مقارنة دعاوي الصورية، البوليصية، الغير المباشرة
دراسة مقارنة عن الفرق بين دعاوي الصورية والبوليصية والغير المباشرة، باعتبارهم دعاوي تنال من العقود والتصرفات، ولكل منهم أركان وشروط، وتوجد أوجه شبه بينهم، كذلك عدة فروقات، نتعرف عليها في هذا البحث القانوني.
أهمية المقارنة بين الصورية والبوليصة والغير مباشرة
تكمن أهمية هذه الدراسة في تحديد الدعوي الصحيحة عند الطعن علي تصرف أو عقد، لأن استعمال أحدهم أولا قد يسقط الحق في الباقين.
كما أنه لكل دعوي شروط وأثار قانونية تترتب عليها تختلف عن الأخري.
تعريف دعوي الصورية
هى الدعوى التي رفعها المدعى باسمه كلا يعلن بها صورية تصرف معين في جملته أو في ناحية معينة فيه ، وهى وإن كانت تدفع الغش في بعض الصور إلا أن مسألة الغش ليس هى محور الصورية ، فالذي يرمى إليه مدعى الصورية هو الوصول إثبات أن المال مازال موجودا في ذمة المتصرف أو أن ما اتفق عليه لا يطابق الحقيقة في كنهه أو في مقداره ، ولا يمهمه الدافع الذي من أجله وقعت الصورية وإذا كان الغش يقع في الكثير من حالات الصورية فإنه لا يكون سوى دليل عليها ، وليس شرطا لاستعمال الدعوى .
(عبد المنعم الصدة ص 75 ، عزمي البكري ص 956)
تعريف الدعوي البوليصية
هي عدم نفاذ التصرفات التى يبرمها المدين في حق الدائن له، بمعني عدم سريان هذا التصرف في حقه، مع بقائه قائما بين المدين والمتصرف إليه، مما يعني أن التصرف صحيح فيما بين المدين والمتصرف اليه منه الا انه غير نافذ في حق الدائن لهذا المدين المتصرف، ومن ثم فهي وسيلة من وسائل كفالة حقوق الدائنين في الضمان العام .
تعريف الدعوي الغير مباشرة
الدعوى غير المباشرة ، هى الدعوى التي يرفعها الدائن على مدين مدينه مطالبا بحقوق مدينه ، ويرفعها الشخص بوصفه دائنا للمدين ويختصم فيها المدين ومدين المدين طالبا الحكم فيها لصالح المدين.
(أنور طلبة ص 409)
مقارنة الدعوى الصورية بالدعوى غير المباشرة
التشابه بين الدعوي الغير مباشرة والصورية
تتشابه دعوى الصورية مع الدعوى غير المباشرة في الشروط والأحكام ، فقد رأينا أنه لا يشترط في دعوى الصورية أن يكون حق الدائن مستحق الأداء ولا أن يكون هذا الحق سابقا على التصرف الصادر من المدين ، وهذا هو الأمر في الدعوى غير المباشرة ،
كذلك أن دعوى الصورية تفيد جميع الدائنين على السواء ، من اشترك منهم في الدعوى ومن لم يشترك ، وهذا هو أيضا حكم الدعوى غير المباشرة ، وحتى تضع دعوى الصورية الى جانب الدعوى غير المباشرة في صورة واضحة ، نفرض أن مدينا باع عينا مملوكة له بيعا صوريا ، فلدائن البائع يستطيع أن يطعن في العقد بالصورية ،
ولا يشترط لذلك أن يكون حقه مستحق الأداء أو أن يكون سابقا على التصرف الصوري ، وإذا نجح في دعواه استفاد معه سائر الدائنين ويستطيع الدائن أيضا ، بدلا من الطعن بالصورية أن يستعمل حق مدينه البائع في التمسك بالعقد المستتر ، فيصل الى نفس النتيجة التي يصل إليها من وراء الطعن بالصورية ، وهو في ذلك أيضا لا يشترط فيه أن يكون حقه مستحق الأداء ولا سابقا على التصرف الصوري ، كما أن التمسك بالعقد المستتر يفيد سائر الدائنين .
(السنهوري ص 99)
الفروقات بين الصورية والدعوي الغير مباشرة
تختلف دعوى الصورية عن الدعوى غير المباشرة فيما يلي:
- وإذا طعن الدائن بالصورية ، فليس في حاجة الى إثبات إعسار المدين ، أما إذا تمسك بالعقد المستتر نيابة عن مدينه ، وجب عليه أن يثبت أن المدين يصح معسرا أو يزيد إعساره إذا لم يتمسك بهذا العقد .
- إذا اختار الدائن دعوى الصورية ، لم يستطيع المشتري أن يدفع هذه الدعوى بدفع خاص بالعقد المستتر . أما إذا تمسك بالعقد نيابة عن المدين ، كان للمشتري أن يدفع هذه الدعوى بكل الدفوع التي يستطيع أن يدفع بها دعوى البائع ولو كان هذا هو الذي تمسك بالعقد المستتر ،
- إذا طعن الدائن في العقد الظاهر بالصورية رفع الدعوى باسمه ، وإذا تمسك بالعقد المستتر نيابة عن المدين رفع الدعوى باسم هذا المدين ، ويترتب على ذلك أنه في الحالة الأولى يستطيع إثبات الصورية بجميع الطرق لأنه من الغير، أما في الحالة الثانية وهو يعمل باسم المدين ، فلا يستطيع الإثبات إلا بالطرق التي يستطيعها المدين ، فيجب الإثبات بالكتابة فيما جاوزت قيمته خمسمائة جنيه ، أو فيما لا يجاوز هذه القيمة إذا كان العقد الظاهر مكتوبا .
(السنهوري ص 994 وما بعدها)
مقارنة دعوى الصورية بالدعوى البوليصية
التشابه بين الصورية والبوليصية
هناك شبه واضح بين الدعويين ففي كلتيهما يحاول المدين أن يتوقى تنفيذ الدائن على ماله فيتصرف في هذا المال تصرفا جديا أو تصرفا صوريا وفي كلتيهما لا ينفذ تصرف المدين في حق الدائن ولكن الفرق بين الدعويين واضح كذلك ، ففي دعوى الصورية المدين في ماله تصرفا جديا ، وليس للعقد الظاهر وجود قانوني ولا وجود إلا للعقد المستتر لأنه هو العقد الحقيقي .
ومن ثم لا ينتج العقد الصوري أثرا إلا بالنسبة الى الغير حسن النية حتى يستقر التعامل ، أما في الدعوى البوليصية فالمدين يتصرف في ماله تصرفا جديا
ومن ثم ينتج هذا التصرف أثره إلا بالنسبة الى الدائنين ، هذا الى أن الدائن في دعوى الصورية يرمى الى استيفاء شيء في ملك المدين لم يخرج منه ، أما في الدعوى البوليصية فيرمى الى إدخال شيء من ملك المدين ،
الفرق بين دعوي الصورية والدعوي البوليصية
- دعوى الصورية يرفعها الدائن والخلف الخاص وكل من له مصلحة مشروعة ولو كان أحد المتعاقدين ، أما الدعوى البوليصية فلا يرفعها إلا الدائن ،
- في دعوى الصورية يكفي أن يكون حق الدائن خاليا من النزاع ، فالدائن الى أجل أو تحت شرط واقف يستطيع رفع هذه الدعوى ، أما في الدعوى البوليصية فلا يكفي خلو حق للدائن من النزاع ، بل يجب أيضا أن يكون هذا الحق مستحق الأداء
- في دعوى الصورية لا يشترط أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف الصوري . أما في الدعوى البوليصية فيشترط أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف المطعون فيه
- في دعوى الصورية يجوز للدائن أن يرفع الدعوى حتى لو كانت التصرف الصوري ، يفرض أنه جدي ، لا بسبب إعسار المدين أو يزيد في إعساره بل لا يشترط أن يكون المدين معسرا إطلاقا ، لأن الدائن في هذه الدعوى بطلب تقرير أن التصرف غير موجود وهذه حقيقة لا يغير منها أن يكون المدين معسرا أو غير معسر . أما في الدعوى البوليصية فيشترط أن يثبت الدائن أن التصرف المطعون فيه قد تسبب في إعسار المدين أو زاد في إعساره
- في دعوى الصورية لا يشترط أن تكون الصورية قد قصد بها الإضرار بحقوق الدائن ، فقد يكون المقصود بها غرضا آخر قدمنا ، ولا يمنع ذلك من أن يطعن الدائن في التصرف الصوري . أما في الدعوى البوليصية فيشترط في المعاوضات قصد الإضرار بالدائن على النحو الذي بيناه
- دعوى الصورية لا تسقط بالتقادم ، لأنها يراد بها تقرير أمر واقع ، وهذا الأمر يبقى واقعا مهما انقضى عليه من الزمن ، أما الدعوى البوليصية فتسقط بالتقادم ، وقد سبق بيان المدة التي تتقادم بها هذه الدعوى .
- في دعوى الصورية يجوز للمدين أن يسترد العين التي باعها صوريا للمشتري . أما في الدعوى البوليصية فلا يستطيع المدين ذلك لأن البيع الذي صدر منه بيع جدي
- في دعوى الصورية إذا تنازع ، في بيع صوري ، دائن البائع مع دائن المشتري قدم دائن المشتري إيثارا للعقد الظاهر ، أما في دعوى البوليصية فإنه إذا باع المدين عينا إضرارا بدائنة ، اعتبر البيع غير نافذ في حق الدائن ، وتقدم هذا الدائن في استيفاء حقه من العين على دائن المشتري .
(راجع فيما تقدم السنهوري ص 993 وما بعدها)
الدعوى البوليصية والدعوى غير المباشرة
تتفق الدعويان في الهدف النهائي وهو المحافظة على الضمان العام لذلك كان إعسار المدين شرطا ضروريا في الدعويين إذ لا تدعو الحاجة الى المحافظة على الضمان العام إلا إذا لم يكن هذا الضمان كافيا بأن كانت التزامات المدين تزيد عن أمواله .
لكن الدعوى البوليصية تتميز بما لها من خطورة إذ هى تؤدي الى تعطيل آثار تصرف جدي عقده المدين في حين أن الدعوى غير المباشرة تقتصر على معالجة موقف سلبي .
كما أن الدعوى البوليصية تمس مصلحة شخص آخر غير المدين وهو المتصرف إليه لذلك كان من المنطقي أن تكون شروطها أكثر صعوبة من شروط الدعوى غير المباشرة ففي حين أنه لا يشترط في الدعوى غير المباشرة أن يكون المدين إذا لم يستعمل حقه قد قصد الإضرار بدائنيه.
يشترط في الدعوى البوليصية إذا كان التصرف المطعون فيه معاوضة أن يكون المدين قد ارتكب غشا وأن يكون المتصرف إليه على علم بهذا الغش وفي حين أنه يكفي أن تكون المديونية محققة لكى يستطيع الدائن أن يستعمل حقوق مدينه فإنه يشترط أن يكون حق الدائن مستحق الأداء وسابقا على تصرف المدين حتى يجوز له الطعن فيه طالبا عدم نفاذه في حقه .
(نبيل إبراهيم ص 120 ، إسماعيل غانم ص 165)
الصورية والبوليصية والغير مباشرة في قضاء النقض
قضت محكمة النقض بأن
إنه بمقتضى المادة 143 من القانون المدني يجوز للدائن أن يطعن على تصرف مدينه لإبطاله إما بالدعوى البوليصية وإما بدعوى الصورية ، والدعويان وإن كانتا تتفقان من ناحية أن أساس إبطال التصرف فيهما هو الإضرار بالغير إلا أنهما تختلفان من حيث توجيه الطعن ومن حيث الغرض ففي الدعوى البوليصية يكون الطعن على التصرف من ناحية جديته ويكون الغرض من الطعن إعادة ملك المدين إليه لإمكان التنفيذ عليه واستيفاء الدائن حقه منه .
أما في دعوى الصورية فالطعن يكون بعدم جدية التصرف لمحو العقد الظاهر وإزالة كل أثر له وتقرير أن العين لم تخرج من يد المدين بحيث إذا كان قد تلقاها ، عنه آخر أو نفذ عليها دائن له كان ذلك صحيحا وإذن فلمن يطعن على التصرف أن يتخير من هاتين الدعويين الدعوى التي يتحقق بها غرضه .
فإن كان قد اختار الدعوى بالصورية ورأت المحكمة صحة دعواه وقضت له بطلباته ، وكانت مع ذلك قد عرضت في أثناء البحث الى الدعوى البوليصية وتكلمت عنها فذلك منها يكون تزيدا لا يستوجب نقض الحكم ، ثم إن مدعى الصورية له أن يضم الى طلب ملكيته للأرض موضوع الدعوى طلب إبطال التصرف الذي حصل فيها ، وفي هذه يكون الحكم بثبوت الملك للمدعى وإبطال التصرف لثبوت صوريته سليما ، ثم أنه إذا كان الحكم مؤسسا على الصورية فإن البحث في أسبقية دين نازع الملكية (الطاعن بالصورية) على التصرف لا يكون له محل.
(الطعن رقم 31 لسنة 10 ق جلسة 12/12/1940)
دعوى الصورية ودعوى عدم نفاذ تصرف المدين هما دعويان مختلفان ، فيجوز للدائن إثبات أن العقد الذي صدر من المدين صوري بغية استبقاء المال الذي تصرف فيه في ملكه ، فإن أخفق جاز له الطعن في العقد الحقيقي بدعوى عدم نفاذ التصرف في حقه ، بغية إعادة المال الى ملك المدين ، كما أنه يجوز للدائن كذلك في الدعوى الواحدة أن يطعن في تصرف مدينه بالدعويين معا على سبيل الخيرة ، فيحاول إثبات الصورية أولا فإن لم ينجح انتقل الى الدعوى الأخرى
(نقض 25/2/1971 طعن 245 س 36 ق)
العلة في وجوب أن يطعن الدائن بدعوى الصورية أولاً حتى إذا أخفق فيها كان له أن يطعن بدعوى نفاذ التصرف بما لا يتفق مع الدفع بالصورية بعد ذلك بحيث يجوز للدائن في الدعوى الواحدة أن يطعن في تصرف مدينه بالصورية وبدعوى عدم نفاذ التصرف معا على سبيل الخيرة ، ليحاول إثبات الصورية أولاً ثم ينتقل إن هو أخفق فيها الى عدم النفاذ
(نقض 4/5/1977 س 28 ص 1125 ، نقض 25/2/1971 س 22 ص 128 ، نقض 19/11/1936 جـ 1 في 25 سنة ص 649)
وإن كان الطعن بالدعوى البوليصية يتضمن الإقرار بجدية التصرف والطعن بالصورية يتضمن إنكار التصرف ، مما يقتضي البدء بالطعن بالصورية إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من إبداء الطعنين معا إذا كان الدائن يهدف بهما الى عدم نفاذ تصرف المدين في حقه .
لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الدرجة الأولى أنها تمسكت بالدعويين معا إذ طلبت الحكم بعدم نفاذ عقد البيع الصادر الى الطاعنة من مورث باقي المطعون ضدهم تأسيسا على أنها دائنة له وأن العقد صوري محض وقصد به تهريب أمواله وعلى فرض أنه جدي فإنه إنما عقد للإضرار بحقوقها كدائنة وتنطبق عليه شروط المادتين 237 ، 238 من القانون المدني ولما استأنفت تمسكت بدفاعها المتقدم ذكره وبالتالي فإن طلب الصورية كان معروضا على محكمة الدرجة الأولى وإغفالها الفصل فيه لا يجعله طلبا جديدا أمام محكمة الاستئناف.
(نقض 29/4/1974 س 25 ص 773)
إن كانت الدعوى غير المباشرة والدعوى البوليصية تختلفان كل منهما عن الأخرى في أساسها وشروطها وآثارها ، ومن ثم لا يجوز الجمع بينهما في آن واحد ، إلا أنه يجوز للدائن أن يستعملهما متعاقبين إحداهما بعد الأخرى ، وليس من الضروري أن ترفع الدعوى البوليصية استقلالا بل يصح رفعها كدعوى عارضة أو إثارتها كمسألة أولية لو أثناء قيام الدعوى غير المباشرة متى كانت ظروف دفاع الدائن تستلزم ذلك .
فإذا كان الدائن عندما ووجه في دعواه غير المباشرة من ناظر الوقف بمصادقة مدينه على حساب القف قد دفع بأن هذه المصادفة باطلة لصدورها غشا وتدليسا وبالتواطؤ بين المدين وبين ناظر الوقف ، فإنه لا يكون قد جميع بين الدعوى غير المباشرة وبين الدعوى البوليصية في آن واحد وإنما هو آثار الدعوى البوليصية كمسألة أولية بهو بهذا قد استعمل الدعويين على التعاقب ، ويكون من المتعين الفصل في الدعوى البوليصية .
وإذا كانت المحكمة قد قصرت بحثها على الدعوى غير المباشرة واعتبرت مصادقة المدين نافذة في حقه بمقولة أنه لم يرفع الدعوى البوليصية فإنها تكون قد أغفلت الفصل في دفاعه ويكون حكمها قد أخطأ في تطبيق هذا الدفاع وتعين نقضه
(الطعن رقم 77 لسنة 18 ق جلسة 2/2/1950)
الصورية
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى – والتي قيدت فيما بعد برقم …. لسنة 1 ق اقتصادية استئناف القاهرة – بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 178000 جنيه على سند من أن الطاعن مدين له بهذا المبلغ بموجب سندات إذنيه وامتنع عن السداد فأقام الدعوى.
كما أقام على الطاعن الدعوى – والتي قيدت فيما بعد برقم …. لسنة 1 ق اقتصادية استئناف القاهرة – بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 1218000 جنيه على سند من أن الطاعن مدين له بهذا المبلغ بموجب سندات إذنيه وامتنع عن السداد، تدخل “بنك ……” في الدعوى الأخيرة بطلب إلزام الطاعن بأن يؤدي له المبالغ محل المطالبة والفوائد على سند من أن البنك المطعون ضده أحال حقوقه إليه قبل الطاعن.
وبعد أن ضمت المحكمة الدعوى الثانية للأولى قضت بتاريخ 15 من ديسمبر 2009 بإجابة المطعون ضده لطلباته. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على دائرة فحص الطعون والتي أصدرت قرارها بأنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
إذ تصدى للفصل في موضوع الدعويين دون عرضهما على هيئة التحضير.
وحيث إن هذا النعي غير سديد
ذلك أن مؤدى المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية أن الأخيرة تفصل فيما يحال إليها من دعاوى مختصة بنظرها دون عرضها على هيئة التحضير المنصوص عليها في المادة 8 من ذات القانون. لما كان ذلك، وكانت الدعاوى نظرت ابتداء أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية التي أحالتها إلى المحكمة الاقتصادية المختصة والتي عليها التصدي لموضوعها دون عرضها على هيئة التحضير المختصة، ومن ثم يضحي معه النعي بما سلف على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال
إذ قضى برفض طعنه بالتزوير لكونه انصب على تاريخ السندات الإذنية محل الطعن والتي أقر بتوقيعه عليها، حال أن الطعن انصب على تاريخ التحرير والذي يجوز إثباته بكافة الطرق بغير الدليل الكتابي، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد
ذلك أنه لما كان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه متى ثبت صدور الورقة العرفية ممن نسب إليه التوقيع عليها، فإنها تكون حجة على طرفيها بكافة بياناتها إلى أن يثبت العكس وفقاً للقواعد العامة في إثبات ما اشتمل عليه دليل كتابي، فإذا ادعى أحد طرفي المحرر أن أحد البيانات المدونة فيه غير مطابقة للواقع كان عليه بحكم الأصل أن يثبت هذا العوار بطريق الكتابة، وكان الحكم المطعون فيه التزم هذا النظر وقضى برفض الطعن بالتزوير المبدى من الطاعن على تاريخ السندات الإذنية موضوع الدعويين بعد إقراره بتوقيعه عليها ولم يقدم دليلاً كتابيا يفيد عكس ذلك، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
إذ قضى بالمبلغ المحكوم به لصالح البنك المطعون ضده حال أن الأخير أحال حقوقه قبل الطاعن لبنك ….. بموجب حوالة حق مؤرخة 8/11/2007 والمعلنة للطاعن بما تكون معه دعواه قد أقيمت من غير ذي صفة، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله
ذلك أن النص في المادة 3 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 81 لسنة 1996 على أن “لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون”.
وكان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن حوالة الحق لا تكون نافذة في حق المدين المحال عليه إلا من تاريخ قبوله لها أو من تاريخ إعلانه بها، بما يرتب حلول المحال إليه محل المحيل بالنسبة إلى المحال عليه في ذات الحق المحال به بكامل قيمته وجميع مقوماته وخصائصه فيصبح المحال إليه دون المحيل – والذي أضحى أجنبياً – هو صاحب الصفة في طلب الحق موضوع الحوالة.
وكان الواقع في الدعوى أن “بنك ..” قد تدخل هجومياً في الدعوى رقم …. لسنة 1 ق اقتصادية استئناف القاهرة بموجب صحيفة معلنة للخصوم طلب فيها الحكم لصالحه بالمبلغ محل المطالبة على سند من أن البنك المطعون ضده تنازل له عن حقوقه المالية المتحصلة عن السندات الإذنية محل المديونية في الدعويين بموجب عقد حوالة مؤرخ 8/11/2007 والمعلنة للطاعن في 8/11/2007.
ومن ثم تكون الدعويين قد أقيمتا من غير ذي صفة، وإذ قضي الحكم المطعون فيه بالرغم من ذلك بإلزام الطاعن بالمبلغ المحكوم به لصالح المحيل – البنك المطعون ضده – دون المحال إليه، بما يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه إعمالاً للمادة الثانية عشرة من قانون المحاكم الاقتصادية فإنه يتعين التصدي لموضوع الدعوى، وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء برفض الدعويين
أحكام النقض المدني الطعن رقم 2436 لسنة 80 جلسة 12 / 11 / 2012 – مكتب فني 63 – صـ 1117
الدعوي البوليصية
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 481 لسنة 1982 مدني قنا الابتدائية “مأمورية الأقصر” بطلب الحكم بصورية العقد المسجل برقم 5200 لسنة 1979 الأقصر – المتضمن بيع المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول أرضاً زراعية مساحتها 22 س 3 ط – باعتبار أنه قد أبرم بالتواطؤ بين طرفيه بقصد حرمانه من الانتفاع بهذه المساحة والتي كان قد استبق واشتراها من نفس البائع مقابل ثمن مقداره 200 جنيه.
أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصرها وبعد أن استمعت إلى الشهود أضاف الطاعن إلى طلبه الحكم بصورية العقد المشار إليه طلباً احتياطياً بعدم نفاذه في حقه. أجابت المحكمة الطاعن إلى طلبه الأصلي وقضت بصورية العقد بحكم استأنفه المطعون ضده الأول لدى محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 72 لسنة 4 ق وفيه ألغت الحكم المستأنف ورفضت دعوى الصورية وأعادت القضية إلى محكمة أول درجة لتفصل في الطلب الاحتياطي حيث قيدت الدعوى برقم 432 لسنة 1986 مدني قنا الابتدائية “مأمورية الأقصر”،
وبتاريخ 24/ 1/ 1988 حكمت المحكمة بعدم نفاذ التصرف الصادر من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول الذي استأنف هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 124 لسنة 7 ق حيث حكمت بتاريخ 3/ 1/ 1990 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول والثاني منها وبأحد وجهي السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
وذلك حين أقام قضاءه برفض الدعوى على أساس انتفاء الإعسار والوارد في المادة 237 من القانون المدني كشرط للحكم بعدم نفاذ تصرف المدين في الدعوى البوليصية باعتبار أن عرض المطعون ضده الأول على الطاعن الثمن الذي اشترى به أرض النزاع ينتفي به هذا الشرط مع أن الإعسار ثابت حسبما انتهى إليه حكم محكمة أول درجة من أقوال شاهدي الطاعن وكذلك من قيام المطعون ضده الثاني بإعادة بيع عين النزع إلى المطعون ضده الأول بطريق الغش والتواطؤ بقصد الإضرار بحقوقه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن الدعوى البوليصية ليست في حقيقتها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنة فلا يمس الحكم الصادر فيها صحة هذا التصرف بل يظل صحيحاً وقائماً بين طرفيه منتجاً كافة آثاره القانونية بينهما وبالتالي لا يترتب على الحكم فيها لصالح الدائن أن تعود إلى المدين ملكية العين المتصرف فيها إنما ترجع فقط إلى الضمان العام للدائنين.
ومن ثم فهي تعد وسيلة يتمكن بها الدائن من أن يستأدى دينه من ثمن العين المطلوب إبطال التصرف الحاصل من مدينه فيها في مواجهة المتصرف إليه، مما يستتبع أن تكون الدعوى غير مقبولة إذا كان المدعي يستهدف فيها طلب ثبوت ملكية العين لنفسه أو تقرير أفضلية عقد شرائه لهذه العين على عقد شراء لآخر صدر إليه من نفس البائع.
لما كان ذلك وكان الطاعن قد استهدف بطعنه بعدم نفاذ عقد البيع المسجل الصادر إلى المطعون ضده الأول إلى إجراء المفاضلة بين عقده وعقد المطعون ضده المذكور فإن ذلك الطعن – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يكون غير منتج في التخلص من أثار هذا العقد المسجل والمطعون فيه بالدعوى البوليصية حتى ولو كان المطعون ضده الأول بوصفه متصرفاً إليه والمطعون ضده الثاني المتصرف سيئ النية متواطئين كل التواطؤ على حرمان الطاعن من الصفقة.
ومن ثم يكون ما يعيبه الطاعن على الحكم فيما يتعلق بصحة طعنه على عقد المطعون ضده الأول بالدعوى البوليصية غير مقبول، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء برفض الدعوى فإنه يكون قد أصاب في النتيجة لا يعيبه إن تنكب الوسيلة وذلك فيما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه التقريرات دون أن تنقضه. ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الآخر من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
وذلك حين رفض الاستجابة إلى طلب الطاعن وقف السير في الدعوى حتى يفصل في دعوى ثبوت الملكية المقامة منه عن ذات العقار.
وحيث إن هذا النعي في غير محله
ذلك أنه من المقرر أن مناط الحكم بوقف السير في الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن ترى المحكمة تعليق الحكم في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى خارجة عن اختصاصها الوظيفي أو النوعي ويتوقف الحكم في الدعوى الأولى على الفصل فيها. لما كان ذلك وكان الفصل في دعوى ثبوت الملكية التي يقول الطاعن أنه أقامها عن ذات العين محل النزاع لا يتوقف عليه الحكم في الدعوى المطروحة فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه حين رفض وقف الدعوى لهذا الاعتبار ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
الطعن رقم 710 لسنة 60 ق – جلسة 2 من فبراير سنة 1995
الدعوي الغير مباشرة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم الأولين … أقام الدعوى رقم 4892 لسنة 1969 مدني القاهرة الابتدائية – التي قيدت بعد ذلك برقم 8491 لسنة 1971 – مدني شمال القاهرة الابتدائية – مختصما مورث المطعون ضده الأخير … والطاعنين الأولى ومن الثامن إلى الأخير ومورثة الطاعنين من الثاني إلى السابع … وخصوماً آخرين غير ممثلين في خصومة هذا الطعن، بصفته دائناً للبائع “…” .
وطالبا الحكم بتثبيت ملكية مدينة لقطعة الأرض المبينة في صحيفة الدعوى وإزالة المباني المقامة عليها وشطب ما عليها من تسجيلات وذلك في مواجهة وريثتي المدين، وقال بيانا لدعواه أنه بموجب عقد تاريخه 15/4/1943 اشترى من … عقاراً بثمن مقداره ألف جنيه ونظرا لأيلولة البناء للسقوط فقد تم هدمه وبقيت الأرض فضاء سنة 1958 فانتهز المدعى عليهما الأول والثاني – …. – هذه الفرصة وزورا عقد بيع على البائع الأصلي واستصدرا حكما بصحته ونفاذه مما دعاه إلى إقامة الدعوى رقم 5255 لسنة 1959 كلي مصر بطلب صحة ونفاذ عقده وشطب التسجيلات المنسوبة إلى المدعى عليهما المذكورين وأخرى -… – على عقد ملكية البائع له.
فصدر له حكم بذلك بتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1965 في الاستئناف رقم 819 لسنة 1982 قضائية ومع ذلك فقد أخذ هؤلاء المدعى عليهم الثلاثة يتصرفون في الأرض الفضاء إلى بقية المدعى عليهم وأقاموا المباني على هذه الأرض، ولما كان يحق له رفع الدعوى استعمالا لحق مدينه البائع فقد أقامها ليحكم بطلباته.
وبتاريخ 11 من مارس سنة 1972 حكمت المحكمة بتثبيت ملكية البائع لمورث المطعون ضدهم الأول للعقار موضوع عقد البيع المؤرخ 15/4/1943 وذلك عن أجزائه التي في حيازة المدعى عليهم الثلاثة الأول، وأحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت مورث المطعون ضدهم الأول أن الطاعنين يعلمون أنهم تلقوا ملكية الأجزاء الباقية من العقار من غير مالك، وبعد أن استمعت المحكمة إلى الشهود حكمت بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 برفض الدعوى بالنسبة للطاعنين عدا التاسع – لاكتسابهم الملكية بالتقادم الخمسي وأعادت الدعوى إلى المرافعة بالنسبة لباقي الطلبات.
ثم ندبت خبيرا لتقدير ثمن باقي أرض النزاع التي لم تشملها عقود مسجلة ومقابل الانتفاع بها وبعد أن قدم تقريره طلب المطعون ضدهم الأول الحكم بإلزام الطاعنين الأولى والثامن والتاسع والعاشر والمطعون ضده الأخير بمقابل انتفاعهم بالأرض غير المسجلة وإلزام الطاعن التاسع أيضاً بثمن ما يحوزه من الأرض بواقع مائتي جنيه للمتر وإزالة ما عليها من بيان مع التسليم،
وبتاريخ 18 من يناير سنة 1986 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين الأولى والثامن والتاسع والعاشر والمطعون ضده الأخير وأخرى – … – بأن يؤدوا إلى المطعون ضدهم الأول مبلغ سبعة آلاف وأربعمائة وسبعة وثمانين جنيها ومائة وخمسة وسبعين مليما مقابل انتفاعهم بالأرض غير المسجلة وإلزام الطاعن التاسع أيضا بأن يؤدي إلى المطعون ضدهم الأول مبلغ أربعة آلاف وستمائة وخمسة وأربعين جنيها قيمة لأرض ومبلغ ألف وخمسمائة وثلاثة وستين جنيها قيمة الريع ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات.
استأنف المطعون ضدهم الأول هذا الحكم والحكم الصادر قبله بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 فيما رفض من طلباتهم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2440 لسنة 103 قضائية كما استأنف الطاعنون – عدا الأخير – الحكم الابتدائي المنهي للخصومة سالف الذكر لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 2504 لسنة 103 قضائية وطلبوا إلغاءه ورفض الدعوى.
وبتاريخ 13 من مايو سنة 1987 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 2440 لسنة 103 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 فيما قضى به من رفض دعوى المطعون ضدهم الأول بالنسبة إلى عقود الطاعنين المشهرة أرقام 4033 لسنة 1960، 3230 لسنة 1963، 6286 لسنة 1963، 2349 لسنة 1964 وبتثبيت ملكية البائع لمورث المطعون ضدهم الأول للمساحات الواردة بهذه العقود مع شطب كافة التسجيلات وتسليم هذه المساحات إليهم مع رفض طلب الإزالة،
وفي موضوع الاستئناف رقم 2504 لسنة 103 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 18 من يناير سنة 1986 فيما قضى به من إلزام الطاعن التاسع بمبلغ أربعة آلاف وستمائة وخمسة وأربعين جنيها قيمة ثمن الأرض مشتراة ورفض هذا الطلب، وبتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 11 من مارس سنة 1972 وقبل الفصل في موضوع الاستئنافين بالنسبة إلى الشق الخاص بالريع بندب خبير في الدعوى.
طعن الطاعنون بطريق النقض في الشق الأول من هذا الحكم ودفع المطعون ضدهم الأول بعدم جواز الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع وبنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدهم الأول بعدم جواز الطعن
أن الحكم المطعون فيه غير منه للخصومة في الدعوى وليس من بين الاستثناءات الواردة في المادة 212 من قانون المرافعات فلا يقبل الطعن إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد
ذلك بأنه وإن كان مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري.
إلا أنه إذا كان الحكم الصادر أثناء سير الخصومة قد تضمن نوعين من القضاء أحدهما لا يقبل الطعن المباشر طبقاً للقاعدة العامة المقررة بالمادة 212 من قانون المرافعات والآخر يقبله وفقاً للاستثناءات الواردة بها، وكانت بينهما رابطة لا تقبل التجزئة أو أساس مشترك يستلزم حتماً البحث فيه بصدد القضاء القابل للطعن استثناء، فإن الطعن في نوعي القضاء معاً يكون جائزاً.
لما كان ذلك وكان قضاء الحكم المطعون فيه بتثبيت الملكية للبائع المورث المطعون ضدهم الأول وشطب التسجيلات مرتبطاً بالقضاء بالتسليم القابل للطعن المباشر برابطة لا تقبل التجزئة ولما بينهما من أساس مشترك لا يحتمل الفصل فيه إلا قولاً واحداً فمن ثم يكون الطعن فيما اشتمل عليه الحكم من قضاء بالملكية والتسليم معاً يكون جائزاً ويكون هذا الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون
أن – مورث المطعون ضدهم الأول رفع الدعوى بعدة طلبات مستقلة فبعضها موجه إلى المدعى عليهم ….. للحكم بتثبيت ملكية البائع له لأرض النزاع استناداً إلى الحكم الصادر له بصحة ونفاذ عقده المؤرخ 5/4/1943، والبعض الآخر موجه إلى كل من الطاعنين للحكم بتثبيت ملكيته لأجزاء أرض النزاع التي في حيازتهم وعدم سريان عقود شرائهم وإزالة المباني والتسليم.
ولما كان الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 قد قضى برفض الدعوى فيما يتعلق بحصص الطاعنين من أرض النزاع المبيعة بعقود مسجلة فإنه يكون قد أنهى الخصومة بالنسبة إليهم وحاز قوة الأمر المقضي لعدم الطعن عليه بالاستئناف وقت صدوره مما كان يستوجب على محكمة الاستئناف القضاء بعدم جواز نظر الاستئناف المرفوع عنه برقم 2440 لسنة 103 قضائية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا.
وحيث إن هذا النعي غير سديد
ذلك بأن النص في المادة 212 من قانون المرافعات، وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يدل على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها ولم يستثن من ذلك إلا الأحكام التي بينها بيان حصر وهي الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والقابلة للتنفيذ الجبري.
ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في الدعوى وما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات التقاضي.
ومن المقرر وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 38 من قانون المرافعات أنه إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد فتقدر قيمتها باعتبار الطلبات جملة.
ومؤدى ذلك أنه ينشأ عن تعدد الطلبات مع اتحاد السبب فيها قيام وحدة في الخصومة تشمل الطلبات جميعها من شأنها دمجها وعدم استقلال أحدها عن الآخر فمن ثم يكون الحكم في أحد هذه الطلبات قبل الآخر صادراً أثناء سير الخصومة غير منه لها كلها، فلا يجوز الطعن فيه على استقلال قبل صدور الحكم الختامي المنهي لها إلا في الأحوال الاستثنائية المبينة في المادة 212 من قانون المرافعات.
ولما كان البين من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم الأول رفع الدعوى استعمالاً لحقوق مدينه البائع له وأنها اشتملت على عدة طلبات تتمثل في ثبوت ملكية المدين لأرض النزاع وإزالة ما عليها من مبان وشطب التسجيلات الموقعة عليها وتسليمها، وكانت هذه الطلبات موجهة إلى فريق الطاعنين وإلى فريق البائعين لهم ويجمعها سبب قانوني واحد هو ملكية مدين المورث المذكور لأرض النزاع فتعتبر تصرفات البائعين للطاعنين غير نافذة لصدورها من غير مالك وكان من شأن وحدة السبب في هذه الطلبات كلها قيام وحدة بينها لا انفصام لها تشملها جميعا.
فإنه يبنى على ذلك أن يكون الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 22 من فبراير سنة 1975 برفض شق من هذه الطلبات أثناء سير الخصومة غير قابل للطعن فيه بالاستئناف على استقلال قبل الفصل في بقية الطلبات بحكم منه للخصومة كلها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رتب – قضاءه ملتزما هذا النظر فإنه يكون صائباً ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون
أن الحكم رفض دفاعهم كسب ملكية أرض النزاع بالتقادم الخمسي على أساس عدم توافر الحيازة بمقولة أن عقود الطاعنين المسجلة أرقام 4033 لسنة 1960، 3230 لسنة 1963، 6286 لسنة 1963، 2349 لسنة 1964 قد انصبت على حصص شائعة من أرض فضاء وأنها ظلت فضاء حتى تاريخ تسجيل العقد الآخر في أبريل سنة 1964، هذا في حين أن الحصة الشائعة تصلح للحيازة بنية التملك وأن وصف المبيع بأنه أرض فضاء في العقد المسجل رقم 2349 لسنة 1964 لا يصح الاستدلال به على نفي حيازتهم لحصصهم في أرض النزاع بنية تملكها.
وحيث أن هذا النعي سديد
ذلك بأن الحصة الشائعة يصح – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والانفراد بنية تملكها، ولما كان وضع اليد واقعة مادية العبرة فيه بما يثبت قيامه فعلاً فإذا كان الواقع يخالف ما ورد بالأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع وإطراح ما عداه.
وكان الواقع في الدعوى يشير إلى أن المطعون ضدهم الأول لا يجادلون في أن أرض النزاع في حيازة الطاعنين بما أورده الأولون في صحيفة دعواهم من أن الآخرين اشتروا هذه الأرض من غير مالك وأقاموا عليها المباني، وبما طلبوه في الدعوى من إزالة المباني وتسليم الأرض إليهم.
وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في قضائه إلى نفي حيازة الطاعنين لأرض النزاع قولاً منه بأن حيازتهم غير مستوفاة لشروطها القانونية لأنها انصبت على حصص شائعة من أرض فضاء وأنها ظلت بهذا الوصف حتى شهر أبريل سنة 1964 استدلالاً بما ورد في أحد عقود الطاعنين المسجلة في هذا التاريخ، وكان هذا القول من الحكم غير صالح فيها استدل به عليه وغير مؤدي للاقتناع من الناحية الموضوعية لما هو مقرر من صلاحية الحصة الشائعة لأن تكون محلاً للحيازة على وجه التخصيص والانفراد بنية تملكها .
ولما اتسم به ذلك القول من عدم السلامة في استنباط نفي الحيازة المستوفاة لشروطها مما ورد في وصف المبيع في العقد المسجل رقم 2349 لسنة 1964 بأنه أرض فضاء، لانتفاء التلازم الحتمي بين هذا الوصف وعدم استيفاء حيازة الطاعنين لشروطها القانونية باعتبارها واقعة مادية العبرة فيها بما يثبت فعلاً ولو كان مخالفاً لما ورد بالأوراق، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بمخالفة القانون والقصور والفساد في الاستدلال في هذا الخصوص مما يوجب نقضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون
أنه اعتبر أن فرض الحراسة الإدارية على أموال مورث المطعون ضدهم الأول – رافع الدعوى غير المباشرة – بتاريخ 1/6/1966 طبقا للأمر رقم 138 لسنة 1961 مانعا من شأنه وقف التقادم في حقه حتى تاريخ رفع الحراسة عنه في 24/4/1968 إعمالا لحكم المادة 16 من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956 في حين أن فرض الحراسة الإدارية على أموال المورث المذكور لا يعد مانعا لوقف التقادم.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه
لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً،
مفاده أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إذا كان ثمة مانع يتعذر معه على صاحب الحق أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولو كان المانع أدبياً، وإذ أجاز هذا القانون في المادة 235 لكل دائن أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز.
وصرح في المادة 236 بأن الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه يعتبر نائباً عنه وأن كل فائدة تنتج من استعمال هذه الحقوق تدخل في أموال المدين، فمن ثم يترتب على ذلك أنه إذا باشر الدائن الدعوى غير المباشرة للمطالبة بحق مدينه باعتباره نائباً عنه نيابة مصدرها القانون فلا يجوز له أن يتمسك في مواجهة الخصم إلا بالدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بالأصيل الذي ينوب عنه فحسب دون غيرها من الدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بشخصه هو.
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن مورث المطعون ضدهم الأول قد رفع الدعوى غير المباشرة على الطاعنين استعمالاً لحق مدينه باعتباره نائباً عنه طبقاً للمادتين 235، 236 من القانون المدني وكان لا يجوز لهذا المورث ولمورثته المطعون ضدهم الأول من بعده التمسك في مواجهة الطاعنين باعتبار فرض الحراسة الإدارية على أمواله طبقاً للأمر العسكري رقم 138 لسنة 1961 مانعاً قانونياً من شأنه وقف التقادم بالنسبة إلى مدينه المالك الأصلي لأرض النزاع وذلك لتعلق أمر فرض الحراسة بشخص النائب دون صاحب الحق الأصيل.
وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه على أن فرض الحراسة على ممتلكات النائب يعتبر مانعاً من شأنه وقف التقادم بالنسبة إلى الأصيل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا الوجه أيضا