بحث موجز عن أثر حكم البطلان على المتعاقدين والغير فكما يكون البطلان حجة على المتعاقدين فإنه يكون حجة على دائنهما لأن المدين يعتبر ممثلاً لدائنه في الخصومات التي يكون هذا المدين طرفاً فيها
محتويات المقال
أثر حكم البطلان في القانون
نصت المادة 143 من القانون المدني على أن
إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله
أثر البطلان بالنسبة للمتعاقدين
قد يكون البطلان حجة على المتعاقدين فإنه يكون حجة على دائنهما لأن المدين يعتبر ممثلاً لدائنه في الخصومات التي يكون هذا المدين طرفاً فيها :
قضت محكمة النقض بأن
تقضي المادة 142/1 من القانون المدني بأن العقد القابل للإبطال إذا تقرر بطلانه اعتبر كأن لم يكن وزال كل أثر له فيما بين المتعاقدين وبالنسبة للغير
وإذ كان الحكم بإبطال العقد الصادر من المدين يكون حجة على دائنه لأن المدين يعتبر ممثلاً لدائنه في الخصومات التي يكون هذا المدين طرفا فيه
لما كان ذلك وكان الثابت أنه حكم بإبطال بيع المنشأة الصادر إلى الطاعن – المتنازل إليه – للتدليس فإن هذا الحكم يستتبع إلغاء الآثار المترتبة على هذا العقد من وقت انعقاده
سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة لمصلحة الضرائب الدائنة بالضريبة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على أن حكم إبطال البيع لا يحتج به على مصلحة الضرائب لأنه لم يصدر في مواجهتها ورتب على ذلك مسئولية الطاعن عن الضرائب المستحقة على المنشأة بالتضامن مع المتنازل، فإنه يكون قد خالف القانون
(الطعن رقم 45 لسنة 37 ق جلسة 27/2/1974)
أثر البطلان بالنسبة على الغير
القاعدة العامة أن أثر بطلان العقد لا يقتصر على العلاقة فيما بين المتعاقدين بل يجاوزهما الى الغير ممن يكون قد تلقى من العاقد حقا فهذا الغير يتأثر بانعدام العقد تأسيسا على قاعدة مؤداها أنه متى زال حق المتصرف زال حق المتلقى وعلى قاعدة أخرى تقرر بأنه لا يجوز للشخص أن يدلي الى غيره بأكثر مما يملك أو فاقد الشئ لا يعطيه .
(أحمد حشمت أبو ستيت ص 250)
فإذا كان أحد الطرفين في العقد الباطل قد تصرف في حقه الى الغير فإن حق الغير يزول بالبطلان فلو أن شخصا اشترى عينا بعقد باطل أو قابل للإبطال ثم باعها ، وبعد ذلك تقرر بطلان العقد فإن البائع في العقد الباطل يسترد العين من المشتري الثاني ، وإذا كان هذا الشخص قد رتب على العين رهنا أو حقا عينيا آخر فإن البائع يسترد العين خالية من الرهن أو أى حق آخر
استثناءان من القاعدة العامة للبطلان
استثنى الشارع من القاعدة العامة سالفة الذكر حالتين :
الاستثناء الأول من البطلان
كسب الغير حسن النية حق عيني عقاري
إذا كسب الغير بحسن نية حقا عينيا عقاريا على الشئ الذي ورد عليه العقد الباطل ، وذلك قبل تسجيل دعوى البطلان أو التأشير بها في هامش تسجيل العقد الباطل ، وهذا ما تقضي به المادتان 15 ، 17 من قانون الشهر العقاري .
فقد نصت المادة 15 على أنه
يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجودا أو صحة أو نفاذا ، كدعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع ، فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر تسجل تلك الدعاوى
ونصت المادة 17 على أنه
يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت له حقوق عينية ابتداء من تاريخ تلك الدعاوى أو التأشير بها ، ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما ” .
ويبين من هذين النصين أنه إذا كسب الغير حقا عينيا عقاريا بعد تسجل دعوى البطلان أو التأشير بها قإن حقه يزول نتيجة للبطلان ، سواء كان هذا الغير حسن النية أو سئ النية .
أما إذا كان قد كسب حقه قبل تسجيل دعوى البطلان أو التأشير بها فإن هذا الحق يزول إذا كان شئ النية ويبقى إذا كان حسن النية
فمن تصرف في عقار بمقتضى عقد باطل أو قابل للإبطال لا يستطيع أن يسترد العقار خاليا من الحقوق العينية الذي تترتب عليه لشخص من الغير يكون حسن النية إلا إذا كان قد سجل دعوى البطلان أو أشر بها على هامش تسجيل العقد الباطل قبل أن يكسب هذا الغير حقه
فإذا كان هذا الغير قد كسب حقا عينيا على العقار ، كملكية أو رهن أو أى حق عيني عقاري آخر ، وسبق الى شهر هذا الحق قبل بطلان عقد من تصرف له ، فإذا كان هذا الغير مشتريا خلصت له الملكية ، وإذا كان دائنا مرتهنا عاد العقار الى البائع محملا بالرهن .
الصدة ص 299 ، زكي ص 113 وما بعدها
وقد تضمن المشروع التمهيدي للتقنين المدني نصا في هذا المعنى هو الفقرة الثالثة من المادة 197 التي تقول
على أن إبطال العقود الناقلة للملكية لا يضر بالغير حسن النية إذا ترتب له حق على عقار قبل تسجيل الإعلان بالبطلان
ثم حذفت هذه الفقرة لأن الحكم الوارد فيها جاء في مكان آخر
مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 235 وما بعدها
كما حرص الشارع في التقنين المدني على أن يذكر حكم هذا الاستثناء بالنسبة للدائن المرتهن رهنا رسميا إذا كان حسن النية فلم يكتف بما ورد في قانون تنظيم الشهر العقاري لى النحو الذي ذكرناه بل أورد في شأنه نصا خاصا هو المادة 1034 مدني التي تقول أنه يبقى قائما لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغاءه أو زواله لأى سبب آخر إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن
السنهوري ص 437 – الصدة ص 300
الاستثناء الثاني من البطلان
كسب الغير حق متعلق بالشئ محل العقد الباطل
إذا كسب الغير حقا يتعلق بالشئ الذي ورد عليه العقد الباطل وذلك بمقضى عقد من عقود الإدارة كما إذا أجر مشترى الأرض الى مستأجر حسن النية فإن إجارته تبقى رغم البطلان متى كانت لا تجاوز مدتها ثلاث سنوات
أبو ستيت ص 251 ، زكي ص 115
إنما يشترط في عقد الإدارة كى يبقى بالرغم من البطلان ألا يكون مشوبا بغش من جانب من صدر منه وأن يكون ثابت التاريخ قبل دعوى البطلان فلو أن المشتري في المثل المذكور شعر بأن الطرف الآخر سيطلب الإبطال فبادر الى تأجير العقار وكانت الإجارة تجافى المألوف بالنسبة الى العين سواء من ناحية الأجرة أو المدة أو غير ذلك فإنها تكون مشوبة بغش فتزول بالبطلان
عبد المنعم الصدة ص 300 وما بعدها
وقد قضت محكمة النقض بأن
ترتيب الأثر الرجعي لبطلان عقد البيع وإن كان يقتضي اعتبار ملكية المبيع لم تنتقل من البائع إلى المشتري بسبب العقد إلا أن ذلك لا يمنع من أن يكسب هذا المشتري أو الغير تلك الكمية بسبب آخر من أسباب كسب الملكية إذا تحققت شرائطه القانونية
الطعن رقم 20 لسنة 30 ق جلسة 3/12/1964
الالتزام بالرد في حالة عدم المشروعية
- إذا كان بطلان أحد التصرفات سببه عدم مشروعيته أي مخالفته للنظام العام أو الآداب وكان عدم المشروعية متحققاً في غاية “المتعاقد” الذي نفذ التزامه كمن يعطي آخر مبلغاً من النقود نظير تعهده بقتل شخص آخر، ثم لا يقوم المتعهد بالقتل، بارتكاب جريمته
- يرى الفقه أن المحرض لا يستطيع أن يلجأ إلى القضاء مطالباً باسترداد نقوده بسب عدم ارتكاب الآخر للجريمة، على أساس أنه ملوث ولا يحق له أن يستند إلى هذا التلوث في المطالبة بالاسترداد
- ولكن كثيراً من الفقهاء ينكرون قيام هذه القاعدة في القوانين الحديثة ويرون أنها تؤدي إلى حصول شخص، ليس أقل تلوثاً، على إثراء بغير وجه حق، ويرون عدم الأخذ بها خصوصاً وأن النصوص لا تشير إليها
- وإن كانت بعض أحكام القضاء الفرنسي وكثير من أحكام القضاء المصري (قبل القانون المدني الحالي) كانت تأخذ بها. وقد مال مشروع القانون المدني الحالي إلى تقرير الأخذ بها في نصوصه
- ولكن النص عليها ألغي في مراجعة هذا المشروع لأن حكمها لا يتمشى مع منطق البطلان” مما يعني أن القانون المدني الحالي يرفض الأخذ بها، وبذا لا تمثل استثناء ما على مبدأ الرد بين الطرفين المترتب على البطلان لعدم المشروعية .
( الشرقاوي بند 50 )
الرد بالتعويض
يجوز مع الرد بالتعويض إذا ما صاحب التصرف الباطل خطأ من أحد طرفيه نتج عنه ضرر :
كما لو كان سبب البطلان آتياً من جهة أحد العاقدين وكان الطرف الآخر يعتقد صحة العقد وبني تعامله على أساس هذا الاعتقاد. وقد ذهب البعض إلى اعتبار المسئولية عن التعويض مسئولية عقدية رغم بطلان العقد على أساس القول بنظرية الخطأ عند تكوين العقد وقد كان المشروع التمهيدي ينص على ذلك في المادة 204 منه ولكن النص حذف في لجنة المراجعة .
ومن ثم استقر الرأي على أن المسئولية عن التعويض في هذه الحالة هي مسئولية تقصيرية باعتبار العقد الباطل واقعة مادية ومن ثم يقع على عاتق من يطالب بالتعويض إثبات عناصر المسئولية من خطأ وضرر ورابطة سببية ويتقيد التعويض بما يتقيد به التعويض في المسئولية التقصيرية سواء في الأهلية أو المدى أو الإعذار أو التضامن أو الإعفاء منه.
السنهوري بند 308 حتى 311 – الشرقاوي بند 50
وقد قضت محكمة النقض بأن
أساس الحكم بالتعويض المعادل – في حالة إبطال العقد أو بطلانه مع استحالة إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبله – إنما هو المسئولية التقصيرية
الطعن رقم 138 لسنة 34 ق جلسة 4/6/1969
ختام أثر البطلان
- البطلان هو مصطلح قانوني يشير إلى الأشخاص الذين يتعاقدون مع بعضهم البعض أو يتداولون مصلحة مشتركة ويطلق عادة على الأشخاص المشاركين في عقد أو اتفاقية معينة.
- في هذا السياق يشير المتعاقدان إلى الأشخاص اللذين يتعاقدون مع بعضهم البعض بينما يشير الغير إلى الأشخاص الذين ليسوا طرفين في العقد.