القصور في التسبيب ( قصور الحيثيات الواقعية – القانونية )

بحث عن القصور في التسبيب فالعدالة مظلتها حكم قضائي خالي من قصور الحيثيات في الأسباب الواقعية والقانونية مسبب بأسباب جلية بنتيجة ربطت بين الواقع والقانون

بحث عن القصور في التسبيب فالعدالة مظلتها حكم قضائي خالي من قصور الحيثيات في الأسباب الواقعية والقانونية مسبب بأسباب جلية بنتيجة ربطت بين الواقع والقانون في الدعوي ومن ثم نبحث عوار القصور في التسبيب الذي يعيب حيثيات الحكم وهو عيب شائع امتلئ بها الحكم القضائي للأسف خاصة مع استخدام النماذج المطبوعة المعدة مسبقا

شرح القصور المبطل

القصور في التسبيب

القصور في التسبيب يكون بافتقاد الحكم للأسانيد التي قام عليها بحيث يصعب على المطلع على الحكم أن يتوصل إلى لسبب الذي استند إليه الحكم للوصول للنتيجة التي وصل إليها، فلا يكفي أن يكون الحكم صحيحًا بل لابد أن يكون الحكم موضحًا لخصوم الدعوى ووقائعها ودفوع الخصوم ودفاعهم والأسباب التي بني عليها الحكم

ما هو القصور في التسبيب

القصور في اللغة

  • هو العجز والكف
  • يقال قصر فلان عن الأمر قصورا أي عجز وكف
  • ويقال قصر السهم عن الهدف أي لم يبلغه
  • و قصر الصلاة أي صلى الأربع ركعات اثنتين

القصور في الاصطلاح القانوني

هو عدم بلوغ أسباب الحكم حد الكفاية في تبرير النتيجة التي انتهى إليها

وقد استعمل اصطلاح ( انعدام الأساس القانوني للحكم ) في الأحكام الصادرة من محكمة النقض المصرية تأسيا بما جرى به قضاء محكمة النقض الفرنسية .

ويرجع ذلك إلى أن كلا من المحكمتين وهى بسبيل فحص الطعون المطروحة عليها تجرى مقارنة بين ما أثبته الحكم المطعون فيه من وقائع مادية وبين مفترضات القاعدة القانونية التي أنزلها الحكم على هذه الوقائع ، ومثل هذه المقارنة لا تتيسر ولا يتحقق الغرض منها إلا باكتمال عرض العناصر الواقعية أو الموضوعية التى اقتضت تطبيق تلك القاعدة

فإذا كان هذا العرض المادي لوقائع الدعوى عرضا مبتورا أو مبتسر تعذر إجراء تلك المقارنة وإعمال ذلك القياس مما يعجز محكمة النقض عن أداء وظيفتها في مراقبة تطبيق القانون ، فاشتمال الحكم على أسباب – أيا ما كان وجه الرأى فيها ـ لا يستطاع معه القول بأنه خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو في تأويله

وبديهي أن حكماً يعتريه مثل ذلك القصور لا يصح أن يكون بمنأى عن الرقابة ومن ثم فإن محكمة النقض كانت تعمد إلى نقضه لعجزها عن الوقوف على أساسه القانوني وظل عيب « انعدام الأساس القانوني للحكم » سببا لنقضه لعدم كفاية أسبابه .

ومما قيل في هذا الصدد أن

الطعن في الحكم بعدم قيامه على أساس قانوني إذ كان لا يقوم فى الواقع على مخالفة معينة منضبطة يمكن إدراك وقوعها أو العلم بها من الحكم نفسه وبناء النقض على أساسها ، بل يقوم على احتمال وقوع هذه المخالفة وعجز محكمة النقض عن ضبطها والقول بوقوعها على جهة اليقين

فهذا الطعن ـ وهذا هو جوهره – لا يمكن إدراجه تحت حالة الطعن بمخالفة القانون بل الأشكل إدخاله تحت حالة الطعن ببطلان الحكم لعدم اشتماله على الأسباب الكافية التي يكون قد بنى عليها ولكن الضرورة هى التى ألجأت محكمة النقض إلى اصطلاح « عدم قيام الحكم على أساس قانوني لتصل إلى مد رقابتها على تسبيب الأحكام تسبيبا وافيا وإبطال الأحكام المسببة تسبيبا ناقصا مخلا بمقصود الشارع من إيجاب تسبيبها على الوجه المرضى

النقض في المواد المدنية لحامد ومحمد حامد فهمى ص ٤٥٩ وما بعدها

ويرى البعض أن عبارة « كفاية الأسباب » تستخدم فى القضاء استخداما واسعا يكاد يرادف صحة الأسباب ويعبر أحياناً عن عدم كفاية الأسباب بتخلف الأساس القانوني للحكم، أو أن الأسباب ظاهرية أو غير جدية وهي محاولات لتبرير الاعتداد بمقتضيات السبب الموضوعي لا الشكلي ، فالرقابة على تسبيب الأحكام لا تقف عند حد الشكل وإنما تتجاوزه إلى مضمون الأسباب ذاتها دون مصادرة لرأى القاضي فهي رقابة مبنى ومعنى

 النظرية العامة للعمل القضائي . د . وجدى راغب ص ٥١٦ وما بعدها

القصور في التسبيب وخلو الحكم من الأسباب

القصور في التسبيب

تسبيب الحكم يعنى اشتماله على الأسانيد والحجج التي تبرر النتيجة التي انتهى إليها . وخلو الحكم من الأسباب أي غيابها كلية عيب شكلي يمكن إدراكه بمجرد الاطلاع على الحكم دون حاجة إلى بحث أو مناقشة موضوع النزاع وهو يتصدر عيوب التسبيب جميعا

ويؤدى بذاته إلى بطلان الحكم بحيث لا يكون هناك محل لبحث مضمونه ، ويقتصر دور محكمة النقض في هذه الحالة على بيان هذا العيب في الحكم دون أن تبدي رأيها القانوني ، فيما كان ينبغي أن يجاب به على الطلبات أو الدفوع أو أوجه الدفاع التي خلا الحكم من ذكرها

وكما يكون انعدام أسباب الحكم حقيقياً حيث يخلو تماما من أسباب تحمل قضاءه ، يكون أيضا على سبيل المجاز إذا اشتمل الحكم على أسباب يبين أنها متناقضة متنافرة ، أو وهمية افتراضية ، أو احتمالية ظنية ، أو عقيمة غير منتجة

ذلك أن تناقض الأسباب وتنافرها يؤدى إلى تماحيها وتساقطها بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وفى هذه الحالة يصبح الحكم كأنه خال تماما من الأسباب وإقامة الحكم على دليل وهمى لا وجود له إلا في مخيلة القاضى أو على دليل افتراضي من صنعه وابتكاره هو بناء على معدوم تنعدم به الأسباب مجازاً وتبرير الحكم بدليل ظني يتطرق إليه الاحتمال يسقط به الاستدلال فيضحى خاليا من أسباب تحمله

واستدلال الحكم بدليل عقيم غير منتج لا يمس جوهر النزاع يدل على عدم فهم القاضي لواقع الدعوى فهما صحيحا ويصبح حكمه – على سبيل المجاز – خاليا من الأسباب بالبناء على ما تقدم فإننا لا نراه دقيقا ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية من أن إقامة الحكم بالإلزام على أمور افترضها افتراضا دون أن يقيم الدليل عليها أو يبين المصدر الذي استقاها منه يجعله مشوبا بالقصور

 نقض ١٩٦١/١٢/٢١ – الطعن ٤٤٦ لسنة ٢٥ ق

ولا ما قالته من أن إقامة الحكم قضاءه على استنتاج ظني ليس في أوراق الحكم ما يؤيده ويصلح أساسا لقيامه يجعله مشوبا بالقصور

 نقض ١٩٦٢/٤/٢٦ الطعن ٤٤٥ لسنة ٢٦ ق

ذلك أن الاستدلال بدليل افتراضي أو ظني تنعدم به أسباب الحكم على جهة المجاز فيبطل لخلوه من الأسباب وليس لقصور في التسبيب وقد ذهب رأى فى الفقه إلى المساواة بين عيبي انعدام التسبيب ، والقصور في التسبيب باعتبار أن كلا منهما عيب شكلي في الحكم بينما ذهب رأى آخر إلى القول بأن انعدام التسبيب عيب شكلي ، أما القصور في التسبيب فإنه عيب موضوعي في الحكم .

الانعدام الجزئي للأسباب

قد تتعدد أجزاء الحكم تبعا لتعدد الطلبات أو الدفوع أو أوجه الدفاع في الدعوى ومن ثم يتعين على المحكمة تسبيب كل جزء من أجزاء حكمها بأسباب خاصة – مالم يثبت أن السبب الصريح بالنسبة لجزء من الحكم يصلح سببا ضمنيا لحمل قضائه في جزء آخر

فإذا اشتمل الحكم على أسباب تبرر بعض قضائه وخلا من ذكر أسباب تحمل البعض الآخر فهذي صورة من صور الخلو أو الانعدام الجزئي للأسباب وليست صورة من صور القصور في التسبيب ،

إذ القصور الذي يفسد الحكم ويؤدى إلى إبطاله هو قصوره عن إيراد الأسباب الواقعية أو الموضوعية قصورا يعجز محكمة النقض عن أداء وظيفتها في مراقبة تطبيق القانون ذلك أن هذه المراقبة لا تتيسر ولا يتحقق الهدف منها إلا إذا عرضت العناصر الواقعية اللازمة للفصل في الدعوى عرضا كاملا غير منقوص أو مبتور أو عرضا مجملا أو مبهما أو غامضا أو عرضا مشوشا مضطربا ، ومثل هذه العيوب تغاير تماما عيب خلو الحكم من الأسباب خلوا كليا أو جزئيا

القصور وإغفال الفصل في أحد الطلبات عند تعددها

تجب التفرقة بين القصور في التسبيب وبين إغفال الفصل في بعض الطلبات الموضوعية فعلاج الإغفال – وعلى ما نصت عليه المادة ۱۹۳ من قانون المرافعات – هو الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم بطلب من صاحب الشأن لتستدرك ما فاتها الفصل فيه ويخضع حكمها في هذا الطلب لقواعد الطعن التي تسرى على الحكم الأصلى

ومما تلزم مراعاته فى هذا الخصوص أنه يتعين أن يكون الطلب الذى غفلت المحكمة عن – الفصل فيه طلبا موضوعيا وليس دفعا لطلب أو وجه دفاع كطلب اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات لأن إغفال شيء من ذلك يعتبر رفضا له ، كما يتعين أن يكون الإغفال كليا وهو مالا يتأتى إلا نتيجة سهو ، أما إذا كان عمديا فإن وسيلة التظلم منه تكون هي الطعن في الحكم بإحدى الطرق المقررة قانونا

أوجه القصور في التسبيب

القصور في التسبيب

جرت فى الفقه محاولات كثيرة لحصر أوجه أو صور القصور في التسبيب ووضع معايير عامة منضبطة يمكن الاهتداء بها للتعرف على مواطن عدم كفاية التسبيب ، بينما اكتفى البعض باستعراض ما ارتأه قصورا في التسبيب أو أوجها لعدم قيام الحكم على أساس قانوني

 [ليس المقصود بعدم قيام الحكم على اساس قانونى عدم إفصاحه عن السند القانوني لما قضى به وإنما هو عيب موضوعي يشوب اسباب الحكم الواقعية لا القانونية ]

 وفي رأى المستشار الجارحي نائب رئيس محكمة النقض

أنه من غير الميسور وضع معيار دقيق منضبط جامع شامل أو تحديد مجموعة من الأصول أو القواعد العامة التي تجمع بين صور أو أوجه ذلك القصور لأن الفقه الإجرائي فقه مسائل أي يعتمد في الأساس على حلول منفصلة دون الرجوع إلى نظرية عامة تنتظم هذه المسائل جميعا ، ومرد ذلك أن القانون الإجرائي لا يتميز بالثبات الذى تتميز به قواعد قانون موضوعي كالقانون المدني

غاية ما في الأمر أن هناك مجموعة من المبادئ الإجرائية الأساسية الثابتة تعتبر مصادر للتشريع في مختلف البلدان ويسترشد بها القضاة عند تطبيق القوانين الإجرائية ، ومن ثم فلا نستطيع أن نقول بوجود نظرية عامة للقصور في التسبيب

تقسيمات أوجه القصور في التسبيب

من أبرز تقسيمات أوجه القصور في التسبيب ذلك التقسيم الذي أورده الفقيه الفرنسي ارنست فأي فى مؤلفه محكمة النقض الصادر بباريس سنة ١٩٠٣ فقد حاول حصر أوجه عدم كفاية التسبيب أو عدم قيام الحكم على أساس قانوني في خمس مجموعات :

 المجموعة الأولى :

  • تشمل الأحكام التى تقوم على أسباب يختلط فيها الواقع بالقانون بحيث يتعذر الوقوف على ما إذا كان القاضي قد بني حكمه على سند من فهمه لواقع الدعوى أم على أساس تطبيق القانون على هذا الواقع – وذلك كأن تقول المحكمة إن فلانا كان تاجرا دون أن تبين مما استخلصت هذا الوصف
  • أو أن تقول إن فلانا مسئول عن تعويض الضرر الذي تسبب فيه دون أن تبين ما ارتكبه من خطأ أدى إلى وقوع هذا الضرر
  • أو أن تقول إن للمؤجر حق امتياز بالحجز على موجودات العين المؤجرة دون بيان ما إذا كان وضع هذه الموجودات فى العين أمرا يتصل بوجه من وجوه استغلالها من عدمه
  • أو أن يقول الحكم إن الدين سقط بالتقادم عن المدين دون الكفيل دون ذكر سبب إجراء هذه التفرقة بينهما
  • أو أن العقد المبرم بين الطرفين هو بيع لا إجارة دون ذكر مبررات تكييف العقد على هذا النحو .

 المجموعة الثانية :

وتشتمل الأحكام التي تقام على أسباب تبلغ من الغموض والإبهام أو التعميم حدا تعجز بصدده محكمة النقض عن أداء وظيفتها في مراقبة تطبيق القانون .

  • كقول المحكمة ان المستأنف كان متهورا في استئنافه
  • أو أنه لم يبتغ بهذا الاستئناف إلا الكيد لخصمه

المجموعة الثالثة :

وتندرج فيها الأحكام التي تتضمن بيانا ببعض العناصر الواقعية للدعوى وتلتفت عن إيراد عناصر أخرى لازمة لعمليتي التكييف وتطبيق القانون ، كأن يقول الحكم :

  • إن هناك بيعا ، إذ تم الاتفاق على المبيع، ويغفل الحديث عن الثمن وهو ركن في العقد
  • أو أن يغفل بيان علاقة السببية بين ما ارتكب من خطأ وما وقع من ضرر ،
  • أو أن يحاج الخصم بدفاتر التاجر دون أن يبين صفته

المجوعة الرابعة :

 وتشتمل على حالتين :

الحالة الأولي :

أحكام لا تحدد واقعة الدعوى تحديدا كافيا

  • كأن يقول الحكم إن اتفاقا مكتوبا استبدل بآخر دون أن يبين ما إذا كان هذا الاتفاق الثاني مكتوبا من عدمه،
  • أو أن يقول أن حكما ما قد نفذ خلال الميعاد المقرر قانونا دون بيان ما الذي تم من إعمال التنفيذ ،
  • أو أن يضفى الحكم على المزارع الذي يقوم بعمليات البيع والشراء صفة التاجر دون بيان الباعث الذي حمله على الشراء ولا كمية ما اشتراه مقارنة بما نتج من زراعته
الحالة الثانية

تندرج تحتها أحكام أغفلت الرد على دفاع جوهرى من شأنه إذا صح تغير وجه الرأى في الدعوى .

كأن يقول الحكم أن البضائع لم تسلم بعد لأصحابها مغفلا واقعة التمسك بحصول تسليم وتسلم ونفى الحكم للحادث القهري المدعى به دون بحث الظروف التى تم الاستناد إليها للتدليل على وقوعه

المجموعة الخامسة :

ومحلها الأحكام التي تقوم على أسباب عقيمة غير منتجة أو منبتة الصلة بالدعوى وتلتفت عن جوهر النزاع إلى مسائل غير أساسية تجعلها مناطا لها بحيث تبقى المسألة الأساسية بغير حل ومن أمثلتها

  • أن يقول القاضى فى الدعوى بصحة ونفاذ عقد أنه لا فائدة من وراء البحث فى صحة هذا العقد لأنه من الممكن اعتبار الدعوى من قبيل دعاوى الإثراء بلا سبب دون أن يبين الحكم ما يبرر هذا النظر قانونا
  • أو أن يرفض الحكم الدعوى بصورية عقد إيجار على سند من أن المدعى كان عالما بحصول الإجارة مع أنه لا يهم في قبول هذه الدعوى أن يكون المدعى فيها عالما أو غير عالم بحصول الإجارة

محاولة الفقيهين حامد ومحمد حامد فهمى :

تأمل الفقيهان حامد ومحمد حامد فهمى الصور التي جمعها « فاي ، وقسمها إلى خمس مجموعات ، كما استعرضا أمثلة أخرى أوردها الفقيه » رينيه موريل

وخلصا إلى القول بأن « المعنى الجامع فى هذه الصور وغيرها من الأمثلة هو قصور الحكم عن إيراد ما ثبت من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها إيرادا وافيا يمكن محكمة النقض من التحقق من أن القانون قد طبق تطبيقا صحيحا إذ سبيل هذه الرقابة هو تناول ما ثبت بالحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها ومقابلة ذلك بما طبقه الحكم عليها من القواعد القانونية

ومن ثم فالذى يعجز محكمة النقض عن القيام بهذه الرقابة ليس هو قصور الحكم عن إيراد الأسباب القانونية اللازمة الكافية ولا الخطأ في بعض هذه الأسباب إن المحكمة تستطيع – متى رأت أن الحكم صحيح النتيجة قانونا ، وأن القاعدة التي أخذ بها الحكم هى التى تطبق على الوقائع الثابتة – أن تستكمل الأسباب القانونية اللازمة وتستدرك ما وجدته فى بعض الأسباب من الأخطاء القانونية .

ليس هذا بمعجزها وإنما الذى يعجزها عن القيام بحقها فى الرقابة إنما هو قصور الأسباب الواقعية عن إيراد وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها ووجوه نزاع الأخصام وطلباتهم – الإيراد الوافي بحيث تصبح غير قادرة على التحقق من معرفة ما إذا كانت القاعدة القانونية التي طبقت في الدعوى هي التي تطبق عليها أم لا

[في تفصيل ما ورد في هذا الصدد يرجع إلى المؤلفات النقض في المواد المدنية لحامد ومحمد حامد فهمى ص ٤٥٥ وما بعدها. النقض الجنائي للدكتور احمد فتحي سرور – طبعة سنة ۱۹۸۰ ص ٤٠٠ ـ ص ٤٠٢ – النظرية العامة للطعن بالنقض للدكتور نبيل عمر ص ۲۰۱ وما بعدها  ]

محاولات بعض الفقهاء المحدثين :

رد بعض الفقهاء المحدثين صور القصور في التسبيب إلى مجموعتين رئيسيتين

تضم الأولى الإثباتات الواقعية المنقوصة ويندرج تحتها :
  • عدم بحث أحد أو بعض العناصر الواقعية الضرورية لتبرير ما انتهى إليه الحكم .
  • عدم بيان مصدر الواقعة والدليل على ثبوتها
  • إذا لم تكن الأسباب منصبة على مقطع النزاع في القضية  وإنما تدور حول نقطة جوهرية
الإحالة إلى حكم يعترى أسبابه عيب النقص في الإثباتات الواقعية وتضم الثانية الإثباتات الواقعية غير المحددة ومن صورها :
  • (۱) غموض الأسباب وإبهامها
  • (۲) ورود الأسباب بشكل عام أو مجمل
  • (۳) الاكتفاء بذكر النص القانوني دون تحديد الوقائع تحديدا كافيا يبرر الإشارة

وساقوا على ذلك أمثلة من قضاء محكمتي النقض الفرنسية والمصرية

يراجع في تفصيل ما أوجزناه في هذا الخصوص احمد السيد صاوي نطاق رقابة محكمة النقض على قاضي الموضوع ص ۱۷۸ وما بعدها

رأى نائب رئيس محكمة النقض عن القصور

القصور في التسبيب

يري المستشار محمد وليد الجارحي نائب رئيس محكمة النقض بشأن  القصور في التسبيب أنه من كل ما تقدم يبين أنه من المتعذر وضع معيار منضبط لتحديد ما يعد قصورا في تسبيب الحكم ومالا يعد كذلك وقد بني رأيه أن فى تطبيقات محكمة النقض المصرية ما يسمح بإدراج صور القصور في التسبيب تحت وجهين رئيسيين

وجها القصور في التسبيب في ضوء قضاء النقض

 كفاية التسبيب تقتضى إيراد جميع العناصر الواقعية والقانونية اللازمة للفصل فى الدعوى ، ومن ثم فإن صور القصور في التسبيب تتعدد بتعدد الحالات التي تكون فيها أسباب الحكم دون حد الكفاية فى تبرير النتيجة التي انتهى إليها ، وهو أمر وإن تعذر حصره إلا أنه يمكن رده إلى وجهين رئيسيين هما :

  • (۱) السكوت عن البيان عند الحاجة إلى بيان
  • (۲) عدم القيام بواجب البحث والتحميص

الوجه الأول : السكوت عن البيان عند الحاجة إلى بيان :

ويضم هذا الوجه :

  1. القصور في بيان موضوع الدعوى وطلبات الخصوم ودفوعهم ودفاعهم الجوهري
  2. عدم ببیان مصدر ما ثبت من وقائع الدعوى أو مصادر الأدلة التي استند إليها الحكم ، وفحواها ، ومؤداها
  3. خلو الحكم مما يفيد أن المحكمة اطلعت على القرائن المقدمة في الدعوى .
  4. عدم بيان العناصر الواقعية المطابقة لمفترض القاعدة القانونية .
  5. عدم بيان السند القانوني للحكم
  6.  إغفال الرد على الدفوع أو الدفاع الجوهري أو عدم كفاية هذا الرد

 القصور في بيان موضوع الدعوى

أو طلبات الخصوم

أو دفوعهم

أو دفاعهم الجوهري

طواعية لحكم المادة ۱۷۸ من قانون المرافعات يتعين أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وعلى خلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري ، فذلك أمر لازم لإمكان القول بأن المحكمة فهمت واقع الدعوى ، ولازم كذلك لإمكان تكييف هذا الواقع وتطبيق القانون عليه فإذا ما قصر الحكم في بيان شيء من ذلك قصورا يعجز محكمة النقض عن قيامها بمراقبته

لتتبين ما إذا كانت قد وقعت فيه مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو فى تأويله فإنه يكون معيبا بقصور يبطله فيتعين على محكمة الموضوع أن تبين في حكمها – الصادر بالإفلاس – الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس  . فإذا لم يبين الحكم المطعون فيه الأسباب التي استند إليها في ذلك فإنه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب

نقض ٢/٢٤/ ١٩٧٠ – الطعن ٥٨٩ لسنة ٣٥ ق

ويتعين على الحكم لكي يثبت التملك بوضع اليد أن يعرض لشروط وضع اليد وهي أن يكون مستمرا وهادئا وظاهرا مقرونا بنية التملك ، ويبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تؤدى إلى توافرها بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها ، ويكفى أن يبين ذلك من مجموع ما أورده الحكم دون حاجة إلى تناول كل شرط من تلك الشروط ببحث مستقل

نقض ١٩٨٠/١٢/١١ – الطعن ٤١١ لسنة ٤٦ ق

ويلزم التنبيه إلى أنه يتعين لاعتبار البيانات الواردة فى المادة سالفة الذكر من البيانات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان أن يكون الحكم قد فصل في مسألة تتعلق بما قدم من طلبات أو دفوع أو أجه دفاع ، أما إذا انصب قضاؤه على غيرها فلا على المحكمة إن هي أغفلت إيراد هذه البيانات لأنها لا تتصل بقضائها طالما كان حكمها مسببا تسبيبا كافيا لتسويغ ما حكمت به

ثانيا : عدم بيان مصادر الوقائع والأدلة ومؤدى هذه الأدلة وفحواها :

القصور في التسبيب

 يجب أن يشتمل الحكم على بيان مصادر ما ثبتت صحته من وقائع الدعوى ، ومصادر الأدلة التي ساقها للقول بثبوت أو نفى هذه الوقائع ، وفحوى تلك الأدلة ووجه استدلاله بها حتى يتسنى لمحكمة النقض التقرير بصحة ذلك أو عدم صحته وإعمال رقابتها على سداد الحكم وأن الأسباب التى أقيم عليها جاءت سائغة لها أصل ثابت في الأوراق وتتفق مع النتيجة التي انتهى إليها

ولا تكفى فى هذا الشأن الإشارة إجمالا إلى أوراق الدعوى أو إلى المستندات المقدمة فيها باعتبارها مصادر لما ذكر من حجج وأسانيد ، وإنما يلزم تحديد مصدر الواقعة أو الدليل تحديدا كافيا نافيا للجهالة

وفضلا عن ذكر مصادر الأدلة يجب بيان دلالتها ومؤداها فإذا كانت المحكمة قد ذكرت أنها كونت اقتناعها من المستندات والمذكرات وتقرير الخبير المقدم في الدعوى فإن مجرد الإشارة إلى هذه العناصر دون بيان فحواها يعد قصورا مبطلا للحكم إذ لا يمكن منه تعيين الدليل الذى كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها

ويكفى أن يكون تسبب المحكمة فى هذا الصدد تسبيبا بالإحالة على النحو الذي سبق لنا تفصيله لدى الحديث عن أنواع التسبيب

ومن قضاء النقض في هذا الخصوص :

أنه إذا لم يبين الحكم المصدر الذي استقى منه ما انتهى إليه من عدم صلاحية عقار النزاع للاستعمال فى الغرض الذي وهب من أجله وفحوى الأوراق التي استخلص منها حصول تفاسخ ضمني لعقد الهبة ووجه دلالتها فى هذا الصدد فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب

نقض ١٩٨٦/٦/١٧ – الطعن ٥٥٨ لسنة سنة ٥٣ ق

وإن إقامة الحكم قضاءه على عدم استفادة المستأجر من امتداد العقد المفروش استنادا إلى جملة مصادر دون أن يبين ماهية ما استمده منها حتى يمكن لمحكمة النقض التحقق من ذلك ينطوي على قصور في التسبيب

نقض ١٩ / ١١ / ١٩٨٤ – الطعن ٤٨٦ لسنة ٥٣ ق

وإن عدم افصاح المحكمة عن المصدر الذي استظهرت منه ثبوت خطأ المتبوع وما إذا كان من التحقيقات الجنائية التى تمت أو من التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة يصم حكمها بالقصور

 نقض ٢٦ / ١٠ / ۱۹۷۸ – الطعن ٦٨٧ لسنة ٤٥ ق

وإن عدم بيان الحكم للمصدر الذي اعتمد عليه فى القول بأن أجرة الفدان الذي يزرع قطنا خمسون جنيها يعجز محكمة النقض عن التقرير بصحة أو عدم صحة ذلك ويجعله مشوبا بالقصور

نقض ۱۲/۷/ ۱۹۷۱ – الطعن ٥٦ لسنة ٣٧ ق

وإن اجازه الحكم اثبات الوقف – رغم الإنكار – بغير طريق الإشهاد الشرعي استنادا إلى أنه أنشئ فى تاريخ سابق على العمل بلائحة المحاكم الشرعية دون بيان ما يدل على ذلك وعدم افصاحه عن المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة يصمه بالقصور

 نقض ١٩٦٣/٣/٢٨ – الطعن ٣٤ لسنة ٣٨ ق

وانتهاء المحكمة إلى أن عدد عمال المنشأة يربو على خمسمائة رغم تمسك رب العمل بأنهم يقلون عن ذلك دون أن تبين المصدر الذي استقت منه هذا الذي أقامت عليه قضاءها – قصور

 نقض ١٩٦١/٥/٤ – الطعن ٢١٧ لسنة ٢٦ ق

واقتصار الحكم فى أسبابه على الإشارة إجمالا إلى أوراق الدعوى ومستنداتها باعتبارها المصدر الذي استقى منه تحقق حالة تكرار التأخير فى الوفاء بالأجرة دون أن يبين مؤدى هذه الأوراق والمستندات يعيبه بقصور في التسبيب

 نقض ١٩ / ١١ / ١٩٨٤ – الطعن ١٠٣١ لسنة ٤١ق

 وإنه إذا كانت محكمة الموضوع – بعد أن كيفت العلاقة بين طرفي النزاع بأنها علاقة عقدية قائمة على البيع – عادت فوصفت هذا البيع بأنه من نوع خاص ، وأسست ذلك على ما ذكرته من أنه قد اشترط فيه تحديد الربح بنسبة معينة ورتبت عليه أنه لم يلحق بالطاعن ضرر من جراء دفعه زيادة فى الثمن إذ لم تتأثر بذلك نسبة الربح المحددة دون أن يبين كيف تحصلت لها من الواقع تلك المقدمة التي رتبت عليها تلك النتيجة فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور

 نقض ١٩٥٨/١٢/١١ – الطعن ٣٧٨ لسنة ٢٤ ق

وأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى فى بيان خطأ المضرور بعبارة مجملة تتضمن أنه لم يكون حريصا في سيره دون أن يكشف عن مظاهر عدم الحرص هذا وعن الأعمال التي وقعت من المضرور واعتبرها الحكم عدم حرص منه ودون أن يبين المصدر الذي استمد منه هذه الواقعة أو يقيم الدليل عليها فإنه يكون مشوباً بالقصور

نقض ١٩٦٣/١٢/١٢ – الطعن ١٧ لسنة ٢٩ ق

وأن مسئولية الحكومة عن تعويض الأضرار التي تلحق الأفراد بسبب الاضطرابات والقلاقل لا تقوم إلا إذا ثبت أن القائمين على شئون الأمن قد امتنعوا عن القيام بواجبهم وقصروا في أدائه تقصيراً يمكن وصفه فى الظروف التي وقع فيها الحادث بأنه خطأ – فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بوقوع الخطأ في جانب وزارة الداخلية على أن رجال الأمن التابعين لها قد تهاونوا في العمل على تفريق المتظاهرين

وفي اتخاذ الاحتياطات لتفادى وقوع الاشتباك بينهم دون أن يبين الحكم مظهر هذا التهاون ويورد دليله عليه وبخاصة بعد أن سجل الحكم الابتدائى – الذي أيده الحكم المطعون فيه – في تقريراته أن رجال الشرطة قد تدخلوا إثر ثورة الجمهور على حكم لعبة الكرة لتفريق المتظاهرين

وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد حصول الاشتباك بين الجمهور ورجال الشرطة وزيادة الشغب نتيجة حتمية لتهاون رجال الأمن في أداء أعمال وظائفهم فإن الحكم يكون مشوبا بقصور يستوجب نقضه

 نقض ١٩٦٨/٣/٢١ – الطعن ٣٠٧ لسنة ٣٤ ق

وإن كان لمحكمة الموضوع الحق في تقرير أدلة الدعوى واستخلاص الواقع منها ، إلا أنه يتعين عليها أن تفصح عن مصادر الأدلة التي كونت منها عقيدتها وفحواها ، وأن يكون لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، ثم تنزل عليها تقديرها ، ويكون مؤديا للنتيجة التي خلصت إليها ، وذلك حتى يتأتى لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها على سداد الحكم ، وأن الأسباب التي أقيم عليها جاءت سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق

 نقض ١٩٩٥/١٢/١١ – الطعن ٤٢٧٢ لسنة ٦٤ ق

ثالثا : عدم الاطلاع على القرائن المقدمة في الدعوى :

من المقرر فى كل من الفقه والقضاء أن القرينة هي استنباط أمر مجهول من آخر معلوم، وأنها إما أن تكون قرائن قانونية تجرى بها نصوص في التشريع وإما أن تكون قرائن قضائية يستنبطها القاضى من ظروف الدعوى

ولقد استقر قضاء النقض على أنه

 وإن كان قاضى الموضوع يستقل بتقدير القرائن القضائية وإطراح ما يرى إطراحه منها ، وأنه غير ملزم بمناقشة كل قرينة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها إلا أن محل ذلك أن يكون قد اطلع على هذه القرائن  وأخضعها لتقديره فإذا كان منها ما هو مؤثر فى الدعوى فإنه يجب عليه أن يبين في حكمه ما يدل على أنه اطلع عليها وبحثها وخلص من تقديره لها إلى الرأى الذى انتهى إليه فإن لم يشر إلى هذه القرائن إلا إشارة عابرة تناول فيها بعض القرائن واكتفى بالرد عليها بأسباب

مجملة ليس فيها ما يدل على أن المحكمة بحثتها وقالت كلمتها فيها ، أو بان أن المحكمة لم تطلع عليها وبالتالي لم تبحثها فإن حكمها يكون قاصراً قصوراً يبطله

نقض ١٩٨٢/٢/٢٤ – الطعن ٨٥٢ لسنة ٤٧ ق ، ونقض ١٩٨١/٦/٢٥ – الطعن ٨٢٣ لسنة ٤٧ ق ونقض ١٩٧٧/٥/١٨ السنة ٢٨ ص ١٢٤٧ ، ونقض ٢٣ / ١١ ج ١٩٨٦٧ السنة ١٨ ص ١٩٥٩

 فإذا تمسك خصم بالصورية وساق للتدليل عليها عدة قرائن فلم يعرض الحكم لهذا الدفاع أو يرد عليه فإنه يكون قاصراً قصوراً يبطله ، ذلك لأن القول باستقلال محكمة الموضوع بتقدير القرائن القضائية وإطراح ما ترى إطراحه منها محله أن تكون قد أخضعت هذه القرائن لتقديرها ، فإذا بان من حكمها أنها أغفلتها ولم ترد عليها فإن حكمها يكون قاصرا

 نقض ٥/٢٨/ ۱۹۸۱ – الطعن ١٨٦ لسنة ٤٨ ق

رابعا : عدم بيان العناصر الواقعية المطابقة لمفترض القاعدة القانونية :

في فلسفة القانون يقال إن لكل قاعدة قانونية نموذج لا ينطبق إلا إذ توافرت شروط انطباقه وأن كل قاعدة قانونية تحتوى على وقائع نموذجية عامة ومجردة وإلى جانبها يوجد الحكم أو الأثر القانوني لهذه القاعدة ،

ويرتبط النموذج الواقعي بالأثر القانوني برابطة لا تقبل الانفصام بحيث لا يجوز إعمال هذا الأثر على غير تلك الوقائع ، ولكي تطبق القاعدة القانونية تطبيقا صحيحا يجب أن تكون المقارنة التي يقوم بها القاضي بين الواقع الذي يطرحه عليه الخصوم والنموذج الموجود في القاعدة القانونية ـ في الشق المتعلق بمفترضها – مقارنة صحيحة

 النظرية العامة للطعن بالنقض – د – نبيل عمر ص ١٩٤ ، ص ١٩٥
 فنص المادة ١٦٣ من القانون المدني على أن

كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض يشتمل على مجموعة من العناصر الواقعية – هي مفترض القاعدة القانونية – تتمثل في ضرورة أن يكون هناك فعل ضار – يوصف بأنه خطأ إيجابيا كان هذا الفعل أم سلبيا وأن يترتب على هذا الفعل ضرر ، وأن تكون هناك علاقة سببية . الخطأ بين والضرر ، وإلى جانب هذا المفترض العام المجرد فثم حكم أو أثر قانوني واجب الإعمال إذا ما تحقق المفترض هو القضاء بالتعويض

وبالتالي فإنه يتعين على القاضي حين يقضى بالتعويض في هذه الحالة أن يبين فى أسباب حكمه كافة أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما طالما كانت محل منازعة من الخصوم إذ المقرر أن القاضي غير ملزم كقاعدة عامة بالتعرض للنقاط التي ليست محل منازعة من الخصوم باعتبارهم أصحاب النزاع

وهم الذين يرون ما يرغبون في طرحه على القضاء محلا وسبيا ومالا يرغبون فكل ما يسكت عنه الخصوم يعده القاضي قائما وصحيحا ما لم يتعلق بالنظام العام .

فإذا أقر المدعى عليه فى المثال السابق بوقوع خطأ منه وبحدوث الضرر ولكنه نازع في قيام علاقة السببية بين خطئه وذلك الضرر فليس على القاضى أن يتناول فى أسباب حكمه هذين الركنين من أركان المسئولية وحسبه أن يذكر من العناصر الواقعية ما تتحقق أو تنتفى به علاقة السببية باعتبار أن هذه هي النقطة الحاسمة في النزاع .

ومن قضاء النقض في هذا الصدد :

إن القانون المدني الجديد استلزم البطلان تصرفات المجنون أو المعتوه الصادرة قبل تسجيل قرار الحجر أن تكون حالة الجنون أو العته شائعة أو أن يكون المتصرف إليه على بينة منها ، فإذا كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن التصرف الذي قضى ببطلانه قد صدر قبل تسجيل قرار الحجر ، وإذ اقتصر الحكم في تأسيس قضائه بذلك على مجرد ما قاله من ثبوت قيام حالة العته وقت صدوره دون أن يثبت أن هذه الحالة كانت شائعة أو أن المتصرف إليه كان على بينة منها ، فإنه يكون مخالفاً للقانون وقاصر التسبيب

نقض ١٩٦٥/١١/١١ – الطعن ٤٦٠ لسنة ٣٠ ق

 وأن حالة مرض الموت مشروطة شرعا بأن يكون المرض مما يغلب فيه الهلاك فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى فى اعتبار أن المورث كان مريضا مرض الموت وقت صدور التصرف المطعون فيه إذ قعد عن مزاولة أعماله خارج المنزل في الشهور الستة السابقة على وفاته دون بيان نوع المرض الذي انتاب المورث وتحقق غلبة الموت فيه وقت صدور التصرف المطعون فيه ، فإن ذلك الحكم يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تكييفه للمرض بأنه مرض موت

نقض ١٩٦٤/٤/٣٠ – الطعن ٤٤٩ لسنة ٢٩ ق

وأن قانون المحاماة ينص على أن يدخل فى تقدير الأتعاب أهمية الدعوى والجهد الذي بذله المحامى والنتيجة التي حققها ) وبيان هذه الأمور يكون من العناصر الجوهرية التي يجب على الحكم استظهارها عند القضاء بالأتعاب – وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يبين الأعمال التي قام بها المحامى وأهميتها وما بذله من جهد والنتيجة التي حققها فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب

نقض ۱۹۷۹/۲/۸ – الطعن ٢٥٧ لسنة ٤٢ ق

وأنه لا يكفى لتبرير قيام الفضالة  أن يكون ما يتصدى له الفضولي نافعا أو مفيداً بل لابد أن يكون ضروريا أي شأنا عاجلا ما كان رب العمل ليتوانى عن القيام به وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد سداد البنك المطعون ضده لباقي أقساط الأسهم كافيا لقيام الفضالة استناداً إلى أنه حال دون سريان فوائد التأخير كما منع بيع الأسهم دون أن يتحقق مما إذا كان السداد ضروريا أم لا فإنه يكون قد حجب نفسه عن استظهار أركان الفضالة ومن ثم يكون مشوبا بالقصور بما يتعين معه نقضه

 نقض ١٩٧٤/١/٢٨ – الطعن ٣٢١ لسنة ٣٨ ق

وأن الأصل في الحيازة أنها لصاحب اليد يستقل بها ظاهراً فيها بصفته صاحب الحق ، ويتعين عند ضم مدة حيازة السلف إلى مدة حيازة الخلف قيام رابطة قانونية بين الحيازتين . ولما كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على ضم مدة حيازة المطعون عليه إلى مدة حيازة سلفه ، ورتب على ذلك تقريره بأن المطعون عليه قد استكمل المدة اللازمة لتملك العقار موضوع النزاع بمضي المدة الطويلة المكسبة للملكية دون أن يبين الرابطة القانونية التى تجيز ضم مدة الحيازتين فإنه يكون مشوباً بالقصور

 نقض ۲۳ / ۱۲ / ۱۹۷۱ – الطعن 75 لسنة ٣٧ ق

وأنه ولئن كان وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق من أي مصدر يستقى القاضي منه دليله ولا محل لطرح ما تقرره محكمة الموضوع بشأنه على محكمة النقض ، إلا أنه يجب أن يعرض الحكم المثبت للتملك بالتقادم لشروط وضع اليد فيبين بما فيه الكفاية الوقائع التى تؤدى إلى توافرها بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها ، وإذ لم يرد بالحكم المطعون فيه ما يفيد تحقق هذه الشروط فإنه يكون مشوباً بالقصور

نقض ١٩٦٩/٦/١٠ – الطعن ٣٠٥ لسنة ٣٥ ق

وأن الحجز الذى ينقطع به التقادم هو الذي يوقعه الدائن ضد مدينه ليمنع به التقادم الذي يهدد دينه بالسقوط . وإذ كانت أوراق الدعوى خالية من أي دليل على توقيع حجوز من المطعون ضده ضد مدينه الطاعن فإن سكوت الحكم المطعون فيه عن بيان ما توقع من حجوز وتاريخها وأطرافها مما يعين على تحديد أثرها فى قطع التقادم الساري لمصلحة الطاعن ، يجعله قاصر البيان لما ينبى على هذا التجهيل من تعجيز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون

نقض ١٩٧٧/٣/٢٨ – الطعن ٤٣٨ لسنة ٤٣ ق

وأنه إذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر القضاء بالإزالة نتيجة مترتبة على القضاء بثبوت الملكية مع أن القضاء بها يكون طبقا لقواعد الالتصاق التي تفرق بين إقامة المنشآت على أرض الغير دون رضاء صاحبها ، وبين إقامتها على أرض يعتقد من اقامها بحسن نية أن له الحق فى ذلك .

ففي الحالة الأولى يكون لصاحب الأرض طلب الإزالة على نفقة من أقام المنشآت ، وفى الحالة الثانية لا يحق له طلب الإزالة ولكن يخير بين دفع قيمة المواد واجرة العمل أو دفع قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب المنشآت لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث حسن أو سوء نية الطاعنين فإنه يكون مشوباً بالقصور

 نقض ١٩٧٥/١٢/٨ – الطعن ٢٧٥ لسنة ٤١ ق

وأنه من المقرر قانوناً أن الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بفسخ عقد البيع موضوع النزاع وبرد ما دفعه المشترى من الثمن دون أن يبين ما إذا كان البائع المقضى ضده بالفسخ قد أخل بالتزامه الناشئ عن ذلك العقد إخلالا يستوجب الفسخ فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب

 نقض ١٩٧٥/۲/۲۲ – الطعن ١١٥ لسنة ٤٠ ق

وأنه يجب على الحكم الصادر بالإفلاس أن يبين الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس

نقض ١٩٩٨/٢/١٦ – الطعن ١٠٧ لسنة ٦٧ ق ، ونقض ١٩٩٥/١١/٢٧ – الطعن ١٩٥٤ لسنة ٦٤ ق

خامسا : عدم بيان السند القانوني للحكم :

من المقرر أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم بل هو واجب القاضى الذى عليه – ومن تلقاء نفسه – أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعة المطروحة عليه ، وأن ينزل هذا الحكم عليها أيا كان النص القانوني الذي استندوا إليه في تأييد طلباتهم أو دفاعهم أو دفوعهم في الدعوى

ومن المقرر كذلك أنه متى كان الحكم قد أصاب صحيح القانون في نتيجته فلا يبطله قصوره فى الإفصاح عن سنده القانوني ولمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك كما أن لها أن تعطى الوقائع الثابتة كيفها القانوني الصحيح مادامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها

كذلك فإنه لا يعيب الحكم عدم إفصاحه عن السند القانوني لما قضى به إذا لم يكن من شأن إغفال هذا السند تجهيل الأسباب طالما انتهى الحكم إلى نتيجة صحيحة في القانون

أما إذا أدى إغفال بيان السند القانوني للحكم إلى أن أصبحت أسبابه مجهلة أو مبهمة مما يعجز محكمة النقض عن أداء وظيفتها فى مراقبة تطبيق القانون ، فإنه يتعين أن تشتمل أسباب الحكم على بيان السند القانوني الذى اعتمد عليه في قضائه وإلا وقع مشوبا بقصور في التسبيب

ومما قضت به محكمة النقض في هذا الخصوص :

أنه إذا كان الحكم لم يبين سنده القانوني لما قضى به أو يورد النصوص القانونية التي طبقها على واقعة الدعوى أو يناقش الأساس الذي بنى عليه الحكم الابتدائي الذي قضى بإلغائه ، فإن هذا يكون من شأنه أن يجهل بالأساس الذي قام عليه الحكم المطعون فيه مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيقه لأحكام القانون ويكون مشوبا بقصور يبطله

 نقض ٣/٤/ ١٩٦٥ – الطعن ٢٩٦ لسنة ٣٠ ق

إذ قرر الحكم استحقاق المستأجر للمصروفات التي أنفقها على الزراعة القائمة في العين المؤجرة حتى تاريخ التسليم ، وقضى بإلزام المؤجر بها دون أن يبين الأساس القانوني لهذا الإلزام بل جاءت أسبابه فى هذا الخصوص مبهمة بحيث تعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيقه لأحكام القانون فإنه يكون معيباً بالقصور

 نقض ١٩٦٣/٥/٢ – الطعن ١٢٥ لسنة ٢٨ ق

 (۳) إذ أضفى الحكم الشخصية الاعتبارية على إدارة البعثات التعليمية السعودية دون أن يبين السند القانوني لما انتهى إليه وهو ما من شأنه أن يجهل بالأسباب التي أقام عليها قضاءه ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيقه لأحكام القانون فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور

نقض ۱۹۷۳/۱۲/۸ – الطعن ٢٢٥ لسنة ٣٨ ق

(٤) متى كان أحد الخصوم في الدعوى قد دفعها بأنه لا شأن له بالنزاع الدائر فيها فقضى الحكم فى منطوقه بإلزامه بمصروفات الدعوى دون أن يرد على دفاعه أو يكشف في أسبابه عن الأساس الذي استند إليه فى إلزامه بالمصروفات فإنه يكون مشوباً بالقصور

نقض ١٩٥٧/١٢/٢٦ – الطعن ٣٤٨ لسنة ٢٣ ق

المقرر في القانون أن الفوائد لا تكون مستحقة إلا من تاريخ المطالبة الرسمية ما لم يقض العقد أو العرف التجارى أو القانون بغير ذلك ، فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قضى بالفوائد من تاريخ الإنذار الرسمي دون بيان السند القانوني الذي استند إليه في قضائه بالفوائد من هذا التاريخ فإنه يكون قاصرا في التسبيب

نقض ١٩٦٦/٦/٢١ – الطعن ٢٩ لسنة ٣١ ق

الفوائد هي تعويض قانونى عن التأخير فى الوفاء بالالتزام بدفع مبلغ من النقود  مصدره عقد الوكالة التي ثبت قيامها بين الطرفين والتي تستحق من تاريخ المطالبة الرسمية عملا بنص المادة ٢٢٦ من القانون المدني التى تقرر حكماً عاما لاستحقاق فوائد التأخير عن الوفاء بالالتزام إذا كان محله مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به . وإذ رفض الحكم القضاء بهذه الفوائد دون أن يبين سبب الرفض ، فإنه يكون قاصر التسبيب بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص

نقض ۱۲/۲٤/ ۱۹۹۹ – الطعن ١١٢ لسنة ٣٥ ق

مدى سلطة محكمة النقض في استبدال الأسباب القانونية للحكم المطعون فيه بأخرى من عندها :

لا خلاف على أن لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم المطعون فيه في بيانه من سند قانوني لقضائه ، ولا على أن لهذه المحكمة أن تصحح ما قد يتردى فيه من خطأ في القانون طالما انتهى الحكم في قضائه إلى النتيجة الصحيحة

ولكن الخلاف يثور حول ما إذا كان لمحكمة النقض أن تستبدل الأسباب القانونية للحكم المطعون فيه كلية بأسباب قانونية أخرى تحمل قضاءه

ذهب رأى فى الفقه إلى

جواز ذلك شريطة أن تكون الأسباب البديلة قانونية صرف أي غير مختلطة بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع . وفيما يقولون تسوية بين الأسباب المتعلقة بالنظام العام والأسباب القانونية البحتة

ويري المستشار الجارحي نائب رئيس محكمة النقض

لا يجوز لمحكمة النقض أن تستبدل تماما الأسباب القانونية للحكم المطعون فيه بأخرى من عندها حتى ولو كانت قانونية صرف ، وبمعنى آخر ليس لمحكمة النقض أن تستعمل سلطتها لتصل إلى تطبيق للقانون مستقل عن تطبيق الحكم المطعون فيه بأن تضع حلا للمشكلة القانونية على نحو مخالف للحل الذي اعتمده هذا الحكم ولو كانت لم تمس مضمونه

الوسيط في قانون القضاء المدني للدكتور فتحي والى – طبعة ۱۹۸۰ ص ۸۱۹ هامش 2

وفي حديثنا عن السبب الجديد أمام محكمة النقض تعرضنا لهذه المسألة بتفصيل نكتفى بالإحالة إليه

سادساً إغفال الرد على الدفاع الجوهري :

التمييز بين الطلب ، والدفع ، ووجه الدفاع ، والحجة أو الدليل

 قبل التعرف على ماهية الدفاع الجوهري يجب أن نميز بينه وبين كل من الطلب والدفع والدليل أو الحجة والسند ، وبعيدا عما قيل من تعريفات لكل منها – وهي تعريفات متداخلة متشابكة – نرى أن :

  • الطلب : هو ادعاء بحق أو بمركز قانوني يطلب تقريره أو إنشاؤه بحكم من القضاء
  • الدفع : رد على الطلب يبتغى به الدافع تفادى الحكم للطالب بما يدعيه
  • وجه الدفاع : هو سبيل الانتصار لكل من الطلب والدفع .
  • الحجة :  فهي الدليل أو السند الذي يدعم وجه الدفاع طلباً كان أم دفعا

فبالطلب يعمل المدعى على استصدار حكم بإلزام المدعى عليه بما طلب ، وبدفاعه ينتصر لهذا الطلب ويحميه ، وبالحجة أو الدليل يؤيد هذا الطلب

وبالدفع يعمل المدعى عليه على تفادى الحكم عليه بالطلب ، وبدفاعه يسوق معاول هدم الطلب وتقويض دعائمه ، وبالحجة أو السند يقيم الدليل على صحة دفعه

 وبحكم ما للدفوع من أهمية بالغة في سير الخصومات فقد أفرد لها المشرع الفصل الأول من الباب السادس من الكتاب الأول من قانون المرافعات، وهي إما دفوع شكلية توجه إلى صحة الخصومة والإجراءات المكونة لها بغية إنهائها دون تصد الموضوع الحق المطالب به أو المركز القانوني المراد حمايته كالدفع بعدم الاختصاص

والدفع بالإحالة إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو للارتباط والدفع بالبطلان، والدفع بسقوط الحق في المطالبة القضائية أو بانقضائها بسبب من الأسباب التي يقررها القانون وأما دفوع بعدم القبول كالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من أو على غير ذي صفة أو لرفعها قبل الأوان وإما دفوع موضوعية تنصب على أصل الحق المرفوعة به الدعوى وتتضمن إنكار وجوده أو تحللا من الالتزام به وهذه لا تقع تحت حصر

وقد ذهب رأى في الفقه إلى

ضرورة اشتمال الحكم على كل ما يبدى من دفوع ، الجوهري منها وغير الجوهري ، أما عن أوجه الدفاع فيكفى اشتماله فقط على خلاصة موجزة لدفاعهم الجوهري ، أما غير الجوهري من الدفاع فلا تثريب على الحكم إذا لم يشر إليه أو يواجهه بأسباب خاصة وسندهم فيما ارتأوه أن الدفع يتصف دائماً بأنه جوهرى بخلاف أوجه الدفاع التي قد يغنى ذكر بعضها عن البعض الآخر أو ينطوى الرد على أحدها على معنى إطراح ما عداه

فإذا لم يشر الحكم مثلا إلى دفع بعدم قبول الدعوى أو بسقوط الحق فى المطالبة أو بانقضائها أو بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وجاءت أسبابه خلوا من الرد عليه والفصل فيه فإن الحكم يكون مشوباً بقصور يبطله ، بينما جرت بغير ذلك أحكام النقض حيث تطلبت في حالة عدم الإشارة إلى الدفع أو الرد عليه أن يكون جوهرياً من شأنه تغيير وجه الرأى في الدعوى

وقضت بأن إغفال الرد على الدفع لا يعد قصورا فى الأسباب طالما أن هذا الدفع يفتقر إلى سنده القانوني – بينما ذهبت بعض أحكامها إلى القول بأنه بحكم ما للدفوع من أهمية بارزة في سير الخصومات – أوجب المشرع على المحاكم إيراد خلاصة موجزة لها في إطلاق غير مقيد بوصف خلافا لما وصف به الدفاع من أن يكون جوهرياً على تقدير منه بتحقق هذا الوصف في الدفوع كافة

بخلاف أوجه الدفاع التي قد يغنى بعضها عن البعض الآخر أو ينطوى الرد على إحداها على معنى إطراح ما عداها ، ثم استلزم القانون السلامة الأحكام أن تورد الرد الكافي على تلك الدفوع وعلى الجوهري من أوجه الدفاع مرتبا البطلان جزاء على تقصيرها في ذلك

 نقض ١٧ / ١١ / ١٩٩٤ – الطعن ١٢٥٩ لسنة ٦٠ ق

والذي يعنينا التأكيد عليه في هذا الصدد أن ما كان جوهرياً من دفوع الخصوم ودفاعهم هو الذى يجب إيراده فى مدونات الحكم والرد عليه بأسباب خاصة

أما ما كان غير جوهرى من ذلك فلا على المحكمة إن هى التفتت عنه لكونه ظاهر الفساد ولا تستثنى من هذا الأصل سوى حالة واحدة هى أن تعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق الحكم المطعون فيه للقانون

فعندئذ تنقض الحكم لقصوره في التسبيب ومن ثم فإننا نميل إلى الرأى الأول لأنه ليس منطقياً أن ينقض حكم لإغفاله الرد على دفع يبين من أوراق الطعن أنه دفع ظاهر الفساد لتعود محكمة الإحالة وتقضى برفضه لافتقاره إلى موجبات قبوله لما ينطوى عليه ذلك من إهدار لمبدأ الاقتصاد في الإجراءات

قضت محكمة النقض بأن إغفال الحكم الرد على دفاع أو دفع لا يستند إلى أساس قانوني لا يعد قصورا

 نقض ۱/۱۱/ ۱۹۹۸ – الطعن ١٧٧ لسنة ٦٢ ق ، ونقض ۱۹۷۷/۲/۹ الطعن ٤٦٥٢ لسنة ٦١ ق

ماهية الدفاع الجوهري

القصور في التسبيب

المقرر في قضاء النقض أن الدفاع الجوهري الذى تلتزم محكمة الموضوع بمواجهته والرد عليه بأسباب خاصة هو الذي يقدم إليها تقديماً صحيحاً وأن يكون صريحاً واضحاً ومعيناً تعييناً كافياً ، وأن يكون جازماً ومقترناً بدليله أو مطلوباً من المحكمة تحقيقه وأهم من ذلك كله أن يكون من شأنه تغيير وجه الرأى فى الدعوى

وذلك على التفصيل التالي :

اولا : إن يقدم للمحكمة تقديماً صحيحاً

أي وفقاً للأوضاع المقررة فى القانون فيتعين أن يبدى قبل قفل باب المرافعة في الدعوى إما شفاهه في حضور الخصم ذي الشأن ، وإما في مذكرة تعلن لهذا الأخير ، وألا يكون قد تم النزول عنه صراحة أو ضمناً وأن يكون طلبا ختامياً

فللخصوم أن يقدموا طلباتهم وأوجه دفاعهم فى الشكل الذي يريدونه شفاهه أو كتابة ما لم يتطلب القانون أن يفرغ الطلب أو الدفع فى شكل معين كالحال بالنسبة للمقاصة القضائية فلا يجوز التمسك بها إلا بأحد طريقين إما أن يطلبها صاحب الشأن بدعوى أصلية

وإما أن يبديها في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى . الأصلية ، فإذا تم التمسك بها في صورة دفع للدعوى فلا على الحكم إن هو أغفل الرد على هذا الدفع

والنعي بتغيير الحقيقة فى المحررات الرسمية لا يجوز طرحه إلا بطريق الادعاء بالتزوير

ومتى تم إعلان الدعوى للخصم إعلاناً صحيحاً فلم يحضر هو أو محاميه جلسة المرافعة فليس له أن يعتصم بعدم سماع مرافعته الشفوية ، كذلك الحال إذا حضر ولم يبد رغبة في هذه المرافعة

وإذا كانت الدعوى قد انتهت المرافعة فيها ثم أجلت للنطق بالحكم من غير أن يصرح للخصوم بتقديم مذكرات فلا يجوز للمحكمة أن تقبل مذكرة من أي منهم ، ومن ثم فإن إبداء طلب أو دفع أو وجه دفاع فى هذه المذكرة لا يعتبر تقديماً صحيحاً ..

وإذا حجزت الدعوى للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أجل معين فإن باب المرافعة لا يعتبر مقفولا إلا بانتهاء هذا الأجل ، فإذا لم تقدم مذكرات وطلب أي من الخصوم مد أجل النطق بالحكم لتقديم مذكرة بدفاعه فهذه رخصة للمحكمة لها أن تستعملها والا تستعملها وليس فى رفضها لهذا الطلب إخلال بحق الدفاع

والتصريح بتقديم مذكرات لا يعنى التصريح بتقديم مستندات   لا يغير من ذلك تأشير محامى الخصم بما يفيد قبوله للمذكرة أو المستند المقدم بعد الميعاد وطلبه منحه مهلة للرد عليه ذلك أن إجابة هذا الطلب من إطلاقات المحكمة ولا يعاب عليها عدم الاستجابة إليه

وفى جميع الأحوال التي يصرح فيها بتقديم مذكرات أو مستندات فإنه يتعين إعلان الخصم بها ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل بدعوى أن العمل جرى على الإيداع فى ملف الدعوى دون إعلان إذ ليس من شأن هذا الادعاء – بافتراض صحته – أن يغير من قواعد وضعت لكفالة حق التقاضي وعدم تجهيل الخصومة على من كان طرفا فيها

يراعى أن المادة ۱۷۱ / ۲ مرافعات – بعد تعديلها بالقانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ – اجازت التصريح بمذكرات تودع قلم كتاب المحكمة
ومما قضت به محكمة النقض في هذا الشأن :

أنه متى كانت مذكرة الطاعن المقدمة في فترة حجز الدعوى للحكم ما كان مصرحاً له بتقديمها ، فإن المحكمة تكون قد استخدمت مطلق حقها عندما التفتت عن تلك المذكرة وحينما اعتبرت الدفع الذي تضمنته غير قائم أمامها وغير مطروح عليها ولا يكون هناك محل لنسبة القصور في التسبيب إلى الحكم لعدم رده على هذا الدفع

نقض ٢٦ / ٥ / ۱۹۷۰ – الطعن ٤٨٤ لسنة ٣٤ ق

 وأن شرط تقديم مستندات فى فترة حجز الدعوى للحكم هو أن تكون المحكمة قد صرحت بتقديمها واطلع الخصوم عليها ، وليس يكفى أن يكون الخصم أو وكيله قد أشر على المذكرة – غير المصرح بتقديمها – بما يفيد استلامه صورتها ، أو أن يكون قد أشار إلى فحوى المستندات

نقض ١٢/٢٦ / ١٩٨٥ – الطعن ٥٦٣ ، ٥۸۲ ، ٦٧٦ لسنة ٥٢ ق

وأنه إذا كان المشرع قد رأى حماية لحق الدفاع منع المحاكم من الاستماع اثناء المداولة – أي بعد قفل باب المرافعة في الدعوى وانتهاء الأجل المصرح فيه بتقديم مذكرات – لأحد الخصوم أو وكيله فى غيبة خصمه ومن قبول مذكرات أو مستندات من أحدهم دون إطلاع الخصم الآخر عليها ، ورتب على مخالفة ذلك البطلان ، وكانت المحكمة قد التفتت عما قدمته الطاعنة من مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم لم أصلا بتقديمها ولم يثبت إطلاع الخصم عليها فإنها تكون قد استعملت مطلق حقها ولا عليها إذا اعتبرت تلك المستندات غير مطروحة عليها ولا إلزام عليها بأن تشير إليها أو ترد عليها ، ومن ثم فإن النعي على حكمها بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس

نقض ۱/۱/ ۱۹۸۱ ـ الطعن ١٠٣٩ لسنة ٤٥ ق

وأنه إذ تبين من الرجوع إلى الأوراق أن الطاعن قد تمسك بدفاعه الوارد في وجه النعي في مذكرة قدمها خلال فترة حجز الدعوى للحكم غير أنه لم يؤشر عليها بما يفيد سبق إعلانها للمطعون عليها أو اطلاعها عليها ، ومن ثم فلا يجوز قبول هذه المذكرة ولا يسوغ الخروج على ذلك أن المحكمة قد أذنت للطاعن بإيداع مذكرته ملف الدعوى دون إعلان الخصم بها ، إذ ليس من شأن هذا أن يغير من قواعد وضعت كفالة لعدالة التقاضي وعدم تجهيل الخصومة على من كان طرفا فيها ، وبالتالي فإن إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع يكون موافقا للقانون ويكون النعي عليه بالقصور على غير أساس

١٩٧٥/١١/٤ ـ الطعن ٧٨ لسنة ٤١ ق

ولا يفوتنا في هذا المقام الإشارة إلى أنه :

يعتبر مطروحاً على محكمة الموضوع ما يرد في المذكرات التي قدمت بعد حجز الدعوى للحكم إذا ما قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لأنها تصبح في هذه الحالة من أوراق الدعوى التى يحق للخصوم الاطلاع عليها ومناقشة ما جاء فيها

يعتبر مطروحا على محكمة الدرجة الثانية الطلبات والدفوع وأوجه الدفاع الواردة في مذكرات قدمت إلى محكمة أول درجة وتم استبعادها ولو لم يتمسك بها صاحب الشأن مادام لم يثبت أنه تنازل عنها صراحة أو ضمناً ، ويسرى الحكم ذاته على ما تم استبعاده من مستندات لم تصرح محكمة الدرجة الأولى بتقديمها

إذا قدمت مستندات محررة بغير اللغة العربية ، فإن ذلك يوجب على المحكمة استبعادها ، أما إذا ترجمت هذه المستندات إلى اللغة العربية – ولو لم تكن الترجمة رسمية – فإنها تعد مطروحة على المحكمة طالما أن الخصوم لم يطعنوا على تلك الترجمة وإنما سلموا بصحتها صراحة أو ضمناً

كذلك فإنه لا يعتبر تقديما صحيحاً إيراد الطلب أو الدفع أو وجه الدفاع في عبارات جارحة أو مخالفة للنظام العام أو الآداب إذا أمرت المحكمة بمحوها إعمالا للسلطة المخولة لها بالمادة ۱۰٥ من قانون المرافعات

ثانياً : ان يكون صريحاً واضحاً :

فلابد لقبول الدفع أو وجه الدفاع أن يكون صريحاً يقرع سمع المحكمة ويستلفت انتباهها ويحدوها إلى مواجهته والرد عليه بأسباب خاصة

فإذا كان الطاعن قد اكتفى بتنبيه المحكمة إلى حقها في استجواب خصمه ولم يصمم على إجراء هذا الاستجواب في مذكراته فلا يصح له أن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه ضرب صفحا عن هذا الطلب

نقض ١٩٦٨/١/١١ – الطعن ٣٤١ لسنة ٣٤ ق

والطعن بالصورية الذى يجب على المحكمة بحثه والبت فيه يلزم أن يكون صريحاً في هذا المعنى ولا يفيده مجرد الطعن بالتواطؤ أو بالاحتيال لاختلاف الأمرين مدلولا وحكما ولا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن هذا الدفاع

نقض ۱۹۷۷/٥/٤ – الطعن ٢٠٦ لسنة ٤٣ ق

والطلب القضائي الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه هو الذي يقدمه الخصم في صيغة صريحة جازمة ابتغاء صدور حكم أو قرار فى الدعوى لحماية حق أو مركز قانوني يدعيه قبل خصمه ولا يعتبر من هذا القبيل ما يثيره الخصم من تقريرات أو أوجه دفاع لا يترتب عليها المطالبة بصدور حكم أو قرار بشأنها أو مؤسس عليها

 نقض ۱۹۸۱/۱۱/۱۲ – الطعن ١٣٣٩ لسنة ٤٨ ق

ولا على المحكمة إن هى التفتت عما أثاره الطاعن من أقوال مرسلة لا تنبئ عن تمسكه بأن إرادته كانت معيبة بسبب وقوعه تحت تأثير إكراه

نقض ١٩٧٨/٤/٢٥ – الطعن ٦٦٥ لسنة ٤٤ ق

ثالثاً : أن يكون معيناً

يلزم تعيين الدفع أو وجه الدفاع تعيينا تنتفى به كل جهالة ولا على المحكمة إذا هي التفتت عن قول مرسل أو مجهل أو مبهم ولم تعرض له إيراداً ولا رداً

ومن ثم فقد قضت محكمة النقض بأنه

 إذا كان ادعاء الطاعن باستغلال المطعون عليها لمورثه قد جاء مجهلا فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يعرض له ، ويكون النعي على الحكم بالقصور في التسبيب على غير أساس

ومما تلزم الإشارة إليه فى هذا الخصوص أن تعميم الطلب أو الدفع أو وجه الدفاع لا يعنى الغموض أو التجهيل وإنما يعنى أنه عرض بصيغة عامة شاملة تتسع له ولما يتفرع عنه أو يندرج فيه

رابعاً : أن يكون جازماً

يجب أن يكون ملحوظاً في إبداء كل من الدفع أو وجه الدفاع سمة الإصرار عليه والتمسك به فلا يجيء عرضاً أو بصيغة تفويض الأمر للمحكمة .

  • فلا يعتبر من قبيل الدفاع الجوهري ما يجيب به المدعى عليه على الطلب
  • بأنه يقبل ما سوف ينتهى إليه تقرير الخبير إذا رأت المحكمة ندب خبير فى الدعوى والأمر مفوض لها
  • أو ما يقوله من أن العقد المطلوب الحكم بصحته ونفاذه هذا عقد باطل
  • أو أنه نتاج غش وتواطؤ أو أنه اصطنع للإضرار به
  • أو أن المحكمة بما لها من واسع خبرة ودراية سوف تكشف زيفه ،
  • أو أنه وإن كان عقداً في الظاهر فما هو بعقد في الحقيقة والواقع

فهذه العبارات ونظائرها لا تحمل معنى الجزم والحسم والإصرار وإنما هي مشوبة بتردد وتخاذل ، ومن ثم لا يعيب الحكم عدم الإشارة إليها أو الرد عليها

 ومن قضاء النقض في هذا الصدد :

أنه متى كان يبين من مذكرة الطاعن التى طلب فى ختامها تأييد الحكم المستأنف أنه إنما أشار فيها إلى الدفوع التي تمسك بها أمام محكمة أول درجة على سبيل الحكاية لما كان من مراحل الدعوى حتى طرح النزاع على محكمة الدرجة الثانية ، ولم يجدد تمسكه بها أمامها بعد أن قضت محكمة أول درجة برفضها مما يعتبر تخليا عن التمسك بها أمام محكمة الاستئناف اكتفاء منه بالأسباب التي أقام عليها الحكم الاستئنافي قضاءه لمصلحته برفض الدعوى – فإنه لا يقبل منه النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور لإغفاله الرد على تلك الدفوع

نقض ٢/١٨/ ١٩٥٤ – الطعن ٢١٤ لسنة ٢١ ق

وأنه إذا كان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير بصفة جازمة وقصارى ما قاله أمام محكمة الموضوع أنه « في إمكان المحكمة والمادة تجارية أن تأمر بالإثبات ، فلا يقبل منه النعي على الحكم بالقصور

نقض ۱۲/۱۷/ ۱۹۷۰ – الطعن ٢٨٥ لسنة ٣٦ ق

وأن الطلب – وشأنه شأن وجه الدفاع – الذى تلتزم المحكمة بالرد عليه وبيان الطلب الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم رفضها له هو صاحبه عليه ، فإذا كان الطاعن لم يتمسك بطلباته المشار إليها بسبب النعي في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميمه عليها فإنه لا يصح له أن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه ضرب صفحاً عنها

نقض ١٩٧٧/١٢/١٤ – الطعن ٦٥٥ لسنة ٤٣ ق

وأن الطلب الجازم الذى تلتزم المحكمة بالرد عليه هو ما يبدى أمامها بصورة جازمة ، وإذ كان الطاعن قد أبدى طلبه بندب خبير بفحص الحساب على سبيل الاحتياط الكلى دون أن يبين الغاية من هذا الطلب بياناً واضحاً محدداً أو يصر عليه فإنه يكون غير جازم لا تلتزم المحكمة بالرد عليه ، ويكون النعي على الحكم على غير أساس

نقض ۱۹۷۷/۲/۲۸ – الطعن ٨٧٥ لسنة ٤٣ ق

وأنه إذا كان الطاعن قد اكتفى في دفاعه بالقول بأن الأوراق المقدمة منه « تعتبر في القليل مبدأ ثبوت بالكتابة يمكن تكملتها بالبينة » دون أن يطلب إحالة الدعوى للتحقيق بصورة صريحة جازمة فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على هذا الطلب

 (نقض ١٩٧٦/٥/٢٤ – الطعن ٥٤٧ لسنة ٤٢ ق

وبالبناء على ما تقدم فقد استقر قضاء محكمة النقض على أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ، ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ، ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغير وجه الرأى فى الحكم – يجب على المحكمة أن تجيب عنه بأسباب خاصة ، وإلا اعتبر حكمها خاليا من الأسباب متعينا نقضه

نقض ١٩٩٨/٢/٢ – الطعن ٢٢٣٩ لسنة ٦٠ ق ، ونقض ١٩٩٧/١٢/٢٢ ـ الطعن ١٣٩٧ لسنة ٦٠ ق

خامساً : أن يكون مقترناً بدليله او مطلوباً من المحكمة تحقيقه

فالطلب – وشأنه شأن الدفع أو وجه الدفاع – إذا كان عارياً عن دليله فإنه لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً على المحكمة إن هى التفتت عنه ولم تواجهه أو ترد عليه . ويتساوى مع انعدام الدليل أن يؤيد الدفاع بدليل غير مقبول كطلب إثبات عكس الثابت كتابة بغير كتابة وطلب ضم مستندات سرية لا يجوز تداولها أو الاطلاع عليها لغير من يحددهم المشرع

ومن قضاء النقض في هذه المسألة :

أنه إذ كان الثابت من الحكم أن الطاعن وإن تمسك في صحيفة الاستئناف بالدفاع الوارد بسبب النعي إلا أنه لم يقدم دليلا عليه فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن الرد على هذا الدفاع الذى لم يقم عليه دليل ويكون النعي عليه بالقصور في غير محله

نقض ١٩٨١/٤/٣٠ – الطعن ٣٥٠ لسنة ٤٨ ق

وأنه إذا كان البين من الأوراق أن الطاعنة قصرت دفاعها على مجرد القول بأنها تمسك دفاتر تجارية منتظمة تركن إليها في تصفية حسابها دون أن تقدمها إلى الخبير أو أمام المحكمة فلا على المحكمة إن هى التفتت عن دفاع الطاعنة العاري عن الدليل

نقض ١٢/ ١٢ / ١٩٧٤ – الطعن ٥٠٠ لسنة ٣٦ ق

وأنه لا على الحكم إن هو التفت عن الدفاع العاري عن الدليل

نقض ٢٦ / ١ / ۱۹۸۱ – الطعن ١٦٠ لسنة ٤٧ ق

وأنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على الدفاع لم يثبت صحته ، والنعي على حكمها بالقصور لإغفال الرد عليه غير مقبول

 نقض ۱۹۸۲/۲/۱۳ – الطعن ٦٦٩ لسنة ٤٦ ق

وأنه إذا كان الحكم قد سجل على الطاعنين عجزهم عن إثبات أن تخزين الأرز موضوع الخصومة كان على ضوء أحكام القانون أمراً محظوراً على مورثهم وفيه حماية له من الوفاء العيني ، وكان الطاعنون وهم المكلفون بتقديم هذا الإثبات لم يدعوا في طعنهم أنهم قدموا لمحكمة الموضوع أي دليل فى هذا الخصوص ، فإنه يكون غير صحيح ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه على الحكم من قصور

نقض ١٩٥٨/١٢/٤ – الطعن ١٨٢ لسنة ٢٤ ق

طلب الخصم تمكينه من إقامة الدليل على ما يدعيه

قلنا إنه مما يشترط في الدفاع الجوهري الذى تلتزم محكمة الموضوع بإيراده والرد عليه أن يكون مقترناً بدليله أو أن يطلب الخصم المتمسك به من المحكمة تمكينه من إثباته

و بديهي أن هذا الطلب الأخير لا يكون جائز القبول إلا إذا كان هو الوسيلة الوحيدة للخصم في إثبات مدعاه فإذا ما تبين أن فى مكنته هو – دون الاستعانة بالمحكمة – إقامة الدليل على ما يدعيه ولم يقدمه فإن دفاعه يكون عارياً عن دليله ولا يعيب الحكم التفاته عنه

تساؤل عن الاخلال بحق الدفاع والرد القاصر

القصور في التسبيب

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو مدى صحة الحكم الذي يرفض إجابة ذلك الطلب ، فإذا أبدى الخصم دفعاً أو وجه دفاع وطلب إلى المحكمة – تمكيناً له من إثباته – إحالة الدعوى إلى التحقيق ، أو ندب خبير فيها ، أو أن تنتقل للمعاينة ، أو تلزم خصمه بتقديم مستند تحت يده فالتفتت المحكمة عن الإشارة إلى هذا الدفاع في مدونات حكمها أو أوردته ولم ترد عليه أو ردت عليه رداً قاصراً عن مواجهته . هل ينقض الحكم للإخلال بحق الدفاع ؟

ورأينا في هذه المسألة أنه إذا توافرت الشروط اللازمة لاعتبار الدفاع دفاعاً جوهرياً بأن قدم للمحكمة تقديماً صحيحاً وكان صريحاً واضحاً ومعنياً تعييناً كافياً ،

ومن شأنه تغيير وجه الرأى فى الدعوى وآثاره الخصم صاحب مصلحة فى التمسك به ، وكان متعلقاً بموضوع النزاع منتجاً فيه له سند صحيح في القانون فإن واجب المحكمة يقتضيها أن تشير إليه وأن تواجهه بأسباب خاصة تصلح رداً عليه فإن لم تفعل كان حكمها – فضلا عن إخلاله بحق الدفاع مشوباً بقصور يبطله طالما كان طلب التمكين من إثبات ذلك الدفاع هو السبيل الوحيد أمام المتمسك به لإثبات ما يدعيه ،

 ذلك أنه وإن كان تحقيق الدعوى هو من سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك رهين بأن يكون فيما قدم إليها ما يكفي لإقناعها بما انتهت إليه من عدم قيام الدليل على صحة الواقعة المطلوب إثباتها وأن تكون قد وجدت فى أوراق الدعوى من الأدلة ما يكفى لتكوين عقيدتها

أو تبينت لأسباب سائغة أن القصد من طلب الإثبات هو تعطيل الفصل في الدعوى ، أو أن إجابة هذا الطلب غير منتجة حتى مع التسليم بصحة الوقائع المطلوب إثباتها ، والأمر ليس كذلك بالنسبة لما يعتبر من قبيل الدفاع الجوهري الذى يكون من شأنه إذا صح تغيير وجه الرأى في الدعوى وهو ما لا يتأتى إلا إذا كان منتجاً في النزاع كما قلنا

 وبالبناء على ما تقدم قضت محكمة النقض بان :

متى كان المدعى عليه بالتزوير قد طلب إلى محكمة الموضوع إجراء مضاهاة بين خط الورقة المطعون فيها بالتزوير وبين خط خصم آخر في إيصالات قدمها وقال إنه تسلمها من هذا الخصم باعتباره وكيلاً عن الطاعن بالتزوير، فلم تستجب المحكمة إلى طلب المضاهاة ولم ترد عليه فى حكمها فإن الحكم يكون قد أغفل دفاعاً جوهرياً من شأنه فيما لو ثبت أن الورقة محررة بخط ذلك الخصم أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه بقصور يبطله

نقض ١٩٥٦/١/١٢ – الطعن ١٨٢ لسنة ٢٢ ق

إذا كان الواهب قد قبل الهبة التي صدرت منه لأحد أولاده بصفته ولياً طبيعياً عليه وتمسك الموهوب له أمام محكمة الموضوع بأن عقد الهبة قد تنفذ واستلم الشيء الموهوب ووضع اليد عليه وانتفع به بإقرار ورضاء جميع الورثة وطلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات ذلك ، فأبطل الحكم الهبة  لبطلان قبولها على سند من أن الموهوب له كان في وقت القبول بالغاً سن الرشد ، ولم يأبه لدفاعه وأغفل التعرض له مع أنه دفاع جوهرى يحتمل معه – فيما لو ثبت – أن يتغير وجه الحكم في الدعوى فإن ذلك يعتبر قصوراً في التسبيب يعيب الحكم

نقض ١٩٥٧/١١/٢١ – الطعن ٣٥٥ لسنة ٢٣ ق

متى كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه تعاقد مع المطعون ضدها على شراء الفحم الرجوع المتخلف من استعمال الفحم الإنجليزي ، وأنها استعملت أخشاباً وكسباً تخلف عنهما تراب لا فحم رجوع فاختلف بذلك محل العقد وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فلم يعرض الحكم لهذا الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور

نقض ١٩٥٨/٣/٢٠ ـ الطعن ٧٩ لسنة ٢٤ ق

إذا كان طلب التحقيق بواسطة أرباب الخبرة جائزاً قانوناً وكان هذا التحقيق هو الوسيلة الوحيدة للخصم فى إثبات مدعاه فلا يجوز للمحكمة رفضه بلا سبب مقبول

نقض ١٩٣٦/١/٥ – الطعن ٢٨ لسنة ه ق

 إعراض الحكم عن تحقيق دفاع الخصم بندب خبير دون سبب مقبول هو مصادرة لحقه في وسيلته الوحيدة في الإثبات وهو دفاع جوهرى قد يتغير بعد تحقيقه وجه الرأي في الدعوى مما يضحي معه الحكم مشوباً بالقصور

نقض ١/٤ / ١٩٨١ – الطعن ٣٠١ لسنة ٤٦ ق

لما كانت محكمة الاستئناف لم تعرض لطلب العامل تكليف هيئة التأمينات الاجتماعية بتقديم ملف رب العمل لديها ، وكان هذا الطلب من إجراءات الإثبات ويتعين على المحكمة إذا قدم لها أن تقبله أو ترفضه حسب تقديرها لدلائله ومبرراته ، فإنها إذا أغفلته ولم ترد عليه يكون حكمها مشوباً بالقصور

 نقض ١٩٧٢/٥/١٣ – السنة ٢٣ ص ٨٩٤

إذا كان الثابت أن الطاعن ركن إلى ملف الضرائب للتدليل على ما بذله من جهد في سبيل أداء مأموريته وعاب على تقرير الخبير المقدم قصوره فى البحث بسبب عدم الاطلاع على الملف المذكور ، وكان هذا الاطلاع هو وسيلة الطاعن الوحيدة لإثبات دعواه فقد كان على المحكمة الانتقال إلى مصلحة الضرائب والاطلاع على الملف وإذ هي لم تقم بهذا الإجراء فإن حكمها يكون قد عابة قصور يستوجب نقضه

نقض ١٩٧٨/٦/٢٧ – السنة ٢٩ ص ١٥٦١

إذا استند الخصم إلى مستندات لها دلالة معينة ، وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لتأكيد هذه الدلالة ، وجب على المحكمة أن تعرض لهذا الطلب ، وإلا كان حكمها قاصرا

نقض ۱۹۹۷/۱۲/۲۹ – الطعن ١٤٩ لسنة ٦٧ ق

سادساً : ان يكون من شانه تغيير وجه الرأى في الدعوى :

أهم ما يتميز به الدفع والدفاع الجوهري هو أن يكون مما يتغير به وجه الرأى في الدعوى . وهو لا يكون كذلك إلا إذا كانت لمن أثاره مصلحة فى التمسك به ، وكان متعلقاً بموضوع الدعوى ، صحيحاً له سند من القانون منتجاً في النزاع أما عن المصلحة فالمقرر أنها شرط لقبول كل من الدفع ووجه الدفاع كما هي شرط لقبول الدعوى والطعن ، ومن ثم فإنه يتعين على من يتمسك بدفع أو بوجه دفاع أن يبين وجه المصلحة التي تعود عليه من إثارته

وبالتالي فإنه لا شأن للطاعن في الطعن على الحكم لقصوره في الرد على ما أبداه خصمه من طلبات أو دفوع ، أو أوجه دفاع بفرض تحقق هذا القصور

وأما عن تعلق ذلك بموضوع الدعوى فمؤداه أن يكون الفصل فى الدفع أو وجه الدفاع لازماً للفصل في الواقعة الأساسية التي رفعت بها الدعوى ، فإذا انعدمت الصلة بينهما فلا تثريب على المحكمة إذا هي التفتت عنه وأما عن كونه صحيحاً له سند من القانون

 فالمقرر في قضاء النقض أن :

القصور الذي يعيب الحكم هو ما يرد فى أسبابه الواقعية ولا يعيبه التفاته عن دفاع لا سند له فى القانون مادام قد انتهى إلى النتيجة التي تتفق وصحيح القانون

 نقض ۱۹۸۲/۳/۷ – الطعن ١٥١ لسنة ٤٧ ق

إذا كان الدفاع الوارد بسبب النعي لا يستند على أساس قانونى صحيح فلا على المحكمة إن هي أغفلت الرد عليه

 نقض ١٩٨٢/٢/٤ – الطعن ٩٢٣ لسنة ٤٩ ق

من المقرر أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضى بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب فى كل من الدعويين فضلاً عن وحدة الخصوم . ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن القضية السابق الفصل فيها تختلف في موضوعها وسببها عن موضوع وسبب الدعوى الحالية

فإن التمسك بحجية الحكم السابق يضحى بلا سند قانوني صحيح فلا يعد دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأى في الدعوى طالما أنه ليست له هذه الحجية، ومن ثم فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لا يعيبه بالقصور

 نقض ١٩٧٩/٥/٢ – الطعن ٦٤٣ لسنة ٤٨ ق

رفع الدعوى بطلب إخلاء المستأجر من أحد ورثة المؤجر دون اعتراض من الباقين يحمل على اعتباره وكيلاً عنهم في إقامتها ، وهو ما يكفي بذاته لاكتمال صفته ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة غير وارد ، ولما كان الدفاع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه والرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي يكون من شأنه لو صح تغير وجه الرأى فى الدعوى فلا يعيب الحكم عدم الرد على الدفع المشار إليه

نقض ١٩٧٨/٦/٢١ – الطعن ٥٧٠ لسنة ٤٤ ق

لا يعيب الحكم إغفاله الرد على الدفع بعدم  الاختصاص الولائى إذا كان لا يستند إلى أساس صحيح في القانون

نقض ١٩٨١/١/٥ – الطعن ١٨٤٩ لسنة ٤٩ ق

وأما عن شرط أن يكون الدفع أو وجه الدفاع منتجاً فى النزاع فمقتضاه أن يكون له من الأثر ما قد يغير وجه الرأى فى الدعوى فإذا انعدم مثل هذا الأثر فلا تثريب على المحكمة إذا هي لم تورده أو لم ترد عليه

نقض ١٩٨١/١١/١١ ـ الطعن ١٣٣ لسنة ٤٧ ق

وقد قضت محكمة النقض بأن إغفال الحكم الرد على دفاع غير منتج في الدعوى لا يعيبه بالقصور فإذا كان الحكم لم يعول فى إثبات الأجرة على الإيصال المنسوب إلى المورث فإن إنكار الطاعن صدور الإيصال عن مورثه يضحى دفاعاً غير منتج كما قضت بأن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفى دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانونا ، هو حق له يتعين على محكمة الموضوع إجابته إليه متى كانت هذه الوسيلة منتجة فى النزاع ، ولم يكن فى أوراق الدعوى والأدلة الأخرى المطروحة عليها ما يكفى لتكوين عقيدتها فيه

نقض ١٩٩٣/١٢/٥ – الطعن ٨٢٢ لسنة ٥٩ ق

ما لا يصلح رداً على الدفاع الجوهري

القصور في التسبيب

إذا كان القانون قد أوجب على القاضي أن يضمن حكمه رداً على الجوهري من دفاع الخصوم ، ورتب البطلان على إغفال ذلك فإنه مما يعدل غياب الرد غياباً كلياً ويتساوى معه في النتيجة أن يكون الرد :

(1) غير كاف  :

أي قاصراً عن مواجهة ما يثار من دفاع بما يدحضه وينفى عنه سمة التأثير فى الدعوى وتغيير وجه الرأى فيها

 ( ۲ ) غير سائغ :

أي غير مقبول فى العقل والمنطق .

مواجهة الدفاع إذن بما لا يصلح رداً عليه يجعل الحكم وكأنه خال من الرد مما يعيبه بالقصور ويوجب نقضه .

ومن أمثلة ذلك ما قضت به محكمة النقض من أن

إذا تمسك الخصوم بأنه لم يكن بوسعهم الالتجاء للقضاء للمطالبة بحقوقهم لأن الظروف السياسية التي كانت تسود البلاد، وما تتبعه السلطات من أساليب قهر .. لم تكن تسمح لهم برفع دعوى يتمسكون فيها بعدم دستورية القانون رقم ….

فإن اكتفاء الحكم رداً على هذا الدفاع بالقول بأن حق التقاضي من الحقوق المباحة التي كفلتها الدساتير المتعاقبة ، فى حين أن قيام هذا الحق لا يحول دون قيام المانع الذي يقف به سريان التقادم متى تعذر على الدائن المطالبة بحقه ، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، وشابه قصور يبطله

نقض ١٩٩٣/٢/١٦ – الطعن ٢١٣ لسنة ٥٨ ق
ومما تلزم الإشارة إليه في هذا الخصوص :

أن القاضى غير ملزم باتباع ترتيب معين في بحث وجوه الدفاع التي يطرحها عليه الخصوم فلا تثريب عليه إن هو سلك فى البحث طريقاً دون آخر للوصول إلى النتيجة التي انتهى إليها متى كان قضاؤه مقاماً على أسباب كافية لحمله

نقض ٢٠ / ٤ / ١٩٥٠ – الطعن ١١١ لسنة ١٨ ق

متى أخذ القاضى بخطة معينة يجعلها القانون تحت تصرفه ومشيئته فلا يطلب منه بيان الأسباب . إذ الأسباب التي يجب على القاضى بيانها هى العناصر الواقعية في الدعوى

نقض ١٩٣٥/٥/١٦ – الطعن ١٠٥ لسنة ٤ ق

إن المحكمة غير مكلفة بتتبع الخصوم في مختلف اقوالهم وحججهم وبالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ، مادامت الحقيقة التي اقتنعت بها ، وأوردت دليلها –  فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال أو الحجج ، وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم سائغة ، ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها

الإخلال بحق الدفاع

يترتب على إغفال الحكم الرد على دفع أو دفاع جوهرى بطلانه فكل طلب أو دفع أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغير وجه الرأى فى الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه في أسباب الحكم وإلا كان باطلا لخلوه جزئيا من التسبيب ، ولإخلاله محق الدفاع .

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بانه
 يعتبر إخلالاً بحق الدفاع :
  1. عدم تمكين الخصم من الاستماع إلى مرافعته الشفوية ، إذ من المبادئ الأصولية في النظام القضائي أن المرافعة قد تكون شفوية أو كتابية
  2. حجز محكمة الاستئناف الدعوى للحكم فى طلب وقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم المستأنف ثم قضاؤها فى موضوع الاستئناف
  3. إغفال ما تمسك به المسئول فى إسهام المضرور في إحداث الضرر إغفال ما تمسك به المحكوم عليه من أن وصف المبيع في العقد ، وعدم الإشارة إلى نصيب كل بائع ، يدل على أن المبيع كان – فى قصد المتعاقدين – غير قابل للتجزئة إغفال ما تمسك به المشفوع ضده من أن العقار المشفوع فيه قدم ليكون عنصراً من عناصر تكوين شركة للإنتاج الزراعي فضلاً عن عدم وجود ارتفاقات متبادلة بين العقارين
  4. إغفال الدفع بصورية عقد البيع موضوع النزاع رغم عدم التنازل عن هذا الدفع أمام محكمة الاستئناف
  5. إغفال دفاع الوارث بأن تصرف مورثه كان فى مرض الموت وعلى سبيل التبرع . إغفال تمسك الخصم بتعاقده مع صاحب المركز الظاهر بحسبانه واضع اليد على عقار النزاع دون أن يتحقق من شروط الوضع الظاهر إغفال تمسك المشترى بأنه يمتنع على مشتر آخر للمبيع ذاته من نفس البائع أن ينتزع المبيع من تحت يده لعدم تسجيله عقد شرائه

الوجه الثاني : عدم القيام بواجب البحث والتمحيص :

 يجب أن يكون فى أسباب الحكم ذاتها ما يدل على أن القاضى فحص الأدلة التي طرحت عليه فحصاً دقيقاً وفند وجوه الدفاع الجوهرية وأوفاها ما تفتضيه من عناية وسلك في سبيل ذلك كل الوسائل الموصلة إلى الكشف عن أنه فهم واقع الدعوى فهماً صحيحاً مستمداً من أصول ثابتة في الأوراق .

وقد جرى قضاء النقض بأن الأحكام يجب أن تبنى على أسباب تطمئن المطلع عليها إلى أن القاضى بحث الأدلة التي طرحت عليه بحثاً دقيقاً وحصل منها ما تؤدى إليه وبذل في ذلك كل الوسائل التي من شأنها أن توصله إلى ما رأى أنه الواقع

ويشتمل هذا الوجه من أوجه القصور في التسبيب على أمرين :

 أولهما : أن لا يبين من الحكم أن المحكمة قد استنفدت كل سلطة لها في تحقيق الدعوى ولم تدخر وسعاً في التحقق من مدى صحة ما طرح عليها من وقائع مادية ، وأنها عكفت على دراسة الأدلة والحجج والأسانيد التي ساقها الخصوم تأييداً لطلباتهم أو دفوعهم أو لدفاعهم الجوهري

 وثانيهما : ألا يبين أن المحكمة بحثت المستندات الهامة ذات الأثر في الدعوى وأحاطت بها إحاطة تامة ، ولم تغفل مناقشتها والرد عليها اولا : عدم استنفاد المحكمة كل سلطة لها في التحقيق ، وفي فحص الأدلة المقدمة في الدعوى .

كل حكم لا يبين منه أن المحكمة استنفدت كل مالها من سلطة التحقيق بلوغاً إلى وجه الحق في الدعوى هو حكم قاصر التسبيب فالحكم الذي يقيم قضاءه برفض الطلب أو الدفع على عجز الخبير عن الاطلاع على المستندات حكم معيب بالقصور ذلك أن عجز الخبير لا يمنع المحكمة من استنفاد سلطتها في التحقيق لكشف الواقع في الدعوى

نقض ١٩٨١/٢/٩ ـ الطعن ١٢٢١ لسنة ٤٧ ق

والحكم الذى لا يتيقن من صدور موافقة الجهة المنشئة للمسكن الشعبي أو المشرفة عليه على إجراء تعديل أو إضافة فيه حال لزوم هذه الموافقة طبقاً لأحكام القانون هو حكم

نقض ١٩٨٤/٤/٩ – الطعن ٢٢٥٦ لسنة ٥١ ق

قاصر التسبيب وعدم أخذ المحكمة بتقدير مأمورية الضرائب لأرباح الممول ورأس ماله الحقيقي المستثمر وندبها خبير لفحص هذا التقدير لا يجيز لها – بعد عجز الممول عن دفع الأمانة وعدم مباشرة الخبير لمأموريته – أن تعود فتسلم بصحة ذلك التقدير وتأخذ به جملة دون أن تبحث العناصر والأسس التي بني عليها

ذلك أنه يتعين عليها أن تقوم بفحص المستندات المقدمة فى الدعوى لتتبين مدى صحتها وتراجع تقدير المأمورية وتثبت نتيجة ما انتهت إليه في حكمها حتى يطمئن المطلع عليه إلى أنها قد فحصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدى إليه وبذلت فى هذا السبيل كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى أنه الواقع

فإذا التفتت المحكمة عن كل ذلك وسلمت بكل ما ادعته مصلحة الضرائب دون تمحيص واتخذته حجة على الممول مع أنه ينازع المصلحة في هذا الادعاء .. واكتفت بالقول بأنه لم يقدم أي دليل يناهض ما ذهبت إليه المصلحة في تقديرها دون أن تستنفد كل مالها من سلطة التحقيق للتوصل إلى كشف الواقع في الدعوى فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور .

نقض ١٩٧٢/٢/٩ – الطعن ٦١ لسنة ٣٤ ق

 وإذا كان الحكم بعد أن استعرض الأدلة والقرائن التي تمسك بها الخصم تأييداً لدفاعه قد رد عليها رداً مثبتاً عدم درس الأوراق المقدمة لتأييد الدفع ، فإنه لا يكون مسبباً التسبيب الذى يتطلبه القانون ويكون باطلاً متعيناً نقضه

نقض ١٩٤٢/١٢/١٠ – الطعن ٢٩ لسنة ١٢ ق

ومتى كان لا يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد التفتت لدفاع الطاعنين بما يقتضيه ، أو أنها فحصته واطلعت على الدليل الذى استندوا إليه فيه فإن الحكم يكون معيباً بالقصور ) وإذا كانت محكمة الاستئناف قد وجدت أن تقرير الخبير الذي ندبته المحكمة ، فضلاً عن مناقضته لتقريرين آخرين فيه قصور فأمرت الخبير باستكمال الابتدائية

نقض ١٦ / ١ / ١٩٦٤ – الطعن ١٤٠ لسنة ٢٩ ق

النقص حتى تتوافر لديها العناصر اللازمة بما يتفق مع حقيقة الواقعة ، فإنه يكون من الواجب عليها إذا هي رجعت عن رأيها في استكمال هذا التقرير وأخذت به وأسست حكمها عليه أن تعين الأسباب التى جعلتها تكتفى به ، فإذا هي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور

نقض ١٩٤٢/٣/١٢ – الطعن ٥٠ لسنة ١١ ق

 تعدد اسباب الدعوى

القصور في التسبيب

ومما يتصل بهذه الصورة من صور القصور في التسبيب أن تتعدد الأسباب التي تقام عليها الدعوى ، فإذا رأت المحكمة أن أحد هذه الأسباب لا يصلح سنداً لإجابة المدعى إلى طلبه

فإن واجبها يقتضيها أن تتصدى لفحص باقى الأسباب وتمحيصها وقوفاً على ما إذا كان المدعى محقاً في دعواه – بناء على سبب منها – فتجيبه إلى ما طلب أم مبطلاً فيها فترفضها

فإذا اكتفت بفحص أحد تلك الأسباب أو بعضها دون البعض الآخر وقضت بناء عليه برفض الدعوى ، فإن حكمها يكون مشوباً بقصور يبطله

من تطبيقات قضاء النقض في هذا الخصوص :

إذا ما أقيمت الدعوى بإخلاء العين المؤجرة على أن المستأجر تأخر في الوفاء بالأجرة وأساء استعمال المأجور وقام بتأجيره من باطنه دون إذن من المؤجر ، فتبينت المحكمة من فحص السبب الأول أنه غير صحيح، فإن عليها أن تمضى فى فحص السبب الثاني فإذا اتضح أنه في غير محله انصرفت إلى تمحيص السبب الثالث بلوغاً إلى وجه الحق في الدعوى .

وإذا أقيمت دعوى التطليق على سببين :

أولهما : جنون الزوج

 وثانيهما : إضراره بزوجته إضراراً لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما

 وقضى الحكم برفض الدعوى مكتفياً ببحث ما ادعته الزوجة من جنون الزوج دون أن يعرض لما ادعته من إضراره بها ، فإنه يكون قاصراً بما يوجب نقضه

وإذا تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن البائع للمطعون ضده لا يملك ما باعه ، وأنه وأسلافه قد وضعوا اليد على العقار محل النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ اقتصر – في خصوص الرد على دفاع الطاعن . على القول بوجود عقد مسجل صادر للمطعون ضده وبأن ومدة وضع يد الطاعن لا تكفى لاكتساب الملكية بالتقادم دون أن يحقق وضع يد أسلافه ومدته يكون مشوباً بالقصور .

كذلك فإن الحكم الاستئنافي يكون مشوباً بقصور في التسبيب إذا ما ألغى الحكم الابتدائى الذى يقوم على دعامتين مختلفتين تستقل كل منهما عن الأخرى ، واكتفى بالرد على إحداهما دون أن يعرض لبحث الدعامة الأخرى حالة كونها دعامة جوهرية تصلح وحدها – إذا صحت لحمل قضاء الحكم المستأنف

تخلى محكمة الاستئناف عن إعمال رقابتها الموضوعية على الحكم المستأنف المقرر فى قضاء النقض أن وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع – في حدود طلبات المستأنف – إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء .

فليس لمحكمة الاستئناف

  • أن تجعل محكمة الدرجة الأولى تنفرد بفهم واقع الدعوى
  • أو بتقدير الأدلة فيها
  • أو باستنباط القرائن وتقديرها
  • أو بتقدير قيام العرف والعادات التجارية
  • أو بتقدير عيوب الرضا أو الحادث الطارئ وقيام القوة القاهرة 
  • أو بتكييف العقد أو بتفسيره 
  • أو بتقدير الخطأ الموجب للمسئولية
  • أو بتقدير التعويض 
  • أو مبررات فسخ العقد 
  • أو بتقدير حقوق الارتفاق 
  • أو بتقدير مبررات الحجر
  • أو الطلاق

وما إلى ذلك مما جعل المشرع لمحكمة الموضوع فيه سلطة التقدير إذا كان تقدير محكمة أول درجة محل نعى أمام محكمة الاستئناف .

وليس لها أن تنفض يدها من واجب إعادة التقدير وتكتفى بترديد رأى الحكم المستأنف بزعم أن مثل ذلك التقدير من سلطة محكمة الموضوع

فإن فعلت فإنها تكون قد خالفت الأثر الناقل للاستئناف ونصبت من نفسها محكمة نقض لا محكمة موضوع يقتضيها واجبها أن تقول رأيها هي – وليس رأى محكمة أول درجة – فيما طرح عليها

وإلا كان حكمها مشوباً بقصور يبطله ولسنا نقصد بما نقول أن تعاود محكمة الاستئناف ترديد ما قاله الحكم المستأنف لدى تقديره الموضوعي لأمر من الأمور السالف ذكرها إذا ما صادف ذلك التقدير قبولاً لديها

وإنما حسبها أن تحيل إلى ما قاله الحكم المستأنف فى هذا الشأن وتشير في حكمها إلى أنها تساير محكمة أول درجة فى اطمئنانها إلى الدليل المقدم في الدعوى أو في تقديرها لذلك الأمر الذى كان محلاً لتقدير موضوعي إشارة موجزة تغنى عن إعادة تردیده

ومن قضاء محكمة النقض في هذه المسالة :

إنه إذا كان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه جعل لمحكمة الدرجة الأولى أن تنفرد بتقدير أقوال الشهود دون رقابة من محكمة الاستئناف ، فإنه يكون قد خالف الأثر الناقل للاستئناف وحجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع وتخلى عن تقدير الدليل فيه مما يعيبه بالخطأ والقصور ويستوجب نقضه

نقض ۱۹۷۱/۱۱/۹ – الطعن ١٥٢ لسنة ٣٥ ق

وأنه يجب على محكمة الاستئناف إذا تمسك الطاعن أمامها بخطأ الحكم الابتدائى فيما ذهب إليه من وجود تشابه بين علامته التجارية وعلامة أخرى منسوب إليه تقليدها – أن تقوم بإجراء المضاهاة بين العلامتين وتقول كلمتها في ذلك ، فإذا نفضت يدها من تلك المضاهاة ، واكتفت بترديد رأى محكمة الدرجة الأولى في أمر يقوم على التقدير الشخصي دون أن تعمل هي رقابتها الموضوعية بوصفها درجة ثانية على تقدير محكمة الدرجة الأولى فى هذا الخصوص، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور

نقض ١٩٦٤/٤/٩ – الطعن ٤١٣ لسنة ٢٩ ق

عدم بحث المستندات الهامة ذات الأثر في الدعوى

القصور في التسبيب

يجب أن يبين من الحكم أن المحكمة اطلعت على المستندات الهامة المؤثرة في الدعوى وأخضعتها لتقديرها وأحاطت بمضمونها وفطنت لدلالتها ، وفحصت الدفاع المؤسس عليها . فإذا اتضح أنها لم تحط بها أو لم تناقشها حتى يتسنى لها الوقوف على صحيح الواقع والقانون فإن حكمها يكون مشوباً بقصور يبطله .

ولا تكفي في هذا الصدد مجرد الإشارة المجملة الى أوراق الدعوى والمستندات المقدمة فيها – كأن تقول المحكمة

  • وحيث إنه لما كان الثابت فى الأوراق
  • أو وحيث إنه لما كان الثابت مما قدمه فلان من مستندات
وإنما يتعين أن يبين الحكم

مؤدى تلك المستندات أو الأوراق ووجه استدلاله بها أو رفضه للدلالة المستمدة منها . وذلك أخذاً بما هو مقرر من أن قاضي الدعوى لا يجوز له قانوناً أن يطرح ما يقدم له تقديما صحيحاً من الأدلة أو الأوراق المؤثرة فى حقوق الخصوم دون أن يدون في حكمه ما يبرر هذا الإطراح بأسباب خاصة

فإذا هو سكت لغير علة ظاهرة فى حكمه عن بحث المستندات التي لم يختلف أطراف الخصومة لا على حجيتها ولا على دلالتها الظاهرة فإن حكمه يكون باطلا لقصور أسبابه .

ولا يجديه أن يقال أنه فعل ذلك من طريق تأويل الدليل أو تفسير الورقة ، فإن سلطته في تفسير الأوراق والمستندات وفى العدول عن معناها الظاهر إلى المعنى الذي يريد الأخذ به ليست سلطة مطلقة بل هي مقيدة بوجوب إيراد الأسباب التي يستند إليها في ذلك حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذا كان قد أخذ فى تفسيره باعتبارات مقبولة ام لا

والمقرر في قضاء النقض ان :

إذا قدم لمحكمة الموضوع مستند هام من شأنه أن يكون له تأثير في الفصل في الدعوى وجب عليها أن تتحدث عنه في حكمها فإن هي لم تفعل كان الحكم قاصر الأسباب

إذا لم يتحدث الحكم عن مستند هام فى الدعوى رغم تمسك الخصم ذي المصلحة بما فيه من الدلالة على صحة دعواه فإنه يكون معيباً بقصور أسبابه ، ومن قبيل ذلك أن يقدم طالب إبطال التصرف بالدعوى البوليصية صور خطابات متبادلة بين المدين وزوج المتصرف إليها مستدلاً على توافر النية عندهما على الإضرار به فتقضى المحكمة بنفي هذه القرينة دون أن تتحدث عن هذه الخطابات

إذا كان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعى قدم مستندات عدة للاستدلال بها على صحة الواقعة التي يدعيها ، فإن قول المحكمة أن هذه الواقعة لم يقم عليها دليل دون أن تعرض للمستندات المقدمة، فإن ذلك يفيد أنها غفلت عن دفاعه ولم تعن بتمحيص الدعوى ، وهذا يكون معه حكمها قاصراً في بيان الأسباب التي أقيم عليها وباطلاً بطلاناً جوهرياً .

إذا كان المؤجر قد اعترض أمام محكمة الموضوع على تقرير الخبير المنتدب لتصفية الحساب بينه وبين المستأجر في خصوص مبالغ معينة استبعدها الخبير . واستدل المؤجر على وجهة نظره في هذا الدفاع بما قدمه من مستندات ، ولم يشر الحكم إلى هذا الدفاع وسكت عن الرد عليه فإنه يكون قد شابه فى هذا الخصوص قصور يبطله

وإذا كانت محكمة الاستئناف قد أغفلت فى حكمها المطعون فيه الإشارة إلى إقرارين قدمهما المستأنف أثناء نظر الاستئناف ، وقضت بتأييد الحكم المستأنف تأسيساً أن الأسباب التي بني عليها الاستئناف سبق إبداؤها أمام محكمة أول درجة التي تناولتها بالرد ولم يأت المستأنف بجديد فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه

ومتى كان الخصم قد قدم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن هذا الدفاع ولم يتحدث عن تلك المستندات بشيء مع ما قد يكون لها من الدلالة ، ولو أنه عنى ببحثها ومحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور .

وإذا كان الحكم قد اقتصر على الإشارة إلى المستندات المقدمة في الدعوى والتحقيق الذي أجرى فيها ، ولم يبين وجه ما استدل به من ذلك على ثبوت الحقيقة التي أسس عليها قضاءه فهذا قصور في التسبيب يستوجب نقضه

إذا كان من شأن المستندات التي قدمها الطاعن – لو صحت – نفى وجود سند مشروع لوضع يد المطعون ضده على الأرض موضوع النزاع مما يجوز معه قانوناً الحكم بطرده منها وتسليمها إلى الطاعن بعد أن انتقلت حيازتها القانونية إليه بوصفه مشترياً لها ، وكان الحكم المطعون فيه لم يناقش هذه المستندات ولم يرد على دلالتها فإنه يكون مشوباً بالقصور .

ومتى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك في دفاعه بأن المطعون ضدها لم تكن بكراً لسبب لا يرجع إلى فعله واستدل على ذلك بأنها اعترفت في إقرار قدمه بأن آخر أزال بكارتها

وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى رداً على هذا الدفاع بأن الطاعن لم يثبت أن بكارة المطعون ضدها أزيلت بسبب سوء سلوكها رغم إحالة الدعوى إلى التحقيق ، دون أن يتحدث الحكم بشيء عن الإقرار سالف الذكر مع ما قد يكون له من الدلالة فى هذا الخصوص فإنه يكون قد عاره قصور يبطله

يتعين على المحكمة أن تبحث مجموع المستندات  المقدمة فى الدعوى والصادرة من ذوى الشأن والمتعلقة بالنزاع ، ولا يشفع لها فى عدم بحثها إحالتها إلى الحكم الابتدائى ما دام أن ذلك الحكم قد وقف عند حد عرضه لهذه المستندات دون مناقشة دلالتها ومتى كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائى وأخذ بأسبابه التي لم تتناول بحث مستندات الطاعن المقدمة ولم يقل كلمته فى دلالتها في موضوع النزاع ، وكيف ينتفى مضمونها الذي تؤديه بما حصله من البينة التى أقام قضاءه عليها فإن الحكم يكون قد شابه القصور

( الطعون ارقام ١٧٦٢ لسنة ٥٢ ق . ١٦٩٠ لسنة ٤٨ ق ، ١٤٠٩ لسنة ٥١ ق ، ١٨ لسنة ١٦ ق ، ١٤٠ لسنة ١٥ ق ، ١ لسنة ١٤ ق ، ٨٤ لسنة ٢٣ ق ، ٣٤٥ لسنة ٢٣ ق ، ٤٠٨ لسنة ٢٣ ق . ٣٤٥ لسنة ٢٣ ق ، ٤٠٨ لسنة ٢٣ ق ، ٨٤٣ لسنة ٤٩ ق ، ١٨ لسنة ۱٥ ق ، ۱۸ لسنة ١٥ ق ، ٩٣٤ لسنة ٤٨ ق . ٩ لسنة ٣٩ ق احوال شخصية ، ٥٣٥ لسنة ٣٥ ق ، ١٦٣ لسنة ٢٧ ق )

ولكن لا يعيب الحكم

أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها متى كانت هذه المستندات مبينة في مذكرات الخصوم وترافعوا بشأنها بما يكفي معه تقدير ما استخلصته المحكمة منها إذ يكفى فى هذه الحالة مجرد الإشارة إليها كذلك لا يعيب الحكم الالتفات عن الاحتجاج بمستند مقدم في دعوى أخرى غير منضمة ولو كانت مرددة بين نفس الخصوم ومنظورة فى نفس الجلسة التي تنظر فيها الدعوى التي يحتج فيها بالمستند احتجاجاً يقتصر على مجرد الإشارة إلى أنه مقدم في دعوى أخرى

خاتمة القصور في التسبيب

القصور في التسبيب

سبب القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع هو من أهم أسباب الطعن علي الأحكام الشائعة وقلما يخلو حكم من هذا العيب وللمزيد عن هذا السبب يراجع

  • تسبيب الأحكام المدنية للمستشار هشام عبدالحميد الجميلي نائب رئيس محكمة النقض طبعة نادي القضاة 2014
  • النقض المدني للمستشار محمد وليد الجارحي نائب رئيس محكمة النقض طبعة نادي القضاة 2000
  • بناء الأحكام المدنية للمستشار طه عبدالعليم نائب رئيس محكمة النقض طبعة نادي القضاة 2023
وفي الختام تقبلوا تحياتي عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }