تضمن قانون المحاكم الاقتصادية اختصاصات قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الاقتصادية، وفي هذا البحث نستعرض أهم هذه الاختصاصات وشروطها كاصدار الأوامر علي العرائض ، واصدار أوامر الأداء الاقتصادية .
محتويات البحث
قاضي الأمور المستعجلة بالاقتصادية
الحرص الذي أبداه المشرع علي جعل المحاكم الاقتصادية محاكم متخصصة بحق ، فيما اختصها به ، استلزم أن يكون بيد هذه المحاكم صلاحية الفصل في المسائل المستعجلة التي يخشي عليها من فوات الأوان .
فإذا كانت الدعوى هي الوسيلة القضائية لحماية الحقوق ومن خلالها يتحصل صاحب الحق علي حكم يحمي هذا الحق ويرده إليه ، فإن بعض الحقوق تحتاج إلى تدخل سريع بحيث يكون المطلوب حماية سريعة لحق ما هذا التدخل السريع انشأ له ما اصطلح علي تسميته بالقضاء المستعجل .
لذا ورد النص بالمادة رقم 3 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية علي أنه
تعين الجمعية العامة للمحكمة الاقتصادية ، في بداية كل عام قضائي قاضياً أو أكثر من قضاتها بدرجة رئيس بالمحاكم الابتدائية من الفئة أ علي الأقل ، ليحكم ، بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق ، في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت والتي تختص بها تلك المحكمة ويصدر القاضي المشار إليه في الفقرة الأولي الأوامر علي عرائض والأوامر الوقتية ، وذلك في المسائل التي تختص بها المحكمة الاقتصادية .
كما يصدر وأيا كانت قيمة الحق محل الطلب ، أوامر الأداء في تلك المسائل ، وفي حالة امتناعه يحدد جلسة لنظر الدعوى أمـام احدي الدوائر الابتدائيـة أو الاستئنافية بالمحكمة ، بحسب الأحوال .
قاضي الأمور المستعجلة اختصاصاته بالاقتصادية
ألزمت المادة 3 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الجمعية العامة للمحكمة الاقتصادية بأن تعيين قاضي أو أكثر بدرجة رئيس محكمة من الفئة أ علي الأقل ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق في المسائل المستعجلة التي يخشي عليها من فوات الأوان والتي تختص بها تلك المحكمة .
وطبقاً لصريح نص المادة 3 المشار إليها في فقرتها الأولي فإنه يشترط في قاضي الأمور المستعجلة شرطان هما :
- أن يصدر بتعيينه قرار من الجمعية العامة للمحكمة الاقتصادية .
- أن يكون هذا القاضي بدرجة رئيس بالمحاكم الابتدائية من الفئة أ علي الأقل.
والمرجع في تقرير توافر هذه الشروط بالقاضي هو قانون السلطة القضائية .
1- الحكمة من تعيين قاضي للأمور المستعجلة بالمحاكم الاقتصادية
إذا كانت الدعوى ، ونعني الدعوى القضائية ، هي الوسيلة القضائية لحماية الحقوق ، فمن خلال الدعوى يستحصل صاحب الحق علي حكم يحمي هذا الحق ويرده إلى صاحبه ، فإن بعض الحقوق تحتاج إلى تدخل سريع بحيث يكون المطلوب حماية سريعة لحق ما ، هذا التدخل السريع انشأ له ما اصطلح علي تسميته بالقضاء المستعجل .
فيكون القضاء المستعجل علي النحو السابق هو آلية حماية سريعة لبعض الحقوق ، وفي ذلك يقرر عميد فقه المرافعات الأستاذ الدكتور أحمد ماهر زغلول : اللجوء إلى القضاء والحصول علي حمايته وفقاً للإجراءات العادية يتطلب وقتاً ليس بالقليل .
فإجراءات الإعلان والتكليف بالحضور والتحقيق والإثبات بما يلازمها من مواعيد تتسلسل في ترتيب منظوم يراعي فيه أن يفسح للخصوم الوقت الكافي لإبداء وعرض كل وجهات نظرهم ووجوه دفاعهم ودفوعهم المختلفة والرد علي ما يثيره خصومهم من مزاعم وأسانيد إعمالاً لحقوق الدفاع الثابتة لهم .
وأن يتيح في الوقت نفسه للمحكمة أن تبني عقيدتها في المسائل المطروحة عليها بتأن وتدبر وترو ، وإذا كانت اعتبارات التأني والتروي هي من ضرورات حسن القضاء وكمال الأحكام فإن لها أيضاً سلبياتها في بعض الحالات . إذ قد يوجد من الظروف ما ينبئ عن قيام خطر عاجل يهدد الحقوق والمراكز القانونية بأضرار محدقة تستنفذ آثارها قبل أن يتمكن القضاء بالإجراءات المعتادة من بسط حمايته التأكيدية والتنفيذية عليه .
ولا يجدي في هذه الحالات التدخل القضائي اللاحق لرفع الأضرار التي وقعت بالتعويض عنها . فالتعويض مهما بلغت قيمته قد لا يكون كافياً لإشباع المصالح التي أضيرت إشباعاً تاماً ، في هذه الحالات تقوم مشكلة استعجال وهي محصلة لاجتماع مفترضين متكاملين ، يتعلق أولهما بطبيعة الخطر الماثل ، ويكشف ثانيهما عن عجز القضاء بإجراءاته العادية عن مواجهته ودفع الأضرار الناجمة عنه .
فالخدمات التي يؤديها القضاء المستعجل أشبه ما تكون بخدمات الإنقاذ التي تؤدي لمريض شارف علي الموت ، فتأتي خدمات القضاء المستعجل لتبقي الحق نابضاً .
قال العلامة الدكتور أحمد ماهر زغلول
وظيفة الحماية المستعجلة هي في تقديم حماية وقتية للحقوق الي أن يتمكن القضاء بإجراءاته العادية من إنزال حمايته التأكيدية والتنفيذية عليه ، فهي تقدم إسعافاً وقتياً للحق إلى أن يتمكن القضاء من حمايته موضوعياً وتنفيذياً ، وتحدد هذه الوظيفة طبيعة الدور الذي تقوم به أعمال الحماية المستعجلة .
فهو دور مكمل ومساعد لأعمال الحماية التأكيدية والتنفيذية يباشر قبلها أو في أثنائها بغرض ضمان فاعلية الحماية التي تقدمها هذه الأعمال ويهيئ أمامها المجال الذي يسمح لها بأداء وظيفتها . ولذلك توصف أعمال القضاء المستعجل بأنها أعمال حماية تبعية وتكميلية ومساعدة واحتياطية .
وفي بيان حقيقة الدور المنوط بالقضاء المستعجل قررت محكمة النقض
الثابت قضاءً أن مأمورية قاضي الأمور المستعجلة ليست هي الفصل في أصل الحق بل إصدار حكم وقتي بحت يرد به عدواناً بادياً للوهلة الأولي من أحد الخصمين علي الآخر أو يوقف مقاومة من أحدهما علي الآخر بادية للوهلة الأولي أنها بغير حق ، أو يتخذ إجراء عاجل يصون به موضوع الحق أو دليلاً من أدلة الحق .
كما قضت
الدفع بعدم قبول الطعن فى الحكم الصادر فى مسألة من المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت تأسيساً على أنه ليس حكماً بالمعنى المفهوم و المقرر للأحكام بل هو مجرد أمر بإجراء تحفظي بطبيعته وقتي فى أساسه و مبناه و يجوز تغييره و تعديله .
هذا الدفع غير صحيح ذلك أن الحكم الصادر فى المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت هو حجة يلتزم بها القاضي و الخصوم فيما يقضى به القاضي فى حدود ماله من ” صفة مؤقتة و عدم المساس بالحق ” .
ويكون قابلا للطعن عليه بطريق الطعن التي قررها له القانون إذ أن هذا الحكم عليه ما على جميع الأحكام من شرائط المداولة و التسبيب وغير ذلك مما نص عليه فى الفصل الأول من الباب العاشر من قانون المرافعات الخاص ” بالأحكام ” كما أن له ما لها من حجية فيما يقضى به .
ما تقدم يراجع نص المادتين 49 و 349 مرافعات
كما قضت
المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأحكام الصادرة فى الأمور المستعجلة لا تحوز حجية الأمر المقضي أمام محكمة الموضوع ، باعتبارها أحكاماً وقتية لا تؤثر فى أصل الحق ، و لما كان قاضى الموضوع لا يلتزم بالرد على وجوه الدفاع غير المنتجة فى الدعوى ، فلا يعيب الحكم إغفاله استناد الطاعنة فى دفاعها إلى الحكم الصادر من قضـاء الأمور المستعجلة بطرد المطعون ضدها الأولى من عين النزاع .
كذلك قضت
قاضي الأمور المستعجلة يختص وفقاً للمادة 45 من قانون المرافعات بالحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق في المسائل المستعجلة التي يخشي عليها من فوات الوقت فأساس اختصاصه أن يكون الأمر المطلوب باتخاذ قرار عاجل وألا يمس هذا القرار أصل الحق الذي يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعي وإذا تبين أن الإجراء المطلوب ليس عاجلاً أو يمس أصل الحق حكم بعدم اختصاصه بنظر الطلب ويعتبر حكمه هذا منهياً للنزاع المطروح عليه بحيث لا يبقي منه ما يصح إحالته لمحكمة الموضوع .
2- تطبيق أحكام قانون المرافعات تلازماً مع أحكام قانون المحاكم الاقتصادية
ورد النص علي تعيين قاضي للأمور المستعجلة بالمحاكم الاقتصادية بالمادة 3 الفقرة الأولي والتي تقرر
تعين الجمعية العامة للمحكمة الاقتصادية في بداية كل عام قضائي قاضيا أو أكثر من قضاتها بدرجة رئيس بالمحاكم الابتدائية من الفئة أ علي الأقل ، ليحكم ، بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت والتي تختص بها تلك المحكمة .
وفي بيان وجوب تطبيق أحكام قانون المرافعات علي ما لم يرد بشأنه نص تقرر المادة الرابعة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية :
تطبق أحكام قوانين الإجراءات الجنائية وحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمرافعات المدنية والتجارية والإثبات في المواد المدنية والتجارية وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القانون المرافق .
ويعد نص المادة 3 الفقرة الأولي منه نسخاً من المادة 45 من قانون المرافعات المدنية والتجارية اللهم بعض الفروق التي تبررها طبيعة المحاكم الاقتصادية فتقرر هذه المادة أنه :
يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاضي من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت، أما في خارج دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الابتدائية فيكون هذا الاختصاص لمحكمة المواد الجزئية، على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضا بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية.
3- شروط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الاقتصادية :
الواقع أن للقضاء المستعجل عموماًنوعين من الاختصاصات :
النوع الأول اختصاص القضاء المستعجل المبني علي توافر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق.
النوع الثاني اختصاص القضاء المستعجل المقرر بنص القانون وهو ما يسمي بالاستعجال المفترض
في هذا النوع ينبني اختصاص القضاء المستعجل علي توافر الشرطين المشار إليهما صراحة بالمادة 45 نصت قانون المرافعات ” شرط الاستعجال – شرط عدم المساس بأصل الحق . وثابت ما لمحكمة الموضوع في تقدير توافر هاذين الشرطين أو انتفائهما علي نحو ما سيلي تفصيلاً .
في هذا النوع ينبني اختصاص القضاء المستعجل علي أساس نص بمعني أن المشرع هو الذي يحدد نوعية محددة من الدعاوى يختص بها القضاء المستعجل .
وفي هذا النوع وكما سيلي تسلب محكمة القضاء المستعجل كل سلطة في تقدير توافر شرط الاستعجال أما شرط المساس بأصل الحق ، فلا يقبل مساس المحكمة به لتعلق ذلك بالنظام العام.
ويضيف البعض الي هذين النوعين اختصاص محاكم الموضوع في الفصل بصفة مستعجل فيما يطلب منها وتتوافر فيه شروط الحكم به ، وهو ما لا نراه نوعاً ثالثاً علي نحو ما سيلي .
الشرط الأول للاختصاص : شرط الاستعجال أمام المحاكم الاقتصادية
يعرف الاستعجال – كشرط أول من شروط اختصاص القضاء المستعجل – بأنه الخطر الداهم الذي يتهدد حق من الحقوق يتعذر تداركه لو ترك اتخاذ الإجراء المؤقت فيه للقضاء الموضوعي وبالإجراءات العادية .
فالاستعجال هو المبرر الأول لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالمحاكم الاقتصادية بنظر الدعوى ، والاستعجال يبرره خطر . خطر عاجل . محدق . ماثل بالفعل .
والخطر أيا كان لا يبرر بمفرده اختصاص القاضي المستعجل وإنما يجب أن يكون من شأن هذا الخطر أن يحدث أضراراً غير عادية علي درجة من الجسامة ، ويكون الخطر ضاراً بهذا الوصف إذا كان من المتعذر تداركه ورفعه علي نحو شامل ، نكرر أن الاستعجال شرط أساسي من شروط قبول الدعوى المستعجلة .
ومثال هذا الضرر ضياع معالم واقعة كزوال أثار حادث ، وهو ما يؤدي إلى فقدان الدليل فيترتب علي ذلك بدوره ضياع الحق الذي يستند إلى هذا الدليل ، ومن أمثلته أيضاً اغتصاب عين بما يترتب عليها من حرمان المالك من ممارسة الحقوق المقررة له علي ملكة ، فقد تهلك العين خلال هذه الفترة في يد غاصبها ، كذلك الامتناع عن أداء النفقة الواجبة فالمحكوم له يتعرض لأضرار في صحته بل وحياته كاملة .
الاستعجال مبدأ مرن غير محدد :
الاستعجال مبدأ مرن غير محدد ، وهو وبذلك يسمح للقاضي – ونعني في هذا المقام قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الاقتصادية – أن يقدر في وصفه للواقعة ظروف كل دعوى علي حده وهي سلطة نري أنها تتعارض مع أية رقابة تفرض علي تقديره حقاً أنه قد يحدث أن تتشابه الظروف الخاصة في بعض الحالات بحيث يمكن القول بأن الحل أو الصفة فيها واحدة.
إلا أن ذلك لا يعني أن تحديد الاستعجال أو تعريفه بتعريف مجمل في حيز الإمكان ، فإن مرونة هذا المبدأ ذاته وعدم تحديده يتنافيان مع شيء من كل ذلك ، ويتنافران مع أي تعريف منطقي لأن الاستعجال ليس مبدأ ثابتاً مطلقاً . بل حالة تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان تتلازم مع التطور الاجتماعي في الأوساط والأزمنة المختلفة .
قال الفقيه الدكتور وجدي راغب
في مجال تقيم الاعتراف للقاضي بسلطة تقديرية واسعة في مجال تقدير الاستعجال ” ذاتية الحماية المستعجلة تقوم في الأصل علي وجهتين مترابطتين:
- ذاتية المشكلة التي تواجهها هذه الحماية والتي تتمثل في قيام حالة استعجال .
- ذاتية الوسيلة التي تعول عليها هذه الحماية والتي تتمثل في مجموعة من التدابير العملية والوقتية تقدر بقدر حاجة حالة الاستعجال القائمة وبما يلزم .
ويكفي لمواجهتها والتغلب عليها وفي مباشرة وظيفته والقيام بــدوره يتمتع القاضي المستعجل بسلطـة تقديريــة واسعــة تمتد من تقديــر توافر حالة الاستعجــال في الحالة الواقعيــة الخاصــة المعروضة عليه إلى تقدير التدبير المستعجــل الملائم الذي يتفـق مع هــذه الحالة .
الشرط الثاني للاختصاص : عدم المساس بأصل الحق أمام المحاكم الاقتصادية:
عدم المسـاس بأصل الحق هو الشرط الثاني لاختصاص القاضي المستعجل بنظر الدعوى ، وهو شرط أساسي لقبول الدعوى المستعجلة عموماً بعد توافر شرط الاستعجال ولا يغني أحدهما عن الأخر فإذا انعدم أحدهما زال اختصاص القاضي المستعجل عن نظر الدعوى .
ويقصد به ألا يمس اختصاص القاضي المستعجل في حكمة أصل الحقوق المتنازع عليها أو الالتزامات المتبادلة ما بين طرفي النزاع توصلاً إلي الحكم بالإجراء المستعجل الذي سينتهي إليه ولكن يجوز له أن يفحص الموضوع أو أصل الحق الظاهر توصلاً لتحديد اختصاصه في القضاء الوقتي المطلوب منه دون أن يتخـذ أية وسائل تحقيق موضوعية يحرم عليه اتخاذها لطبيعة اختصاصه الوقتي الاستثنائي .
فسلطة القاضي المستعجل محدودة بالأمر باتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات الوقتية دون أن يكون له الفصل في أصل الحق le principal أو المساس به فإذا ما تجاوز القاضي هذه الحدود فإنه يكون قد تجاوز حدود سلطته التقديرية وخالف ما تقرره المادة 45 من قانون المرافعات وهو ما يؤدي إلى قابلية الحكم الصادر للطعن بالنقض فيه لهذا السبب .
استبعاد قانون المحاكم الاقتصادية – اختصاص القضاء المستعجل بموجب نص قانوني
الأصل كما أوضحنا أن القاضي المستعجل يختص متي توافر شرط الاستعجال طبقاً للمادة 45 من قانون المرافعات ، وأوضحنا أن للقاضي سلطة تقديرية في تقدير الاستعجال .
علي جانب أخر نجد المشرع في حالات محددة – قدر بنصوص واضحة توافر شرط الاستعجال دون حاجة إلى تقدير من القاضي ، وحاصل هذا التقدير من المشرع أن القاضي يختص بالنزاع دون أن يمتلك سلطة تقدير الاستعجال .
قال الفقيه الدكتور وجدي راغب
الاستعجال المفترض فكرة تحد من سلطة القاضي وتطلق من سلطة المشرع ، فيصادر بمقتضاها المشرع السلطة التقديرية للقاضي المستعجل ، وهي مصادرة قد تكون كلية أو جزئية . والمصادرة هي استثناء من الأصل ، فلا تقوم إلا إذا وردت نصوص تقررها ، ويتحدد مداها بحدود ما تقرره النصوص ، فإذا لم ترد نصوص تقيد ، فإن الأصل هو الاعتراف للقاضي المستعجل بالسلطة الكاملة سواء في تقدير حالة الاستعجال أو في تقدير التدبير الذي يفي بحاجة هذه الضرورة .
الحديث عن الاستعجال كشرط لاختصاص القضاء المستعجل نكون أمام فرضين أساسيين :
الفرض الأول أن يترك القانون للقاضي تقدير توافر الاستعجال
والحديث عن توافر الاستعجال يرتبط بما يمنح للقاضي من سلطات إذا ترآي له توافره أو ترآي له عدم توافره ، فيكون للقاضي إذا ما توافر الاستعجال الحكم بما يلائم ويناسب حالة الاستعجال المعروضة .
الفرض الثاني أن يتدخل المشرع في مسألة الاستعجال.
وتدخل المشرع يأخذ صور ثلاث :
- الصورة الأولي هي أن يستقل المشرع بتحديد حالة الاستعجال ويستقل كذلك بتحديد ما يجب اتخاذه من إجراءات لمواجهتها ، والواضح أن المشرع يحرم القاضي مطلقاً من أي سلطان بشأن تقدير الاستعجال وترتيب الآثار القانونية .
- الصورة الثانية هي أن يستقل المشرع بتحديد حالات محددة يفترض فيها الاستعجال ، ويكون دور القاضي التثبت من توافر هذه الحالة .
- الصورة الثالثة هي أن يمنح القانون القاضي سلطة تقدير حالة الاستعجال لكن المشرع هو الذي يحدد النتائج التي تترتب علي ذلك .
وعلي ذلك يمكننا القول أننا أما ثلاث حالات تقيد فيها سلطة القاضي في المسائل المستعجلة والفارق في مستوى القيد :
الحالة الأولي : تكون فيها للمشرع سلطة مطلقة في تقرير وجود حالة الاستعجال وتقرير ما يتخذه القاضي المستعجل بشأنها
في بعض الحالات – وهي محدودة ونادرة – قد يصل القيد إلى حد سلب أي دور للقاضي في مباشرة الحماية المستعجلة ، ففي هذه الحالات يقرر المشرع وجود حالة استعجال ويقرر التدبير المستعجل الواجب اتخاذه ، فتمارس الحماية المستعجلة دون تدخل من القاضي ، ولا تعتمد علي قرار يصدر منه . ومثال ذلك ما تنص عليه المواد 288 ، 289 مرافعات من شمول الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة والتجارية بالتنفيذ المعجل .
الحالة الثانية : تكون فيها للقاضي – فقط – سلطة التثبت من توافر الحالة المحددة التي قصدها المشرع
في هذه الحالة لا يسلب القاضي دوره في الحماية المستعجلة ، بل أن الحماية في هذه الحالة لا تقوم إلا بقرار يصدره القاضي ، فالمشرع يتطلب مفترضات محددة يكون من شأن توافرها قيام حالة استعجال تستدعي الأمر بتدبير مستعجل معين بذاته . وينحصر دور القاضي في التثبت من توافر هذه المفترضات . وبتوافرها تقوم حالة استعجال .
وهو استعجال مفترض بقوة القانون دون أن يكون للقاضي شأن في ذلك ، ويلتزم القاضي بأن يأمر باتخاذ التدبير المستعجل الذي يعنيه القانون ، مثال ذلك ما تنص عليه المواد 316 وما يليها من حق الدائن في توقيع الحجوز التحفظية في الحالات المحددة بها
فإذا كان توقيع الحجز مما يعتمد علي صدور أمر من القضاء فإن دور القاضي ينحصر في التثبت من توافر مفترضات إحدى هذه الحالات . وأثر توافرها هو قيام حالة استعجال تقتضي منح التدبير الوقتي المعين بواسطة المشرع ، ويتمثل تحديداً في الأمر بالحجز التحفظي دون أن يكون للقاضي سلطة تقديره في ذلك .
الحالة الثالثة : تكون فيها للقاضي سلطة في التثبت من توافر حالة الاستعجال ولا تكون له سلطة في تحديد التدبير المناسب
في هذه الحالة يكون للقاضي – فقط – سلطة تقدير توافر حالة الاستعجال ، فإذا ما ثبت لديه توافرها فإنه يلتزم بمنح التدبير المستعجل الذي يقرره القانون .
مثال ذلك ما تنص عليه المادة 290 مرافعات من سلطـة القاضـي في شمول حكمة بالتنفيذ المعجل ” التنفيذ المعجل القضائي ” فللقاضي سلطة تقديرية كاملة في تقرير توافر حالة الاستعجال التي تقتضي منح الحماية المستعجلة ، ولكن لا تكون له سلطة في تحديد التدبير الذي يأمر به في هذه الحالة ، فهو يلتزم بأن يأمر باتخاذ التدبير الوقتي الذي قـرره المشرع وهو شمول الحكم بالتنفيذ المعجل ” .
شروط اختصاص القاضى المستعجل بالمحكمة الاقتصادية
- شرط الاستعجال
- شرط عدم المساس بالحق
أحكام محكمة النقض الصلة بالموضوع
اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالمحاكم الاقتصادية في محكمة النقض
إن اختصاص القاضى المستعجل بالحكم فى الأمور التي يخشى عليها من فوات الوقت مناطه قيام حالة الاستعجال و أن يكون المطلوب إجراء لا فصلاً فى أصل الحق ، فإن أسفر الخلاف بين الخصوم عن قيام منازعة فى أصل الحق المقصود حمايته بالإجراء المطلوب كان للقاضى أن يتناول مؤقتاً فى نطاق الدعوى المستعجلة تقدير مبلغ الجد فى المنازعة ، فإن استبان له أن المنازعة جدية بحيث لم يعد أصل الحق واضحاً وضوحاً يستأهل حماية القضاء المستعجل حكم بعدم الإختصاص لتتولى محكمة الموضـوع الفصل فيه .
الطعن رقم 218 لسنة 18 مكتب فنى 02 صفحة رقم 128 جلسة 07-12-1950
القاضى المستعجل ممنوع من تفسير الأحكام الواجبة التنفيذ ، فإذا غم عليه الأمر فى تفسيـر الحكم سند التنفيذ وجب عليه التخلي عن النزاع و ترك الفصل فيه لمحكمة الموضوع لتقول كلمتهــا فيه و إلا خرج عن نطاق اختصاصه فمس أصل الحق المتنازع عليه . و إذن فمتى كان الواقع فى الدعوى هو أن الطاعنين استصدرا حكماً قضى بإلزام المطعون عليه بأن يدفع إليهما ديناً و بحبس بعض الأطيان تحت يدهما وفاء لهذا الدين .
و نفذ الطاعنان هذا الحكم بتسلم الأطيان تنفيذاً لحقهما فى الحبس ثم رفع المطعون عليه دعواه طالباً الحكم بإلغاء التنفيذ الذي حصل بموجب الحكم سالف الذكر فدفع الطاعنان بعدم اختصاص قاضى الأمـور المستعجلة بنظرها ، و كان الحكم إذ قضى برفض هذا الدفع وبإلغاء إجراءات التنفيذ قد أقام قضاءه على:
أن التنفيذ الذى تم باطلاً بطلاناً جوهرياً لأن الحكم سند التنفيذ قضى بالحبس رغـم أن الأطيان المطلوب حبسها لم تكن تحت يد الطاعنين وقت الحكم إنما كانت تحت يد المطعون عليه ، كذلك إدعاء الطاعنين بأن الدين المنفذ به لم تشمله التسويـة ليس مقطوعاً به.
أما دعوى المطعون عليه بأن التسوية شملته فهو إدعاء جدى – متى كان الحكم قد أسس قضاءه على ذلك فإنه يكون قد تجاوز اختصاصه ، لأنه إذ أجاب المطعون عليه إلى طلبه إلغاء محضر التسليم قد أقام قضاءه على أمور موضوعية بحتة هى محل نزاع جدى بين الخصوم فضلاً عن أنه أول حكماً نهائياً صدر لمصلحة الطاعنين تأويلاً يجعله غير قابل للتنفيذ .
الطعن رقم 218 لسنة 18 مكتب فنى 02 صفحة رقم 128 بتاريخ 07-12-1950
لما كانت الأمور التي يختص القضاء المستعجل بالحكم فيها بحسب الشطر الأخير من المادة 28 من قانون المرافعات ذات طابع خاص هو الاستعجال الذي يبرر الحكم بإجراء لا يكون من شأنه المساس بأصل الحق كانت هذه الأمور فى عرف القانون نوعاً قائماً بذاته متميزاً بطبيعته عن سائر الدعاوى ومهما تعددت صورها فإنها تندرج تحت هذا النوع الواحد .
وعلى هذا الاعتبار جاء ذكر اختصاص القاضى الجزئى بالحكم فى الأمور المستعجلة فى المادة 28 من قانون المرافعات – القديم – الواردة فى الباب الأول من الكتاب الأول من هذا القانون تحت عنوان ” الأصول المتعلقة باختصاص المحاكم بالنسبة لأنواع القضايا وأهميتها ” .
و من ثم يكون حكم القضاء المستعجل فى مسألة اختصاصه حكماً صادراً فى مسألة إختصاص بحسب نوع القضية مما يجوز الطعن فيه بطريق النقض وفقاً لنص المادة العاشرة من قانون إنشاء محكمة النقض .
و إذن فإذا كان مبنى الدفع بعدم قبول الطعن أن الحكم الطعون فيه صادر من محكمة إبتدائيـة بهيئة إستئنافية عن حكم محكمة جزئية – قاضى الأمور المستعجلة – فى غير الحالات المنصوص عليها فى المادة العاشرة من قانون إنشاء محكمة النقض إذ الحكم صادر فى مسألة إختصاص القضاء المستعجل وهو ليس من قبيل الإختصاص بحسب نوع القضية الذى تعنيه المادة سالفة الذكر – كان الدفع على غير أساس .
الطعن رقم 48 لسنة 19 مكتب فنى 02 صفحة رقم 103 بتاريخ 23-11-1950
إختصاص القضاء المستعجل فى الأمور التى يخشى عليها من فوات الوقت وفقاً للشطر الأخير من المادة 28 من قانون المرافعات – القديم – يتوافر بشرطين الأول قيام حالة إستعجال يخشى معها من طول الوقت الذى تستلزمه إجراءات التقاضى لدى محكمة الموضوع والآخر أن يكون المطلوب إجراء لا فصلاً فى أصل الحق ، وللقاضى المستعجل وهو بسبيل تقرير إختصاصه أن يقدر توافر حالة الإستعجال وتقديره فى هذا الخصوص لا معقب عليه .
كذلك له أن يتناول – مؤقتا ولحاجة الدعوى – منازعة الخصوم بالتقدير ، و خطؤه فيه لا يكـون بفرض وقوعه خطأ فى ذات مسألة إختصاص و لا يصلح سبباً للطعن عملاً بالمادة العاشرة من قانون إنشاء محكمة النقض .
و إذن فإذا كان الحكم إذ قضى بإختصاصه و بطرد الطاعن من الأطيان المؤجرة إليه وبتمكين المطعون عليه الثانى من وضع يده عليها قد أقام قضاءه على ما إستخلصه من توافر حالة الإستعجال فى الدعوى وعلى أن منازعة الطاعن فى حق البقاء فى العين بعد انتهاء مدة الإجارة.
إستناداً إلى عقد إيجار جديد ثابت التاريخ صادر إليه مـن أحد ناظرى الوقف المشمولة العين المؤجرة بنظرهما و سابق على تعيين المطعون عليه الأول حارسا على الوقف وقبل أن يؤجرها إلى المطعون عليه الثانى .
أن هذه المنازعة غير جدية لأن عقد الإيجار الذى يستند إليه صادر من ناظر غلت يده عن الإدارة بتعين ناظر منضم إليه من قبل إصدار العقد وبعد أن أنذر الناظر المنضم الطاعن ومن أجر له بعدم التعامل إلا بعد إشتراكهما معــا إذا كان الحكم قد أقام قضاءه على هذا وذاك كان الطعن عليه بأنه مس أصل الحق فخالف القانون على غير أساس .
الطعن رقم 48 لسنة 19 مكتب فنى 02 صفحة رقم 103 بتاريخ 23-11-1950
إن توافر شرط الاستعجال الذي يبرر اختصاص القضاء المستعجل هو من الأمور الموضوعية التى يستقل بتقديرها القاضى المستعجل . فمتى كان الحكم قد عنى ببيان أوجه الاستعجال و كان ما يبينه من ذلك يبرر الإختصاص فلا تجوز إثارة ذلك أمام محكمة النقض
الطعن رقم 131 لسنة 19 مكتب فنى 03 صفحة رقم 129 جلسة 29-11-1951
تقدير توافر شرط الاستعجال هو مما يسـتقل به قاضـى الأمـور المسـتعجلة و تقديـره لأصــل الحق هو تقدير وقتي عاجل يتحسـس به ما يبدو أنه وجه الصـواب فى الإجـراءات المطلوب مــع بقاء أصل الحق سليما يناضل فيه ذووه لدى محكمة الموضوع و خطأ قاضى الأمور المستعجلــة فى التقدير بفرض وقوعه لا يعتبر خطأ فى ذات مسـألة اختصـاص.
و بالتالـى لا يصلــح سببـــا للطعن استنادا إلى المادة العاشرة من قانون أنشاء محكمة النقض . و إذن فمتى كان الحكم إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص قاضى الأمور المستعجلة بنظر الدعوى ، و برفض الدفع بعدم قبولها ، و باختصاص قاضى الأمور المستعجلة بنظرها و بقبولها و بطرد الطاعن من الفندق المؤجـر له .
قد أقام قضاءه على توافر شرط الاستعجال فى الدعوى وعلى أن حيازة الطاعــن للفنــدق قد أصبحت بغير سند قانوني بعد أن قضت محكمة الموضوع بفسخ عقد الإيجار المبرم بينه و بين المطعون عليه ، فليس فى هذا الذي قضى به الحكم مجاوزة لاختصاص القضاء المستعجل . و من ثم فإن الطعن عليه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أسـاس .
الطعن رقم 151 لسنة 19 مكتب فنى 02 صفحة رقم 457 بتاريخ 22-03-1951
إنه إذا جاز للقاضى المسـتعجل أن يبحث مستندات الخصوم بحثا عرضيا يتحسس به ما يحتمل لأول نظرة أن يكون هو وجه الصواب فى الطلب المعروض عليه فانه يمتنع عليه أن يأمر بإجراء مقتضاه تطبيق هـذه المستندات على الطبيعة لمعرفـة ما إذا كانت تنطـبق على العين موضوع النزاع أو لا تنطبق لمساس ذلك بأصل الحق ، بل أن عليه فى هذه الصورة أن يترك الأمر لقاضى الموضوع .
الطعن رقم 202 لسنة 20 مكتب فنى 03 صفحة رقم 383 بتاريخ 10-01-1952
إن اختصاص قاضى الأمور المستعجلة بالحكم فى الأمور التي يخشــى عليها من فوات الوقت وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 49 من قانون المرافعات مناطه قيام حالة الاستعجال و أن يكون المطلوب إجراء لا فصلاً فى أصل الحق ، فإن أسفر الخلاف بين الطرفين عن قيام منازعة فى أصل الحق المطلوبة حمايته بالإجراء المطــلوب كان للقاضى أن يتناول مؤقتاً فى نطـاق الدعوى المستعجلة تقدير مبلغ الجد فى المنازعة .
فإذا استبان له أن المنازعة جدية بحيث لم يعد أصل الحق واضحاً وضوحاً يستأهل حماية القضاء المستعجل حكم بعدم الإختصاص لتتولى محكمة الموضوع الفصل فيه وإذن فإذا كان المطلوب فى الدعوى المستعجلة هو عدم الاعتداد بمحضر تسليم تم تنفيذا لحكم نهائي.
فأجاب القضاء المستعجل هذا الطلب مؤسسا قضاءه بذللك على أمور موضوعية هي موضع نزاع جدي بين الخصـوم ومؤولاً حكماً نهائياً تأويلاً يجعله غير قابل للتنفيذ حالة كون القاضى المستعجل ممنوعاً من تفسـير الأحكام واجبة التنفيذ مما يبطلها بل يجب عليه ـ متى تم تنفيذ الحكم ـ أن يقضى بعدم اختصاصه تاركاً الفصل فيه القاضى الموضوع ـ فهذا الحكم يكون مخطئاً .
الطعن رقم 243 لسنة 20 مكتب فنى 03 صفحة رقم 266 بتاريخ 20-12-1951
أن تقدير توافر شرط الاستعجال هو مما يستقل به قاض الأمور المستعجلة و لا معقب عليه فيه . و إذن فمتى كان الحكم إذ قضى باختصاص القضاء المستعجل و بإعادة وضع يد المطعون عليه الأول على الأرض قد أقام قضاءه على ما استخلصه من توافر حالة الاستعجال فى الدعوى .
و على ما تبين للمحكمة من أن ظاهر المستندات و التحقيقات المودعة بالملف ترجح حيازة المطعون عليه الأول لها ، و أنه كان يضع يده عليها حتى نزعت منه بعد الإجراءات التي اتخذها الطاعن و التي تشوبها الحيلة و تقوم مقام الغصب . فإن هذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون كما أن تقريره لحق المطعون عليه الأول فى استرداد الحيازة هو تقدير وقتي عاجل لا يمس الحق موضوع النزاع .
الطعن رقم 358 لسنة 20 مكتب فنى 03 صفحة رقم 1199بتاريخ 12-06-1952
لقاضى الأمور المستعجلة أن يتناول مؤقتا فى نطاق الدعوى المستعجلة تقدير مبلغ الجد فى المنازعة التى يثريها المدعى عليه فإذا إستبان له عدم جديتها فإنه يكون مختصا بالإجراء المطلوب .
و إذن فمتى كان الواقع هو أن المطعون عليه أقام الدعوى على الطاعنة و طلب الحكم بصفة مستعجلة بتمكينه من القيام بالأعمال الضرورية المبينة بصحيفة الدعوى و هي إعادة بناء دورة المياه بالشقة التى يستأجرها من الطاعنة و التي قامت هذه الأخيرة بهدمها و كانت الطاعنة قد أنكرت عليه وجود دورة مياه أصلا فى الشقة.
و كانت المحكمة إذ قضت بالترخيص للمطعون عليه فى إتمام دروة المياه على الوجه المبين بأسباب الحكم استأنست بالمعاينة الواردة فى الشكوى الإدارية و بما جاء بنسختي عقد الإيجار لمعرفة أى القولين يؤيده الظاهر و لم تفصل فى الحق موضوع النزاع و إنما أقامت قضاءها على ما بدا لها من الأوراق من أن حجود الطاعنة لوجود دورة المياه لا يظاهره شئ من الجد ، فإن المحكمة لا تكون قد خالفت القانون أو مست بحكمها الحق .
الطعن رقم 19 لسنة 21 مكتب فنى 03 صفحة رقم 1204 بتاريخ 12-06-1952
متى كان الحكم المطعون فيه ، و هو بسبيل تقرير اختصاصه ليتخذ إجراء وقتيا عاجلا له أن يتحسس جدية النزاع لا ليفصل فى الموضوع ذاته بل ليفصل فيما يبدو له من النظرة الأولى أنه وجه الصواب فى الإجراء المطلوب .
و كان قد أقام قضاءه على ما استظهره من أن الطاعن يعتبر بموجب ورقة التعهد نازلا عن عقد الإيجار الذى يرتكن عليه إن ردت إليه المطعون عليها المبلغ السابق دفعه إليها و أن الظاهر من أوراق الدعوى يدل على أنها قامت فى الميعاد المتفق عليه بعرض المبلغ المذكور على الطاعن عرضا حقيقيا مقترنا بالإيداع الأمر الذى يفيد براءة ذمتها من يوم عرضه.
و أن يد الطاعن على الأرض أصبحت بغير سند و بمثابة غصب فإن هذا الذى قرره الحكم ليس فيه مساس بالحق بل يفيد أنه رأى أن النزاع الذى أثاره الطاعن بتمسكه بقيام عقد الإيجار إستنادا إلى أن الشرط المدون بورقة التعهد لم يتحقق هو نزاع غير جدى و يكون الطعن على الحكم بمخالفة القانون على غير أساس .
الطعن رقم 48 لسنة 21 مكتب فنى 03 صفحة رقم 1169بتاريخ 05-06-1952
متى كانت المحكمة الإستئنافية إذ فصلت فى موضوع الدعوى المستعجلة لم تكن بصدد حالة من حالات التصدى بل كانت تفصل فى إستئناف عن حكم و إن كان قد قضى فى منطوقه بعدم الإختصاص إلا أنه تناول موضوع الدعوى المستعجلة بأسباب من شأنها أن تؤدى إلى رفضها فإن إستئناف الحكم فى هذه الحالة من جانب المطعون عليها قد نقل إلى المحكمة الإستئنافية جميع عناصر الدعوى و من ثم يكون موضوع الدعوى المستعجلة مطروحا أيضا على محكمة الدرجة الثانية لتفصل فيه و هى تقضى فى مسألة الإختصاص التى هى فى حقيقتها موضوع الدعوى المستعجلة نفسها .
الطعن رقم 48 لسنة 21 مكتب فنى 03 صفحة رقم 1169 بتاريخ 5-6-1952
لا يمنع من ذلك أن المستشكل لم يطلب فى إشكاله الحكم بإجراء وقتى و إنما طلب الحكم بعدم الإعتداد بالحجز الموقع ضده و إلغاء ما ترتب عليه من آثار وإعتباره كأن لم يكن ، وهذه الطلبات بحسب الأساس الذى بنيت عليه الدعوى والنزاع الذى أثير فيها تعتبر طلبات موضوعية والقضاء بها يكون فصلاً فى ذات الحق لا يملكه قاضى الأمور المستعجلة .
ولذا يكون من واجبة أن يغض النظر عنها وأن يأمر بما له من سلطة تحوير طلبات الخصوم فى مثل هذه الحالة بالإجراء الوقتي الذي يتفق وطبيعة الإشكال المعروض عليه ، وينبني على ذلك أن تكون المحكمة إذ قضت بعدم الإعتداد بالحجز قد أخطأت فى القانون ويتعين نقض حكمها فى هذا الخصوص .
الطعن رقم 50 لسنة 21 مكتب فنى 04 صفحة رقم 251 بتاريخ 25-12-1952
متى كان الحكم قد قرر بأنه يبين من ظاهر المستندات أنه قضى نهائيا للمطعون عليه على الطاعن فى دعوى إيجار الدكان وريع المخزن المقامين على الأرض موضوع النزاع بإخلائها وتسليمهما للمطعون عليه كما قضى نهائيا برفض دعوى الملكية التى أقامها عليه الطاعن عن الأرض المذكورة بما عليها من مبان .
واستخلص من ذلك أن يد الطاعن عليها بلا سند قانوني وأن الاستمرار فى حيازتها يكون خطرا على حقوق المطعون عليه مما يتوافر معه ركن الاستعجال ولا ينفيه قيام النزاع قبل رفع الدعوى بزمن بفعل الطاعن ، فان هذا الذي استخلصه الحكم وهو بسبيل تقدير توافر الاستعجال المبرر لاختصاص القضاء المستعجل هو استخلاص موضوعي سائغ .
الطعن رقم 309 لسنة 21 مكتب فنى 04 صفحة رقم 1012بتاريخ 14-05-1953
قاضى الأمور المستعجلة ليس ممنوعا من بحث مستندات الطرفين ليستخلص منها ما يبدو للنظرة الأولى أنه وجه الصواب فى الإجراء المستعجل المطلوب مع بقاء أصل الحق سليما . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بطرد الطاعن من العين موضوع النزاع قد قرر أنه حكم نهائيا برفض الدعوى التى أقامها الطاعن على المطعون عليه بملكية الأرض وما عليها من المباني واستخلص من ذلك ومن الأحكام الصادرة فى دعوى إيجار الدكان وريع المخزن المقضي فيهما بالإخلاء والتسليم أن نزاع الطاعن فى ملكية الأرض والمبانى المذكورة هو نزاع غير جدى ، فليس فى هذا الذى قرره الحكم مخالفة للقانون .
الطعن رقم 309 لسنة 21 مكتب فنى 04 صفحة رقم 1012 بتاريخ 14-05-1953
اختصاص قاضى الأمور المستعجلة فى المسائل التى يخشى عليها من فوات الوقت وفقا للمادة 49 من قانون المرافعات يتوافر بشرطين ، الأول أن يكون المطلوب إجراء لا فصلا فى الحق و الثاني قيام حالة استعجال يخشى معها من طول الوقت الذى تستلزمه إجراءات التقاضى لدى محكمة الموضوع .
و إذن فمتى كان قاضى الأمور المستعجلة قد قضى بطرد المستأجر الذى انتهى عقده من العين المؤجرة ، و كان حكم الطرد فى هذه الحالة هو مجرد إجراء وقتى يضع به حدا لحالة تهدد بالخطر صاحب الحق الظاهر .
و كان المستأجر قد أثار منازعة قوامها الادعاء بأنه قد استأجر العين بعقد جديد من وكيل المالك فرأى القاضى و هو بسبيل تقرير اختصاصه بالنظر فى دعوى الطرد أن هذه المنازعة غير جدية و أن يده ليست الا يد غاصب لما ظهر له من أن عقد الأيجار الذى يستند إليه قد صدر من شخص ليست له صفة الوكالة عن المالك.
و كان قاضى الأمور المستعجلة غير ممنوع من أن يتناول مؤقتا و لحاجة الدعوى المستعجلة بحث ظاهر مستندات الطرفين لتبرير حكمه فى الإجراء المؤقت ، و كان هذا الإجراء ليس من شأنه المساس بحقوق الخصوم التي تظل كما هي يتناضل عليها أربابها لدى محكمة الموضوع ، لما كان ذلك ، فإن النعي على الحكم بأنه مس الحق بالفصل فى نزاع موضوعي بحت لا ولاية له بالبت فيه يكون على غير أساس .