أنواع الأحكام القضائية المدنية
هناك بعض الأحكام التي لا يلزم تسبيبها قانونا حيث تنقسم الأحكام القضائية الى ثلاث أنواع حكم قطعي يلزم تسبيبه و حكم غير قطعي لا يلزم تسبيبه و حكم مؤقت يسبب وفي هذا البحث نتعرف علي تلك أثار هذه الأحكام القانونية لأهمية ذلك في تحديد مدي حواز الطعن علي الحكم.
محتويات المقال
تقسيم الأحكام القضائية
تنقسم الأحكام من حيث مدى حجيتها إلى
- أحكام قطعية.
- أحكام غير قطعية.
- أحكام وقتية.
تعريف الحكم القطعي وغير القطعي
الحكم القطعي كما عرفته محكمة النقض – هو ذلك الذي يضع حداً للنزاع في جملته ، أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته
كذلك تنقسم الأحكام من حيث صدورها فى موضوع النزاع أو في مسألة متفرعة عنه إلى أحكام موضوعية وأخرى فرعية وتندرج ضمن هذه الأخيرة
أحكام الإثبات تمهيدية وتحضيرية وهى أحكام غير قطعية لأنها لا تحسم النزاع في موضوع الدعوى أو في أحد أجزائه ولا فى مسألة متفرعة عنه – فالحكم بندب خبير فى الدعوى أو بإحالتها إلى التحقيق أو باستجواب الخصوم أو بتوجيه يمين ، حكم يتعلق بتحقيق النزاع وإثباته وهو حكم فرعی غیر قطعی
القاعدة العامة تسبيب الأحكام
الأصل أن جميع الأحكام القطعية يجب تسبيبها ذلك أن كل طلب أو دفع أو دفاع جوهرى يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه تقضى به المحكمة أو ترفضه يجب أن يكون قضاؤها فيه مسببا وإلا كان الحكم باطلا يتساوى فى ذلك أن يبدى الطلب أو الدفع أو وجه الدفاع المدعى أو المدعى عليه أو الخصم المدخل في الدعوى أو المتدخل فيها
والطلب الأصلى يجب على المحكمة أن تمحصه وتجيب عنه في أسباب حكمها سواء قبلته أم رفضته ، أما الطلب الاحتياطي فلا يلزم الرد عليه إلا إذا رفضت المحكمة إجابة الطلب الأصلى إذ يتحول في هذه الحالة إلى طلب جازم يصر صاحبه عليه ومن ثم يستأهل الرد عليه
وإذا تعددت الطلبات فى الدعوى – سواء نشأت عن سبب قانوني واحد أو عن أسباب متعددة – فالأصل أن كلا منها تلزم مواجهته بأسباب خاصة غير أنه لا مانع في القانون – كما قلنا – يمنع المحكمة – من أن تقيم أجزاء حكمها جميعا على أسباب عامة تصلح مبررات لها وتحمل قضاء المحكمة بقبول أو رفض كل جزء من تلك الأجزاء
ولا من إقامة الحكم بقبول طلب أو رفضه على أسباب تصلح لحمل قضائه بقبول أو برفض طلب آخر وذلك كله على نحو ما سبق تفصيله لدى الكلام في كيفية تسبيب الأحكام
وما قلناه فى الطلبات يصدق كذلك على الدفوع وأوجه الدفاع الجوهرية ولعله من نافلة القول فى هذا الخصوص أن نذكر بأن الحكم الذي تحمله أسباب عامة ، وذلك المشتمل على أسباب صريحة وأخرى ضمنية كلاهما يعتبر مسببا تسبيبا كافيا إذا كانت تلك الأسباب كافية لحمل قضائه
فتسبيب الحكم برفض طلب ملكية عين يحمل قضاءه برفض طلب الريع عن مدة الغصب المدعى به ، وتسبيب الحكم برفض طلب التعويض عن العمل غير المشروع أساساً لرفض دعوى الضمان ، وتسبيب الحكم في أصل الالتزام كاف لحمل القضاء برفض أو قبول طلب الحكم بالفوائد الناشئة عن هذا الالتزام .
الاستثناء من تسبيب الأحكام
إذا كانت القاعدة العامة – كما أسلفنا – هي ضرورة تسبيب الأحكام القضائية صريحاً كان هذا التسبيب أم ضمنيا – إلا أن هناك استثناءات ترد على هذا الأصل العام تصح فيها بعض الأحكام حتى ولو جاءت خالية من الأسباب نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
(۱) الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات
فقد نصت الفقرة الأولى من المادة – الخامسة من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم ٢٥ / ١٩٦٨ – على أن :
- الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا يلزم تسبيبها ما لم تتضمن قضاء قطعيا
- ومن ثم فالحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لاستكمال عناصرها
- أو بندب خبير وقوفا على وجه الحق فيها
أو باستجواب الخصوم استجلاء لما يكون قد غم أمره على المحكمة
كل هذا وغيره من أحكام الإثبات لا يلزم تسبيبه لأنه يفصح بذاته عن أن المحكمة لم تجد في أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الإثبات في هذا الصدد أن
الأمر في هذه الأحكام موكول لمطلق تقدير القاضى فهو يملك العدول عما أمر به من إجراء الإثبات ، كما يملك بعد مباشرة إجراء الإثبات ألا يأخذ بنتيجته ، ومن جهة أخرى فإن هذه الأحكام لا تقبل بذاتها الطعن مستقلة عن الحكم المنهى للنزاع ، الأمر الذي تنتفى معه الحاجة إلى تسبيب تلك الأحكام على وجه من الوجوه
وخاصة أن هذا التسبيب يأخذ من وقت القضاة وجهدهم ما هم فى أشد الحاجة لصرفه إلى غيره من الأعباء الجسام الملقاة على عاتقهم وذلك كله فضلا عن أن ما اتجه إليه المشروع يعين على الإسراع في الفصل فى القضايا إذ يتيح الأمر بإجراء الإثبات فور توافر العناصر اللازمة لتقدير مناسبته دون حاجة لحجز الدعوى للحكم لتحرير الأسباب
ولكن اذا تضمن حكم الإثبات قضاء قطعيا يحسم النزاع فى مسألة تجادل فيها ، كالخلاف حول مدى جواز الإثبات بطريق معينة من طرق الإثبات أو في لخصوم مسألة فرعية أو كان الحكم قد اشتمل فى أسبابه على قضاء قطعي يتعلق بأساس الدعوى أو بشق من الطلبات المطروحة فيها
كالحكم بثبوت المسئولية وبندب خبير لتقدير التعويض ، والحكم بالأحقية فى المدعى به وبندب خبير لحساب مستحقات المحكوم له – فإن واجب المحكمة يقتضيها أن تسبب حكمها فيما أصدرته من قضاء قطعي ولو كان هذا القضاء قد ورد فى أسباب الحكم دون منطوقه
صفوة القول
وعلى ما جاء في تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الأمة في هذا الصدد انه
- إذا فصل القاضى في أسباب الحكم الصادر بالإثبات في مسألة من مسائل الدعوى ، أو في شق منها ، وجب عليه أن يستوفي التسبيب فيما يتعلق بهذه المسالة أو هذا الشق
- أما ما يصدر من أحكام برفض اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات فإنه من قبيل الأحكام القطعية التى يلزم تسببيها طبقا للرأي السائد في الفقه ولما جرى به قضاء محكمة النقض
وتجب الإشارة إلى أنه إذا كانت هناك مسالة أولية يلزم الفصل فيها قبل اتخاذ إجراء الإثبات
- كالدفع بعدم الاختصاص
- أو بعدم القبول
- أو بعدم جواز نظر الدعوى السابقة للفصل فيها
فإن واجب المحكمة يقتضيها أن تفصل أولا في هذه المسالة الأولية بقضاء مسبب توفيرا للجهد والوقت لأن قضاءها في الدفع قد يغنيها عن اتخاذ ذلك الإجراء
( 1 ) يلزم تسبيب الحكم الصادر من القاضى المستعجل بندب خبير لإثبات الحالة
باعتبار أن هذا الإجراء ليس مقصودا به استكمال عناصر الدعوى قبل الفصل في موضوعها ، وإنما هو الطلب الأصلى المطروح على المحكمة والحكم فيه يحوز حجية تقيد القاضي والخصوم
(۲) القرارات الصادرة بالعدول عما أمرت به المحكمة من إجراءات الإثبات
إذا كانت قد اتخذت هذا الإجراء من تلقاء نفسها وذلك طبقا لما نصت عليه المادة التاسعة من قانون الإثبات وما جرى به قضاء محكمة النقض تأسيساً على أنه لا يتصور أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم مما لا يلزم معه ذكر أي تبرير له
نقض ٢٣ / ٤ / ۱۹۸۱ – الطعن ٥٨ لسنة ٤٨ ق
أما إذا كان حكم الإثبات قد صدر استجابة لطلب أي من الخصوم ، ثم اتضح بعد صدوره وقبل تنفيذه – أن فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها في شأن المسألة المراد إثباتها فإن واجب المحكمة يقتضيها ذكر أسباب العدول في مدونات حكمها ، لأن العدول في هذه الحالة يعتبر رفض لطلب الإثبات للمحكمة
(۳) الأحكام الصادرة بالإلزام بمصروفات التقاضي شاملة مقابل أتعاب المحاماة
سواء الزمت المحكمة بها المحكوم عليه في الدعوى أو الزمته ببعضها والزمت المحكوم له البعض الآخر ، أو الزمت هذا الأخير بها كلها إذا كان قد تسبب في إنفاق مصروفات لا جدوى منها
أو كان قد ترك خصمه على جهل بما في يده من المستندات القاطعة في الدعوى وذلك لأنه فضلا عن أن الحكم فى المصروفات يفصح في ذاته عن سبب صدوره
فإنه يكون محمولا على أسباب الحكم فى الموضوع ، وحسب القاضي أن يشير في حكمه إلى النص الذي اعتمد عليه فى الحكم بالمصروفات ..
(٤) الأحكام الصادرة بمنح المدين مهلة لتنفيذ التزامه
متى استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من ورائها ضرر جسيم ، وكذا الأحكام الصادرة برفض طلب منح المدين هذه المهلة ،
وذلك طبقاً لما نصت عليه المادة ٢/٣٤٦ من القانون المدني من أن
يجوز للقاضي في حالات استثنائية إذا لم يمنعه نص فى القانون أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو أجال ينفذ فيها التزامه إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم لأن منح الأجل أو منعه رخصة خولها المشرع للمحكمة واستعمال المحكمة للرخص أو عدم استعمالها – على ما سيجيئ – لا يلزمها بأن تسوق مبررات لهذا الذي استخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها وحدا بها إلى إعمال الرخصة أو حبسها عن المدين طالما كان ما انتهت إليه سائغاً
(5) إعطاء المشترى المتأخر في دفع ثمن المبيع أجلاً للوفاء به أو رفض إعطائه هذا الأجل
وذلك طبقا لما نصت عليه المادة ۲/۱۵۷ من القانون المدني فتلك رخصة أطلق الشارع بمقتضاها للقاضى الخيار فى أن يأخذ منها بأحد وجهي الحكم في القانون حسبما يراه هو من ظروف الدعوى بغير معقب عليه ولا يقبل النعي على حكمه بقصور أسبابه عن بيان الاعتبارات التي اعتمد عليها في رفض منح ذلك الأجل
نقض ٢٣/ ١٢ / ١٩٦٩ – الطعن ٣٤١ لسنة ٣٥ ق
(٦) الحكم بانتهاء حق الانتفاع أو بنزع العين من تحت يد المنتفع
وتسليمها إلى آخر لإدارتها إذا استعملها استعمالا غير مشروع أو غير متفق مع طبيعتها وعرض حقوق المالك للخطر ، ولم يقدم ما قد يطالب به هذا الأخير من تأمينات ، وذلك طبقاً لما نصت عليه المادة ۲/۹۹۸ من القانون المدني
(۷) شمول الحكم بالنفاذ المعجل
أو رفض ذلك في الحالات المنصوص عليها في المادة ۲۹۰ من قانون المرافعات
(۸) الحكم الصادر من محكمة الطعن بوقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم المطعون فيه
إذا كان يخشى وقوع ضرر جسيم من التنفيذ وكانت أسباب الطعن في الحكم يرجح معها إلغاؤه .
(۹) الحكم بوقف الدعوى اتفاقا مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاق الخصوم
وذلك طبقا لما نصت عليه المادة ۱۲۸ من قانون المرافعات لأن هذا الحكم يفصح في ذاته عن أمرين :
- أولهما : إن سبب صدوره هو اتفاق الخصوم،
- ثانيهما: إنه لا مانع في القانون من إقرار هذا الاتفاق .
أما الأحكام التي تصدر بوقف الدعوى تعليقا على الفصل في مسألة أخرى
يتوقف عليها الحكم في الموضوع أو بوقف الدعوى جزاء فإنها أحكام واجبة التسبيب
ويرى جانب من الفقه أن القرار الصادر بوقف الدعوى جزاءا
إن وصف بأنه حكم إلا أنه يعتبر عملا من أعمال إدارة القضاء وبالتالي لا يلزم تسبيبه
(10) إثبات ترك الخصومة
طبقاً لما نصت عليه المادة ١٤١ مرافعات لأن الترك نزول عن إجراءات الخصومة يحدث أثره من وقت إعلانه ما لم يكن هناك مانع قانوني من إثبات الترك وعند قيام المانع فإنه يلزم تسبيب الحكم .
(۱۱) الحكم بالتعويضات مقابل النفقات
الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد أو بغرامة على الخصم الذى يتخذ إجراء أو يبدى طلباً أو دفعاً أو دفاعاً بسوء نية وذلك طبقاً للمادة ۱۸۸ من قانون المرافعات
استعمال المحكمة للرخص الممنوحة لها قانونا
ومما تجدر الإشارة إليه في ختام هذا المبحث أننا لا نراه صحيحاً ذلك المعيار الذي ارتاه جانب من الفقه من أنه إذا انعدمت سلطة القاضى فنطق بالحكم بإرادة المشرع أو إثباتاً لاتفاق الخصوم فلا إلزام عليه بتسبيب حكمه ،
أما إذا كانت له سلطة في التقدير فتسبيب حكمه واجب قانونا وإلا وقع باطلا ذلك أن من أهداف تسبيب الأحكام كما أسلفنا توفير الرقابة على عمل القاضي بتمكين محكمة الطعن من أداء وظيفتها في رقابة عمله والوقوف على ما يكون قد شاب حكمه من مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه
ومن ثم فحيث تنحسر هذه الرقابة عن محكمة الطعن لا يكون ثمة مبرر لإيراد الأسباب التي حدث به إلى استعمال الرخص التى خولها له القانون أو عدم استعمالها
بيد أن ذلك مرهون بأن يبين القاضى فى حكمه كافة العناصر الواقعية اللازمة لتطبيق نصوص القانون التي تحمل تلك الرخص وإلا وقع حكمه مشوباً بقصور في التسبيب
فإذا كان للقاضي خيار الأخذ أو الترك فلا حرج عليه إن مال إلى جانب دون أخر من جانبي الخيار ولا يمكن الادعاء عليه فى هذا بمخالفة القانون ، وحسبه أن يبين في حكمه الأسباب الواقعية الكفيلة فى تكييفها القانوني بتقرير صحة ما قضى به
واستعماله رخصة منحه القانون إياها إنما هو إعمال لإرادة المشرع في أن يختار القاضى بين وجهى الحكم فى القانون ، فإذا استعمل الرخصة في غير موضعها أو رغم عدم توافر شروط استعمالها من الناحيتين الموضوعية والقانونية فإن حكمه يكون مشوبا بخطأ فى القانون
ومن ثم فإن مسألة لزوم تسبيب الحكم أو عدم لزوم ذلك منبتة الصلة بحرية الخيار الممنوحة للقاضى لأنه وإن كان لا يلزم ببيان لماذا اختار ، فإنه ملزم ببيان الأسباب الواقعية المكونة لمفترض القاعدة القانونية التي منحته حرية الخيار