قانون الخدمة المدنية والدستورية
نعرض حكم للمحكمة الدستورية باستقراء حيثياته نفهم منه أن نصوص قانون الخدمة المدنية خارج رقابة الدستورية لقول المحكمة الدستورية أن هذا يعد تدخلا منها في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية
أقيمت دعوي الدستورية بمناسبة ابداء الرأى والفصل في دستورية كل من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 ونص المادة (194) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017 فيما لم يتضمناه من النص على أحقية الموظفين المعينين في ظل العمل بأحكامهما في ضم مدة خبرتهم العملية السابقة إلى مدة خدمتهم الحالية لما تراءى لها من مخالفتهما لنصوص المـــواد (4 و 8 و 53) من الدستور .
قضاء الدستورية بشأن التدخل في السطات
- هذا الحكم من المحكمة الدستورية هو عار و ترسيخ لمبدأ قبول الأمر الواقع ولا طعن دستوري علي ما تسنه السلطة التشريعية من قوانين حتى وان خالفت الدستور ولا تدخل في عمل السلطة التنفيذية ان أصدرت مرسوم قانون
- فكان الأحرى بالمحكمة الدستورية القضاء بدستورية النص محل الطعن بعدم الدستورية وهو أحد نصوص قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية بدلا من القول أنه لا يجوز لها التدخل لأنه عمل متعلق بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وقد رأو أن قانون الخدمة المدنية الحالي أفضل من قانون العاملين المدنيين الملغي
- والتساؤل الم يكن القضاء في السابق بعدم دستورية نصوص تشريعية تدخلا في عمل السلطة التشريعية أم أنه في الوقت الراهن أصبح تدخلا غير مرغوب فيه
- هذا ما فهمته من هذا الحكم فان كان هناك أمر خفي علي أو فسرته تفسير خاطئ فأعلموني في التعليقات
الطعن رقم 90 لسنة 43 ق دستورية عليا “دستورية” جلسة 5 / 8 / 2023
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من أغسطس سنة 2023م، الموافق الثامن عشر من المحرم سنة 1445 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
- وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
- وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 90 لسنة 43 قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالأقصر – بهيئة استئنافية – بحكمها الصادر بجلسة 6/ 7/ 2021، ملف الطعن رقم 3027 لسنة 6 قضائية.
المقام من
وائل عبد الموجود محمد
ضد
- وزير الدولـة لشئون الآثـار
- رئيس المجلس الأعلـى للآثـار
- الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار
الإجـراءات
- بتاريخ العشرين من أكتوبر سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 3027 لسنة 6 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالأقصر، بهيئة استئنافية،
- بجلسة 6/ 7/ 2021، بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية كل من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، ونص المادة (194) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017.
- وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
- وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
- ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة و حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالــة وســـائــر الأوراق – في أن المدعي في الدعوى الموضوعية أقام أمام المحكمة الإدارية بالأقصر الدعوى رقم 6371 لسنة 5 قضائية طالبًا الحكم :
بأحقيته في ضم مدة خبرته العملية السابقة بوزارة الآثار خلال الفترة مـــن 11/ 4/ 2011، حتى تاريخ تعيينه في 1/ 3/ 2019، إلـــى مـــدة خدمته الحاليـــة، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقيته في ضم تلك المدة واستحقاقه صرف خمس علاوات
تأسيسًا على
- أنه يعمل بوظيفة مفتش آثار بالجهة الإدارية المدعى عليها، وقد سبق له العمل بالجهة ذاتها، بنظام التعاقد المؤقت، ثم عُــين على درجة دائمة بها
- فتقدم بطلب إلى الجهة الإدارية لضم مدة عمله السابقة إلى مدة خدمته الحالية، إلا أنها رفضت طلبه، فأقام دعواه بطلباته الآنفة البيان
وبجلسة 18/ 2/ 2020، قضت المحكمة برفض الدعوى مشيدة قضاءها على سند من
أن المدعي قد تم تعيينه بعد العمل بقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 والذي خلا من النص على ضم مدة الخبرة العملية السابقة على التعيين إلى مدة خدمته الحالية
وأن المادة (194) من لائحته التنفيذية قصرت الضم على المعينين قبل تاريخ العمل بذلك القانون وهو ما لا ينطبق على حالة المدعي.
لم يرتض المدعي هذا الحكم فطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري بالأقصر – بهيئة استئنافية – وقُيد الطعن برقم 3027 لسنة 6 قضائية
وبجلسة 6/ 7/ 2021 قضت المحكمة
بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية كل من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 ونص المادة (194) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017 فيما لم يتضمناه من النص على أحقية الموظفين المعينين في ظل العمل بأحكامهما في ضم مدة خبرتهم العملية السابقة إلى مدة خدمتهم الحالية لما تراءى لها من مخالفتهما لنصوص المـــواد (4 و8 و53) من الدستور.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة القضائية التي تباشرها تثبيتًــا للشرعية الدستورية مناطها تلك النصوص القانونية التي أقرتها السلطة التشريعية أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور وبالتالي يخـرج عن نطاقهـا إلـزام هاتين السلطتين بإقـرار قانـون أو إصدار قرار بقانون في موضوع معين إذ إن ذلك مما تستقل بتقديره تلك السلطتان وفقًــا لأحكام الدستور، ولا يجوز بالتالي حملهما على التدخل لإصدار تشريع في زمن محدد أو على نحو معين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة
قد جرى على أنها لا تزن بنفسها ومن خلال مناهجها الذاتية – ما إذا كان التنظيم التشريعي المعروض عليها لازمًــا، وما إذا كان إقراره في مناسبة بعينها ملائمًــا إذ ليس لها إلا أن ترد النصوص التشريعية المطعون عليها لأحكام الدستور؛ ذلك أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح غايتها التحقق من توافقها مع أحكام الدستور
وإحاطتها بحقوق وحريات المواطنين من كافة جوانبها على الوجه الأوفى ودون قصور ينال من جوهرها أو إلى بعض عناصرها بما يُعد عدوانًــا عليها وامتهانًــا لها غير أن تلك الرقابة لا تمتد بحال إلى مجال عمل السلطة التشريعية بتعديل قوانين أقرتها كما لا شأن لها بالسياسة التشريعية التي ينتهجها المشرع لتنظيم أوضاع معينة.
وحيث إن المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الخدمة المدنية المشار إليه
قد بينت العلة من مغايرة الأحكام التي تضمنتها مواده، لأحكام مواد قانون العاملين المدنيين بالدولة ممثلة في أن التجربة العملية خلال الفترة الماضية كشفت عن الحاجة الملحة لوضع إطار قانوني جديد ينظم شئون الخدمة المدنية لمواجهة التحديات الراهنة على صعيد الإصلاح الإداري
لا سيما
وقد رُفعت بشأن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ملايين الدعاوى القضائية وأصدرت المحكمة الدستورية العليا أكثر من حكم بعدم دستورية بعض أحكامه
وصدرت بشأنه آلاف الفتاوى من مجلس الدولة وآلاف الكتب الدورية من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لتفسير ما غمُض به من أحكام
وتدخـل المشرع سبعَ عشرة مـرة لتعديـل بعض أحكامـه في محاولة منه لإصلاح ما في هذا القانون من ثغرات أدت في ظل غياب الشفافية خاصة في مجال التعيينات وغياب نظام موضوعي لتقييم أداء الموظفين ووجود نظام أجور معقد غير واضح وعادل يرسخ للتفاوت الشديد غير المبرر في الدخول – إلى تغول البيروقراطية في الجهاز الإداري
ومن ثم تدنى الخدمات المقدمة للمواطنين ومن هذا المنطلق كانت الحاجة ماسة إلى وضع قانون للخدمة المدنية يقوم على فلسفة جديدة – مغايرة تمامًا للفلسفة القائمة مفادها حصول المواطن على الخدمة الحكومية بأعلى جودة وبشفافية مطلقة ونزاهة تامة
فالرؤية الأساسية للإصلاح الإداري هي إيجاد جهاز إداري ذي كفاءة وفاعلية، يتسم بالشفافية والعدالة ويخضع للمساءلة، ويُعنى برضا المواطن ويحقق الأهداف التنموية للبلاد، مستندًا إلى مبادئ الحوكمة الرشيدة كأساس لنظام العمل.
وحيث إن المشرع في قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 في إطار تنظيمه للوظيفة العامة
قد سكت عن تنظيم مسألة ضم مدة الخبرة العملية الذي كانت تتبناه أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والذي أُلغى بقانون الخدمة المدنية المشار إليه لما تكشف من سلبيات وإشكاليات عملية أظهرها الواقع العملي واتساقًــا مع الفلسفة الجديدة في التعيين والترقية وحساب الأقدمية التي يعتد بها عند الترقي من وظيفة إلى ما يعلوها من وظائف.
وحيث إن ما يطرحه حكم الإحالة
لا يعدو أن يكون تعرضًــا للسياسة التشريعية التي انتهجها المشرع في قانون الخدمة المدنية المشار إليه واقتحامًــا للأغراض التي توخاها وسعى إلى تحقيقها بالتنظيم الذي تضمنه هذا القانون باستحداث حكم تشريعي جديد تتولى اللائحة التنفيذية لهذا القانون تنفيذه في إطار الضوابط الحاكمة لذلك والمقــررة بمقتضى نص المادة (170) مـن الدستور وهو ما يجاوز تقريره نطاق الولاية المقررة لهذه المحكمة ويُعد تدخلاً في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية بالمخالفة لنصي المادتين (101و170) من الدستور مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى
خاتمة بالرأى عن حكم الدستورية
كان الأحري بالمحكمة الدستورية العليا القضاء بعدم القبول لدستورية النص المطعون عليه في قانون الخدمة المدنية بدلا من القول أن هذا يعد تدخلا منها في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية فضمنيا يفهم من هذا الحكم الذي أراه معيبا وسابقة خطيرة لأعلي محكمة أن أى قانون تسنه السلطة التشريعية والتنفيذية خارج عن رقابة الدستورية