ما هي الجرائم الملحقة بالرشوة
محتويات المقال
دراسة عن الجرائم الملحقة بالرشوة مع أحكام النقض الجنائية، فقد ألحق المشرع بجانب جريمة الرشوة عدد من الجرائم والتى تعمل تحقيق الحماية للوظيفة العامة وتراهتها فى نظر الناس ، فكانت جريمة المكافآت اللاحقة والاستجابة للرجاء واستغلال النفوذ ، وسوف نتناول تلك الجرائم فى فى هذا البحث.
جرائم الرشوة الملحقة بها
نوجوها فيما يلي:
- المكافأة اللاحقة
- استغلال النفوذ الوظيفي
- التوصية والرجاء
- المشروعات الخاصة
جريمة المكافأة اللاحقة
قرر المشرع تجريم المكافأة اللاحقة فى صورتين لها فى
نص المادة 104 ع والتى نصت على :
كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع من ذلك يعاقب بالسجن المؤبد وضعف الغرامة المذكورة فى المادة 103 من هذا القانون
وأيضا المادة 105 ع والتى نصت على :
كل موظف عمومي قبل من شخص أدي له عملاً من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجباتها ، هدية أو عطية بعد تمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنية “
وفى ضوء ذلك خطر المشرع على الموظف العام بعد أن يؤدى عمل من أعمال وظيفته أن يقبل بعد الأداء مكافأة ووعداً بها لأن أداء العمل الوظيفى أمر واجب على الموظف يستحق عليه أجر من الدولة .
وتأخذ جريمة المكافأة اللاحقة صورتين كالتالى :
الصورة الأولى : المكافأة المسبوقة باتفاق
وفى هذه الحالة يتفق الموظف مع صاحب الحاجة على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال به ثم يطلب بعد امتناعه عن أداء هذا العمل بالفعل أو يقبل أو يأخذ من صاحب الحاجة عطية أو وعداً لمكافأته على ما وقع منه ، وهذا السلوك فى جوهره كالرشوة ولهذا واجهه المشرع فى نص المادة 104 ع عند تجريم للرشوة وتتكون هذه الجريمة من ثلاث أركان وهما .
1- الركن المفترض :
وهو الموظف العام إذ يلزم أن يكون من طلب أو أخذ المكافأة موظفاً عاماً أو من فى حكمه .
2- الركن المادى :
وهو طلب الموظف أو أن يأخذ أو يقبل عطية لم يسبق الاتفاق عليها مع صاحب الحاجة لقاء ما أداه من فعل أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته ، فإذا كان الاتفاق بين الطرفين قبل تنفيذ العمل وقعت الرشوة فى صورتها التامة أما إذا كان العمل الوظيفى الذى بذلت المكافأة من أجله سابق عن الاتفاق تحققت جريمة المكافأة غير المسبوقة باتفاق .
3- الركن المعنوى :
تأخذ هذه الجريمة صورة العمد ، فيلزم أن تتوافر لدى الموظف العلم بكافة عناصر الجريمة ، فإن اعتقد بأن العطية لباعث أخر غير المكافأة لا تقع الجريمة وعلى ذلك تعبر نية المكافأة قصداً خاصاً ، ولا تقوم للجريمة قائمة بدونها .
العقوبة :
عقوبة هذه الجريمة هى السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن الفرضية ولا تزيد على ما أعطى بالإضافة للمصادرة والعقوبات التبعية الأخرى .
الصورة الثانية : المكافآت غير المسبوقة باتفاق
وتختلف هذه الجريمة عن سابقتها فى أن المكافأة يتفق عليها بعد أداء الوظيفة التى تمت من تلقاء نفس الموظف دون اتفاق بينه وبين صاحب الحاجة .
- الركن المادى :
لهذه الجريمة فيتحقق بقبول الموظف لهديه أو عطية سواء كان هذا القبول معجلا أو مؤجلا نظير ما قام به الموظف بالفعل من عمل من أعمال الوظيفة
د/ محمد زكى أبو عامر – المرجع السابق – ص 131
ويرى الفقهاء أن الموظف الذى يطلب هدية أو عطية من شخص أدى له عملاً وظيفياً فيرفض طلبه ، لا يرتكب جريمة المكافأة غير المسبوقة ، بل يتوافر فى حقه فقط شروع فيها باعتبار الطلب بدءا فى التنفيذ كما تقضى القواعد العامة
د/ محمود نجيب حسنى – المرجع السابق – ص 99
- الركن المعنوى :
فى هذه الجريمة يتخذ صورة القصد وبالتالى يلزم انصراف إرادة الموظف إلى أخذ العطية مع علمه بأنها مكافأة له على العمل فالجريمة إذن من جرائم القصد الخاص .
العقوبة :
هذه الجريمة هى السجن والغرامة التى لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنيه والمصادرة .
جريمة الاستجابة للرجاء والتوصية
قررت المادة 105 م من قانون العقوبات بأن :
كل موظف عمومي قام بعمل من أعمال وظيفته أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته أو أخل بواجباتها نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه ” .
وتختلف هذه الجريمة عن جريمة الرشوة فى انعدام الفائدة فيها من جهة وفى ضرورة أداء العمل الوظيفى لكى تقع الجريمة على خلاف الرشوة من جهة أخرى .
ولا يختلف الرجاء عن التوصية إلا فى صدور الأول من صاحب الحاجة نفسه بينما تصدر التوصية من جانب الغير لحساب صاحب الحاجة .
والعلة فى تجريم الاستجابة للرجاء أو التوصية هى الحفاظ على سمعة الوظيفة العامة من المحسوبية باعتبارها أسوا الآفات التى تصيب المجتمع .
الركن المادى :
فهو يتمثل فى أداء العمل الوظيفى استجابة للرجاء أو التوصية ويستوى فى ذلك أن يكون العمل داخلا فى حدود السلطة المقيدة للموظف أو فى حدود السلطة التقديرية له .
الركن المعنوى :
فهو يتمثل فى القصد ، أى يلزم أن يتوافر علم المتهم بأنه يؤدى العمل الوظيفى استجابة للرجاء أو الوساطة .
العقوبة :
هى السجن والغرامة التى لا تزيد عن خمسمائة جنيها ولا تقل عن مائتى جنيها .
جريمة استغلال النفوذ
تناول المشرع هذه الجريمة فى المادة 106 م عقوبات والتى قررت بأن :
كل من طلب لنفسه أو لغيره أ وقبل أو أخذ وعداً أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو نياشين أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو مقاولة أو على وظيفة أو خدمة أو أية مزية من أي نوع يعد فى حكم المرتشي .
ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 104 من هذا القانون إن كان موظفا عمومياً وبالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا يزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط فى الأحوال الأخرى.
ويعتبر فى حكم السلطة العامة كل جهة خاضعة لإشرافها .
تتكون هذه الجريمة من ركنين مادى ومعنوى .
الركن المادى :
يتفق الركن المادى لجريمة استغلال النفوذ مع الركن المادى لجريمة الرشوة فى طلب الفاعل لنفسه أو لغيره العطية ، وأيضا تقع الجريمة بالطلب حتى ولو لم يتسلما الجانى بالفعل .
ولا يشترط أن يكون المستغل لنفوذه موظفا عاما ، لكن استغلال النفوذ إذا وقع من موظف عام شددت له العقوبة .
الركن المعنوى :
هذه الجريمة من الجرائم العمدية الذى يتخذ الركن المعنوى فيها صورة القصد ويتجه رأى غالبية الفقهاء إلى اعتبارها من جرائم القصد العام والتى يكفى فيها العلم بوجود النفوذ الحقيقى.
د/ أحمد فتحى سرور – المرجع السابق – ص 101 ، د/ محمود نجيب حسنى – المرجع السابق – ص 114
ويرى الدكتور / محمد زكى أبو عامر أن
جريمة استغلال النفوذ من الجرائم التى تحتاج إلى قصد خاص بجانب القصد العام لكى يتحقق الركن المعنوى والمقصود بالركن الخاص هو اتجاه نية الفاعل إلى الاتجار بنفوذه أو إلى استغلاله ، فالقانون لا يعاقب المستغل لأنه تلقى الفائدة لذاتها وإنما باعتبارها مقابلا لاستغلاله لنفوذه فى سبيل الحصول على مزيد من أحد السلطات العامة ويلاحظ سيادته فى تجريم استغلال النفوذ هو الغاية أو الغرض من تلقاء الفائدة وهذه الغاية هى الاتجار بالنفوذ أو استغلاله.
راجع فى ذلك – رأى الدكتور / محمد زكى أبو عامر – قانون العقوبات – ص 140
العقوبة :
جريمة استغلال النفوذ جنحة عقوبتها الحبس والغرامة التى لا تقل عن مائتى جنيها ولا تزيد عن خمسمائة جنيها وتتغير الجنحة إلى جناية إذا كان الفاعل موظف عام ويعاقب بعقوبة المرتشى .
جريمة الرشوة فى مجال المشروعات الخاصة
نصت المادة 106 عقوبات على أنه :
كل مستخدم طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية بغير علم مخدومه ورضائه لأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو للامتناع عنه يعتبر مرتشيا ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ” .
ونصت المادة 106 م عقوبات على أنه :
كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو نياشين أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو مقاولة أو على وظيفة أو خدمة أو أية مزية من أي نوع يعد فى حكم المرتشي .
ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 104 من هذا القانون إن كان موظفا عمومياً وبالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا يزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط فى الأحوال الأخرى .
ويعتبر فى حكم السلطة العامة كل جهة خاضعة لأشرافها .
ويشترط لوجود هذه الجريمة ثلاثة أركان :
الركن المفترض :
يتعين أن يكون المرتشى فى هذه الجريمة مستخدماً فى مشروع خاص أو لدى أحد الأفراد ، ومعنا ذلك ضرورة توافر علاقة التبعية بين الشخص وبين صاحب العمل .
ويشترط أن يكون هذا العمل بأجر أيا كان مقداره وطريقة دفعه أما إذا لم يكن العمل بأجر فإن صفة المستخدم لا تتوفر .
ولا يخرج من هذه المشروعات إلا ما كانت الدولة تساهم فى رأسماله بنصيب بأية صفة كانت .
الركن المادى :
يتكون الركن المادى لهذه الجريمة من أخذ المستخدم أو قبوله أو طلبه عطية أو وعدا بها لأداء عمل من الأعمال المكلف بها وتأخذ هذه المعانى نفس التى سبق وأن عرضناها فى جريمة الرشوة .
ولكن الجديد هو اشتراط هذه الجريمة على شرطين :
- الأول : أن يكون المستخدم مختصا بالعمل الذى تناول الفائدة من أجله .
- الثانى : أن يتم فعل الأخذ أو القبول أو الطلب بغير علم رب العمل ودون رضائه.
ويجب أن الفعل المادى سابقاً على أداء العمل فإن تحقق العمل أو الامتناع ثم طلب المستخدم أو أخذ فائدة من صاحب الحاجة لا تقع الجريمة ولو كان ذلك دون رضاء رب العمل
د / محمد زكى أبو عامر – المرجع السابق – ص 143
الركن المعنوى :
تعتبر هذه الجريمة من الجرائم العمدية التى يتطلب فيها العلم بتلقى الفائدة لقاء عمل مكلف به بغير علم صاحب العمل وقصداً خاصاً يتمثل فى اتجاه نية المستخدم فى الاتجار بخدمته ، أى تتحقق لديه نية القيام حقيقة بما يطلب منه .
عقوبة الرشوة فى مجال المشروعات الخاصة :
هذه الجريمة جنحة عقوبتها الحبس مدة لا تزيد عن سنتين وغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنيها والمصادرة .
وإذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد عوقب المستخدم بالعقوبة المقررة لذلك الفعل وغرامة لا تقل عن ألف جنيها ( م 108 ع ) .
ويعاقب الراشى والوسيط بذات العقوبة للمرتشى ويعفى منها كل من أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها ( م 108 ع )
جرائم الرشوة الملحقة فى محكمة النقض
لما كانت جريمة عرض الوساطة فى رشوة – والتى لم يتعد عمل الجانى فيها العرض – والمنصوص عليها فى المادة 109 مكررا ثانيا من قانون العقوبات والتى تتحقق بتقدم الجانى إلى صاحب الحاجة عارضا عليه التوسط لمصلحته لدى الغير فى الإرشاء بمعنى أن عرض الوساطة يأتى من تلقاء نفس العارض وأن هذه الجريمة بهذا الحسبان ذات كيان خاص يغاير جريمة الوسيط فى الرشوة والمنصوص عليها فى المادة 107 مكررا من قانون العقوبات
والتى تعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى فى جريمة الرشوة التى تنعقد بالاتفاق الذى تم بين الراشى والمرتشى ، ولا يتبقى بعد ذلك إلا إقامة الدليل على هذا الاتفاق ، وتنفيذ مقتضاه بتسليم المبلغ ، ومن ثم يكون الوسيط فى الجريمة الأخيرة عاملا من جانب الراشى أو المرتشى
وإزاء اختلاف طبيعة الفعل المكون لكل من الجريمتين المشار إليهما فلقد كان لزاما على محكمة الجنايات قبل تعديلها التهمة المسندة إلى الطاعن من جريمة التوسط بين المبلغ ومتهم آخر فى طلب الرشوة – إلى جريمة عرض الوساطة فيها على المبلغ وإدانته بالوصف الجديد – أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل فى التهمة ، والذى يتضمن تغييرا فى كيانها المادى .
أما وهى لم تفعل فإن حكمها وفق الوصف الجديد يكون باطلا للإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة ، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أورد فى مقام الإدانة أن ثبت لديه أن الطاعن قد قبل الوساطة لأن الحكم أثبت أن الطاعن هو الذى عرضها على المجنى عليه
مما ينبغى أن الأخير طلب وساطته ، ولا يساغ أن يكون قصد الحكم أن المتهم الأول هو الذى عرض عليه الوساطة وأن الطاعن قبلها – لأن الحكم نفى ذلك فى مدوناته وأقام قضاءه فى براءة المتهم الأول رئيس المحكمة استنادا إلى أنه لم يعلم بأمر هذه الوساطة ، وهو ما لا يتصور معه أن يكون قد عرضها .
( الطعن رقم 10554 لسنة 61 ق – جلسة 8/2/2000 )
إذ كان الحكم وهو بصدد التدليل على علم الطاعن بالسبب الذى من أجله تسلم المبلغ المضبوط قد أورد أن المحكمة ” وقد اطمأن وجدانها بصحة ما اسند إلى المتهمين دون ما تعويل على ما ساقه المتهم الثالث (الطاعن) من أقوال على عدم علمه بسبب أداء الراشى للمبلغ المضبوط معه ذلك أنه فضلا عما أقرت بها المتهمة الثانية فى سياق أقوالها فى تحقيقات النيابة من إفصاحها عن مسعاها فى طلب الرشوة وتحبيذه مسعاها فى هذا الشأن
فإن مسلكه والبادى بإعطاء رقم حسابه للمتهم الأول والذى تخلله محاولة اتصال بالراشى فى تليفونه خارج البلاد وما لجأ إليه مشاركة مع المتهم الأول من محاولات ستر نشاطها فى طلب الرشوة التى تحدد المتهم الثالث لاستلامها بدءا بالإيداع رزمة من أوراق فئة المائة جنيه التى سلمها له عليه.
وهو عرض يرد محمولا على ما تقدم من شواهد كاشفا بغير لبس عن دوره فى استلام الرشوة إذ يحمل دلالة اختصاصه بجزء مما جرى تحصيله من الرشوة مقابل دوره فى هذا التحصيل وهى أمور تحمل أدلة تطمئن معها المحكمة إلى توافر علمه بسبب تحصيل المبالغ وأنه نتاج تحصيل رشوة مما انصرف إليه خطاب الشارع فى المادة 108 مكررا من قانون العقوبات ” .
وكان هذا الذى أورده الحكم يستقيم به التدليل على ثبوت القصد الجنائى فى حق الطاعن وتوافر علمه بالسبب الذى من أجله تسلم المبلغ المضبوط فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل فى مسألة واقعية تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب مادامت تقيمها على ما ينتجها .
( الطعن رقم 32218 لسنة 69 ق – جلسة 7/5/2000 )
إن النص فى المادة 109 مكررا عقوبات على أنه ” من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه وذلك إذا كان العرض حاصلا لموظف عام ، فإذا كان العرض حاصلا لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتى جنيه ” .
وكان من المقرر قانونا أن المقصود بغير الموظف العام المعروض عليه الرشوة فى مفهوم هذا النص هم المستخدمون فى المشروعات الخاصة الذين يخضعون لتبعية رب العمل فى الرقابة والتوجيه والالتزام من جانب المستخدم بالخضوع لهذه السلطة
فإنه يخرج عن هذا المفهوم المحامى صاحب العمل الذى لا يخضع لهذه السلطة – من موكله – كما هو الحال فى الدعوى المعروضة – فإن فعل عرض المطعون ضده لمبلغ نقدى على المحامى للامتناع عن أداء أعمال مهنته هو الاستشكال فى الحكم الصادر فى غير صالح موكله
يكون بمنأى عن التجريم استنادا إلى النصوص المنظمة لعرض الرشوة وعدم قبولها كما وردت بقانون العقوبات وهو ما يلتقى مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فى نتيجته من القضاء ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية ، ويكون الطعن لذلك قد جاء على غير أساس مفصحا عن عدم قبوله موضوعا .
( الطعن رقم 15903 لسنة 61 ق – جلسة 23/11/2000 )
من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الفرق بين نص المادة 102 من قانون العقوبات ونص المادة 105 منه انه إذا وجد اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء العمل مقابل الجعل انطبقت المادة 103 من قانون العقوبات يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقا أو معاصرا لأداء العمل أو لاحقا عليه ما دام أداء العمل كان تنفيذا لاتفاق سابق
إذ أن نية الاتجار بالوظيفة فى هذه الحالة كون قائمة منذ البداية ، اما إذا كان أداء العمل – أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة – غير مسبوق باتفاق بين الراشى والمرتشى فإن العطاء اللاحق فى هذه الحالة تنطبق عليه المادة 105 من القانون المذكور
وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن المبلغ التجأ إلى الطاعن لتذليل العقبات التى اعترضت تأسيس الشركة فطلب الطاعن وأخذ منه المبالغ التى بينها الحكم لتيسير إجراءات التأسيس ، فإن الحكم إذا أخذ الطاعن بنص المادة 103 أنفة الذكر يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقا صحيحا ويكون النعى عليه بأن المادة 105 من قانون العقوبات كانت الأولى بالتطبيق بعيدا من محجة الصواب .
[ طعن رقم 10830 ، للسنة القضائية 65 ، بجلسة 21/07/1997 ]
لما كان الأصل فى قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً فى نص لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى فى كل نص آخر يرد فيه ، وكان يؤخذ من وضوح عبارة المادة 109 مكرراً ثانياً وما كشف عنه الأعمال التشريعية لها ، وإيرادها مع مثيلاتها فى باب بذاته من الكتاب الثانى من قانون العقوبات – هو الباب الثالث الخاص بالرشوة – أنه وإن كانت الجريمة المستحدثة بالمادة 109 مكرراً ثانياً آنفة الذكر ذات كيان خاص يغاير جريمة الوسيط فى الرشوة المنصوص عليها فى المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات
إذ تغيا الشارع من الجريمة المستحدثة تجريم الأفعال التى لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة فى رشوة والتى لا تبلغ حد الاشتراك فى رشوة أو فى شروع فيها والتى لا يؤثمها نص المادة 109 مكرراً أو أى نص آخر ، وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة ودعاتها ، إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله
كل من عرض أو قبل الوساطة فى رشوة ” فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان فى جريمة من جرائم الرشوة التى إنتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها ذلك الباب ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة وفى تحديد الأركان التى يلزم تحققها لقيام أى جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما بعدها من قانون العقوبات .
لما كان ذلك ، فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة ، وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ – لهذا الموظف يراد منه آداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل
ويلزم فى ذلك أن تكون إرادة الجانى – على هذا الأساس – قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض أو قبول الوساطة فى رشوة ، ذلك بأنه لو أراد الشارع مد التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار نهجه فى المادة 104 مكرراً من قانون العقوبات من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته ، وليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم محظور .
[ طعن رقم 4684 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 02/11/1989 ]
من المقرر أنه يشترط فى الاعتراف الذى يؤدى إلى إعفاء الراشى أو الوسيط من العقوبة وفقاً لنص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات أن يكون صادقاً كاملاً يغطى جميع وقائع الرشوة التى ارتكبها الراشى أو الوسيط ، دون نقص أو تحريف ، وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته . فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة ، فلا يمكن أن ينتج الإعفاء أثره .
[ طعن رقم 7389 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 20/02/1989 ]
لما كان النص فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات – التى دين المطعون ضده الثانى …… بها على أنه : ” من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية إذا كان الغرض حاصلاً لموظف عام …… ” مؤداه أن الغرامة المقررة هى الغرامة العادية
إذ هى محددة بحدين يتعين إلتزامهما وليست محددة بنسبة الضرر المترتب على الجريمة أو الفائدة التى تحصل عليها الجانى أو كان يأمل الحصول عليها – فهى ليست من قبيل الغرامات النسبية ومن ثم تعين وفقاً للمادة 44 من قانون العقوبات أن يحكم بها على كل متهم دين عن هذه الجريمة .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات رغم وجوب ذلك – بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها على المطعون ضده الثانى ، فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بتغريم المطعون ضده المذكور خمسمائة جنيه بالإضافة إلى العقوبة المقضى بها .
[ طعن رقم 1941 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 02/02/1989 ]
نص الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات التى عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف
وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائماً أن تجرى على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص
فإذا تقاضى الموظف جعلاً عن هذا الإخلال كان فعله إرتشاء وليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخله فى نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشى قد أتجر معه على هذا الأساس
كما لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو أو الذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة .
[ طعن رقم 2696 ، للسنة القضائية 55 ، بجلسة 19/12/1985 ]
لما كان المشرع قد تغيا من الجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً – المطبقة فى الدعوى – تجريم الأفعال التى لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة فى رشوة والتى لا تبلغ حد الاشتراك فى رشوة أو فى شروع فيها والتى لا يؤثمها نص آخر ، وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة ودعاتها ، إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله ” كل من عرض أو قبل الوساطة فى رشوة ،
فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان فى جريمة من جرائم الرشوة التى إنتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات الخاص بالرشوة ، ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة وفى تحديد الأركان التى يلزم تحقيقها لقيام أى جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما يعادلها من هذا القانون .
لما كان ذلك ، فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل ويلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى – على هذا الأساس – قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها
ذلك بأنه لو أراد الشارع من التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته ، وليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم المحظور
لما كان ذلك
وكان الدفاع المبدى من الطاعنين والمؤسس على أن قصدهما لم ينصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه فى شأنه لو صح أن يؤدى إلى انتفاء القصد الجنائى للجريمة . وكان الحكم المطعون فيه لم يقسط هذا الدفاع الجوهرى حقه فى البحث فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم ، مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة
[ طعن رقم 1770 ، للسنة القضائية 53 ، بجلسة 29/11/1983 ]
من المقرر أن الشارع قد سوى فى نطاق جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها فى المادة 106 مكرر من قانون العقوبات بين تذرع الجانى فى الطلب أو القبول أو الأخذ – بنفوذ حقيقى للحصول على مذية من سلطة عامة ، وبين تذرعه فى ذلك بنفوذ مزعوم فقد قدر الشارع أن الجانى حين يتجر بالنفوذ على أساس موهوم لا يقل استحقاقاً للعقاب عنه حين يتجر به على أساس من الواقع
إذ هو حينئذ يجمع بين الغش – أو الاحتيال – والإضرار بالثقة الواجبة فى السلطات العامة والجهات الخاضعة لإشرافها ، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية ولم يفرق الشارع – فى صدد تلك الجريمة وسائر جرائم الرشوة – بين الفائدة التى يحصل عليها الجانى لنفسه والفائدة التى يطلبها أو يقبلها لغيره ، فإن كان الجانى موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات .
[ طعن رقم 1078 ، للسنة القضائية 53 ، بجلسة 30/05/1983 ]
من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة . أن رجال السلطة القضائية يدخلون فى عداد الموظفين العموميين الذين عناهم الشارع فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بأن رجال القضاء لا يعدون من الموظفين العموميين فى صدد تطبيق هذا النص وبانحسار هذه الصفة عن المبلغ لفقدانه صلاحية الفصل فى الدعوى ورد عليه بأنه قول ظاهر الفساد ” .
إذ أنه من المقرر أن المراد بالموظف العام بحسب ” قصد الشارع فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات كل شخص من رجال الحكومة بيده نصيب من السلطة العامة ، ولا عبرة بالنظام القانونى الذى يحكم طائفة معينة من الموظفين ، فلا يشترط خضوعه للقانون الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة إذ أن هناك طوائف من الموظفين يخضعون لأنظمة خاصة كأعضاء الهيئات القضائية وهيئة التدريس بالجامعات وأفراد القوات المسلحة والشرطة
ولم يثر أى جدال أو خلاف فى أنهم يدخلون فى نطاق الموظفين العموميين بالنسبة لتطبيق المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات أما القول بأن رئيس المحكمة بعد أن جالس المتهم المعروض أمر قضيته عليه قد فقد صلاحيته وانقطعت صلته بالدعوى فهو قول يتضمن مغالطة كبيرة إذ أن المتهمين وهما يعرضان عليه الرشوة كانا يعلمان بأنه القاضى الذى سيفصل فى الاستئناف المرفوع من المتهم الثانى وصاحب الاختصاص ” ،
وكان ما أورده الحكم فيما سلف صحيحاً فى القانون ذلك بأن فقد القاضى صلاحيته للفصل فى دعوى معينة لا صلة له – بحسب الأصل – بولايته للقضاء ، ولا يترتب عليه انحسار صفة الوظيفة العامة عنه فى خصوص المادة 109 مكرراً سالفة الذكر ، فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى شأن ذلك لا يكون له محل .
[ طعن رقم 2352 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 04/01/1983 ]
المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تنص على أنه ” يعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى ومع ذلك يعفى الراشى أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها ” .
أما نص المادة 108 مكرراً من ذات القانون فيجرى بأنه ” كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشى أو أخذ أو قبل شيئاً من ذلك مع علمه بسببه ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة مساوية لقيمة ما أعطى أو وعد به وذلك إذا لم يكن قد توسط فى الرشوة ” .
ويبين من هذين النصين أن المشرع عرض فى كل منهما لجريمة تختلف عن الواردة فى النص الآخر وأن جريمة الوساطة فى الرشوة تختلف عن جريمة تعيين شخص لأخذها .
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن بأدلة سائغة أنه ارتكب الجريمة المنصوص عليها فى المادة 108 مكرراً آنفة الذكر فإنه لا موجب لأعمال الإعفاء المقرر فى المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات لكونه قاصراً على الراشى والوسيط دون غيرهما ويكون منعى الطاعن فى هذا الشأن لا سند له
[ طعن رقم 4482 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 28/11/1982 ]
الأصل فى قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً فى نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى فى كل نص آخر يرد عليه فيه . ويؤخذ من وضوح عبارة المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات وما كشفت عنه الأعمال التشريعية لهذه المادة
وإيرادها مع مثيلاتها فى باب بذاته من الكتاب الثانى – وهو الباب الثالث الخاص بالرشوة إنه وإن كانت الجريمة المستحدثة ذات كيان خاص ، يغاير جريمة الوسيط فى الرشوة المنصوص عليها فى المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة
فإنه يلزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل
ويلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى على هذا الأساس قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها ، ذلك بأنه لو أراد الشارع مد التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة – على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيم زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته وليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير
لأنه فى مجال التأثيم محظور ، لما كان ذلك ، وكان الأمر المطعون فيه – الصادر من مستشار الإحالة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قد أثبت بما أورده من أدلة سائغة أن قصد المطعون ضدهما لم يتصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه وأنهما إنما قصدا الاستئثار بالمبلغ لنفسيهما ، بما ينتفى معه – فى صورة الدعوى – الركن المعنوى للجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات ، فإن الأمر المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون .
[ طعن رقم 247 ، للسنة القضائية 43 ، بجلسة 11/11/1973 ]
إذ إشترطت المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات لتطبيقها أن يطلب الفاعل لنفسهم أو لغيره أو يقبل أو يأخذ وعداً أو عطيه تذرعاً بنفوذه الحقيقى أو المزعوم بغرض الحصول على مزية للغير من أية سلطة عامة ، فقد دل ذلك على أن المشرع قد ساوى فى هذه الجريمة بين قبول العطيه وأخذها وبين طلبها ، فلا يشترط لتحققها قبول العطية أو أخذها فحسب بل أن مجرد طلب العطية تتوافر به هذه الجريمة بتمامها ولا يعتبر هذا فى صحيح القانون بدءاً فى تنفيذها أو شروعاً فيها .
[ طعن رقم 1197 ، للسنة القضائية 38 ، بجلسة 14/10/1968 ]
النقض الجنائى فى جريمة الرشوة
لما كانت المادة 208 مكرراً (أ) من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت للنائب العام – إذا قامت من التحقيق دلائل كافية على جدية الاتهام – أن يصدر أمراً وقتياً بمنع المتهم من التصرف فى أمواله وكذا منع زوجته وأولاده القصر من التصرف فى أموالهم أو إدارتها ،
واستناداً إلى المادة سالفة الذكر أصدر النائب العام أمره بمنع الطاعن الأول وزوجته وأولاده القصر ……. ، ……. ، …… من التصرف وإدارة ممتلكاتهم العقارية والمنقولة وأموالهم السائلة والموجودة بالبنوك والأسهم والسندات المملوكة لهم بالبنوك والشركات
باعتبار أنه قد ثبت من التحقيقات وقائع تشكل جرائم الرشوة واستغلال النفوذ والتربح وتسهيل الاستيلاء على المال العام للغير بغير حق والإضرار العمدة به والتهريب الجمركى. ثم عرض هذا الأمر على محكمة الجنايات المختصة برئاسة السيد المستشار…….. والتى قضت بتأييد قرار النائب العام بمنع المتهم – الطاعن الأول – من التصرف فى أمواله وأوردت فى مدونات حكمها ما نصه:
إن الثابت من تحقيقات النيابة العامة وجود أدلة كافية لديها تفيد طبقاً لتقديراتها جدية الاتهام المسند إلى المتهم ومن ثم فإن المحكمة تقضى بمنع المتهم وزوجته وأولاده القصر ومن يمثلهم قانوناً من التصرف فى أموالهم على النحو الوارد بمنطوق هذا الحكم” وهو ما يعنى تأثر المحكمة فى تكوين عقيدتها من ناحية ثبوت التهم المسندة إلى الطاعن المذكور بهذا الرأى مما يتعارض مع ما يشترط فى القاضى من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً .
لما كان ذلك
وكان الثابت مما سلف بيانه أن السيد المستشار……. رئيس الهيئة التى حكمت بمنع الطاعن من التصرف فى أمواله قد أبدى رأياً معيناً ثابتاً فى الدعوى هو اقتناعه وفقاً لتقدير النيابة العامة بقيام الأدلة على جدية الاتهام ، وإذ كان الثابت أن السيد رئيس الهيئة سالفة الذكر هو بذاته رئيس الهيئة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً لصدوره من هيئة فقد رئيسها صلاحيته.
(الطعن رقم 17633 لسنة 75ق جلسة 21/7/2005)
لما كان الحكم المطعون فيه ، عول فى إدانة الطاعن – ضمن ما عول عليه – على اعتراف المتهم الأول بتقديمه رشوة إلى الطاعن للإخلال بواجبات وظيفته وذلك بواسطة المتهم الواحد والعشرين وفى مقام اطمئنانه إلى ذلك الاعتراف أورد أنه يطمئن إلى
اعتراف المتهم الأول بجلسة المحاكمة من أنه قدم الرشوة فى صورة مشغولات ذهبية وفواتير شراء وهمية لمشغولات ذهبية من حانوت المتهم الأول إلى المتهم العشرين مقابل الإخلال بواجبات وظيفته وهو عالم باختصاصه الوظيفى والغرض من تقديم الرشوة….. ” ثم عاد وأورد الحكم فى معرض رده على الدفوع المبداه من المتهم الأول بشأن طلب إعفائه من العقاب بموجب اعترافه بجريمة تقديم الرشوة قوله:
غير أن اعتراف المتهم الأول بجلسة المحاكمة بأنه قدم رشوة إلى المتهم العشرين – الطاعن – فإن المحكمة ترى أن هذا الاعتراف جاء ناقصاً لم يغط جميع وقائع الرشوة ، إذ لم يوضح فيه حقيقة سبب تقديمه للرشوة للمتهم العشرين وما كشفت عنه التحقيقات وأقوال وإقرارات كل من . . . . . و . . . . و . . .. . و . . . واعتراف المتهم الواحد والعشرين بالتحقيقات
وبجلسة المحاكمة وما ارتبط بواقعة الرشوة من وقائع تزوير لقوائم رجال الأعمال والمستثمرين الذين يحق لهم استخدام صالة كبار الزوار ومن ثم فإن المتهم لا يستفيد من الإعفاء المقرر بنص المادة 107 مكرر عقوبات بالنسبة لواقعة تقديم الرشوة للمتهم العشرين . . . .
ومفاد ما سبق أن المحكمة لم تطمئن لما جاء باعتراف المتهم الأول فى خصوص الإعفاء من جريمة الرشوة فأطرحته ، وقد كان من مقتضى عدم اطمئنان المحكمة لهذا الاعتراف ، وإطراحها له عدم التعويل فى الحكم بالإدانة على أى دليل مستمد من هذا الاعتراف
غير أن الحكم المطعون فيه قد عول فى قضائه بالإدانة على اعتراف المتهم الأول فى إدانة الطاعن والذى أطرحته المحكمة فى مجال طلب المتهم الأول إعفائه من عقوبة الرشوة ، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالتناقض الذى يبطله ، مما يوجب نقضه.
(الطعن رقم 42630 لسنة 74ق جلسة 7/6/2005)
لما كان الحكم المطعون فيه فى بيانه لواقعة الدعوى بالنسبة للطاعنين وباقى المحكوم عليهم حسبما استخلصه وقر فى عقيدته قد أطلق الحديث فى جميع الوقائع المنسوبة لواحد وثلاثين متهماً فى عموم ، نعت فيه بإجمال المتهمين بسوء السلوك لارتكابهم جرائم الرشوة والاختلاس وحيازة المخدر والتنقيب على الآثار ونقلهم وتهريبها وغسيل الأموال
ثم عرض لما جاء بالتحريات والتسجيلات وما تلاها من إجراءات وأقوال شهود الإثبات وباقى الأدلة ، دون أن يجمع كل الوقائع المسندة إلى كل متهم فى سياق واحد متصل يكشف فيه عن ظروف وتاريخ كل واقعة ومدى صلتها بغيرها ، للوقوف على مدى تحقق الارتباط فيما بين الوقائع المجرمة ولإعمال أثر ذلك فى تقدير العقوبة بتوقيع أشدها.
(الطعن رقم 42630 لسنة 74ق جلسة 7/6/2005)
حيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه قدم رشوة لموظف عمومى لأداء عمل زعم اختصاصه به بأن قدم للمتهم الأول مبلغ ألفى جنيه على سبيل الرشوة مقابل تعيين نجله بهيئة قناة السويس وطلبت النيابة العامة معاقبته والمتهم الأول عملاً بمواد الإحالة
وانتهى الحكم المطعون فيه إلى إدانة الطاعن والمحكوم عليه الآخر بجريمة النصب عملاً بالمادتين 39 ، 336/1 من قانون العقوبات ودانت المحكمة الطاعن بهذا الوصف دون أن تلفت نظر الدفاع إلى المرافعة على أساسه.
لما كان ذلك
وكان هذا التعديل ينطوى على نسبة الاحتيال إلى الطاعن وهو عنصر جديد لم يرد فى أمر الإحالة ويتميز عن جريمة تقديم رشوة لموظف عام التى أقيمت على أساسها الدعوى الجنائية ، وكان هذا التغيير الذى أجرته المحكمة فى التهمة من تقديم رشوة لموظف عام إلى نصب ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن فى أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراءه بغير تعديل فى التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية
وإنما هو تعديل فى التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن واردة فى أمر الإحالة وهى واقعة النصب مما كان يتعين معه على المحكمة أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل وهى إذ لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالبطلان والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث باقى أوجه الطعن المقدمة من الطاعن والنيابة العامة.
(الطعن رقم 41090 لسنة 74 ق جلسة 3/2/2005)
حيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته تبريراً لرفض الطلب قوله “من حيث إن الواقعة تخلص فى أن ……. كان قد تقدم للنيابة العامة بعريضة طالباً رد إعتباره فى الحكم الصادر ضده فى الجناية رقم 2386 سنة 87 روض الفرج والذى قضى بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1987 بمعاقبته فيها عن تهمة الرشوة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه الف جنيه وبمصادرة المبلغ المضبوط
وتساند فى طلبه إلى أنه قد تم تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه وأنه أفرج عنه فى 6 من اكتوبر سنة 1988 وسدد الغرامة المقضى بها وأرفق بطلبه شهادة صادرة من مصلحة السجون تفيد بدء تنفيذ العقوبة فى 18 من مارس سنة 1987 وأن العقوبة تستوفى مدتها فى 18 من مارس سنة 1990 كما تضمنت شهادة نيابة شمال القاهرة الكلية ما يفيد ذلك”……
وإنتهى الحكم إلى القول:
بأنه لما كان المقرر وفقاً لنص المادة 537 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يجب لرد الاعتبار اقتضاء مدة ست سنوات من تاريخ إكتمال تنفيذ العقوبة المحكوم بها وكان الثابت وفق ما سلف بيانه أن العقوبة المقضى بها تكتمل فى 18 من مارس سنة 1990 ومن ثم فقد تخلف شرط نص المدة المقررة قانوناً مما يتعين معه رفض طلب رد الاعتبار عملاً بنص المادة 548 من قانون سالف الذكر”.
لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق ومن شهادة مصلحة السجون المرفقة أن الطاعن قد نفذ العقوبة وأفرج عنه بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1988 – على خلاف ما تضمنه الحكم بمدوناته – لما كان ذلك ، وكان ينبغى على المحكمة أن تفصل فى الطلب المعروض عليها وفقاً لأحكام القانون الخاصة برد الاعتبار القضائى الوارد فى المواد من 537 – 549 من قانون الإجراءات الجنائية
وتنص الفقرة الثانية من المادة 537 على أنه “يجب لرد الاعتبار أن يكون قد إنقضى من تاريخ تنفيذ العقوبة أو صدور العفو عنها مدة ست سنوات إذا كانت عقوبة جناية أو ثلاث سنوات إذا كانت عقوبة جنحة وتضاعف هذه المدة فى حالتى الحكم للعود وسقوط العقوبة بمضى المدة”.
وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه ، وإذ كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن بحث موضوع الطلب ، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة.
(الطعن رقم 10874 لسنة 65ق جلسة 4/1/2005)
لما كان ما أورده الدفاع من أن أمر الإحالة قد أورد فى وصف التهمة الأولى أن المشغولات الذهبية المضبوطة مهربة من الرسوم الجمركية والضريبية ، فإنه قول مردود بأنه لما كان الجدول المرافق للقانون رقم 68 لسنة 1976 بشأن الرقابة على المعادن الثمينة قد حدد رسوم دمغ المشغولات الذهبية المحلية
وضاعف هذا الرسم على المشغولات الأجنبية الواردة من الخارج مما استلزم من سلطة الاتهام تحديد الرسوم المستحقة على المشغولات المضبوطة تحديداً لعناصر التهمة الثانية ، فضلاً عن رغبتها فى الإشارة إلى الباعث على ارتكاب جريمة الرشوة ، وهو ما لا تأثير له على كيان الجريمة وليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها .
ولا يؤثر فى الأمر ما ورد بقانون الرقابة على المعادن الثمينة سالف الإشارة من اشتراطه تقديم إفراج جمركى مع المشغولات الذهبية أجنبية الصنع حتى يتسنى لمصلحة دمغ المصوغات والموازين دمغها إذ أن ذلك لا يعدو كونه إجراء تنظيمياً ولا يتعلق بقيد يرد على حرية النيابة العامة فى رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها بالنسبة إلى التهم موضوع هذه الدعوى ، ومن ثم يكون الدفع المثار فى هذا الصدد غير سديد .
( الطعن رقم 30639 لسنة 72 ق – جلسة 23/4/2003 )
لما كان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله إلا أن الطلب الذى يعول عليه ويتحقق به مدلوله القانونى وتقع به الجريمة تامة هو ذلك الطلب الذى يصل إلى علم الراشى أو صاحب الحاجة أما قبل ذلك فإنه لا يعدو أن يكون مجرد بدء فى التنفيذ يقف بالجريمة عند حد الشروع .
لما كان ذلك ، وكان البين مما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى – وتحصيلاً لأدلتها – أن الشاهد الأول – المبلغ – بعد أن طلب منه الطاعن تحصيل مبالغ على سبيل الرشوة من المشتركين على نحو ما أشار إليه فى أسبابه أبلغ الشاهد الثانى الذى نصحه بإبلاغ مباحث التليفونات التى أكدت تحرياتها صحة البلاغ واتخذت إجراءات ضبط الطاعن متلبساً بقبض المبالغ التى أعدتها لإيهامه بأنها متحصلة من المشتركين.
ومن ثم فإن أصحاب الحاجة – من هؤلاء المشتركين – لم يصل إلى علمهم طلب الطاعن الحصول منهم على مبالغ على سبيل الرشوة قبل ضبطه مما تقف به الواقعة عند حد الشروع فى طلب الرشوة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين نقضه
ولا يغير من ذلك ما تناهى إليه الحكم فى أسبابه من أن الطاعن طلب وأخذ مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته لأن هذا الأخذ لم يكن متحصلا من المشتركين بل كان مسلماً للمبلغ من الشرطة لضبط الطاعن متلبساً وإقامة الدليل على الطلب الذى لم يبلغ إلا حد الشروع .
ولا محل لإعمال نظرية العقوبة المبررة لأن العقوبة التى وقعت على الطاعن هى الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات تدخل فى حدود العقوبة المقررة لجريمة الشروع فى طلب الرشوة وذلك لأن المحكمة عاملت الطاعن بالمادة 17 من قانون العقوبات مما كان يسمح له – لو فطنت إلى أن الواقعة شروع – أن تنزل بالعقوبة إلى السجن أو الحبس الذى لا ينقص على ستة شهور .
لما كان ذلك ، وكان تقدير العقوبة فى حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة
( الطعن رقم 32520 لسنة 69 ق جلسة 19/5/2002 )
من المقرر أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى طلب الرشوة من أجله من الأمور الموضوعية التى يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادام تقديرها سائغا مستندا إلى أصل ثابت فى الأوراق
وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن – بصفته مهندسا بالإدارة الهندسية لمجلس مدينة …… باستخراج رخص المحلات العامة ورد على دفاعه بنفى اختصاصه فى هذا الشأن وفنده بقوله ” وعن الدفع بانتفاء اختصاص المتهم بقالة عدم وجود دليل على ذلك
فإنه دفع غير سديد ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى وأقوال الشاهد – رئيس الإدارة الهندسية بمجلس مدينة …… وكذا رئيس مجلس المدينة أن المتهم مختص باستخراج رخص المحلات العامة بالإضافة إلى الإشغالات والتنظيم فضلا عن أن الاختصاص قد يتم تحديده شفويا وليس كتابة كما أن أقوال المتهم بالتسجيلات تؤكد أنه مختص باستخراج رخص المحلات العامة ، وأنه تعامل مع المبلغين على هذا الأساس المؤيد بواقع العمل فعلا .
ومن ثم يكون ذلك النعى قد جانب صحيح الواقع والقانون ، وكان ما أورده الحكم فى هذا الخصوص يتحقق به الاختصاص الذى يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة كما استظهر الحكم المطعون فيه إخلال الطاعن بواجبات الوظيفة أخذا مما شهد به المبلغان وشهود الواقعة وتفريغ أشرطة التسجيلات والأوراق والمستندات التى ضبطت لديه ودانه على هذا الاعتبار فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقا صحيحا ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن
( الطعن رقم 20502 لسنة 69 ق – جلسة 16/10/2000 )
من المقرر أيضا أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ، ولا تتوقف على تنفيذ المرتشى الغرض من الرشوة بالفعل باعتباره ليس ركنا فى الجريمة .
لما كان ذلك ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه مجرد عضو فى الجهة المنوط بها الإشراف على أعمال المبلغ وأنه قام بعملية الإشراف بجدية ، وأن ما حصل عليه منه ، وما طالبه به كان مقابل أعمال أداها له ومصاريف فحص العينات ودين أداه عنه – وقد عرض له بحكم وأطرحه بما يسوغه – يكون غير سديد .
( الطعن رقم 30053 لسنة 67 ق – جلسة 17/5/2000 )
من المقرر أنه لا يلزم فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح له – أيهما – بتنفيذ الغرض من الرشوة .
( الطعن رقم 30053 لسنة 67 ق – جلسة 17/5/2000 )
لما كان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ، ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة ، وكان ما خلص إليه الحكم من تبرئة الطاعن من جرائم التزوير فى أوراق رسمية ، واستعمال تلك الأوراق مع علمه بتزويرها لا يتعارض البتة مع توافرها أركان جريمة عرض الرشوة التى أثبتها الحكم فى حق الطاعن كما هى معرفة به فى القانون لاختلاف الرغبتين سالفتى الذكر عن جريمة عرض الرشوة فى عناصرها القانونية وتميزها عنهما ، فإن الحكم المطعون فيه ، إذ دان الطاعن بالجريمة الأخيرة يكون قد صادف صحيح القانون .
( الطعن رقم 10556 لسنة 61 ق – جلسة 8/2/2000 )
أن جريمة الرشوة تتحقق من جانب الموظف – ولو خرج العمل عن دائرة وظيفته – متى كان قد زعم انه من أعمال وظيفته كذبا ، إذ هو حينئذ يجمع بين اثنين الاحتيال والارتشاء ، ومن المقرر أن الزعم بالاختصاص يتوافر ولو لم يفصح به الموظف صراحة ، بل يكفى أداء الموظف استعداد لقيام بالعمل الذى لا يدخل فى نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك منه يفيد ضمنا زعمه بذلك الاختصاص ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد غير سديد .
[ طعن رقم 15196 ، للسنة القضائية 62 ، بجلسة 04/07/1994 ]
لما كان القصد الجنائى فى الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشى عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة انه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وانه ثمن لا تجاوزه بوظيفة أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التى صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة
ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العلامة قدمت للطاعن تنفيذا للإنفاق السابق الذى أنعقد بينه وبين المجنى عليه مقابل قيامه بتحرير كشوف الحساب الختامى عن العمليات التى قام بها المجنى عليه والتى يختص الطاعن بها مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائى كما هو معرف به فى القانون .
[ طعن رقم 9969 ، للسنة القضائية 62 ، بجلسة 17/04/1994 ]
من المقرر فى جريمة عرض الرشوة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات أنه لا جريمة فى الأمر إذا كان العمل المراد القيام به أو الامتناع عنه لا يدخل فى اختصاص الموظف العام ولم يزعم هذا الأخير أنه من اختصاصه ، وكان القول بتوافر الاختصاص بالعمل الذى عرضت الرشوة من أجل القيام به أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التى تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
[ طعن رقم 6763 ، للسنة القضائية 59 ، بجلسة 07/11/1991 ]
لما كانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ، ولو كان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه أو للامتناع عن أدائه غير حق ، ومادام أن زعم الاختصاص يكفى لتمام الجريمة لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركناً فى الجريمة
ولأن الشارع سوى فى نطاق جريمة الرشوة بما استنه فى نصوصه التى استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغال الثقة التى تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها ، وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقا للعقاب حين يتجر فى أعمال الوظيفة على أساس موهوم عنه حين يتجر فيها على أساس الواقع إذ هو يجمع بين اثنين هما الاحتيال والارتشاء .
[ طعن رقم 24880 ، للسنة القضائية 59 ، بجلسة 05/04/1990 ]
لما كان من المقرر أن جريمة الرشوة تتحقق فى جانب الموظف ولو خرج العمل عن دائرة وظيفته بشرط أن يعتقد خطأ أنه من أعمال وظيفته أو يزعم ذلك كذباً ، وبصرف النظر عن اعتقاد المجنى عليه فيما اعتقد الموظف أو زعم إذ هو حينئذ يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء ، ويتوافر الزعم بالاختصاص ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به
إذ يكفى مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذى لا يدخل فى نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك منه يفيد ضمناً زعمه بذلك الاختصاص
وكان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على صدور الزعم بالاختصاص من جانب الطاعن بما أثبته فى حقه من أنه ادعى للشاهد المبلغ أن بوسعه تخفيض الرسوم المستجدة المقررة على عقار والده لقاء مبلغ الرشوة وتناهى إلى مؤاخذته بجريمة الرشوة على أساس الزعم بالاختصاص ، فإن ما يثيره الطاعن فى شأن قصور الحكم فى التدليل على السياق الذى أورده فى أسباب طعنه يكون غير مقترن بالصواب .
[ طعن رقم 14625 ، للسنة القضائية 59 ، بجلسة 18/01/1990 ]
إن مجرد عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة أو وسيطة لا يعد وحده كافياً لوقوع الرشوة كما هى معرفة به قانوناً ولا يجعل من عرضها أو توسط فى عرضها راشياً أو وسيطاً ، ولا يجعل من المعروض ما يصدق عليه وصف ما دفع على سبيل الرشوة ، وقد رأى المشرع تجريم السعى نحو إرشاد الموظف وإفساد ذمته بعرض الرشوة عليه
ولم تكن القواعد العامة بدون نص المادة 109 مكرراً لتؤدى إلى هذه النتيجة ، طالما أن الجريمة التى أراد الراشى الاشتراك فيها لم تقع قانوناً كما وأن الشروع غير متصور فى القانون وهو ما حدا بالشارع إلى النص على اعتبار فعل عرض الرشوة الذى لم يلق القبول ، جريمة خاصة لها ذاتيتها المستقلة عن جريمة الرشوة
وفى حين أن الشارع الفرنسى قد اعتبر جريمة الإرشاء كاملة بمجرد عرض الرشوة ولو لم تصادف قبولاً من المرتشى فإن القانون المصرى قد عاقب على عرض الرشوة دون قبولاً باعتبارها جريمة مستقلة ، وقد حاول مشروع قانون العقوبات الجديدة الأخذ بنظرية القانون الفرنسى فنص المشروع الأول ” المشروع الموحد “
على أن كل من عرض الرشوة على الموظف يعد راشياً ، دون أن يعلق هذا العرض على قبول المرتشى ، إلا أن المشروع الأخير عاد فأخذ بوجهة نظر القانون الحالى – نص المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات – واشترط للعقاب على مجرد عرض الرشوة أن تصادف عدم قبول من الموظف العام .
لما كان ما تقدم
وكانت جريمة عرض الرشوة على الموظف العام المنصوص عليها فى المادة المشار إليها لا تعد جريمة رشوة كما عناها القانون فى تطبيق حكم المادة 110 من ذات القانون وأن لها ذاتيتها المستقلة وتغاير تلك الجريمة ، فإنه يتعين ألا يمتد إليها حكم المصادرة الوجوبية كعقوبة تكميلية مقررة لجريمة الرشوة .
وكان لا يصح فى القانون الاحتجاج بنص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات لأن المصادرة فيها مقررة على سبيل الجواز وليس على سبيل الإلزام . فلا على الحكم إن لم يقض بمصادرة ما عرض من نقود – وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد برىء من عيب مخالفة القانون ، ويضحى نعى النيابة العامة عليه فى هذا الخصوص غير سديد مستوجب الرفض .
[ طعن رقم 1941 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 02/02/1989 ]
لما كان المشرع قد تغيا من الجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً – المطبقة فى الدعوى – تجريم الأفعال التى لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة فى رشوة والتى لا تبلغ حد الاشتراك فى رشوة أو فى شروع فيها والتى لا يؤثمها نص آخر ، وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة و دعاتها ، إلا أنه و قد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله
” كل من عرض أو قبل الوساطة فى رشوة ، فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان فى جريمة من جرائم الرشوة التى إنتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات الخاص بالرشوة ، ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة و فى تحديد الأركان التى يلزم تحقيقها لقيام أى جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما يعادلها من هذا القانون .
لما كان ذلك
فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة و هو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل.
و يلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى – على هذا الأساس – قد اتجهت فى الحقيقة و ليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها ، ذلك بأنه لو أراد الشارع من التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته ، و ليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم المحظور .
لما كان ذلك ، وكان الدفاع المبدى من الطاعنين و المؤسس على أن قصدهما لم ينصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه فى شأنه لو صح أن يؤدى إلى انتفاء القصد الجنائى للجريمة . وكان الحكم المطعون فيه لم يقسط هذا الدفاع الجوهرى حقه فى البحث فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم ، مما يعيبه و يوجب نقضه والإحالة.
( الطعن رقم 1770 لسنة 53 ق ، جلسة 29/11/1983 )
نص الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات التى عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف و من فى حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف
وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائماً أن تجرى على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها
فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص فإذا تقاضى الموظف جعلاً عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخله فى نطاق الوظيفة مباشرة
بل يكفى أن يكون لها إتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة و أن يكون الراشى قد أتجر معه على هذا الأساس ، كما لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو أو الذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة
( الطعن رقم 2696 لسنة 55 ق ، جلسة 19/12/1985 )
إن الشارع قد استهدف بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة – وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً
والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية . فإن كان الجانى موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات ، وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة
[ طعن رقم 209 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 06/12/1988 ]
إن نص المادة 110 من قانون العقوبات وإن جرى على أن ” يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشى أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقاً للمواد السابقة .
وقد أضيفت هذه المادة إلى قانون العقوبات بمقتضى القانون رقم 69 لسنة 1953 الصادر فى 19 فبراير سنة 1953 وما جاء فى مذكرتها الإيضاحية تعليقاً عليه ما نصه :
ونصت المادة 110 من المشروع صراحة على مصادرة ما دفعه الراشى على سبيل الرشوة ، وقد كانت المحاكم تطبق من قبل نص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التى تجيز بصفة عامة الحكم بمصادرة الأشياء التى تحصلت من الجريمة ” والبين من النص فى صريح لفظه وواضح دلالته ،
ومن عبارة المذكرة الإيضاحية أن جزاء المصادرة المنصوص عليه فيه عقوبة ، وهى بهذه المثابة لا توقع إلا فى حق من يثبت عليه أنه قارف الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً ولا تتعدى إلى غيره ممن لا شأن له بها ، وأن الشارع افترض توقيع هذه العقوبة على سبيل الوجوب ، بعد أن كان الأمر فيها موكولاً إلى ما هو مقرر فى الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات من جواز الحكم بها اعتباراً بأن الأشياء التى ضبطت على سبيل الرشوة قد تحصلت من الجريمة
مع ملاحظة التحفظ الوارد فى ذات الفقرة من عدم المساس بحقوق الغير حسن النية ، وبذلك فإن حكم المادة 110 من قانون العقوبات يجب أن يفهم فى ضوء ما هو مقرر فى الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التى توجب كأصل عام حماية حقوق الغير حسن النية .
[ طعن رقم 1941 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 02/02/1989 ]
من المقرر أنه لا يؤثر فى قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشى جاداً فيما عرضه على المرتشى متى كان عرضه الرشوة جدياً فى ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدى منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشى أو غيره ، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذى سعى بنفسه إلى المبلغة وطلب منها مبلغ الرشوة وقدمته إليه بناء على الاتفاق الذى جرى بينهما
فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذى انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة ، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة ، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغة هى التى حرضته على ارتكاب الجريمة بإيعاز من الشرطة لا يكون صحيحاً .
[ طعن رقم 696 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 01/12/1988 ]
لما كان البين مما أورده الحكم أن الطاعن بوصفه مرتشياً قد طلب وأخذ العطية المتمثلة فى مبلغ من النقود لقاء القيام بعمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها على اعتبار أنها ثمن لاتجاره بوظيفته واستغلالها ، وأنه بوصفه عارضاً لرشوة لم تقبل منه حاول إرشاء الموظفين المشار إليهما مع علمه بصفتهما مقابل إتجارهما بوظفيتهما واستغلالها ، وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً فى الدلالة على توافر القصد الجنائى لدى الطاعن فى جريمتى الارتشاء وعرض الرشوة المسندتين إليه فلا يعيب الحكم أنه لم يتحدث استقلالاً عن ركن القصد الجنائى طالما أن قيامه مستفاد من مجموع عباراته
[ طعن رقم 4224 ، للسنة القضائية 57 ، بجلسة 17/11/1988 ]
لا يؤثر فى قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون الراشى جاداً فيما عرضه على المرتشى متى كان عرض الرشوة جدياُ فى ظاهره وكان الموظف قد قبله بقصد تنفيذ ما أتجه إليه فى مقابل ذلك من القيام بعمل من أعمال وظيفته ، ويكون النعى على الحكم بأن الجريمة تحريضية غير سديد ولا على المحكمة إن أغفلت الرد على هذا الدفع ، لأنه دفع قانونى ظاهر البطلان .
[ طعن رقم 4380 ، للسنة القضائية 57 ، بجلسة 18/02/1988 ]
من المقرر أن القانون لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة ، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التى أوردها أن الجعل الذى حصلت عليه الطاعنة كان لاستخراج الشهادات الصحية دون إجراء التحاليل والأشعات المطلوبة لاستخراجها
كما أثبت علاقة الطاعنة بالعمل المتصل بالرشوة بما أورده من قيامها بأعمال كاتب أول مركز الفحوص الطبية وبهذه الصفة تتلقى الطلبات والتى تحول إليها للتأكد من شخص طالب الشهادة الصحية ، وتقيد بياناته الشخصية فى الشهادة الخاصة بذلك ، ثم تعطيه رقم مسلسل بعد التأشير على الطلب من المراقب الصحى أو مدير المركز ، وهو ما لا تمارى فيه الطاعنة بأسباب طعنها ، فإن ما تنعاه على الحكم فى هذا الخصوص يكون على غير أساس .
[ طعن رقم 3872 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 04/10/1988 ]
المقصود بالاختصاص بالعمل فى مجال الرشوة أن يكون لدى الموظف سلطة مباشرة العمل الذى وقع الارتشاء مقابل تحقيقه أو الامتناع عنه وتحدد القوانين واللوائح أعمال الموظف العام التى تدخل فى اختصاصه وقد تتحدد هذه الأعمال بمقتضى أوامر الرؤساء أو تعليماتهم الشفوية المكتوبة ، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى عرضت عليه الرشوة من أجله
هو من الأمور التى يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل صحيح ثابت فى الأوراق .
[ طعن رقم 4346 ، للسنة القضائية 57 ، بجلسة 03/02/1988 ]
لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة بل يكفى لتوافر الاختصاص فى هذه الجريمة أن يكون للموظف نصيب يسمح له بتنفيذ الغرض منها .
ولما كان الثابت مما أورده الحكم أن الطاعن – وهو رئيس قسم الاحتياجات ونائب رئيس مكتب تموين منية النصر – قام بتعيين المتهم الثانى – وهو مفتش تموين – مشرفاً على توزيع حصة الدقيق صورياً
وأدرج بدفتر الإخطارات وسجل الزيارات وبونات صرف الدقيق – على خلاف الحقيقة قيام المتهمين الثانى والثالث بتوزيعها على جمهور المستهلكين ، نفاذاً لما اتفق عليه من التصرف فى الحصة بتسليمها للمتهم الرابع لقاء رشوة قدرها 420 جنيهاً ، فإن الحكم يكون قد أثبت ما يتوافر به الاختصاص الذى يسمح للطاعن بتنفيذ الغرض من الرشوة .
[ طعن رقم 2809 ، للسنة القضائية 57 ، بجلسة 16/11/1987 ]
لما كان الحكم المطعون فيه لم يرد على دفاع الطاعن فى شأن انحسار اختصاصه عن العمل الذى قبل بطلب وأخذ الرشوة من أجله والتفت عنه كلية ولم يبين فى مدوناته البتة اختصاص الطاعن أو حتى وظيفته سوى ما جاء بعجزه بعد أن إنتهى من تسبيبه من قناعته بوصف التهمة التى أحيل به الطاعن للمحاكمة والذى جاء فيه أنه ” أمين بضائع سكك حديد محطة ……”
لما كان ذلك ، وكان اختصاص الموظف بالعمل الذى دفع الجعل مقابلاً لأدائه سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ، ركناً فى جريمة الرشوة التى تنسب إليه ، فيتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه. الأمر الذى يجعل الحكم قاصراً فى البيان.
[ طعن رقم 3855 ، للسنة القضائية 56 ، بجلسة 23/12/1986 ]
لما كان القانون لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة ، بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح أيهما تنفيذ الغرض من الرشوة ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه من عدم اختصاصه وحده باستخراج الصور التنفيذية للأحكام لا ينف أن له نصيباً من الاختصاص بهذا العمل الذى دفعت الرشوة من أجله فإن الحكم إذ دانه بجريمة طلب رشوة للإخلال بواجبات وظيفته يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح .
[ طعن رقم 5911 ، للسنة القضائية 56 ، بجلسة 12/02/1987 ]
إن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله سواء كان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه حقاً أو غير حق ولا يستطيع الموظف أو لا ينتوى القيام به لمخالفته لأحكام القانون لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركناً فى الجريمة
ولأن الشارع سوى فى نطاق جريمة الرشوة بما استنه فى نصوصه التى استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التى تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقاً للعقاب حين يتجر فى أعمال وأن الشارع على أساس موهوم منه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين أثنين هما الاحتيال والارتشاء .
[ طعن رقم 2308 ، للسنة القضائية 54 ، بجلسة 03/01/1985 ]
لما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذى سعى بنفسه إلى رئيس المحكمة المبلغ فى منزله ثم فى الأماكن الأخرى التى اتفقا على اللقاء فيها ، وأنه هو الذى عرض وقدم مبلغ الرشوة بناء على الاتفاق الذى جرى بينهما والطاعن الثانى
فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذى انزلق إلى مقارفة جريمة عرض الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة . وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن الأول بجريمة عرض الرشوة ، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغ هو الذى حرضه على ارتكاب الجريمة ، أو أن الحكم لم يفصح عن الأفعال المادية التى صدرت منه – لا يكون صحيحاً .
[ طعن رقم 2352 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 04/01/1983 ]
من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة أما النعى على الحكم بالتناقض واختلال فكرته عن وقائع الدعوى تأسيساً على أنه أورد فى شق منه أن المجنى عليه استجاب لعرض الرشوة وقبلها ثم أدانته الطاعن الثانى بجريمة عرض رشوة لم تقبل.
فمردود بما هو بين من مدونات الحكم من أنه انتهى إلى الإدانة بناء على يقين ثبت لديه من أن الجريمة القائمة هى جريمة عرض رشوة لم تقبل وإنما تظاهر المبلغ بقبولها ، وما كان إيراده لما أشار إليه الطاعن الثانى بأسباب طعنه إلا بمناسبة استعراضه للوقائع بما لا ينفى هذا التظاهر ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثانى فى هذا الصدد يكون فى غير محله
[ طعن رقم 2352 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 04/01/1983 ]
إنه وإن كان ظاهر نص المادة 96 من قانون العقوبات يوهم أن الركن المادى فى جريمة الرشوة لا يتحقق إلا فى صورة إعطاء الرشوة أى تقديم الشئ المرشو به عيناً إلى الموظف وعدم قبوله إياه فإنه لا ريب فى أن مجرد الوعد الذى لم يقبل كاف أيضاً لتحقيق هذا الركن .
لأن نية الإجرام بمحاولة إفساد ذمة الموظف تتحقق فى صورتى الإعطاء الفعلى والوعد . هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن قبول الموظف فى هاتين الصورتين يجعله هو والراشى واقعتين تحت عقاب المادة 93 ع .
[ طعن رقم 426 ، للسنة القضائية 46 ، بجلسة 31/01/1979 ]
من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق فى أن تستخلص جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق
ولا يشترط أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بضعاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه .
[ طعن رقم 2352 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 04/01/1983 ]
جريمة ارتشاء الموظف المنصوص عليها فى المادة 89 من قانون العقوبات تحقق إما بقبول الموظف وعداً بشئ ما لأداء عمل من أعمال وظيفته أو لامتناعه عن عمل من أعماله وإما بأخذه عطية أو هبة لأى هذين الغرضين . فتنفيذ هذه الجريمة إنما يكون بإيقاع ذلك القبول أو هذا الأخذ . وفى كل من القبول أو الأخذ ينحصر مبدأ التنفيذ ونهايته
[ طعن رقم 24 ، للسنة القضائية 46 ، بجلسة 03/01/1979 ]
لا يشترط القانون لتحقيق جريمة الرشوة أن يكون صاحب الحاجة قد عرض الرشوة على الموظف العمومى بالقول الصريح بل يكفى أن يكون قد قام بفعل الإعطاء أو العرض دون أن يتحدث مع الموظف ما دام قصده من هذا الإعطاء أو العرض – وهو شراء ذمة الموظف – واضحاً من ملابسات الدعوى وقرائن الأحوال فيها ، ومن ثم فإنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره فى شأن التفات الحكم عن الرد على دفاعه القائم على عجزه عن سماع حديث الضابط إليه وما تقدم به من مستندات تأييداً له .
[ طعن رقم 802 ، للسنة القضائية 43 ، بجلسة 26/11/1973 ]
لا يشترط القانون لتحقق جريمة عرض الرشوة أن يكون صاحب الحاجة قد عرض الرشوة على الموظف العمومى بالقول الصريح بل يكفى أن يكون قد قام بفعل الإعطاء أو العرض دون أن يتحدث مع الموظف ما دام قصده من هذا الإعطاء أو العرض – وهو شراء ذمة الموظف – واضحاً من ملابسات الدعوى وقرائن الأحوال فيها .
ومن ثم فإنه ليس من شأن ما استطرد إليه الحكم المطعون فيه من أن التقارير الطبية التى قدمها المتهم قد أفادت بعجزه عن سماع حديث الضابط إليه – بفرض صحته – واستقلال محكمة الموضوع بحرية التقدير فيه أن ينفى واقعة عرض الرشوة على ضابط المباحث على الصورة التى أثبتها وكيل النيابة فى محضره وجرت بها شهادة الضابط
[ طعن رقم 47 ، للسنة القضائية 42 ، بجلسة 05/03/1972 ]
من المقرر أن القصد الجنائى فى الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشى عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التى صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة .
ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذاً للاتفاق السابق الذى انعقد بينه وبين المجنى عليه مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائى كما هو معرف به فى القانون ، فإن ما يثيره الطاعن من أنه أخذ المبلغ ” كوهبة ” لا يكون مقبولاً ويضحى النعى على الحكم بقالة الخطأ فى تطبيق القانون فى غير محله .
[ طعن رقم 517 ، للسنة القضائية 41 ، بجلسة 20/06/1971 ]
استهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ، التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقى أو المزعزم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة .
وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً ، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية ، فإن كان موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات ، وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً من القانون المذكور ، وإذ كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
[ طعن رقم 1131 ، للسنة القضائية 40 ، بجلسة 26/10/1970 ]
رأى المشرع اعتبار العاملين بالشركات المؤممة ، فى حكم الموظفين أو المستخدمين العامين فى تطبيق الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات – ومن بينها الرشوة – حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة 111 من قانون العقوبات فقرة مستحدثة نصت على أنه يعد فى حكم الموظفين العموميين فى تطبيق الجرائم المشار إليها ، مستخدموا الشركات التى تساهم الدولة فى رأس مالها بنصيب ما بأية صفة كانت .
وإذ كان ما تقدم ، وكانت العلاقة القانونية التى ربطت بين الطاعن وشركة أوتوبيس شرق الدلتا فيما أورده الحكم من شروطها ، هى علاقة عمل لتوافر خصيصتى التبعية والأجر اللتين تميزان عقد العمل ، فإنه يكون فى حكم الموظفين العامين فى مجال جريمة الرشوة ، يستوى فى هذا الخصوص أن يكون عقد العمل محدد المدة أو غير محددها .
[ طعن رقم 429 ، للسنة القضائية 40 ، بجلسة 19/04/1970 ]
إذا حصل الاعتراف لدى المحكمة فما دام القانون لم يشترط له أى شرط بل جاء لفظه فيه مطلقاً خالياً عن كل قيد زمنى أو مكانى أو كيفى فلا يجوز أن يضع له القاضى قيوداً من عند نفسه ، بل كل ما له هو أن يتحقق من حصول مدلول لفظ الاعتراف وهو إقرار الشخص بكل وقائع الجريمة وظروفها إقراراً صريحاً لا مواربة فيه ولا تضليل .
فمتى وقع هذا المدلول حق الإعفاء بدون نظر إلى أى أمر آخر . وإذن فللراشى أو الوسيط أن يعترف فى أى وقت لغاية إقفال باب المرافعة لدى محكمة الموضوع واعترافه هذا يعفيه من العقوبة .
[ طعن رقم 73 ، للسنة القضائية 48 ، بجلسة 25/12/1970 ]
لا محل للاستدلال بانحسار صفة الموظف العام عن موظفى الشركات فى موطن الحماية التى أسبغها المشرع على الموظفين العموميين فى المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فى شأن رفع الدعوى الجنائية ، إذ المناط فى قيام هذه الصفة ، الموطن الذى انصرف إليه مراد الشارع ولا يمتد إلى غيره ، ولا قياس فى هذا الصدد .
[ طعن رقم 1947 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 06/04/1970 ]
متى كان مرد التعديل فى مقدار المبلغ موضوع جريمة عرض الرشوة ، هو قصره على المبلغ المدفوع يوم ضبط الواقعة دون المبلغ كله الذى تظاهر الموظف بطلبه وبغير أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ، وهى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم أساساً لقضائه بالإدانة ، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع ، إذ المحكمة لا تلتزم فى مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل فى الوصف .
[ طعن رقم 1874 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 22/03/1970 ]
ليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها ، داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة ، بل يكفى أن يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة ، وأن يكون الراشى قد اتجر معه على هذا الأساس .
[ طعن رقم 1760 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 01/02/1970 ]
الإخلال بواجب الوظيفة ، أما إذا أدى الموظف عمله أو أمتنع عنه أو أخل بواجبات الوظيفة دون أن يسبقه اتفاق مع الراشى على أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال ، ثم طالب بمكافأته ، انطبقت المادة 105 من قانون العقوبات .
[ طعن رقم 199 ، للسنة القضائية 40 ، بجلسة 16/03/1970 ]
إذا كان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه وعد المتهم الأول ، السائق بوزارة السد العالى وهو موظف عام ، بمنحه مبلغاً من المال لنقل كمية من القصب بالسيارة الحكومية المخصص لقيادتها واستظهر الحكم أن عمل المتهم الأول هو قيادة تلك السيارة ، وهو قدر من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة
وكانت أمانة الوظيفة تفرض على سائق السيارة الحكومية ألا يستعملها إلا فى الغرض المخصصة له قضاء مصالح الجهة التابع لها ، وأن ينأى عن السعى لاستغلالها لمصلحته الشخصية ، فإن ما وقع من هذا السائق يعد إخلالاً بواجبات وظيفته فى حكم المادة 104 من قانون العقوبات .
[ طعن رقم 1760 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 01/02/1970 ]
متى كان مؤدى الوقائع التى أوردها الحكم أن عضوى الرقابة الإدارية قد شاهدا بنفسيهما واقعة تسلم المتهم مبلغ الرشوة إلى الموظف المبلغ تنفيذاً لاتفاق سابق بينهما ، فإن الواقعة تكون فى حالة تلبس تجيز لهما إحضار المتهم وتسليمه وجسم الجريمة إلى أقرب مأمور ضبط قضائى عملاً بنص المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فلا جدوى مما يتذرع به المتهم من بطلان إجراءات الضبط لانتفاء المصلحة .
[ طعن رقم 1580 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 18/01/1970 ]
إن اختصاص الموظف بالعمل الذى دفع الجعل مقابلاً لأدائه سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ، ركن فى جريمة الرشوة التى تنسب إليه ، ومن ثم يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره ، وخاصة عند المنازعة فيه ، دون الاجتراء فى الرد بتقريرات قانونية عامة مجردة عن الاختصاص الحقيقى والمزعوم لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم فى شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ، ولا يتحقق بها ما يجب فى التسبيب من وضوح البيان ، مما يجعل الحكم قاصر البيان متعيناً نقضه .
[ طعن رقم 1523 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 17/11/1969 ]
مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجانى لشعوره واختياره فى عمله وقت ارتكاب الفعل ، هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً – على ما تقضى به المادة 62 من قانون العقوبات – لجنون أو عاهة فى العقل دون غيرهما . وإذ كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة ، سلامة إدراك الطاعن وقت ارتكابه للجرائم التى دين بها ووقت اعترافه بارتكابها فى التحقيقات ، فإن النعى عليه فى هذا الصدد لا يكون له محل .
[ طعن رقم 810 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 16/06/1969 ]
من المقرر أنه لا يلزم فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو أو الذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة. ومتى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن أنه مختص بتجميع العطاءات ودراستها وعرضها على المختصين ومعاينة ما يتم اصطناعه من الأعمال والتوقيع على سند الصرف ومقتضى ذلك ولازمه أن له نصيب من الاختصاص بالعمل يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة
ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون سديداً إذ هو لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
[ طعن رقم 547 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 16/06/1969 ]
الأصل أنه متى كان الموظف مختصاً بالعمل فإن الجانى يؤاخذ على الرشوة بغض النظر عما إذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف حقاً أو غير حق ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من أن عرض مبلغ الرشوة إنما كان بقصد درء عمل ظالم قام به المخبران لضبطهما له هو وزميله فى غير الأحوال المصرح بها فى القانون .
[ طعن رقم 628 ، للسنة القضائية 38 ، بجلسة 03/06/1968 ]
تقع جريمة الرشوة تامة بمجرد طلب الموظف الجعل ، أو أخذه أو قبوله ، ولو كان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه غير حق ، ولا يستطيعه الموظف أو لا ينتوى القيام به لمخالفته لأحكام القانون ، ما دام العمل المطلوب فى ذاته وبصورة مجردة داخلاً فى اختصاص الموظف
[ طعن رقم 2004 ، للسنة القضائية 38 ، بجلسة 06/01/1969 ]
متى كانت الواقعة التى إتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد هى أن الطاعن عرض رشوة على موظف عمومى ولم تقبل منه ، هى ذات الواقعة التى تضمنها أمر الإحالة ، وكانت المحكمة قد طبقت مادة القانون على الوجه الصحيح فى واقعة الدعوى وهى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات بدلاً من المادة 106 مكرراً منه التى طلبتها النيابة العامة ، فإن هذا التعديل لا يعطى الطاعن حقاً فى إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع ، إذ أن المحكمة لا تلتزم فى مثل هذه الحالة تنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل فى الوصف ومادة القانون .
[ طعن رقم 810 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 16/06/1969 ]
متى كانت الجريمة التى رفعت بها الدعوى على المتهم وجرت المحاكمة على أساسها هى الجريمة المعاقب عليها بالمادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، والخاصة بإستغلال النفوذ وهى تختلف فى أركانها وعناصرها القانونية عن جريمة الرشوة – القائمة على الإتجار بالوظيفة – التى دانته المحكمة بها بمقتضى المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات .
وكان التغيير الذى أجرته المحكمة فى التهمة على النحو المتقدم ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى المتهم فى أمر الإحالة مما تملك محكمة الجنايات إجراءه فى حكمها إسباغاً للوصف القانونى الصحيح لتلك الأفعال .
وإنما هو فى حقيقته تعديل فى التهمة ذاتها يتضمن إسناد عنصر جديد إلى الواقعة التى وردت فى أمر الإحالة هو الإتجار بالوظيفة على النحو الوارد فى المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات .
وهو تغيير لا تملك المحكمة إجراء إلا فى أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى ويشترط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية
[ طعن رقم 1606 ، للسنة القضائية 38 ، بجلسة 07/10/1968 ]
قضية رشوة مصلحة دمغ المصوغات والموازين
برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ يحيي خليفة ومحمد عيد سالم وعلاء مرسي وعثمان متولي ” نواب رئيس المحكمة ” والسيد/ حازم بدوي ” رئيس النيابة العامة “
( القضية رقم 30639 لسنة 72 قضائية )
المرفوعة من
( 1 ) ………………………..
( 2 ) ………………………..
( 3 ) ………………………..
( 4 ) ………………………..
( 5 ) ………………………..
( 6 ) ………………………..
ضـد
النيابة العامة
الوقـائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في الجناية رقم 769 لسنة 1992 عين شمس ( المقيدة بالجـدول الكلى برقم 17 لسنة 1992 ) بأنهم في يوم 7 من نوفمبر سنة 1991 بدائرة قسم عين شمس- محافظة القاهرة .
( 1 ) المتهمون الثلاثة الأول وآخر قضي بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة لهم بوفاتهم :
- أولا : بصفتهم موظفين عموميين أولهم وزان بمصلحة دمغ المصوغات والموازين وثانيهم رئيس قسم توقيع الدمغات وثالثهم دماغ بمصلحة دمغ المصوغات والموازين طلبوا عطية مقابل إخلالهم بواجبات وظائفهم بأن طلبوا بواسطة الأول من المتهمين من الرابع وحتى الأخير جنيهان ونصف عن كل جرام علي سبيل الرشوة مقابل دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة والمهربة من الرسوم الجمركية والضريبية والبالغ وزنها 974ر31 كيلو جرام ” واحد وثلاثين كيلو جرام وتسعمائة وأربعة وسبعون جراما ” دون سداد رسم الدمغ المقرر علي النحو المبين بالتحقيقات .
- ثانيا : بصفتهم سالفة ذكر شرعوا في تسهيل الاستيلاء بغير حق للمتهمين من الرابع وحتى الأخير علي مبلغ 220ر11453 جنيها ” إحدى عشر ألفا وأربعمائة وثلاثة وخمسين جنيها ومائتي وعشرين مليما ” قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية سالفة الذكر المستحقة لمصلحة دمغ المصوغات والموازين وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو ضبطهم والجريمة متلبسا بها .
- ثالثا : بصفتهم أنفة البيان استحصلوا بغير حق علي أختام المشغولات الذهبية عيار 18 والمملوكة لإحدى المصالح الحكومية – مصلحة دمغ المصوغات والموازين – واستعملوها استعمالا ضارا بالمصلحة العامة بأن قاموا بدمغ جزء من المشغولات الذهبية المضبوطة بلغ وزنه 050ر965ر10 كيلو جرام ” عشرة كيلو جرامات وتسعمائة وخمسة وستين جراما وخمسين مللي جرام ” خارج المصلحة دون سداد الرسم المقرر .
( 2 ) المتهمون من الرابع للأخير وآخر سبق الحكم عليه غيابيا :
- أولا : قدموا للمتهمين من الأول وحتى الثالث وعدا بعطية مقابل إخلالهم بواجبات وظائفهم بأن قدموا لهم عن طريق المتهم الأول وعدا بدفع مبلغ جنيهان ونصف عن كل جرام مقابل قيامهم بدمغ المشغولات الذهبية المضبوطة والبالغ وزنها 974ر31 كيلو جرام ” واحد وثلاثين كيلو جرام وتسعمائة وأربعة وسبعين جراما ” بأختام مصلحة دمغ المصوغات والموازين دون سداد الرسم المقرر .
- ثانيا : اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول وحتى الثالث في ارتكاب جناية الشروع في تسهيل الاستيلاء المسندة إليهم بأن اتفقوا معهم علي ارتكابها وساعدوهم في ذلك بأن قدموا إليهم المشغولات الذهبية الأجنبية المهربة المبينة وصفا وكما بالأوراق لدمغها بأختام مصلحة دمغ المصوغات والموازين دون سداد رسم الدمغ المستحق عليها فوقعت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق وتلك المساعدة علي النحو المبين بالتحقيقات .
- ثالثا : اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول حتى الثالث في الاستحصال بغير حق علي أختام إحدى المصالح الحكومية – مصلحة دمغ المصوغات والموازين – واستعمالها استعمالا ضار بمصلحة عامة بأن اتفقوا معهم علي الحصول علي هذه الأختام واستخدامها دون حق وقدموا إليهم مشغولاتهم الذهبية المشار إليها آنفا لختمها بها خارج المصلحة ودون سداد رسم الدمغ المقرر فوقعت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق وتلك المساعدة علي النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلي محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 18 من يونية سنة 1992 ببراءتهم مما هو منسوب إليهم .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ( قيد برقم 17520 لسنة 62 القضائية ) وتلك المحكمة – محكمة النقض – قضت في الأول من مارس سنة 2000 بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلي محكمة أمن الدولة العليا لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة – قضت حضوريا في 15 من مايو سنة 2002 عملا بالمواد [ 40/2-3 ، 41 ، 45 ، 46 ، 103 ،104 ، 107مكرر ، 113/3 ، 115 ، 116مكررا ، 118 ] من قانون العقوبات مع أعمال المادتين [32،17] من ذات القانون بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبتغريمه ألفي جنيه وبعزله من وظيفته ، وبمعاقبة كل من الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألفي جنيه وبعزله من وظيفته ، وبمعاقبة كل من الرابع والخامس والسادس بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهم ألفي جنيه وبمصادرة المشغولات الذهبية المضبوطة .
فطعن المحكوم عليهم من الأول حتى السادس في هذا الحكم بطريق النقض ( قيد بجدول محكمة النقض برقم 30639 لسنة 72 قضائية ) .
وبجلسة 11 من ديسمبر سنة 2002 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة 8 من يناير سنة 2003 لنظر الموضوع وعلي النيابة إعلان المتهمين وشهود الإثبات .
وبجلستي 8 من يناير سنة 2003 ، 26 من فبراير سنة 2003 نظرت الدعوى علي النحو الثابت بمحضري الجلسة وقررت حجزها للحكم بجلسة اليوم
المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة المداولة قانونا .
من حيث أن واقعة الدعوى – حسبما استقرت في يقين المحكمة مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة – تخلص في أن
التحريات السرية التي أجراها …… عضو هيئة الرقابة الإدارية قد أسفرت عن أن المتهم الأول الذي يعمل وزانا بمصلحة دمغ المصوغات والموازين يقوم مع بعض زملائه بهذه المصلحة ومن بينهم المتهم الثالث بدمغ المشغولات الذهبية أجنبية الصنع لحساب بعض تجار المصوغات ومن بينهم المتهم الرابع السابق الحكم عليه ، وذلك خارج مقر المصلحة ويدمغوها بأختامها لقاء مبالغ مالية علي سبيل الرشوة ، وأن دمغ المصوغات يتم بداخل مسكن المتهم الأول الكائن بشارع …… عين شمس .
كما أسفرت التحريات عن أن المتهم الأول يتقاضي مبلغ جنيهين ونصف مقابل دمغ الجرام الواحد من المشغولات الذهبية فاستحصل مجري التحريات علي إذن من النيابة العامة بتفتيش مسكن المتهم الأول لضبط أي مشغولات ذهبية يجري دمغها بطريقة غير مشروعة وكذا الأختام والأدوات المستخدمة في هذا الدمغ .
وبتاريخ 7 من نوفمبر سنة 1991 أسفرت التحريات أيضا عن أن المتهم الأول قد تسلم كمية من المشغولات الذهبية أجنبية الصنع من المتهمين من الرابع وحتى الأخير بالإضافة إلي المتهم السابق الحكم عليه ، وأنه سيتم دمغ هذه المصوغات بمسكنه المأذون بتفتيشه بمعاونة المتهمين الثاني والثالث ، وذلك بعد أن أحضر المتهم الثاني أختام وأدوات الدمغ التي بعدته من داخل المصلحة .
وعندما تأكد محرر محضر التحريات من اجتماع المتهمين الثلاثة الأول بداخل المسكن جري مساهمته حيث وجدوا هؤلاء المتهمين وعهم المتهم السابق الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له – بوفاته – داخل حجرة نوم وعلي منضدة أمامهم مشغولات ذهبية أجنبية الصنع وزنت نحو واحد وثلاثين كيلو جرام وتسعمائة تم دمغ جزء منها وكان يجري دمغ الجزء الباقي باستعمال أختام وأدوات الدمغ الخاصة بالمصلحة ، فجري ضبط تلك الأشياء بحجرة أخرى مبالغ مالية متنوعة وكمية ضئيلة من المشغولات الذهبية تبين فيما بعد ملكية المتهم الأول لها .
ومن حيث أن الواقعة علي النحو المبين بيانه قد قام الدليل علي صحتها وثبوتها في حق المتهمين الستة ،وذلك من شهادة كل من وما قرره المتهم الخامس بجلستي المحاكمة ، ومن اعتراف المتهم السادس بارتكابه الواقعة .
فقد شهد …… عضو هيئة الرقابة الإدارية بأن تحريات السرية أسفرت عن قيام بعض تجار الذهب من بينهم المتهمين من الرابع حتى الأخير بالاتفاق مع المتهم الأول الذي يعمل وزانا بمصلحة دمغ المصوغات والموازين علي القيام بدمغ بعض المشغولات الذهبية أجنبية الصنع بأختام المصلحة وبطريقة غير مشروعة بداخل مسكنه ، وبمعاونة المتهمين الثاني والثالث والمتهم الذي سبق الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له بوفاته ،
وذلك بعد أن ينقل المتهم الثاني الأختام والأدوات التي بعدته من مقر المصلحة إلي مسمن المتهم الأول حتى يتسنى دمغ هذه المشغولات ، وأن ذلك العمل يتم لقاء رشوة حدد مقدارها بمبلغ جنيهين ونصف لكل جرام يتم دمغه ، وبعد أن علم من الشاهد الثالث باجتماع المتهمين الثلاثة الأول والمتهم الذي توفي بداخل المسكن مساء يوم 7 من نوفمبر سنة 1991 كلف الشاهد الثاني بطرق باب المسكن – المأذون بتفتيشه – ودخوله بصفته طبيبا ،
ثم تبعه وباقي أفراد القوة حيث وجد المتهمين سالفي الذكر بإحدى حجرات المسكن وأمامهم فوق منضدة كمية من المشغولات الذهبية أجنبية الصنع وزنت نحو واحد وثلاثين كيلو جرام وتسعمائة جرام ، تم دمغ جزء منها باستعمال أختام وأدوات الدمغ الخاصة بالمصلحة ، فجري ضبط هذه المشغولات والأدوات ، وبمواجهته المتهم الأول أنكر ما أسند إليه وقرر بأن المشغولات الذهبية المضبوطة ملك له .
وشهد عضو الرقابة الإدارية بأنه كلف من الشاهد الأول مساء يوم 7 من نوفمبر سنة 1991 بطرق باب مسكن المتهم الأول ودخوله بصفته طبيبا ثم تبعه الشاهد الأول وباقي أفراد القوة حيث جري ضبط الواقعة علي النحو الوارد بمضمون ما شهد به الشاهد السابق .
وشهد عضو الرقابة الإدارية بأنه كلف من الشاهد الأول بتاريخ 7 من نوفمبر سنة 1991 بمراقبة مسكن المتهم الأول الكائن بدائرة عين شمس ، وما أن شاهد المتهمين الثاني والثالث والمتهم الذي توفي ، يتوجهون إلي المسكن ، حتى أخطر الشاهد الأول بذلك ، فجري دخول المسكن حيث تبع قوة الضبط وتم ضبط الواقعة علي النحو الوارد بمضمون ما شهد به الشاهد الأول .
وشهدت الموظفة بمصلحة دمغ المصوغات والموازين بأنها كلفت برئاسة لجنة من قبل رئيس المصلحة بجرد عهدة المتهم الثاني فاكتشفت وجود نقص في عهدة عيارات الدمغ .
وشهد وكيل إدارة تفتيش دمغ المصوغات بأنه كلف برئاسة لجنة لفحص المشغولات الذهبية المضبوطة بمسكن المتهم الأول ، فتبين له أن وزن تلك المشغولات واحد وثلاثون كيلو جرام وتسعمائة وأربعة وسبعون جراما من المشغولات الذهبية أجنبية الصنع وأنه تم دمغ نحو ثلثها بخاتم عيار 18 المصري والباقي غير مدموغ .
وقرر المتهم وكيل قسم توقيع الدمغة ، الذي سبق الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له بوفاته ، وذلك في التحقيقات التي أجريت بسراي النيابة بأن العمل بالمصلحة يجري علي تقدم صاحب الشأن بالمشغولات الذهبية المراد دمغها بتسليمها لقسم الوزن ثم تحال إلي قسم العينات لاتخاذ بعض الإجراءات الفنية ، وعقب التأكد من مطابقة العيار ترسل إلي قسم توقيع الدمغة لدمغها.
وان المشغولات الذهبية أجنبية الصنع لا يتم دمغها ألا بعد تقديم الإفراج الجمركي عنها ، وأضاف بأنه في يوم الضبط توجه مع المتهم الثاني إلي مسكن المتهم الأول ، فوجد المتهم الثالث به يقوم بدمغ مشغولات ذهبية أجنبية الصنع بأختام وأدوات المصلحة مما في عهدة المتهم الثاني والمحظور خروجها من داخل المصلحة .
وقرر المتهم الخامس أمام محكمة بأنه سلم المتهم الأول سبعة كيلو جرامات من المشغولات الذهبية المضبوطة لدمغها غير أنه لم يطلب منه دمغها خارج المصلحة .
ومن حيث أن المتهم السادس قد بجلسة المحاكمة الأخيرة اعترافا مكتوبا صادرا منه ضمنه أنه سلم المتهم الأول نحو سبعة كيلو جرامات من المشغولات الذهبية أجنبية الصنع لدمغها بخاتم المصلحة دمغ المصوغات والموازين مقابل وعده بأن يدفع له مبلغ جنيهين ونصف عن كل جرام .
ومن حيث أن المتهمين الأول والثالث أنكر بجلسات المحاكمة ما أسند إليهما وطلب المدافع عنهما الحكم بعد جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في جناية الكسب غير المشروع رقم 1314 لسنة 1992 عين شمس السابق القضاء فيها بالبراءة ودفع ببطلان اعتراف المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة لإطالة أمد الاستجواب الذي تم بداخل مقر الرقابة الإدارية دون أن يفصح المحقق عن شخصيته .
وأن المتهم الأول طلب من النيابة العامة إعادة استجوابه للإدلاء بالحقيقة غير أنها رفضت ذلك مما دفعه للإضراب عن الطعام ، كما دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة ، وببطلان اعتراف المتهمين الثاني والثالث لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي ، ودفع ببطلان التسجيلات التي تمت في الدعوى والدليل المستمد منها ، وبعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم صدور طلب جمركي برفعها وبعدم توافر أركان جريمة تسهيل الاستيلاء ولذلك لعدم دخول المال في ذمة الدولة المالية ، ونازع في صحة وصف جريمة الرشوة
ومن حيث أن المتهم الثاني أنكر ما أسند إليه بجلسات المحاكمة وشرح المدافع عنه ظروف الواقعة وأحال إلي دفاعه السابق كله في مراحل المحاكمة السابقة والذي يوجز في عدم جدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش ولصدوره عن جريمة مستقبلة وبطلان التسجيلات الهاتفية التي تمت في الدعوى ، وبطلان اعترافات المتهمين بتحقيقات النيابة لتعمد المحقق إطالة أمد التحقيق وعدم إفصاحه عن أن النيابة العامة تباشر التحقيق ، وعدم معقولية الواقعة .
ومن حيث أن المتهم الخامس أنكر ما أسند إليه طوال مراحل التحقيق ألا أنه بجلستي المحاكمة الأخيرتين أقر بأنه سلم المتهم الأول سبعة كيلو جرامات من المشغولات الذهبية أجنبية الصنع وذلك لدمغها غير أنه لم يطلب منه دمغها خارج نطاق مصلحة دمغ المصوغات والموازين ، ودفع الحاضر معه ببطلان تحقيق النيابة العامة لطول أمده وإرهاق المتهمين وببطلان التسجيلات لتنصت مجريها وآخرين عليها والدليل المستمد منها ، وبانتفاء القصد الجنائي لدي المتهم .
ومن حيث أن المتهم الرابع أنكر ما أسند إليه ، وردد الحاضر معه الدفوع التي أبداها الآخرين بالنسبة لبطلان إذون التفتيش لعدم جدية التحريات التي بنيت عليها ولصدورها عن جريمة مستقبلة وعدم صدور طلب جمركي برفع الدعوى الجنائية وبطلان التسجيلات الهاتفية لصدور الإذن بها من غير مختص لوجود فارق بين قاضي التحقيق والقاضي الجزئي ولتنصت مجريها عليها دون أن يكون مأذونا بذلك ، ولعدم تحرير محضر مستقل عن كل تسجيل ، وبطلان تفتيش مسكن المتهم الأول لأنه تم بطريقة الحلية ، ودفع بحجية حكم البراءة في قضية الكسب غير المشروع بالنسبة لباقي المتهمين لأنه بني علي أسباب عينية
ومن حيث أن المتهم السادس قدم بجلسة المرافعة الأخيرة إقرار مكتوبا تضمن اعترافه بارتكاب الواقعة وطلب المدافع عنه أعمال أثره طبقا لنص المادة [107] من قانون العقوبات ، وطلبت أصليا البراءة عن تهمة الرشوة إذ أن ما أسند إلي المتهم لا عقاب عليه ودفع بعدم تمتع أعضاء الرقابة الإدارية بصفة الضبط القضائي ، ومن ثم بطلان ما قدموا به من إجراءات في الدعوى .
ومن حيث أنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في جناية الكسب غير المشروع رقم 1314 لسنة 1992 عين شمس فأنه في غير محله
وذلك أن البين من محضر ضبط الواقعة أنه تم ضبط واحد وثلاثين كيلو جرام وتسعمائة جرام من المشغولات الذهبية أجنبية الصنع – محل الاتهام في القضية الماثلة – أثناء دمغها بأختام مصلحة دمغ المصوغات والموازين ، كما ضبط داخل حجرة أخري بالمسكن مبلغ مائة وعشرين ألفا ومائتين وستين جنيها مصريا ، ومبلغ ألف دولار أمريكي ، ومبلغ ألف وستمائة وخمسة وثلاثين ريال سعودي ومشغولات ذهبية تزين 9ر208 جرام وأربع ساعات يد وكانت تلك المضبوطات داخل خزينة حديدية .
كما عثر علي مبلغ أربعة وعشرين ألفا ومائة وعشرة جنيهات مصرية ، ومشغولات ذهبية تزن مائة وخمسين جراما ، وقد تبين من الإطلاع علي جناية الكسب غير المشروع رقم 1314 لسنة 1992 عين شمس المضمومة أنها خصصت عن المبالغ المالية سالفة الإشارة وما ضبط معها من مصوغات بالإضافة إلي سيارة ماركة فولكس واجن وشقة سكنية بمدينة نصر مملوكتين للمتهم الأول .
وقد أحيل هذا المتهم بأمر إحالة إلي محكمة القاهرة باعتبار أنه حصل لنفسه علي كسب غير مشروع بسبب استغلال وظيفته مما أدي إلي زيادة طارئة في ثروته قدرها مائتان وسبعون ألفا وثلاثة وستون جنيها وألف دولار أمريكي وألف وستمائة وخمسة وثلاثون ريال سعودي وبتاريخ 15 من مايو سنة 1993 قضت محكمة جنايات القاهرة حضوريا ببراءة المتهم الأول من التهمة المسندة إليه تأسيسا علي اطمئنان المحكمة إلي ما خلص إليه تقرير مكتب خبراء وزارة العدل من ثبوت مشروعية مصدر عناصر ثروة المتهم 0
لما كان ذلك
وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها التي كانت محلا للحكم السابق ، ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد ، إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة بما يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منهما ، كما أنه من المقرر أنه يجب لقبول الدفع بقوة الشيء المحكوم به أن يكون موضوع الدعوى الثانية هو نفس موضوع الدعوى السابق الفصل فيها .
لما كان ذلك
وكان البين من جناية الكسب غير المشروع أن موضوعها مغاير لموضوع الدعوى الماثلة التي خصصت لمحاكمة المتهم الأول وباقي المتهمين عن واقعة القيام بالشروع في دمغ مشغولات ذهبية أجنبية الصنع بلغ وزنها واحد وثلاثون كيلو جراما وتسعمائة جرام بطريقة غير مشروعة مقابل رشوة ، ومن ثم تتحقق المغايرة بين الواقعتين التي يمتنع معها إمكان القول بوحدة السبب في كل منهما بما يكون معه الدفع المثار في هذا الصدد علي غير أساس من الواقع أو القانون .
ومن حيث أنه عن الدفع بعدم تمتع أعضاء الرقابة الإدارية بصفة الضبط القضائي فأنه مردود بدوره بأن
المادة [23] من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن عينت الموظفين الذين يعتبرون من مأموري الضبط القضائي وأجازت لوزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين تلك الصفة بالنسبة إلي الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم ، اعتبرت في فقرتها الأخيرة النصوص الواردة في القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص .
ولما كانت الفقرة (ج) من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية المعدل بالقانون رقم 71 لسنة 1969 ، قد نصت علي أن الرقابة الإدارية تختص : بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التي تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها .
كما تختص بكشف وضبط الجرائم التي تقع من غير العاملين والتي تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة وذلك بشرط الحصول علي إذن كتابي من النيابة العامة قبل اتخاذ الإجراءات …… .
وكانت المادة [61] من القرار بقانون سالف الإشارة قد نصت علي أنه ” يكون لرئيس الرقابة الإدارية ونائبه ولسائر أعضاء الرقابة الإدارية ولمن يندب للعمل عضوا بالرقابة سلطة الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية العربية المتحدة ، ولهم في سبيل مباشرة اختصاصاتهم مزاولة جميع السلطات التي خولها صفة الضبطية القضائية المقررة لبعض الموظفين في دائرة اختصاصهم .
لما كان ما تقدم
فأنه علي هدي النصوص القانونية سالفة الإشارة ، يكون القانون قد أضفي علي أعضاء الرقابة الإدارية صفة الضبط القضائي بالنسبة إلي كافة الجرائم التي تقع مع العاملين ، أو من غير العاملين مادامت تلك الأفعال المسند إلي المتهمين ارتكابها تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة العامة ، وهو ما تحقق في الدعوى الراهنة بالنسبة لجميع المتهمين ومن ثم يكون الدفع المبدي في هذا الشأن علي غير أساس .
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش وبطلان رفع الدعوى الجنائية قبل المتهمين لعدم وجود طلب جمركي أو ضريبي باعتبار أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة تهرب من سداد الرسوم الجمركية والضريبية حسبما ورد بقرار الإحالة ، فأنه أيضا مردود بأنه
لما كانت المادة الأولي من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقا للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد ألا في الأحوال الاستئنافية التي نص عليها القانون ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى قبل المتهمين بعد أن باشرت إجراءات التحقيق فيها عن جرائم الرشوة والشروع في الاستيلاء بغير حق علي مال عام والحصول بغير حق علي أختام الدولة واستعمالها بالمخالفة لأحكام المواد [ 103 ، 104 ، 113 ، 207 ] من قانون العقوبات .
وكان هذا القانون قد خلا من أي قيد علي حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها في تلك الجرائم وهي جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركي والضريبي مما لا يستلزم لتحريك الدعوى الجنائية بشأنها الحصول علي إذن من مصلحتي الجمارك أو الضرائب.
وكان ما أورده الدفاع من أن أمر الإحالة قد أورد في وصف التهمة الأولي أن المشغولات الذهبية المضبوطة مهربة من الرسوم الجمركية والضريبية ، فأنه قول مردود بأنه
لما كان الجدول المرفق للقانون رقم 68 لسنة 1976 بشأن الرقابة علي المعادن الثمينة قد حدد رسوم دمغ المشغولات الذهبية المحلية ، وضاعف هذا الرسم علي المشغولات الأجنبية الواردة من الخارج مما استلزم من سلطة الاتهام تحديد الرسوم المستحقة علي المشغولات المضبوطة تحديدا لعناصر التهمة الثانية.
فضلا عن رغبتها في الإشارة إلي الباعث علي ارتكاب جريمة الرشوة ، وهو ما لا تأثير له علي كيان الجريمة وليس ركنا من أركانها أو عنصرا من عناصرها ، ولا يؤثر في الأمر ما ورد بقانون الرقابة علي المعادن الثمينة سالف الإشارة من اشتراطه تقديم إفراج جمركي مع المشغولات الذهبية أجنبية الصنع حتى يتسنى لمصلحة دمغ المصوغات والموازين دمغها إذا أن ذلك لا يعدو كونه إجراء تنظيميا ولا يتعلق بقيد يرد علي حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها بالنسبة إلي التهم موضوع هذه الدعوى ، ومن ثم يكون الدفع المثار في هذا الصدد غير سديد .
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان تفتيش مسكن المتهم الأول لحدوثه بطريق الحيلة والخداع بأن انتحل الشاهد الثاني صفة طبيب لكي يتمكن من دخول المسكن ، فأنه مردود بأنه
من المقرر أن لمأموري الضبط القضائي إذا ما صدر إليهم إذن من النيابة العامة بإجراء تفتيش أن يتخذوا ما يرونه كفيلا بتحقيق الغرض منه دون أن يلتزموا في ذلك طريقة بعينها ماداموا لا يخرجون في إجراءاتهم علي القانون ، ويكون لهم تخير الظرف المناسب لإجرائه وبطريقة مثمرة ، ومن ثم فلا تثريب علي مأمور الضبط القضائي المنتدب للتفتيش – في هذه الدعوى – فيما قام به لتنفيذ الإذن مادام قد رأي ذلك وسيلة مثمرة لدخول مسكن المتهم الأول المأذون بتفتيشه .
ومن حيث أنه عن كافة الدفوع المبداة من الدفاع عن المتهمين ببطلان التسجيلات الهاتفية والدليل المستمد منها علي اختلاف أسانيدها ، فأنها مردودة بأن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها ألا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ولما كانت المحكمة لم تعول – في قضائها – علي أي دليل مستمد من تلك التسجيلات فأنها ليست بحاجة للرد علي هذه الدفوع .
ومن حيث أنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها استنادا إلي القول بأنها جاءت قاصرة وخلت من الإشارة إلي وجود أي دور للمتهمين الخامس والسادس بالواقعة ، أو وجود صلة بين المتهمين الثاني والثالث وبين المتهمين من الرابع حتى الأخير ، وأنه صدر لضبط جريمة مستقبلة ، فهذا الدفع بشقيه مردود بأنه
لما كان الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره ألا لضبط جريمة – جناية أو جنحة – واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلي متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنة أو لحريته الشخصية .
لما كان ذلك
وكان مفاد نص المادتين [ 103 ، 104 ] من قانون العقوبات ، أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة علي أداء العمل مقابل الجعل ، فأن جريمة الرشوة تكون قد وقعت ، يستوي في ذلك أن يكون العطاء سابقا أو معاصرا لأداء العمل أو لاحقا عليه مادام أداء العمل كان تنفيذ لاتفاق سابق ، إذ أن نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة تكون قائمة من البداية .
لما كان ذلك
وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذي يستقل به قاضية بغير معقب ، وكانت هذه المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر بعد أن أوردت التحريات قيام المتهم الأول الموظف بمصلحة دمغ المصوغات والموازين بالاتفاق مع بعض تجار الذهب ومن بينهم المتهم الرابع والمتهم الذي سبق الحكم بإدانته علي دمغ كمية من المشغولات الذهبية بطريقة غير مشروعة مقابل جعل
وأنه سيقوم بارتكاب هذا الفعل بمسكنه بمعاونة بعض زملائه من موظفي المصلحة ، ولا يقدح في جدية هذه التحريات عدم تحديدها لأشخاص بعض المتهمين واكتشاف شخصياتهم فيما بعد .
إذ أنه من المقرر أنه الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها ، ومن ثم تخلص المحكمة إلي جدية التحريات وأن المر بالتفتيش إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقار فيها لا لضبط جريمة مستقبلة ، ذلك لأن نية الاتجار بالوظيفة في واقعة الدعوى كانت قائمة من البداية حال تقدم رجل الضبط بهذه التحريات .
ومن حيث أنه عما أثاره المتهم الخامس من أنه لم يطلب من المتهم الأول دمغ المشغولات الذهبية أجنبية الصنع المسلمة إليه خارج نطاق مصلحة دمغ المصوغات والموازين فأنه مردود
بأن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها ما تراه مطابقا للحقيقة ، وكانت المحكمة تطمئن إلي قيام المتهم الخامس بتسليم المتهم الأول كمية من المشغولات الذهبية أجنبية الصنع لدمغها خارج نطاق المصلحة علي نحو ما أسفرت عنه التحريات وأقوال مجريها ومن اعتراف المتهم الأخير بذلك ومن ثم يكون دفاع المتهم في هذا الصدد غير سديد .
لما كان ذلك
وكان من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها علي بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلي أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وترتيبا علي ما تقدم فأن المحكمة تستخلص قيام المتهمين من الرابع حتى الأخير ومعهم المتهم الذي سبق الحكم بإدانته بتسليم المتهم الأول المشغولات الذهبية المضبوطة لدمغها بطريقة غير مشروعة خارج نطاق مصلحة دمغ المصوغات والموازين لقاء جعل .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أيضا أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد علي ذلك مادام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلي أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها ، ومن ثم فأن المحكمة ليست بحاجة للرد علي دفاع المتهمين الموضوعي .
ومن حيث أنه عما أثاره المدافع عن المتهم الأول من عدم توافر جريمة الرشوة في حقه استنادا إلي القول بأنه لا يختص بدمغ المشغولات وأن عمله مجرد وزان ، فأنه في غير محله ،
وذلك لأنه من المقرر أنه ر يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخله في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها وأن يكون من طلب منه الرشوة قد اتجر معه علي هذا الأساس ، وإذ كان المتهم الأول يعمل وزانا بمصلحة دمغ المصوغات والموازين وأن القسم الذي يعمل به يتلقي في البدء المشغولات الذهبية المراد دمغها ويقوم بوزنها قبل عرضها علي الأقسام الأخرى لاتخاذ بعض الإجراءات الفنية ثم ترسل أخيرا إلي قسم توقيع الدمغة لدمغها.
وكان الثابت مما سلف إيراده من أدلة في الدعوى أن المتهم الأول قد اتفق مع المتهمين الثاني والثالث العاملين بقسم توقيع الدمغة بذات المصلحة التي يعمل بها علي دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة بطريقة غير مشروعة لقاء جعل متفق عليه مع المتهمين من الرابع حتى الأخير فأن ذلك يعقد له الاختصاص بما قبل الرشوة من أجله
ومن حيث أنه عما أثاره المتهم السادس من أن ما أسند إليه في تهمة الرشوة هو فعل بمنأى عن التأثيم تأسيسا علي القول بأن القانون لا يعاقب علي جريمة عرض رشوة ألا إذا كان العرض لم يقبل عملا بنص المادة [109مكرر] من قانون العقوبات ، فأنة مردود بأنة
لما كان الشارع قد تغيا من النصوص في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات الخاص بالرشوة ؛ تجريم الاتجار بالوظيفة العامة ، وان مقتضى فكرة الرشوة تواجد طرفين هما المرتشي وهو الموظف العام ، والراشي وهو صاحب المصلحة ، ولا تتم قانونا إلا بإيجاب من الراشي وقبول من جانب المرتشي ، وتعتبر الجريمة في هذا الصدد مشروعا إجراميا واحدا فاعلها هو المرتشي ، أما الراشي فهو ليس إلا شريكا فيها يستمد إجرامة من الفعل الذي يساهم فيه .
وهو ما أراد الشارع من اقتصاره من النص في المادة 107 مكرر من قانون العقوبات على عقوبة الراشي دون التعريف بجريمته ؛ اكتفاء بالرجوع إلى القواعد العامة من اعتباره شريكا في جريمة الرشوة التي قبلها الموظف العام ؛ وان ما أوردة الشارع في المادة 109 مكرر من قانون العقوبات بالنص على أنة من عرض رشوة ولم تقبل منة يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيها ولا تزيد على ألف جنية وذلك إذا كان العرض حاصلا لموظف عام …… .
فهو رغبة المشرع في إيراد هذه الجريمة الخاصة اعتبر الراشي فيها فاعلا اصليا في جريمة مستقلة هي جريمة عرض رشوة دون قبولها وهى جريمة لا يسهم الموظف العام فيها بأي دور وقصد منها محاربة السعي إلى إفساد ذمته وهى غير الصورة الواردة بواقعة الدعوى والمؤثمة بنص المادتين 104 ؛ 107 مكرر من قانون العقوبات والتي تتحصل في قيام المتهمين الثلاثة الأول – موظفي مصلحة دمغ المصوغات والموازيين – بالإخلال بواجبات الوظيفة لقاء جعل من المتهمين من الرابع حتى الأخير ؛ ومن ثم فلا مجال لتطبيق نص المادة 109 مكرر من قانون العقوبات .
ومن حيث أنة عن الدفع ببطلان اعتراف المتهم الأول
بتحقيقات النيابة العامة نظرا لا طالة أمد التحقيق وإرهاقه ؛ وعدم احاطتة علما بان النيابة العامة هي التي تباشر التحقيق ؛ فانه لما كان البين من محضر ضبط الواقعة وتحقيقات النيابة العامة أنة في الساعة 7 من مساء يوم الخميس الموافق 7 من نوفمبر سنة 1991 م جرى مداهمة مسكن المتهم الأول وتفتيشه ؛ وحرر محضر ضبط الواقعة في الساعة 10.45 من مساء اليوم ذاته واختتمه محررة بعرض المتهمين والإحراز على النيابة العامة بمقر هيئة الرقابة الإدارية بإثبات الإطلاع على محاضر التحريات وأذون التفتيش ومحضر ضبط الواقعة .
ثم بدأ المحقق التحقيق بسؤال شاهد الإثبات الأول في غيبة المتهمين ودون استدعائهم إلي حجرة التحقيق ، وعقب الانتهاء من سؤال محرر محضر الضبط أورد المحقق أنه بمناسبة تواجد المتهمين بمقر هيئة الرقابة الإدارية ، قد استدعي المتهم الثاني وسأله مباشرة عن الواقعة دون احاطته في البدء بالتهمة المسندة إليه وبأن النيابة العامة هي التي تباشر التحقيق .
وعقب الانتهاء من استجواب هذا المتهم أمر بإخراجه من حجرة التحقيق ، ثم استدعي المتهم الأول حيث استجوبه مباشرة بالكيفية التي تمت مع المتهم السابق ، حيث اعترف بما أسند إليه بعد أن كان منكرا لذلك في محضر ضبط الواقعة ، وإذا انتهي من استجوابه اختتم محضره بالعبارة الآتية ” ونظرا لشعورنا بالإرهاق حيث بلغت الساعة 2 من صباح يوم السبت لذلك قررنا استكمال التحقيق الساعة 9 صباحا
وقد حوت الأوراق أنه بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1991 أضرب المتهم الأول عن تناول الطعام فحررت إدارة السجن محضرا بذلك سئل فيه المتهم الأول حيث قرر بأنه اتخذ هذا المسلك نظرا لطلبه عدة مرات هو ومحاميه إعادة استجوابه للإدلاء بأقوال هامة حيث أن أقواله السابقة بتحقيق النيابة العامة جاءت بناء علي تغرير به من أعضاء الرقابة الإدارية ألا أن النيابة لم تقم بإعادة سؤاله وأشر علي طلباته في هذا الصدد بالإرفاق ، وإذ أصر المتهم علي إضرابه عن الطعام صدر قرار النيابة العامة للشرطة بإسداء النصح للمتهم بالعدول عن موقفه ، وإذ استمر يتم تغذيته صناعيا .
لما كان ذلك
وكان القضاء الدستوري قد جري علي أن حيدة القضاء تعتبر عنصرا مكملا لاستقلاله وتعتبر حقا من حقوق الإنسان ، ومبدأ أساسيا من مبادي القانون لأنها تؤكد الثقة في القضاء ، كما أن النيابة العامة وهي تباشر اختصاصاتها من خلال مباشرتها للدعوى الجنائية فأنها تتمتع أيضا باستقلال القضاء وبحياده وأن تكون المصلحة العامة هي جوهر عملها ، وأن يتم ذلك بموضوعية .
لما كان ذلك
وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إطالة مدة التحقيق مع المتهم لا يمثل إكراها ألا إذا كان المتهم منكرا للتهمة وتعمد المحقق إطالة مدة التحقيق لإرهاقه بغية الحصول منه علي اعتراف ، وكان نص الفقرة الأولي من المادة [123] من قانون الإجراءات الجنائية قد جري علي أنه ” عند حضور المتهم الأول مرة في التحقيق ، يجب علي المحقق أن يثبت من شخصيته ، ثم يحيطه علما بالتهمة المسندة إليه ويثبت أقواله في المحضر .
مما مفاده أن القانون لم يترتب واجبا علي المحقق بأن ينبئ المتهم عن شخصيته .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر – عملا بمفهوم المادة [42] من الدستور والفقرة الأخيرة من المادة [302] من قانون الإجراءات الجنائية – أن الاعتراف الذي يعول عليه يتحتم أن يكون اختياريا ، صادرا عن إرادة حرة ، فلا يصبح التعويل علي الاعتراف – ولو كان صادقا – متي كان وليد إكراه أو تهديد أو وعد أو وعيد ، أو صادرا عن إرادة غير حرة .
لما كان ما تقدم
، وكان البين من تحقيق النيابة العامة أنه جري استجواب المتهم الأول بطريقة غير مألوفة ، إذا استهل المحقق محضره بسؤال عضو الرقابة الإدارية ولم يقم باستدعاء المتهمين الثلاثة الأول إلي داخل حجرة التحقيق وأحاطتهم علما بالتهمة المسندة إليهم علي ما نصت عليه الفقرة الأولي من المادة [123] من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الإشارة ، ثم استدعي المتهم الثاني وقام باستجوابه تاركا المتهم الأول خارج حجرة التحقيق رغم أنه هو المتهم الرئيسي في الدعوى .
وهو الذي انصبت عليه التحريات في البدء ، وصدر الإذن بتفتيش مسكنه وجري تفتيشه وضبط الواقعة ، مما كان يؤذن للمحقق بالبدء في استجواب هذا المتهم ألا أنه لم يتم ذلك ألا في صباح اليوم الثالث لضبطه وبعد تركه ساعات طويلة بداخل مقر هيئة الرقابة الإدارية ، وإرهاقه إلي حد أن المحقق ذاته قد سجل علي نفسه هو شعوره بالإرهاق .
مما تستخلص منه المحكمة أن إرادة المتهم الأول لدي استجوابه لم تكن إرادة حرة بريئة من كل تأثير ، ومما ينبئ عن أن إجراءات التحقيق بمقر هيئة الرقابة الإدارية قد شابها الخروج علي مبدأ حياد النيابة العامة والثقة في إجراءاتها ، ومما يبطل استجواب المتهم الأول وكل ما ترتب عليه .
يؤكد هذا النظر
أنه وأن ولم يوجب القانون أن يحيط المحقق المتهم علما بأن النيابة العامة هي التي تباشر التحقيق ، إلا أنه – في خصوص الدعوى الراهنة ونظرا لما أحاط بها من ظروف وملابسات – كان من المتعين علي المحقق – في مستهل التحقيق في مقر هيئة الرقابة الإدارية وبعد فترة طويلة من ضبط المتهم الأول وبقائه بمقر الهيئة بعيدا عن حجرة التحقيق .
أن يفصح للمتهم عن شخصيته ترسيخا لمبدأ حياد النيابة العامة وبثا للطمأنينة في نفسه حتى يشعر بأنه قد أضحي بعيدا عن كل ما قد يؤثر في إرادته كما كان يتعين علي المحقق أن يستمع إلي الأقوال التي يريد المتهم إبدائها بصرف النظر عن صدق هذه الأقوال أو مخالفتها للحقيقة فالأمر أولا وأخيرا يخضع لتقدير النيابة العامة ومحكمة الموضوع من بعدا لهذه الأقوال ، إذا أن في ذلك تأكيد علي أن النيابة العامة لا تبغي سوي حماية الحقوق والحريات سواء كانت للمتهم أو للمجتمع .
ومن حيث أن جريمة الرشوة المنصوص عليها في المادتين [104، 107مكررا] من قانون العقوبات قد تكاملت أركانها بالنسبة إلي المتهمين الستة علي نحو ما سلف إيراده عند الرد علي دفاع المتهمين في هذا الصدد وذلك بقيام المتهم الأول – وهو وزان بمصلحة دمغ المصوغات والموازين – بالاتفاق مع زميليه المتهمين الثاني والثالث – الموظفين بقسم توقيع الدمغة بذات المصلحة – علي دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لحساب المتهمين من الرابع حتى الأخير والمتهم السابق الحكم بإدانته ، مقابل جعل يتقاضونه من الأخيرين ، ومن ثم تكون الجريمة قد وقعت بمجرد تمام هذا الاتفاق وإخلال المتهمين الثلاثة الأول بواجبات وظائفهم في عمل لهم نصيب فيه بحكم وظائفهم
ومن حيث أنه بالبناء علي ما تقدم فأنه يكون قد استقر في يقين المحكمة أن المتهمين من الأول إلي السادس في يوم 7/11/1991 بدائرة قسم عين شمس محافظة القاهرة :
أولا : المتهمون الثلاثة الأول وآخر انقضت الدعوى الجنائية بالنسبة له بوفاته
بصفتهم موظفين عموميين أولهم وزان بمصلحة دمغ المصوغات والموازين وثانيهم وثالثهم موظفين بقسم توقيع الدمغة بذات المصلحة ، وطلبوا عطية للإخلال بواجبات وظيفتهم بأن طلبوا بواسطة المتهم الأول من المتهمين من الرابع حتى الأخير مبلغ جنيهين ونصف علي كل جرام مشغولات ذهبية علي سبيل الرشوة مقابل دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة بطريقة غير مشروعة وبأختام مصلحة دمغ المصوغات والموازين .
ثانيا : المتهمون من الرابع حتى الأخير وآخر سبق الحكم عليه
قدموا للمتهمين الثلاثة الأول وعدا بعطية للإخلال بواجبات وظائفهم بأن قدموا لهم عن طريق المتهم الأول وعدا بدفع مبلغ جنيهين ونصف عن كل جرام علي سبيل الرشوة مقابل قيامهم بدمغ المشغولات الذهبية المضبوطة والمملوكة لهم بأختام مصلحة دمغ المصوغات والموازين بطريقة غير مشروعة .
الأمر المؤثم والمعاقب عليه بالمواد [103 ، 104 ، 107مكررا] من قانون العقوبات ومن ثم يتعين معاقبة المتهمين الخمسة الأول طبقا لهذه المواد عملا بالمادة [304/2] من قانون الإجراءات الجنائية بعقوبتي السجن والغرامة المبينتين بمنطوق هذا الحكم فضلا عن عزلهم من وظائفهم عملا بحكم المادة [25] من قانون العقوبات ولا ينال من ذلك أن هذه المادة قد أوردت عبارة حرمان المحكوم عليه من القبول في أي خدمة في الحكومة ،
ولم تورد لفظ العزل ، وذلك أن العزل يندرج بحكم اللزوم العقلي في مفهوم هذا النص ، يؤكد ذلك أن المادة [27] من قانون العقوبات قد نصت علي أن ” كل موظف ارتكب جناية مما نص عليه في الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس ، يحكم عليه أيضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه .
الأمر الذي لا يتصور معه أن يكون الشارع قد قصد عزل الموظف من وظيفته في حالة معاملته بالرأفة فحسب ، والقول بغير ذلك مؤداه أن يكون المتهم الذي يعامل بالرأفة في وضع أسوأ من ذلك الذي لم تر المحكمة معاملته بالرأفة ، وهو ما يتأبي علي حكم المنطق والعقل ولا يتصور أن تكون إرادة الشارع قد اتجهت إليه .
ومن حيث أنه عن مصادرة المشغولات الذهبية المضبوطة ، فأنه لما كان من المقرر أن المصادرة في حكم المادة [30] من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهرا عن صاحبها وبغير مقابل ، وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح ألا إذا نص القانون علي غير ذلك .
لما كان ذلك
وكانت المادة [20] من القانون رقم 68 لسنة 1976 بشأن الرقابة علي المعادن الثمينة – الساري علي واقعة الدعوى – قبل تعديله بالقانون رقم 15 لسنة 2002 قد جرمت من يقوم بدمغ مشغولات ذهبية بطريقة غير مشروعة ، ونصت علي أنه بعد صدور حكم نهائي تقوم المصلحة بتسليم المشغولات لأصحابها بعد كسرها ، ولا يحكم بالمصادرة ألا في حالة العود .
وإذ خلت الأوراق من توافر ظرف العود في حق المتهمين فأن المحكمة لا تقضي بمصادرة المضبوطات أعمالا للنص سالف الإشارة
ومن حيث أنه بالنسبة للمتهم السادس فأنه لما كان قد تقدم بجلسة المحاكمة الأخيرة باعتراف مفصل عن ارتكابه جريمة الرشوة بالاتفاق مع المتهم الأول الذي استلم منه نحو سبعة كيلو جرامات من المشغولات الذهبية الأجنبية لدمغها بختم المصلحة مقابل وعده بأن يدفع مبلغ جنيهين ونصف عن كل جرام ، وهو اعتراف يطابق الحقيقة في الدعوى التي خلصت إليها المحكمة فأنه يتعين أعمال موجب نص الفقرة الثانية من المادة [107مكررا] من قانون العقوبات بشأنه والقضاء بإعفائه من العقاب .
ومن حيث أن المحكمة تأخذ المتهمين بقسط من الرأفة في حدود ما تسمح به المادة [17] من قانون العقوبات وعلي النحو المبين بمنطوق الحكم
ومن حيث أنه عن المصروفات الجنائية فأن المحكمة تقضي بإلزام المحكوم عليهم الخمسة الأول بها عملا بالمادة [313] من قانون الإجراءات الجنائية .
ومن حيث أنه لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تقيد بالوصف القانوني الذي تصبغه النيابة العامة علي الفعل المسند إلي المتهم ، بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا .
ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها المرسوم في وصف التهمة المحال عليها بل أنها مطالبة بالنظر إلي الواقعة الجنائية كما رفعت بها الدعوى علي حقيقتها كما تبينتها من الأوراق .
لما كان ذلك
وكانت المادة [20] من القانون رقم 68 لسنة 1976 بشأن الرقابة علي المعادن الثمينة – الساري علي واقعة الدعوى – قد عاقبت كل من دمغ مشغولات بطريقة غير مشروعة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز مائة وخمسين جنيها أو بإحدى هاتين العقوبتين .
كما أوجبت الحكم بمصادرة المشغولات الذهبية المضبوطة في حالة العود ، وكانت وحدة الفعل المادي المكون للجريمتين – جريمة الاستحصال بغير حق علي أختام دمغ المشغولات واستعمالها استعمالا ضارا خارج المصلحة المؤثمة بالمادة [207] من قانون العقوبات وهي موضوع التهمة الثالثة ، وجريمة دمغ المشغولات المضبوطة بطريقة غير مشروعة المؤثمة بالمادة [20] من قانون الرقابة علي المعادن الثمينة سالف الإشارة والمنطبقة علي الدعوى .
مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تعطي الوقائع المعروضة عليها وصفها القانوني الصحيح دون حاجة إلي أن تلفت نظر الدفاع إلي ذلك مادامت لم تخرج في الوصف الذي أعطته للواقعة عن الوقائع التي عرضت عليها وتناولها الدفاع ، بل يصح لها إجراء هذا التعديل بعد الفراغ من سماع الدعوى ، مادامت لم تضف عناصر جديدة للواقعة .
ألا أن المحكمة تري أنه من غير المجدي إجراء هذا التعديل بعد أن انتهت إلي إدانة المتهمين الخمسة الأول عن التهمة الأولي وهي جناية الرشوة ذات العقوبة الأشد بما يمتنع معه معاقبة هؤلاء المتهمين بعقوبة جنحة دمغ المشغولات الذهبية بطريقة غير مشروعة – المرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة مع جريمة الرشوة – وذلك عملا بنص الفقرة الثانية من المادة [32] من قانون العقوبات .
كما أنه غير المجدي إجراء هذا التعديل بالنسبة إلي المتهم السادس الذي انتهت المحكمة إلي إعفائه من العقاب من جريمة الرشوة بعد تحقق موجب الإعفاء من العقاب في حقه .
لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من ان
الإعفاء من العقاب ليس إباحة للفعل أو محوا للمسئولية الجنائية ، بل هو مقرر لمصلحة الجاني التي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب ، كل ما للعذر المعفي من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها .
وإذا كان مناط الارتباط في حكم الفقرة الثانية من المادة [32] من قانون العقوبات هو كان الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض في إحداها بالبراءة ، وإذ كانت المحكمة قد انتهت إلي توافر الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين جريمتي الرشوة ودمغ المشغولات بطريقة غير مشروعة فقد وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة الرشوة ، فإذا أسفر تمحيص المحكمة لدفاع المتهم عن تحقق موجب الإعفاء في جريمة الرشوة امتنع عليها توقيع عقوبة الجريمة الأخف وهي جريمة دمغ المشغولات بطريقة غير مشروعة .
ومن حيث أنه عن التهمة الثانية المسند إلي المتهمين ارتكابها وهي تهمة تسهيل الاستيلاء بغير حق علي مال عام بالنسبة إلي المتهمين الثلاثة الأول ، وجناية الاشتراك في ارتكاب هذه الجريمة بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأخر .
فأنه لما كانت الفقرة الأولي من المادة [113] من قانون العقوبات قد نصت علي أنه ” كل موظف عام استولي بغير حق علي مال أو أوراق أو غيرها لإحدى الجهات المبينة في المادة [119] ، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة كانت يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو بالسجن ، قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها علي أن جناية الاستيلاء علي مال للدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصرا من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام – أو من في حكمه – بانتزاعه منها خلسة أو حلية أو عنوة .
لما كان ذلك
وكان البين من التحقيقات – وعلي ما تسلم به سلطة الاتهام – أن قيمة رسوم دمغ المشغولات الذهبية المضبوطة لم تدخل بعد في ذمة الدولة ومن ثم تفتقد هذه الجريمة ركنا من أركانها الجوهرية مما يتعين معه تبرئه المتهمين الستة من هذه التهمة عملا بنص المادة [304/1] من قانون الإجراءات الجنائية .
ومن حيث أنه عن تهمة استحصال المتهمين الثلاثة الأول بغير حق علي أختام دمغ المشغولات الذهبية المملوكة لمصلحة دمغ المصوغات والموازين واستعمالها استعمالا ضارا بالمصلحة العامة ، واشتراك المتهمين الثلاثة الآخر معهم في ارتكاب هذه الجريمة ، فأنه لما كانت المادة [207] من قانون العقوبات قد نصت علي أنه يعاقب بالحبس كل من استحصل بغير حق علي أختام أو دمغات أو علامات حقيقية لإحدى المصالح الحكومية أو بإحدى جهات الإدارة العمومية أو إحدى الهيئات المبينة في المادة السابقة واستعمالها استعمالا ضارا بمصلحة عامة أو خاصة .
لما كان ما نسب إلي المتهمين – علي ما بين من التحقيقات – هو:
إساءة استعمال أختام مصلحة دمغ المصوغات والموازين التي سلمت إلي المتهم الثاني تسليما صحيحا بناء علي اختصاصات وظيفته ، وكانت المادة [207] من قانون العقوبات سالفة الإشارة قد دلت في صريح عبارتها علي أنها تشترط لقيامها أن يكون الفاعل قد استحصل علي الأختام بغير وجه حق بأن سعي للحصول عليها ممن له حق في حيازتها .
وهو ما لم يتحقق وقوعه من المتهمين ذلك لأن الأختام المستعملة كانت بحيازة المتهم الثاني بطريقة قانونية ومن ثم فأن التهمة الثالثة المسندة إليهم لا تندرج تحت نطاق نص المادة [207] من قانون العقوبات مما يتعين الحكم ببراءة المتهمين منها عملا بنص المادة [304/1] من قانون الإجراءات الجنائية .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة حضوريا :
- أولا : بمعاقبة كل من المتهمين الخمسة الأول والثاني والثالث والرابع والخامس بالسجن مدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفي جنيه ، وبعزل الثلاثة الأول من وظائفهم وإلزامهم جميعا بالمصاريف الجنائية .
- ثانيا : بإعفاء المتهم السادس من العقوبة .
القضية رقم 30639 لسنة 72 قضائية جلسة 23 إبريل سنة 2003
ختاما: استعرضنا بالتفصيل ووفق نصوص قانون العقوبات المصرى وأحكام النقض الجنائية الجرائم الملحقة للرشوة، لذلك احذر فقد تقع تحت طائلة العقاب بلا قصد، ومن هذه الجرائم الملحقة بالرشوة، المكافأة اللاحقة، استغلال النفوذ الوظيفي، التوصية والرجاء، المشروعات الخاصة.