التناقض في أسباب الحكم المدني سبب للنقض

بحث عن ماهية التناقض في أسباب الحكم المدني ويعني تناقض أسباب الحكم بعضها مع البعض الآخر يجعل الحكم خاليا من الأسباب

بحث عن ماهية التناقض في أسباب الحكم المدني ويعني تناقض أسباب الحكم بعضها مع البعض الآخر يجعل الحكم خاليا من الأسباب و يذهب البعض إلى القول بأن تناقض الأسباب يؤدى إلى انعدام الأساس القانوني للحكم وأما تناقض الأسباب مع المنطوق فإنه يؤدى إلى فساد في الاستدلال .

تعريف التناقض

التناقض في أسباب الحكم

التناقض في اللغة

 هو التخالف والتعارض – يقال « تناقض القولان » أي تخالفا وتعارضا ، والنقيض هو المخالف . يقال في اللغة « فلان ناقض غيره ، أي تكلم بما يخالف المعنى الذي تكلم به .

التناقض في المنطق

 هو اختلاف اللفظين أو القضيتين اختلافاً يقتضى لذاته صدق إحداهما وكذب الأخرى ، والمتناقضان هما المتقابلان إيجاباً وسلباً بحيث لا يجتمعان ولا يرتفعان

التناقض في الاصطلاح

لا يخرج في جوهره عن المعنى اللغوي أو المنطقي فهو بناء الحكم على أسس أو دعامات متنافرة متعارضة بحيث لا يعرف على أي منها يمكن حمله ، ويطلق على التناقض أحيانا التهاتر والتساقط والتماحى وعدم التجانس

والرأي السائد فى الفقه بشأن تعريف تناقض الأسباب

هو أن تناقض أسباب الحكم بعضها مع البعض الآخر يجعل الحكم خاليا من الأسباب . في حين يذهب البعض إلى القول بأن تناقض الأسباب يؤدى إلى انعدام الأساس القانوني للحكم ، أما تناقض الأسباب مع المنطوق ، فإنه يؤدى إلى فساد في الاستدلال .

تعريف محكمة النقض لتناقض أسباب الحكم

لمحكمة النقض عدة تعريفات للتناقض  وهى وإن تعددت لفظاً ومبنى إلا أنها تتحد فكراً ومعنى

 ومن هذه التعريفات أن
  • تناقض الأسباب المبطل للحكم هو أن تكون تلك الأسباب متهدمة متساقطة لا شيء فيها باق يمكن أن يعتبر قواماً لمنطوق الحكم ،
  • وأن التناقض في أسباب الحكم الذى يترتب عليه اعتباره غير مسبب هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه
  • وان التناقض الذي يفسد الأحكام هو الذى تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه ، أو ما يكون واقعاً في الأسباب بحيث لا يمكن معه إن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به فى منطوقه
  •  وأن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله ،
  •  وأن التناقض الذي يفسد الأحكام هو الذي يكون واقعاً في أسباب الحكم الواحد بذاته بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به فى منطوقه ، إذ في هذه الحالة يكون الحكم كأنه خال من الأسباب

ومؤدى ما قالته محكمة النقض في هذا الصدد أن تناقض أسباب الحكم يبطله لخلوه – على جهة المجاز – من التسبيب

صور التناقض في قضاء النقض

التناقض في أسباب الحكم

( ۱ ) إذا كان المستفاد مما أورده الحكم أن من ضمن الأسس الجوهرية لقضائه أن البائع عمل على نزع ملكية العين المبيعة غدراً بالمشترى وغشاً منه له وأن المبلغ المقضى به هو تعويض الضرر الناشئ عن ذلك ولكن الحكم عند إيراده دفاع ورثة المشترى قال إنهم يذهبون إلى أن الدائن نازع الملكية لم يكن إلا أداة يحركها البائع ، وأن هذا الأخير الذي نزع الملكية فعلاً وباشر إجراءاتها ورد على هذا الدفاع بقوله إن هذا الذي يقولونه وإن كان الظاهر يؤيده إلا أنه لا يمكن الجزم به لعدم قيام الدليل المثبت له فهذا الحكم يكون قد أقام قضاءه على ثبوت الأمر الذى كان قد قرر عدم ثبوته وبهذا يكون متناقض الأسباب

نقض ١٩٤٩/٢/٣ – الطعن ١١٩ لسنة ١٧ ق

 (٢ ) إذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر أنه فى حالة عدم إتمام التعاقد بين الطرف الذي وسط السمسار والطرف الذي أحضره السمسار بسبب خطأ الطرفين لا يكون للسمسار إلا حق الرجوع على من وسطه بالتعويض ثم عاد الحكم والزم الطاعن بالتعويض على الرغم من تسليمه بأنه لم يوسط السمسار فإنه يكون مشوباً بالتناقض

نقض ١٩٦٧/٢/٩ – الطعن ١٦٧ لسنة ٣٣ ق

( ۳ ) إذا دلل الحكم على ثبوت ملكية مورثة المطعون عليهم للعين دون الحكومة ثم عاد وهو بصدد التدليل على عدم صحة الدفع بالتقادم الخمسي إلى اعتبار أن الحكومة هي المالكة للعين ورتب على ذلك قوله بأن العقد الصادر منها للطاعن لا يعتبر سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي لأنه صادر من مالك فإن ذلك مما يجعل أسبابه متهاترة بحيث لا تقوم للمنطوق قائمة بعد أن خلا من الأسباب التي يمكن أن تحمله

 نقض ٤/٣٠ / ١٩٧٠ – الطعن ٢٦ لسنة ٣٦ ق

( ٤ ) متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على دعامة جديدة أهدر بها الدعامة التى أقام عليها الحكم الابتدائى قضاءه فإن إحالته إلى أسباب الحكم الابتدائى تصبح لغوا ولا يسوغ الاستناد إلى تلك الأسباب أمام محكمة النقض في إقامة الحكم المطعون فيه

نقض ١٩٥٨/٥/١٥ – الطعن ٥٥ لسنة ٢٤ ق

شروط التناقض المفسد للحكم

التناقض في أسباب الحكم

 

يشترط في التناقض الذي يفسد الحكم ، ويؤدى إلى نقضه أربعة شروط هي :

( ۱ ) ان يكون تناقضاً حقيقيا :

 أي تنافراً وتعارضاً لا يمكن رفعه حتى بعد إمعان النظر فيما قاله الحكم ، أما إذا كان من الممكن الوقوف على الدعامة التي قام عليها قضاء الحكم والمؤدية للنتيجة التى انتهى إليها وذلك بعد إزالة ما قد يشوب عبارات الحكم من خطأ فى التعبير بلفظ غير مقصود لذاته وغير مؤثر فيما انتهى إليه في قضائه مما يوهم بوقوع تناقض فإن هذا التناقض الظاهري لا يكون حقيقياً ولا يؤدى إلى نقض الحكم طالما أمكن التعرف على ما قصدته المحكمة بعد تصحيح العبارات وكذلك فإنه لا يعتبر من قبيل التناقض المبطل للحكم إشارته فى أسبابه إشارة لا حجية لها لخروجها عن نطاق الدعوى ، وعدم لزومها للفصل فيها

ومما قضت به محكمة النقض تطبيقاً لذلك :

( ۱ ) ليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع البعض مادام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً فيه

نقض ۱۹۸۳/۱۱/۲۷ – الطعن ٢٠٨ لسنة ٥٠ ق

( ۲ ) إذا كانت أسباب الحكم المكملة لمنطوقه توضحه بما لا يدع مجالاً لغموض حقيقة ما قضى به فإن النعي عليه بالتناقض والغموض يكون على غير أساس

 نقض ١٥ / ١٠ / ١٩٦٦ – الطعن ٦٩ لسنة ٣٢ ق

 ( ٣ ) متى كان ما يوجه إلى الحكم ليس من قبيل النعي على تقريراته القانونية أو الواقعية التي أسس عليها قضاءه وإنما ينصب على ما عبر به عما انتهى إليه من هذه الأسس بحيث يتضح هذا الخطأ في التعبير من مقارنة منطوق الحكم بمدوناته ولا ينطوى تصحيحه على تغيير فى حقيقة ما قضى به فلا تناقض

نقض ٢٢ / ٥ / ۱۹۸۰ – الطعنان ۱۵۹۰ ، ١٦٠٠ لسنة ٤٨ ق

( ٤ ) متى كان قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً في الحكم من أنها قضت في الدعوى على أساس أن العقد موضوع النزاع قد تم بطريق التعاقد بالتسخير وأن الصورية  التي عنتها هي الصورية فى شخص المشترى لا صورية التعاقد ذاته فإنه لا سبيل للنعي على الحكم بالتناقض حتى على فرض ما يقول به الطاعنون من أن في بعض عباراته ما يوهم بوقوع مخالفة بين بعض أسبابه مع بعض

ذلك لأن التناقض الذي يفسد الأحكام هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسباب الحكم بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه

نقض ٢٦ / ١١ / ١٩٦٤ – الطعن ١٧ لسنة ٣٠ ق
( ۲ ) أن يقع التناقض بين اسباب الحكم الواقعية أو بينها وبين المنطوق :

إذا فهمت المحكمة واقع الدعوى فهماً صحيحاً له مأخذه من الأوراق ثم أضفت على هذا الواقع الثابت وصفه القانوني الصحيح ، فإن ذلك يؤدى – في الأعم الأغلب من الحالات – إلى تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً ، أما إذا انحرف فهم المحكمة للواقع واعوج أو شذ فإن هذا يؤدى بالضرورة وطريق اللزوم إلى تكييف خاطئ لهذا الواقع ، و إلى تطبيق غير صحيح لأحكام القانون .

 ومن ثم فإن التناقض المفسد للحكم هو الذي يقع بين أسبابه الواقعية بعضها مع البعض الآخر أو بين هذه الأسباب ، وبين المنطوق أما التناقض الذى يقع بين أسباب الحكم القانونية أي ما يسوقه من مبررات قانونية  للنتيجة التى انتهى إليها فهو لا يؤدى إلى نقضه طالما صحت هذه النتيجة إذ لمحكمة النقض أن ترفع مثل ذلك التناقض

 وأن تقيم الحكم على ما صح من أسبابه القانونية ولها أن تضيف إليها ما يقيم الحكم وأن تستوفى ما قصر فيه من هذه الأسباب مادامت لا تعتمد فى هذا على غير ما حصلته محكمة الموضوع من الوقائع .وكذلك فإن التناقض بين سبب من الأسباب الواقعية وبين سبب قانوني لا يؤدى إلى نقض الحكم لأنه لا يؤدى إلى تساقطهما

ولا يعد من قبيل التناقض المفسد للحكم اشتماله على عبارات تذكر عرضاً أو بصفة عابرة وتتنافر أو تتعارض مع أسبابه الواقعية أو مع منطوقه إذا تبين أن الحكم لم يأخذ بمدلول تلك العبارات إذ تعتبر في هذه الحالة لغواً لا يؤبه به

 ( ۳ ) أن يكون من شان تناقض الأسباب تماحيها وتساقطها كلها :

 التناقض بين أسباب الحكم الواقعية لا يفسده ويؤدى إلى نقضه إلا إذا تعارضت هذه الأسباب وتنافرت بحيث يمحو بعضها البعض الآخر ، ولا يبقى بعد ذلك التهاتر والتماحى ما يصلح لحمل المنطوق فيصبح الحكم خالياً من الأسباب أما إذا بقى من أسباب الحكم ما يصلح لحمل النتيجة التى انتهى إليها ويستقيم دعامة له فإن الحكم يكون بمنأى عن الفساد ،

ومن ثم فقد جرى قضاء النقض بأن

 التزيد الذي لم يكن يقتضيه الفصل في الدعوى ، ويستقيم الحكم بدونه لا يعيبه أنه غير مؤثر فى منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها ، فإذا تزيدت المحكمة ، وأضافت بغير موجب إلى المقدمات السليمة أدلة أو عناصر واقعية زائدة على حاجة الدعوى ، فإن وقوع تناقض بين هذه الأسباب الواقعية لا يؤدى إلى نقض الحكم ، وإذا كان النعي منصباً على أسباب زائدة لا حاجة بالحكم إليها بعد أن استقام قضاؤه على ما استظهره من أسباب سليمة فإنه يكون نعياً غير منتج لأنه لو أطرحت تلك الأسباب الزائدة لبقى على ما سلم من أسبابه التي تبرر ما قضى به الحكم قائماً

( ٤ ) أن يقع التناقض في الحكم ذاته وليس مع حكم آخر :

المقرر – وعلى ما جرى به قضاء النقض أن التناقض الذي يفسد الحكم هو التناقض الذى يقع فى الحكم ذاته وليس مع حكم آخر أصدرته المحكمة فى نزاع مماثل بين خصوم آخرين . ولا خلاف في أنه إذا تناقضت أسباب الحكم القطعي بعضها مع البعض الآخر أو تعارضت هذه الأسباب مع المنطوق فإن ذلك يفسد الحكم ويؤدى إلى نقضه

تساؤل عن حالتين من تناقض الأسباب

التناقض في أسباب الحكم

 

التساؤل يثور في حالتين :
 أولاهما : أن يقوم تعارض بين أسباب أو منطوق الحكم القطعي الحاسم لموضوع النزاع وبين ما تكون قد تضمنته أسباب حكم فرعى أو تمهيدي صدر في الدعوى ذاتها
والثانية : أن يحدث التعارض بين أسباب الحكم الاستئنافي وبين أسباب الحكم الابتدائى الذي أيده ، وأحال إلى أسبابه ، فهل يؤدى ذلك إلى نقض الحكم .

( ١ ) التناقض بين الحكم القطعي وبين اسباب الحكم التمهيدي :

القاعدة أنه إذا كانت المحكمة لم تفصل على وجه قطعي فى حكمها التمهيدي أو التحضيري في أية نقطة من نقاط النزاع ، فإن هذا الحكم لا يقيدها حتى بما يشف عنه من اتجاه في الرأي ، وبالتالي فإن ما قد يقع من تناقض بين أسبابه ، وأسباب الحكم القطعي الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم من المحكمة التي أصدرته – لا يفسده ولا يؤدى إلى نقضه

أما إذا فصلت المحكمة على وجه قطعي فى حكمها التمهيدي في نقطة من نقاط النزاع ، ووقع تناقض بين ما جاء فى هذا الحكم التمهيدي وبين الحكم الذي تنتهى به الخصومة كأن تندب المحكمة خبيراً لتحديد أجرة المثل، وتقطع في أسباب حكمها بأنها تأخذ بهذه الأجرة ثم تعود لدى الفصل في النزاع ولا تعول على أجرة المثل ، فإن ذلك يعتبر من قبيل التناقض المفسد للحكم ..

ولكن فى الحالة التى تعاود فيها المحكمة بحث النقطة ذاتها بأسباب خاصة في الحكم المنهى للخصومة ، وذلك لتأييد رأيها السابق ، ويقع تناقض بين الأسباب الواقعية في كل من الحكمين فإنه لا يفسد الحكم ، ولا يؤدى إلى نقضه لأن الأسباب الأخيرة تكون من قبيل الأسباب النافلة الزائدة عن حاجة الدعوى ، والنعي على الأسباب النافلة غير منتج

( 2 ) التناقض بين أسباب الحكم الاستئنافي وبين اسباب الحكم الابتدائى :

المقرر في هذه المسألة أنه إذا قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائى للأسباب الواردة فيه ، ولأسباب أخرى استندت إليها ، وكانت هذه الأسباب الأخيرة كافية وحدها لإقامة قضاء الحكم فلا عبرة بما يكون قد وقع من تناقض بين أسباب الحكمين لأن أخذ محكمة الاستئناف بأسباب الحكم الابتدائى الذي أيدته إنما ينصرف فقط إلى الأسباب التى لا تتعارض مع أسبابها هي لأنها تعتبر في هذه الحالة مكملة لأسباب الحكم الاستئنافي

وإذا كانت محكمة الاستئناف قد نحت منحى آخر يغاير ما ذهبت إليه محكمة أول درجة ، ولم تأخذ من أسباب الحكم الابتدائى إلا بما لا يتعارض منها مع أسباب حكمها فإن الأسباب المناقضة الواردة بالحكم الابتدائى لا تعتبر من أسباب الحكم الاستئنافي ومن ثم فإنه لا يفسده ويؤدى إلى نقضه وقوع تناقض بين هذه وتلك

 الأساس المختلف لكل من الحكمين :

ومما تجب الإشارة إليه فى هذا الخصوص أنه إذا أحالت محكمة الاستئناف إلى أسباب الحكم الابتدائى مع أن حكمها يقوم على أساس مغاير لما قام عليه قضاء محكمة أول درجة ، فإن هذه الإحالة تكون غير مقبولة وتصبح من قبيل اللغو الذي لا يؤبه به طالما كان الأساس الذي قام عليه الحكم الاستئنافي فى صالحاً لحمل قضائه

 وقد قضى تطبيقاً لذلك بأن :

إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على دعامة جديدة أهدر بها الدعامة التي أقام عليها الحكم الابتدائى قضاءه ، فإن إحالته إلى أسباب الحكم الابتدائى تصبح لغواً ولا يسوغ الاستناد إلى تلك الأسباب أمام محكمة النقض في إقامة الحكم المطعون فيه

نقض ١٩٥٨/٥/١٥ – الطعن ٥٥ لسنة ٢٤ ق

وتلزم الإشارة في هذا المقام إلى أن لمحكمة النقض قضاء مغايرا لما سلف ذكره من أحكامها خلصت فيه إلى أن مناقضة الأساس الذي قام عليه الحكم الاستئنافي لذلك الذي أقيم عليه الحكم الابتدائى من شأنه أن يشيع التناقض في أسباب الحكم الأول ويجعله قائماً على أساسين متغايرين لا يمكن أن يقوم حكم عليهما مجتمعين

نقض ١٩٤٥/١٢/٢٧ – الطعن ٢٠ لسنة ١٥ ق ، ونقض ١٩٦٨/٢/١٥ الطعن ٣٢٠ لسنة ٣٤ ق

 صور التناقض في الأسباب

التناقض في أسباب الحكم

 

بالبناء على ما تقدم فإنه يمكن حصر صور التناقض في خمس صور منها ما يفسد الحكم ويؤدى إلى نقضه ومنها ما لا يكون له هذا الأثر وذلك وفقاً للتفصيل التالي :

أولاً : التناقض بين أسباب الحكم الواقعية :

ويحدث إذا بنى الحكم فهمه للواقع فى الدعوى على أسس متنافرة متعارضة بحيث لا يعرف أيها اعتنق ولا على أي منها اعتمد واستند ، ولا يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت إذ يؤدى ذلك التعارض بين أسباب الحكم الواقعية إلى تساقطها جميعاً بحيث لا يبقى منها شيء يصلح دعامة للنتيجة التي انتهى إليها

ومن تطبيقات هذه الصورة من صور التناقض :

استناد الحكم إلى أن الدعوى أساسها المسئولية العقدية ثم اعتبارها قائمة على أساس المسئولية التقصيرية ، وهما أساسان متغايران لا يمكن أن يقوم الحكم عليهما مجتمعين لاختلافهما طبيعة وحكماً

وقول الحكم في موضع منه أن علاقة العمل التي تربط طرفي النزاع علاقة محددة المدة، وتقريره في موضع آخر أن هذه العلاقة لم تكن محددة المدة

وإثبات الحكم نسب الصغير إلى الطاعن على سند من أنه راجع زوجته وهي في طلاق رجعى وعاشرها معاشرة الأزواج ، ثم نفيه فى موضع آخر من الحكم حصول هذه الرجعة على الوجه المقرر شرعاً .

واعتبار المحكمة – العقد منفسخاً بقوة القانون لاستحالة تنفيذ التزام البائع يناقضه اعتبار الحكم أن العقد قائم عند الفصل في طلب الريع

ثانياً : التناقض بين أسباب الحكم القانونية :

سلف القول بأن التناقض بين أسباب الحكم القانونية لا يفسد الحكم ولا يؤدى إلى نقضه إذ لمحكمة النقض أن ترفع هذا التناقض وتقيم الحكم على ما يكون صحيحاً من أسبابه طالما كان منطوق الحكم موافقاً للتطبيق الصحيح للقانون كما أن لها أن تستكمل الأسباب بما تراه من أسباب قانونية وأن تضيف إليها ما يقيم الحكم مادامت لا تعتمد على غير ما حصلته محكمة الموضوع من الوقائع

ثالثاً : التناقض بين أسباب الحكم الواقعية وأسبابه القانونية :

إذا استخلصت المحكمة واقع الدعوى استخلاصاً صحيحاً ثم أخطأت في تكييف هذا الواقع أو في إنزال الحكم الصحيح للقانون عليه فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون  أو بالخطأ في تطبيقه،

وهذا العيب لا يؤدى بذاته إلى نقض الحكم إذ لمحكمة النقض أن تعطى الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح مادامت لا تعتمد في هذا التكييف على غير ما حصلته محكمة الموضوع من هذه الوقائع وما دام الحكم صحيح النتيجة قانوناً وبالتالي فإن التناقض بين أسباب الحكم الواقعية وأسبابه القانونية لا يؤدى إلى نقضه

وإذا أخطأت المحكمة فى فهم واقع الدعوى فإن محكمة النقض وهي لا تملك أن تعتمد إلا على ما حصلته محكمة الموضوع من الوقائع – تصبح عاجزة عن الوقوف على ما إذا كان الحكم موافقاً للقانون أم مخالفاً لأحكامه وبالتالي لا يسوغ القول بأن ثمة تناقضاً بين الأسباب الواقعية للحكم وأسبابه القانونية وإنما يتم نقضه للقصور في التسبيب أو للفساد في الاستدلال  .

رابعاً : تناقض الأسباب مع المنطوق :

وتتحقق هذه الصورة إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها الحكم تتنافر مع الأسباب التي قدم بها لقضائه ، فيقام هذا القضاء على ثبوت الأمر الذي كان الحكم قد قرر في الأسباب عدم ثبوته ، أو على نفى الأمر الذى كان الحكم قد قرر في الأسباب ثبوته ويشترط لاعتبار التناقض في هذه الصورة من قبيل التناقض المبطل للحكم أن يكون تناقضاً تاماً لا يمكن رفعه بالاعتماد على بعض الأسباب التي تصلح دعامة لحمل قضائه وإسقاط البعض الآخر

ومن أمثلته
  1. استبعاد الحكم في أسبابه مساحة من الأرض موضوع عقد من وعاء الضريبة تم تحديده ربط الضريبة فى المنطوق عن كامل المساحة الواردة في العقد وتبنى الحكم لتقرير الخبير رغم ما فيه من تعارض بين الأسباب وبين النتيجة دون أن يرفع الحكم هذا التعارض
  2. وإطراح الحكم في أسبابه الاتفاق الذي أبرم بين الطرفين أمام الخبير ، ثم عودته إلى جعل ذلك الاتفاق قواماً لقضائه
  3. ونفى الحكم لتعسف رب العمل ثم قضاؤه للعامل بالتعويض عن الفصل التعسفي

ولما كان المقرر فى قضاء النقض أنه إذا تعارضت الأسباب مع المنطوق تكون العبرة بالمنطوق وحده فإن مؤدى هذا أن يصبح الحكم خالياً من الأسباب على جهة المجاز وقائماً على غير أساس كذلك فسوف يبين لنا فيما بعد أن تناقض منطوق الحكم مع أسبابه لا يعدو أن يكون صورة من صور الفساد في الاستدلال

خامساً : تناقض أجزاء المنطوق :

قد تتناقض أجزاء منطوق الحكم بعضها مع البعض الآخر بحيث لا يستطاع إمكان الملاءمة بينها مما يجعل تنفيذه مستحيلاً وهذه الصورة لا تعيب تسبيب الحكم وإنما تؤدى إلى سقوط منطوقه كله ، ومن ثم فقد جعلها المشرع في الفقرة السادسة من المادة ٢٤١ من قانون المرافعات سبباً لالتماس إعادة النظر ولم يدرجها ضمن أحوال الطعن بالنقض  

  •  وقد ذهب رأى فى الفقه إلى أن التناقض بين أجزاء المنطوق لا يصلح سبباً للطعن وإنما مجاله طلب تصحيح الحكم .
  • بينما ذهب رأى آخر إلى أنه يصحح إن كان سهوا أما إذا كان عمداً فإنه يؤدى إلى انعدام الأسباب ويجيز الطعن بالنقض
وقد قضت محكمة النقض بأن

التناقض في أسباب الحكم

التناقض الذي يصلح سببا للطعن بالنقض هو ما يلحق أسباب الحكم بأن تتماحى هذه الأسباب فينفى بعضها بعضا بحيث لا يبقى منها ما يمكن حمل الحكم عليه أو أن تتناقض هذه الأسباب مع منطوق الحكم فلا تصلح أساسا له بحيث لا يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به اما حالة إذا كان منطوق الحكم مناقضا بعضه لبعض فإنها من أحوال الطعن بطريق التماس إعادة النظر وفقا لنص الفقرة السادسة من المادة ٢٤١ من قانون المرافعات

نقض ١٩٩٥/١/٣٠ – الطعن ٣٨١٦ لسنة ٦٠ ق
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

2 تعليقات

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة