قواعد بطلان وعدم نفاذ بيع ملك الغير
دراسة قانونية شاملة عن طبيعة البطلان وعدم النفاذ في بيع ملك الغير، تتضمن بيان من له حق الإبطال، ومن له حق الإجازة، ومن له حق عدم النفاذ، وذلك علي ضوء شرح المادة 466 مدني مدعمة بأحكام محكمة النقض المرتبطة .
محتويات المقال
بيع ملك الغير في المادة 466 مدني
تنص المادة 466 من القانون المدني على أن
إذا باع شخص شيئا معينا بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع، ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع علي عقار، سجل العقد أو لم يسجل وفي كل حال لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد.
تعريف بيـع ملك الغير
بيع ملك الغير هو المبيع الذي يبيع فيه شخص شئ معين بالذات لا يملكه. ويعرفه البعض بأنه بيع عيني معينة بالذات غير مملوكة للبائع متى قصد به نقل الملكية في الحال إلي المشتري مقابل ثمن نقدي .
(محمد كمال عبد العزيز ص 415)
قضت محكمة النقض بأن
إذا كانت الواقعة التي لا نزاع فيها بين طرفي الخصوم هي أن المدعي عليه تبادل في أطيان مع المدعية (مصلحة الأملاك) فأعطاها فيما أعطي أرضا تبين لها وقت التسليم أنه كان قد تصرف فيها بالبيع منذ ثلاث سنوات سابقة علي البدل، فهذه الواقعة هي بيع من غير مالك.
وإذن فدعوى المطالبة بقيمة الأطيان الناقصة يجب أن يكون أساسها التضمين عن بيع ملك الغير. ولكن إذا كان المفهوم من الحكم أنه قد اعتبر الدعوى من أحوال الاستحقاق فطبق فيها المادة 312 مدني وقضي بإلزام المدعى عليه بقيمة ما نقض من مقابل البدل فإن هذا الحكم يكون خاطئا في السبب القانوني الذي بني عليه إلا أن هذا الخطأ لا يقبل الطعن به مادامت النتيجة التي انتهي إليها الحكم صحيحة، إذ أن المادة الواجبة التطبيق (وهي المادة 265) تنص علي إلزام البائع بالتضمينات، وهذه لا يمكن أن تكون أقل من الثمن المدفوع وقت التعاقد.
(طعن رقم 45 لسنة 9 ق جلسة 14/3/1940)
كما قضت المحكمة الدستورية العليا بأن
إذ تنص الفقرة الأولي من المادة 466 من القانون المدني، علي أنه إذا باع شخص شيئا معينا بالذات وهو لا يملكه، جاز لمن قام بشراء هذا الشئ أن يطلب إبطال البيع. ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع علي عقار سجل العقد أو لم يسجل. وكانت فقرتها الثانية تقضي بأن هذا البيع لا يكون ساريا – في كل حال – في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز مشتريها العقد.
وكانت الفقرة الأولي من المادة 467 من هذا القانون، تقضي بأنه إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه وانقلب صحيحا في حق المشتري.
كما تقضي فقرتها الثانية بأن البيع ينقلب كذلك صحيحا في حق المشتري، إذا آلت ملكية المبيع إلي البائع بعد صدور العقد، وكانت الأحكام السابق بيانها، التي نظم بها القانون المدني بيع ملك الغير.
تدل في مجموعها علي أن البيع يكون كذلك، كلما باع شخص عينا معينة بذاتها لا يملكها حين العقد، إذا قصد بالبيع نقل ملكيتها في الحال، وإذ كان من المقرر أن بيع العين علي هذا النحو، لا يعتبر موقوفا علي إجازة مالكها أو إقراره، وإلا كانت آثاره جميعها متوقفا سريانها علي هذه الإجازة، ومتراخية – حتى فيما بين المتعاقدين-إلي حين تمامها، حال أن بيع ملك الغير وفقا لقواعد القانون المدني، لا يعتبر كذلك، إذ ينتج هذا العقد أثره في الحال، كالشأن في كل عقد قابل للإبطال.
(الدعوى رقم 4 لسنة 15 ق “تنازع” جلسة 3/12/1994)
يستخلص مما تقدم أنه:
لابد من توافر عدة شروط حتى يمكن تطبيق الأحكام الخاصة ببيع ملك الغير وهذه الشروط هي:
أن يكون الغرض من التصرف هو نقل الملكية من البائع إلي المشتري في مقابل ثمن نقدي
فيجب أن تتجه إرادة كل من البائع والمشتري إلي نقل الملكية. وإلي أن يكون العقد بيعا لا وعدا بالبيع فإذا لم يكن العقد بيعا، فإنه لا يمكن تطبيق الأحكام الخاصة ببيع ملك الغير.
أن يكون المبيع غير مملوك للبائع ولا للمشتري
يجب لتحق بيع ملك الغير، أن يكون المبيع غير مملوك لا للبائع ولا للمشتري. لأن المبيع إذا كان مملوكا للبائع كان البيع صحيحا، وإذا كان مملوكا للمشتري وأقدم علي الشراء جاهلا ملكيته له، فإن البيع يكون باطلا بطلانا مطلقا لاستحالة المحل استحالة مطلقة، إذ يستحيل علي الكافة نقل الملكية شئ إلي من هو مالك له فعلا.
(أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 155)
هذا وبيع ملك الغير أمر نادر، ومثال ذلك أن يبيع الزوج أحد أموال زوجته دون أن يكون موكلا منها في ذلك، أو أن يبيع الوصي مالا مملوكا للقاصر علي أنه ملكه. أو يبيع الغاصب ما اغتصب.
- أن يكون المبيع قيميا معينا بالذات
فإذا كان المبيع من المثليات لم يعتبر البيع بيعا لملك الغير ولو كان البائع لا يملك وقت البيع أي قدر من المبيع لأنه لا يمكن القول في هذه الحالة أن المبيع مملوك للغير وهو ما يشترطه المشرع لإبطال البيع فلا يكتفي بأن يكون المبيع غير مملوك للبائع وقت البيع وكذلك الشأن بالنسبة إلي بيع الأشياء المستقبلة أو الأشياء الموصي بصنعها لأنها وهي لم توجد وقت العقد لا يمكن نسبة ملكيتها وقت البيع إلي غير البائع ولكن متى كان المبيع مملوكا وقت البيع لغير البائع فإنه يستوي أن يكون المبيع عقارا أو منقولا .
(شنب بند 50 – السنهوري ص 272 – محمد كمال عبد العزيز ص 420)
وإذا كان المبيع عقار يستوي أن يكون البيع مسجلا أم غير مسجل.
أثار بيع ملك الغير
يترتب علي العقد فيما بين طرفيه كافة الآثار التي يرتبها عقد البيع فيستلزم البائع نقل الحق المبيع إلي المشتري وأن كان لا يمكن تنفيذ هذا الالتزام جبرا ما بقي البائع غير مالك، كما يلتزم البائع بتسليم المبيع وبعدم التعرض الغير كما يضمن العيب الخفي، ويلتزم المشتري بدفع الثمن وتكاليف المبيع ونفقات العقد وباستلام المبيع، مع ملاحظة أن للمشتري حبس الثمن بمجرد أن ينكشف أن المبيع غير مملوك للبائع ولو لم يتعرض له المالك الحقيقي .
(منصور بند 113- رقص بند 291 – محمد كمال عبد العزيز ص 421)
أما بالنسبة إلي المالك الحقيقي فإن عقد البيع غير نافذ في حقه حيث تنص المادة 466 مدني في فقرتها الثانية علي أنه :
في كل حال لا يسرب هذا البيع في حق المالك لعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد
فالمالك الحقيقي يعتبر من الغير بالنسبة لعقد البيع الذي تم بين البائع والمشتري. ويترتب علي ذلك أنه لا يستطيع أي من طرفي العقد أن يرتب في ذمته أية حقوق أو يحمله بأية التزامات.
كما يترتب علي كون البيع لا ينتج أية آثار بالنسبة للمالك أنه
إذا كان المشتري قد وضع يده علي المبيع، فإنه يكون للمالك أن يسترده، عن طريق دعوى الاستحقاق، باعتباره مالكا مع مراعاة أن من المحتمل أن يتمسك المشتري قبله بقاعدة الحيازة .
كما يترتب علي كون المالك من الغير بالنسبة للعقد أنه
لا تكون له إجازة (تأييد) البيع ولا يكون له أن يطلب البطلان وإنما يكون له مع ذلك أن “يقره” (يجيزه)، فيسري في حقه وينقلب بذلك صحيحا في حق المشتري ويتحقق سريانه في مواجهة المالك من وقت صدور العقد، بأثر رجعي، مع مراعاة حقوق الغير التي رتبها المالك في الفترة بين العقد وصدور الإقرار، ألا يضر إقرار المالك بالحقوق التي اكتسبها الغير علي المبيع فتسري في مواجهة المشتري متى توافرت شروط سريانها، ولا يكون لهذا الأخير إلا الرجوع بالضمان علي من باع له. وكل هذا مع مراعاة أحكام التسجيل .
(توفيق حسن فرج ص 128)
قضت محكمة النقض بأن
أنه وإن كان لا يجوز إبطال بيع ملك الغير إلا للمشتري دون البائع له إلا أن المالك الحقيقي يكيفه أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف في حقه أصلا إذا كان العقد قد سجل أما إذا كانت الملكية مازالت باقي لمالك الحقيقي لعدم تسجيل عقد البيع فإنه يكفيه أن يطلب طرد المشتري من غيره لأن يده تكون غير مستندة إلي تصرف نافذ في مواجهته، وأن يطلب الريع عن المدة التي وضع المشتري فيها يده علي ملك غير البائع له.
إذ كان ذلك، وكان هذا هو عين ما طلبه الطاعنون في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلباتهم علي أساس أنه كلن يتعين عليهم أن يطلبوا الحكم باسترداد العقار أولا دون أن يتصدى لبحث عناصر دعواهم وما إذا كانت ملكيتهم للقدر المطالب بطرد المطعون ضده منه وبريعه ثابتة من عدمه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب
(الطعن رقم 98 لسنة 46 ق جلسة 24/1/1979)
وبأنه تنص المادة 466 من القانون المدني في فقرتها الأولي علي أنه “إذا باع شخص شيئا معينا بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب إبطال العقد”،
كما تقضي الفقرة الثانية بعدم سريان هذا المبيع في حق المالك للعين المبيعة، وإذ كان الطاعن قد أقام دعواه أمام محكمة أول درجة طالبا الحكم بإبطال عقد البيع الصادر من المطعون عليه الأول إلي المطعون عليهما الثاني والثالث استنادا إلي أن الأطيان المبيعة ملك الطاعن دون البائع وتمسك الطاعن في صحيفة دعواه بنص المادة المذكورة بفقرتيها.
فإن التكييف القانوني السليم للدعوى هو أنها أقيمت بطلب الحكم بعدم سريان العقد محل النزاع في حق الطاعن، وإذ كيف الحكم المطعون فيه الدعوى بأنها دعوى إبطال عقد البيع وذهب إلي أن طلب عدم سريان البيع بالنسبة للطاعن هو طلب جديد لا يقبل في الاستئناف لعدم تقديمه إلي محكمة الدرجة الأولي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون
(الطعن رقم 120 لسنة 39 ق جلسة 10/11/1977)
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمالك الحقيقي أن يطلب طرد المشتري من ملكه، لأن يده تكون غير مستنده إلي تصرف نافذ في مواجهته كما أن له أن يطلب ريع ملكه من هذا المشتري عن المدة التي وضع يده فيها عليه
(الطعن رقم 2031 لسنة 50 ق جلسة 31/5/1984)
وبأنه إذا كانت الواقعة التي لا نزاع فيها بين طرفي الخصوم هي أن المدعي عليه تبادل في أطيان مع المدعية (مصلحة الأملاك) فأعطاها فيما أعطى أرضا تبين لها وقت التسليم أنه كان قد تصرف فيها بالبيع منذ ثلاث سنوات سابقة علي البدل، فهذه الواقعة هي بيع من غير مالك. وإذن فدعوى المطالبة بقيمة الأطيان الناقصة يجب أن يكون أساسها التضمين عن بيع ملك الغير.
ولكن إذا كان المفهوم من الحكم أنه قد اعتبر الدعوى من أحوال الاستحقاق فطبق فيها المادة 312 مدني وقضي بإلزام المدعى عليه بقيمة ما نقص من مقابل البدل فإن هذا الحكم يكون خاطئا في السبب القانوني الذي بني عليه. إلا أن هذا الخطأ لا يقبل الطعن به مادامت النتيجة التي انتهي إليها الحكم صحيحة، إذ أن المادة الواجبة التطبيق (وهي المادة 265) تنص علي إلزام البائع بالتضمينات، وهذه لا يمكن أن تكون أقل من الثمن المدفوع وقت التعاقد
(الطعن رقم 45 لسنة 9 ق جلسة 14/3/1940)
إبطال بيع ملك الغير
يكون البيع قابلا للإبطال إذا باع شخص عينا معينة بالذات غير مملوكة له إذا قصد بالبيع نقل الملكية في الحال، ويستوي أن يكون البائع عالما بأنه لا يملك المبيع أو يعتقد أنه يملكه كما يستوي أن يكون البيع مساومة أو بيعا قضائيا ويستوي في البيع القضائي أن يكون بيعا جبريا أو اختياريا، ويراعي أن بيع العقار لا يزال من طبيعته نقل الملكية في الحال سواء سجل أو لم يسجل فيكون هذا البيع قابلا للإبطال قبل التسجيل أو بعده وسواء تم التسجيل بناء علي العقد، أم بناء علي حكم بصحة ونفاذ هذا العقد .
(أنور طلبه ص 714)
للمشتري التمسك بإبطال عقد البيع إما عن طريق الدعوى، وإما عن طريق الدفع يدفع به دعوى البائع إذا طالبه بالثمن. وللمشتري أن يتمسك بإبطال البيع حتى قبل أن يتعرض له المالك الحقيقي وإذا رفع المشتري دعوى الإبطال فقد ثبت حقه في إبطال البيع. إلا إذا أقر المالك الحقيقي البيع أو أصبح البائع مالكا قبل صدور الحكم عملا بالمادة 467 ولا يجوز للمشتري طلب إبطال البيع إذا كان في الإمكان نقل ملكية المبيع للبائع.
كما لو كان مشتريا للعقار بموجب عقد عرفي، سواء رفعت دعوى بصحته ونفاذه، أم لم تكن قد رفعت، إذ يجوز للمشتري رفع دعوى بصحة ونفاذ عقده والعقد الصادر للبائع له من المالك ويختصم فيها الاثنين معا، إذ يترتب علي التأشير بالحكم في هامش تسجيل الصحيفة انتقال الملكية إلي البائع ومنه إلي المشتري، ومفاد ذلك انتفاء مصلحة المشتري في طلب الإبطال.
ويسري ذلك إذا أقر المالك البيع. كذلك إذا كان البائع قد حصل علي حكم بصحة ونفاذ عقده، إذ تنتقل إليه الملكية بالتأشير به في هامش تسجيل الصحيفة، أو تكون المحكمة قد صدقت في دعوى صحة التعاقد المرفوعة من البائع علي الصلح المبرم بينه وبين المالك، أو يكون قد استصدر حكما بصحة توقيع المالك علي عقد البيع المبرم معه، إذ يكفي ذلك لتسجيل البيع ونقل الملكية للبائع .
(أنور طلبه ص 715)
إجازة المشتري للبيـع
لما كان حق الإبطال مقرر لمصلحة المشتري فإنه يكون له من ثم أن يتنازل عنه، أي أن يجيز العقد. وهذه الإجازة قد تكون صريحة وقد تكون ضمنية إلا أنه يشترط أن يكون المشتري عالما وقت إجازته للعقد بما يشوبه من عيب، أي أن يكون عالما بأن المبيع مملوك للغير .
(محمد شكري سرور ص 418)
ومن أمثلة الإجازة الضمنية قيام المشتري بتنفيذ العقد بمحض إرادته بعد علمه بسبب الإبطال، كأن يقوم بدفع الثمن واستلام المبيع بعد تثبته من أن المبيع مملوك للغير .
(أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 172)
قضت محكمة النقض بأن
بطلان بيع ملك الغير مقرر لمصلحة المشتري ومن ثم فيكون له دون غيره أن يطلب إبطال العقد. وما لم يثبت أن البائع غير مالك ويطلب البطلان صاحب الحق فيه، فإن عقد البيع يبقي قائما منتجا لآثاره بحيث يكون للمشتري أن يطالب البائع بتنفيذ التزاماته ويعد هذا منه إجازة للعقد
(الطعن رقم 243 لسنة 28 ق جلسة 14/3/1963)
وبأنه بطلان بيع ملك الغير – وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة -ن قرر لمصلحة المشتري، وله دون غيره أن يطلب إبطال العقد، كما له ن يجيزه، وإذا طالب البائع بتنفيذ التزاماته يعد هذا إجازة منه للعقد، ولما كان الطاعن رغم علمه بعدم ملكية المطعون عليهم مورثهم من قبلهم لقطعة الأرض الثانية طلب رفض دعوى فسخ العقد بالنسبة لهذه الأرض، فيكون قد أجاز العقد ويحق مطالبته بتنفيذ التزاماته الناشئة عنه
(الطعن رقم 1972 لسنة 49 ق جلسة 20/4/1983)
وبأنه لئن كان صحيحا أن تسجيل عقد البيع لا ينقل الملكية إلي المشتري إلا إذا كان البائع مالكا لما باعه إلا أن بيع ملك الغير قابل للإبطال لمصلحة المشتري وحده ولا يسري في حق المالك الحقيقي ولهذا المالك أن يقر البيع في أي وقت فيسري عندئذ في حقه وينقلب صحيحا في حق المشتري. كما ينقلب العقد صحيحا في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلي البائع بعد صدور العقد.
فإذا كان الطاعنون – ورثة المشتري في عقد بيع ملك الغير – قد طلبوا ثبوت ملكيتهم استنادا إلي هذا العقد السجل فإنهم يكونون بذلك قد أجازوا العقد ولا يكون بعد لغير المالك الحقيقي أن يعترض علي هذا البيع ويطلب عدم سريانه في حقه.
ومن ثم فلا يكفي لعدم إجابة الطاعنين إلي طلبهم أن يثبت المدعي عليهم المنازعون لهم أن البائع لمورث الطاعنين غير مالك لما باعه بل يجب أن يثبتوا أيضا أنهم هو أو البائع لهم الملاك لهذا المبيع إذ لو كان المالك سواهم لما قبلت منهم هذه المنازعة”
(الطعن رقم 189 لسنة 33 ق جلسة 18/4/1968)
وبأنه البيع الصادر من غير مالك أن كان باطلا فإن بطلانه ليس بطلانا أصليا بل أن القانون نص علي صحته إذا أجازه المالك، كما أن عدول المتعاقدين عما تعاقدا عليه جائز، فإذا تمسك المشتري بأن البائع له وأن كان قد سبق أن تصرف في القدر المبيع له إلا أنه قد استرد ملكيته بعدوله عن العقد الذي كان قد تصرف به فيه وأن البيع الحاصل له هو قد أجازه من كان قد حصل له التصرف أولا
فيجب علي المحكمة أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه بناء علي أدلة منتجة لحكمها، فإن هي قضت ببطلان عقده، بمقولة أنه صدر من غير مالك دون أن تورد الأدلة علي أن القدر المبيع فيه لم يكن بالذات وقت صدوره مملوكا للبائع وكل ما قالته لا يدحض ما تمسك به المدعى كان حكمها قاصرا في بيان الأسباب متعينا نقضه
(مجموعة القواعد القانونية في 25 عام بند 134 ص 367)
ليس للبائع أن يتمسك بإبطال البيع فلم يعط المشرع البائع حق طلب إبطال العقد وإنما قصره علي المشتري وكانت المادة 138 مدني تنص علي أنه “إذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق”، ومن ثم لا يكون للبائع أن يطالب بالإبطال لمجرد أن المبيع غير مملوك له. وعلي هذا إذا كان البائع يعلم وقت العقد أنه يبيع ملك غيره. فلا شك أنه لا يستطيع أن يطلب الإبطال.
ولكن إذا كان البائع يعتقد أنه يبيع ملكه فيذهب البعض إلي أن البائع لا يجوز له في أية حالة أن يطلب الإبطال. بينما يذهب البعض الآخر – بحق – إلي أن مقتضي القواعد العامة في الغلط، أن يكون للبائع حق طلب الإبطال إذا كان حسن النية يعتقد أنه يبين ما يملك وتوافرت شروط المادة 120 مدني، بأن كان هذا الغلط جوهريا أي كان هو الدفع إلي التعاقد بحيث لولاه لما أقدم البائع علي إبرام العقد، وكان المشتري واقعا في نفس الغلط بأن كان يعتقد أن المبيع مملوك للبائع أو كان عالما بأن البائع قد وقع في الغلط أو كان في استطاعته أن يعلم بذلك .
(إسماعيل غانم ص 25 – السنهوري ص 295)
ولما كان بيع ملك الغير قابلا للإبطال، فإن الحق في إبطاله يسقط إذا لم يتمسك به المشتري خلال ثلاث سنوات من وقت علمه بعدم ملكية البائع للمبيع، عملا بالمادة 140 من القانون المدني، باعتبار أن المشتري قد وقع في غلط في الواقع باعتقاده أن المبيع مملوك للبائع الذي كان يعلم بعدم ملكيته للمبيع، فإن كان المشتري يعلم بعدم ملكية البائع للمبيع، انتفي الغلط بالنسبة له، وحينئذ ينقضي الحق في الإبطال بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ العقد وفقا للقواعد العامة. وإذا تمكن المشتري من تسجيل عقده وتوافر لديه حسن النية انتقلت إليه الملكية بالتقادم القصير إذا استمرت حيازته لمدة خمس سنوات عملا بالمادة 969 من القانون المدني .
(أنور طلبه ص 716)
قضت محكمة النقض بأن
الفقرة الأولي من المادة 466 من القانون المدني تنص علي أن “إذا باع شخص شيئا معينا بالذات وهو لا يملكه، جاز للمشتري أن يطلب إبطال المبيع..” وتنص الفقرة الأولي من المادة 140 من القانون ذاته علي أن “يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات” مما مؤداه أن للمشتري – وخلفه العام من بعده-طلب إبطال عقد البيع إذا تبين أن البائع له لا يملك المبيع وتسقط الدعوى بهذا الطلب بانقضاء ثلاث سنوات
(الطعن رقم 2383 لسنة 67 ق جلسة 8/6/1999)
إذ كان عقد البيع الصادر عن ذات العقار بتاريخ 20/5/1978 إلي مورث المطعون ضدهن “أولا” ممن كان قد باعه إلي سلف الطاعنة … قد صدر بعد أن كانت الملكية قد انتقلت إلي الطاعنة… بالتقادم الطويل المكسب للملكية قبل صدور هذا العقد وبالتالي يكون قد صدر من غير مالك فلا ينفذ في حقها، ولا يؤثر في ذلك تسجيله بمقتضي المسجل رقم 349 لسنة 1994 الإسكندرية.
(الطعن رقم 11594 لسنة 66 ق جلسة 21/5/1998)
وبأنه إذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتد في حق المطعون عليهم الثلاثة الأول-المشترون-بتاريخ إدخالهم في الدعوى بطلب إبطال البيع الصادر لهم من الوصي علي الطاعنة ولم يعتد بتاريخ إيداع صحيفة الدعوى قبل الوصي وآخر لا شأن له بالخصومة ورتب علي ذلك سقوط حقها في طلب إبطال العقد لمضي أكثر من ثلاث سنوات علي تاريخ بلوغها سن الرشد .
فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا ذلك أن الخصومة في دعوى إبطال البيع في هذه الحالة إنما تدور بين الطاعنة وبين المشترين أصحاب المصلحة الأول في التمسك بالعقد، وإذ كان الأصل في الإجراء القاطع للتقادم أن يكون متعلقا بالحق المراد اقتضاؤه ومتخذا بين نفس الخصوم بحيث إذا اختلف الخصوم لا ينبني عليه هذا الأثر.
ومن ثم لا يصلح توجيه الدعوى بطلب إبطال العقد للوصية إجراء قاطعا لتقادمها قبل المطعون عليهم الثلاثة الأول-المشترون-إذ لا يصح أن يضار خصم من إجراء لم يتخذ في مواجهته وإنما اتخذ في مواجهة آخر، ومن المقرر أن البائع فيما يتعلق بقطع التقادم لا بمثل المشتري في الدعاوى اللاحقة للتاريخ الثابت بعقد البيع.
(الطعن رقم 1207 لسنة 49 ق جلسة 16/12/1980)
مناط الاحتجاج علي المشتري بحكم عدم النفاذ
لا يمثل البائع المشتري منه فيما يقوم علي العقار المبيع من نزاع بعد تسجيل عقد البيع، وبالتالي فإن الحكم الصادر ضد البائع باعتباره غير مالك للعين المبيعة لا يعتبر حجة علي المشتري الذي سجل عقد شرائه قبل صدور هذا الحكم طالما لم يكن خصما في الدعوى .
وقد قضت محكمة النقض بأن لا يمثل البائع المشتري منه فيما يقوم علي العقار المبيع من نزاع بعد تسجيل عقد البيع ومن ثم فالحكم الصادر ضد البائع باعتباره غير مالك للعين المبيعة لا يعتبر حجة علي المشتري الذي سجل عقد شرائه قبل صدور هذا الحكم ولم يختصم في الدعوى.
(الطعن رقم 33 لسنة 30 ق جلسة 28/10/1965)
طبيعة البطلان المنوص عليه في بيع ملك الغير
اختلفت الآراء حول طبيعة البطلان المنصوص عليها في بيع ملك الغير
فيرى الأستاذ سليمان مرقص أن
بيع ملك الغير باطل بطلانا مطلقا لاستحالة المحل استحالة مطلقة في الظروف الخارجية المحيطة بالبائع، ثم يكمل نظرية البطلان المطلق بنظرية تحول العقد الباطل المنصوص عليها في المادة 144 مدني فيتحول بيع ملك الغير طبقا لهذه النظرية من بيع ناقل للملكية فورا إلي بيع منشئ لالتزامات فحسب، متى ثبت أن نية الطرفين المحتملة كانت تنصرف إلي ذلك لو علما أن العقد الأول لا يمكن انعقاده بسبب عدم ملكية البائع،
وقد فرض المشرع فرضا غير قابل لإثبات العكس أن البائع انصرفت نيته المحتملة إلي تحول عقد البيع علي هذا النحو، أما انصراف نية المشتري إلي ذلك فمفروض إلي أن يثبت العكس، فإذا تمسك المشتري بإبطال البيع فقد ثبت العكس وأنه لم تنصرف نيته إلي التحول ويختم الأستاذ سليمان مرقص رأيه بالعبارة الآتية:
“وعلي ذلك يمكن القول بأن المشرع قد جعل من تنظيم بيع ملك الغير من المواد 466 وما بعدها تطبيقا تشريعيا لنظرية تحول العقد البطل، تجوز فيها بعض الشئ عما تقتضيه نظرية التحول العامة من انصراف نية العاقدين المحتملة إلي التحول، إذ فرض فيه انصراف نية البائع المحتملة إلي التحول فرضا غير قابل لإثبات العكس دون أن يفرض مثل ذلك في نية المشتري.
(سليمان مرقص في البيع فقرة 281 ص 462)
وهذا الرأي يؤخذ عليه أمرين:
الأول:
أن القول بأن بيع ملك الغير هو في أصله باطل بطلانا مطلقا يتعارض تعارضا واضحا مع صريح نصوص التقنين المدني المصري، فقد بينا أن هذه النصوص قاطعة في أن بيع ملك الغير قابل للإبطال لا باطل بطلانا مطلقا.
الثاني:
أن القول بأن العقد الباطل قد تحول إلي عقد منشئ للالتزامات يتعارض مع نظرية التحول المعروفة. فهذه تقتضي أن تكون نية كل من المتعاقدين المحتملة تنصرف وقت العقد-لا بعد ذلك-إلي العقد الجديد بدلا من العقد الباطل. ونية المشتري المحتملة تستعصي علي هذا التأويل
فأما أن تكون هذه النية قد انصرفت احتمالا إلي العقد الجديد منذ البداية، فلا يجوز إثبات العكس، وينبغي ألا يجوز تبعا لذلك للمشتري أن يطلب إبطال البيع، وإما ألا تكون قد انصرفت إلي العقد الجديد، فلا يكون هناك تحول، وينبغي أن يبقي البيع باطلا بطلانا مطلقا وهذا ما يتعارض مع النص الصريح.
بينما يرى الأستاذ شفيق شحاته أن
بيع ملك الغير هو عقد موقوف فيقول في كتابه “النظرية العامة للتأمين العيني” أنه “وقد تضاربت آراء الشراح في طبيعة البطلان الذي يلحق بيع ملك الغير، علي أن الرأي الصحيح هو أن بيع ملك الغير هو بيع غير نافذ في حق المالك، وعدم نفاذ العقد الناقل للملكية يجعله كذلك عديم الأثر فيما بين المتعاقدين.
وليس ذلك معناه أن العقد باطل بطلانا مطلقا أو نسبيا، فالعقد يعتبر في هذه الصورة عقدا موقوفا، والعقد الموقوف أثره علي الإقرار الصادر من المالك، فإذا أقره المالك أنتج أثره فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلي المالك، وإذا لم يقره المالك فالعقد يظل معدوم الأثر كما كان”.
وهذا الرأي أيضا لا يعتد به ذلك أنه
“لو كان بيع ملك الغير عقدا موقوفا، لما أنتج أي أثر قبل أن يجيزه المالك الحقيقي، كما تقضي بذلك أحكام الفقه الإسلامي، ولكن بيع ملك الغير ينتج أثره في الحال، شأنه شأن أي عقد قابل للإبطال، ولا يبطل إلا إذا طلب المشتري إبطاله، ثم إن المشتري يملك الإجازة، والعقد الموقوف في الفقه الإسلامي لا يجيزه إلا المالك الحقيقي.
كما أن نظرية العقد الموقوف إذا أمكن الأخذ بها في القانون المصري عن الفقه الإسلامي باعتباره مصدرا من مصادر هذا القانون (م1/2 مدني).
فذلك لا يكون إلا حيث لا يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، ولذلك قد يصح الأخذ بها في مجاوزة الوكيل لحدود الوكالة، فيكون تعاقده موقوفا علي إجازة الموكل، إذ لا نص يمنع من الأخذ بها، أما هنا فيوجد كما رأينا نص تشريعي صريح يجعل بيع ملك الغير عقدا قابلا للإبطال لا عقدا موقوفا، فيجب في هذه الحالة إعمال النص الصريح
والرأي الراجح هو رأي الأستاذ السنهوري
إذ يرى أن بيع ملك الغير ليس بعقد باطل ولا بعقد موقوفا بل هو عقد قابل للإبطال وهذا ما تؤكده نصوص التقنين المدني الجديد. فقد أجازت للمشتري إبطال ملك الغير (مادة 466 / 1) وجعلت البيع يتقلب صحيحا في حق المشتري إذا آلت ملكية المبيع إلي البائع بعد صدور العقد (مادة 467 / 2).
قضت محكمة النقض بأن
بطلان بيع ملك الغير مقرر لصالح المشتري فما لم يستعمله بالفعل بقي عقد البيع قائما منتجا لآثاره تثبت فيه الشفعة ثبوتها في كل بيع تم مستوفيا لأركانه ولو حمل سببا لبطلانه ويحل فيه الشفيع فيه محل المشفوع منه في جميع حقوقه والتزاماته لا يملك تعديله وتبعيض محله.
ولو تبين أن المبيع كله أو بعضه مملوك للغير مما محله الرجوع علي البائع لا تفريق الصفقة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضي بالأحقية في الشفعة مقصورة علي بعض المبيع وحمل قضاءه علي ما أنبأ به من أن البائعة لا تملك مما بيع غير مساحة… وأن البيع فيما خلا ذلك قد وقع علي ما يملكه الغير مما هو غير جائز إلا بإجازته ولم يجزه فلا تجوز الشفعة فيه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
(الطعن رقم 961 لسنة 47 ق جلسة 10/1/1979 مجموعة أحكام النقض السنة 30 ص 173)
وبأنه بيع ملك الغير لا ينقل الملكية للمشتري للأخير دون غيره طلب إبطال هذا البيع ولو لم يتعرض له المالك الحقيقي بالفعل برفع دعوى الضمان علي البائع عملا بالمادة 466 / 1 من القانون المدني إلا أن هذا الحق للمشتري لا ينهض له ما يبرره إذا ما أقر المالك الحقيقي البيع .
حيث يترتب عليه نقل الملكية منه إلي المشتري وكذلك في حالة صيرورة البائع مالكا للمبيع بعد العقد وهو ما قننته المادة 467 من القانون المدني بفقريتها إذ في هاتين الحالتين زال العائق الذي كان يحول دون نقل الملكية إلي المشتري بهذا البيع، مما ينبني عليه ذلك أنه إذا أصبح انتقال الملكية إلي البائع ممكنا فإن إبطال البيع في هذه الحالة يتعارض مع المبدأ القاضي بتحريم التعسف في استعمال حق الإبطال إذ لم يعد للمشتري مصلحة بعد ذلك في التمسك بالإبطال.
(الطعن 3552 لسنة 58 ق جلسة 18/4/1996، الطعن 5257 لسنة 62 ق جلسة 28/12/1993، الطعن 1173 لسنة 54 ق س 39 ج 2 ص 913 جلسة 8/5/1988، الطعن 189 لسنة 33 ق س 19 ص 780 جلسة 18/4/1968)
وبأنه بطلان بيع ملك الغير مقرر لمصلحة المشتري ومن ثم فيكون له دون غيره أن يطلب إبطال العقد، وما لم يثبت أن البائع غير مالك ويطلب البطلان صاحب الحق فيه، فإن عقد البيع يبقي قائما منتجا لآثاره بحيث يكون للمشتري أن يطالب البائع بتنفيذ التزاماته ويعد هذا منه إجازة للعمد.
(الطعن 243 لسنة 28 ق جلسة 14/3/1963 مجموعة أحكام النقض 1 لسنة 14 ص 298)
وإذا كان بيع ملك الغير باطل بطلانا نسبيا إلا أن هذا البطلان غير مستمد من القواعد العامة، وإنما نشأ من نص تشريعي خاص.