دفوع المتهمين فى جناية الرشوة

الدفوع الجنائية فى جناية الرشوة

أهم الدفوع الجنائية فى جناية الرشوة مؤيدة بأحكام النقض الجنائي، مع استعراض كامل لحيثيات حكم نقض عن دفاع المتهمين بالرشوة، كذلك الرد على طعن نقض النيابة العامة.

الدفوع الجنائية للرشوة

  • الدفع بانتفاء أركان جريمة الرشوة
  • الدفع بانتفاء القصد الجنائي

الدفع بعدم قيام جريمة الرشوة

الدفع بعدم قيام جريمة الرشوة لعدم تنفيذ الامتناع عن العمل بل ما صدر منه هو التأخير فى أداء العمل ، وبأن العمل المطلوب القيام به خاضع للمراجعة والتمحيص .

 قضت محكمة النقض بأنه

لما كان ذلك ، فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتي الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة و هو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل و يلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى – على هذا الأساس – قد اتجهت فى الحقيقة و ليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها.

ذلك بأنه لو أراد الشارع من التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته ، و ليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم المحظور .

لما كان ذلك ، وكان الدفاع المبدى من الطاعنين و المؤسس على أن قصدهما لم ينصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه فى شأنه لو صح أن يؤدى إلى انتفاء القصد الجنائى للجريمة . وكان الحكم المطعون فيه لم يقسط هذا الدفاع الجوهرى حقه فى البحث فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم ، مما يعيبه و يوجب نقضه والإحالة .

الطعن رقم 1770 لسنة 53 ق ، جلسة 29/11/1983
وقد قضت أيضا بأنه

يجب فى الرشوة وفى الشروع فيها أن يكون الغرض منها أداء الموظف عملاً من أعمال وظيفته أو الامتناع عن عمل من هذه الأعمال ، فإذا كان الواضح من الحكم أن دفع النقود من المتهم إنما كان ليتنازل المبلغ عن البلاغ بعد بدء التحقيق فيه بمحضر البوليس ، مما لا دخل فيه لوظيفة العسكرى الذى قدمت إليه فإن إدانة المتهم فى جريمة الشروع فى الرشوة تكون خطأ إذ لا جريمة فى ذلك .

الطعن رقم 1665 لسنة 17 ق ، جلسة 8/12/1947

الدفع بعدم توافر أركان جريمة الرشوة

 الدفع بعدم توافر أركان جريمة الرشوة لتخلف ركن المقابل ، إذ لا تعتبر العلاقة الجنسية ، ولا الرحلة الصيفية بأحد الشواطئ مقابل الرشوة

قضت محكمة النقض بأنه

إن الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات قد عدد صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه بامتناعه عن عمل الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقا من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائما أن تجرى على سند قويم.

وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولا عاما أوسع من أعمال الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص .

فإذا تقاضى الموظف جعلا عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشى قد اتجر معه على هذا الأساس ، كما لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو والذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة .

الطعن رقم 20502 لسنة 69 ق – جلسة 16/10/2000
وقد قضت محكمة النقض بأنه

من المقرر بحسب المستفاد من نص المادتين 103 – 103 مكررا من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تتحقق من جانب الموظف ومن فى حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة ولو كان حقا كما تتحقق أيضا فى ضمانه ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ انه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذبا بصرف النظر عن اعتقاد الراشى فيما زعم الموظف أو اعتقد هو حينئذ يجمع بين اثمين هما الاحتيال والارتضاء .

ولما كان قيام الموظف فعلا بالعمل الذى اقتضى الرشوة من اجله يتضمن بالضرورة حصول الاعتقاد لديه باختصاصه بما قام به أو زعمه ذلك بالأقل فلا وجه لما أثره الطاعن فى هذا الصدد .

لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه انه لم ينسب للطاعن اعترافا بارتكاب جريمة الرشوة – على خلاف ما يذهب إليه بوجه النعى – وإنما اسند إليه انه اعترف بقيامه  بتزوير   شهادات التسنين بأن قام بتحرير بياناتها التى قدمها له الطاعن الثالث ووقع عليها بإمضائه بينما قام الطاعن الثانى ببصمها بخاتم شعار الجمهورية وهو ما يسلم به الطاعن فى أسباب طعنه ومن ثم فإن نعيه فى هذا المقام يكون ولا محل له .

طعن رقم 6506 ، للسنة القضائية 62 ، بجلسة 20/12/1993

وقد قضت محكمة النقض بأنه

قد نصت المادة 103 مكررا المعدلة بالقانون رقم 120 سنة 1962 على انه يعتبر مرتشيا ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها فى المادة السابقة كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم انه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه .

ويستفاد من الجمع بين النصين فى ظاهر لفظهما وواضح عبارتهما انه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة – بل يكفى أن يكون له نصيب فيها يسمح من له بتنفيذ الغرض منها كما تتحقق أيضا ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ انه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذبا بصرف النظر عن اعتقاد المجنى عليه فيما اعتقد أو زعم .

وكان الزعم بالاختصاص يتوافر ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به إذ يكفى مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل أو بالامتناع عنه الذى لا يدخل فى نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك يفيد ضمنا زعمه ذلك الاختصاص .

طعن رقم 9434 ، للسنة القضائية 63 ، بجلسة 8/12/1994

عدم الاتفاق على المقابل

بعدم توافر جريمة الرشوة لعدم الاتفاق على المقابل أو الوعد

قضت محكمة النقض بأنه

لما كان نص الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات التى عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه أسوة بامتناعه عن عمل أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقة من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجباته أدائها على الوجه الدعوى الذى يكفل لها دائما لما أن تجرى على سند قويم

استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة الذى عناه الشارع … فى النص فإذا تقاضى الموظف جعلا عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضرورى فى جريمة  الرشوة  أن تكون الأعمال التى يطلب الموظف أداوها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وان يكون الراشى قد اتجر معه هذا الأساس .

طعن رقم 6506 ، للسنة القضائية 62 ، بجلسة 15/12/1993
وقد قضت أيضاً محكمة النقض بأنه

لما كان المستفاد من نص المادتين 103 ، 103 مكرر من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تعتبر متوافرة الأركان فى حق المتهم وذلك بطلبه وأخذه مبلغ الرشوة لأداء عمل زعم أنه من اختصاصه واتجهت إرادته إلى هذا الطلب وذلك الأخذ وهو يعلم أن ما أخذه ليس إلا مقابل إستغلال وظيفته .

لما كان ذلك وكان الشارع قد استهدف بذلك الضرب على يدى العابثين عن طريق التوسع فى مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذين ألحقهم الشارع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم .

ويكفى لمساءلة الجانى على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذى يطلب الجعل لأدائه يدخل فى أعمال وظيفته والزعم المطلق هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيال وكل ما يطلب فى هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير فى اعتقاد المجنى عليه بهذا الاختصاص المزعوم .

ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت واقعة الدعوى فيما سلف بيانه بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المنصوص عليها فى المادتين 103 ، 103 مكرر من قانون العقوبات التى دان الطاعن بها وفطن إلى المعانى القانونية المتقدمة فى رده دفاع الطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ فى القانون ويكون منعاه فى هذا الصدد فى غير محله .

طعن رقم 557 ، للسنة القضائية 60 ، بجلسة 21/05/1991

عدم تنفيذ سبب الرشوة

الدفع بعدم توافر جريمة الرشوة لعدم تنفيذ سبب الرشوة .

 قضت محكمة النقض بأنه

الأصل فى قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً فى نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى فى كل نص آخر يرد عليه فيه . ويؤخذ من وضوح عبارة المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات وما كشفت عنه الأعمال التشريعية لهذه المادة ، وإيرادها مع مثيلاتها فى باب بذاته من الكتاب الثانى – وهو الباب الثالث الخاص بالرشوة إنه وإن كانت الجريمة المستحدثة ذات كيان خاص .

READ  جنايات الضرب والجرح: اعطاء مواد ضارة والعاهة المستديمة

يغاير جريمة  الوسيط فى الرشوة  المنصوص عليها فى المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة فإنه يلزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل .

ويلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى على هذا الأساس قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها ، ذلك بأنه لو أراد الشارع مد التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة – على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيم زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته وليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير.

لأنه فى مجال التأثيم محظور ، لما كان ذلك ، وكان الأمر المطعون فيه – الصادر من مستشار الإحالة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قد أثبت بما أورده من أدلة سائغة أن قصد المطعون ضدهما لم يتصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه وأنهما إنما قصدا الاستئثار بالمبلغ لنفسيهما ، بما ينتفى معه – فى صورة الدعوى – الركن المعنوى للجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات ، فإن الأمر المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون .

 طعن رقم 247 ، للسنة القضائية 43 ، بجلسة 11/11/1973

عدم اختصاص المتهم بالعمل

الدفع بعدم اختصاص المتهم بالعمل لأن رأيه استشاري ، ولأن عمله انحصر فى مجرد عرض الأوراق على الموظف المسئول ، ولم يقم بأى عمل يسهل اتخاذ القرار لصالح الراشى .

قضت محكمة النقض بأنه

إن اختصاص الموظف بالعمل الذى دفع العمل مقابلاً لأدائه سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ، ركن فى جريمة الرشوة التى تنسب إليه ، ومن ثم يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره ، وخاصة عند المنازعة فيه ، دون الاجتراء فى الرد بتقريرات قانونية عامة مجردة عن الاختصاص الحقيقى والمزعوم لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم فى شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ، ولا يتحقق بها ما يجب فى التسبيب من وضوح البيان ، مما يجعل الحكم قاصر البيان متعيناً نقضه .

 الطعن رقم 2584 لسنة 55 ق ، جلسة 20/11/1985

اعتقاد المتهم خطأ بالاختصاص

الدفع بأن المجنى عليه كان يعلم بحقيقة عمل المتهم وأن اعتقاد المتهم خطأ أو زعمه بالاختصاص كان يعلم به أيضاً .

قضت محكمة النقض بأنه

لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أثار فى دفاعه أن الموظف الذى قبل بعرض الرشوة عليه غير مختص بختم تصاريح العمل وأن الخاتم ليس فى عهدته ، وكان من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذى طلب إليه أداؤه ، أياً كان نصيبه فيه ، ركن فى الجريمة عرض الرشوة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات مما يتعين إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه ، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعرض البته لما أثاره الطاعن فى دفاع فى هذا الشأن ، يكون معيباً بما يبطله .

 الطعن رقم 2584 لسنة 55 ق ، جلسة 20/11/1985

محل الرشوة لا يشكل جريمة

الدفع بعدم توافر أركان جريمة الرشوة لأن العمل المطلوب الامتناع عن أداؤه غير حق ويشكل جريمة .

قضت محكمة النقض بأنه

لا قيام لجريمة عرض الوساطة فى رشوة موظفين عموميين إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما فى جريمة من جرائم الرشوة التى انتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها باب الرشوة بقانون العقوبات مادام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة وفى تحديد الأركان التى يلزم تحققها لقيام أية جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما بعدها من القانون سالف الذكر .

ولهذا فقد لزم لقيام تلك الجريمة أن يأتى الجانى فعله من المهد الأول للرشوة وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل ، ويلزم فوق ذلك أن تكون أرادة الجانى – قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم – إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها .

ذلك بأنه لو أراد الشارع من التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم لعمد على الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار سنته فى المادة 104 القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم محظور ، وكان الثابت أن المتهم لم ينصرف قصده البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه ، وأنه إنما قصد الاستئثار بالمبلغ لنفسه ، بما ينفى معه – فى صورة الدعوى – الركن المعنوى للجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات وبالتالى لا يمكن مساءلته استناداً إلى تلك المادة .

 طعن رقم 3286 ، للسنة القضائية 54 ، بجلسة 21/11/1985

الراشى والمرتشى موظفين بمكان واحد

الدفع بعدم توافر أركان جريمة الرشوة لأن الراشى والمرتشى موظفين عموميين يعملان فى مكان واحد .

قضت محكمة النقض بأنه

لما كان المشرع قد تغيا من الجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً – المطبقة فى الدعوى – تجريم الأفعال التى لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة فى رشوة والتى لا تبلغ حد الاشتراك فى رشوة أو فى شروع فيها والتى لا يؤثمها نص آخر ، وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة ودعاتها .

إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله ” كل من عرض أو قبل الوساطة فى رشوة ، فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان فى جريمة من جرائم الرشوة التى انتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات الخاص بالرشوة .

ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة وفى تحديد الأركان التى يلزم تحقيقها لقيام أى جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما يعادلها من هذا القانون .

لما كان ذلك

فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل .

ويلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى – على هذا الأساس – قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها ، ذلك بأنه لو أراد الشارع من التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته ، وليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم المحظور

لما كان ذلك

وكان الدفاع المبدى من الطاعنين والمؤسس على أن قصدهما لم ينصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه فى شأنه لو صح أن يؤدى إلى انتفاء القصد الجنائى للجريمة . وكان الحكم المطعون فيه لم يقسط هذا الدفاع الجوهرى حقه فى البحث فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعـوى كما صار إثباتها فى الحكم ، مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة .

طعن رقم 1770 ، للسنة القضائية 53 ، بجلسة 29/11/1983

المخالفة تأديبية وليست رشوة

الدفع بعدم توافر أركان جريمة الرشوة لأن ما قام به من نقل أمتعة أو أفراد بسيارة الحكومة بمقابل أجر لا يعد إخلالاً بواجبات الوظيفة ، بل تعد  مخالفة تأديبية  .

قضت محكمة النقض بأنه

إذا كان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه وعد المتهم الأول ، السائق بوزارة السد العالى وهو موظف عام ، بمنحه مبلغاً من المال لنقل كمية من القصب بالسيارة الحكومية المخصص لقيادتها واستظهر الحكم أن عمل المتهم الأول هو قيادة تلك السيارة.

وهو قدر من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة ، وكانت أمانة الوظيفة تفرض على سائق السيارة الحكومية ألا يستعملها إلا فى الغرض المخصصة له قضاء مصالح الجهة التابع لها ، وأن ينأى عن السعى لاستغلالها لمصلحته الشخصية ، فإن ما وقع من هذا السائق يعد إخلالاً بواجبات وظيفته فى حكم المادة 104 من قانون العقوبات .

طعن رقم 1760 ، للسنة القضائية 39 ، بجلسة 1/02/1970

عدم توافر العلم بوظيفة المرتشي

الدفع بعدم توافر القصد الجنائى لعدم علم الراشى بوظيفة المرتشى

قضت محكمة النقض بأنه

لما كان القصد الجنائى فى الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشى عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة انه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وانه ثمن لا تجاوزه بوظيفة أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التى صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات  الوظيفة   .

ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العلامة قدمت للطاعن تنفيذا للإنفاق السابق الذى أنعقد بينه وبين المجنى عليه مقابل قيامه بتحرير كشوف الحساب الختامى عن العمليات التى قام بها المجنى عليه والتى يختص الطاعن بها مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائى كما هو معرف به فى القانون

 طعن رقم 9969 ، للسنة القضائية 62 ، بجلسة 17/04/1994

مبلغ الرشوة كان مقابل سداد دين

الدفع بعدم توافر القصد الجنائى لأن مبلغ الرشوة كان مقابل سداد دين سابق .

 قضت محكمة النقض بأنه

من المقرر أيضا أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله ، ولا تتوقف على تنفيذ المرتشى الغرض من الرشوة بالفعل باعتباره ليس ركنا فى الجريمة .

لما كان ذلك ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه مجرد عضو فى الجهة المنوط بها الإشراف على أعمال المبلغ وأنه قام بعملية الإشراف بجدية ، وأن ما حصل عليه منه ، وما طالبه به كان مقابل أعمال أداها له ومصاريف فحص العينات ودين أداه عنه – وقد عرض له بحكم وأطرحه بما يسوغه – يكون غير سديد .

الطعن رقم 30053 لسنة 67 ق – جلسة 17/5/2000

مقابل  الرشوة شيك بدون رصيد

الدفع بعدم توافر أركان جريمة الرشوة لأن المقابل عبارة عن شيك بدون رصيد قائم وقابل للصرف

READ  مذكرات الدفاع في قضايا المباني

تلفيق واقعة الرشوة

الدفع بأن الواقعة كانت نتيجة تدبير وتحريض من الضابط .

قضت محكمة النقض بأنه

من المقرر أنه لا يؤثر فى قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشى جاداً فيما عرضه على المرتشى متى كان عرضه الرشوة جدياً فى ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدى منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشى أو غيره .

وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذى سعى بنفسه إلى المبلغة وطلب منها مبلغ الرشوة وقدمته إليه بناء على الاتفاق الذى جرى بينهما .

فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذى انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة ، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة ، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغة هى التى حرضته على ارتكاب الجريمة بإيعاز من الشرطة لا يكون صحيحاً .

طعن رقم 696 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 1/12/1988

حيثيات حكم جنائى فى قضية رشوة

القضية رقم 32866 لسنة 72 قضائية

جلسة 2 فبراير سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر ” نائب رئيس المحكمة “

وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وأنس عماره وفرغلي زناتي وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة والسيد/ حاتم عزمي رئيس النيابة العامة “

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من :

1 – ………………………. طاعن

2 – …………………….. طاعن

3 – …………………………..

4 – …………………………

5 – …………………………..

6 – ……………. قضى ببرائته

7 – ………………………. طاعن

8 – ……………. قضى ببرائته

في قضية الجناية رقم 25714 لسنة 2001 العمرانية ( والمقيدة بجدولها الكلي برقم 2180 لسنة 2001 ) بأنهم خلال الفترة من شهر أغسطس سنة 1997 وحتى 30 من أبريل سنة 1999 بدائرة قسم العمرانية – محافظة الجيزة .

أولا : المتهم الأول

بصفته موظفا عموميا ” محافظ الجيزة ” طلب وأخذ لنفسه عطايا لأداء عمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباتها بأن طلب وأخذ من المتهمين من الثاني وحتى السادس وبواسطة المتهم الثامن مبالغ نقدية وهدايا مبينة بالتحقيقات بلغت قيمتها مليون جنيه مقابل تخصيص وأنهاء إجراءات قطعة أرض مساحتها مائة وثلاثين فدان كائنة بطريق مصر إسكندرية الصحراوي بشركة الأهرام للتنمية العقارية والسياحية والتي يساهم فيها المتهمون من الثاني وحتى وذلك بالمخالفة للقواعد المقررة قانونا في هذا الشأن علي النحو المبين بالتحقيقات .

ثانيا : المتهمون من الثاني وحتى السادس

قدموا رشوة لموظف عام لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها بأن قدموا للمتهم الأول بصفته موظفا عموميا ” محافظ الجيزة ” بوساطة المتهم الثامن المبالغ النقدية والعطايا المبينة بالتهمة أولا .

ثالثا : المتهم الثامن

توسط في جريمة الرشوة المبينة بالتهمتين أولا وثانيا علي النحو المبين بالتحقيقات .

رابعا : المتهم السابع

  • [ أ ] بصفته موظفا عموميا ” مدير إدارة بجهاز الكسب غير مشروع وزارة العدل ” اختلس أوراقا أميرية وجدت في حيازته بسبب وظيفته بأن اختلس أوراق الشكاوي المقدمة ضد المتهم الثامن لجهاز الكسب غير المشروع وسلمها له علي النحو المبين بالتحقيقات
  • [ب] بصفته المبينة آنفا قبل وبغير اتفاق سابق عطايا بقصد المكافأة علي إخلاله بواجبات وظيفته بأن قبل من المتهم الثامن مبلغ مائة وخمسين جنيها وبعض الهدايا الأخرى المبينة قيمتها بالتحقيقات كمكافأة علي تسليمه أوراق الشكاوي التي وردت لجهاز الكسب غير المشروع ضده موضوع التهمة المبينة بالبند ” أ “
  • [ج] بصفته المبينة آنفا طلب لنفسه عطية لإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثامن التدخل لصلحه لدي المتهم الأول للسعي لدي جهة عمله لحصوله علي درجة وظيفية ومالية أعلي وكان ذلك علي سبيل الرشوة مقابل تسليمه المتهم الثامن أوراق الشكاوي التي تقدم ضده إلي جهة عمله بجهاز الكسب غير المشروع وتسليمها له فوقعت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق .
  • [ د ] أخفي أوراق أميرية متحصله من جريمة اختلاس مع علمه بذلك بأن أخفي أوراق الشكاوي التي اختلسها المتهم السابع علي النحو المبين بالبند ” أ ” من التهمة ” رابعا ” [ج] قدم وبغير اتفاق سابق علي ذلك عطايا لموظف عام لمكافأته علي إخلاله بواجبات وظيفته بأن قدم للمتهم السابع المبلغ المالي والهدايا موضوع البند “ب” من التهمة ” رابعا ” [ د ] قدم رشوة لموظف عام للإخلال بواجبات وظيفته بأن وعد المتهم بالتدخل لصالحه لدي المتهم الأول للسعي لدي جهة عمله لحصوله علي درجة وظيفية ومالية أعلي موضوع البند “ج” من التهمة ” رابعا ” .

وأحالتهم إلي محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بجلسة 5 من يونيو سنة 2002 عملا بالمواد [40/ثانيا /103،104،105،107مكررا ،112/1 ، 118،119/أ ، 119مكررا/أ] من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين [17،32] من قانون العقوبات .

  • أولا : بمعاقبة المحكوم عليه الأول بالسجن لمدة سبع سنوات وتغريمه ألفي جنيه ومعاقبته المحكوم عليه السابع بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه ألفي جنيه وعزله من وظيفته .
  • ثانيا : ببراءة باقي المتهمين مما نسب إليهما .

فطعن كل من المحكوم عليه الأول والسابع في هذا الحكم بطريق النقض في 15 من يونيو سنة 2002 كما طعنت النيابة العامة أيضا في هذا الحكم بطريق النقض في 28 من يوليو سنة 2002 .

وأودعت عدد خمس مذكرات بأسباب الطعن الأولي في 27 من يوليو سنة 2002 عن:

  1. المحكوم عليه الأول موقعا عليها من الأستاذ/ بهاء الدين أبو شقة
  2. الثانية في ذات التاريخ عن الأول أيضا موقعا عليها من الأستاذ/ حسين أمين المحامي
  3.  الثالثة في ذات التاريخ عن الأول موقعا عليها من الدكتور/ إبراهيم علي صالح المحامي
  4. الرابعة في 3 من أغسطس سنة 2002 عن الأول موقعا عليها من الأستاذ/ محمود دردير المحامي
  5. الخامسة في 3 من أغسطس سنة 2002 عن المحكوم عليه السابع موقعا عليها من الأستاذة/ عزة عبد النبي المحامية

وأودعت النيابة العامة مذكرة بأسباب الطعن في 22 من يوليو سنة 2002 موقعا عليها من رئيس بها .

وبجلسة اليوم سمعت المرافعة علي ما هو مبين بمحضر الجلسة .

المحكمة

بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة المداولة قانونا .

{ أولا } عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما :

من حيث أن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون .

ومن حيث أن مما ينعاه الطاعن الأول علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه التناقض في التسبيب

وذلك بأن المحكمة انتهت إلي أن المبالغ والهدايا التي قدمت إلي الطاعن كانت مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها في وقت واحد ، في حين أنه لا يتصور عقلا أن يتقاضى الموظف الجعل لأداء العمل الوظيفي طبقا للقوانين واللوائح وللقيام بالعمل ذاته في نفس الوقت علي النحو مخالف لهذه اللوائح وتلك القوانين مخلا بذلك بواجبات الوظيفة ، الأمر الذي ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة في ذهن المحكمة ، مما يعيب حكمها المطعون فيه بما يستوجب نقضه .

ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن يبين واقعة الدعوى بالنسبة للطاعن بما مؤداه أنه طلب وأخذ لنفسه من المتهمين من الثاني حتى السادس وبوساطة المتهم الثامن عطايا وهدايا لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها وذلك بقيامه بإنهاء إجراءات تخصيص وبيع قطعة أرض بطرقي مصر الإسكندرية الصحراوي لشركة الأهرام للتنمية العقارية والسياحية – التي يساهم فيها المتهمون من الثاني حتى السادس – علي خلاف القواعد المقررة قانون في هذا الشأن .

وأورد الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة ، عرض لدفاع الطاعن القائم علي انتقاء عمله بإلغاء التفويض الصادر له من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بالتصرف في الأراضي التي تقع علي جانبي الطريق آنف البيان واطرحه استنادا إلي أن عدم علم الطاعن بإلغاء التفويض المار ذكره غير ذي أثر في قيام جريمة الرشوة ، فضلا عن أن الطاعن كان يعلم علما يقينا بهذا الإلغاء.

مما مفاده أنه وأن كان عدم علم الطاعنين بإلغاء التفويض ليس من شأنه أن ينفي عنه إخلاله بواجبات وظيفته والمتمثل في قيامه بإنهاء إجراءات تخصيص وبيع الأرض مثار الاتهام علي خلاف أحكام القانون ، ألا أنه لا يحول دون قيام جريمة الرشوة في حقه مادام الجعل الذي تقاضاه كان في نفس الوقت مقابل أداء العمل ذاته ولكن علي النحو مطابق للقانون .

ثم انتهي الحكم إلي إدانة الطاعن بالوصف المشار إليه في مقام بيانه لواقعة الدعوى وذلك أعمالا لنص المادتين [103، 104] من قانون العقوبات التي تعاقب أولاهما علي الرشوة إذ كانت مقابل أداء الموظف لعمل من أعمال وظيفته بينما تعاقب الأخرى علي الرشوة إذ كان الغرض منها إخلال الموظف بواجبات تلك الوظيفة .

لما كان ذلك

وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم – علي السياق المتقدم أنه جمع بين صورتين متعارضتين للعمل الذي دان الطاعن بارتكابه ، الأولي أن الجعل الذي تقاضاه الطاعن كان مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته طبقا للقانون والثانية أن ذلك الجعل كان الغرض منه القيام بذات العمل .

ولكن علي النحو مخالف للقانون الأمر الذي يصم الحكم بالإضراب والتخاذل ويدل علي اختلال فكرته عن الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة بحيث لا يستطاع استخلاص مقوماته سواء ما يتعلق منها بتلك الواقعة أو بتطبيق القانون عليها ، وهو ما يعجز محكمة النقض عن أعمال رقابتها علي الوجه الصحيح .

ولا يعترض علي ذلك بأن العقوبة المقضي بها وهي السجن لمدة سبع سنوات والغرامة ألفي جنيه تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الرشوة بصورتها المنصوص عليها في المادتين [103،104] من قانون العقوبات .

إذا الواضح من الحكم أن المحكمة التزمت الحد الأدنى لعقوبة الغرامة المقررة لجريمة الرشوة المنصوص عليها في المادة [104] سالفة الذكر وهو ما يشعر بأنها إنما وقفت عند حد التخفيف الذي وقفت عنده ، ولم تستطيع النزول إلي أدنى مقيدة بهذا الحد ، الأمر الذي يحتمل معه نزولها بعقوبة الغرامة إلي أدنى مما نزلت لولا هذا القيد القانوني .

لما كان ما تقدم 

فأنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وكذلك بالنسبة للطاعن الثاني تحقيقا لحسن سير العدالة ، وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو الطعن المقدم من الطاعن الثاني ، ويضحي طلب الطاعنين وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن غير ذي موضوع .

READ  عناصر جريمة التشهير عبر مواقع التواصل

{ ثانيا } عن الطعن المقدم من النيابة العامة :

من حيث أن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون

ومن حيث أن النيابة العامة تنعى علي الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والتناقض

وذلك بأنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول – من جريمة الرشوة علي أن اعتراف المتهم الثاني بشأن عرض تلك الجريمة علي شركائه لم تستقر علي صورة واحدة وإنما جاء في ثلاث صور متعارضة ، مع أن ما نقله الحكم من اعتراف المتهم المار ذكره لا يؤدي إلي ما رتبه عليه .

فضلا عن أن هذا التناقض – بفرض وجوده – لا يعدو مجرد تناقض ظاهري مرجعه إلي تعبير المتهم الثاني عن شركائه تارة بلفظ المساهمين وتارة أخرى بلفظ الشركاء أو أعضاء مجلس الإدارة ، فأنه التصدي للدليل المستمد من التسجيلات الهاتفية التي أذنت بها النيابة العامة مع أن تلك التسجيلات تشير إلي علم المطعون ضده الأول بواقعة الرشوة وقبوله تقديمها إلي المتهم الأول .

ورتب الحكم علي قضائه ببراءة المطعون ضده الثاني – من جريمة الرشوة لامتناع العقاب عنها عدم توقيع عقوبة جريمة الاشتراك في الاختلاس الأخف المرتبطة بالجريمة الأولي مع أن مناط الارتباط في حكم المادة [32] من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض في إحداها بالبراءة .

وأخيرا فأن الحكم بني قضاءه ببراءة المطعون ضده الثاني من جريمة إخفاء أوراق أميرية متحصلة من جناية اختلاس مع علمه بذلك علي دعامتين أولاهما أن جريمتي الاختلاس والإخفاء لا يتصور وقوعها من شخص واحد والأخرى اطمئنان المحكمة إلي إنكار المطعون ضده ارتكابه لتلك الجريمة .

في حين أن الثابت من الأوراق – وهو ما أورده الحكم في مدوناته – أن المطعون ضده المذكور تحصل علي الشكويين الأوليين اللتين قدمتا ضده إلي جهاز الكسب غير المشروع من المتهم السابع دون اتفاق سابق بينهما علي اختلاسهما .

وأنه أقر بارتكابه للجريمة آنفة البيان وبصحة التسجيلات المأذون بها للمحادثات الهاتفية التي جرت بينه وبين المتهم السابع ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الأول بما مفاده أن النيابة العامة اتهمته بتقديم رشوة بوساطة المتهم الثامن لموظف عام لآداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها ، عرض لما ساقته النيابة العامة من أدلة قبله وخلص إلي تبرئته في قوله:

” وحيث أن المحكمة وقد أحاطت بالدعوى وملابستها ، وألمت بأدلة الثبوت فيها عن بصر وبصيرة ، فأنها لا تطمئن ولا ترتاح إلي أقوال شاهد الإثبات الأول وما قرره المتهم الثاني ، في هذا الشق من الاتهام أية ذلك ما قرره واعترف به المتهم الأول في شأن عرض جريمة الرشوة علي شركائه جاء في ثلاث صور ، كل صورة تختلف وتتناقض مع الأخرى ، فتارة يقرر أن جميع الشركاء علموا ووافقوا علي دفع الرشوة .

ثم يقرر مرة أخرى أن من علم بجريمة الرشوة ووافق علي دفعها هم المتهمين الثالث والرابع والخامس والسادس – المقضي بإعفائهما من العقاب – ثم عاد وقرر برواية ثالثة أن جميع أعضاء مجلس الإدارة وبعض المساهمين ومنهم الثالث والرابع والخامس هم الذين علموا بجريمة الرشوة ووافقوا علي دفعها .

لما كانت أقوال المتهم سالف الذكر جاءت مضطربة ولم تستقر علي صورة واحدة في هذا الشق من الاتهام فأن المحكمة لا تطمئن إليها وتطرح ما جاء بها قبله ، وتلتفت عن الدليل المقام عليها ضد المتهم الثالث والرابع ولا سيما أن المتهم الخامس بإعفائه من العقاب – قرر صراحة بالتحقيقات أن الذين عرض عليهم طلب الرشوة من الشركاء هم هو وشقيقه المتهم السادس ، وأنهم كانوا علي علم بالغرض من المبلغ المدفوع كرشوة .

وذلك لإنهاء الإجراءات الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلي أن المتهم السادس لم يتصل علمه بواقعة الرشوة ، ولم يتوافر لديه القصد الجنائي لارتكاب هذه الجريمة وأن ما قام بدفعه كان من قبيل نصيبه في قيمة الأرض ومصروفات أخرى وإذا ما انتهت المحكمة لما تقدم فأنه يتعين الالتفات عما جاءت هب التحريات بهذا الشق من الدعوى ، إذ من المقرر أن التحريات لا تصلح بذاتها أن تكن دليل أو قرينة ، وإنما تعزز ما عداها من أدلة أخرى كائنة في الدعوى .

وحيث أنه متي كان ما تقدم

وكانت المحكمة تطمئن إلي انكار المتهم وصحة دفاعه في هذا الشق من الاتهام وقد خلت الأوراق من دليل قطعي قبله ، فمن ثم يتعين القضاء ببراءته مما نسب إليه عملا بالمادة [304 / 1] من قانون الإجراءات الجنائية .

لما كان ذلك

وكان من المقرر أنه يكفي في المحاكمة الجنائية أن تشكك محكمة الموضوع في صحة اسناد التهمة إلي المتهم لكي تقضي بالبراءة ، مادام حكمها يشتمل علي ما يفيد أنها لخصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام .

وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت بها وبالأدلة المقدمة فيها خلصت – للأسباب السائغة التي أوردتها – إلي ارتيابها في أقوال شاهد الإثبات الأول والمتهم الثاني وعدم اطمئنانها إليها ورجحت دفاع المطعون ضده – علي ما سلف بيانه – وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها .

وكان لا يصح النعي علي المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء علي احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدي غيرها ، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلي وجدان قاضيها وما يطمئن إليه منها ، مادام قد أقام قضاءه علي أسباب تحمله – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فأن ما تثيره الطاعنة في هذا المنحي ينحل إلي جدل موضوعي لا يثار لدي محكمة النقض .

لما كان ذلك

وكان من المقرر أن المحكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد علي كل دليل من أدلة الثبوت مادام قد داخلتها الريبة والشك في عناصر الاتهام ، ولأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمنا أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلي إدانة المتهم فأن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون مقبولا .

لما كان ما تقدم 

فأن طعن النيابة العامة بالنسبة للمطعون ضده الأول يكون برمته علي غير أساس متعينا رفضه موضوعا .

ومن حيث أنه عن طعن النيابة العامة بالنسبة لمطعون ضده الثاني

فأنه لما كان من المقرر أن مناط الارتباط في حكم المادة [32] من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر علي إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلي الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يسلب المحكمة حقها في التصدي لباقي الجرائم المرتبطة وأن تنزل العقوبة المقررة لها متي رأت توافر أركانها وثبوتها قبل المتهم .

وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلي إدانة المطعون ضده الثاني بجريمتي الرشوة والاشتراك في الاختلاس وأعفاه من العقاب عن الجريمة الأولي أعمالا لنص المادة [107مكررا] من قانون العقوبات .

ولم يوقع عليه عقوبة الجريمة الثانية الأخف بدعوى ارتباطها بالجريمة الأولي ذات العقوبة الأشد ارتباطا لا يقبل التجزئة مع أن قضائه بإعفاء المطعون ضده المذكور من العقاب عن جريمة الرشوة يمتنع معه عليه تطبيق الفقرة الثانية من المادة [32] من قانون العقوبات ويتتبع حتما توقيع عقوبة جريمة الاشتراك في الاختلاس التي أثبت وقوعها منه ودلل عليها .

أما وقد خالف الحكم هذا النظر وأعمل في حق المطعون ضده حكم الفقرة الثانية من المادة [32] المشار إليها فأنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون علي وجهه الصحيح .

ولما كان تطبيق العقوبة في حدود النص المطبق من اطلاقات محكمة الموضوع ، فأنه يتعين أن يكون النقض مقرونا بالإعادة .

ومن ناحية أخرى

فأنه لما كان من المقرر أنه وأن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متي تشككت في قيام الجريمة أو في صحة إسنادها إلي المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، غير أن ذلك مشروط أن يشتمل الحكم علي ما فيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة .

وأن تكون الأسباب التي تستند إليها في قضائها لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلي ما رتب عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه ببراءة المطعون ضده الثاني من جريمة إخفاء أوراق أميرية متحصلة في جناية اختلاس مع علمه بذلك .

علي أنه لا يتصور وقوع جريمتي الاشتراك في اختلاس أوراق أميرية وإخفاء تلك الأوراق من شخص واحد دون أن يتفطن إلي أن المطعون ضده تحصل علي الشكويين الأوليين اللتين قدمتا ضده إلي جهاز الكسب غير المشروع من المتهم السابع دون اتفاق سابق بينهما علي اختلاسهما.

وهو ما أثبته الحكم في مدوناته – مما مفاده أن المطعون ضده لم يشترك في اختلاس هاتين الشكويين ، ومن ثم لم يكن هناك ما يحول دون مساءلته عن جريمة إخفائهما متي رأت المحكمة توافر أركانها وثبوتها قبله ، ولما كان هذا الخطأ في فهم الواقع قد حجب محكمة الموضوع عن أن تقول كلمتها في شأن أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام في هذا الشأن فأن ذلك ينبئ عن أنها أصدرت حكمها دون أن تمحص الدعوى وتحيط بعناصرها عن بصر وبصيرة .

لما كان ما تقدم 

فأنه يتعين قبول طعن النيابة العامة ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الثاني ، بغير حاجة لبحث بقي ما تثيره النيابة العامة في أسباب طعنها .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة

  • أولا : بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما الأول والسابع شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلي محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
  • ثانيا : قبول الطعن المقدم من النيابة العامة شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلي محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة للمطعون ضده الثامن ورفضه بالنسبة للمطعون ضده السادس .

الدفوع الجنائية فى جناية الرشوة

ختاما: فى هذا البحث استعرضنا أهم الدفوع الجنائية فى جناية الرشوة التى يدفع بها المتهمين الجريمة عنهم، مزيدة ومؤيدة بأحكام النقض الجنائي الصادرة من الدوائر اجنائية لمحكمة النقض المصرية.

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047