يشكل شرط منع التصرف أحد البنود الشائعة في عقد بيع العقار، والذي يُحدد قدرة المشتري على التصرف بعقاره خلال فترة معينة. لكن، هل يمكن اعتبار هذا الشرط باطلاً في بعض الحالات؟ تُعد هذه المسألة موضوع نقاش قانوني مهم، حيث يطرح التساؤل حول حدود صلاحية شرط منع التصرف في ظل قوانين العقارات.
منع التصرف في العقارات
تساؤل هام ما هي أثار تضمين عقد البيع شرط منع التصرف في العقارات المبيعة حق البائع أم واجب المشتري؟
تتضمن هذه الدراسة تحليلًا دقيقًا لشروط بطلان شرط منع التصرف في عقود بيع العقارات، وذلك من خلال دراسة التشريعات والقوانين المتعلقة بـ “منع التصرف” في “عقود البيع” للعقارات.
سنستعرض في هذا البحث أهم الحالات التي يُصبح فيها شرط منع التصرف غير قانوني أو غير قابل للتطبيق، مع التطرق إلى مخاطر وجود مثل هذا الشرط على حقوق المشتري.
خطر شراء عقار مع شرط منع التصرف: ما الذي يجب أن تعرفه؟
- يُعد شرط منع التصرف في عقود بيع العقارات بمثابة سيف ذو حدين، ففي حين يُقدم بعض الأمان للبائع، إلا أنه يهدد المشتري بمجموعة من المخاطر التي قد تؤثر سلبًا على حقوقه وخططه المستقبلية. فقد يمنع المشتري من بيع العقار أو استغلاله بالشكل الذي يرغب به خلال مدة صلاحية الشرط، مما قد يُقلل من قيمته السوقية ويُعرّضه لخسائر مالية.
- إضافةً إلى ذلك، فإن وجود شرط منع التصرف قد يُعقّد حصول المشتري على تمويل عقاري من البنوك، فقد تُفضل بعض المؤسسات المالية عدم تقديم القروض لعقارات مشمولة بشروط تحصر تصرف المشتري بها. وتُصبح هذه المشكلة أكثر تعقيدًا عند رغبة المشتري في بيع العقار قبل انتهاء مدة الشرط، حيث قد يُجبر على التنازل عن بعض حقوقه في الصفقة لِإقناع المشتري الجديد بِشراء العقار مع “منع التصرف”.
- وفي نهاية المطاف، يُصبح المشتري “رهينة” لِشرط “منع التصرف”، فقد يُضطر لِقبول ظروف غير مُرضية أثناء البيع أو قد يُضطر لِالتخلي عن العقار بِسعر أقل من قيمته الحقيقية. لِذلك، من الأهمية القصوى فهم مخاطر “منع التصرف” قبل اتخاذ أي قرار شراء لعقار به مثل هذا الشرط، وِالتواصل مع المحامين لِلحصول على مشورة قانونية قبل توقيع أي وثيقة.
تضمين عقد البيع شرط منع التصرف
تنص المادة (823) مدني على أنه :
- إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضي بمنع التصرف في مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع ، ومقصورا على مدة معقولة .
- ويكون الباعث مشروعا ، متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير .
- والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ” .
وتنص المادة (824) مدني على أنه :
إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحا طبقا لأحكام المادة السابقة فكل تصرف مخالف له يقع باطلا .
المذكرة الإيضاحية :
عرض المشروع للشرط المانع من التصرف في نصين لا نظير لهما في التقنين الحالي ، وقد قنن المشروع أحكام القضاء المصري في هذا الموضوع ، فالشرط المانع قد يرد في وصية أو في عقد ، ويكون العقد في الغالب هبة أو هبة مستترة في بيع ويصح هذا الشرط إذا كان الغرض منه حماية مصلحة مشروعة للمتصرف .
كما إذا اشترط الانتفاع بالعين طوال حياته ، فيكون الشرط المانع من التصرف مؤكدا لذلك ، أو حماية مصلحة مشروعة للغير ، كما إذا كان الانتفاع بالعين مشروطا لمصلحة هذا الغير ، أو حماية مصلحة مشروعة للمتصرف إليه ، كما إذا كان سيء التدبير وأراد المتصرف أن يحميه من طيشه بالشرط المانع من التصرف ، ويجب أيضا لصحة الشرط المانع ، أن يكون لمدة معقولة ، قد تكون مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، ولكن لا يصح تأييد هذا الشرط ، ولا جعله لمدة طويلة تجاوز الحاجة التي دعت إليه
فإذا لم يتوافر هذان الشرطان ، كان الشرط المانع من التصرف باطلا ، ويكون التصرف الذي اشتمل على هذا الشرط باطلا أيضا إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلى هذا التصرف . أما إذا كان التصرف تبرعا ، ولم يكن الشرط المانع هو الدافع صح التبرع ولغا الشرط .
مما سبق يتضح أن:
الأصل هو تحريم الشرط المانع من التصرف لسببين أحدهما قانوني والآخر اقتصادي . أما السبب القانوني فلأن من أخص عناصر الملكية هو أن يكون للمالك حق التصرف في ملكه ، فإذا منع في لك حرم من أخص عناصر حقه ، فلا يكون حقه عن ذلك حق ملكية كما رأينا في حق المستحق في الوقف .
أما السبب الاقتصادي فلأن تداول الأموال من الأمور الهامة التي تجب ملاحظتها ، ومنع المال من التداول بتحريم التصرف فيه أمر خطير من الناحية الاقتصادية ، فلا يجوز هذا المنع إلا لمسوغ قوي – لذلك تعتبر القاعدة القاضية بجواز التصرف في المال من النظام العام ، وكل شرط يخالفها يكون شرطا مخالفا للنظام العام ، وقد سار القضاء الفرنسي قديما على هذا النحو ، فحرم كل شيء يمنع التصرف في المال .
والشرط المانع من التصرف في المال يرد في تصرف قانوني وهذا التصرف القانوني يكون إما عقدا أو وصية ، وتقول الفقرة الأولى من المادة 823 مدني سالفة الذكر :
إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضي بمنع التصرف في مال ….” ، والوصية أمرها واضح ، فهى تصرف قانوني من جانب واحد على سبيل التبرع ، فيوصى الشخص بمال للموصى له ويشترط عليه في الوصية ألا يتصرف في هذا المال لأحد ، لمصلحة مشروعة ولمدة مؤقتة كما سيأتي .
وأما العقد فالغالب أن يكون من عقود التبرع ، هبة صريحة أو هبة مستترة في عقد بيع ، وقد يكون من عقود المعاوضة كأن يكون عقد بيع جدي . فيهب الشخص أو يبيع مالا ويشترط على المتصرف له ألا يتصرف في هذا المال لمصلحة مشروعة ولمدة مؤقتة ، والغالب أن يكون التصرف المتضمن للشرط المانع تصرفا ينقل ملكية المال مع اشتراط عدم جواز التصرف فيه ، ولكنه قد ينقل حق انتفاع لا حق ملكية مع اشتراط عدم جواز التصرف في حق الانتفاع هذا .
وقد ينشئ مجرد التزام دون أن ينقل ملكية أو حق انتفاع ، والمثل البارز في هذا الصدد أن يتعهد شخص لآخر بترتيب إيراد له مدى حياته ، ويكون قد قصد بذلك أن يوفر له أسباب المعيشة طول حياته فيشترط في تعهده عدم جواز التصرف في هذا الإيراد .
(الوسيط – السنهوري)
أى أن الشرط المانع من التصرف لا يصح إلا إذا كان مبنيا على باعث مشروع ومقصورا على مدة معقولة ، ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير ، فتكون المصلحة مشروعة بالنسبة للمتصرف إذا وهب شخص عقارا واشترط في الهبة أن ينتفع بالعقار مدى حياته ، أو يبيع شخص عقارا بثمن مقسط ويشترط على المشتري عدم التصرف في العقار إلا بعد سداد القسط الأخير.
وتكون المصلحة غير مشروعة فلا يصح الشرط إذا اشترط الدائن المرتهن على الراهن ألا يتصرف في العين المرهونة إلا بعد انتهاء الرهن إذ أن استيفاء حرية الراهن في التصرف في العقار المرهون بالرغم من رهنه ترجح مصلحة الدائن المرتهن في أن يتجنب إجراءات التظهير .
ويقول عرفة بصحة الشرط في هذا الفرض الأخير – ويعتبر البيع المقترن بشرط المنع من التصرف بيعا جديا لا وصية إذ أن الكشف عن نية المتعاقدين في هذا الشأن مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع ، وتكون المصلحة مشروعة بالنسبة للمتصرف إليه كأن يهب الأب مالا لابنه ويشتر ط عليه عدم التصرف فيه حتى يصل سنا معينا يكتمل فيه نضوجه ، أو يهب شخص عقارا لقاصر ويخشى من وليه فيشترط عدم التصرف حتى يبلغ القاصر رشده.
وقد لا يشترط المنع من التصرف إنما يشترط الاستبدال ومن ثم فإذا باع العين وجب شراء بدلا منها بالثمن الذي قبضه وينصرف شرط المنع للعين الجديدة ، وتكون المصلحة مشروعة بالنسبة للغير أن يشترط الواهب أو الموصي أن يدفع الموهوب له أو الموصى له مرتبا مدى حياة شخص معين وألا يتصرف في العين إلا بعد وفاة هذا الشخص ، وقد يكون الشرط غير مانع من التصرف إنما مقيدا لحرية المتصرف له كأن يتضمن أن يكون التصرف لشخص معين .
(المطول في شرح القانون المدني – المستشار أنور طلبة)
صحة الشرط المانع من التصرف
(1) الباعث مشروعا :
النص 823 من القانون المدني من أنه
إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضي بمنع التصرف في مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبينا على باعث مشروع ومقصورا على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من المتصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير .
والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير . مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة .
(نقض 31/3/1985 طعن 794 س 52 ق)
وتظهر أهمية شرط منع التصرف – كخطوة في عملية الشهر العقاري – أنه يجب على مأمورية الشهر العقاري الجزئية المختصة أن تلتزم به ، وأن تتثبت من زواله إذا أراد طالب الشهر أو صاحب الشأن إغفاله . ففي شهر عقد البيع مثلا ، إذا كان البائع قد احتفظ بحق الانتفاع طوال حياته ، واشترط منع التصرف في ملكية الرقبة طالما بقى على قيد الحياة ، في هذه الحالة يجب تقديم ما يفيد وفاة المنتفع الذي وضع الشرط لمصلحته ، أو إدخاله في العقد (المطلوب شهره) مصادقا على إتمام عملية الشهر العقاري ، إذا كان ما يزال حيا .
قضت محكمة النقض بأن
شرط المنع من التصرف صحيح ، متى بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة . اعتبار الباعث مشروعا إذا كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير . مشروعية المصلحة ومدى معقولية المدة المحددة مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ، ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ، متى بنى على أسباب سائغة .
شرط المنع من التصرف يصح ، إذا بنى على باعث مشروع ، واقتصر على مدة معقولة ، ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف ، حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير . وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ، ومعقولية المدة المحددة لسريانه ، مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ، ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة .
(نقض مدني 27/6/1968 ، مجموعة أحكام النقض 17-2-1223-183)
فإذا كان التصرف الذي يضمن شرطا مانعا ليس له باعث مشروع ، ولا توجد مصلحة مشروعة يراد حمايتها ، لا لشخص المتصرف ولا لشخص المتصرف إليه ، ولا لشخص الغير ، كان الشرط باطلا . (مادة 824 مدني)
والمثال العملي الذي يضربه الفقه في هذا الصدد :
إذا وهب شخص عقارا لآخر ، واشترط عليه عدم التصرف فيه ، ليمنعه من القيام بمشروع علمي أو بعمل من أعمال الخير كبناء مستشفى تخصصي لعلاج أورام الأطفال يعلم الواهب أن الموهوب له يحرص على تنفيذه كان الباعث هذا غير مشروع ، فهو لا يحقق مصلحة مشروعة لا للواهب ولا للموهوب له ولا للغير ، ومن ثم يكون الشرط باطلا .
(الدكتور / السنهوري ، الوسيط – بند 714 ص 448)
وذهبت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني الى أن :
ويكون التصرف الذي اشتمل على هذا الشرط (الباطل) باطلا أيضا ، إذا كان الشرط المانع هو الدافع الى خذا التصرف . أما إذا كان التصرف تبرعا ولم يكن الشرط المانع هو الدافع ، صح التبرع ولغا الشرط .
(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني ج 6 ص 76)
المصلحة المشروعة للمتصرف :
فقد تكون هناك مصلحة مشروعة للمتصرف يريد حمايتها عن طريق الشرط المانع ومن أمثلة المصلحة المشروعة للمتصرف :
من وهب منزلا لأحد من ذويه ، واشترط لنفسه حق الانتفاع أو حق السكنى طول حياته ، ولا يريد أن تكون له علاقة في شأن حقه هذا إلا مع من تصرف له . فيعمد الى تضمين هبته شرطا مانعا من التصرف في المنزل . حتى يطمئن الى أنه في استعمال حق انتفاعه بالمنزل أو حقه في سكناه لن تكون له علاقة إلا بالموهوب له . إذ يصبح غير جائز لهذا أن يتصرف في المنزل طول حياة الواهب .
البيع المقترن بشرط عدم جواز التصرف ، يعتبر بيعا جديا لا وصية ، وأن الكشف عن نية المتعاقدين في هذا الشأن مسألة موضوعية .
وكان البائع قد اشترط في عقد البيع ، الاحتفاظ لنفسه مدة حياته بحق الانتفاع بالمبيع ، ومنع المشتري طوال تلك المدة من التصرف في العين المبيعة ، ورأت محكمة الاستئناف أن هذا العقد – مع الأخذ بظاهر الشرط الوارد فيه – قد قصد به التمليك المنجز لا التمليك المؤجل الى وفاة البائع ، بانية رأيها على أسباب مسوغة له ، مستخلصة من ظروف الدعوى وملابساتها – فلا سلطان لمحكمة النقض عليها في ذلك .
(نقض مدني 22/6/1938 مجموعة القواعد القانونية 1-349-34)
3. إذا اشترط البائع الاحتفاظ لنفسه بحق الانتفاع بالمبيع مدة حياته ومنه المشتري من التصرف فيه طوال تلك المدة ضمانا لحقه – ذلك لا يمنع من اعتبار التصرف بيعا صحيحا ناقلا للملكية الرقبة فورا . ووصف هذا التصرف بأنه وصية استنادا الى هذا الشرط وحده يكون خطأ .
(نقض مدني 8/3/1945 مجموعة القواعد القانونية 1-349-32)
4. إذا كانت المحكمة قد حصلت تحصيلا سائغا من ظروف الدعوى ، ويعد موازنة أدلة كل من الطرفين ، أنه ليس ثمة ما ينفي ما جاء بعقد البيع المتنازع عليه من حصول دفع الثمن ، فإن ما يكون بهذا العقد من اشتراط عدم انتفاع المشتري بالعين المبيعة ، وعدم إمكانه التصرف فيها إلا بعد وفاة البائع – ذلك لا يجعل العقد وصية ، إذ الوصية تبرع مضاف الى ما بعد الموت ، ولا تبرع هذا بل هذا العقد يكون بيعا .
(نقض مدني 8/4/1946 مجموعة القواعد القانونية 1-349-35)
5. متى كان الحكم قد أقام قضاءه باعتبار العقد بيعا باتا منجزا بثمن مقبوض ، على ما استخلصه استخلاصا سليما من عبارات العقد ، ومن الظروف وال ملابسات التي أحاطت بتحريره ، مفندا زعم الطاعن فيه بأنه وصية ، مستندا في ذلك الى أن الشرط الوارد به ، والذي يمنع المشترين من التصرف إلا بموافقة البائع ، لا يفيد أن التمليك مضاف الى ما بعد الموت .
بل المقصود منه أن يوافق البائع كتابة على هذا التصرف ، باعتبار أنه والد المشترين ، بما له من حق مراقبة هذا التصرف وموجبه ، وأن هذا الشرط لم يكن موجودا في العقد الابتدائي ، بل ذكر في العقد النهائي الذي صدق عليه أثناء قيام دعوى صحة التعاقد المرفوعة منه ، وذلك لتفادي الاستمرار في التقاضي ، فإن هذه الأسباب تتضمن الرد على طلب التحقيق بالبينة الذي قدمه الطاعن في العقد لإثبات أنه وصية .
(نقض مدني 29/12/1949 مجموعة القواعد القانونية 1-349-33)
6. إذا كانت الورقة الصادرة من أم الى أولادها ، تتضمن إقرارهم بشراء أمهم من مالها الخاص ، المنزل محل النزاع الصادر عنه عقد البيع من المالك بأسماء الأولاد ، في تاريخ لاحق لتلك الورقة ، فإن الأم تنازلت عنه بطريق الهبة الى أولادها هؤلاء ، الذين تعهدوا بألا ينصرفوا فيه إلا بعد وفاتها ، كما بأن يعطوها نفقة شهرية مقدارها مائتا قرش .
فاعتبرت المحكمة هذا الإقرار ورقة ضد ، تكشف ما أخفاه عقد البيع الصادر بعدها من أن الأولاد ليسوا هم المشترين في الحقيقة بل المشتري هى الأم ، وأنها قصدت – بإخفاء اسمها – أن تقتصر الطريق والإجراءات .
والمحكمة إذا اعتبرت عقد البيع المذكور بأنه هبة من الأم لأولادها ، حرت في صورة بيع من البائع الى الموهوب لهم ، لم يظهر فيه اسم المشترية الواهبة ، وإذ حكمت ببطلان البيع الذي تصرف به الموهوب لهم في الموهوب ، ويفسخ الهبة لإخلالهم بالتزامهم بعدم التصرف لا تكون قد أخطأت ، بل هى طبقت أحكام الصورية والهبة غير المباشرة تطبيقا صحيحا ، فلا يصح الطعن على الحكم من هذه الناحية .
والقول بأن شرط عدم التصرف شرط باطل ، أو أن الفسخ لم ينص عليه جزاء بمخالفته ، يرجع الى أن اشتراط عدم التصرف قد أقت بحياة الواهبة ، فهو لا ينافي ترتيب حق الملكية لمن وهبت له ، ومن ثم صح الشرط ونفذ وجاز لمن وضع لمصلحته أن يطلب فسخ الهبة ، إذا ما أخل به ، دون حاجة الى نص صريح على حق الفسخ .
وأما القول بأن إقرار المشترين سابق على الشراء والتملك ، وأنه يخالف عقد البيع في رواية دفع الثمن ، فلا غناء عنه ، متى كانت المحكمة قد حصلت فهمها واقع الدعوى ، من أن الإقرار وعقد الشراء – ولو اختلف تاريخهما – إنما هما عن واقعة واحدة ، وكذلك القول بأن ورقة الإقرار إذا كان تاريخها غير ثابت فلا يجوز الاحتجاج بها على من تصرف له الموهوب لهم بالبيع ، فهو مردود بان الواهبة قد سجلت صحيفة دعواها بالفسخ قبل أن يسجل المشتري عقد البيع الصادر له ، وأنها اختصمته في الدعوى .
(نقض مدني 30/1/1949 مجموعة القواعد القانونية 2-1991-4)
المصلحة المشروعة للمتصرف له
وكثيرا ما تتحقق هذه المصلحة للمتصرف له فيما إاذ وهب شخص أو أوصى لآخر بعقار ، ولما كان يعرف أن المتبرع له سيء التدبير ويخشى عليه أن يضيع سفها العقار المتبرع له به ، فيعمد أن تضمين تبرعه شرطا بعدم جواز التصرف في هذا العقار ، وقد يهب المتصرف العقار لشخص صغير في السن تنقصه الخبرة والتجارب فيشترط عليه عدم جواز التصرف في العقار حتى يصل الى سن معينة يكون عند بلوغها قد أنضجته التجارب وحصل على الخبرة اللازمة.
وقد يهب المتصرف العقار لقاصر له ولكن يخشى من إسرافه ، فيشترط عدم جواز التصرف في العقا ر حتى يبلغ القاصر سن الرشد فيتسلم العقار ، ويعهد في الوقت ذاته الى أمين يتولى إدارة العقار وصرف ريعه على تعليم القاصر حتى يبلغ سن الرشد.
وقد لا يمنع المتصرف له من التصرف ولكن يشترط عليه الاستبدال فإذا بع المتصرف له العقار الموهوب وجب عليه إن يشتري بثمنه عقارا آخر ، ويبقى هذا العقار الآخر على هذا الشرط إذا باعه الموهوب له اشترى بثمنه عقارا آخر ، وهكذا ، والاشتراك على هذا النحو يجمع الى مزية النظر لمصلحة الموهوب له حتى لا يضيع العين الموهوبة مزية إطلاق يده في التصرف . فقد يرى عقارا أفضل فيبيع العقار الموهوب ليشتريه .
(السنهوري)
أمثلة المصلحة المشروعة للمتصرف له
- إذا وهب شخص أو أوصى بعقار لآخر ، وكان يعلم أن المتبرع له سيء التدبير ، وقد يؤدي سفهه الى ضياع العقار المتبرع له به ، فيعمد الى تضمين تبرعه شرطا بمنع التصرف في هذا العقار .
- إذا وهب شخص عقارا لشخص صغير السن ، تنقصه الخبرة وتجارب الحياة ، فيشترط عليه منع التصرف في العقار حتى يصل الى سن معنية ، يكون عند بلوغها قد اكتسب الخبرة وصقلته تجارب الحياة .
- إذا وهب شخص عقارا لقاصر له ولى يخشى من إسرافه ، فيشرط منع التصرف في العقار حتى يبلغ القاصر سن الرشد ويتسلم العقار ، ويعهد في ذات الوقت الى أمين يتولى إدارة العقار وصرف ريعه على تعليم القاصر حتى يبلغ سن الرشد .
- وقد لا يمنع المتصرف له من التصرف ، ولكن يشترط عليه الاستبدال ، بمعنى أنه إذا باع المتصرف له العقار الموهوب ، وجب عليه أن يشتري بثمنه عقارا آخر ، ثم يتحمل العقار الجديد بذات الشرط ، فإذا باعه الموهوب له اشترى بثمنه عقارا آخر وهكذا … إذ قد يرى المتصرف له – في كل مرة – عقارا أفضل فيبيع العقار الموهوب ويشتريه .
مصلحة مشروعة للغير
وقد تكون المصلحة المشروعة خاصة بأجنبي فيهب شخص عقارا لآخر ويشترط عليه أن يرتب إيراد الأجنبي طوال حياته ، ويشترط في الوقت ذاته ألا يتصرف في العقار الموهوب مادام صاحب الإيراد حيا حتى يكفل له ضمانا لإيراده ، كذلك قد يكون للأجنبي حق انتفاع أو حق سكنى في العقار الموهوب فيشترط الواهب على الموهوب له عدم التصرف في العقار ، وقد لا يشترط الواهب عدم التصرف ، ويقتصر على أن يشترط على الموهوب له ، إذا أراد هذا بيع العقار ، أن يعرضه أولا بالأفضلية على شخص معين ، فإن قبل هذا الأخير شراءه تعين على الموهوب له أن يبيعه إياه فهذا ليس مانعا من التصرف ولكنه على كل حال مقيد لحرية المتصرف له في التصرف لمن يريد .
(2) الشرط الثاني: المدة معقولة
ثاني شرط لصحة الشرط المانع من التصرف أن تكون مدة المنع مدة معقولة لذا: يجب التمييز بين نوعين من المنع : المنع الدائم ، والمنع المؤقت ولكى يكون شرط مع التصرف صحيحا ، يجب أن يقتصر شرط المنع على المنع المؤقت ، وألا يصل شرط المنع الى المنع الدائم ، إذ تخرج العين بهذا المنع من دائرة التعامل بصفة باتة ، وهذا الأمر مخالف للنظام العام ، ولا يجوز إلا بنص في القانون ، كما هو الحال في الوقف .
فتنص المادة 822/3 مدني على أنه :
والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.
وبالتالي يكون شرط منع التصرف الدائم شرطا باطلا ، ويلغى ويبقى التصرف الذي تضمن الشرط ، ما لم يكن الشرط هو الدافع الى التصرف ، فيبطل كل من التصرف والشرط معا .
ويبت قاضي الموضوع فيما إذا كانت مدة المنع المحددة ، طويلة الى الحد الذي تكون معه غير معقولة من عدمه ، فهى من مسائل الواقعة ، ولا معقب عليه من محكمة النقض .
وتقول المذكر الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الصدد :
ولكن لا يصح تأييد هذا الشرط ، ولا جعله لمدة طويلة تجاوز الحاجة التي دعت إليه .
(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني ج 6 ص76)
ختاما ومما تقدم يتضح أن الشرط المانع من التصرف يكون صحيحا إذا كان باعثا لباعث مشروع ولمدة معقولة ويترتب على ذلك امتناع التصرف في العين المتبرع بها طوال المدة التي حددت في الشرط المانع .
- انتهي البحث القانوني (عقد بيع العقار: متى يصبح شرط منع التصرف باطلا؟) ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني.
- زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
- كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل ، أو الاتصال بنا من خلال ( طلب استشارة مجانية )
- كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
- يمكن تحميل الأبحاث من أيقونة التحميل pdf في نهاية كل مقال وكل بحث ، ونعتذر لغلق امكانية النسخ بسبب بعض الأشخاص الذين يستحلون جهد الغير في اعداد الأبحاث وتنسيقها ويقومون بنشرها علي مواقعهم الالكترونية ونسبتها اليهم وحذف مصدر البحث والموقع الأصلي للبحث المنشور ، مما يؤثر علي ترتيب موقعنا في سيرش جوجل ، أعانهم الله علي أنفسهم .