هدف تسبيب الحكم في القانون والنقض

أوجب القانون أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة  ومن ثم يتبلور هدف تسبيب الحكم  في القانون الى حمل القاضى على بذل الجهد في تمحيص القضايا

أوجب القانون أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة  ومن ثم يتبلور هدف تسبيب الحكم  في القانون والنقض حمل القاضى على بذل الجهد في تمحيص القضايا وانه لدى السير في الدعوى مكن الخصوم جميعا من حقوقهم في الدفاع اطمئنان الناس إلى عدل القاضي وحيدته و تمكين محكمة الطعن من رقابة عمل القاضي و إثراء البحث العلمي لدى المشتغلين بالقانون و تيسير سبيل الطعن في الحكم

مجمل أهداف تسبيب الحكم

هدف تسبيب الحكم

  1. حمل القاضى على بذل الجهد في تمحيص القضايا
  2. اطمئنان الناس إلى عدل القاضي وحيدته
  3. تمكين محكمة الطعن من رقابة عمل القاضي
  4.  إثراء البحث العلمي لدى المشتغلين بالقانون
  5. تيسير سبيل الطعن في الحكم

تعريفات التسبيب

السبب في اللغة

  • هو الحبل ، وكل شيء يتوصل به إلى غيره يسمى سببا
  • يقال : انقطع السبب أي الحبل . كما يقال : مالي إليه سبب أي مالي إليه طريق كما
  • يقال : انقطع بينهم السبب أو انقطعت بينهم الأسباب أي الوصل
  • ويقال : سبب الأسباب أي أوجدها وسبب الحكم أي ذكر أسبابه

السبب في الشرع

هو ما جعله الشارع علامة على سببه وربط وجود السبب بوجوده فيلزم من وجود السبب وجود المسبب ، ومن عدمه كالوقت جعله الشارع سبباً لإيجاب إقامة الصلاة وكشهود رمضان جعله الشارع سبباً لإيجاب صومه ، وكالسرقة جعلت سبباً لا يجاب قطع يد السارق ، وكالبيع لإثبات الملك وزواله ، والزواج لإثبات الحل والطلاق لإزالته ، وكالقتل العمد سبباً لوجوب القصاص

السبب في الاصطلاح

  • فهو إيراد الأدلة والأسانيد الواقعية والقانونية التى تبرر النتيجة التي انتهى إليها الحكم
  • و أن أسباب الحكم هي ما يسوقه القاضى من مبررات لقضائه
  • وهي ذكر الدوافع التي قادت الحكم إلى قضائه

هدف تسبيب الحكم

مصدر الإلزام بتسبيب الأحكام

تنص المادة ١٧٦ من قانون المرافعات على أن :

يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة

وتنص المادة ۱۷۸ من القانون ذاته فى فقرتيها الثانية والثالثة على أن :

يجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري ورأى النيابة ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه

والقصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم، وكذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم

ومؤدى ما تقدم أن وجوب اشتمال الأحكام على أسبابها التزام مصدره القانون وخلوها من هذه الأسباب أو قصورها عن حد الكفاية فى حمل نتيجة الحكم يؤدى إلى بطلانه

الهدف من تسبيب الأحكام

هدف تسبيب الحكم

يحقق تسبيب الأحكام أغراضا متعددة . منها ما يتصل بالقاضي مصدر الحكم فيدعوه واجب تسبيب أحكامه إلى الروية والأناة ، وبذل غاية الجهد في أن تأتى هذه الأحكام عنوانا على الحقيقة

ومنها ما يتصل بالخصوم في الدعوى المطروحة عليه وبغيرهم ممن يطالعون أحكامه حيث تطمئن أنفسهم – بأسباب الحكم المبررة – إلى أن القاضي فيما قضى به كان مجريا أحكام القانون ومنها ما يتعلق بتيسير سبل الطعن في الأحكام، وتمكين محاكم الطعن من مراقبة مدى سلامة تطبيق القانون

ومن أهداف تسبيب الحكم إثراء الفكر القانوني بما تجرى به أسباب الأحكام من تفسير للغامض من نصوص القانون ، وتطبيق للمجرد من قواعده ، وتفصيل للمجمل من أحكامه ونعرض لكل من هذه الأهداف بشيء من التفصيل

حمل القاضى على بذل الجهد في تمحيص القضايا

الحق مطلب الأسوياء من البشر ، والعدل غايتهم ، ونفس القاضى تتوق دائما إلى أن تجيء أحكامه حاملة بين أسبابها دليل حياده وخلاصة تجربته وما وهبه الله من حنكة ودراية وعلم وخبرة فالحكم هو سفير القاضي لدى قارئي حكمه ، وما يسوقه من مبررات لهذا الحكم نتيجة بحث هادئ مستفيض هو خير المدافعين عن عدله المتحدثين عن حياده

ومن ثم من أهم الأهداف التي يحققها تسبيب الأحكام هو استيثاق القاضي نفسه من أنه عند فهمه لواقع الدعوى التزم بطلبات الخصوم وفحص دفوعهم والجوهري من دفاعهم ، ولم يغفل عن الإحاطة بشيء من ذلك الذي طرحوه عليه

قضت محكمة النقض بأن

المستفاد من المادة ۱۷۸ من قانون المرافعات أنه يجب أن يشتمل الحكم فضلا عن عرض موجز للوقائع على الحجج الواقعية والقانونية التي قام عليها بما تتوافر به الرقابة على القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع أطرافه، والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه وحتى لا يصدر الحكم عن رعونة وتحت تأثير عاطفة عارضة أو شعور وقتي وحتى يكون موضع احترام وطمأنينة لوضوح الأسباب التي دعت لإصداره ، وليتمكن الخصوم من دراستها قبل الطعن فيه .

نقض ۱۲/۲٥/ ۱۹۹۷ – الطعن ۱۰۱۹ لسنة ٦٦ ق

وانه لدى السير في الدعوى مكن الخصوم جميعا من حقوقهم في الدفاع وأنه وهو في مقام التثبت من صحة الواقع المطروح عليه أخذ بالدليل المعتبر في نظر الشارع ، والتزم قواعد الإثبات المقررة قانونا ولدى تكييفه ما ثبتت صحته وتأكد صدقه من ذلك الواقع وصفه الصحيح في القانون وعند إنزاله أحكام القانون على ما حصله من فهمه للواقع في الدعوى وتكييفه طبق القواعد القانونية واجبة التطبيق

كذلك يتحقق – بتسبيب الأحكام – اطمئنان القاضى إلى أنه لم يكن مدفوعا في قضائه بأمر عارض ولا متأثرا بعاطفة وقتية تولد فى نفسه اعتقادا زائفا بأنه سيف سلط على الباطل فأزهقه وأنه وفقا للمثل اللاتيني – قهر المستكبرين وكان رحيما مع المستضعفين ، فالقضاء وقور بطبعه جليل بمهمته السامية

والحقيقة ليست ثمرة شعور عارض أو إحساس متأجج وإنما هي ربيبة البحث الهادئ والحيدة التامة ولعله لا يكون محل منازعة من زملائي قضاة الدوائر الجنائية ما استقر في وجداني من أنه ما من قاض إلا ونازعته نفسه – مرة فى القليل – بأنه لو بدأ بتسبيب حكمه قبل النطق به لكان له رأى غير ذلك الذى انتهى إليه فالنقص أفة تصيب كافة البشر وعلى القاضي أن يكون ناقداً لنفسه قبل أن ينال منه غيره

ليس الهدف من تسبيب الأحكام إذن هو استتمامها من حيث الشكل أو أن يعلم من حكم لماذا حكم وإلا لكان إيجاب التسبيب ضربا من العبث ولكن الغرض من التسبيب  هو حمل القضاة على بذل الجهد في تمحيص القضايا لتجيء أحكامهم ناطقة بعد التها وموافقتها للقانون

نقض مدنی ۱۹۳۱/۱۱/۱۹ – الطعن ٢ لسنة ١ ق

والتسبيب من أعظم الضمانات التي فرضها القانون على القضاة إذ هو مظهر قيامهم بما عليهم من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التى يعلنونها فيما يفصلون فيه من الأقضية وبه وحده يسلمون من مظنة التحكم والاستبداد لأنه كالعذر فيما يرتأونه يقدمونه بين أيدى الخصوم والجمهور وبه يرفعون ما قد يرين على الأذهان من الشكوك والريب فيدعون الجميع إلى عدلهم مطمئنين

اطمئنان الناس إلى عدل القاضي وحيدته

هدف تسبيب الحكم

لما كانت الحقيقة كما قلنا هي مطلب الأسوياء من البشر فإنهم يحرصون كل الحرص على تتبع مسيرتها . للاستيثاق من أن الحكم هو عنوان الحقيقة ومن ثم فإن الأحكام يجب أن تحمل بذاتها ما يطمئن المطلع عليها إلى أن المحكمة – قد فحصت الأدلة المقدمة إليها وحصلت منها ما تؤدى إليه وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن بحث ودراسة أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة حتى تتوافر الرقابة على عمل القاضى والتأكد من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع أطرافه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه

نقض ٢/١٩/ ۱۹۸۹ – الطعن ٢٦٤٤ لسنة ٥٨ ق
نقض ٤/٩ / ۱۹۸۹ – الطعن ٢٣ لسنة ٥٣ ق

فيجب لسلامة الحكم ألا يصدر على أساس فكرة مبهمة أو غامضة لم تتضح معالمها أو خفيت تفاصيلها . وإنما يتعين أن يشتمل بذاته على ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة فحصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما يؤدى إليه ، وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن بحث ودراسة أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة

نقض ۲/۱۹/ ۱۹۸۹ – الطعن ٢٦٤٤ لسنة ٥٨ ق

حتى في الفروض التي لا ترجح فيها كفة الحق في ميزان العدل ، ولا يجد صاحب الحق أن الحكم قد أغنمه شيئا راه حقه . ورآه الحكم من حقوق خصمه ففي تسبيب الحكم ما قد يطمئنه إلى أن هذا الخصم كان أقوى منه حجة وأقدر على تهيئة الدليل

وتسخيره خدمة لدعواه . وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ قال لرجلين اختصما إليه لعل أحدكما أن يكون الحن بحجته من الآخر ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار «

أول الطريق إلى تثبيت ثقة الناس فى القضاء إذن هو اطمئنانهم لعدل القاضى وارتياحهم إلى حكمه ، فالناس – كما قال مرابو  خطيب الثورة الفرنسية  – في حاجة إلى القضاء ما عاشوا فإذا فرض عليهم احترامه لزم أن يحسوا بأنه محل ثقتهم وموضع طمأنينتهم

تمكين محكمة الطعن من رقابة عمل القاضي

مراقبة تطبيق القانون وتقرير أو نفى المدعى به من مخالفة أحكامه لا تتم إلا من خلال النظر في أسباب الأحكام وقوفا على ما إذا كان القاضي قد بحث النزاع المطروح عليه بحثاً دقيقا وأوفى طلبات الخصوم ودفوعهم ودفاعهم الجوهري ما يقتضيه من العناية والتمحيص

وتعرفا على ما إذا كان القاضي قد فطن لفحوى ما قدم إليه من أدلة وأقسطها حقها من البحث وعنى بتحقيقها وأخذ بالدليل المباح أو المعتبر في نظر القانون وأطرح ما عداه من الأدلة غير المباحة أو غير المشروعة و استيثاقا مما إذا كان قد حصل فهم الواقع في الدعوى تحصيلا صحيحا

وأضفى على ما تأكد صدقه وثبتت صحته من هذا الواقع التكييف القانوني الصحيح ثم أنزل عليه من بعد أحكام القانون واجبة التطبيق ، أم أنه انحرف عن ذلك فشذ فهمه للواقع وأخطأ فى التكييف فاعوج نتيجة ذلك الخطأ  وهذا الشذوذ تطبيقه للقانون

ومن ثم فقد جاء في المذكرة الايضاحية للقانون رقم ۱۳ / ۱۹۷۳ بمناسبة تعديل المادة ۱۷۸ من قانون المرافعات إن

الغاية الأساسية من تسبيب الحكم هي الرقابة على عمل القاضي ، والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ، ودفاع طرفيه ، والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه

ذلك أن تقرير أو نفى المدعى به من مخالفة القانون لا تتسنى كما أسلفنا بمجرد مطالعة منطوق الحكم وإنما تتأتى بمعرفة الدوافع التي قادته إلى قضائه

 إثراء البحث العلمي لدى المشتغلين بالقانون

هدف تسبيب الحكم

فضلا عما قلناه – في معرض الحديث عن مصادر القانون – من أن كثيراً من القواعد القانونية كانت ثمرة اجتهاد ، وأن فى أحكامهم إثراء للفكر القانوني بما تشتمل عليه من تفسير لما قد يستعصى فهمه من أحكام القانون ، وتفصيل لما يرد مجملا من هذه الأحكام

فمن خلال النظر فى الأسباب يثرى البحث القانوني ، فتستقى من هذه الأسباب أفكار ، وتستخلص منها نظريات ، وتتناولها بالبحث اجتهادات ، وتوضع استهداء بها – ضوابط ومعايير لتطبيق نصوص القانون

تيسير سبيل الطعن في الحكم

إذا كان القانون قد أوجب على الطاعن أن يبين العيب الذى يعزوه إلى الحكم المطعون فيه ، وموضعه منه ، وأثره في قضائه ، وكان الأصل فى كتابة منطوق الحكم هو الايجاز

فإن سبيل الطعن فيه لا يكون ميسوراً إلا بالوقوف على أسبابه ومعرفة المقدمات التي خلص منها القاضى إلى النتيجة التي انتهى إليها

فمن خلال هذه الأسباب يستطيع المحكوم عليه التعرف على ما كان دعامة للحكم والوقوف على مدى إلمام المحكمة بواقع الدعوى وبالأدلة المطروحة عليها وكيفية تحقيقها ومدى صحة تكييف القاضى لما حصله من فهم ذلك الواقع ، وما إذا كانت القواعد القانونية التي طبقها هي القواعد واجبة التطبيق

هدف تسبيب الحكم

ومما قضت به محكمة النقض في هذا الصدد أنه

يجب أن يشتمل الحكم – فضلا عن عرض موجز للوقائع – على الحجج الواقعية والقانونية التى قام عليها بما تتوافر به الرقابة على عمل القاضى والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع أطرافه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه ، وحتى لا يصدر الحكم عن رعونة وتحت تأثير عاطفة عارضة أو شعور وقتي وحتى يكون موضع احترام وطمأنينة لوضوح الأسباب التي دعت لإصداره وليتمكن الخصوم من دراستها قبل الطعن فيه

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }