المحكمة الجنائية الدولية بحث موجز

بحث عن المحكمة الجنائية الدولية بمناسبة جرائم الحرب الجارية حاليا ودور هذه المحكمة في معاقبة مجرمي الحرب ومنتهكي القانون الدولي ونتعرف علي نشأة المحكمة الجنائية الدولية وخصائص هذه المحكمة وعدد الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وكذلك التعرف علي لائحة نظام روما الأساسي لهذه لمحكمة الجنائية الدولية

المحكمة الجنائية الدولية نشأتها

على الرغم من ان فترتي ما بعد الحربين العالميتين والحرب الباردة قد شهدت انشاء اربع  محاكم جنائية  دولية الا ان محدودية اختصاصاتها من حيث الزمان والمكان كونها محاكم مؤقتة تختص بأحداث معينة وقعت في بلدان بعينها وخلال فترات محدودة.

الا ان لها الاثر الكبير على تنامي شعور المجتمع الدولي بالحاجة الى وجود آلية لملاحقة انتهاكات القانون الدولي. ومن جانب آخر ارست قواعد دولية خاصة بالمسؤولية الجنائية الدولية للفرد. الامر الذي انعكس ايجابيا على الجهود الدولية، فكانت خطوات هامة لإقامة قضاء جنائي دولي دائم.

فأناطت الجمعية العامة للأمم المتحدة بلجنة القانون الدولي مهمة اعداد مشروع النظام الاساسي لإنشاء محكمة دولية دائمة.

قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/1994 انشاء لجنة لدراسة المسائل الفنية والادارية لمشروع النظام الاساسي والذي اعدته لجنة القانون الدولي وحددت اجتماعات اللجنة في دورتين الاولى من 3-13/4/1995 والثانية من 14-25/8/1995.

واصدرت الجمعية العام في دورتها الخمسين قرارها المرقم 50/46 في 18/12/1995 اشارت فيه الى ان لجنة القانون الدولي اعتمدت مشروع المحكمة واوصت بعقد مؤتمر دولي للمفوضين لغرض دراسة المشروع وعقد اتفاقية لأنشاء محكمة جنائية دولية.

كما اشارت الى ان اللجنة المخصصة المشكلة لإنشاء محكمة قد خطت خطوات كبيرة في دراسة القضايا الادارية والفنية في المشروع وذكرت الخلاف الذي لازال قائم من قبل بعض الدول المشاركة حول بعض المسائل الفنية والادارية.

الامر الذي استوجب تشكيل لجنة تحضيرية تشترك فيها جميع الدول الاعضاء في المنظمة او اعضاء الوكالات المتخصصة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تكون مهمتها مناقشة المسائل المختلف حولها

وعلى ضوء النتائج التي يتم التوصل اليها تقوم اللجنة بصياغة النصوص كما حددت اجتماعات اللجنة المذكورة في دورتين الاولى من 25/3/الى 12/4 والدورة الثانية من 12-30/8/1996 على ان تقدم تقريرها الى الجمعية العامة في الدورة (51) 1996.

فترات اجتماع اللجنة التحضيرية

المحكمة الجنائية الدولية الدائمة

بعد ذلك اصدرت الجمعية العامة بتاريخ 17/12/1996 قرارا حددت فيه ثلاث فترات تجتمع فيه اللجنة التحضيرية لإنهاء المهمة الموكولة اليها

  • الاولى من 10-21/2/قامت اللجنة خلالها بتشكيل مجموعتي عمل. الاولى وتنحصر مهمتها في تعريف الجرائم ، بينما تختص الثانية بالمبادئ العامة للقانون الدولي.
  • الثانية من 4 – 15/8/1997 تناولت اللجنة خلالها بحث الاختصاص التكميلي وكيفية تحريك الدعوى والقواعد الاجرائية.

وتعقد اجتماعاتها في الفترة الثالثة من 1-12/12/1997. شكلت خلالها عدة مجاميع لدراسة وضع تعريف لجرائم الحرب والمبادئ العامة للقانون الجنائي الدولي والعقوبات والتعاون مع المحكمة والمساعدة القضائية

بعد ان اتمت اللجنة المهام الموكلة اليها عقد مؤتمر الامم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين الخاص بإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة للفترة من 15/6 – 17/7 1998 في روما الايطالية وتمخضت هذه الولادة العسيرة عن انشاء قضاء جنائي دولي دائم. نبين فيما يلي تشكيلها واختصاصها في ثلاث مطالب.

الجرائم الدولية محل التجريم الدولي

هذه الجرائم الدولية تتمثل في :

  1. جرائم الابادة الجماعية مثل ابادة عب بالكامل
  2. الجرائم ضد الانسانية مثل ضرب المستشفيات ومنع الأدوية والأغذية والكهرباء والمياه عن شعب
  3. جرائم الحرب مثلما فعلت الصهيونية بأسري حرب 1967 المصريين من الجنود ومثلما تفعل بالشعب الفلسطيني ومثلما فعل الصرب بأهل البوسنة والهرسك
  4. جرائم العدوان مثل عدوان دولة علي أخري

اجهزة وتشكيل المحكمة الجنائية الدولية

من نتائج المؤتمر الدبلوماسي في روما انبثاق ميثاق المحكمة الجنائية ويطلق عليه ( نظام روما الاساسي ) بعد ان وافقت عليه 120 دولة وامتنعت 21 دولة عن التصويت فيما عارضته سبع دول. وبمرور ستين يوما من مصادقة ستين دولة علية وهو ما حصل فعلا في 10/4/2002 تم اعلان تشكيل المحكمة.

دخل النظام الاساسي حيز النفاذ في 1/7/2002 ويتألف من ديباجة بينت الاسباب الموجبة لإنشاء محكمة ومن بينها ما حصل في القرن الماضي من احداث ذهب ضحيتها عشرات الملايين من البشر وما تسببت فيه الحروب من فضائع يجب الا تمر دون معاقبة مرتكبيها حتى يتم وضع حد لإفلات المجرمين من العقاب.

يشتمل الميثاق على 13 بابا كما يلي:

  • الباب الاول : يتضمن المواد (1-4) الخاصة بأنشاء المحكمة.
  • الباب الثاني : تناول المسائل المتعلقة بالاختصاص والمقبولية والقانون الواجب التطبيق في المواد (5-21)
  • الباب الثالث: يشمل المواد (22-33) والخاصة بالمبادئ العامة للقانون الجنائي.
  • الباب الرابع : المواد (34-52) حول كيفية تكوين المحكمة وادارتها.
  • الباب الخامس : المواد (53-61) وتناول التحقيق والمقاضاة.
  • الباب السادس : فتناول المحاكمة في المواد (62-76).
  • الباب السابع : فيما اختص هذا الباب في العقوبات في المواد (77-80).
  • الباب الثامن : اما الاستئناف واعادة النظر فكان من نصيب المواد (81-85)
  • الباب التاسع : المواد (86-102) ويخص التعاون الدولي والمساعدة القضائية.
  • الباب العاشر : (103-111) الخاصة بالتنفيذ.
  • الباب الحادي عشر : تضمن مادة واحدة (112) واختص بجمعية الدول الاطراف.
  • الباب الثاني عشر :المواد (113-118) ويختص بالتمثيل.
  • الباب الثالث عشر: يتضمن الاحكام الختامية كتسوية المنازعات والتحفظات، والتعديلات التي تطرأ على الاحكام والتوقيع والتصديق وغيرها تناولتها المواد (119-128).

وتتكون المحكمة من اربع دوائر :

  • هيئة الرئاسة
  • دوائر المحكمة من استئناف وابتدائية وتمهيدية
  • المدعي العام
  • قلم المحكمة

يتم تشكيل الدائرتين الاولى والثانية من القضاة الذين يتم انتخابهم و اما الدائرة الثانية فتتكون من المدعي العام ونوابه ومستشاريه والدائرة الاخيرة تضم المسجل ونائبه

اولا- تشكيل المحكمة الجنائية الدولية :

عدد القضاة الذين يشكلون الدوائر الثلاث في المحكمة والرئاسة 18 قاضيا. اما كيفية اختيارهم فتتم بالشكل التالي:

تقوم كل دولة طرف في نظام روما الاساسي بتقديم مرشح واحد ولا يشترط فيه ان يكون من رعاياها، ولكن يجب ان يكون من رعايا احدى الدول الاطراف في نظام روما.

على ان تكون الترشيحات مصحوبة ببيان مفصل يشتمل على توافر الشروط المطلوبة ومنها الكفاءة في مجال القانون الجنائي والكفاءة في مجال القانون الدولي وله خبرة تؤهله لممارسة هذا العمل، اضافة الى تحليه بالإخلاف والنزاهة والحيادية الى غيرها من الصفات التي تؤهله للمناصب العليا في دولته  (مادة 36 من النظام).

لجمعية الدول الاطراف – وهي جمعية تنشأ بموجب النظام الاساسي ويكون لكل دولة طرف ممثل واحد فيها يمكن ان يساعده مناوبون ومستشارون ولها مكتب يتكون من رئيس ونائبين و18 عضو يتم انتخابهم من قبل الجمعية لمدة ثلاث سنوات – ان تنشأ لجنة استشارية مهمتها النظر في الترشيحات.

يتم اعداد قائمتين الاولى تتضمن اسماء القضاة الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة في المادة (36). اما القائمة الثانية فتشمل اسماء القضاة الذين لهم كفاءة في مجال القانون الدولي مثل القانون الانساني الدولي وقانون حقوق الانسان.

يتم انتخاب تسعة قضاة من القائمة الاولى على الاقل وخمسة قضاة من القائمة الثانية وذلك في الانتخاب الاول للمحكمة. اما الانتخابات اللاحقة فتنظم مع الاحتفاظ بنسب القضاة الواردة بين القائمتين. ثم تنتخب جمعية الدول الاطراف وعن طريق الاقتراع السري ويم اختيار 18 قاضيا ممن حصل على اكبر عدد من الاصوات وهي اغلبية ثلثي الدول المصوتة. مع مراعاة التوزيع الجغرافي والنظم القانونية الرئيسية في العالم. اما في حالة عدم اختيار العدد المطلوب من القضاة فتجري عمليات اقتراع اخرى.

يجوز لهيئة الرئاسة في المحكمة ان تقترح زيادة عدد القضاة في المحكمة مع بيان الاسباب الموجبة لهذه الزيادة. يُعمم الاقتراح على الدول الاعضاء ويتم اعتماده اذا ما تمت الموافقة عليه من قبل جمعية الدول الاطراف بأغلبية ثلثي اعضائها وينتخب الاعضاء الجدد خلال الدورة التالية لجمعية الدول الاطراف. كما يجوز لهيئة الرئاسة اقتراح خفض الزيادة في عدد القضاة بعد زوال الاسباب التي بررتها، ويتم بنفس الطريقة التي اعتمدت فيها زيادة عدد الاعضاء، مع ملاحظة ان لا يقل عدد اعضاء المحكمة في اي حال عن 18 قاضيا.

واذا ما شغر مكان احد القضاة لأي سبب كان فيتم اختيار قاضي بدلا عنه بنفس الطريقة السابقة وممن تتوافر فيه الشروط المطلوبة، على ان يكمل القاضي البديل المدة المتبقية لسلفه واذا كانت المدة ثلاث سنوات يجوز اعادة انتخابه لولاية اخرى (مادة 37)

بعد ان يتم اختيار القضاة يأتي دورهم لانتخاب رئيس للمحكمة ونائبين له، لمدة تتراوح بين ثلاث سنوات او لحين انتهاء عمله كقاضي اي الفترتين اقرب، ويمكن تجديد انتخابهم لفترة اخرى. من واجبات هيئة الرئاسة ادارة المحكمة باستثناء مكتب المدعي العام الذي يعتبر جهاز مستقل عن المحكمة على ان ذلك لا يمنع ان تقوم هيئة الرئاسة بالتنسيق معه. ويحل النائب الاول محل الرئيس في حال غيابه لأي سبب ، كما يحل النائب الثاني محلهما حال غيابهما.

بعد ذلك يتم توزيع القضاة على الشعب :
حيث تتكون المحكمة من ثلاث شعب

على ان يراعى في التوزيع مؤهلات القاضي. حيث اشرنا الى اعتماد قائمتين من القضاة  والشروط الواجب توافرها في مرشحي القائمة الاولى تختلف عن الشروط اللازم توافرها في اسماء القائمة الثانية فيكون خمسة قضاة لشعبة الاستئناف اربعة اعضاء ورئيس يستمرون في العمل بهذه الشعبة طيلة فترة ولايتهم.

فيما تتألف الشعبة الابتدائية من :

ستة قضاة يراعى في اختيارهم اختلاف الخبرات كأن تكون مزيجا من القانون الجنائي والاجراءات الجنائية وغيرها. يعين ثلاث قضاة للدائرة الابتدائية من قضاة الشعبة الابتدائية. ويمكن تشكيل اكثر من دائرة ابتدائية اذا ما اقتضت ظروف العمل ذلك.

وتتألف الشعبة التمهيدية من ستة قضاة. يتولى مهام الدائرة التمهيدية اما ثلاثة قضاة او قاضي واحد.

وقد وضعت الفقرة الرابعة من المادة (39) من النظام الاساسي ضوابط لانتقال القضاة بين الدوائر داخل المحكمة :

فالقضاة الاعضاء في شعبة الاستئناف لا يعملون الا في هذه الشعبة ولا يحق لهم العمل في الشعب الادنى. ولكن يجوز لقاضي الشعبة الابتدائية ان يلتحق مؤقتا بشعبة ما قبل المحكمة ( الشعبة التمهيدية )

كما يجوز لقاضي الشعبة الاخيرة الالتحاق بالشعبة التمهيدية ولكن يشترط في حالة الانتقال من الشعبة التمهيدية الى الشعبة الابتدائية ان لا ينظر القاضي دعوى في هذه الشعبة سبق له النظر فيها في الشعبة التمهيدية.

ثانيا – مكتب المدعي العام بالمحكمة الدولية الجنائية :

يعتبر مكتب المدعي العام جهازا منفصلا عن اجهزة المحكمة تحقيقا لاستقلاليته. ويتكون من رئيس المكتب الذي هو المدعي العام  ويتولى ادارة المكتب يساعده نائب مدعي عام واحد او اكثر يقومون بأعمال هي من صلاحية المدعي العام .

ويشترط ان يكون المدعي العام ونوابه من جنسيات مختلفة. كما يشترط فيهم التحلي بالإخلاف الحميدة ولهم خبرة في مجال عملهم او في مجال القضاء الجنائي.

يتم انتخاب المدعي العام من قبل جمعية الدول الاطراف. كما يتم انتخاب نوابه بنفس الطريقة من قائمة المرشحين المقدمة من قبل المدعي العام.

حيث يقوم بترشيح ثلاثة اسماء لشغل كل منصب من مناصب نوابه. تكون فترة انتخاب المدعي العام ونوابه لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد.

ثالثا- قلم المحكمة:

يتولى رئاسة قلم المحكمة المسجل، ويكون مسؤولا اداريا للمحكمة يمارس اعماله تحت سلطة رئيس المحكمة، ويكون له نائبا. ويشترط فيهما تمتعهما بالأخلاق الرفيعة والكفاءة العالية في مجال عملهما.

ينتخب المسجل من قبل القضاة عن طريق الاقتراع السري ويختار من يحصل على الاغلبية المطلقة. وعلى القضاة الاخذ بنظر الاعتبار توصية جمعية الدول الاطراف في هذا المجال

اما بالنسبة الى نائب المسجل فيتم انتخابه من قبل القضاة ايضا وبنفس الطريقة التي تم فيها انتخاب المسجل. وتكون فترة انتخاب المسجل خمس سنوات قابلة للتجديد.

اما باقي موظفي القلم فيتم تعينهم من قبل المدعي العام والمسجل، وبالتنسيق بينهما يتم اقتراح النظام الاساسي للموظفين على ان توافق عليه جمعية الدول الاطراف.

اختصاص المحكمة الجنائية الدولية

 

يعتبر موضوع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من اكثر الموضوعات التي دار حولها جدل كثير فاذا كان مجلس الامن قد حلَ هذا الاشكال بمنح محكمتي يوغسلافيا ورواندا الاختصاص المتزامن مع القضاء الوطني بالإضافة الى شرط الاسبقية للمحكمتين

 الا ان شرط الاسبقية اثار مخاوف الكثير من الدول حيث شعرت ان اعطاء شرط الاسبقية الى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة على القضاء المحلي ينتقص من سيادتها فكان لابد من ايجاد علاقة جديدة بين القضاء الوطني

والمحكمة المزمع انشائها توفق بين مسألتين :
  • الاولى الحفاظ على سيادة الدولة،
  • ولثانية عدم افلات المجرمين من الملاحقة والمسائلة

التكاملية بين المحاكم المحلية والمحكمة الدولية :

تولدت فكرة التكاملية بين المحاكم المحلية و المحكمة الدولية بان يكون الاصل في الاختصاص للنظر في دعوى معينة للقضاء الوطني. اما في حالة وقوع فعل مما تنطبق علية جريمة دولية تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ولم تدع دولة ان الفعل المذكور يدخل في اختصاص قضائها الوطني، او ان الدولة التي يدخل الفعل في اختصاص قضائها قد قد اخفقت في اجراء المحاكمة او انها لم تكترث او كان لديها سوء نية، ففي هذه الحالة يأتي دور المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة

وهذا ما اكدته ديباجة نظام روما الاساسي بقولها :

( واذ تؤكد ان المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب هذا النظام الاساسي ستكون مكملة للاختصاصات القضائية الجنائية الوطنية )

وما اكدته المادة الاولى من النظام الاساسي ايضا.

وبذلك فان مبدأ الاختصاص التكاملي المنصوص عليه في النظام الاساسي يرسم الحدود الفاصلة بين اختصاصات القضاء الوطني واختصاص القضاء الدولي يعتبر من اهم المبادئ الاساسية التي تقوم عليها المحكمة الدولية.

وباتباع مبدأ التكامل في الاختصاص فسوف لن يكون القضاء الدولي بديلا عن القضاء الوطني ولا يحل محله. وعليه فان الصفة الدولية للجريمة لاتكفي وحدها لتكون مشمولة بالولاية المحكمة الدولية. كما لا تزاحم المحكمة الدولية القضاء المحلي ولا يكون له شرط الاسبقية الا في الاحوال التي بينتها المادة (17،ف1) من النظام الاساسي

الاختصاص النوعي للمحكمة الجنائية الدولية :

يستند هذا الاختصاص على نوع الجرائم التي نص عليها النظام الاساسي فقد اوردت المادة الخامسة منه الجرائم الاشد خطرا والتي اشارت اليها الفقرة الاولى وهي:
1- جرائم الابادة الجماعية:

وهي اشد الجرائم الدولية ضررا وجسامة لانها تستهدف الانسان لإنسانيته ولم ينفرد نظام روما بذكر الابادة الجماعية بل سبقه الى ذلك النظام الاساسي لكل من محكمة يوغسلافيا السابقة ورواندا.

وقد جاء تعريف جريمة الابادة في الانظمة الثلاثة مطابقا لما ورد في اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، لذلك فهو تعريف مستقر منذ اكثر من خمسة عقود.

واوردت المادة السادسة تعريفا لجريمة الابادة وتحديدا للأفعال التي تشكل الركن المادي لها وقد وردت في الصكوك الدولية ولم تشترط لقيام الجريمة ان يؤدي الفعل المرتكب الى التدمير الكلي او الجزئي للجماعة بل يكفي توافر النية الاجرامية.

كما لا يشترط لتحقق الركن المادي

القيام بفعل ايجابي من الافعال التي اوردتها المادة اعلاه، انما يتحقق السلوك الاجرامي في حالة الامتناع عن القيام بفعل يحول دون ارتكاب الجريمة، كالواجب الذي يفرضه القانون على الشخص.

وهذا ما اخذت به محكمة رواندا بحق رئيس وزراء رواندا اذ وجدته المحكمة مسؤولا عن جريمة الابادة الجماعية لعدة اسباب منها امتناعه عن القيام بواجبه بصفته هذه والتي تفرض عليه القيام بما يلزم لوقف المذابح.

ومن هنا يتبين ان الامتناع يجب ان يكون مخالفا لواجب يفرضه القانون على الممتنع. ولنفس السبب تتحقق مسؤولية الرئيس عن اعمال مرؤوسيه.

اضافة الى ان محكمة رواندا ادخلت الاغتصاب كفعل يتسبب في ضرر جسيم في احد افراد الجماعة رغم ان صور الافعال الواردة في تعريف الابادة الجماعية لا تشتمل عليه. الا ان المحكمة رأت ان فعل الاغتصاب جريمة ابادة لما يسببه من تدمير جسدي ونفسي اذا تم اختيار النساء اللواتي اصبحن ضحايا هذا الاعتداء لكونهن ينتسبن الى جماعة معينة.

اما بخصوص الركن المعنوي لهذه الجريمة

فلا يكفي لقيامها القصد العام بل لابد من القصد الخاص اي لا يكفي حتى نكون امام فعل يشكل جريمة الابادة الجماعية ان يكون الفاعل عالما بالصفة الجرمية للفعل ومع ذلك اتجهت ارادته الى ارتكابه

وانما لابد من ان تتجه ارادته لتحقيق قصد معين وهوهنا التدمير الكلي او الجزئي لجماعة معينة بسبب دينها او اثنيتها او عرقها.

علما ان القصدين العام والخاص يتفقان من حيث عنصري العلم والارادة ولكن القصد الخاص اكثر اتساعا من القصد العام في انه يشترط لتحققه الغاية او الهدف من وراء اتجاه الارادة لسلوك معين.

2- الجرائم ضد الانسانية:
اوردتها المادة السابعة من النظام وهي الافعال التي ترتكب اثناء هجوم واسع النطاق او ممنهج على مجموعة من السكان المدنيين :
  • كالقتل
  • الابادة
  • الابعاد القسري
  • الحرمان الشديد من الحرية البدنية والتعذيب وغيرها من الافعال

وتشكل الافعال المذكورة والتي تمس مصالح الفرد او المجموعة التي تشترك بالدين او بالعقيدة او العرق جرائم ضد الانسانية .

ولا يشترط فيها ان تقع اثناء الحرب بل تتحقق صفتها باعتبارها جرائم ضد الانسانية سواء وقعت قبل او اثناء او بعد الحرب. كما لا يشترط ان تكون مرتبطة بغيرها من الجرائم الدولية

كما كانت تشترط لائحة نورمبيرغ حيث اشترطت ارتباطها بالجرائم ضد السلام او جرائم الحرب. وهو اتجاه انتقد من قبل الفقه لعدم وجود ما يبرر هذه العلاقة.

واذا كانت المادة السابعة قد حددت الافعال التي تشكل الركن المادي للجريمة فان الركن المعنوي لا يتحقق بتوفر القصد العام بل لابد من تحقق القصد الخاص.

حيث لا يكفي العلم والارادة ولكن يشترط الهدف والغاية من سلوك الارادة للقيام بهذا الفعل. وبتخلف الهدف او الغاية من الفعل يتخلف الركن المعنوي للجريمة باعتبارها جريمة ضد الانسانية وان انطبق عليه وصف جريمة اخرى .

3- جرائم الحرب:
اوردت المادة الثامنة من النظام الاساسي تعريفا لها وحددتها في الافعال التالية:
  • – الافعال التي تشكل خرقا جسيما لاتفاقيات جنيف 1949 كالقتل العمد، التعذيب، المعاملة الإنسانية، الحاق اذى خطير بالجسم او بالصحة …الخ.
  • – اي انتهاك لقوانين واعراف الحرب كالهجمات على السكان المدنيين، وتوجيه هجمات ضد مواقع مدنية …الخ.
  • – الافعال التي تقع اثناء نزاع لا يحمل الصفة الدولية وهي الانتهاكات التي اوردتها المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف 1949 كالأفعال المرتكبة ضد اشخاص غير المشتركين بالأفعال الحربية بمن فيهم افراد القوات المسلحة الذين القوا السلاح او الذين اصبحوا عاجزين عن مواصلة القتال.

يتحقق الركن المادي لهذه الافعال بوقوع احد الافعال التي ذكرتها المادة الثامنة، وعلى هذا لا تعتبر الافعال التي تقع قبل الحرب او بعدها من قبيل جرائم الحرب اذ ان اهم عنصر في تحققها وقوعها اثناء الحرب.

ويكفي القصد العام لتحقق الركن المعنوي لهذه الجرائم. فيكفي العلم وان تتجه الارادة للقيم بهذا الفعل او ذاك ولا نكون امام جريمة اذا كان الفاعل يعتقد ان ما قام به لا يشكل جريمة بموجب القانون، وانما ما قام به هو دفاعا عن النفس اباحه ميثاق الامم المتحدة المادة (51) مثلا.

4- جرائم العدوان :

 وقد اُجل النظر فيها من قبل المحكمة لحين وضع تعريف لهذه الجريمة مع العلم ان الامم المتحدة قد توصلت الى تعريف للعدوان بموجب قرار لها صدر عام 1974 وقد احسنت الدول صنعا بعدم الاخذ بالتعريف المذكور للعدوان لأنه تعريف ناقص لا يشتمل الا على عنصر

الاختصاص الشخصي للمحكمة الدولية الجنائية :

ينحصر الاختصاص الشخصي للمحكمة الدولية بالأشخاص الطبيعيين كما اشارت الى ذلك المادة (25) من النظام سواء ارتكب الشخص الطبيعي الفعل الذي يشكل جريمة بمفرده او اشترك مع آخر في ارتكابه

او ارتكب الفعل مباشرة او بواسطة شخص آخر سواء كان الشخص الوسيط غير مسؤول جنائيا او انه على علم بما قام به وبالتالي فهو مسؤول كمن حرضه على ارتكاب الجريمة، او انه اصدر امرا او اغرى شخصا، على انه يجب ان يكون الفعل قد وقع فعلا. او الشروع فيه على ان تكون النتيجة الجرمية قد تخلفت لأسباب خارجة عن ارادة الفاعل.

ويستثنى من ذلك

العدول الاختياري كما لو اختار الجاني بنفسه وبمحض ارادته ان لا يتم الجريمة بعد ان بدأ بتنفيذها، وهو اتجاه سليم لإفساح المجال امام الجناة للعدول عما تورطوا فيه، اضافة الى ان عدولة عن اتمام الجريمة دليل على عدم خطورته يشترط في العدول حتى يكون غير معاقب عليه ان يكون بمحض ارادة الجاني ، ولا يهم بعد ذلك الباعث على العدول كالندم او التوبة او الخوف من العقاب.

اما العدول الاضطراري والذي يكون لسبب خارجي لا علاقة له بإرادة الجاني فان الشروع يتحقق وينطبق عليه الشطر الاول من الفقرة (و) المادة (25).

كما لا عبرة بالعدول الاختياري الذي يحصل بعد اتمام الشروع في الجريمة. اما بالنسبة الى التوبة الايجابية فهي غير مشمولة بهذه الحالة مما يعني ان مسؤولية الجاني عن الجريمة قد تحققت كاملة، الا انها يمكن ان تأخذ بها المحكمة كسبب لتخفيف العقوبة.

اخذ نظام روما بما اخذت به دساتير المحاكم المؤقتة السابقة من عدم الاعتداد بالصفة الرسمية للمتهم فهي لا تعفي المتهم من المسؤولية لصفته كما لا تعتبر هذه الصفة سببا مخففا للعقوبة ولا تعتبر الحصانات التي يتمتع بها الشخص مانعا من مثوله امام المحكمة او انها تمنع المحكمة من ممارسة ولايتها على ذلك الشخص.

تقييم المحكمة الجنائية الدولية الدائمة

 

بعد مخاض عسير استمر عقودا جاءت ولادة المحكمة الدولية استجابة لمطالب المجتمع الدولي لتعقب مرتكبي الجرائم الدولية ومحاكمتهم و تضمن النظام الاساسي للمحكمة تحديد الاختصاص النوعي لها بتحديده وتعريفه الجرائم التي يكون لها النظر فيها فهي الجهة المختصة في محاكمة الاشخاص المتهمين بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم الابادة الجماعية كما يحق لها النظر في جرائم العدوان بعد وضع تعريف لها.

ومن اهم ما تمتاز به المحكمة هو ان تشكيلها يعتبر عامل ردع لمن تسول له نفسه انتهاك حقوق الانسان، وفعلا قامت المحكمة بواجبها ففي كانون ثاني 2004 كان الرئيس الاوغندي Yoweri Museveni اول رئيس دولة يُحال بقضية تخص بلاده الى المحكمة الجنائية الدولية.

وفي تشرين اول 2005 اصدرت المحكمة لوائح اتهام الى خمسة من كبار ضباط جيش الرب كما اصدرت اول مذكرة اعتقال رسمية ضد جوزيف كوني زعيم جيش الرب، حيث اتهمه المدعي العام بارتكاب 33 جريمة ضد الانسانية وجرائم اخرى ارتكبها منذ تموز 2002 تاريخ سريان قانون روما.

وفي مارس 2005 اتخذ مجلس الامن خطوة غير مسبوقة بإحالته قضية دارفور في السودان الى المحكمة الجنائية الدولية وفي نيسان من نفس العام قدمت الامم المتحدة قائمة تشتمل على 51 مواطن سوداني متهم الى المحكمة الا ان الحكومة السودانية وعلى لسان الرئيس السوداني اوعد الا يسلم احدا الى المحكمة.

ولذلك قد يتفاءل البعض في ان هذه المحكمة تضع حدا لمثل هذه الجرائم الا ان الناظر الى الواقع يرى تدخل السياسة في عملها والسبب في ذلك ان نظامها الداخلي لم يبعدها تماما من مناورات الدول الكبرى، ومن جهة اخرى تبقى ارادة الدول متحكمة في عمل المحكمة.

فكثيرة الجرائم الدولية التي ارتكبت في فلسطين ومنها مجزرة جنين والتدمير لجماعة الفلسطينيين وجدار الفصل العنصري الملتف حول الاراضي الفلسطينية الى غيرها من الجرائم التي لاتزال تُرتكب الى اليوم والمحكمة مكبلة بقيود ارادة الدول الكبرى.

وننوه أن اسرائيل في الوقت الراهن ما زالت ترتكب المجازر بلا عقاب ولا احترام للقانون الدولي والاحداث الجارية بعد طوفان الأقصي 2023 في السابع من أكتوبر بمنع قوافل الأدوية والغذاء والماء ومنع المياه والكهرباء والغاز عن غزة ومحاصرة مستشفيات القطاع المستشفي الأندزنيسي ومستشفي الشفاء وضرب مستشفي الأهلي المعمداني وضرب المدنيين بالقنايل هي جرائم ابادة دولية يعاقب عليها القانون الدولي .

وعندما ارتكبت الجرائم في دارفور احال مجلس الامن القضية الى المدعي العام واصدرت الامم المتحدة قائمة تتضمن 51 سوداني تحركت الولاية القضائية للمحكمة.

وبما ان مجلس الامن يكيل بمكيالين في القضايا السياسية ولعلاقة التبعية التي تربط المحكمة بمجلس الامن ومدى تدخل الجانب السياسي بالجانب القانوني وتأثيره عليه فتكون قراراتها مبنية على معيارين قانوني ويهدف الى تحقيق العدالة ومعيار سياسي ويهدف الى خدمة الارادة الأساسية لبعض الدول.

ومن هنا يتبين ان ما يعرقل عمل المحكمة ويعطل سير العدالة فيها هو نفوذ الدول الكبرى وخاصة الدول الدائمة في مجلس الامن وما له من صلاحيات في احالة بعض القضايا حسب النظام الاساسي.

وما فعلته الولايات المتحدة مع قرار  محكمة العدل الدولية  القاضي باعتبار جميع الاجراءات التي قامت بها امريكا لمساعدة الكونترا غير قانونية. وبدلا من ان توقف الولايات المتحدة مساعداتها صوَت مجلس الشيوخ الامريكي لصالح صفقة ريغان بتخصيص 100مليون دولار كعون عسكري للكونترا.

فقد فعلته مع المحكمة الجنائية الدولية حيث ترى ان النظام الاساسي كسر سابقة قانونية بتأكيده اختصاص المحكمة على رعايا والعسكريين لدول غير الاطراف في المعاهدة لذلك رجعت الى مجلس الامن حيث تستطيع ان تفرض ارادتها وتمكنت من اصدار القرار 1422 لسنة 2002 واستطاعت تجديده سنة 2003 الا انها فشلت في جمع ما يلزم من دعم عام 2004.

وحتى لو فرضنا ان المحكمة اصدرت قراراتها بشفافية فما هي السلطة التنفيذية التي تأخذ على عاتقها تنفيذ تلك الإقرارات في حالة امتناع الدولة المختصة عن التنفيذ هل يقوم مجلس الامن بهذه المهمة. وهنا ايضا خضعت قرارات المحكمة للإرادة السياسية. سيما اذا ما علمنا ان مجلس الامن يفشل في تنفيذ قراراته هو،

وكم هي قرارات مجلس الامن التي اودعت الارشيف ولم تنفذ وخاصة تلك التي تعارض مصالح البعض. فكيف لنا ان نتصور ان يقوم مجلس الامن بتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية اذا عارضت مصلحة احدى الدول الدائمة. وفي هذه الحالة تعطلت قرارات المحكمة وتعطل تبعا لذلك تطبيق العدالة.

لم يقف دور مجلس الامن على احالة بعض القضايا الى المدعي العام مستندا في ذلك على الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة كما اقرت ذلك الفقرة (ب) من المادة (139) بل تعداه ليشمل صلاحيته تعطيل اجراءات المحاكمة التي نصت عليها المادة (16) من النظام حيث لا يجوز للمحكمة اجراء التحقيق او المقاضاة لمدة اثنى عشر شهرا بناء على طلب من مجلس الامن حسب قرار يصدره استنادا الى الفصل السابع ويجوز للمجلس تجديد الطلب

وهي اكثر خطورة من الصلاحية الاولى لسببين :
  • الاول تستطيع الدول دائمة العضوية تنفيذ مصالحها عن هذا الطريق
  • السبب الثاني انها تزيد من تبعية المحكمة الى مجلس الامن وبذلك تفتقر الى الضمانات ضد التلاعب السياسي.
ولما كان مجلس الامن في علاقته اعلاه مع المحكمة

يستند الى الفصل السابع من الميثاق فانه في ذلك يمثل الشرعية في النظام الدولي. مما يؤثر سلبا على قوة النظام الاساسي للمحكمة اذا ما عرفنا انه في اية قضية تكون الاسبقية للميثاق اكثر من الاتفاقات الدولية، وهذا ما اشارت اليه المادة 103 من ميثاق الامم المتحدة.

حيث في حالة تعارض الالتزامات التي يرتبها هذا الميثاق مع الالتزامات الدولية الاخرى فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق .

اضافة الى ما اشارت اليه المادة 25 من الميثاق حيث تتعهد الدول الاعضاء بقبول قرارات مجلس الامن وتنفيذها وفق هذا الميثاق). ويترتب على ذلك ان الدول ملتزمة باتباع قرارات مجلس الامن اكثر من اتباعهم قرار المحكمة وهذا خلل كبير في النظام الاساسي.

ولا يقتصر الامر على مجلس الامن حيث ان المادة 124 والتي اجازت للدولة عندما تصبح عضوا ان تعلن عدم قبولها اختصاص المحكمة فيما يتعلق بجرائم الحرب لمدة سبع سنوات سواء فيما يتعلق باتهام احد مواطنيها بارتكاب جريمة حرب او ان مثل هذه الجريمة قد وقعت على اراضيها. وهو حكم خطير ترتبه المادة المذكورة مما يقتضي تعديله او الغائه كما سمحت بذلك المادة نفسها كونها اشارت الى انه حكم انتقالي

كما ان هذه المحاكم لم تُغلق الباب امام المحاكم المؤقتة التي ينسأها مجلس الامن كما اُريد منها ذلك :

فقد عمد مجلس الامن الى فتح الباب امام محاكم مختلطة كما هو الحال بالنسبة للمحكمة الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان السابق. وما في ذلك من سلب لصلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وامعانا في تعطيل دورها طالما انها تخرج قليلا عن ارادة مجلس الامن على ان هذا لا يعني خلو المحكمة من الحسنات واولها ان اساس انشائها معاهدة دولية وبذلك تستند الى مجال اوسع من المشروعية الدولية. وتبعدها قليلا من ارادة بعض الدول الكبرى لذلك وقفت دول لمعارضتها بحجة او اخرى.

حسب الاهداف المتوخاة من المحكمة الجنائية الدولية يمكن اعتبارها مكملة للأمم المتحدة. حيث ان النظام القضائي الذي يرسمه نظامها الاساسي يهدف ايضا الى تعزيز الامن الجماعي الذي يعتبر هدفا رئيسيا نص عليه ميثاق الامم المتحدة. يتضح ذلك مما ورد في ديباجة نظام روما الذي اكد انها تختص في الجرائم الخطيرة التي تهم المجتمع الدولي.

اضافة الى انها محكمة دائمة ليس لها زمن محدد :

فاختصاصها يشمل الجرائم التي تقع بعد نفاذ قانونها الاساسي. الا ان ميزتها هذه لا تخلو من النقد ايضا فتبدو وكأن المحكمة تحمل التناقض في نظامها الداخلي. فقد ورد في الديباجة ان الملايين من النساء والرجال والاطفال كانوا ضحايا بعض الحروب

وان مثل هذه الجرائم تهدد السلم والامن الدولي وان الدول عقدت العزم على عدم فسح المجال لمرتكبي هذه الجرائم من الافلات من العقاب. نجدها من جانب اخر تقصر ولايتها على الجرائم التي تقع بعد نفاذ نظامها وكأنها اعطت صك براءة لمرتكبي هذه الجرائم قبل نفاذها مع العلم ان الجرائم الدولية لا تسقط بالتقادم كما نصت على ذلك اتفاقية 1968.

التوصيات

 

ان الاساس القانوني للمحكمة الجنائية الدولية هو معاهدة دولية

ينطبق عليها ما ينطبق على المعاهدات بشكل عام ومما ينطبق عليها ان المعاهدة لا تُلزم سوى اطرافها ولم تكن ملزمة الا بما يرد فيها

اضافة الى ان هذه الدول غير ملزمة بالارتباط بها دون ارادتها. الامر الذ يؤدي الى افلات الكثير من المجرمين من رعايا الدول الغير اعضاء.

والقول بأن هذا النقص يمكن سده بالصلاحية المخولة لمجلس الامن قول تعوزه الدقة لما راينا سابقا السلبيات التي تترتب على تدخل مجلس الامن.

ولكن يمكن ان تكون للمحكمة الجنائية الدولية الشخصية القانونية ازاء الجميع حتى بالنسبة للدول غير الاطراف في معاهدة انشائها استنادا الى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية …) وفقا للقانون الدولي كان لخمسين دولة تمثل الاغلبية العظمى لأعضاء المجتمع الدولي .

وفقا للقانون الدولي، الاهلية لتأسيس كيان له شخصية دولية موضوعية وليس مجرد شخصية تعترف بها تلك الدول دون غيرها وحيث ان الاغلبية الدولية تحققت اوقد تتحقق في المستقبل استنادا الى الفقرتين الاولى والثالثة من المادة 125 من النظام فيمكن بالتالي تطبيق هذا الرأي الاستشاري على المحكمة الجنائية.

ان النظام الاساسي للمحكمة اعطى صلاحيات واسعة الى مجلس الامن منها احالة بعض القضايا الى المدعي العام وكذلك تعطيل الاجراءات واعادة تجديد فترة التعطيل كل ذلك استنادا الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.

هذه الصلاحيات تؤدي الى تكريس تبعية المحكمة الى مجلس الامن وبالتالي تحقيق مصالح الدول الدائمة العضوية واهمال مصالح المجتمع الدولي ومنها حماية وتعزيز السلم والامن الدولي التي تشارك المحكمة فيه كما راينا. لذلك لابد ان تكون هذه الصلاحيات ممنوحة الى مجلس الامن ليس استنادا الى الفصل السابع حتى لا تكون ملزمة الى المحكمة ويكون لها الرأي الاخير في قبولها او رفضها.

ان يسري نظامها الداخلي على الجرائم التي وقعت قبل نفاذه ما عدى الجرائم التي تدخل في اختصاص المحاكم المؤقتة

بالرغم من ان ذلك يعد مخالفة لمبدأ عدم رجعية القوانين الجزائية، لان مخالفة مبدأ اقل ضررا من افلات العديد من العقاب سيما وان معاهدة عام 1968 التي تنص على عدم تقادم الجرائم الدولية تصبح دون جدوى خاصة للفترة التي تسبق نفاذ النظام الاساسي.

ألغاء الحكم الانتقالي الذي رتبته المادة 124

بحيث تقبل الدولة من تاريخ انضمامها الى الاتفاقية باختصاص المحكة ولجميع الجرائم لما يترتب عليه من مخاطر افلات المجرمين من العقاب، اضافة الى ذلك فان من اهداف المحكمة هو ردع الاخرين عن ارتكاب بعض الجرائم، ولا يتحقق الردع اذا استطاعت الدولة ان تعفي رعاياها من المحكمة لمدة سبع سنوات. فضلا عما يكشفه ذلك من نية الدولة بارتكاب هذه الجرائم.

ان يتم التوصل سريعا الى تعريف للعدوان وقد احسن النظام الاساسي في عدم الاخذ بالتعريف الذي ورد في قرار الامم المتحدة عام 1974 حيث انه يقتصر على الوسائل العسكرية في حين ان العدوان الاقتصادي والسياسي اكثر ايلاما من العدوان العسكري لمعالجة الامور اعلاه يتعين على الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكيل لجنة لدراسة هذه المسائل وغيرها مما تنقص من قيمة النظام الاساسي وعرضها عليها لاتخاذ القرار بشأنها.

المحكمة الجنائية الدولية الدائمة

في الختام نقول ان العالم ورغبة منه في ارساء السلام بين الدول والشعوب ومنع الجرائم الانسانية والحفاظ علي حقوق الانسان فكر في انشاء هذه المحكمة وبالرغم من ذلك لا زال هناك دول ترتكب مجازر وتنتهك القوانين الدولية وترتكب جرائم دولية بشعة والبعض عوقب والبعض لم يطاله العقاب الدولي فللاسف لم تقم المحكمة الدولية بدورها المنوط به لا سيما مع الدول الفقيرة نظرا لسطوة الدول الكبري علي كل شئ.

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}