الخصومة في الدعوي القضائية لها اجراءات شكلية عوارها يؤدي الى بطلانها ومن ثم فان بحث بطلان العمل الاجرائي علي ضوء النقض والقانون له أهمية جمة للمحامي عند اعداد صحيفة دعواه وايداعها قلم كتاب المحكمة واعلانها عن طريق قلم المحضرين
محتويات المقال
واعلم أن قانون المرافعات هو العمل الاجرائي للدعاوي المدنية ودعاوي القضاء الاداري والمحاكم العمالية وبدون اتباع نصوصه لا تستقيم الدعوي وقد تبطل وقد تنعدم فانتبه وطالع هذا البحث المطول في البطلان الاجرائي
العمل الاجرائي في الخصومة القضائية
الخصومة مجموعة أعمال إجرائية يطرح بها على القضاء ادعاء بحق أو بمركز قانونى بقصد الحصول على الحماية القانونية ، وأنها تبدأ بإيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة وتنتهى بصدور حكم قضائي – والرأي السائد في الفقه أن هذا الحكم هو آخر إجراء من إجراءات الخصومة .
وعلى ذلك فقد رأيناه مفيدا – قبل التعرف على وجهى الطعن المتعلقين ببطلان الحكم وبطلان الإجراءات المؤثر فى الحكم – أن نعرض بإيجاز لملامح البطلان الإجرائي وفقا للتنظيم الذى أخذ به المشرع في المواد من ۲۰ إلى ٢٤ من قانون المرافعات الحالي
تعريف بطلان الإجراءات والعمل الاجرائي
في لغتنا العربية يقال :
يطل الشيء أي ذهب ضياعا وخسرا كقولهم « بطل دم القتيل أي ذهب هدراً أو فسد وسقط حكمه أي سقط كل أثر له
والبطلان فى الفقه الإسلامي
مرادف للفساد فى العبادات والمعاملات ، ويقصد به كون الفعل لا يستتبع آثاره الشرعية لخلل في أركانه أو شروطه
ورغم تعدد تعاريف البطلان في فقه المرافعات إلا أن الجامع بينها أنه
الجزاء الذي يرتبه القانون على مخالفة العمل الإجرائي نموذجه القانوني أي عدم تطابقه مع ما يتطلبه المشرع من مقتضيات لا يصح العمل ولا ينتج آثاره القانونية إلا بها ويتعين عدم الخلط بين البطلان كجزاء قانوني وبين غيره من جزاءات قانونية أخرى كالسقوط. واعتبار الإجراءات كأن لم تكن
البطلان والسقوط
السقوط جزاء يرتبه المشرع على عدم مباشرة حق إجرائي فى الوقت أو في المناسبة التي يعينها القانون كسقوط الحق في الطعن إذا لم يرفع خلال الميعاد المقرر قانونا وسقوط الحق في إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول ، وسقوط الحق في التدخل في الدعوى بعد قفل باب المرافعة
السقوط إذن يرد على عدم استعمال الحق في اتخاذ الإجراء في الميعاد أو المناسبة المحددة قانوناً في حين أن البطلان يرد على عمل إجرائي شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية التي رمى إليها المشرع من مباشرة هذا العمل
والقاعدة أن الإجراء المعيب يظل صحيحا منتجاً لآثاره إلى أن يقضى ببطلانه وحتى بعد الحكم بالبطلان يجوز تجديد الإجراء ومباشرته على نحو صحيح بينما الساقط لا يعود
فضلا عن أن السقوط يقع بقوة القانون ودون حاجة إلى صدور حكم من القضاء ومن ثم فإنه يجوز التمسك بسقوط الحق في اتخاذ الإجراء في أية حالة تكون عليها الدعوى بينما الدفع بالبطلان يبدى – كأصل عام – قبل التكلم في الموضوع مالم يتعلق البطلان بالنظام العام .
وباعتبار أن السقوط يرد على حق إجرائي فإنه لا يرد على أعمال القاضي أو معاونيه لأنه ليست لهؤلاء حقوق أو مصالح قانونية وإنما هم يباشرون أعمالاً إجرائية يحكم ببطلانها إذا تعيبت ولا يقضى بسقوط الحق في مباشرتها
البطلان واعتبار الإجراءات كان لم تكن
يتساوى اعتبار الإجراءات كأن لم تكن مع السقوط فى أن كلا منهما قصد به مجازاة الخصم عن تقصيره وحثه على متابعة إجراءات الخصومة ومباشرتها في المواعيد المقررة قانوناً كالشأن بالنسبة لاعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب ( المادة ٧٠ مرافعات ) أو إذا بقيت الدعوى مشطوبة ولم يطلب أحد السير فيها خلال مدة ستين يوما ( المادة ۸۲ مرافعات ) .
فالحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن يؤدى إلى زوال الخصومة وما اتخذ فيها من إجراءات وما ترتب على قيامها من آثار قانونية ومن ثم فهو يرد على دعوى نشأت صحيحة ثم طرأ عليها عيب عارض شاب إجراء من إجراءات الخصومة في حين أن البطلان يرد على عمل إجرائي ولد باطلا فلم يترتب عليه ما يرتبه المشرع على الإجراء الصحيح من أثر .
يراجع في هذا الصدد مؤلف الدكتور فتحي والى ( نظرية البطلان فى قانون المرافعات ) طبعة سنة ١٩٩٧ وما بعدها
محل البطلان الاجرائي
محل البطلان هو الإجراء أو العمل الإجرائي وقد تعددت تعاريف الفقه لمثل هذا العمل
وجاء فى المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المرافعات الحالي تعريفا له
يقصد بالإجراء العمل القانوني الذى يكون جزءا من الخصومة ، وتترتب عليه آثار إجرائية وهو ما اصطلح الفقه على تسميته بالعمل الإجرائي والأعمال الإجرائية متنوعة في الخصومة ومنها :
- ما يقوم به القاضي مثل الحكم أو الأمر
- ما يقوم به الخصوم أو وكلاؤهم مثل الطلبات على اختلاف أنواعها سواء كانت أصلية أو عارضة
- والدفوع
- وإعلان الأوراق
- وإعلان واقعة معينة
- أو أعمال متعلقة بالإثبات كالإقرار أو حلف اليمين
- ومنها ما يقوم به الغير كشهادة الشهود عمل الخبير
ويبين من هذا التعريف أن
(1) الإجراء عمل قانوني :
ويقصد بكون الإجراء عملا قانونيا أن المشرع هو الذي يضع نموذج هذا العمل فيحدد الوسيلة التي يتم بها ويعين الشكل الذى يجب أن يفرغ فيه وما يترتب على تخلف شيء من ذلك أو تعيبه من آثار ومن ثم فلا دخل لإرادة مباشر الإجراء سواء كان هو قاضي الدعوى أو أحد معاونيه أو الخصوم أو الغير فى تحديد أو تعيين مقتضيات العمل الإجرائي
(۲) الإجراء جزء من الخصومة :
لا تسرى قواعد البطلان المنصوص عليها فى قانون المرافعات إلا على الأعمال الإجرائية المعتبرة جزء من الخصومة أي المتعلقة ببدئها أو بسيرها أو بتحقيقها أو بانتهائها ، أما ما عدا ذلك من الأعمال فإنها لا تعد أعمالاً إجرائية ولو رتب القانون عليها آثارا معينة
(۳) الأثر المباشر للإجراء :
لا تخضع للقواعد القانونية المنظمة لبطلان الإجراءات إلا الأعمال الإجرائية التي تؤثر مباشرة فى بدء الخصومة أو في سيرها أو فى انقضائها .
أما تلك التي تتعلق بدراسة أوراق الدعوى أو بإعداد الدفاع فيها فإنها لا تعد من قبيل الأعمال الإجرائية التي تؤثر في الخصومة تأثيرا مباشرا
(٤) العمل الإجرائي قد يقوم به القاضي ، أو أحد معاونيه ، وقد يقوم به الخصوم ، وقد يقوم به الغير كالشاهد أو الخبير
الشكل في العمل الإجرائي
للشكل أهمية كبيرة فى قانون المرافعات وإذا كانت القاعدة في القانون المدني هي مبدأ حرية الشكل، فإن القاعدة في قانون المرافعات هي – على العكس – قانونية الشكل بمعنى أن جميع أوجه النشاط التي تتم في الخصومة يجب كقاعدة عامة – أن تتم لا تبعاً للوسيلة التي يختارها من يقوم بها بل تبعا للوسيلة التي يحددها القانون
والشكل في العمل الإجرائي قد يكون عنصرا من عناصره ، وقد يكون ظرفا وجوده خارج العمل لكي ينتج العمل آثاره القانونية والشكل كعنصر للعمل يتضمن وجوب تمام العمل كتابة ووجوب أن تتضمن الورقة بيانات معينة
والشكل كظرف للعمل قد يتصل بمكان العمل كوجوب تسليم الإعلان في موطن المعلن إليه أو وجوب أن يتم الحجز فى مكان المنقولات المحجوزة .
كما قد يتصل بزمان العمل والزمن كشكل للعمل قد يكون زمنا مجردا بغير نظر إلى واقعة سابقة أو لاحقة كوجوب أن يتم الإعلان بين السابعة صباحا والخامسة مساء وقد يكون الزمن يوما معينا كوجوب إجراء المرافعة فى أول جلسة
وقد يتحدد الزمن بميعاد أي بفترة بين لحظتين :
لحظة البدء ولحظة الانتهاء . وقد يكون ميعاداً يجب أن يتم العمل قبل بدئه وقد يكون ميعادا يجب أن يتم العمل خلاله. وأخيراً يدخل في عنصر الزمن أيضاً ما ينص عليه القانون من ترتيب زمن معين بين الأعمال الإجرائية
المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات
الشكلية بين القبول والرفض
كانت الشكلية ومازالت مدار جدل وخلاف بين الفقهاء والفلاسفة فقد قيل إن الأشكال القانونية عراقيل تحول دون سرعة وتسهيل المعاملات وأنها
تؤدى إلى أن يفقد الأفراد حقوقهم لأنهم لم ينتبهوا إلى احترام الشكل مما يتعارض مع مقتضيات العدالة في نظام قانوني متطور، فيتغلب الشخص الذى يستطيع أن يستعمل الأشكال على من يكون جاهلا بها وإن كان حسن النية
أو بتعبير [ اهرنج ] يستطيع من يمكنه احترام الشكل أن يصنع منها حبلا يخنق به عديم الخبرة وتسبب الشكلية مضايقات للأفراد إذ لا يكفى أن يريد الشخص ويعبر عن إرادته بل يجب أن يلتزم أوضاعا معينة للتعبير عن هذه الإرادة.
وإذا كانت الأشكال تؤدى إلى تحديد وسيلة مأمونة للقيام بالعمل فإنها تصبح خطرة فى الحالات التي لا تؤدى الغاية المقصودة منها أو تصبح على الأقل عديمة الفائدة .
والشكلية في المرافعات تؤدى إلى تشجيع سيئ النية وإلى بطء الخصومة مما يجعل صاحب الحق يفضل التضحية بجانب من حقه بالصلح مع خصمه على المطالبة به قضاء فلا يحصل عليه أو يحصل عليه بعد طول عناء
إشارات الدكتور فتحي والى
من أجل ذلك وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المرافعات
عنى المشرع بمعالجة نظرية البطلان عناية تتفق وأثرها البالغ على إجراءات التقاضي وصدر في تنظيمه لها عن اعتباره الإجراءات وسيلة لتحقيق الغاية المقصودة منها واعتباره الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد شكل يحجب العدالة عن تقصى الحقيقة
فنص فى المادة ۲۰ من القانون على أن :
يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء
وفيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام – لم يجز التمسك بالبطلان إلا لمن شرع البطلان لمصلحته ولمن لم يتسبب فيه ( المادة ٢١ )
ونص في المادة ۲۲ على أن
يزول البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته صراحة
أو كما أجاز في المادة ٢٣ منه
تصحيح الإجراء الباطل ولو بعد التمسك بالبطلان على أن يتم ذلك فى الميعاد المقرر قانونا لاتخاذ الإجراء فإذا لم يكن للإجراء ميعاد مقرر في القانون حددت المحكمة ميعادا مناسبا لتصحيحه ولا يعتد بالإجراء إلا من تاريخ تصحيحه
ومن جهة أخرى أخذ القانون بتحول الإجراء الباطل وانتقاصه
فنص في المادة ٢٤ على أن
إذ كان الإجراء باطلا وتوفرت فيه عناصر إجراء آخر فإنه يكون صحيحا باعتباره الإجراء الذي توفرت عناصره العملات الفقه وإذا كان الإجراء باطلا فى شق منه فإن هذا الشق وحده هو الذي يبطل ولا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه أو الإجراءات اللاحقة إذا لم تكن مبنية عليه ،
وقبل أن نعرض بالتفصيل لما سلف ذكره من أحكام استهدفت التقليل من دواعي البطلان رأينا أن نشير إلى مظاهر مرونة الشكل فى قوانين المرافعات الحديثة
مظاهر مرونة الشكل
كما قيل بحق فإن الشكلية فى القوانين الحديثة لم تعد مماثلة للشكلية في القانون الروماني حيث كان يجب التقيد بعبارات أو بألفاظ معينة كما كان يتعين الالتزام بترتيب خاص لدى ذكر البيانات التي نص عليها القانون وأصبح من الجائز استكمال البيان الناقص من بيان آخر يتحقق به الغرض المقصود من ذكر البيان الأول العبر ولا الها وعلقت
(۱) عدم التقيد بعبارات معينة
تحقق الشكل الذى أراده المشرع لا يعنى التقيد بلفظ أو بعبارة معينة فأي لفظ أو عبارة يتحقق بها الغرض المستهدف من الشكل أو البيان تغنى مادامت واضحة غير مشوبة بلبس أو غموض لا يكشف عن المقصود منها .
ومما يتصل بهذه المسألة أن الخطأ المادي البحت كتابيا كان أم حسابيا لا يؤدى إلى البطلان ولا يؤثر في صحة العمل الإجرائي ، وإذا وقع في حكم فإنه يجوز تصحيحه وفقا لما نصت عليه المادة ۱۹۱ من قانون المرافعات
(۲) عدم الالتزام بترتيب معين في ذكر البيانات
إذا أوجب القانون ذكر بيانات معينة في ورقة من أوراق المرافعات فإنه لا يلزم أن ترد هذه البيانات وفقا للترتيب المنصوص عليه فى القانون .
وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأن
تدوين بعض بيانات صحيفة بالاستئناف على هامش الصحيفة لا يبطلها لأنه لا يلزم قانونا أن ترد هذه البيانات في نهاية الصحيفة
( نقض ١٩٧٩/٦/١٦ – الطعن ٦٠١ لسنة ٤٢ ق )
ولا يستثنى من هذه القاعدة سوى توقيع العمل المكتوب فيجب أن يأتي هذا التوقيع بعد كتابة كافة بيانات الورقة لأنه يعني نسبتها لمن أصدرها
ومما قضت به محكمة النقض في هذا الصدد :
لما كانت المادة ٢٥٣ من قانون المرافعات تنص على أن
( يرفع الطعن بصحيفة يوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض … فإذا لم يحصل على هذا الوجه يكون باطلا وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه )
وكان الأصل أن مجرد التوقيع في نهاية الكتابة بالمحرر يفيد نسبته إلى صاحب التوقيع ولو لم تكن بخطه ، ويدل على اعتماده لها وإرادته الالتزام بمضمونها دون حاجة إلى بيان صريح منه بهذا المعنى ما لم يكن قد حدد أنه يقصد بتوقيعه شيئاً آخر
فإنه إذا لم يرد التوقيع فى نهاية الكتابة بالمحرر بل جاء في موضع آخر قبلها فإن هذه الكتابة لا تنسب إلى صاحب التوقيع إلا إذا قرن توقيعه بما يؤكد أنه قصد به الارتباط بها
( نقض ١/٥/ ١٩٨٤ – الطعن ٦٠٦ لسنة ٥٠ ق ) .
ويتساوى أن يكون التوقيع مقروء أو غير مقروء طالما كشفت بيانات الورقة عن صاحب هذا التوقيع .
وقد قضت محكمة النقض بأن
إذا كان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أنه ورد فيها اسم المحضر الذي باشر الإعلان والمحكمة التي يتبعها ، ثم ذيل الإعلان بتوقيع المحضر فقد تحقق ما قصد إليه المشرع من بيان اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها في ورقة الإعلان ولا ينال من ذلك أن يكون خط المحضر غير واضح وضوحا كافيا في خصوص ذكر اسمه ولا أن يكون توقيعه كذلك مادام أن المعلن إليه لم يدع أن من قام بإجراء الإعلان من غير المحضرين
نقض ١٩٨١/٢/٢٢ – الطعن ١٠٦٠ السنة ٤٥ ق
(۳) مبدأ المترادفات
ملاحظة أولية : ترادف الكلمات في اللغة العربية هو اختلافها لفظا واتحادها معنى أما مبدأ المترادفات في فقه المرافعات فيقصد به تكافؤ الأشكال القانونية إذا حققت الغاية المقصودة من الشكل
مؤدى هذا المبدأ أنه يجوز تكملة البيان الناقص من محرر ببيان آخر ورد فيه ولو لم يكن مماثلا له لفظا مادام يؤدى نفس الغاية المستهدفة من البيان الناقص فتوقيع المحضر على الورقة يغنى عن ذكر اسمه فيها وعدم ذكر الشهر الذي حصل فيه الإعلان تغنى عنه عبارة الشهر الجاري إذا أمكن التعرف على هذا الشهر ،
والنقص والخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم ومواطنهم لا يترتب عليه البطلان طالما أمكن التعرف عليهم مما اشتملت عليه الورقة من بيانات أخرى والأصل أن العمل الإجرائي يجب أن يحمل بذاته دليل صحته ومن ثم فإنه لا تجوز تكملة الشكل أو البيان بدليل غير مستمد من الورقة نفسها أو بالإحالة إلى التحقيق لإثبات توافر الشكل الذي تطلبه القانون
ومن قضاء محكمة النقض في هذا الصدد :
يجب أن يكون الحكم مستكملا بذاته شروط صحته فلا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية التي يستلزمها القانون لصحته بأي دليل غير مستمد منه … ولو كان ورقة رسمية
نقض ١٩٦١/٢/٢٥ – الطعن ٦ لسنة ٢٦ ق – هيئة عامة
لا يغني عن بيان أسماء الخصوم وصفاتهم وألقابهم إمكان معرفة اسم الخصم من ورقة أخرى من أوراق الدعوى ولو كانت رسمية لأن الحكم يجب أن يكون مشتملا بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية التي يستلزمها القانون لصحته بأي دليل آخر غير مستمد منه
نقض ۱۹۷۷/۲/۲۳ – الطعن 7 لسنة ٤٥ ق
واستثناء من ذلك الأصل العام – وهو عدم جواز تكملة الورقة بدليل غير مستمد منها – يجوز تكملة الورقة ببيان مستمد من ورقة أخرى شريطة أن تكون مكملة لها أو ملحقة بها ، فإذا تطلب القانون إعلان الورقة الأولى تعيين إعلان الورقة الثانية معها
أحكام البطلان في قانون المرافعات
حالتا البطلان :
تنص المادة ٢٠ من قانون المرافعات على أن
« يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه ، أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء ولا يحكم بالبطلان – رغم النص عليه – إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء »
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون في هذا الصدد أنه
« رأى التفرقة بين حالة البطلان الذى يقرره القانون بعبارة صريحة منه وحالة عدم النص عليه فإذا نص القانون على وجوب اتباع شكل معين، أو أوجب أن تتضمن الورقة بيانا معينا وقرر البطلان صراحة جزاء على عدم احترامه – فإن الإجراء يكون باطلا ….
ولم يقصر المشروع البطلان على حالات النص عليه فنص على أن الإجراء يكون باطلا أيضا إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء .
ويقصد المشروع بحالات عدم النص على البطلان عدم النص الصريح عليه فإذا نص القانون على أن :
لا يجوز
أو لا يجب
أو نص على أية عبارة أخرى ناهية أو نافية
فإنه بهذا لم يصرح بالبطلان فلا يحكم به إلا إذا وجد عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء … ذلك أن القانون مادام لم ينص على البطلان جزاءً لشكل أو بيان معين فإنه يدل بهذا على عدم إرادته توافر هذا الشكل أو البيان إلا بالقدر اللازم لتحقيق الغاية من العمل الإجرائي الذي يتضمنه
وبالبناء على ما تقدم فإن بطلان العمل الإجرائي يتحقق في حالتين هما
أولا : البطلان المنصوص عليه صراحة :
هو ذلك الذي يرد في القانون نص صريح عليه كذكر عبارة « وإلا كان الإجراء باطلا أو عبارة « ويترتب البطلان على عدم مراعاة ذلك » أو عبارة « ويبطل العمل أو الإجراء »
ومن ثم فإنه لا يكفي للحكم بالبطلان على مخالفة الشكل الذي أوجبه القانون العبارات التي تتضمن أمرا أو نهيا كعبارات
« يجب » أو « يلزم » أو « يتعين » أو « لا يجوز » أو « لا يجب » أو لا يصح
ومن قبيل البطلان المنصوص عليه صراحة ما نصت عليه المادة ۱۹ مرافعات من أن يترتب البطلان على عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في المواد ٦ ، 7 ، 9، ۱۰ ، 11 ، 13
وما نصت عليه المادة ٢٥ من أن
يجب أن يحضر مع القاضى في الجلسات وفي جميع إجراءات الإثبات كاتب يحرر المحضر ويوقعه مع القاضى وإلا كان العمل باطلا
وما نصت عليه المادة ۲۳۰ من وجوب اشتمال صحيفة الاستئناف على
بيان الحكم المستأنف ، وتاريخه، وأسباب الاستئناف ، والطلبات – وإلا كانت باطلة
وما نصت عليه المادة ٢/٢٤٣ من أن
يجب أن تشتمل صحيفة الالتماس على بيان الحكم الملتمس فيه ، وتاريخه ، وأسباب الالتماس – وإلا كانت باطلة
وما نصت عليه المادة ٢/٢٥٣ من أن
الطعن بالنقض إذا لم يحصل على الوجه المبين في النص كان باطلا وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه
وما نصت عليه المادة ١/٢٨١ من أن
يجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي لشخص المدين أو في موطنه الأصلى – وإلا كان العمل باطلا
وما نصت عليه المادة ۲/۳۲۸ من أن
وإذا لم تشتمل الورقة على البيانات الواردة في البنود ۱ ، ۲ ، 3 كان الحجز باطلا
وما نصت عليه المادة ١/٣٥٦ من أن
لا يجوز للمحضر كسر الأبواب أو فض الأقفال بالقوة لتوقيع الحجز إلا بحضور أحد مأموري الضبط القضائي ويجب أن يوقع هذا المأمور على المحضر – وإلا كان باطلا
وما نصت عليه المادة ٤٢٠ من أن
يترتب البطلان على مخالفة أحكام المواد ٤١٤ ، ٤١٥ ، 418
وبالبناء على ما تقدم ف
إنه ليس على من تقرر البطلان لمصلحته إلا أن يثبت تعيب الإجراء بعيب شكلي ، فيقع على من اتخذ الإجراء عبء إثبات أن الغاية منه قد تحققت رغم وجود هذا العيب فإذا ثبت تحقق الغاية ، أصبح من التمسك بالشكليات القضاء بالبطلان
ومن ثم فإن البطلان المنصوص عليه صراحة ليس بطلانا إجباريا يجب على القاضي الحكم به لمجرد تخلف الشكل أو البيان وهو اتجاه – كما تقول المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون – يتسق مع الأخذ بمبدأ نسبية الحقوق، الذي يعنى أن الحق ليس غاية في ذاته إنما هو وسيلة لتحقيق غاية معينة
ويجب على المتمسك بالبطلان في هذه الحالة أن يتثبت أمرين :
- أولهما : هو تعيب الإجراء
- وثانيهما : هو أن الغاية منه لم تتحقق
ثانيا : البطلان بسبب عدم تحقق الغاية من الإجراء :
حتى لا يكون هناك إفراط أو تفريط لم يقصر المشرع البطلان على ذلك المنصوص عليه صراحة وإنما يقوم موجب الحكم بالبطلان إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية التي استهدفها القانون من مباشرة هذا الإجراء. وعيب الإجراء يتمثل في عدم المطابقة بينه ونموذجه القانوني
حيث يتطلب المشرع مقتضيات أو شروطا معينة إذا لم تتوافر ولم تتحقق الغاية من الإجراء انعدم ما يرتبه القانون عليه من آثار إذا بوشر على نحو صحيح وذلك فيما عدا الحالات التي يرى المشرع أن تكون له تلك الآثار رغم تعيبه ومن أمثله البطلان غير المنصوص عليه عدم إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة إذ لا يغنى عن إيداعها على هذا النحو إرسالها بالبريد أو بطريق الفاكس
يراعى أن بطلان إجراءات رفع الدعوى يوجب القضاء بعدم قبولها
وإن كان سبب عدم القبول هو بطلان الإجراءات والنقص أو الخطأ في أسماء الخصوم الذى يكون من شأنه التجهيل بشخص الخصم أو صفته وعدم بيان المحكمة التي رفعت الدعوى أمامها إذا لم يزل البطلان بحضور المدعى عليه وعدم تحديد وقائع الدعوى وطلبات المدعى فيها تحديدا كافيا نافيا لكل جهالة
امتناع الحكم بالبطلان عند تحقق الغاية من الإجراء
نصت المادة ۲۰ من قانون المرافعات في فقرتها الثانية على أن :
ولا يحكم بالبطلان – رغم النص عليه – إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء ، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون في هذا الصدد أن المشروع عنى بمعالجة نظرية البطلان عناية تتفق وأثرها البالغ على إجراءات التقاضي
وصدر في تنظيمه لها عن اعتباره الإجراءات وسيلة لتحقيق الغاية المقصودة، منها ، واعتباره الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد شكل يحجب العدالة عن تقصى الحقيقة
وأن « ربط الإجراء بالغاية منه يؤدى إلى جعل الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد قالب كالشكليات التي يعرفها القانون الروماني في عهد دعاوى القانون »
والبين من ذلك أن المشرع جعل مناط الحكم بالبطلان هو عدم تحقق الغاية من الإجراء يتساوى في هذا الصدد أن يكون البطلان – متعلقا بالنظام العام أم بمصالح الخصوم منصوصا عليه صراحة أم غير منصوص عليه
وتجدر الإشارة إلى أن ما اتجه إليه المشرع من ربط الأشكال بالغاية منها يعرف في فقه المرافعات بمبدأ « وسيلية الأشكال ، ومؤدى هذا المبدأ هو عدم إبطال الإجراء إذا كانت الغاية التي يتوخاها المشرع فيه قد تحققت في الواقع ،
فالقانون يفرض شكل الإجراء لتحقيق ضمانات معينة كحرية الدفاع وتحقيق مبدأ المواجهة بين الخصوم ومتى حقق الإجراء هذه الضمانات فإن التمسك بالبطلان لعدم احترام الشكل يعني انحراف هذا الشكل عن غايته
د . وجدى راغب – المرجع السابق ص ٦٣٢
المشكلة التي تثيرها مسالة تحقق الغاية من الإجراء
الغاية من الإجراء هى الهدف الذي قصد المشرع تحقيقه من مباشرة الإجراء على النحو الذي ارتاه .
وقد سلف القول بأن الإجراء أو العمل الإجرائي عمل قانوني يجب أن تتوافر فيه مقتضيات أو شروط معينة من بينها ما يتعلق بشكل هذا العمل، حيث يكون الشكل عنصرا من عناصره أو ظرفا يجب وجوده خارج العمل لكي ينتج أثاره القانونية الشكل
إذن ليس هو الإجراء فقد لا يتطلب القانون في الإجراء شكلا معينا كالإقرار وحلف اليمين والمرافعة الشفوية والنطق بالحكم والمشكلة لا تثور إذا ترتب على تخلف الشكل أو تعيبه عدم تحقق الغاية من العمل الإجرائي ككل أي عدم تحقق الهدف الذي رمى إليه المشرع لا من الشكل كظرف أو عنصر من عناصر العمل ولا من الإجراء في عمومه إذ يتحقق في مثل هذه الحالة موجب الحكم بالبطلان
أما إذ تحققت الغاية من الإجراء ككل وتخلفت الغاية من الشكل كعنصر أو ظرف فإن سؤالا يطرح نفسه على بساط البحث هو : هل يُقضى بالبطلان في مثل هذه الحالة أم يعتبر الإجراء صحيحا بتحقق الغرض أو الغاية منه ككل ؟
فالغاية من إجراء الإعلان هي أخبار المراد إعلانه بما جاء فى الورقة المعلنة ودعوته للمثول أمام محكمة معينة لإبداء دفاعه تحقيقا لمبدأ المواجهة بين الخصوم
ومن ثم فإن وصول هذه الورقة إليه تتحقق به الغاية من الإجراء ككل أو فى عمومه ، ولكن الغاية من الشكل أو البيان قد لا تتحقق بإجراء هذا الإعلان في غير المواعيد المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون المرافعات
أو بخلو الورقة المعلنة من بيان جوهرى من البيانات المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون ذاته، أو بتسليمها إلى غير الشخص نفسه في غير موطنه الأصلى أو موطنه المختار فى الأحوال المنصوص عليها قانونا
أساس المشكلة
كانت الفقرة الثانية من المادة ۲۰ من مشروع قانون المرافعات تنص على أن ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الشكل أو البيان المطلوب
ثم استبدلت اللجنة التشريعية هذه العبارة الأخيرة بعبارة « الغاية من الإجراء »
وبررت ذلك بأنها ارتأت توحيد الاصطلاح باستعمال تعبير واحد أكثر إحكاما
وقالت إنه من المفهوم أن تحقق الغاية من الإجراء يقتضى تحقق الغاية من الشكل أو البيان على ما استقر عليه الفقه في تفسير النص المقابل فى القانون الإيطالي الذي أخذ المشروع عنه هذا النص
وقد انتقد جانب من الفقه هذا التعديل وقال
إنه يوحى بأن المناط في البطلان هو بالغاية من العمل الإجرائي وليس بالغاية من الشكل أو البيان المطلوب ذاته ويخلط بين الغاية من العمل والغاية من الشكل ويعتبرهما أمرا واحدا بحيث إن تحقق الأولى يؤدى حتما وتلقائيا إلى تحقق الثانية فى حين أن هناك أشكالا للعمل ترمى – فضلا عن تحقيق الغاية من العمل عن طريق احترام الشكل – إلى تحقيق ضمانات معينة للخصوم ولا تتصل اتصالا مباشرا بالغاية من العمل . وفي هذه الحالات تكون للشكل غاية خاصة به تختلف عن الغاية من العمل
د . فتحي والى – المرجع السابق ص ۳۹۸ وما بعدها
وارتأى أصحاب هذا الرأى وجوب صرف المقصود بالغاية في هذا الصدد إلى الغاية من الشكل أو البيان وليس إلى الغاية من الإجراء ومن ثم فإنه لا يكفي في نظرهم – تصحيحا للبطلان أن تتحقق الغاية من الإجراء رغم تعيب بعض أشكاله أو بياناته وإنما يلزم أن تتحقق الغاية من الشكل ذاته أو البيان الذي لحقه العيب
محمد كمال عبد العزيز – تقنين المرافعات – الطبعة الثالثة – ص ٢٤٥
وذهب آخرون إلى أن
الحل الأمثل الذى لا مفر منه هو الا يحكم بالبطلان إلا إذا توافر شرطان:
- أولهما : أن تحصل المخالفة فى شكل جوهرى .
- وثانيهما : ألا يتحقق بسبب هذه المخالفة ما قصد القانون إلى حمايته وصيانته بما أوجبه وحصلت المخالفة فيه وعندئذ لا يكون ثمة مجال لبحث تحقق الغاية من الإجراء أو تحقق الغاية من الشكل
الدكتور أحمد أبو الوفا – ملامح البطلان في التشريعات الحديثة – نظرية الدفوع – الطبعة الثامنة – ص 959
ويري المستشار محمد وليد الجارحي نائب رئيس محكمة النقض
أن الشكل فى العمل الإجرائي إذا كان عنصرا من عناصره أو ظرفا يتعين وجوده خارج هذا العمل ، فإنه يعتبر جزء من كل ، ومن ثم فقد أحسنت اللجنة التشريعية إذ استبدلت لفظ « الإجراء » بعبارة « الشكل أو البيان المطلوب ، في عجز المادة ٢٠ من قانون المرافعات ،
فلفظ الإجراء يصدق على العمل الإجرائي الذي يكون الشكل جزءً منه ومقتضى من مقتضيات صحته كما يصدق على العمل الإجرائي الذي لا يتطلب القانون فيه شكلا معينا فإذا تطلب القانون هذا الشكل أو البيان ونص على البطلان جزاء تخلفه أو تعيبه
فإن تحقق الغاية من الإجراء ككل لا يغنى عن تحقق الغاية من الشكل وإذا لم ينص القانون على البطلان كجزاء على مخالفة أو تعيب الشكل
فإنه ـ وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية – يدل بهذا على عدم إرادته توافر هذا الشكل أو البيان إلا. بالقدر اللازم لتحقق الغاية من العمل الإجرائي الذي يتضمنه
صفوة القول أنه
إذا قامت إلى جانب الغاية من العمل الإجرائي ككل غايات خاصة تتعلق بشكل أو بيان معين فإنه يتعين تحقق هذه الغايات جميعا حتى يمتنع الحكم بالبطلان طبقا للمادة ٢/٢٠ من قانون المرافعات
العبرة بالغاية الموضوعية
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أنه يتعين النظر إلى الغاية الموضوعية وإلى تحققها أو عدم تحققها في كل قضية على حدة – ( المذكرة الإيضاحية )
وعلى ذلك فإنه يتعين على القاضي أن يبحث فيما إذا كانت الغاية من الإجراء قد تحققت أو لم تتحقق في كل حالة على حدة ، ووفقا لظروف وملابسات هذه الحالة …
كذلك فإنه لا محل للحديث عن تحقق أو تخلف الغاية من الإجراء في الحالات التي يضع فيها المشرع جزاء آخر للمخالفة غير البطلان كعدم القبول ، أو السقوط ، أو اعتبار الإجراء كأن لم يكن
ولا في الحالات التي تتعلق فيها المخالفة بشكل من الأشكال التنظيمية وهي التي لا ترمى إلى رعاية مصلحة معينة ولا ترتب للخصوم حقوقا أو مراكز قانونية
وإنما تتعلق بتنظيم العمل كتحديد أيام معينة لعقد الجلسات أو وجوب أن يرفق المدعى بصحيفة دعواه المستندات المؤيدة لها ومذكرة شارحة أو عدم جواز تأجيل إصدار الحكم أكثر من ثلاث مرات أو وجوب إصدار الأمر على عريضة في اليوم التالي لتقديمها على الأكثر
د . فتحي والى – المرجع السابق- ص ٤٠٥ وما بعدها
ومما تجدر الإشارة إليه فى هذا الصدد أنه
يتعين النظر إلى الغاية الموضوعية وإلى تحققها أو عدم تحققها في كل قضية على حدة – ( المذكرة الإيضاحية ) .
وأن البحث عن تحقق الغاية أو عدم تحققها لا يثور إلا إذا كان هناك إجراء قد بوشر فعلا وشابه عيب من العيوب الموجبة للحكم بالبطلان
أما إذا لم يتخذ إجراء أوجب القانون اتخاذه ورتب على عدم مباشرته البطلان ، فإن مثل هذا البطلان يقع دون بحث عن تحقق أو عدم تحقق الغاية منه
عبء الإثبات فيما يتعلق بتحقق أو بتخلف الغاية
جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المرافعات فى هذا الخصوص أن :
إذا نص القانون على وجوب اتباع شكل معين أو أوجب أن تتضمن الورقة بيانا معينا وقرر البطلان صراحة جزاءً على عدم احترامه – فإن الإجراء يكون باطلا وليس على من تقرر الشكل لمصلحته إلا أن يثبت تحقق العيب ويتمسك بالبطلان
وفى حالة عدم النص على البطلان فإن الإجراء لا يبطل إلا إذ أثبت المتمسك بالبطلان – فضلا عن العيب الذى شاب الإجراء – أن هذا العيب قد أدى إلى عدم تحقق الغاية من الإجراء، فعبء إثبات عدم تحقق الغاية يقع على عاتق المتمسك بالبطلان
المقتضيات الموضوعية للعمل الإجرائي
البطلان جزاء يقرره المشرع على تخلف أو تعيب مقتضى من مقتضيات العمل الإجرائي ويوجب الحكم به إذا لم تتحقق الغاية التي استهدفها من هذا العمل وقد انقسم الفقه فيما يتعلق بتحديد تلك المقتضيات
فذهب البعض إلى القول بأن
العمل الإجرائي عمل شكلي لا أهمية فيه إلا للشكل فهو وحده الذي يترتب البطلان على تخلفه أو تعيبه أما ما عداه من مقتضيات موضوعية تتعلق بشخص القائم بالعمل أو بإرادتيه أو محله فإنه يرجع بصددها إلى الجزاء المقرر على تخلفها أو تعيبها في القواعد العامة أو إلى ما ورد بشأنها من أحكام خاصة
وذهب رأى يؤيده المستشار الجارحي نائب رئيس محكمة النقض إلى أن
الشكل ليس هو المقتضى الوحيد للعمل الإجرائي وإنما له – كأن عمل قانونى – مقتضيات أخرى تتعلق بشخص القائم به وبإراديته وبمحله فيشترط في شخص من يباشر الإجراء أن يكون صالحا للقيام به ، وأن تتجه إرادته إلى القيام بهذا العمل كما يشترط في العمل محل الإجراء أن يكون موجودا ومعينا أو قابلا للتعيين
يرجع في تفصيل ذلك إلى الأستاذ الدكتور فتحي والى ص ٤١٢ وما بعدها
والمقام لا يتسع للإفاضة فى الحديث عن المقتضيات الموضوعية للعمل الإجرائي ولكن مما تجب الإشارة إليه فى هذا الخصوص ما جاء فى المذكرة التفسيرية لمشروع قانون المرافعات السابق من أن :
القول بالتفرقة بين البطلان الشكلي والموضوعي فى المرافعات ، وبأن البطلان يكون موضوعيا إذا تعلق بالمقتضيات الموضوعية للعمل الإجرائي كما إذا تعلق بشخص القائم به أو بإرادته أو بمحل العمل الإجرائي – فكل هذا القول محل نظر لأن :
- الأهلية شرط لصحة العمل الإجرائي
- والصفة شرط للقبول
ومحل العمل يتصل بصميم أصل الحق وإذا كان العمل الإجرائي هو حكم أو قرار فما اتصل بالاختصاص أو السلطة أو الصلاحية إنما يتصل بصميم إجراءات التنظيم القضائي أو الاختصاص كل هذا من صميم الشكل الإجرائي . وبعبارة أخرى : شكل الإجراء لا يتصل ببياناته فحسب وإنما يتصل بمن صدر منه الإجراء ومن يوجه إليه
تحديد الغاية من مسائل القانون
تحديد الغاية من الإجراء أو من الشكل أو البيان المطلوب كعنصر من عناصر العمل الإجرائي من المسائل القانونية التي يخضع قاضي الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض فإذا جنح إلى غاية أخرى غير تلك التى تغياها المشرع فإن حكمه يكون مشوبا بخطأ في القانون
أما التعرف على ما إذا كانت الغاية قد تحققت أم تخلفت فهو – عند من يوجدون تفرقة بين الواقع والقانون – من مسائل الواقع التي لا تجوز إثارتها أو التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض وإنما يستقل قاضي الموضوع بتقديرها طالما أقام قضاءه على أسباب سائغة
أمثلة يستهدى بها عند تحديد الغاية
قد يشكل الأمر على القاضى في معرض بحثه عن الغاية من الإجراء وتحديد هذه الغاية ، ومن ثم فقد رأيناه مفيدا أن نحدد بعض الغايات :
الغاية من الإعلان
هي إعلام المعلن إليه بمضمون الورقة المعلنة وذلك بتمكينه من الاطلاع عليها وتسليمه صورة منها ودعوته للحضور أمام محكمة معينة لإبداء دفاعه تحقيقا لمبدأ المواجهة بين الخصوم
وهذه الغاية تتحقق بمجرد تسليمه هو أو من ينوب عنه تلك الصورة ، أو بحضوره جلسات المرافعة ، أو تقديمه مذكرة بدفاعه الغاية من تقييد إجراء الإعلان بميعاد معين هي تجنب إزعاج المعلن إليه في ساعات يغلب أنها ساعات راحته أو في أيام يحسن الحفاظ على صفوه خلالها وهذه الغاية لا تتحقق بإعلانه في غير ذلك الميعاد
الغاية من منح ميعاد مسافة
هى تمكين المعلن إليه الذى يبعد موطنه عن المكان الذي يتعين اتخاذ الإجراء فيه من اتخاذ هذا الإجراء فى موعده تحقيقا للمساواة بينه وبين خصمه
الغاية من مواعيد الحضور
هى تمكين المعلن إليه من الاستعداد وتحضير دفاعه وهي تتحقق بمجرد حضوره جلسة المرافعة وحسبه أن يمنح أجلا لإعداد دفاعه الغاية من تحديد مواعيد تعجيل السير في الإجراءات هي حث الخصوم على سرعة اتخاذ هذه الإجراءات حتى لا تتراكم القضايا أمام المحاكم
الغرض من مواعيد الطعن في الأحكام
هو وضع قيد زمنى يكفل استقرار الحقوق وتثبيت المراكز القانونية للخصوم .
الغاية من إعلان صحيفة الطعن
هي تمكين الطعون ضده من إبداء دفاعه فإذا أبداه في الميعاد المقرر تحققت الغاية من الإعلان مهما تعيب هذا الإعلان الغاية من إيداع سند وكالة المحامى هى التثبت من وكالته عمن ينوب عنه والاستيثاق من أنه مقبول أمام المحكمة المرفوع أمامها الدعوى أو الطعن وهذه الغاية تتحقق بإيداع سند الوكالة قبل قفل باب المرافعة
الغاية من ذكر بيان الساعة واليوم والشهر والسنة التي حصل فيها الإعلان تختلف باختلاف الورقة المعلنة
فإذا كان التاريخ يؤدى وظيفة معينة كما لو كان إعلانا يبدأ به ميعاد طعن فإن الغاية تتحقق برفع الطعن في الميعاد .
وإذا لم تكن للتاريخ هذه الوظيفة في الإعلان فإن ذلك البيان لا يكون جوهريا ولا يترتب على تخلفه البطلان الغاية من ذكر اسم المحضر في ورقة الإعلان هي التثبت من أن الإعلان تم على يد موظف مختص بإجرائه ويكفى لتحقق هذه الغاية توقيع المحضر فإذا خلت الورقة من اسمه وتوقيعه بطل الإعلان
الغاية من ذكر البيانات المتعلقة بالخصوم
هي تحديد أشخاصهم وهي تتحقق بإعلام ذوى الشأن إعلاما كافيا بأشخاصهم أو صفاتهم دون لبس أو غموض ، فإذا خلت ورقة الإعلان من تلك البيانات بطل الإعلان .
الغاية من ذكر اسم وصفة من سلمت إليه صورة الإعلان وتوقيعه على الأصل هي التثبت من أن هذه الصورة سلمت لمن لا تتعارض مصلحته مع مصلحة المراد إعلانه حتى يفترض علم هذا الأخير بها وهذه الغاية تتحقق بمجرد استلامه صورة الإعلان الغاية من إعلان الخصوم بأن الخبير أودع تقريره هي تمكينهم من التعقيب على ما جاء في التقرير، فإذا أبدوا دفاعهم بشأنه تحققت الغاية من الإعلان .
العمل الإجرائي المنعدم والعمل الباطل
تتجه غالبية الفقهاء إلى التمييز بين العمل الإجرائي المنعدم والعمل الباطل ويقولون إن انعدام الإجراء يقصد به عدم وجوده وجودا قانونيا ـ أي من وجهة نظر المشرع وليس من حيث الوجود المادي – بينما المقصود بالإجراء الباطل الإجراء المعيب الذي تخلفت مقتضيات صحته .
وينتصرون لفكرة التمييز بين الانعدام والبطلان بأن العمل القانوني لكي يتصف بالصحة أو البطلان يتعين أن يكون موجودا فإذا لم يكن موجودا فلا محل لأن نصفه بأنه صحيح أو باطل ومن هنا لزمت عندهم التفرقة بين ما يلزم لوجود العمل وما يلزم لاستكمال شروط صحته ورتبوا على ذلك عدة نتائج
بينما اتجه قليل من الفقهاء إلى استبعاد فكرة انعدام العمل الإجرائي ووجدوا في فكرة البطلان غناء عنها واستندوا في ذلك إلى أن كلا من الانعدام والبطلان يعدم أثر الإجراء ، ومن البديهي أن العدم درجة واحدة لا تقبل التدرج ولا تفاوت فيه ولا يسوغ من حيث المنطق أن يقال أن الإجراء المنعدم أشد انعداما من الإجراء الباطل
في هذا المعنى الأستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري – الوسيط في شرح القانون المدني – المجلد الأول ، الطبعة الثالثة سنة ١٩٨١ – ص ٦٤٦ . مع مراعاة أن فكرة الانعدام انتقلت من القانون المدني إلى قانون المرافعات
كما استندوا إلى أن القانون نظم البطلان وقصد بالعمل الباطل العمل الذي لا تتوافر فيه المقتضيات التي يتطلبها القانون في عمل معين مما يؤدى إلى عدم إنتاج أثاره القانونية ولا يمكن أن يقصد بالانعدام القانوني غير هذا المعنى .
وما يقوله أنصار فكرة الانعدام من أن العمل المنعدم لا يحتاج إلى قرار من القاضى يعدمه فمردود بأن التقرير القضائي واجب دائما وإذ كانت هناك حالات لا يلجأ فيها إلى القضاء فسبب ذلك أن تعيب العمل يكون ظاهرا بدرجة لا يستطيع أحد معها المنازعة في تعيبه
د . فتحي والى – الوسيط ص ٤٦٤
ومما تعرضت له فكرة الانعدام أيضاً من نقد أنها فكرة عديمة الفائدة لأن قرار القاضي في الانعدام والبطلان واحد لا يتغير إذ هو قرار مقرر لا منشئ بالإضافة إلى أنها فكرة مخالفة للقانون إذ نظم المشرع البطلان دون الانعدام هذا فضلا عن أن ما طرح من معايير للتمييز بين الانعدام والبطلان جاء مشوبا بالغموض مما يفقده صلاحيته للتفرقة بينهما
ورداً على تلك الانتقادات قال أصحاب فكرة الانعدام أن اتحاد دور القاضي في البطلان والانعدام من حيث التقرير لا الإنشاء لا يحول دون التسليم بالفرق الهام بينهما فالإجراء المنعدم غير موجود بقوة القانون ودور القاضي هو الكشف عن هذا الانعدام وتدخله غير لازم لتقريره بعكس الإجراء الباطل فإن تقرير بطلانه يحتاج إلى حكم من القضاء والا وجبت معاملته بوصفه إجراء صحيحا
د . أحمد فتحي سرور – الوسيط فى قانون الإجراءات الجنائية – طبعة سنة ۱۹۸۰ ص ٥٢٦ ، ص ٥٢٧
وأنه لا يهدم فكرة الانعدام أنها بلا سند تشریعی فالانعدام حالة تفرضها طبيعة الأشياء دون حاجة إلى نصوص تشريعية تقررها بل إنها وجدت من أجل حل التناقض الظاهري بين القيود التشريعية على البطلان وما تفتضيه طبيعة الأشياء وهي فكرة منطقية إذ طالما سلمنا باختلاف نظام العيوب فى العمل القضائي تصبح المشكلة اصطلاحية
والمنطق القانوني يقتضى تنويع الاصطلاح مع اختلاف النظم كما أنها فكرة مفيدة إذ تحول دون حجية الأمر المقضى وتحرر الحكم المعدوم من قاعدة عدم جواز المساس بالأحكام والاختلاف حول تحديد معيار للتمييز بين الانعدام والبطلان لا يعيب الفكرة أو يدعو إلى رفضها وإنما يعني فقط أنها مجال للاجتهاد
د . وجدى راغب – النظرية العامة للعمل القضائي – طبعة سنة ١٩٧٤ ص ٤٠٥
معيار التمييز بين الانعدام والبطلان
اختلف أصحاب فكرة التمييز بين الانعدام والبطلان في وضع معيار منضبط في هذا الصدد :
- فقال البعض إن الانعدام يترتب على تخلف عنصر جوهري في تكوين العمل بحيث لا يمكن تصوره بدونه وحدد نفر منهم العناصر الجوهرية بأنها العناصر العقلية أو المنطقية للعمل بينما رأى آخرون أنها العناصر القانونية .
- وجمع البعض بين العناصر القانونية والمنطقية وقال فريق أن الانعدام يترتب على تخلف مفترضات الرابطة الإجرائية وهي العناصر التي يتوقف على وجودها نشوء هذه الرابطة .
- وذهب آخر إلى القول بأن الانعدام يترتب على تخلف أحد المقتضيات المكونة وتحير فريق فقال إنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل تعريف فكرة الانعدام لأنها فكرة يمكن فقط تذوقها على نحو تقريبي ، ويمكن صياغة قواعد ترشد إليها
في تفصيل ما تقدم د . وجدى راغب – المرجع السابق ص ٤٠٥ وما بعدها .
ويري المستشار محمد وليد الجارحي نائب رئيس محكمة النقض
أن من عناصر العمل الإجرائي ما هو ركن فى العمل فينعدم العمل بتخلف هذا الركن – ومن العناصر ما يعتبر شرطا لصحة العمل فيبطل عند تخلف هذا الشرط.
ولا خلاف على أن مقتضيات العمل الإجرائي الموضوعية وهى الإرادة والأهلية والمحل هي أركان فى العمل ينعدم إذا تخلفت أو تعيبت ، أما مقتضياته الشكلية فهي شروط صحته ومن ثم فإنه يكون باطلا عند تخلفها أو تعييها
أثر التمييز بين الانعدام والبطلان
(۱) العمل الإجرائي المنعدم لا وجود له من وجهة نظر القانون ، ومن ثم فهو لا يحتاج إلى حكم من القضاء لتقرير انعدامه بخلاف العمل الباطل فهو موجود منتج لآثاره إلى أن يتقرر بطلانه بحكم من القضاء
(۲) العمل الإجرائي المنعدم – ابتناء على أنه غير موجود – لا ترد عليه إجازة ولا يمكن . أما العمل الباطل فترد عليه الإجازة ويصححه القبول ، وقد يتحول إلى عمل تصحيحه
(۳) لا يستنفذ القاضى ولايته بالنسبة لعمله الإجرائي المنعدم فيجوز له أن يعيد النظر في هذا العمل ، أما عمله الباطل فإنه يستنفذ به ولايته ولا يجوز تقرير بطلانه إلا من محكمة الطعن
(٤) العمل الإجرائي المنعدم لا يتحصن بفوات مواعيد الطعن فيه ، ويجوز طلب الحكم بانعدامه مهما استطالت المدة بين وقوعه والطعن فيه كما يجوز الدفع بانعدامه في دعوى مطروحة وبالمنازعة فيما قد يقال من أنه أحدثه من أثر قانونيكذلك يجوز رفع دعوى أصلية لتقرير ذلك الانعدام والأمر ليس على هذا النحو بالنسبة للعمل الإجرائي الباطل إذ لا يجوز تقرير بطلانه إلا عن طريق الطعن فيه وخلال المواعيد المقررة قانونا لرفع هذا الطعن
صاحب الصفة فى التمسك بالبطلان
تنص المادة ۲۱ من قانون المرافعات على أن
لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته ولا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذى تسبب فيه وذلك كله فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون أن
هذه المادة تتناول بيان قاعدة مستقرة في الفقه والقضاء مؤداها أن البطلان لا يتمسك به إلا من شرع لمصلحته ولا يجوز أن يتمسك به من تسبب فيه ويستوى أن يكون من تسبب فى البطلان هو الخصم نفسه أو شخص آخر يعمل باسمه .
كما أنه لا يشترط أن يكون قد صدر من الخصم غش أو خطأ بل تكفى مجرد الواقعة التي تؤكد نسبة البطلان إلى الخصم أو من يعمل باسمه .
ومن ناحية أخرى فإنه لا يقصد بعبارة « من تسبب » أن يكون فعل الخصم هو السبب الرئيسي أو الوحيد أو السبب المؤدى لوجود العيب في الإجراء .
كما لا يشترط أن يكون هو السبب المباشر وقد حرصت المادة ذاتها على استثناء البطلان المتعلق بالنظام العام إذ أن هذا البطلان لا يقتصر التمسك به على من شرع لمصلحته ويجوز التمسك به حتى من الخصم الذي تسبب فيه رعاية للمصلحة العامة التي تعلو على أي اعتبار آخر
ومما قضت به محكمة النقض في هذا الصدد أن :
عدم جواز التمسك ببطلان الإجراءات من الخصم الذى تسبب فيه ـ وفقا لنص المادة ٢١ من قانون المرافعات – قاصر على حالة بطلان الإجراءات غير المتعلقة بالنظام العام . أما إذا كان الإجراء معدوما فإنه لا يرتب أثرا ويجوز لهذا الخصم التمسك بانعدام آثاره في جميع الأحوال
نقض ٢٤ / ٤ / ۱۹۷۸ – الطعن ٨٢٣ لسنة ٤٧ ق
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة بطلان نسبى مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقا بالنظام العام فلا يجوز لغير الخصم الذى بطل إعلانه الدفع به ولو كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة وإفادة من صح إعلانه من الخصوم من البطلان الحاصل في إعلان غيره لا يكون إلا بعد أن يثبت هذا البطلان بالطريق الذي يتطلبه القانون فيتمسك به من له الحق في ذلك وتحكم به المحكمة
نقض ۱۹۷۷/۱/۱۰ – الطعن ٤٠٣ لسنة ٤٣ ق ، ونقض ۱۷ / ۱ / ۱۹۹۰ – الطعن ٢٨٩٧ لسنة ٥٧ ق
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب فى الإعلان هو بطلان نسبي مقرر لمن شرع لحمايته وليس متعلقا بالنظام العام – على ما يستفاد من نص المادتين ١٠٨ ، ١١٤ من قانون المرافعات وبالتالي فلا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها وإنما يجب على الخصم الذي تقرر البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع وإلا سقط حقه فيه إعمالا لنص المادة ۱۰۸ من قانون المرافعات
نقض ۱۹۷۸/۱۱/۱۹ – الطعن ٢٧ لسنة ٤٧ ق ، ونقض ١٩٩٣/٢/٢٥ – الطعن ٧٦٣ لسنة ٥٧ ق
المستخلص مما تقدم
(۱) أن البطلان المتعلق بالنظام العام لا يتوقف الحكم به على دفع من الخصم صاحب المصلحة في تقرير البطلان ، وإنما يتعين على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ، ويجوز للنيابة العامة كما يجوز لأى من الخصوم التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى حتى لأول مرة أمام محكمة النقض طالما كان الدفع واردا على الجزء المطعون فيه من الحكم وغير مختلط بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع
وكانت عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة النقض كما أن هذا النوع من البطلان لا يرد عليه قبول ولا تصححه إجازة صريحة أو ضمنية ممن اتخذ الإجراء الباطل في مواجهته بيد أنه تجب مراعاة ما سبق أن قلناه من أنه إذا تحققت الغاية من الإجراء ينتفى موجب الحكم بالبطلان ولو تعلق بالنظام العام
(۲) أن البطلان غير المتعلق بالنظام العام أي المتعلق بالمصالح الخاصة للخصوم فإنه لا يجوز للمحكمة أت تتعرض له من تلقاء نفسها وإنما صاحب الصفة في التمسك به هو من تقرر هذا البطلان لمصلحته
فإذا تمسك به استنادا إلى وجه معين فلا يجوز للمحكمة كذلك أن تقضى بالبطلان لغير هذا الوجه ، فإذا كان صاحب الشأن قد دفع ببطلان إعلانه لعدم صحة البيان الخاص بإخطاره بتسليم صورة الإعلان إلى جهة الإدارة فلا يجوز للمحكمة أن تقضى ببطلان هذا الإعلان استنادا إلى أن المحضر أغفل إثبات الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى جهة الإدارة لأنه وجه لم يتمسك به من أبدى الدفع
نقض ٥/٩/ ۱۹۷۸ – الطعن ٢٣٦ لسنة ٤٥ ق
و يراعى أن ما نصت عليه المادة ٨٥ من قانون المرافعات من أن :
إذا تبينت المحكمة عند غياب المدعى عليه بطلان إعلانه بالصحيفة وجب عليها تأجيل القضية إلى جلسة تالية يعاد إعلانه لها إعلانا صحيحا بواسطة خصمه قصد به تحقيق مبدأ المواجهة بين الخصوم وهو من المبادئ الأساسية فى قانون المرافعات ومخالفته تبطل الحكم لابتنائه على إجراء باطل
وصاحب الصفة في التمسك بالبطلان المتعلق بمصلحة خاصة ليس له أن يدفع به في أي وقت شاء
وإنما يتعين عليه – عملا بالمادة ۱۰۸ من قانون المرافعات – إبداؤه قبل إبداء أي طلب أو دفاع فى الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط حقه في الدفع
كذلك لا يقبل منه الدفع بالبطلان إذا كان قد أسهم هو أو من يعمل باسمه ـ في وقوع هذا البطلان حتى ولو لم تقم علاقة سببية مباشرة بين فعله ووجود العيب الذي أدى إلى البطلان وذلك لما هو مقرر من أنه ليس للشخص أن يدعى ضد فعله ويستوى في هذا الفعل أن يرتكب بحسن أو بسوء نية
أنه ليس لغير من شرع البطلان لحمايته أن يتمسك به حتى ولو كانت له مصلحة في تقرير البطلان أو كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة أو محكوما فيه بالتضامن وإفادة هذا الغير من البطلان في هذه الحالة يتعلق على ثبوت البطلان أولاً لمن تقرر لمصلحته من الخصوم
ومما تجب الإشارة إليه فى هذا الصدد أنه إذا كان البطلان مقررا المصلحة المتضامنين وحكم به لأحدهم أفاد الباقون أما إذا كان مقررا ضد هؤلاء فإن التمسك به ضد أحدهم لا يمتد إلى الآخرين
(۳) أنه إذا كان الإجراء معدوما فإنه لا يرتب أثرا ، ويجوز لأى من الخصوم التمسك بانعدام أثره في جميع الأحوال
النزول عن البطلان
تنص المادة ۲۲ من قانون المرافعات على أن :
يزول البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته صراحة أو ضمنا . وذلك فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون تعليقا على هذا النص
أنه يفضل في الصياغة نص المادة ٢٦ من قانون المرافعات السابق الذي جرى بأن يزول البطلان إذا نزل عنه من شرع لمصلحته أو إذا رد على الإجراء بما يدل على أنه اعتبره صحيحا أو قام بعمل أو إجراء آخر باعتباره كذلك وذلك للخلاف الذي ثار في الفقه بشأن تفسير عباراته
والنزول الصريح عن التمسك بالبطلان يقع شفاهه أو كتابة ولا تشترط فيه عبارات معنية بل إن كل عبارة يفهم منها هذا النزول تصح وهو لا يثير أية مشكلات ولكن الأمر قد يدق فيما يتعلق باستخلاص النزول الضمني ذلك أن من الأصول المقررة في القانون أن النزول عن الحق يتم وتتحقق آثاره بمجرد حصوله ودون حاجة لقبول الخصم الآخر .
وأن من تنازل لا يملك أن يعود فيما أسقط حقه فيه لأن الساقط لا يعود ومن ثم فإنه يتعين ألا يكون النزول – وهذا أثره – مشوبا بأدنى لبس أو غموض وأن لا يؤخذ بالظن أو الترجيح وأن يستقى من مصدر يؤدى عليه
وبالبناء على ذلك فقد جرى قضاء النقض بأن النزول الضمني عن الحق المسقط يجب أن يكون بقول أو عمل أو إجراء يدل بذاته على ترك الحق دلالة لا تحتمل الشك
نقض ۱۹۸۳/۱۱/۲٠ – الطعون ١٧٤٧ ، ١٧٤٨ ، ١٧٥٨ لسنة ٥١ ق
وبأنه يشترط فى العمل أو الإجراء الذى يعتبر ردا على الإجراء الباطل بأن صاحب الشأن قد اعتبره صحيحا – أن يكون القول أو الفعل المسقط للحق فى البطلان دالا بذاته
على أن صاحب الشأن قد أخذ في اعتباره أن الإجراء الذي يوجهه قد قام صحيحا أو أنه يعتبره كذلك . ولا يتأتى هذا الافتراض إذا صاحب القول أو الفعل تمسك صاحب الشأن بالدفع بالبطلان لأن هذه المصاحبة تدل على أنه إنما يتمسك بكل ما يوجهه من أوجه الدفاع ولا يسوغ القول بأن المصاحبة التي تجمع أوجه الدفاع المختلفة في الورقة الواحدة تقوم معها مظنة النزول عن بعضها رغم تمسك صاحبها بها جميعا
نقض ١٩٦٨/١١/٢٨
وخلاصة ما تريد محكمة النقض أن تقوله فى هذا الحكم الأخير أنه عند الدفع بالبطلان صراحة ، فلا محل للبحث عن مصدر يستقى منه التنازل الضمني عن التمسك بالبطلان .
والنزول عن الحق فى التمسك بالبطلان سواء كان صريحا أو ضمنيا لا ينتج أثره إلا إذا صدر من صاحب الحق نفسه أو من وكيله مع توافر الأهلية وإرادة النزول ، على الا يكون البطلان متعلقا بالنظام العام لأن مثل هذا البطلان لا يرد عليه نزول ولا تصححه إجازة وإذا تعدد من تقرر البطلان لمصلحتهم
فإن نزول أحدهم عن حقه في التمسك بالبطلان لا ينتج أثره إلا بالنسبة له وحده إعمالا لمبدأ نسبية أثر الإجراء ويترتب على النزول عن الحق فى التمسك بالبطلان اعتبار الإجراء المعيب صحيحا من وقت القيام به وليس من وقت النزول لما للنزول من أثر رجعي ، فضلا عن أن المقرر هو أن الإجراء يعتبر صحيحا إلى أن يقضى ببطلانه
زوال البطلان الإجرائي
تنص المادة ١١٤ من قانون المرافعات على أن :
طلان صحف الدعاوى ، وإعلانها ، وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان ، أو في بيان المحكمة ، أو فى تاريخ الجلسة – يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة ، أو بإيداع مذكرة بدفاعه
يراعى أن القانون رقم ۳۲ لسنة ۱۹۹۲ أضاف فقرة ثالثة إلى المادة ٦٨ من قانون المرافعات وسعت من أثر الحضور في زوال البطلان وجعلت فيه غناء عن الإعلان بصحيفة الدعوى ومن ثم لم يعد للمدعى عليه ( الحاضر ) أن يتمسك ببطلان إعلانه أيا كان سبب البطلان
وأول ما يسترعى النظر في هذا النص أنه لا يعدو أن يكون تطبيقا لما نصت عليه المادة ٢٠ من قانون المرافعات في فقرتها الثانية من أن ) ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء
ذلك أن الغاية من الإعلان
هي أخبار المراد إعلانه بمضمون الورقة المعلنة وتكليفه بالحضور أمام محكمة معينة لإبداء دفاعه تحقيقا لمبدأ المواجهة بين الخصوم وهذه الغاية تحقق بحضوره هو أو من يمثله قانونا ، أو بإيداعه مذكرة بدفاعه
ويصبح من العنت والتمسك بالشكل الحكم ببطلان الورقة المعلنة في هذه الحالة وتأجيل نظر الدعوى لإعلانه إعلانا صحيحا غاية ما في الأمر أن يكون له طلب التأجيل لاستكمال ميعاد الحضور وإعداد دفاعه إذا كان لم يبده ويتعين على المحكمة أن تجيبه إلى هذا الطلب وإلا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع .
نطاق تطبيق المادة ١١٤ مرافعات
زوال البطلان إعمالا لحكم المادة ١١٤ من قانون المرافعات لا يتم إلا بالنسبة لأوراق معينة أوردها النص على سبيل الخصر . ولا يتعلق إلا بعيوب محددة دون غيرها يوجب القانون اشتمال الورقة عليه من بيانات ، أو يتعين اتخاذه من إجراءات لدى إعلانها
أولا : الأوراق الواردة حصرا في النص :
(۱) صحف الدعاوى :
صحيفة الدعوى ورقة مكتوبة أوجب المشرع فى المادة ٢/٦٣ من قانون المرافعات أن تشتمل على بيانات معينة من بينها بيان المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى .
وإذ سلف القول بأن الخصومة القضائية مجموعة من الأعمال الإجرائية تبدأ بإيداع هذه الصحيفة قلم كتاب المحكمة ، فإنها تعتبر من الإجراءات المؤثرة في بدء الخصومة وبالتالي تخضع للقواعد القانونية المنظمة لبطلان الأعمال الإجرائية ولما كانت القاعدة في أصول المرافعات أنه متى حصلت المخالفة وجب الحكم بالجزاء المقرر فى القانون فإن نص المادة ١١٤ مرافعات يكون قد ورد استثناء من هذه القاعدة
ومن ثم لا يسرى على غير الأوراق التي أوردها حصرا ومع ذلك فقد ذهب رأى في الفقه إلى تسرية حكم النص على صحف الطعن بالاستئناف و بالتماس إعادة النظر على سند من أن كلا منهما يرفع بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة وفقا للأوضاع المقررة لرفع الدعوى ويحدد فيها تاريخ الجلسة والمحكمة التي تنظر الطعن
د. أحمد أبو الوفا
(۲) أوراق التكليف بالحضور :
تجدر الإشارة إلى أن إعلان صحيفة الدعوى – أي ورقة الإعلان – ليست إلا تكليفا بالحضور أمام محكمة معينة فى تاريخ محدد لسماع الحكم بطلبات طالب الإعلان ، ومن ثم فإن لفظ ( وإعلانها ) الذى اتبع به المشرع عبارة ( صحف الدعاوى ) الواردة في صدر النص – يعتبر زائداً عن الحاجة وكان حريا بالمشرع إسقاطه .
وعلى ذلك فكل ورقة تتضمن تكليفا بالحضور يسرى عليها حكم النص المشار إليه سواء كانت إعلانا بصحيفة دعوى أو بصحيفة طعن بالاستئناف أو بالتماس إعادة النظر ، أو إعادة إعلان بأي منها . ولا يسرى ذلك الحكم على غير ذلك من أوراق المرافعات التي لا تتضمن مثل ذلك التكليف بالحضور .
ثانياً : العيوب التي يصححها الحضور أو إيداع مذكرة بالدفاع :
(1) العيب في الإعلان :
المشرع أورد على سبيل الحصر أوراقا معينة وبيانات محددة وجعل من حضور المعلن إليه فى الجلسة سببا لزوال البطلان لتحقق الغاية من ذكر تلك البيانات وهذا أمر يتعلق بالشكل كعنصر من عناصر العمل الإجرائي وجعل المشرع أيضا من ذلك الحضور سببا لزوال البطلان لعيب في الإعلان .
وهذا أمر يتعلق – في رأي المستشار الجارحي – بالشكل كظرف للإجراء . ظرف مكان أو ظرف زمان ولا شأن له ببيانات الورقة ذاتها لأن المشرع خص منها بيانين محددين هما بيان المحكمة وتاريخ الجلسة .
ومن ثم يصبح المقصود بعبارة العيب فى الإعلان الواردة في نص المادة ١١٤ من قانون المرافعات العيب فى كيفية الإعلان أي فى مباشرته
ويكون غير صحيح ما اتجه إليه البعض من أن تعيب التاريخ الذى حصل فيه الإعلان وتعيب البيانات الخاصة باسم المعلن إليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم وصفة من سلمت إليه صورة الورقة – يندرج ضمن عيوب الإعلان فى حكم المادة ١١٤ من قانون المرافعات
ويرى الدكتور فتحي والى
أنه يجب تفسير النص بالنظر إلى أساسه وهو تحقق الغاية بالحضور ، من ثم فإنه يشمل كل عيب يتعلق بتسليم صورة الإعلان
نظرية البطلان – الطبعة الثانية سنة ١٩٩٧ ص ٦٤٩
ومن الحالات التي تمثل عيوبا في الإعلان :
- تسليم ورقة الإعلان لمن لا يجوز تسليمها له قانوناً
- عدم تسليم الورقة لجهة الإدارة فى حالة الامتناع عن تسلمها
- عدم إرسال خطاب مسجل بعلم الوصول إلى المعلن إليه في كل حالة يحصل فيها تسليم الورقة لغير المعلن إليه ولو تم التسليم في موطنه
- عدم تسليم صورة الإعلان للنيابة العامة إذا لم يجد المحضر من يصح تسليم الورقة إليه أو امتنع هذا الأخير عن استلامها وذلك فيما يتعلق بإعلان الأشخاص المعنوية وبأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم وبالمسجونين وبحارة السفن التجارية والعاملين فيها وبمن ليس له موطن معلوم فى الخارج وذلك طبقا لما توجبه الفقرة الأخيرة من المادة ١٣ من قانون المرافعات
(۲) العيوب في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة :
جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق في شأن هذين البيانين أن
القانون رأى أن يفرق بين بطلان ورقة التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في إعلانها ، أوفى بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة ، وبين البطلان الناشئ عن أي عيب آخر فنص على أن البطلان فى الصورة الأولى يزول بحضور المعلن إليه مع عدم الإخلال بحقه في طلب التأجيل لاستكمال ميعاد الحضور
أما في الصورة الثانية فيكون للمعلن إليه الحق – رغم حضوره – في الدفع بالبطلان بشرط أن يبديه قبل الدفع بعدم القبول وقبل أي طلب أو دفاع . على أن المعلن إليه إذا لم يحضر ولم تتبين المحكمة وجه العيب في ورقة التكليف بالحضور جاز له – مهما يكن نوع العيب فى الورقة – أن يتمسك ببطلانها عن طريق الطعن بالمعارضة أو الاستئناف
وبناء على ما جاء فى هذه المذكرة وعلى ما جرى به قضاء النقض فإنه
فيما عدا العيوب فى الإعلان أو فى بيان المحكمة أو بيان التاريخ – والتي أوردها المشرع على سبيل الحصر – يجوز للمعلن إليه – رغم حضوره – أن يدفع ببطلان صحيفة الدعوى أو ورقة التكليف بالحضور أو ببطلان إعلان أي منهما بسبب تخلف أو تعيب بيانات أخرى أوجب المشرع ذكرها فى أي منهما
ذلك أن البطلان الذى يصحح بالحضور – وعلى ما تقول محكمة النقض – هو « البطلان الناشئ عن عيب شاب البيانات التي يقصد من اشتمال الورقة عليها إيصال واقعة معينة إلى علم المعلن إليه ومن ثم لا تشمل بيانات تاريخ ووقت حصول الإعلان ، واسم المحضر الذي باشر الإعلان وتوقيعه والمحكمة التي يتبعها . إذ لا شأن لهذه البيانات بإيصال ما تضمنته ورقة الإعلان إلى علم المعلن إليه
نقض ١٩٨٦/٣/٢٧ – الطعن ١٢٣٢ لسنة ٥٢ ق
لأن الغرض من بيان تاريخ الإعلان هو معرفة الوقت الذي تبدأ منه الآثار التي رتبها القانون على الإعلان والمواعيد التي تسرى من وقت الإعلان والغرض من بیان اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها هو التحقق من أن الشخص الذي قام بالإعلان له صفة فى مباشرة هذا العمل في حدود اختصاصه ، أما توقيع المحضر فهو الذي يكسب الورقة صفة الرسمية وهذه الأغراض لا ترتبط بما قصد به من استلزام البيانات الأخرى وهو دعوة المعلن إليه للحضور إلى مكان محدد في وقت معين
ومن ثم فإن حضور المعلن إليه بالجلسة المعلن إليها لا يصحح البطلان الناشئ عن النقص في البيانات السالف بيانها مما لا مجال معه لإعمال نص المادة ١١٤ من قانون المرافعات التي ترتب على حضور المعلن إليه فى الجلسة أو إيداعه مذكرة بدفاعه زوال بطلان صحف الدعاوى وإعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة
نقض ۱۹۷۷/۱۲/۷ – الطعن ٥٨٤ لسنة ٤٤ ق
كذلك قضت محكمة النقض بأن :
تخلف البيان الخاص بتوقيع المحضر على صورة الإعلان يعدم ذاتيتها كورقة رسمية فيكون البطلان الناشئ عنه متعلقا بالنظام العام فلا يسقط بالحضور ولا بالنزول عنه ، وإنما يكون للخصم أن يحضر الجلسة وأن يتمسك به
نقض ۱۹۷۷/۱۲/۷ – الطعن السابق
الحضور الذي يزيل البطلان
الراي السائد في الفقه أن الحضور الذي يزيل البطلان – وفقا لحكم المادة ١١٤ من قانون المرافعات – هو الحضور فى الزمان والمكان المعينين فى الورقة الباطلة ، ومحكمة النقض تساير هذا النظر فقد جرى قضاؤها بأن :
النص في المادة ١١٤ من قانون المرافعات على أن
بطلان صحف الدعاوى وإعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب فى الإعلان أو في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه فى الجلسة أو بإيداع مذكرة بدفاعه
يدل على أن حضور الخصم الذي يعنيه المشرع بسقوط الحق في التمسك بالبطلان هو ذلك الذي يتم بناء على إعلان الأوراق ذاتها فى الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره دون الحضور الذي يتم في جلسة تالية من تلقاء نفس الخصم أو بناء على ورقة اخرى
فإنه لا يسقط الحق فى التمسك بالبطلان ، إذ العلة من تقرير هذا المبدأ هي اعتبار حضور الخصم فى الجلسة التي دعى إليها بمقتضى الورقة الباطلة حقق المقصود منها ويعد تنازلا من الخصم عن التمسك ببطلانها
نقض ١٩٨٢/٥/١١ – الطعن ١٥٣٩ لسنة ٤٨ ق ٠ ١٤ / ١٢ / ١٩٨٢ – الطعن ٤٠٣ لسنة ٤١ ق ٠ ١٩٨٦/٣/٢٧ – الطعن ۱۸۱۷ لسنة ٥١ ق ٠ ۱۹۷۷/٢/٩ – الطعن ١٠ لسنة ٤٥ ق ۱۹۷۷/۰۱/۱۰ ، الطعن ٦٩٨ لسنة ٤٢ ق . ١٤ / ١٢ / ١٩٨٩ – الطعن ١۲۰۱ لسنة ٥٣ ق ٠ ١/٤/ ۱۹۷۸ – الطعن ٢١١ لسنة ٤٤ ق
كما قضت بأن :
مجرد الحضور فى الزمان والمكان المعينين في الورقة يقيم قرينة قضائية على أن الحضور بناء على الورقة ، ومن ثم يقع على المتمسك ببطلانها عبء إثبات العكس
نقض ١٩٧٨/٣/١٦ – الطعن ٣٥١ لسنة ٤٤ ق ۱۹۸۲/۱/۱۷٠ – الطعن ١٠٤٨ لسنة ٤٥ ق
وسند هذا الرأى
أن علة النص على زوال البطلان هي أن حضور الخصم في الجلسة التي دعى إليها بمقتضى الورقة الباطلة بعد تنازلا منه عن التمسك ببطلانها – وهذه العلة لا تتوافر فى حالة ما إذا حضر في جلسة تالية بناء على إعلان آخر ، أو من تلقاء نفسه بغير إعلان
د. أحمد أبو الوفا – المرجع السابق ص ٤٨٥
أما السيد المستشار محمد وليد الجارحي لا يجزم بصحة هذا النظر
فهو يقوم على استخلاص نزول ضمني من المعلن إليه عن الحق في التمسك بالبطلان ، ذلك أن مجرد الحضور لا ينبئ عن وجود إرادة النزول عن الحق وإنما هو مقدمة ضرورية للتمسك به ،
فإذا حضر من شرع البطلان لمصلحته وتمسك بالبطلان صراحة فلا خلاف حتى عند أصحاب هذا الرأى على أنه لا يقضى في هذه الحالة أيضا بالبطلان لا لافتراض ذلك النزول الضمني – ولكن لأن الغاية من ذكر بيان المحكمة وتاريخ الجلسة في ورقة التكليف بالحضور – وهي دعوة المعلن إليه للمثول أمام محكمة معينة وإبداء دفاعه – تتحقق بحضوره هذه الجلسة
وهنا يصح التساؤل
عما إذا كان قصد المشرع من عبارة فى الجلسة الواردة في النص قد انصرف إلى جلسة محددة بذاتها هي تلك المبينة في ورقة الإعلان أم أن لفظ الجلسة جاء عاما بغير تخصيص
ذهب الرأى المتقدم إلى أن لفظ الحضور مقصود به حضور الجلسة المحددة في ورقة الإعلان وإلى أنه ليس كل حضور يزول به البطلان
والذي يراه – المستشار محمد وليد الجارحي – أن
حضور المعلن إليه فى اية جلسة من الجلسات التي تنظر فيها الدعوى يزيل ذلك البطلان فى الحالات المنصوص عليها فى المادة ١١٤ من قانون المرافعات
وسند سيادته في هذا الرأى
أن المشرع يحرص كأصل عام على إعمال مبدأ المواجهة بين الخصوم، وهو من المبادئ الأساسية في القانون ، ولاشك أن هذه المواجهة تتحقق بحضور المعلن إليه فى الجلسة المعينة بورقة إعلانه أو في أية جلسة تالية لها هذا من ناحية ،
ومن ناحية أخرى فإن التفسير الذي ذهب إليه أصحاب الرأى المخالف تفسير حرفي للنص المشار إليه لا يتفق مع ما يفهم من روحه ومعقوله وقد سبق أن قلنا أنه يجب العمل بما تدل عليه عبارة النص ، وبما تدل عليه روحه ومعقوله .
فإذا دلت عبارة النص على حكم لعلة بنى عليها هذا الحكم ، ووجدت واقعة أخرى تساوى هذه الواقعة في علة الحكم ، أو هى أولى منها فإنه يفهم لغة أن النص يتناول الواقعتين ، وأن حكمه الثابت لمنطوقه يثبت أيضا لمفهومه الموافق له فى العلة ، سواء كان مساويا له أو أولى .
ولما كانت العلة من استلزام حضور المعلن إليه هى تمكينه من إبداء دفاعه في الدعوى تحقيقا لمبدأ المواجهة بين الخصوم ، فإن حكم المادة ١١٤ المشار إليها ، كما ينصرف إلى الجلسة المحددة في ورقة الإعلان ينصرف أيضا إلى أية جلسة تالية لتلك الجلسة لاتحاد العلة عملا بدلالة النص
يضاف إلى ما تقدم
أن المشرع جعل الحضور وإيداع مذكرة بالدفاع سواء في إزالة البطلان ، وإذ وردت عبارة « أو بإيداع مذكرة بدفاعه » بصيغة مطلقة فإنه يجب حملها على إطلاقها وإثبات حكمها للجلسة المحددة في ورقة الإعلان ولغيرها من الجلسات
( فالمطلق هو ما دل على فرد غير مقيد لفظا بأي قيد ، ويجب فهمه على إطلاقه إلا إذ قام دليل على تقييده )
ولا يسوغ القول بأن إيداع مذكرة بدفاعه في جلسة تالية للجلسة المعينة في ورقة إعلانه يزيل البطلان بينما حضوره فى جلسة تالية لا يزيل هذا البطلان إذ المقرر أنه
يتعين عند تفسير النص عدم التقيد بألفاظه لفظا ، وإنما يجب استخلاص معناه من مجموع عباراته على هدى قصد المشرع منه باعتبار أن العبرة هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمعاني وأن الألفاظ والعبارات ليست إلا وسيلة للتعبير عما قصده الشارع وأنه في سبيل تعرف الحكم الصحيح للنص يتعين تقصى الغرض الذي أملاه
أثر الحضور في البطلان الاجرائي
في الفقه حديث مسهب عن أثر الحضور فى البطلان المنصوص عليه في المادة ١١٤ من قانون المرافعات :
هل الحضور
- يزيل ما علق بالإعلان من عيوب
- أم يزيل البطلان
- أم يسقط الحق فى التمسك به
وإذا قيل إن الحضور يزيل البطلان فهل يكون ذلك بأثر رجعى أم من وقت الحضور ؟
والذي يراه المستشار الجارحي نائب رئيس محكمة النقض أن
النص صريح في أن البطلان في الحالات الواردة فيه « يزول » بحضور المعلن إليه فى الجلسة أي أن مجرد حضوره يزيل – بقوة القانون ـ ما يكون قد علق بإعلانه من عيوب فيصبح وكأنه اتخذ صحيحا منذ مباشرته وليس من تاريخ الحضور لما لزوال البطلان من أثر رجعي على عكس التصحيح بالاستكمال أو الاستبدال فإنه لا ينتج أثره إلا من وقت حصوله طبقا لما نصت عليه المادة ٢٣ من قانون المرافعات
وعلى ذلك فإنه لا يجوز للمعلق إليه الذى حضر أو قدم مذكرة بدفاعه أن يتمسك ببطلان إعلانه ولا بأية حقوق إجرائية أو موضوعية تكون قد ترتبت على الإعلان المعيب في الفترة ما بين اتخاذ الإجراء والحضور ، أو تقديم مذكرة بالدفاع إذ يعتبر الإجراء صحيحا منذ القيام به
اثر الحضور فى الدفع باعتبار الدعوى كان لم تكن
تنص المادة ۷۰ من قانون المرافعات على أن
يجوز بناء على طلب المدعى عليه اعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب ، وكان ذلك راجعا إلى فعل المدعى
وسوف يبين لنا عند الكلام فى مسألة الحضور بغير إعلان أن المشرع سوى – في المادة ٣/٦٨ من القانون المشار إليه – بين الحضور والإعلان وجعلهما قسيمان في انعقاد الخصومة وأن هذا النص المستحدث أوسع في نطاق تطبيقه من نطاق تطبيق المادة ١١٤ من القانون ذاته إذ لم يجز للمدعى عليه الحاضر الدفع بعدم انعقاد الخصومة لعدم إعلانه بصحيفة الدعوى أو لبطلان هذا الإعلان أيا ما كان سببه أو موضعه بعد أن أصبح في الحضور غناء عنه
ولمعرفة أثر الحضور في التمسك بالجزاء المنصوص عليه في المادة ۷۰ مرافعات نعرض للفروض الآتية :
اولاً : إذا حضر المدعى عليه أية جلسة من الجلسات خلال مدة الثلاثة أشهر المنصوص عليها في المادة ۷۰ مرافعات ، فإن حضوره ـ وعلى ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة ٦٨ من هذا القانون – يغني عن إعلانه ويقوم مقامه ، أي يصبح وكأنه أعلن إعلانا صحيحا في خلال تلك المدة ، ومن ثم لا يكون له أن يدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه أو لبطلان هذا الإعلان
ثانياً : إذا حضر المدعى عليه بعد انقضاء تلك المدة دون إعلان ، فإن حضوره يكون بمثابة إعلان صحيح تم بعد انقضاء مدة الثلاثة أشهر ، وباعتبار أن الحضور يقوم مقام الإعلان ، فإنه يقبل منه أن يدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن ، ويتوافر موجب توقيع هذا الجزاء
ثالثاً : إذا حضر المدعى عليه بعد انقضاء المدة المشار إليها بناء على إعلان علق به عيب ، وثبت أن عيب الإعلان راجع إلى فعل المدعى فإنه يجوز له أن يدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لتوافر شروط توقيع الجزاء .
رابعاً : إذا حضر المدعى عليه بعد انقضاء تلك المدة بناء على إعلان معيب لسبب يرجع إليه هو ، وليس إلى المدعى ، فلا يقبل منه الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم توافر شروط إعمال هذا الجزاء .
خامساً : إذا لم يحضر المدعى عليه أية جلسة من الجلسات ولم يقدم مذكرة بدفاعه ، وثبت أنه لم يعلن بصحيفة الدعوى على الإطلاق أو أعلن إعلاناً غير صحيح ، فإن الخصومة لا تكون قد انعقدت بينه وبين المدعى
ويكون الحكم الصادر في هذه الدعوى معدوماً لا يصح الاحتجاج به عليه ، ويجوز له الدفع بانعدامه عند تنفيذه أو عند الاحتجاج عليه به فى دعوى أخرى
كما يجوز له رفع دعوى أصلية بطلب تقرير انعدامه ، وفي ذلك غناء عن الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن ، فإذا ارتأى – المحكوم عليه ـ أن يطعن في الحكم بطريق الطعن المقررة في القانون ويتمسك بالدفع ، فإنه لا يكون هناك محل للتعرض للدفع
الحضور بغير إعلان
تنص المادة ٦٨ من قانون المرافعات في فقرتها الثالثة المضافة بالقانون رقم ٢٣ لسنة ١٩٩٢ على أن :
ولا تعتبر الخصومة منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه ، ما لم يحضر بالجلسة
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المشار إليه في هذا الصدد أن :
لما كان الهدف من إعلان صحيفة الدعوى هو اتصال علم الخصوم بها ومواجهة المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده ، وهو الأمر الذى يتحقق بحضوره من تلقاء نفسه الجلسة التي تنظر فيها الدعوى أو تقديمه مذكرة بدفاعه فيها
تم حذف عبارة . أو تقديمه مذكرة بدفاعه فيها ، بعد مناقشة مشروع القانون فى مجلس الشعب على سند من أنها قد تؤدى إلى الإضرار بالخصوم إذا دست عليهم هذه المذكرات .
و المستشار الجارحي نساير جانبا من الفقه يرى أن
هذا الحذف يخالف القاعدة العامة التي يأخذ بها قانون المرافعات والتي تجعل لتقديم مذكرة بالدفاع إثر الحضور
( د . فتحي والى – المرجع السابق – هامش ص ٦٦٤ )
وتقنينا لهذا الاتجاه الذي أرسته محكمة النقض فقد نص المشروع في المادة الثالثة منه على إضافة فقرة جديدة إلى المادة ٦٨ تنص على أن الخصومة لا تعتبر منعقدة في الدعوى إلا بإعلان صحيفتها ما لم يحضر المدعى عليه بالجلسة أو يقدم مذكرة بدفاعه
وقد أثار هذا النص المستحدث كثيرا من الخلاف سواء فى الفقه أو في القضاء ونراه مفيدا وقبل أن نعرض لهذا الخلاف الذى مازال محتدما أن نعود بالمسألة إلى ما قبل صدور قانون المرافعات الحالي ثم لما جرى به قضاء محكمة النقض بشأنها في ظل سريان أحكام هذا القانون وقبل صدور القانون رقم ۲۳ لسنة ١٩٩٢ بإضافة الفقرة الأخيرة من المادة ٦٨ سالفة البيان :
كيفية رفع الدعوى فى قانون المرافعات السابق :
كانت المادة ٦٩ من قانون المرافعات السابق تنص على أن
ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تعلن للمدعى عليه على يد أحد المحضرين ما لم يقض القانون بغير ذلك »
ومن ثم فإن الآثار المترتبة على رفع الدعوى في ظل سريان احكام هذا القانون لم تكن تترتب إلا منذ إعلان المدعى عليه بصحيفتها إعلانا صحيحا ، لا يغني عنه العلم بالدعوى من طريق آخر غير الإعلان ولو كان علما يقينيا وعلى ذلك استقرت آراء الفقهاء وأحكام القضاء .
كيفية رفع الدعوى في قانون المرافعات الحالي
صدر قانون المرافعات الحالي وأدخل تعديلا جوهريا على كيفية رفع الدعوى فنص في الفقرة الأولى من المادة ٦٣ منه على أن :
ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك وبالتالي أصبحت الآثار التي يرتبها القانون على رفع الدعوى تتحقق بمجرد إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وليس بتمام إعلانها إعلانا صحيحا للمدعى عليه
وأصبح الإعلان – رغم لزومه – إجراء منفصلا عن رفع الدعوى . ولما كان مبدأ المواجهة بين الخصوم – وهو من المبادئ الأساسية في قانون المرافعات ـ لا يتحقق بمجرد إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة . وإنما يلزم لتحقيقه اتصال علم المدعى عليه بالدعوى ومواجهته بطلبات المدعى فيها وتمكينه من إبداء دفاعه
فقد جرى قضاء محكمة النقض لمدة شارفت على العشرين عاما ـ بأن الخصومة وإن كانت تبدأ بإيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة إلا أن انعقادها يكون معلقا على شرط إعلانها إلى المدعى عليه إعلانا صحيحا فإذا تخلف الإعلان حتى صدور الحكم الابتدائى زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية ويترتب على عدم تحققه بطلانها لأن الخصومة إنما وجدت لتسير حتى تتحقق الغاية منها بالفصل في الدعوى
فإن هو أعلن قانونا بالصحيفة كان ذلك دليلا كافيا على علمه بها ، وبطلبات المدعى فيها سواء علم بها فعلا أو لم يعلم وإيذانا للقاضى بالمضي في نظرها ، وسواء مثل المدعى عليه فى الجلسات المحددة لنظرها بنفسه أو بمن ينوب عنه ، أو لم يمثل اصلا .
وبطلان المطالبة القضائية بسبب عدم إعلان صحيفة الدعوى إعلانا صحيحا لا يصححه حضور المطلوب إعلانه إذ البطلان الذي يزول بحضور هذا الأخير إنما هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو في اريخ الجلسة إعمالا لحكم المادة ١١٤ من قانون المرافعات
كما لا يصححه إبداء المدعى طلباته شفاهه فى الجلسة وتمسك المدعى عليه بالخصومة لأن هذه الخصومة لا تكون صالحة لأن يباشر فيها أي إجراء من جانب القضاء وأعوانه قبل انعقادها ، وإن تم شيء من ذلك كان العمل منعدما ، ولا وجه للقول بأن المدعى حضر أمام محكمة أول درجة وترافع في الدعوى بما يفيد نزوله عند ذلك البطلان
بدء التحول إلى الاعتداد بالحضور فى انعقاد الخصومة
بتاريخ ۱۹۸٧/٦/١٠ خرجت إحدى الدوائر بمحكمة النقض على ما جرى به القضاء السابق فأصدرت حكما في الطعن رقم ٣٩٥ لسنة ٥٦ ق جاء فيه :
إن الدعوى ترفع وفقا للمادة ٦٣ من قانون المرافعات بإيداع صحيفتها قلم الكتاب حيث يتصل علم المحكمة بها ، وتنعقد الخصومة فيها بتمام المواجهة بين طرفها بدلالة ما أجازته المادة ۱۲۳ من قانون المرافعات من توجيه الطلبات العارضة شفاهه في الجلسة بغير إعلان
وما أجازته المادة ١٢٦ من ذات القانون من التدخل انضماميا أو هجوميا بطلب يقدم شفاهه فى الجلسة بغير إعلان ، وما أجازته المادة ٢٣٧ من ذات القانون من رفع الاستئناف المقابل بمذكرة تقدم عند نظره ولازم ذلك أن إعلان صحيفة الدعوى قد شرع لمصلحة المدعى عليه باعتباره الوسيلة المثلى لاتصال علمه بها لتقوم المواجهة التي لا تنعقد الخصومة إلا بها ، ومن ثم فلا يحق للمدعى التحدي بعدم انعقاد الخصومة لتخلف هذا الإعلان
ثم عاودت الدائرة تقرير المبدأ ذاته فى الطعن رقم ۱۹۱۹ لسنة ٥٤ ق بحكمها الصادر فى ۲/۲۰/ ۱۹۸۹ وفي حكمها الصادر في الطعن رقم ۱۷۳۲ لسنة ٥٢ ق الصادر بجلسة ٢/٢٧/ ۱۹۸۹ اللذين ورد فيهما :
أنه وإن كان المشرع قد عنى بتنظيم إجراءات إعلان الصحيفة باعتباره الوسيلة المثلى لإتمام المواجهة إلا أنه في ذات الوقت لم يأت بنصوص تتنافى مع إتمام المواجهة، وبالتالي انعقاد الخصومة بغير الإعلان ، بل إنه اعتد بالعلم اليقيني كوسيلة لانعقاد الخصومة في حالات كثيرة .
منها ما نصت عليه المادتان ۱۲۳ ، ۱۲۶ من قانون المرافعات من جواز توجيه الطلبات العارضة ، وجواز التدخل انضماميا أو هجوميا شفاهه بالجلسة في حضور الخصوم بغير إعلان .
وما أجازته المادة ۲۳۷ من ذات القانون بشأن رفع الاستئناف المقابل بمذكرة تقدم عند نظره بغير إعلان . هذا إلى أنه من غير المقبول أن يعتد المشرع بانعقاد الخصومة بالعلم الحكمي في الحالات التي تسلم فيها ورقة الإعلان لغير شخص المراد إعلانه ولا يعتد بعلمه اليقيني
وبالتالي فإنه يتعين القول بأن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة بين طرفيها سواء تحققت تلك المواجهة بالإعلان أو بالعلم اليقيني الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى وإبداء دفاعه فيها في الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها ، وبمركزه القانوني بين أطراف الخصومة
حكم الهيئة العامة للنقض
يبين من العرض متقدم الذكر أن المسألة موضوع البحث أصبحت محكومة بمبدأين صدرت بهما احكام من محكمة النقض
- يقضى أولهما بأن إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه – أو إعلان صحيفة الاستئناف إلى المستأنف عليه – إجراء لازم لانعقاد الخصومة بين طرفيها ولا يجوز عند عدم القيام به أو تعيبه الاستعاضة عنه أو تكملته بالعلم الفعلي ولا يصححه حضور المعلن إليه أو وكيله بالجلسة ومتابعة السير في الدعوى
- ويقضى ثانيهما بأن مبدأ المواجهة كما يتحقق بالإعلان الصحيح ، فإنه يتحقق أيضا بالعلم اليقيني الذى يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ، ومتابعة السير في الدعوى ، وإبداء الدفاع فى الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها ، وبالطلبات فيها ، وبمركزه القانوني بين أطراف الخصومة
وعملا بحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم ٤٦ لسنة ۱۹۷۲ – عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض في الطعن رقم ۲۲۹۳ لسنة ٥٥ ق للعدول عن أحد المبدأين فأصدرت حكما بتاريخ ۱۹۹۲/۳/۸ قضى بأن
المشرع بين في قوانين المرافعات كيفية رفع الدعوى أمام القضاء وإعلان الخصوم بها ، وأوجب على المحكمة الا تقضى فيها إلا إذا رفعت بالطريق الذي رسمه القانون وأعلن بها المدعى عليه وذلك تنظيما للتقاضى من ناحية وتوفيرا لحق الدفاع من ناحية أخرى .. وإذ اصبحت الدعوى في ظل قانون المرافعات الحالي تعتبر مرفوعة أمام القضاء بمجرد إيداع صحيفتها قلم الكتاب
أما إعلان الخصم بها فقد أصبح إجراء منفصلا عن رفع الدعوى وتالياً له قصد به المشرع إعلام المدعى عليه بها وبطلبات المدعى فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته فإن هو أعلن قانونا بصحيفة الدعوى كان ذلك دليلا كافيا على علمه بها ، سواء علم بها فعلا أم لم يعلم
وإيذانا للقاضي بالمضي فى نظرها سواء مثل المدعى عليه فى الجلسات المحددة لنظرها بنفسه أو بمن ينوب عنه، أو لم يمثل أصلا ، أما إذا حضر – دون إعلان – بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها وتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه في إعلانه بصحيفتها
كأن أقر باستلامه صورة منها أو تسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض منه أو أبدى دفاعا في الموضوع ، أو طلب اجلا لإبدائه بما يدل على علمه اليقيني بموضوع الدعوى وبطلبات المدعى فيها ، وبمركزه القانوني – كان ذلك كافيا للمضي في نظر الدعوى دون ما حاجة لتكليف المدعى أو قلم المحضرين بإعلانه بصحيفتها لما كان ذلك فإنه يتعين العدول عما يخالف هذا المبدأ من أحكام سابقة
تقنين قضاء الهيئة العامة
تقنينا لقضاء الهيئة العامة الذي انتصر للمبدأ الثانى من المبدأين سالفي الذكر صدر القانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ ، ونص في المادة الثالثة منه على إضافة فقرة ثالثة إلى المادة ٦٨ من قانون المرافعات جاء فيها :
ولا تعتبر الخصومة فى الدعوى منعقدة فى الدعوى إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه مالم يحضر الجلسة
ينتقد الاستاذ الدكتور فتحي والى اصطلاح انعقاد الخصومة على سند من أن الخصومة ليست عقدا بين طرفيها المرجع السابق ص ٦٦٤
ويري – المستشار الجارحي – أن
الاصطلاح صحيح استخدم في موضعه ، ذلك أن لفظ عقد يعني وصل شيء بآخر وإحكام إلصاقهما، والعقدة هي ما يمسك الشيء ويوثقه وهى من كل شيء إحكامه وإبرامه وإذا كانت الدعوى ترفع بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة فإن الخصومة فيها لا تنعقد أي لا تكون مبرمة محكمة – بحيث يسمح بالسير فيها إلا إذا تم وصلها بالإعلان الصحيح أو الحضور
وثار الخلف من جديد حول المقصود « بالحضور في الجلسة ، الذي يتساوى مع الإعلان ، وتنعقد به الخصومة :
فذهب رأى إلى أنه
مجرد الحضور دون قيد أو شرط ، ومما تساند إليه في هذا الصدد أن المشرع رأى أن المبدأ الذى كانت تسير عليه المحاكم وهو أن الإعلان شرط لانعقاد الخصومة حتى فى حالة حضور المدعى عليه بالجلسة – يعد إغراقا في الشكليات وتعقيدا للإجراءات ويؤدى إلى تعطيل الفصل في الدعوى بدون مبرر ، وأنه لو أراد أن يعلق الحضور على شرط نزول المدعى عليه الحاضر عن حقه في أن يعلن بالدعوى لنص على ذلك صراحة
الاستاذان عز الدين الدناصوري وحامد عكاز – المرجع السابق – الطبعة الثامنة – التعليق على المادة ٦٨ مرافعات
وقضت أحكام المحكمة النقض بأن
هذه المحكمة استهدفت الحد من الدفوع الشكلية لعيوب قد تقع فى بيانات الإعلان التي يدونها المحضر ولا شأن لرافع الدعوى بها كما سايرت قواعد العدالة بالتخفيف على المتقاضين بعدم الالتزام بالإعلان – وهو الإجراء الذى يتطلبه القانون – متى تمت المواجهة بين طرفي الدعوى حيث تتحقق الغاية من الإجراء بطريق أو بأخر .
وقد تدخل المشرع مستهدفا هذا الاتجاه وتجاوز نطاق تطبيقه بأن اعتد بحضور المدعى عليه دون إعلان ، واعتبر ذلك – مجردا عن أي شرط أو قيد – طريقا لانعقاد الخصومة بإصداره القانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ بتعديل قانون المرافعات بإضافة الفقرة الثالثة إلى المادة ٦٨ منه . وقد جاء هذا النص واضحا وجليا
ويدل على أن المشرع اعتبر لخصومة منعقدة في الدعوى بأحد أمرين :
- أولهما : إعلان صحيفتها للمدعى عليه
- والثاني : هو حضور المدعى عليه بالجلسة .
ووردت عبارة الحضور بصفة عامة مطلقة دون قيد أو شرط إلا أن المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أوردت تفسيرا لهذا النص جاء فيه
أن المقصود بالحضور في هذا المقام هو أن يحضر المدعى عليه دون إعلان بالجلسة المحددة لنظر الدعوى عند النداء عليها ، ويتنازل صراحة أو ضمنا عن حقه في إعلانه بصحيفتها كأن يقر باستلامه صورة منها ، أو يتسلم هذه الصورة بالجلسة بغير اعتراض ، أو يبدى دفاعا في الموضوع
أو يطلب أجلا لإبدائه بما يدل على علمه ليقيني بموضوع الدعوى ، وبطلبات المدعى فيها ، وبمركزه القانوني ويبدو أن المذكرة الإيضاحية قد تأثرت بحكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية الذي سبق بيانه ، والذي جابهت به محكمة النقض نص المادة ٦٨ من قانون المرافعات قبل تعديله ، إذ كان ينص على أن الخصومة تنعقد بالإعلان وحده ،
وبديهي أن نص الفقرة الثالثة المستحدث على انعقاد الخصومة سواء تنازل المدعى عليه صراحة أو ضمنا عن حقه فى إعلانه بصحيفتها ، أو لم يتنازل عنه ، فلا يلزم إقراره باستلامه صورة الصحيفة، أو أن يتسلمها بالجلسة دون اعتراض منه ، وسواء تقدم بدفاع أو مستندات في الدعوى ، أو لم يقدم ،
بما مفاده أن المشرع افترض علم المدعى عليه بالخصومة ، وبالطلبات فيها بمجرد مثوله أمام المحكمة دون ما حاجة لتوافر أي شرط ، أو اتخاذ أي مجابهة . ومن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه متى وردت عبارات النص بصيغة عامة مطلقة وواضحة ، فلا محل للتفسير
إذ يكون النص قطعي الدلالة على المراد منه ، ولا يجوز تقييد مطلق النص ، وتخصيص عمومه بغير مخصص ، ومن ثم فإن ما أوردته المذكرة الإيضاحية فى مقام التعليق على الفقرة الثالثة من المادة ٦٨ ، يعد خروجا عن المعنى الصحيح للنص ، وتقييدا لمجال تطبيقه ، وقد جرى قضاء النقض بعدم الاعتداد بما تورده المذكرة الإيضاحية إذا تعارضت مع النص القانوني ، أو فسرته تفسيرا لا يتفق مع مدلوله
والعبرة بما ورد بالنص القانوني ولا يجوز القول بأن المشرع أراد هذا الاتجاه، إذ لا يجوز الرجوع إلى قصد الشارع إلا إذا كان النص يحتمل أكثر من معنى أو شابه الغموض لما كان ذلك فإنه يتعين إعمال النص القانوني الذي تضمنته الفقرة الثالثة من المادة ٦٨ مرافعات، والالتفات عما أوردته المذكرة الإيضاحية في شأنه من قيود لم ينص عليها المشرع
نقض ١/٦/ ١٩٩٤ – الطعن ٤٩٤٦ لسنة ٦٣ ق – ونقض ٢٧ / ١ / ١٩٩٤ – الطعن ٣٠١٠ لسنة ٦٣ ق ، ونقض /١٩٩٤/٦ – الطعن ٨٨٣٥ لسنة ٦٣ ق
وذهب رأى آخر إلى أنه
يتعين تحديد نطاق النص المستحدث بما قضت به الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض فلا يعتبر الحضور بديلا عن الإعلان بصحيفة الدعوى فى انعقاد الخصومة إلا إذا كشف عن إلمام المدعى عليه الحاضر بموضوع الدعوى وبالطلبات فيها ، وتنازله عن حقه في إعلانه بصحيفتها سواء صراحة أو ضمنا بتصديه للدفاع في الدعوى فى الشكل والموضوع ومتابعته السير فيها
ويترتب على ذلك أن حضوره لا يحرمه من التمسك بعدم انعقاد الخصومة لعدم تمام إعلانه بصحيفة الدعوى ، أو لوقوع هذا الإعلان باطلا ، ويساند ذلك ويؤكده أن كافة الأعمال التحضيرية أكدت أن المراد من الصياغة التي اختارها المشرع هو تقنين ما قضت به الهيئة العامة للمواد المدنية في حكمها السالف ..
ولا ينال من الدلالة الواضحة للأعمال التحضيرية لمشروع الفقرة الأخيرة المستحدثة ما هو مقرر من أنه لا يجوز العدول عن النص استهداء بالحكمة واستنادا إلى الأعمال التحضيرية لأن مجال هذا القول يثور حين تتبنى الأعمال التحضرية رأيا قانونيا لم يرد في النص ، أو تفسيرا لا تحتمله عباراته أما حيث تفصح الأعمال التحضيرية عن أن المشرع إنما أراد بالصياغة التي راها التعبير عن حكم بذاته ، فليس من شك في أن تلك الأعمال قد حددت المقصود بالنص
الاستاذ محمد كمال عبد العزيز – المرجع السابق ص ٤٨٩ وما بعدها
ويضيف بعض من انتصروا لهذا الرأى أنه
وإن كان ظاهر النص يطلق في الحضور ولا يشترط بشأنه أي شرط ، ولا يقيده بأي قيد فيكون لمجرد الحضور أثره في انعقاد الخصومة أي يكون له ما للإعلان من أثر فيقوم الحضور مقام الإعلان ويحل محله أي أنه مرادف له ويغنى عنه إلا أنه لا يمكن اعتماد هذا الظاهر في إطلاقه
لأنه يخالف المبادئ الأساسية التي يقوم عليها التشريع الإجرائي المصري ، والتي لا يتصور أن يعدل عنها المشرع دون تعديل جذري يتضمن إلغاء صريحا لنصوصه التي تتضمن هذه المبادئ والتي لم يمسها القانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ رغم النص الجديد ومنها نصوص المواد ۲۰ ١/٦٨،٦٧،٧٠٠ ، ١١٤ مرافعات
ولذلك فإن نص المادة ٣/٦٨ المستحدث لا يجب أن يفسر بمعزل عن النصوص الأخرى الواردة فى قانون المرافعات ، فالقاعدة في التفسير هي تقريب النصوص المختلفة بعضها من البعض الآخر نظرا لارتباط كل نص بغيره فكل منها يفسر الآخر .
وإذا كان نص المادة ٣/٦٨ قد جاء خلوا من القيود التي تقيد من إطلاق لفظ الحضور الذي ورد فيه فإن في إعمال النصوص الأخرى المرتبطة بهذا النص ما يؤدى إلى هذا التقييد والفكرة المعتمدة في هذه النصوص هي أن إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه لإعلامه بها وبطلبات المدعى فيها وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته – يعد إجراء أساسيا وشرطا مبدئيا لكى تتهيأ الخصومة أمام القاضي وتكون صالحة لأن يباشر فيها نشاطه .
ولأنه عمل إجرائي، فإنه يجب أن يستوفى عناصر هذا العمل ، ومنها الأشكال والبيانات التي ينص عليها القانون ، كما يجب أن يمارس وفقا للطريق الذى يرسمه القانون، وفى المواعيد التي يحددها فإذا ما تم الإعلان بالمخالفة لهذه القواعد تحقق شرط قيام الجزاء الإجرائي كالبطلان واعتبار الدعوى كأن لم تكن
ولا يغنى حضور المدعى عليه – فى ذاته – عن ضرورة الإعلان ، كما لا يصحح هذا الحضور البطلان الذى يقترن به خارج حدود المادة ١١٤ مرافعات ، ذلك لأن مجرد الحضور لا يكشف عن تحقق علم المدعى عليه بالدعوى القائمة في أبعادها ، وجوانبها المختلفة
وبالإجراءات التي اتخذت فيها ، وإنما يرتب الحضور هذا الأثر إذا اقترن به تنازل المدعى عليه صراحة أو ضمنا عن حقه فى الإعلان بصحيفتها ، ووجه ذلك ان التنازل المقترن بالحضور يكشف عن علم المدعى اليقيني بالدعوى القائمة واستعداده للدفاع فيها ، وهو ما يحقق الغاية التي قصدها القانون من إعلانه بصحيفة الدعوى .
والقول بغير ذلك يتضمن إهدارا لحقوقه فى الدفاع التي ترقى إلى مرتبة الحقوق الدستورية التي لا يمكن المساس بها أو الانتقاص منها ، ولهذا فإن النص المستحدث يجب أن يفسر في ضوء ما استقر عليه قضاء النقض قبله متجسدا في حكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية سالف الذكر
د. فتحي والى – المرجع السابق ص ٦٦٥ وما بعدها
ويرى آخرون من أنصار الرأى ذاته أن
حضور المدعى عليه في مفهوم قانون المرافعات هو مثوله أمام القضاء استجابة لطلب خصمه كي تفصل المحكمة في المنازعة الدائرة بينهما ولا يجوز اعتبار مجرد تواجده بمثابة حضور في الدعوى التي اختصم فيها دون إعلانه
ولذا يحق له الاعتراض على عدم إعلانه ولكنه إذا قبل هذا الوضع ورضى بالرد على موضوع الدعوى أو طلب اجلا لذلك كان هذا تنازلا منه عن حقه في الإعلان وينقلب تواجده المجرد إلى حضور بالمعنى القانوني .
ومن ثم لا يصح انعقاد الخصومة بغير إعلان لمجرد تلبية المدعى عليه النداء عليه بالجلسة متى كان قاصدا بذلك تمسكه بالدفع ببطلان إعلانه ، أو باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه في الميعاد
المستشار عزت حنورة في بحثه المنشور بمجلة القضاة – العدد الثاني من السنة الخامسة والعشرين ص ۳۲۸
رأى المستشار الجارحي نائب رئيس محكمة النقض في هذه المسألة :
يري أن حضور المدعى عليه عند النداء على الدعوى – بنفسه أو بوكيل عنه ـ تنعقد به الخصومة ، وأن الحديث عن نزوله صراحة أو ضمنا عن حقه في أن يعلن بصحيفة الدعوى أو بصحيفة الاستئناف – أصبح لا محل له بعد إضافة الفقرة الثالثة من المادة ٦٨ من قانون المرافعات بالقانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ – لأن المشرع بهذه الإضافة سوى بين الإعلان بالصحيفة
والحضور فيما يتعلق بانعقاد الخصومة وجعل الحضور قسيما للإعلان فى هذا الشأن ، فلم يعد للمدعى عليه حق في مثل هذا الإعلان حتى يصح الحديث عن نزول صريح أو ضمني عن هذا الحق
والقاعدة أنه لا ينزل عن الحق إلا من يملكه – ومما يؤيد هذا النظر ما هو مقرر في فقه المرافعات من أن مركز الخصم مركز إجرائي . ينشأ ويرتبط بفكرة إجراءات الخصومة وصاحبه لا يعتبر صاحب حق شخصي لأن رابطة الخصومة ليست من روابط القانون الخاص وإنما هو مركز من نوع خاص يستقل القانون بتنظيمه ، وتحديد آثاره
د. وجدى راغب – المرجع السابق ص ٤٧٨
وأن تحديد طريق رفع الدعوى ، وتهيئة الخصومة لكي يباشر القاضى نشاطه فيها من الأمور التي يستأثر بها المشرع انفرادا فيضع في شأنها ما يقدره من القواعد
د. فتحي والى – نظرية البطلان
لما كان ذلك
وكان نص الفقرة الثالثة من المادة ٦٨ من قانون المرافعات يدل على أن المشرع قصد تنظيم وضع بذاته على نحو لا يجوز الخروج عليه التزاما بمقتضيات الصالح العام تحقيقا للغاية التي هدف إليها ، وهى تحقيق مبدأ المواجهة بين الخصوم – فإن ما أورده المشرع من أن حضور المدعى عليه يغنى عن إعلانه بصحيفة الدعوى يكون من قبيل القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام فلا تجوز مخالفتها أو الإعراض عنها بالعودة إلى القول بأن مجرد الحضور لا يغنى عن الإعلان .
وإذا كان هذا الشكل الإجرائي من صنع المشرع ، فإن مؤدى ذلك ألا تكون للمحكمة ، ولا للخصوم سلطة الخروج عليه ، وبالتالي لا يسوغ أن يقال – في ظل سريان أحكام النص المضاف – أن للمدعى عليه الحاضر حقا في أن يعلن بصحيفة الدعوى أو أن للمستأنف عليه حقا في إعلانه بصحيفة الاستئناف بعد أن سلبه المشرع هذا الحق بمجرد حضوره
ومن ثم يصبح القول بضرورة أن يكون الحضور الذي يغني عن الإعلان مقرونا بنزول صريح او ضمني عن الحق في الإعلان مجافيا للمنطق القانوني السليم ، وتفسيرا النص بما لما لا تحتمله عباراته ، وتقييدا للفظ الحضور الذي ورد فيه مطلقا غير مقيد بقيد ، ولا مقرونا بشرط
والقاعدة أن المطلق يفهم على إطلاقه إلا إذا قام دليل على تقييده صفوة القول أن المشرع جعل للحضور عند النداء على الدعوى ما لإعلان صحيفتها من أثر فى انعقاد الخصومة ومن ثم لم يعد للمدعى عليه الحاضر بنفسه أو بوكيل عنه أن يدفع بعدم انعقاد الخصومة لأنه لم يعلن بصحيفة الدعوى أو لأن هذا الإعلان وقع باطلا ، أو بغير ذلك من الأسباب
فمجرد حضوره تنعقد الخصومة ويكون هذا الحضور وحده إيذانا للقاضي بالمضي في نظر الدعوى . وليس فى هذا إخلال بحقه في الدفاع إذ يكون له فى هذه الحالة أن يستأجل الدعوى للاطلاع وإعداد دفاعه وليس فيه أيضا مخالفة للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها التشريع الإجرائي المصري
كما يقول أصحاب الرأى المخالف – غاية ما في الأمر أنه وسع من نطاق تطبيق المادة ١١٤ من قانون المرافعات فلم يجز للمدعى عليه الحاضر أن يتمسك ببطلان إعلانه حتى في غير الحالات التي أوردتها هذه المادة وهو نهج يتسق مع حكم المادة ۲۰ من القانون ذاته لأن المشرع ربط في هذه المادة بين الإجراء والغاية المستهدفة منه ، فإذا تحققت الغاية من الإعلان بحضور المراد إعلانه
فإنه يصبح من الإغراق في الشكليات تأجيل الدعوى لإعلان هذا الذى حضر ، أو قبول دفعه ببطلان إعلانه كذلك فإنه ليس في نص المادة ٣/٦٨ مرافعات ما يتعارض أو يعطل إعمال المواد ٦٧ ، /۱ ، ۷۰ من هذا القانون لاختلاف نطاق ومرمى كل من هذه النصوص
فالحديث عن الإعلان في المادتين ٦٧ ، ١/٦٨ أصبح بعد تلك الإضافة – مقصورا على الحالات التي يتخلف فيها المراد إعلانه عن الحضور في درجة التقاضي ذاتها . والجزاء المنصوص عليه في المادة ۷۰ من القانون نفسه – وهو جواز الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب بفعل المدعى – مازال للمدعى عليه حق التمسك بتوقيعه إذا لم يحضر أو حضر بعد انقضاء هذه المدة
أما إذا حضر في خلالها فإنه لا يجوز له التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه إعلانا صحيحا ، لانتفاء موجب توقيع الجزاء بتخلف الشرط الأساسي من شرطي توقيعه بعد أن أصبح حضوره قسيما للإعلان
تصحيح البطلان الإجرائي
تنص المادة ۲۳ من قانون المرافعات على أن :
يجوز تصحيح الإجراء الباطل ولو بعد التمسك بالبطلان على أن يتم ذلك في الميعاد المقرر قانونا لاتخاذ الإجراء فإذا لم يكن للإجراء ميعاد مقرر في القانون حددت المحكمة ميعادا مناسبا لتصحيحه ولا يعتد بالإجراء إلا من تاريخ تصحيحه
وأول ما تجب الإشارة إليه فى هذا الصدد أن
النص سالف الذكر يعد خطوة ثالثة يخطوها المشرع للإقلال من دواعي البطلان ، وتفادى الحكم به تضاف إلى ما نص عليه في المادتين ۲۰ ، ۲۱ وسلف ذكره ذلك أن القاعدة العامة هي أن العبرة بوقت إبداء الدفع لمعرفة ما إذا كان مقبولا أم غير مقبول
وإعمالها يقتضى القول بأنه متى تمسك صاحب المصلحة بالدفع بالبطلان تعين الحكم به عند تحقق الموجب دون انتظار لأمر آخر
بيد أن المشرع ارتأى أن يتيح الفرصة لتصحيح العيب المبطل للإجراء بعد وقوع هذا العيب ، وذلك لأن إبطال الإجراء بغيض على نفس المشرع كما هو بغيض على نفس القاضي وعلى انفس الخصوم لما قد يؤدى إليه من إهدار حقوق موضوعية مشروعة
نطاق تطبيق النص
وحكم المادة ٢٣ من قانون المرافعات واجب التطبيق على جميع حالات البطلان ما تعلق منها بالنظام العام ، ومالم يتعلق به ما نص عليه صراحة ومالم ينص عليه ولا ينحسر تطبيق النص إلا عن الحالات التي يعتبر فيها الإجراء كأن لم يكن أو ساقطا بقوة القانون على ما سلف ذكره لدى التمييز بين البطلان كجزاء وغيره من الجزاءات الأخرى .
كذلك فإن نطاق تطبيقه – وعلى ما يبين من فقرته الأولى – يمتد إلى مرحلة ما بعد التمسك بالبطلان كما امتد إلى مرحلة ما قبل التمسك به ويشمل عيوب البطلان الناجمة عن تخلف مقتضى شكلي أو موضوعي من مقتضيات العمل الإجرائي
كيفية تصحيح الإجراء الباطل
يتم تصحيح الإجراء الباطل باستكماله أو باستبداله
واستكمال العمل الإجرائي يكون بإضافة الشكل أو البيان أو العنصر الذي تعيب بسببه هذا العمل ومن أمثلته أن يوقع محام مقبول أمام المحكمة التي تنظر الدعوى صحيفة هذه الدعوى إذا كانت قد خلت من توقيع محام وتكملة ما يكون قد نقص من بيانات الصحيفة، وحضور باقى أصحاب الحق المدعى به إذا كانت الدعوى قد رفعت من واحد منهم لا يمثلهم جميعا
أما استبدال العمل الإجرائي فيكون بالاستعاضة عنه بعمل آخر صحيح ، ومن أمثلته أن يحضر في الجلسة المحددة لنظر الدعوى الممثل القانوني للخصم أو الخصم نفسه في حالة عدم التمثيل القانوني كالمصفى بالنسبة للشركات تحت التصفية ، والوصي أو القيم بالنسبة لناقصي الأهلية أو عديمها
قضت محكمة النقض بأن
مفاد المادة ۱/۲۳ من قانون المرافعات أنه يجوز تصحيح الإجراء الباطل بتكملة البيان أو الشكل أو العنصر المعيب فيه بشرط أن يتم ذلك في الميعاد المقرر قانونا لاتخاذه
وأنه لا يعني تصحيح البطلان ، وإنما يعني إعادة العمل الإجرائي الباطل أي إحلال عمل إجرائي صحيح محل العمل الباطل ، وهو قد يرد على كامل هذا العمل .
كما يرد على الشق المعيب منه لتتوافر فيه جميع مقتضياته القانونية فيكون غير معيب إلا أن أثاره لا تسرى إلا من تاريخ القيام به إذ أن التجديد ليس له أثر رجعى وتسرى تلك القاعدة سواء كان التجديد اختياريا أم إجباريا ، ويتعين أن يتم التصحيح في ذات مرحلة التقاضي التي اتخذ فيها الإجراء
نقض ٢٥/ ٢ / ١٩٩٨ – الطعن ٨٤١٢ لسنة ٦٦ ق
ويجب أن تكون إضافة المقتضى الناقص أو تعديل المقتضى المعيب كاملة بحيث العمل صحيحا بعدها يصبح ولا يشترط فى الإضافة أو التكملة أن تكون بالوسيلة ذاتها التي اتخذ بها العمل المعيب وإنما تجزئ في هذا الصدد أية وسيلة تؤدى إلى تصحيحه
في هذا المعنى . د. فتحي والى
میعاد تصحيح البطلان
على ما يبن من النص موضع البحث فإنه إذا حدد القانون ميعادا لإجراء تصحيح البطلان تعين الالتزام بهذا الميعاد وإلا انعدم ما للتصحيح من أثر فلا يصحح البطلان .
ومن أمثلة هذه الحالة توقيع محام مقبول على صحيفة الاستئناف الخالية من توقيع محام ، فإن هذا التوقيع إذا تم خلال ميعاد الاستئناف أنتج التصحيح أثره
وإذا تراخى إلى ما بعد فوات هذا الميعاد فإن التوقيع لا يصحح بطلان الصحيفة . وإذا لم يحدد القانون ميعادا لإجراء التصحيح حددت المحكمة ميعادا مناسبا لتصحيحه
وأمر ذلك موكول لتقدير المحكمة ، فهي التي تحدد الميعاد الذي تراه مناسبا لإتمام التصحيح كذلك فإنه وإن كان من المتعين عليها إعطاء ذلك الأجل الأول لطالب التصحيح
إلا أن تقديرها مطلق فيها يتعلق بالآجال الأخرى التي قد تطلب بعد انقضاء الأجل الأول فلها أن تمنحها إذا رأت مبررا لذلك، ولها أن تحكم بالبطلان عند انتفاء المبرر
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن تصحيح الإجراء الباطل يجب أن يتم في مرحلة التقاضي ذاتها التي اتخذ فيها الإجراء المراد تصحيحه ومن ثم فإن البطلان الناشئ عن بطلان صحيفة افتتاح الدعوى لعدم توقيع محام مقبول عليها لا يجوز تصحيحه أمام محكمة الاستئناف
نقض ١٩٧٦/٢/٢ – الطعن ٤٣٧ لسنة ٤٠ ق
وبطلان صحيفة الاستئناف لخلوها من توقيع محام مقبول لا يجوز تصحيحه أمام محكمة النقض
كما تجب الإشارة إلى أن تصحيح الإجراء المعيب رخصة منحها القانون للخصم الذي يباشر الإجراء، وكما لا يجوز حرمانه منها ، فإنه لا يجوز أيضا للمحكمة أن تأمر بالتصحيح مالم يوجب عليها القانون ذلك ، كالشأن بالنسبة للمادة ٨٥ من قانون المرافعات التي أوجبت على المحكمة أن تأمر المدعى بإعلان المدعى عليه الغائب إعلانا صحيحا إذا تبينت بطلان إعلانه بصحيفة الدعوى
وقت الاعتداد بالإجراء بعد تصحيحه
حسما لخلاف سابق بين الفقهاء حول ما إذا كان التصحيح ينتج أثره من تاريخ حصول الإجراء المعيب أم من تاريخ تصحيحه – أضاف المشرع إلى نص المادة ٢٣ من قانون المرافعات الحالي – المقابل للمادة ٢/٢٥ من القانون السابق – عبارة « ولا يعتد بالإجراء إلا من تاريخ تصحيحه
ومن ثم فإن التصحيح لا ينتج أثره إلا من تاريخ حصوله ، ولا يرجع إلى تاريخ القيام بالإجراء الأصلي الذي لحقه التصحيح ، وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأن إذا كانت الدعوى قد صححت بتوجيهها إلى الممثل القانوني للمدعي فإن التصحيح لا ينسحب أثره إلى تاريخ رفع الدعوى ولا يجعل رفعها قاطعا للتقادم منذ ذلك التاريخ
نقض ۱۹۷۷/٥/٣ – الطعن – ٥٩٩ لسنة ٤٣ ق
أثر البطلان الإجرائي
المقرر أن العمل الإجرائي يظل منتجا لآثاره القانونية إلى أن يقضى ببطلانه يستوى في ذلك أن يكون البطلان متعلقا بالنظام العام أم بمصالح الخصوم ، فإذا قضى ببطلانه اعتبر كأن لم يكن .
بيد أن المشرع رغبة منه أيضا في الإقلال من دواعي البطلان نص في المادة ٢٤ من قانون المرافعات على أن الإجراء الباطل يتحول إلى إجراء آخر صحيح
وقد ينتج بعض الآثار التى تكون له إذا تم صحيحا وهو ما نعرض له فيما يلى :
۱ – تحول العمل الإجرائي الباطل إلى عمل صحيح :
تنص المادة ٢٤ من قانون المرافعات في فقرتها الأولى على أن :
إذا كان الإجراء باطلا وتوفرت فيه عناصر إجراء آخر فإنه يكون صحيحا باعتباره الإجراء الذي توافرت عناصره
ومؤدى هذا النص أنه يتعين عدم الحكم ببطلان الإجراء المعيب بسبب تخلف أو تعيب بعض عناصره إذا كان ما توافر وصح من هذه العناصر من الممكن أن يكتمل به إجراء آخر صحيح وهو ما يعرف بتحول العمل الباطل
ونقول يتعين عدم الحكم بالبطلان لأن عملية التحول هذه تتم بقوة القانون فلا يستطيع القاضي أن يمتنع عن إعمال أثر الإجراء الآخر الذى اكتملت عناصره ولا يتوقف إعمال هذا الأثر على إرادة الخصم الذي باشر الإجراء لأن إرادة الخصوم تقتصر على مجرد مباشرة الإجراء أو عدم مباشرته
ومن ثم فإن العمل الإجرائي لا يعد من قبيل التصرفات القانونية التي تقوم :
- إما على تطابق إرادتين كالعقد
- وإما على إرادة منفردة كالوصية والوفاء والإبراء
وبالتالي فإنه لا يبحث عند تحول الإجراء الباطل عما إذا كانت نية مباشرة الإجراء قد انصرفت أو لم تنصرف إلى الاعتداد بالإجراء الآخر مكتمل العناصر .
ومن امثلة تحول العمل الإجرائي الباطل إلى عمل صحيح اعتبار إعلان صحيفة الدعوى إعذارا للمدين عند طلب تنفيذ العقد أو فسخه إذا بطل الإعلان وتضمنت الصحيفة تكليف المدين بالوفاء .
۲ – انتقاص العمل الباطل :
تنص المادة ٢٤ من قانون المرافعات في فقرتها الثانية على أن :
( إذا كان الإجراء باطلا فى شق منه فإن هذا الشق وحده هو الذي يبطل )
ويفترض هذا النص عملا إجرائيا متعدد الأجزاء تكتمل لبعض هذه الأجزاء مقتضياتها فتكون صحيحة وتتعيب أجزاء أخرى فتكون باطلة ، وهو ما يطلق عليه البطلان الجزئي كما يفترض عدم وجود رابطة قانونية بين هذه الأجزاء تجعل من السابق منها شرطا لصحة اللاحق
فإذا تحقق هذا المفترض فإن العمل الإجرائي لا يبطل كله وإنما يشوب البطلان ما تعيب فقط من أجزائه، وهو ما يعرف بانتقاص العمل الإجرائي أي إنتاجية أثر ما صح فقط من أجزائه
ومن أمثلة هذه الحالة الحكم متعدد الأجزاء الذى يستقل كل جزء فيه بموضوعه وسببه بحيث لا يكون أحد هذه الأجزاء أساسا لآخر
فإن بطلان الحكم في جزء منه لا يترتب عليه بطلان الحكم كله . أما إذا كان العمل الإجرائي بسيطا ، أو كان متعدد الأجزاء وثمة رابطة قانونية بين هذه الأجزاء ، فإن العيب الذى يعلق به أو بجزء منه يؤدى إلى بطلانه كله ، ولا ينطبق بشأنه حكم المادة ٢/٢٤ من قانون المرافعات .
اثر بطلان الإجراء على ما يسبقه ويلحقه من إجراءات :
تنص المادة ٢٤ من قانون المرافعات في فقرتها الثالثة على أن :
( ولا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه أو الإجراءات اللاحقة إذا لم تكن مبنية عليه )
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية فى هذا الصدد أن
عبارة « مبنية عليه ، لا تعنى مجرد الارتباط المنطقي بل يجب وجود ارتباط قانوني بين العملين بحيث يعتبر العمل السابق الذي بطل شرطا لصحة العمل اللاحق عليه
ومسايرة لهذا النظر نصت المادة ۲۷۱ من قانون المرافعات على أن
( يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام – أيا كانت الجهة التي أصدرتها – والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساسا لها وإذا كان الحكم لم ينقض إلا في جزء منه بقى نافذا فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى مالم تكن مترتبة على الجزء المنقوض )
ومن أمثلة عدم تأثير بطلان الإجراء على الأعمال السابقة عليه
- بطلان الإعلان بصحيفة الدعوى فهو لا يؤثر فى الصحيفة ذاتها إذا كانت صحيحة
- وبطلان حكم التحقيق لا يؤدى إلى بطلان ما تم صحيحا من إجراءات الخصومة التي سبقت هذا الحكم
- وبطلان الحكم لا تأثير له في صحة ما سبقه من إجراءات
- وبطلان إعلان الحكم لا ينال من صحة الحكم ذاته
ومن أمثلة بطلان الأعمال اللاحقة على العمل الباطل إذا كانت مبنية عليه
- بطلان الحكم إذا بطلت صحيفة الدعوى أو بطل الإعلان بها لأن صحة الصحيفة وإعلانها شرط لصحة الحكم
وقد قضت محكمة النقض بأن
إعلان الخصم بصحيفة الدعوى أو بالاستئناف أصبح – في ظل قانون المرافعات الحالي – إجراء منفصلا عن رفع الدعوى أو الاستئناف، وتاليا له قصد به المشرع إعلام الخصم بهما وبطلبات المدعى أو المستأنف وبالجلسة المحددة لنظرها كي يعد دفاعه ومستنداته ، فإذا شاب ورقة الإعلان بطلان فإنه لا يمتد إلى أصل الصحيفة الذي لم يشبه بطلان ، ذلك أن الباطل لا يجوز أن يتسلط على الصحيح فيبطله
الطــعــون ٦١١٤ ، ٦١٥٨ ، ٦١٥٨ ، ٦٢٠٩ لسنة ٦٢ ق ، ونقض ( نقض ١٩٩٤/١/١٧ ١٩٩٣/٣/٢٨ – الطعن ٤٠٢ لسنة ٥٣ ق )
كما قضت بأن
صحيفة افتتاح الدعوى هي أساس الخصومة ، وتقوم عليه كل إجراءاتها ، فإذا حكم ببطلانها، فإنه ينبني على ذلك إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة لها وزوال جميع الآثار التي ترتبت عليها .
( نقض ۱۹۹۱/۷/۱۱ – الطعن ٢٤٨٥ لسنة ٥٦ ق )
خاتمة بطلان العمل الاجرائي
يبين من معالجة المشرع لنظرية البطلان في قانون المرافعات الحالي أنه ربط بين جزاء البطلان المقرر على مخالفة العمل الإجرائي لنموذجة القانوني والهدف أو الغاية أو الضمانة التي أراد أن يحققها
وأنه – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المشار إليه عنى بمعالجة تلك النظرية عناية تتفق وأثرها البالغ على إجراءات التقاضي وصدر فى تنظيمه لها عن اعتباره الإجراءات وسيلة لتحقيق الغاية المقصودة منها واعتباره الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد شكل يحجب العدالة عن تقصى الحقيقة
فيتعين أن تكون أداة طيعة ومطية ذلولا لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يحفل بالشكل ولا يلوذ به إلا مضطرا يصون به حقا أو يرد باطلا عدل حريص على سد الذرائع التي يتسلل منها المبطلون من محترفي الكيد ، وتجار الخصومة
فقد حرص المشرع على ألا يحكم بالبطلان إلا إذا نص عليه صراحة فلا تكفى العبارة الناهية أو النافية ، فإذا لم يوجد هذا النص الصريح على البطلان فلا يحكم به إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه ومع ذلك فإنه في الحالات التي نص فيها صراحة على البطلان فإنه لا يحكم به إذا ما ثبت تحقق الغاية من الإجراء الذي تخلف أو تعيب حتى ولو تعلق البطلان بالنظام العام .
ولم يجز التمسك بالبطلان إلا لمن شرع البطلان لمصلحته على ألا يكون قد تسبب فيه ، مالم يكن البطلان متعلقا بالنظام العام
كما أجاز النزول عن البطلان صراحة أو ضمنا باستثناء ما تعلق منه بالنظام العام وأجاز تصحيح الإجراء الباطل – ولو بعد التمسك بالبطلان – على أن يتم ذلك التصحيح فى الميعاد المقرر قانونا لاتخاذ الإجراء ، أو فى الميعاد الذى يحدده القاضي إذا لم يكن للإجراء ميعاد مقرر في القانون
كذلك أخذ المشرع بفكرة تحول الإجراء الباطل إلى آخر صحيح ، إذا توافرت فيه عناصر إجراء يكون صحيحا باعتباره الإجراء الذي توفرت عناصره .
كما أخذ بفكرة انتقاص العمل الإجرائي – إذا كان هذا العمل متعدد الأجزاء – وذلك بقصر البطلان على ما تعيب من هذه الأجزاء وإعمال الآثار القانونية لما صح منها وأوجب إبداء سائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات معا قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى ، أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها ، كما أسقط حق الطاعن في هذه الدفوع إذا لم يبدها في صحيفة طعنه
وارتأى أن حضور المعلن إليه فى الجلسة أو إيداع مذكرة بدفاعه تتحقق به الغاية من تكليفه بالحضور إذا تعيبت عمليه الإعلان ، أو بطلت صحيفة الدعوى أو ورقة التكليف بالحضور لعيب فى بيان المحكمة أو فى تاريخ الجلسة ، ونص صراحة على أن الحضور يزيل البطلان
ثم وسع هذا النطاق ونص على أن حضور المدعى عليه يغني عن إعلانه بصحيفة الدعوى مما ترتب عليه عدم قبول الدفع بعدم انعقاد الخصومة لعدم الإعلان أو لبطلان الإعلان أيا كان العيب الذي علق به
تعقيب موقع عمار للقانون والمحاماة
عزيزي المحامي والقانوني للمزيد عن موضوع بطلان العمل الاجرائي في قانون المرافعات يمكنك الاستزادة من المراجع التالية
- التعليق علي قانون المرافعات للدكتور أحمد مليجي – طبعة نادي القضاة 2010
- النقض المدني للمستشار محمد وليد الجارحي نائب رئيس محكمة النقض – طبعة نادي القضاة 2000 وهذ البحث مصدره الرئيسي هذا المرجع
- الدفوع في قانون المرافعات للمستشار عزمي البكري