انتقال الحق وأثر العقد بين الخلف والسلف

بحث موجز عن الفرق بين انتقال الحق وانصراف أثر عقد السلف الى الخلف، فالتساؤل القانوني هل فرق المشرع بين انتقال الحق الى الخلف وبين أثر عقد السلف على الخلف، هذا ما سوف نستوضحه من خلال شراح القانون المدني وأحكام محكمة النقض .

انتقال الحق في عقد السلف الى الخلف

فيما يلي نستعرض أراء الفقهاء وأحكام محكمة النقض بشان انتقال الحق من السلف الى الخلف وأثر عقد السلف علي الخلف.

التمييز بين أثر انتقال الحق إلى الخلف وبين انصراف أثر العقد الذي يبرمه السلف إليه

الحق الذي ينقله السلف إلى الخلف إنما ينقله إليه بالحالة التي كان السلف قد تلقاها عليها، فإذا كان السلف قد تلقى الحق مقترناً بوصف كأجل أو شرط أو معرضاً لطعن كالبطلان أو الفسخ أو محملاً بتكاليف كحق ارتفاق ثم نقل هذا الحق إلى خلف خاص فإن الحق ينتقل إلى الخلف الخاص بأوصافه وتكاليفه التي تنتقل إلى  الخلف الخاص   بموجب أثر الاستخلاف إعمالاً للقاعدة التي تقضي بأن الشخص لا يملك أن ينقل إلى غيره أكثر مما كان له .

أما إذا كان السلف بعد أن تلقى الحق وقبل أن ينقله إلى الخلف قد أبرم في شانه عقداً ولد حقوقاً والتزامات تتصل بالشيء محل الحق، ففي هذه الصورة يثور التساؤل حول انصراف أثر هذا العقد بما ولده من حقوق والتزامات إلى الخلف، وهذه هي الصورة التي تعرض لها المادة.

ومن ثم لا يكون هناك محل لإعمال المادة بالنسبة للأوصاف والتكاليف التي كانت تلحق بالحق عند تلقي السلف له، لأنها إنما تنتقل إلى الخلف الخاص وفقاً لمبادئ تلقي الحقوق أي بموجب الاستخلاف حيث لا يستطيع الشخص أن ينقل إلى غيره أكثر مما كان له .

 ولكن حكم المادة يعالج مدى انصراف أثر العقود التي يبرمها السلف – وتتعلق بالشيء محل الحق – إلى الخلف الخاص، بحيث يكتسب ما أنتجته من حقوق وما فرضته من التزامات وبمعنى آخر تعالج المادة مدى تأثر الخلف الخاص بتصرفات السلف المتعلقة بالمال الذي آل إلى الخلف .

(مرقص نظرية العقد بند 299 – جمال زكي بند 142)

انتقال الحق وانصراف أثر عقد السلف

قضت محكمة النقض بأن

عقد البيع ينقل إلى المشتري جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به ومنها حق البائع له في تسلم المبيع من البائع السابق وهذا الأثر يترتب على عقد البيع حتى ولو لم يكن مسجلاً باعتباره من الحقوق الشخصية التي تولد عنه

(27/12/1951 مجموعة القواعد القانونية – 62 – 354  – المكتب الفني في 25 عاماً)
كما قضت بأن

الحكم الصادر في وجه إنسان لا يكون حجة على من يخلفه من وارث أو مشتر أو متلقي عنه إذا استند هذا الخلف في إثبات ملكيته إلى سبب آخر غير التلقي مستغنياً بهذا السبب الآخر عن سبب التلقي.

(24/5/1934 مجموعة القواعد القانونية –290 – 63 المكتب الفني في 25 عاماً)

القضاء بفسخ عقد الإيجار ليس له من أثر رجعي، إلا أنه لما كان الثابت أن عقد الإيجار كان وقت التصرف ببيع المقهى إلى الطاعنة قابلاً للفسخ وانتقل إليها محملاً بهذا العيب، وكان هذا التصرف ليس من شأنه أن يسقط حق المؤجر في طلب الفسخ لمخالفة ارتكبها المستأجر الأصلي قبل حصوله فإنه إذا ما تحقق الفسخ بصدور الحكم بانتهاء العقد الأصلي فإنه يترتب عليه انقضاء جميع التصرفات الناشئة عنه.

(الطعن رقم 509 لسنة 46 ق جلسة 7/2/1979)

متى اكتسب  الحائز بالتقادم  ملكية أطيان عليها حق امتياز مقرر قبل بدء سريان التقادم فإنه يكتسب الملكية مثقلة بهذا الحق الذي يبيح لصاحبه حق التتبع واتخاذ إجراءات التنفيذ.

(الطعن رقم 89 لسنة 40 ق جلسة 12/5/1975)

الالتزام حق ينتقل من السلف إلى الخلف فيجب أن يكون محدداً للشيء

في هذا المبحث نستعرض ما ينتقل الى الخلف من حقوق وما لا يتنقل اليه

أولا: الحقوق التى تنتقل الى الخلف

ينتقل إلى الخلف من السلف ما يلي:

1) الارتفاقات العينية

التي ترتبت على الشيء إذا كانت قد شهرت طبقاً لما يقتضيه القانون فإذا كان السلف قد رتب بمقتضى عقد حق ارتفاق على العين، فإن العين تنتقل مثقلة بهذا الحق إلى الخلف أما إذا كان ما رتبه السلف التزاماً شخصياً كالتزام المؤجر بأن يكون قد أجر العين قبل بيعها فلا تنتقل التزاماته إلى المشتري إلا بنص في القانون أو باتفاق خاص بين السلف والخلف .

كذلك التزام صاحب المتجر نحو مستخدميه لا ينتقل إلى المشتري للمتجر، فلا يجبر المشتري على احترام عقود هؤلاء المستخدمين إلا إذا اشترط عليه ذلك، ويبقى البائع وحده مسئولاً نحوهم، كما أن حق البائع قبلهم لا ينتقل إلى المشتري – هذا ويلاحظ أن المتجر في ذاته مجموع من المال.

فلو اعتبرنا أن المشتري يخلف البائع في هذا المجموع فيصبح بهذا الاعتبار خلفاً عاماً لانتقلت جميع حقوق المتجر والتزاماته إلى المشتري، وقد يدخل في ذلك حقوق المتجر والتزاماته نحو المستخدمين، إذا اعتبرناها داخلة في هذا المجموع من المال إلا أنه بالنسبة إلى مجموع  مال البائع لا يخرج أن يكون عيناً معينة  وليس بجزء شائع في هذا المجموع.

2) الالتزام الذي يقيد من استعمال ملكية العين

ويكيف هذا الاستعمال فإذا التزم السلف بعقد ألا يستعمل المنزل الذي يملكه في حي للسكنى في مقهى أو مطعما انتقل هذا الالتزام إلى الخلف، كذلك إذا فرضت قيود معينة تحد من حق مالك العقار في البناء عليه كيف شاء، كأن يمنع من تجاوز حد معين في  الارتفاع بالبناء  أو في مساحة رقعته، فإن هذه القيود، سواء اعتبرت التزاماته شخصية أو ارتفاقات عينية، تنتقل إلى المشتري بمقتضى هذه القاعدة أو بمقتضى القاعدة السابقة، وقد اعتبرها القانون الجديد (مادة 1018) ارتفاقات عينية ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك.

3) التزام السلف الذي يغل يده عن استعمال بعض حقوق المالك

كمن اشترى أرضاً من شركة تعمل في استخراج المعادن فاشترطت عليه الشركة ألا يرجع عليها بتعويض إذا أصابه ضرر بسبب ما تقوم به الشركة من الأعمال، وكصاحب المتجر يلتزم أن يمتنع عن مباشرة التجارة في جهة معينة كفاً للمنافسة.

ثانيا: الحقوق التى لا تنتقل الى الخلف

إذا كان الالتزام لا يحدد الشيء الذي انتقل إلى الخلف، فلا ينتقل مع الشيء إلى الخلف وعلى ذلك لا ينتقل:

(1) التزام السلف إذا كان لا يثقل العين أو يكيف من استعمالها أو يمنع من استعمال بعض حقوقها

فالتزام بائع الأرض الذي اتفق مع مقاول على البناء لا ينتقل إلى مشتري الأرض كما لا ينتقل الحق على النحو الذي قدمناه، والتزام بائع السيارة نحو صاحب “الجراج” لا ينتقل إلى من اشترى السيارة كما لا ينتقل الحق كذلك لا ينتقل التزام السلف بتعويض ما أحدثه الشيء الذي انتقل إلى الخلف من الضرر، سواء كان هذا التعويض ناشئاً عن عقد قدر فيه الضرر أو ناشئاً عن العمل الضار ذاته.

(2) التزام السلف إذا اعتبرت فيه شخصيته

فليس على من اشترى ما وهب لبائعه، على أن يقوم البائع بالنفقة على الواهب أو بخدمته، قضاء شيء من ذلك .

(السنهوري بند 353 – الشرقاوي بند 64 – عبد الفتاح ص 580)
قضت محكمة النقض بشان ما ينتقل من حقوق الى الخلف وما لا ينتقل بأن

متى كان عقد الإيجار منصوصاً فيه على أن كل ما يحدثه المستأجر في الأعيان المؤجرة من إصلاحات أو إنشاءات يكون ملكاً للمؤجر، ثم باع المؤجر هذه الأعيان فكل الحقوق التي كسبها المؤجر قبل المستأجر من هذا العقد تعتبر من ملحقات المبيع فتنتقل بحكم القانون إلى المشتري وتبعاً لذلك يكون للمشتري حق مطالبة المستأجر بتعويض الضرر الناتج عن فعله غير المشروع بتلك الأعيان.

(22/11/1951 مجموعة القواعد القانونية 63- 354)

من آثار البيع نقل ملكية المبيع إلى المشتري بما يكملها وبما يحددها ولما كان الارتفاق المقرر لمنفعة العقار المبيع من مكملات ملكيته كان لا موجب للتنصيص عليه بالذات في عقد البيع كي يمكن للمشتري التحدي به.

(13/1/1951 مجموعة القواعد القانونية – 63 – 354 – المكتب الفني في 25 عاماً)

وجوب علم الخلف بالالتزامات والحقوق حتى تنتقل إليه

وغني عن البيان أن الخلف لا تنتقل إليه التزامات سلفه أو حقوقه إلا إذا كان عالما بها وقت انتقال الشيء إليه، وأهمية هذا العلم تظهر بنوع خاص في انتقال الالتزامات لأنها قيود تنتقل إلى الخلف فمن العدل أن يكون عالماً بها وقت انتقالها إليه. ويشترط العلم اليقيني لا مجرد استطاعة العلم .

وقد كان كل من المشروع التمهيدي والمشروع النهائي للقانون الجديد يكتفي باستطاعة العلم، ولكن لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ عدلت النص حتى يقتصر حكمه على ما يعلم به الخلف من الحقوق والالتزامات دون أن يجاوزه إلى ما كان يستطيع أن يعلم به ويغني عن العلم  التسجيل  أو القيد في الحقوق العينية التي يجب شهرها، طبقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن .

(السنهوري بند 354 – مرقص بند 227)
قضت محكمة النقض عن وجوب علم الخلف بالالتزامات والحقوق بأن

مفاد نص المادة 146 من القانون المدني أنها إذ تقرر قاعدة عامة بشأن انصراف أثر العقد إلى الخلف الخاص اشترطت أن يكون انتقال ملكية الشيء إليه قد جاء بعد إبرام العقد الذي ينصرف أثره إلى الخلف الخاص اشترطت أن يكون انتقال ملكية الشيء إليه قد جاء بعد إبرام العقد الذي ينصرف أثره إلى الخلف وأن يكون الخلف الخاص عالماً بالعقد وقت انتقال الملكية إليه. وإذ لم تتطلب هذه المادة أن يكون العقد ثابت التاريخ فذلك لأن العلم من جانب الخلف الخاص يقوم مقام ثبوت التاريخ ويعد طريقاً من طرق إثبات تاريخ الورقة العرفية فتصبح الورقة حجة عليه من وقت علمه بها بوصفه خلفاً خاصاً.

 (الطعن رقم 307 لسنة 31ق جلسة 1/2/1966)

انتقال الحق وانصراف أثر عقد السلف

ختاما: استعرضنا في ايجاز غير مخل الحقوق والالتزامات التى تنتقل الى الخلف من السلف، كذلك ما لا ينتقل اليه، مع وجوب علم الخلف بالحقوق والالتزامات في حالة الحقوق والتزامات التى تنتقل اليه .

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}