القضاء بالتعويضات عن الكيدية

نص المشرع بالمادة 188 من قانون المرافعات علي حق المحكمة في القضاء بالتعويضات عن الادعاء والدفع والاستئناف الكيدي عند الحكم في الفاصل في الموضوع وهي غرامة يقضي بها

المادة 188 مرافعات تنص علي

  • يجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد.
  • ومع عدم الإخلال بحكم الفقرة السابقة يجوز للمحكمة عند إصدار الحكم الفاصل في الموضوع أن تحكم بغرامة لا تقل عن أربعين جنيهاً ولا تجاوز أربعمائة جنيه على الخصم الذي يتخذ إجراء أو يبدي طلباً أو دفعاً أو دفاعاً بسوء نية.

القضاء بالتعويضات عن الاستئناف الكيدي

القضاء التعويضات والمصاريف

مصاريف الدعوى  تقدر على أساس المصاريف الأساسية أي اللازمة قانونا لرفع الدعوى والسير فيها . ورأينا أن الخصم المحكوم عليه يتحملها لأن القانون يلزمه بذلك تحقيقاً لمقتضيات العدالة

وهو لا يتحمل المصاريف على سبيل التعويض عن الضرر الذي لحق خصمه من جراء منازعته لأن إخفاق الشخص فيما يدعيه لا يعتبر في ذاته دليلا على خطئه موجبا لمسئوليته .

ونضيف أن الخصم إنما يكون مسئولا عن الضرر الذي يلحق خصمه إذا وجه إليه دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد له لأنه في هذه الأحوال ينقلب حق الالتجاء إلى القضاء أو حق إنكار الدعوى إلى مخبثة .

د/ أحمد أبو الوفا ، المرافعات المدنية والتجارية – ص 769 وما بعدها

فالمادة 188 تجيز للمحكمة أن تحكم بالتضمينات في مقابل كل النفقات الناشئة عن توجيه مثل هذه الدعوى أو ذلك الدفاع  فتقدر المصاريف في هذا الصدد على أساس كل النفقات الفعلية التي تحملها الخصم  وإنما يشترط للحكم بها عليه أن يكون القصد من توجيه الدعوى أو الدفاع هو مجرد الإضرار بالخصم والتنكيل به ومشاكسته وأمر تقدير الكيد متروك لمطلق تقدير المحكمة تستنتجه من ظروف كل قضية فإذا كان للخصم ذريعة تبرر إنكاره أو كانت له شبهة على الأقل تسوغ مسلكه فلا مؤاخذة عليه

استئناف مصر 10 إبريل 1949 المحاماة 31 ص 764 . ونقض 9 نوفمبر سنة 1933 المحاماة 14 ص 93
أنظر أمثلة الدعاوى الكيدية (نقض 15 أكتوبر 1959 السنة 11 ص 574 ونقض 27 مايو 1965 السنة 16 ص 178)

ويلاحظ أن للمحكمة أن تستند – عند الحكم بالتضمينات المتقدمة – إلى حكم المادة الخامسة من القانون المدني التي تتولى سرد حالات سوء استعمال الحق ، والتي يتعين بسط تطبيقها على كل فروع القانون .

استئناف مختلط 4 فبراير 1925 (مجلة التشريع والقضاء السنة 27 ص 212)

وقد حكم بأنه

إذا أنكر خصم ورقة نسبت إليه أو طعن فيها بالتزوير وقضى بصحة الورقة وجب الحكم عليه بالتعويض لأن لا عذر له في أن ينكر ورقة وقع عليها بنفسه بخلاف ما إذا كانت الورقة المطعون فيها بالإنكار أو  التزوير   ليست صادرة من المنكر أو الطاعن وكان يجهل التوقيع عليها ممن أسندت له فلا مؤاخذة أن هو أنكرها أو طعن فيها بالتزوير حتى ولو قضى بصحة الورقة وإذا اعتمد خصم على ورقة تبين أنها مزورة كان سيء النية إلا إذا ثبت أنه وقت استعمالها لم يكن عالما بما يعيبها كما لو كان قد تلقاها من الغير

 استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1893 (مجلة التشريع والقضاء السنة 5 ص 161)

  وإذا ثبت أن الدعوى ليست إلا تجديد لنزاع سبق الفصل فيه (أو الصلح فيه) وجب الحكم على المدعي بتعويض الضرر الناشئ عنها

نقض فرنسي  22 نوفمبر 1905 (دالوز 1906 – 1 – 207)

وإذا أنكر أخ أخته التي نشأت معه فلا يحمل الإنكار إلا على محمل الكيد والعنت

استئناف مصر 12 إبريل 1916 (الشرائع 3 عدد 192 
وراجع أيضاً الأحكام العديدة التي أشار إليها الأستاذ مصطفى مرعي في مؤلفه “المسئولية المدنية في القانون المصري” الطبعة الثانية 1944 . وراجع نقض 10 إبريل سنة 1952 المحاماة 34 ص 432

وإذا تعدد من وجه الدعوى أو الدفاع الكيدي جاز الحكم عليهم جميعا بالتضامن بالتعويضات وذلك عملا بنص المادة 169 من القانون المدني التي تنص على أنه إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر وجرى القضاء على وجوب رفع دعوى التعويض أمام المحكمة المطروح أمامها الدعوى الكيدية أو الدعوى التي دفعت بدفاع كيدي ( ولو كانت هي محكمة الاستئناف ) لأن هذه المحكمة هي وحدها المختصة بالفصل في الحكم بمصاريف الدعوى التي تنظرها ، القضائية منها وغير القضائية

راجع الجدول العشري الثاني للمحاماة – (المرافعات) رقم 1649 و1654 و1657 و1664 .
أنظر دراسة تفصيلية لهذا الموضوع في كتاب نظرية الأحكام رقم 63 وراجع وقارن المراجع والأحكام العديدة المشار إليها فيه

وقد استحدث القانون الجديد ما قرره في الفقرة الثانية من المادة 188 التي تخول للمحكمة عند إصدار الحكم الفاصل في الموضوع ( أو المنهي للخصومة أمامها) أن تحكم بغرامة لا تقل عن أربعون جنيها على الخصم الذي يتخذ إجراء أو يبدي طلباً أو دفعاً أو دفاعا بسوء نية  أي أن يكون الخصم وهو يتخذ الإجراء عالما ألا حق له فيه وإنما قصد بإبدائه مجرد تعطيل الفصل في الدعوى أو الإضرار بالخصم الآخر . والحكم بالغرامة لا يخل بحق الخصم في طلب التضمينات عملا بالفقرة الأولى من المادة 188 .

هذا وتنص المادة 235/4 من قانون المرافعات الجديد صراحة على

أنه يجوز لمحكمة الدرجة الثانية أن تحكم    بالتعويضات    إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد .

 (تراجع أيضاً المادة 246 في التماس إعادة النظر والمادة 270 في النقض) 

مظاهر الاستئناف الكيدي

عني المشرع المصري والفرنسي بمسألة الكيد والتعويض عنه سواء في الدعاوي المبتدأة أو الطعون أو الدفاع ومن مظاهر وأدلة الكيد الأتى

المظهر الأول : خلو الطعن من الأسباب الجدية :

عدم استناد الطعن إلى أسباب جدية يكشف عن وجود نية الإضرار بالخصم وسوء القصد

فقد قضت محكمة الاستئناف المختلط :

يلزم المستأنف بالتعويض إذا رفع استئناف غير مبني على اعتبارات جدية وكان حكم أول درجة قد جاء واضحا في تحديد حقوق كل خصم وتقديرها

كذلك القضاء الفرنسي جعل من عدم جدية أسباب الطعن بالاستئناف سبب يعد الطعن کيدي اريد منه الأضرار بالخصم الاخر

فعدم جدية الطعن بالاستئناف يدل على سوء نية وخبث الطاعن وتعسفه في استعمال حقه الاجرائي

فقد قضت محكمة النقض الفرنسية

أن قضاء الاستئناف الذي كشف أن المدعي لم يتمسك بأية وسيلة جادة ، وإنما لجا بنية خبيثة وبإصرار وعناد تعسفي وهو ما اجبر المستأنف عليهم على إنفاق نفقات لا تسترد في جانب منها من اجل الدفاع في الاستئناف ، وهكذا فأنه يكون قد كشف عن الخطأ في استعمال حق الالتجاء إلى القضاء

المظهر الثاني : خلو الطعن من أي دليل جدي علي رفض دفاع أو مستند هام :

أن المشرع عندما منح للمتقاضي حق الطعن بالحكم كان يأمل أن يستعمل الطاعن لهذا الحق لتغيير قناعة المحكمة المختصة بالطعن عن طريق بناء طعنه على أحد الأسباب المحددة في القانون فاذا لم يشتمل طلبه الذي قدمه بالطعن على ذلك فأنه يكون قاصدا الكيد لإيقاع الضرر بخصمه من دون وجود مصلحة مشروعة

هذا وقد ذهب القضاء الفرنسي إلى :

 أن تقديم الادلة نفسها التي سبق أن رفضتها المحكمة بعد استئنافا كيدية ، فعدم تقديم أدلة او مبررات امام محكمة أول درجة  وكذلك أمام محكمة الاستئناف يدل على تعسف رافع الاستئناف

 وكذلك المشرع الفرنسي في قانون المرافعات عد الاستئناف كيدية اذا لم يحضر المستأنف امام المحكمة الابتدائية من دون سبب جدي

المظهر الثالث : غرض الطعن تأخير تنفيذ المحكوم له للحكم :

الكيد يكون ظاهرا ان لم يقصد من الطعن الا تأخير حصول المحكوم له على حقه وتنفيذ الحكم نتيجة اتخاذ الاستئناف وسيلة للمماطلة والتسويف مثال ذلك اذا كان القصد من وراء ذلك اشهار افلاس المحكوم له اذا ما كان تاجرة وتأخير حصوله على حقه يؤدي إلى اشهار افلاسه

فقد قضت محكمة النقض الفرنسية :

إعلان المحكمة أن المستأنف لم يرفع استئنافه إلا من اجل تحقيق مصلحة تسويقية بحته بقصد تأخير الوفاء بدين خال من النزاع وواجب الأداء منذ أكثر من عامين ، محكمة الاستئناف تكون هكذا قد كشفت عن الخطأ الذي وقع في استعمال حق الالتجاء إلى القضاء

هذ الاستئناف يسمى الاستئناف التسويفي

والذي يعرف بأنه الاستئناف الذي لا يكون قائم على أسباب جدية وإنما يرفع لتفادي أو لتأخير التنفيذ الفوري الحكم أو الذي يكون هدفه الوحيد تأخير الوفاء بالدين بقصد تفادي التنفيذ الفوري للحكم ، وإلى تطول مدة النزاع بغرض أن ينظم المحكوم ضده مسألة إعساره

المظهر الرابع : خلو الطعن مما يبرر خطأ الحكم رغم صحته وبيان الحقوق به

اذا كان الحكم قد بين حقوق كل طرف بصورة لا تقبل اللبس او الشك وعلى الرغم من ذلك يقوم أحد الخصوم بالاستئناف لعدم قناعته بالحكم من غير أن يقدم ما يبرر صحة اعتقاده .

ومثال ذلك ما ورد في قضاء محكمة النقض الفرنسية بان

 استعمال الطعن بالاستئناف يكون تعسفيا  إذا قام الخصم باستعماله بعد بيان الحكم لموقفه بكل وضوح نتيجة لأعمال الخبرة الموضوعية والدقيقة التي لا يتطرق إليها أي شك وكانت أساسا للحكم مما يدل على سوء نيته وإصراره على ادعاءاته

 المظهر الخامس : ان كان الغرض تكبيد الخصم نفقات دونما حق

فعندما يسعى الطاعن بالحكم إلى تكبيد خصمه نفقات كبيرة على الرغم أن المصاريف يتحملها الطرف الخاسر في الدعوى إلا أن هذه المصاريف بالواقع لا تمثل حقيقة ما انفق من مصاريف في الدعوى

وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بان

اتفاق المستأنفين على المنازعة في تنفيذ الوصية ووضع المستأنف عليه أمام ضرورة اتخاذ إجراءات باهظة التكاليف يجيز للمحكمة الحكم عليهم بدفع هذه المبالغ على سبيل التعويضات

خلاصة الاستئناف الكيدي في مصر وفرنسا

يلاحظ أن المشرع المصري والفرنسي قد أوليا الاستئناف الكيدي أهمية كبيرة للحد منه وتعويض الضرر الناشئ عنه إذ نص المشرع المصري في قانون المرافعات المدنية والتجارية المرقم 13 لسنة 1968 المعدل اضافة إلى النصوص العامة التي تعالج حالات إساءة استعمال حق التقاضي على نص خاص باستعمال طريق الطعن بالاستئناف كيدا وبسوء نية اذ نصت الفقرة (4) من المادة (230) على  ” يجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد”

وعلة ايراد المشرع المصري هذا النص

هو لاستحالة تقديم الطلب القضائي بالتعويض عن الاستئناف الكيدي أمام محكمة أول درجة لان الحكم القضائي لم يكن صدر بعد كما أن من المصلحة أن تقوم المحكمة الاستئنافية بالفصل بطلب التعويض عن الطعن الكيدي نظرا للارتباط الوثيق بين هذا الطلب وبين الاستئناف الكيدي ، ولأن محكمة الاستئناف اقدر من غيرها على الفصل في طلب التعويض عن الطعن الاستئنافي الكيدي

كذلك المشرع الفرنسي اولى الاستئناف   الكيدي   بالعلاج والتصدي فضلا عن النص العام الذي تصدى فيه للتقاضي الكيدي فقد اورد نصة خاصة بالاستئناف الكيدي إذ نص في المادة (559) من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي على فرض غرامة لا تتجاوز (10000) يورو على من يستعمل الطعن بطريق الاستئناف الكيدي كوسيلة للطعن لغرض المماطلة والتسويف متعسفا باستعمال هذا الحق مع حق المتضرر بالمطالبة بالتعويض

القضاء بالتعويضات عن الاستئناف الكيدي

ختاما : تطبيق المادة 188 / 2 مرافعات بشأن القضاء بالتعويضات عند الحكم في موضوع الدعوي لا يقتصر على مجرد الطلبات والدفوع الكيدية فحسب وإنما يمتد حكمها عند اتخاذ إجراءات حجز أو تنفيذ كيدية لأن عبارة إجراء في المادة هي عبارة عامة تنطبق بالنسبة لإجراءات الخصومة فضلا عن انطباقها بالنسبة لإجراءات الحجز و  التنفيذ   .

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}