مذاهب البطلان فى قانون الاجراءات الجنائية
بحث جنائي عن مذاهب البطلان الجنائي وآثار البطلان، و تصحيحه، و أسبابه، وحق التنازل والسقوط، على ضوء شرح نص المادة 236 اجراءات جنائية وأحكام محكمة النقض الجنائي.
محتويات المقال
مذاهب البطلان في المادة 236 اجراءات
أثر البطلان على الإجراء الباطل ذاته
فقد نصت المادة (236) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه
إذا تقرر بطلان أى إجراء ، فإنه يتناول جميع الآثار التي تترتب عليه مباشرة ، ولزم إعادته متى أمكن ذلك ،
القاعدة أن بطلان الإجراء لا يتقرر بقوة القانون ، وإنما يتعين أن يقرره القضاء . فإذا قرر القضاء بطلان إجراء ما ، فإن تحديد أثر البطلان بالنسبة لهذا الإجراء لا يثير صعوبة ، فهو – في الأصل – إهدار القيمة القانونية لهذا الإجراء ، فكأنه لم يباشر ، ولا يترتب عليه أثر قانوني ما .
وتطبيقا لذلك فإنه إذا كانت ورقة التكليف بالحضور باطلة فلا يترتب عليها أثرها المعتاد ، وهو اتصال المحكمة بالدعوى ، ومن ثم لا يحق للمحكمة أن تتعرض للدعوى ، فإن هى فعلت كان حكمها باطلا .
(محمود نجيب حسني ص 270 )
كما يهدر بطلان العمل الإجرائي أثره القانوني في إمكان قطع تقادم الدعوى . باعتبار أن قطع التقادم لا يترتب إلا على الأعمال الإجرائية الصحيحة وليس الباطلة .
(نقض جنائي 29 مايو 1972 مجموعة أحكام النقض س 23 ص 810)
غير أن المشرع استثنى من هذه القاعدة حالة الحكم بعدم اختصاص سلطة التحقيق بالتحقيق . فالمادة 163 بعد أن نصت على أن لجميع الخصوم أن يستأنفوا الأوامر المتعلقة بمسائل الاختصاص ، نصت على أنه لا يوقف الاستئناف سير التحقيق ، ولا يترتب على القضاء بعدم الاختصاص بطلان إجراءات التحقيق ، ولذلك فإن الإجراء الباطل هنا قد أنتج أثره رغم التقرير ببطلانه .
(مأمون سلامة)
أثر الحكم بالبطلان على الإجراءات السابقة عليه
القاعدة أن الإجراء الباطل لا يمتد بطلانه الى الإجراءات السابقة عليه . ذلك أن الإجراءات السابقة عليه قد وجدت صحيحة قانونا دون أن تتأثر في وجودها بالإجراء الذي تقرر بطلانه .
(سليمان عبد المنعم )
فليس الإجراء الذي تقرر بطلانه من عناصرها ، ومن ثم تبقى منتجة جميع آثارها ، وتطبيقا ذلك ، فإنه إذا قضى ببطلان الحكم لعدم توقيعه في خلال ثلاثين يوما بقيت مع ذلك إجراءات المحاكمة التي سبقته صحيحة ، وإذا نقض الحكم بقيت مع ذلك إجراءات التحقيق والمحاكمة التي سبقته صحيحة .
(محمود نجيب حسنى )
أثر البطلان على الإجراءات اللاحقة عليه
يؤدي الحكم بإبطال الإجراء المعيب ليس فقط إلى إهدار قيمته القانونية ، بل يؤدي كذلك إلى إبطال الإجراءات الأخرى اللاحقة عليه متى كانت هذه الإجراءات مترتبة على الإجراء المعيب ومرتبطة به ارتباطا مباشرا ، ويعتبر ذلك تطبيقا للمبدأ المعروف (ما بنى على باطل فهو باطل) ، بل إن المشرع نفسه قد أشار صراحة إلى ذلك بقوله إذا تقرر بطلان أى إجراء فإنه يتناول جميع الآثار التي تترتب عليه مباشرة.
وقد قضت محكمة النقض بأنه
بطلان القبض لعدم مشروعيته ينبني عليه عدم التعويل في الإدانة على أى دليل يكون مترتبا عليه أو مستمدا منه ” ،
وأضافت إلى ذلك أن ” إبطال القبض لازمه بالضرورة إهدار كل دليل انكشف نتيجة القبض الباطل وعدم الاعتداد به في الإدانة “
( نقض 9/4/1973 مجموعة أحكام محكمة النقض س 24 رقم 105 ص 506)
ولكن بطلان الإجراء المعيب لا يؤثر على صحة الإجراءات اللاحقة عليه متى كانت هذه الإجراءات مستقلة عن الإجراء المعيب . فاستقلال الإجراء اللاحق يعصمه من البطلان الذي شاب ما سبقه من إجراءات ، وبالتالي فإن الحكم ببطلان التفتيش المعيب لا يؤثر على صحة الإجراءات التالية إذا كانت مستقلة عن هذا التفتيش وغير مرتبطة به كالاعتراف الصادر من المتهم ، وبصفة عامة فإن بطلان إذني المراقبة والتفتيش لا يحول دون الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنهما .
(سليمان عبد المنعم)
إعادة الإجراء الباطل
نصت على إعادة الإجراء الباطل المادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية ، فقررت أنه إذا تقرر بطلان الإجراء ( لزم إعادته متى أمكن ذلك ) وإعادة الإجراء الباطل تعني استبعاده وإحلال إجراء صحيح محله وليست المحكمة هى التي تعيد الإجراء المعيب ، بل إنها تأمر فحسب بإعادته.
وثمة شرطا لابد من توافرهما في إعادة الإجراء المعيب الذي تم تصحيحه
الأول : ألا يستحيل مباشرة الإجراء المعيب بحكم القانون أو الواقع
فإذا استحال قانونا مباشرة الإجراء فلا جدوى إذن من إعادته ، كأن تفوت المهلة أو الميعاد المحدد قانونا للطعن في الحكم ، وإذا استحال واقعيا مباشرة .
(مأمون سلامة)
الثاني : ضرورة الإعادة
فلا يكفي أن يكون في الإمكان إعادة الإجراء حتى تلتزم المحكمة بالأمر بإعادته بل يلزم أن تكون إعادته ضرورية . أما إذا لم تكن ضرورية بأن كانت النتيجة المرجو تحقيقها من الإجراء قد تحققت من إجراء آخر أو لم يعد لها فائدة في الدعوى فلا تلتزم المحكمة بإعادة الإجراء الباطل .
ويلاحظ أن إعادة الإجراءات لا تقف فقط عند حد الإجراء الذي تقرر بطلانه وإنما تلتزم أيضا إعادة جميع الإجراءات التي اعتد إليها البطلان سواء أكانت سابقة أم لاحقة أو للإجراء الباطل .
(سليمان عبد المنعم )
تحول الإجراء الباطل الجنائي
يقصد بتحويل الإجراء الباطل الاعتداد بالقيمة القانونية للعناصر التي تتواجد في الإجراء الباطل والتي تصلح في تكوين إجراء آخر ، ومعنى ذلك أن الإجراء الباطل يجب لتحويله أن يكون متضمنا ذات العناصر الموضوعية والشكلية لإجراء آخر .
يشترط لتحويل الإجراء الباطل لإجراء آخر صحيح
- أن يكون بطلان الإجراء راجعا لعدم فاعليته لتحقيق الغرض الذي من أجله بوشرت والذي يرتبه القانون على مباشرته .
- أن تتوافر في الإجراء الباطل الشروط الشكلية والموضوعية التي يتطلبها القانون لإحداث أثر معين يختص به إجراء آخر .ومن أمثلة ذلك أن بطلان محضر التحقيق الابتدائي لعدم تدوينه بواسطة كاتب أو عدم تحليف الشاهد اليمين يمكن أن يتحول الى محضر استدلالي كما يمكن تحويل الطعن في قرار غير جائز الطعن فيه الى طلب تحديد الاختصاص في حالة التنازع .
(مأمون سلامة ص 359)
تحول الاجراء الباطل في أحكام النقض
القاعدة أن ما بنى على الباطل فهو باطل ، ولم كان لا جدوى من تصريح الحكم ببطلان الدليل المستمد من العثور على فتات مخدر الحشيش بجيب صديري المطعون ضده بعد إبطال مطلق القبض عليه والتقرير ببطلان ما تلاه متصلا له ومترتبا عليه ، لأن ما هو لازم بالاقتضاء العقلي والمنطقي لا يحتاج الى بيان . لما كان ما تقدم ، وكان ما أورده الحكم سائغا ويستقيم به قضاؤه ومن ثم تنحسر عليه دعوى القصور في التسبيب .
(نقض جلسة 6/4/1973 س 24 ق 105 ص 506)
إذا كان الثابت في الحكم بدل على أن المتهم لم يقبض عليه لمجرد اشتباه رجل البوليس في أمره ، وإن إذن النيابة بالتفتيش لم يصدر إلا بناء على هذا القبض غير القانوني مما يؤدي الى أن استصدار هذا الإذن لم يكن إلا للحصول على دليل لم يكن في قدرة البوليس الحصول عليه بغير هذا القبض غير القانوني ، وقد كان للبوليس إذا كانت القرائن متوافرة لديه على اتهام المتهم ، أن يعرضها على النيابة لاستصدار إذن منها بالتفتيش بغير أن يقبض عليه ، فالإذن بالتفتيش في هذه الحالة لم يبن على إجراءات صحيحة كفيلة بالمحافظة على حرية الأفراد التي يحرص عليها القانون فيكون ذلك باطلا ، كما يعتبر أيضا باطلا الدليل المستمد عنه .
(نقض 3/3/1941 المجموعة الرسمية ص 42 ص 329)
خلو الحكم الابتدائي من التوقيع عليه من القاضي الذي أصدره رغم مضى فترة الثلاثين يوما التي استوجب القانون توقيع الحكم قبل انقضائها يبطله ، وهذا البطلان ينبسط حتما الى كافة أجزاء الحكم بما في ذلك منطوقه ، وإحالة الحكم الاستئنافي الى منطوق الحكم المستأنف الباطل ، ويؤدي الى امتداد البطلان إليه هو الآخر ولو نشأ لقضائه أسبابا خاصة به .
( نقض 9/5/1977 مجموعة القواعد القانونية س 28 ص 578 ، نقض 5/1/1974 مجموعة القواعد القانونية س 25 ص 41)
بطلان الإجراء يترتب عليه بطلان شهادة من أجراه ، إلا أن شرط ذلك أن تكون الشهادة وليد هذا الإجراء الباطل .
(جلسة 2/2/1993 الطعن رقم 8524 س 61 ق)
إن البطلان طبقا للمادة 336 إجراءات جنائية لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة ، وهو لا يلحق بما سبقه من إجراءات ، كما أنه يؤثر في قرار النيابة بإحالة الواقعة الى غرفة الاتهام أو قرار غرفة الاتهام بإحالة الدعوى الى محكمة الجنايات ولا يمكن أن يترتب على مثل هذا البطلان إن صح إعادة القضية الى النيابة بل يكون للمحكمة أن تصحح الإجراء الباطل طبقا للمادة 335 إجراءات .
(نقض جلسة 15/3/1956 س 6 ق 107 ص 361)
إن المادة 326 من قانون تحقيق الجنايات تنص على وجوب تقديم أوجه البطلان الذي يقع في الإجراءات السابقة على انعقاد الجلسة قبل سماع شهادة أول شاهد أو قبل المرافعة إن لم يكن هناك شهود وإلا سقط حق الدعوى بها . فإذا كان المتهم لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن النيابة لم تقدمه لقاضي الإحالة عن تهمة من التهم التي حوكم وحكم عليه من أجلها فلا يكون له أن يثير هذا الطعن أمام محكمة النقض .
(جلسة 6/3/1951 طعن رقم 1751 سنة 20 ق)
تصحيح البطلان الجنائي
المقصود بتصحيح البطلان
هو عدم تحقق آثاره ، وهو أمر موضوعي يطرأ على العمل الإجرائي الباطل ، فيزيل عنه هذا الوصف .
وقد أعطى القانون القاضي أن يصحح ولو من تلقاء نفسه كل إجراء تبين له بطلانه . مادة 335 . ويستوي أن يكون البطلان مطلقا أو نسبيا . فتصحح الإجراء الباطل ليس مفاده الحكم بالبطلان حتى ولو لم يطلب من الخصوم . فالمحكمة ليس لها أن تقضي بالبطلان إلا إذا كان مطلقا أو كان نسبيا وتمسك به الخصوم ، وإنما المقصود بذلك التصحيح هو أن المحكمة منوط بها واجب التطبيق السليم للقانون بالنسبة للدعوى المنظورة أمامها وإجراءاتها .
(مأمون سلامة)
ومن صور تصحيح الإجراء الباطل ما يستخلص من حضور المتهم جلسة المحاكمة بنفسه أو بواسطة وكيل عنه عقب تكليف بالحضور باطل . ففي هذه الحالة لا يحق للمتهم التمسك ببطلان التكليف ، وإنما يطلب تصحيحه أو استيفاء أى نقص فيه ، ويتم منحه أجلا جديدا لنحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى . (مادة 334 أ. ج. م)
ومن الصور الخاصة لتصحيح الإجراء المعيب (وإن لم يكن باطلا بالمعنى الدقيق للكلمة) ما يعرف بتصحيح الأخطاء المادية .
فقد نصت المادة 337 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه
إذا وقع خطأ مادي في حكم أو في أمر صادر من قاضي التحقيق أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة ، ولم يترتب عليه البطلان تتولى الهيئة التي أصدرت الحكم أو الأمر تصحيح الخطأ من تلقاء نفسها ، أو بناء على طلب أحد الخصوم وذلك بعد تكليف الخصوم بالحضور ، ويقضي التصحيح في غرفة المشورة بعد سماع أقوال الخصوم ، ويؤشر بالأمر الذي يصدر على هامش الحكم أو الأمر ، ويتبع هذا الإجراء في تصحيح اسم المتهم ولقبه .
وثمة فروق أساسية بين إعادة الإجراء الباطل وتصحيح الخطأ المادي في إجراء صحيح . فالإعادة تكون بمباشرة الإجراء من جديد ، أما التصحيح فيكون بالتأشير بالأمر الصادر بالتصحيح على هامش الورقة التي أثبت فيها الإجراء ، وينتح الإجراء المعاد أثره من وقت إعادته ، أما الإجراء الذي صحح خطؤه المادي فترجع آثاره الى وقت مباشرته في أول الأمر .
(سليمان عبد المنعم)
ويشترك الخطأ المادي والبطلان في افتراضهما عيبا شاب الإجراء ، ولكنهما يختلفان في أن الأول يفترض عيبا ماديا في حين يفترض الثاني عيبا قانونيا ، ويتضح الاختلاف بينهما في صورة أوضح من حيث أن التصحيح المادي يفترض انتفاء البطلان ، ذلك أنه يرد على إجراء صحيح .
(د/ عمر السعيد رمضان رقم 33 ص 49)
وأهمية ذلك أنه إذا كان الإجراء باطلا تعين الالتجاء الى السبيل الذي يقرره القانون للاحتجاج ببطلانه ، ومن ثم يكون غير مقبول سبيل تصحيح الخطأ المادي ، وتطبيقا لذلك ، فإنه إذا شاب الحكم بطلان تعين الالتجاء الى طرق الطعن التي يقررها القانون ، ولا يجوز الالتجاء الى طريق تصحيح الخطأ المادي .
وقد قضت محكمة النقض بأنه
إذا كان الحكم ينطوي على خطأ في تطبيق القانون لا على مجرد خطأ مادي فلا تملك المحكمة تعديله أو تصحيحه لزوال ولايتها في الدعوى بإصدار الحكم فيها ، ولا يسوغ قانونا تدارك هذا الخطأ إلا عن طريق الطعن في الحكم
(نقض 16/5/1958 مجموعة أحكام محكمة النقض س 9 رقم 138 ص 550)
وتصحيح الخطأ المادي ليس تصحيحا لإجراء باطل ، بل لإجراء معيب ، ويترتب على ذلك أن بطلان الحكم يفتح الطريق للطعن فيه بإحدى طرق الطعن المقررة قانونا . أما الخطأ المادي الذي يعتور الحكم فلا يجيز الطعن فيه ، وإن أجاز طلب تصحيحه.
(مأمون سلامة )
وتختص بتصحيح الخطأ المادي السلطة التي صدر عنها العمل المشوب بهذا الخطأ ، ولها أن تصححه من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم ، وعليها أن تكلف الخصوم بالحضور وتسمع أقوالهم ، ويصدر القرار بالتصحيح في غرفة المشورة.
(سليمان عبد المنعم )
أسباب تصحيح البطلان الجنائى
(1) تحقق الغاية
فتحقق الغاية سبباً من أسباب تصحيح الإجراء الباطل والمقصود بتحقق الغاية كسبب للتصحيح هو تحققها في الظروف التي تمر بها الدعوى .
فلقد شرع البطلان لحماية الغايات الإجرائية التي نظمها القانون ، فإذا تحققت الغاية التي شرع الشكل من أجلها ، كان التمسك بالبطلان متجافيا مع القانون ، ويمتنع على الخصم التمسك بالبطلان .
وتنطبق هذه القاعدة على البطلان بنوعيه : سواء تعلق بالنظام العام أو بمصلحة الخصوم ، ويشترط أن تتحقق الغاية بالنسبة الى جميع ذوي الشأن ، لا بالنسبة الى خصم واحد فحسب ، فتحقق الغاية هو سبب موضوعي يتعلق بالعمل الإجرائي وليس سببا شخصيا يتعلق بواحد من الخصوم .
(عبد الحميد الشواربي)
(2) قوة الأمر المقضى
كما يصحح الحكم الباطل قاعدة قوة الأمر المقضي ، فالقاعدة أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي أصبح عنوانا للحقيقة والصحة ، فلا يجوز تخطئته في قضائه أو إبطاله بأى طريق ، سواء كان البطلان لعيب ذاتي أو في الإجراءات التي بنيت عليها أو كان متعلقا بالنظام العام أو متعلقا بمصلحة الخصوم . (عبد الحميد الشواربي ، مرجع سابق)
(3) التنازل
كما يصحح البطلان أيضا بالتنازل لمن له حق التمسك بالبطلان سواء كان صريحا أو ضمنيا والمقصود بالتنازل هو إعلان ممن له التمسك بالبطلان برغبة في عدم توقيع البطلان ويترتب على التنازل عن التمسك بالبطلان تصحيحه في مواجهة الكافة أى بزوال أثره وهو تنازل بات لا رجوع فيه .
(4) السقوط
والسقوط يتم بانقضاء ميعاد معين لمباشرة العمل ويكون كذلك بحصول واقعة معينة .
وقد نصت المادة 333 إجراءات على أنه
في غير الأحوال التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه أما في مواد المخالفات فيعتبر الإجراء صحيحا إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يحضر معه محام في الجلسة وكذلك يسقط حق الدفع بالبطلان بالنسبة للنيابة العامة إذا لم تتمسك في حينه .
ويلاحظ أن التصحيح بالسقوط يتم بقوة القانون بمجرد حصول الواقعة المحددة في القانون بغض النظر عن عدم علم صاحب الشأن بالعيب الذي أدى الى البطلان بخلاف التنازل الذي لا يتم إلا عن علم بالعيب .
ومن ثم يجوز للمتهم الذي سقط حقه في الدفع بالبطلان بسبب عدم الاعتراض عليه وقت مباشرته أن يدعى أنه كان جاهلا بالعيب الذي أدى الى البطلان .
أحكام النقض عن البطلان الجنائى
البطلان – طبقا للمادة 336 إجراءات لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة ، وهو لا يعلق بما سبقه من إجراءات كما أنه في حالة بطلان التحقيق الابتدائي لا يؤثر في قرار النيابة بإحالة الواقعة الى غرفة الاتهام أو قرار غرفة الاتهام بإحالة الدعوى الى محكمة الجنايات ، ولا يمكن أن يرتب على مثل هذا البطلان إن صح – إعادة القضية الى النيابة كما طلب الطاعن ، لأن في ذلك إهدار الحجية أمر الإحالة بل يكون للمحكمة أن تصحح الإجراء الباطل طبقا للمادة 335 إجراءات .
(نقض 12/3/1956 مجموعة القواعد القانونية س 7 ص 361)
لما كان ما ورد بالحكم من صدوره يوم سماع المرافعة ومن ورود قرار المحكمة – بمحضر الجلسة – تاليا لعبارة صدر الحكم الآتي ، لا يعدو كل منهما أن يكون خطأ ماديا بحتا ليس من شأنه أن يبطل الحكم أو ينال من سلامته إذ أنه لا يغير عن حقيقة الواقع عن سماع الدعوى في جلسة سابقة ثم إصدار المحكمة قراراها بحجزها لإصدار الحكم فيها بالجلسة التي صدر فيها بالفعل وهو ما لم يجادل فيه الطاعن .
(نقض 27/3/1984 مجموعة القواعد القانونية س 35 ص 353)
إن مجرد حصول تعديل في إحدى العبارات في محضر الجلسة بغرض حصوله – لا يدل على عدم صحة العبارة الجديدة ، بل يفيد التصحيح بما يتفق من حقيقة الواقع .
(نقض 10/6/1953 مجموعة القواعد القانونية س 3 ص 1081)
يجب أن تكون الأخطاء المادية المطلوب تصحيحها واردة في منطوق الحكم دون الوقائع أو الأسباب ، ما تكن الأسباب جوهرية مكونا جزءا من منطوق الحكم أو مؤثرة فيما يستنفد منه .
(جلسة 18/7/1993 الطعن رقم 1800 س 52 ق)
وقوع خطأ مادي في الحكم أو في أمر صادر من قاضي التحقيق أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة ولم يترتب عليه البطلان ، يجوز تصحيحه بمعرفة الهيئة التي أصدرته ، من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم بعد تكليفهم بالحضور ، إعمالا لنص المادة 337 إجراءات .
(جلسة 18/7/1993 الطعن رقم 1800 س 52 ق)
لم يجز قانون المرافعات في المادة 191 منه الطعن في القرار الصادر بتصحيح الحكم من الأخطاء المادية البحتة كتابية كانت أم حسابية ، إلا أن تكون المحكمة قد أجرت التصحيح متجاوزة حقيها فيه ، وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم بموضوع التصحيح ، أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال .
ولا يرسم قانون الإجراءات الجنائية طريقا للطعن في أوامر التصحيح التي تصدر إعمالا لحكم المادة 337 منه كما فعلت المادة 191/2 مرافعات التي أجازت الطعن استثناء في حالة رفض الطلب ولما كان حكم المادة 191/2 مرافعات هو من الأحكام التي لا تتعارض مع أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإنما تكمل نقصا فيها يتمثل في عدم رم طريق الطعن في قرار التصحيح عند تجاوز الحق فيه فإنه يتعين الرجوع الى هذا الحكم والأخذ بمقتضاه في الحدود الواردة فيه.
(نقض 1/11/1970 مجموعة القواعد القانونية س 21 ص 1030)
سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في منطوق الحكم قاصر على الأخطاء المادية البحتة التي لا تؤثر على كيانه وتفقده ذاتيته ، يجب أن يكون للخطأ المادي الجائز تصحيحه أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح منه في نظرية الحكم .
(جلسة 18/7/1993 الطعن رقم 1800 س 52 ق)
ختاما: تعرفنا على مذاهب فقهاء القانون الجنائي بشأن بطلان الاجراءات الجنائية مدعمة بشرح المادة 236 اجراءات جنائية وأحكام محكمة النقض الجمائية ذات الصلة.
- انتهي البحث القانوني ( مذاهب البطلان الجنائي: آثار، تصحيحه، أسبابه، التنازل والسقوط؟) ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني.
- زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
- كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل ، أو الاتصال بنا من خلال ( طلب استشارة مجانية )
- كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
- يمكن تحميل الأبحاث من أيقونة التحميل pdf في نهاية كل مقال وكل بحث ، ونعتذر لغلق امكانية النسخ بسبب بعض الأشخاص الذين يستحلون جهد الغير في اعداد الأبحاث وتنسيقها ويقومون بنشرها علي مواقعهم الالكترونية ونسبتها اليهم وحذف مصدر البحث والموقع الأصلي للبحث المنشور ، مما يؤثر علي ترتيب موقعنا في سيرش جوجل ، أعانهم الله علي أنفسهم .