أن يجعل ذلك محلا للتقدير فعدل النص في لجنة المراجعة بتخويل القاضي سلطة لتعديل الشروط أو إعفاء الطرف المذعن من تنفيذها

واستبدلت لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ بعبارة ” من تنفيذها لفظ ” منها حتى يكون للقاضي الإعفاء من ذات الشروط وليس من مجرد تنفيذها.

وفي ذات اللجنة اقتراح العشماوي أن يضاف في المادة عبارة ” دون إخلال بحق المذعن في التعويض إن كان ه محل”بعد عبارة ” وفقا لما تقضي به العدالة”

وبعد أن وافقت اللجنة علي اقتراحه عادت فحذفت العبارة المضافة اعتبارا بأن ” القواعد العامة تغني عن الحكم الوارد في العبارة المضافة “

وأن أصر العشماوي علي أن المادة بصيغتها الحالية لا تفيد أن للمذعن الحق في التعويض إذا نفذت الشروط التعسفية

الشرح والتعليق علي عقد الإذعان المادة 149 مدني

عقد الإذعان

هذا النص فى عمومه وشموله اداة قوية فى يد القاضى يحمى بها المستهلك من الشروط التعسفية التى تفرضها عليه شركات الاحتكار والقاضى هو الذى يملك حق تقدير ما إذا كان الشرط تعسفيا ولا تعقيب على تقديره من محكمة النقض ما دامت عبارة العقد تحتمل المعنى الذى اخذ به فإذا كشف شرطا تعسفيا فى عقد اذعان فله ان يعدله بما يزيل اثر التعسف، بل له ان يلغيه ويعفى الطرف المذعن منه ولا يجوز للمتعاقدين الإتفاق على ما يخالف ذلك ويبطل الإتفاق لمخالفته للنظام العام

الوسيط -1- للدكتور السنهوري – ط 1952- ص 333 وما بعدها ، وكتابة الوجيز: – ص 27 وما بعدها

عقود الإذعان وخصائصها

قد يكون القبول مجرد إذعان لما يمليه الموجب، فالقابل للعقد لم يصدر قبوله بعد مناقشة ومعاوضه بل هو في موقفه من الموجب لا يملك إلا أن يأخذ أو أن يدع، ولما كان في حاجة إلي التعاقد علي شئ لا غناء عنه فهو مضطر إلي القبول، فرضاؤه موجود ولكنه مفروض عليه ومن ثم سميت هذه العقود بعقود الإذعان هذا الضرب من الإكراه ليس المعروف في عيوب الإرادة  بل هو إكراه متصل بعوامل اقتصادية أكثر منه متصلا بعوامل نفسية

(السنهوري-مرجع سابق بند 116).
وقد قضت محكمة النقض بأن

المقرر في قضاء هذه المحكمة أن

من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة للمستهلكين أو المنتفعين ويكون فيها احتكار قانونيا أو فعليا أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن يكون صدور الإيجاب منه إلي الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محدودة

والسلع الضرورية هي التي لا غني للناس عنها والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلي التعاقد بشأنها، ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائزة وشديدة

(الطعن رقم 851 لسنة 58ق جلسة 4/2/1993).

وخصائص عقود الإذعان ثلاثة :

1-  تعلق العقد بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة إلي المستهلكين أو المنتفعين.

2- احتكار الموجب لهذه السلع أو المرافق احتكارا قانونية أو فعليا، أو علي الأقل سيطرته عليها سيطرة تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق

3- صدور الإيجاب إلي الناس كافة وبشرط واحدة وعلي نحو مستمر أي لمدة غير محدودة

ويغلب أن يكون في صيغة مطبوعة تحتوي علي شروط مفصلة لا تجوز فيها المناقشة وأكثرها لمصلحة الموجب، فهي تارة تخفف من مسئوليته التعاقدية أخرى تشدد في مسئولية الطرف الآخر، وهي في مجموعها من التعقيد بحيث يغم فهمها علي أوساط الناس.

وأمثلة هذه العقود ( عقود الاذعان ) كثيرة
  • التعاقد مع شركات النور والماء والغاز
  • مع مصالح البريد والتلغراف والتليفون
  • عقد النقل بوسائله المختلفة من سكك حديدية وكهربائية وبواخر وسيارات وطيارات وغير ذلك
  • التعاقد مع شركات التأمين بأنواعه المتعددة
  • عقد العمل في الصناعات الكبرى،

كل هذا يدخل في دائرة عقود الإذعان ومن ثم نرى أن القبول في هذه العقود هو كما قدمنا إذعان، فالموجب يعرض إيجابه في شكل بات نهائي لا يقبل مناقشة فيه فلا يسع الطرف الآخر إلا أن يقبل إذا لا غني له عن التعاقد فهو يحتاج إلي الماء والنور والغاز وكثيرا ما تعرض له حاجة إلي الاتصال بالناس عن طريق التراسل ولابد له من التنقل والسفر في بعض الأحايين، وهو مضطر إلي العمل ليكسب ما يقوم بأوده

(السنهوري بند117)

لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية فيما إذا كان الشرط تعسفيا من عدمه

القاضي هو الذي يملك حق تقدير ما إذا كان الشرط تعسفيا ولا معقب لمحكمة النقض علي تقديره، مادامت عبارة العقد تحتمل المعني الذي أخذ به فإذا كشف شرطا تعسفيا في عقد إذعان فله أن يعدله بما يزيل أثر التعسف، بل له أن يلغيه ويعفي الطرف المذعن منه ولم يرسم المشرع له حدودا في ذلك إلا ما تقتضيه العدالة ولا يجوز للمتعاقدين أن ينزعا من القاضي سلطته هذه باتفاق خاص علي ذلك، فإن مثل هذا الاتفاق يكون باطلا لمخالفته للنظام العام .

وقد قضت محكمة النقض بأن

تقدير ما إذا كان الشرط المبيع بعقد الإذعان شرطا تعسفيا يملك القاضي تعديله بما يزيل أثر التعسف أو يلغيه ويعفي الطرف المذعن منه في حدود ما تقضيه قواعد العدالة عملا بنص المادة 149 من القانون المدني من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع

(الطعن رقم 320 لسنة 55ق جلسة 22/4/1991)

وبأنه مؤدي النص في المادة 149 من القانون المدني أنه إذا تضمن العقد الذي تم بطريق الإذعان شروطا تعسفية فإن للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها وفقا لما تقضي به العدالة ومحكمة الموضوع هي التي تملك حق تقدير ما إذا كان الشرط تعسفيا أم لا وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد انتهي بأسباب سائغة إلي اعتبار الشرط الوارد بالبند الثاني من العقد شرطا تعسفيا رأي الإعفاء منه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن جدل موضوعي غير مقبول

(الطعن رقم 388 لسنة 57ق جلسة 12/2/1989)

وبأنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من العقد المبرم بين الطرفين أن العقد تم بطريق الإذعان وأن الشرط الذي تضمن البند الثاني منه إعفاء الطاعنة من المسئولية عن تعطل التليفون هو من قبيل الشروط التعسفية وانتهي إلي إعفاء المطعون عليه باعتباره الطرف المذعن – منه إعمالا للمادة 149 من القانون المدني وإذ كان هذا الاستخلاص مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وقد أقيم علي أسباب سائغة ولم يكن محل نعي من الطاعنة فإن ما تثيره حول التمسك بهذا الشرط يكون في غير محله

(الطعن رقم 1556 لسنة 56ق جلسة 26/3/1989)

وبأنه متى كان ما يقوله الطاعن – من أن الشرط الذي قبل بموجبه بيانات الشركة المطعون ضدها كوسيلة للإثبات هو من قبيل شروط الإذعان – هو دفاع خلت الأوراق مما يدل علي سبق التمسك به أمام محكمة الموضوع وإذ كانت محكمة الموضوع هي التي تملك حق تقدير ما إذا كان الشرط تعسفيا، فإن لا يجوز للطاعن أن يبدي هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض

(الطعن رقم 53 لسنة 32ق جلسة 18/10/1966)

تعديل الشروط التعسفية أو الإعفاء منها لا يجري دون طلب

رغم أنه لا يجوز للطرفين الاتفاق علي عدم تعديل الشروط التعسفية بالعقد أو الإعفاء منها لتعلق ذلك بالنظام العام كما رأينا إلا أن إعمال أثر الحماية من الشرط التعسفي لا يتعلق بالنظام العام .

فلا يجوز للقاضي أن يعمل سلطته في هذا الخصوص إلا بناء علي طلب الطرف المذعن ولكنه متى طلب هذا الطرف حمايته من ذلك الشرط التعسفي لا يتقيد القاضي بذات الوسيلة المطلوبة

وإنما يكون له اختيار الوسيلة التي يراها أنسب لتحقيق العدالة ورفع التعسف فقد يطلب الطرف المذعن إعفاءه كليا من الشرط الجائز  فيرى القاضي الإبقاء علي الشرط مع تعديله علي نحو يزول به التعسف

(عزت حنوره ص320-عبد الفتاح عبد الباقي ص214)

ويجوز للطرف المذعن أن يطلب من القاضي إعمال تلك الرخصة في أية حالة كانت عليها الدعوى أمام قاضي الموضوع. ولكن لا يجوز له أن يطلب إعمالها لأول مرة أمام محكمة النقض لأن التمسك به يتخالط مع واقع

(أنور طلبه ص56-عبد الفتاح عبد الباقي ص214).
وقد قضت محكمة النقض بأن

التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بعدم جواز تفسير وثيقة التأمين بما يضر بمصلحة الطرف المذعن طبقا للمادة 151 من القانون المدني غير مقبول، ذلك أنهي تضمن دفاعا جديدا لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع

(الطعن رقم 169 لسنة 36ق جلسة 31/12/1970)

عدم جواز تطبيق المادة 149 علي العقود الإدارية

عقد الإذعان

الاستثناء الوارد بالمادة 149 من القانون المدني في شأن عقود الإذعان خاص بالعقود المدنية ولا يسري علي القرار الإدارية.

وقد قضت محكمة النقض بأن

متى ثبت أن الروابط بين الطرفين يحكمها قرار إداري فإنه لا يجوز التحلل من أحكامه بدعوى أنها جائزة وأن قبول الطاعنة لها تم بطريق الإذعان. إذ أن الاستثناء الوارد بالمادة 149 من القانون المدني في شأن عقود الإذعان خاص بالعقود المدنية ولا يسري علي القرارات الإدارية

الطعن رقم 484 لسنة 25ق س13 ص26 جلسة 4/1/1962
الطعنان رقما 396، 398 لسنة 37ق س25 ص492 جلسة 12/3/1974
الطعن رقم 1556 لسنة 56ق س40 ص840 جلسة 26/3/1989

وبأنه من المقرر – علي ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الترخيص بالاستغلال – كاستغلال المحلات – واحتواء العقد علي شروط غير مألوفة في القانون الخاص يجعل وصف هذا العقد بأنه عقد إداري وصفا قانونيا صحيحا، وإذ كان الاستثناء الوارد بالمادة 149 من القانون المدني في شأن عقود الإذعان خاص بالعقود المدنية فإن النعي علي الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون يكون علي غير أساس

(الطعن رقم 521 لسنة 40ق جلسة 7/6/1978)
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }