أثر عدم صلاحية القاضي وبطلان حكم النقض بالمادة 147 مرافعات

Advertisements

بطلان حكم النقض لعدم صلاحية القاضى

بحث عن أثر عدم صلاحية القاضي و بطلان حكم النقض بالمادة 147 مرافعات، ذلك أن المشرع اغتنى عن النص على منع الطعن فى احكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن العادية أو الغير عادية بعدم تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة ولم يستثنى المشرع من ذلك الأصل الا ما أورده فى نص الفقرة الثانية من المادة ١٤٧ من قانون المرافعات.

لذلك فى هذا البحث القانونى نستعرض بالشرح والتفصيل الفقهى القواعد القانونية التى تتضمنتها المادة 147 مرافعات، مدعمة باحكام محكمة النقض فى هذا الصدد وذات الصلة بموضوع البحث.

عدم صلاحية القاضي فى المادة 147 مرافعات

المادة 147 من قانون المرافعات تنص على
  1. يقع باطلا عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم.
  2. وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى.

الحكم الصادر رغم  عدم صلاحية القاضي باطل أم منعدم

المشرع حدد الحالات التي يمتنع فيها علي  القاضي   الحكم لفقده صلاحية الحكم بقوة القانون – المادة 146 من قانون المرافعات – وللأهمية نكرر ما قررته الفقرة الأولي من هذه المادة لارتباطه بحكم المادة 147 .

فقد قررت هذه الفقرة ما مفاده أن القاضي يفقد صلاحية الحكم ولو لم يرده أحد الخصوم ، وهذا يعني أن الحكم الصادر من القاضي يكون باطلاً في ذاته ، وهذا ما قررته الفقرة الأولي من المادة 147 والتي قضت ” يقع باطلا عمل القاضي أو قضاؤه فى الأحوال المتقدمة الذكر  … “

بل أن الفقرة المشار إليها تأكيدا علي بطلان هذا الحكم قررت أن العمل باطل ولو اتفق الخصوم علي – والاتفاق هنا بمعني الرضا – علي خلاف ذلك .

Advertisements

هل ينعدم الحكم أم يبطل فقط وما الفرق بينهما ؟

الإجابة : الحكم الصادر من قاضي بالمخالفة لحكم المادة 146 من قانون المرافعات أي من قاضي لا صلاحية له ، هو حكم باطل لا منعدم وإن كان البطلان هنا متعلق بالنظام العام.

وهذا يعني أنه إذا قام سبب من الأسباب المنصوص عليها في المادة 146 – أسباب عدم الصلاحية – فعلي القاضي أن يتنحى من تلقاء نفسه عن نظر الدعوى وإلا كان عمله أو قضاؤه باطلا ولو كان قد حكم بناء علي اتفاق الخصوم ومع علمهم بقيام سبب عدم صلاحيته .

وإذا أصدر القاضي حكما في دعوى ممنوع نظرها فان الحكم لا يصل لدرجة الانعدام ، وإنما يكون باطلا ، وبذا لا يجوز رفع دعوى مبتدأه بالبطلان ، وإذا لم يطعن فيه أصبح باتا وحاز قوة الأمر المقضي إلا أن البطلان لا يسقط بالتصدي للموضوع أو بالرد علي الإجراء بما يفيد اعتباره صحيحا لأنه بطلان من النظام العام.

المستشار عز الدين الدناصوري

جواز الطعن في الحكم لعدم صلاحية القاضي ولو كان انتهائياً

قد يكون الحكم الصادر من قاضي لا  صلاحية   له – عملاً بالمادة 146 من قانون المرافعات – نهائياً طبقاً لقواعد الاختصاص القيمي بما يعني عدم جواز الطعن عليه .

وقد أدرك المشرع هذه الحقيقة فقرر بموجب المادة 221 من قانون المرافعات جواز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام ، أو وقوع بطلان فى الحكم ، أو بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم.

Advertisements
وهذا يعني أنه:

يجوز دائماً رغم نهائية الحكم الطعن عليه إذا صدر من قاضي لا صلاحية – مادة 146 من قانون المرافعات – بل أن رضاء الخصوم لا يعول عليه ذلك أنه ووفق صريح نص المادة 147 فقرة أولي يقع باطلا عمل القاضي أو قضاؤه فى الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم .

ونضيف أن سبق اتفاق الخصوم علي نهائية حكم محكمة الدرجة الأولي لا يمنعهم من الطعن بالاستئناف إذا خالف الحكم صريح نص المادة 146 من قانون المرافعات ، 147 من ذات القانون وهنا لا محل للاعتراض بما تقرره الفقرة الثاني من المادة 219 من قانون المرافعات والتي يجري نصها علي أنه ويجوز الاتفاق ولو قبل الدعوى على أن يكون حكم محكمة الدرجة الأولى انتهائياً .

الوضع الخاص بأحكام محكمة النقض

الوضع الخاص بأحكام محكمة النقض الصادرة عن قاضي فقد الصلاحية بقوة القانون إعمالاً للمادة 146 من قانون المرافعات :

من المؤكد أن نص المادة 146 من قانون المرافعات يسري علي القضاة عموماً ومنهم بكل تأكيد قضاة محكمة النقض ولخصوصية هذه المحكمة باعتبارها رأس السلطة القضائية والمسئولة عن توحيد المبادئ القضائية قررت الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات أنه وإذا وقع هذا البطلان فى حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى.

عدم صلاحية القاضي وبطلان النقض

وعن كيفية تفعيل نص الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات :

فيجب تقديم طلب إلي المستشار رئيس محكمة النقض موضحاً به الأسباب التي يستند إليها طالباً إبطال حكم محكمة النقض وكيف أن نص المادة 146 من قانون المرافعات محل تطبيق . حينها . وبعد الإطلاع يعرض الطلب رفقة الدعوى علي دائرة أخري للفصل في قيام سبب عدم الصلاحية وبطلان الحكم ، فإذا ما قنعت به أحالت – دون أن تفصل هي – الدعوى لدائرة أخري للفصل في الطعن من جديد.

العميد الدكتور أمجد عثمان

أثر عدم صلاحية القاضي بالمادة 147 مرافعات

اذا قام سبب من الأسباب المنصوص عليها في المادة 146 مرافعات من تلقاء نفسه ، وإلا كان عمله أو قضاؤه باطلاً ، ولو كان قد حكم بناء على إتفاق الخصوم ، ومع علمهم بقيام سبب عدم صلاحيته (مادة 147) .

ويجوز الطعن في الحكم – في الأحوال المتقدمة – بطرق الطعن المناسبة ، وقد أجاز المشرع – إستثناء – الطعن بالإستئناف في الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم (مادة 221)

د/ أحمد أبو الوفا ، قانون المرافعات المدنية والتجارية  ص 85

وزيادة في الإصطيان والتحوط لسمعة القضاء ، نص القانون على أنه إذا وقع بطلان في حكم صدر من محكمة النقض ، جاز للخصم أن يطلب منها سحب الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى ، وهذا إستثناء من الأصل العام الذي يجعل أحكام محكمة النقض بمنجى عن الطعن بما أنها خاتمة المطاف (راجع المادة 147 / 2)

د/ أحمد أبو الوفا ، قانون المرافعات المدنية والتجارية  ص 85

والطلب الذي يتقدم به صاحب الشأن إلى محكمة بطلان الحكم الصادر منها بسبب قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية في أحد المستشارين الذين اشتركوا في إصداره لا يخضع للميعاد المقرر في المادة 252 لأنه لا يعد طعناً في الحكم وإنما هو بمثابة دعوى بطلان أصلية ، فإذا أنه لا يعد طعناً في الحكم وإنما هو بمثابة دعوى بطلان أصلية ، فإذا ثبت للمحكمة توافر موجبات قبول الطلب ألغت الحكم وأعادت نظر الطعن أمام دائرة أخرى وإلا قضت بعدم قبوله .

(22/3/1990 طعن 2353 سنة 55 قضائية – وراجع 11/4/1979 – م نقض م – 30 العدد الثاني – 101)

ولا يجوز رفع دعوى أصلية ببطلان حكم النقض إستناداً إلى عدم صلاحية الهيئة التي أصدرته.

 (24/1/1984 طعن 891 سنة 50 قضائية – 15/3/1992 طعن 3499 سنة 61 قضائية)
محمد كمال عبد العزيز  ص ـ 888

والحكم الذي يصدر في الدعوى رغم عدم صلاحية القاضي الذي أصدره أو اشترك في إصداره ، يقع باطلا بطلاناً يتعلق بالنظام العام . فلا يسقط أو يزول بالتعرض للموضوع ، ويجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى وأن كان يشترط للتمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض أن تكون عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع ، ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها متى كانت العناصر اللازمة للفصل فيه مطروحة عليها.

 وفي ذلك تقول محكمة النقض :

النص في المادتين 146 / 5 و 147 من قانون المرافعات يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن:

القاضي لا يكون صالحاً لنظر الدعوى إذا كان قد سبق له نظرها قاضياً وإلا كان حكمه فيها باطلا ولما كانت أسباب عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى متعلقة بالنظام العام ويجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض متى كانت العناصر اللازمة للإلمام بها مطروحة على محكمة الموضوع .

وكان الثابت بالأوراق أن السيد المستشار ….. عضو اليمين بالدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه كان رئيساً للدائرة التي نظرت الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى أصدرت فيها بجلسة 14/1/1976 حكماً قضى بندب مكتب الخبراء لمعاينة أطيان النزاع وبيان نصيب الطاعنة فيها وقيمته وسند ملكيتها له على النحو المبين بأسباب ومنطوق ذلك الحكم والذي كان تحت نظر الدائرة التي نظرت الإستئناف وأصدرت الحكم المطعون فيه.

Advertisements

ومن ثم يضحى غير صالح لنظر الدعوى أمام محكمة الإستئناف ويكون الحكم الصادر فيها من المحكمة المذكورة باطلاً .

(29/3/1983 طعن 1369 سنة 49 قضائية – 8/6/1981 طعن 789 سنة 45 قضائية)

جواز التمسك ببطلان الحكم لأول مرة أمام محكمة النقض متى كانت عناصره مطروحة على محكمة الموضوع.

 (2/3/1988 طعن 112 – 118 – 121 سنة 54 قضائية – 20/1/1988 طعن 2095 سنة 53 قضائية – 25/11/1987 طعن 1790 سنة 51 قضائية)
محمد كمال عبد العزيز ص 889

ولكن الحكم في هذه الحالة لا يعتبر معدوماً فلا يجوز أن ترفع دعوى أصلية ببطلانه وإنما يتعين التمسك ببطلانه عن طريق الطعن فيه فإن فاتت مواعيد الطعن صار باتاً وحاز قوة الأمر المقضي .

(نقض جنائي 26/4/1960 – م نقض ج – 11 – 380 الشرقاوي بند 11 – راغب ص 195
وقارن والي هامش ص 176 وعمر في قانون القضاء الخاص ص 51 ويريان أن:

توافر أحد أسباب عدم الصلاحية يؤدي إلى إنعدام الحكم بما يجيز رفع دعوى أصلية ببطلانه.

لكن محكمة النقض ذهبت إلى غير ذلك فقضت بأن :

تحقق سبب عدم الصلاحية بأحد أعضاء لجنة الفصل في المنازعات الزراعية هو مجرد عيب يعترى قرارها دون أن يؤثر عليه من حيث وجوده.

 (3/3/1970 – م نقض م – 21 – 389)

غير أن البطلان من جهة أخرى يتعلق بالنظام العام فلا يسقط أو يزول الحق في التمسك به بالتعرض للموضوع أو بالرد على الإجراء بما يفيد إعتباره صحيحاً . ويلاحظ أن المادة 221 مرافعات تجيز الطعن في أحكام محاكم الدرجة الأولى الانتهائية بسبب بطلان الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.

محمد كمال عبد العزيز ص 889

أحكام النقض عن المادة 147 بشأن صلاحية القاضى

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن:

المطعون ضده أقام الدعوى رقم 111 لسنة 1980 مركز ميت غمر على الطاعن بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 11/4/1975 وإخلاء الطاعن من الدكان المبين بالصحيفة والتسليم.

وقال بيانا لها :

أنه بهذا العقد استأجر الطاعن منه هذا الدكان الكائن بناحية ميت محسن مشاهرة بأجرة شهرية قدرها 325 قرشا، وإذ كان لا يرغب في استمرار العلاقة الإيجارية وكانت العين المؤجرة لا تخضع لقانون إيجار الأماكن فقد أنذره بإنهاء العلاقة الإيجارية وإخلاء العين وتسليمها في نهاية شهر يناير سنة 1980، وإلا كانت يده على العين يد غاصب، إلا أن الطاعن لم يحرك ساكنا لذلك أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان.

وبتاريخ 28/10/1980 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة قيميا بنظر الدعوى وبإنهاء العلاقة الإيجارية وإخلاء الطاعن من العين المؤجرة وتسليمها للمطعون ضده، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 706 لسنة 1980 أمام محكمة المنصورة الابتدائية،

بتاريخ 10/3/1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة قيميا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة المنصورة الابتدائية حيث قيدت برقم 2508 لسنة 1981 كلي المنصورة وبتاريخ 3/11/1981 حكمت المحكمة الابتدائية بإنهاء العلاقة الإيجارية المبرمة بالعقد المؤرخ 11/4/1975 وإخلاء الطاعن والتسليم.

استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 38 لسنة 34ق المنصورة، وبتاريخ 3/2/1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.

طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها

 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر …….. والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه بطلانه لبطلان الحكم الابتدائي المؤيد به وفي بيان ذلك يقول

أن رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم رقم 2508 لسنة 1981 كلي المنصورة المؤيد بالحكم المطعون فيه سبق أن نظر الدعوى وأصدر حكما فيها بتاريخ 10 /3 /1981 في الاستئناف رقم 706/1980 المنصورة الابتدائية قاضيا بإلغاء الحكم رقم 111/1980 الصادر من محكمة مركز ميت غمر الجزئية وبعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة المنصورة الابتدائية.

وأبدى في أسباب هذا الحكم رأيا في النزاع هو عدم انطباق قانون إيجار الأماكن على العين المؤجرة تأسيسا على أن قرار محافظ الدقهلية رقم 85 لسنة 1980 بمد نطاق العمل بقانون إيجار الأماكن إلى قرية ميت محسن التي تقع بها عين النزاع قد صدر في 16 /4 /1980 بعد انتهاء عقد الإيجار بالتنبيه في يناير سنة 1980.

وقد كان هذا الرأي المسبق هو ذات الأساس الذي بني عليه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه وهذا الرأي المسبق الذي ضمنه أسبابه كان زائدا عن حاجة الدعوى وغير مرتبط بالمنطوق الذي يقوم بدونه فلا يحوز حجية، ذلك أن الدعوى وفق طلبات المطعون ضده رافعها هي طرد للغصب وبالتالي تكون مجهولة القيمة وتخرج عن اختصاص المحكمة الجزئية.

وكان بحسب الحكم أن يذكر ذلك دون حاجة إلى التعرض يكون العقد قد انتهى فعلا وبالتالي أصبح إدعاء الغصب صحيحا من عدمه إذ يجب ترك ذلك إلى المحكمة المختصة قيميا بنظر الدعوى، وهذا الرأي المسبق يجعله غير صالح لنظر الدعوى بما يبطل الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له.

وحيث إن النعي في محله

ذلك أن النص في المادة 146 من قانون المرافعات على أن “يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية … “5 ” إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى … أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً …….”

وفي الفقرة الأولى من المادة 143 منه على أن يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم.

يدل على أن علة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى التي سبق له نظرها قاضياً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم، واستنادا إلى أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى – وعلى ما جلته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الملغي تعليقاً على المادة 313 المقابلة – هو:

قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو إلى التزامه، مما يتنافى مع حرية العدول عنه فإذا كان القاضي قد عرض لحجج الخصوم لدى فصله في الدعوى السابقة وأدلى برأي فيها لم تتوافر له مقومات القضاء الحائز لقوة الأمر المقضي، فإنه يكون غير صالح لنظر الدعوى من بعد أو أي دعوى أخرى تتصل بالدعوى السابقة .

إذ في هذه الحالة تتوافر خشية تشبثه برأيه الذي أبداه فيشل تقديره ويتأثر به قضاؤه وأسباب عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى تتعلق بالنظام العام فيجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض بشرط أن يثبت أنه كان تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن من تلقاء نفسها من الإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى على موجبه.

لما كان ذلك

وكان الأصل أن قوة الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم وبما كان من الأسباب مرتبطا بالمنطوق ارتباطا وثيقاً فإذا كانت المحكمة قد عرضت تزيداً في بعض أسبابها إلى مسألة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليها أو لم تكن بها حاجة إليها للفصل في الدعوى فإن ما عرضت له من ذلك لا يكون له قوة الشيء المحكوم فيه .

لما كان ذلك

وكان تقدير قيمة الدعوى يخضع لأحكام المواد من 36 إلى 41 من قانون المرافعات، وكان مقتضى نص البند الثامن من المادة 37 فيه أنه إذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد عقد مستمر، كان التقدير باعتبار المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها.

لما كان ذلك

وكان الثابت من أوراق الدعوى أن النزاع فيها كان دائراً حول ما إذا كان عقد الإيجار سند الدعوى المبرم في 11 /4 /1975 مشاهرة بأجرة قدرها 325 قرشاً لا يخضع لقانون إيجار الأماكن لوقوع العين المؤجرة في قرية ميت محسن الخارجة عن نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن فيكون طلب إنهاء العلاقة الإيجارية وإخلاء العين والتسليم لا يزيد قيمته عن 250 جنيهاً كما يقول المطعون ضده .

من أن هذا العقد مما يخضع لقانون إيجار الأماكن بدخول قرية ميت محسن نطاق تطبيقه بمقتضى قرار المحافظ رقم 85 لسنة 1980 فيكون العقد ممتداً بقوة القانون ولمدة غير محدودة مما يجعل الدعوى بطلب إنهائه والإخلاء والتسليم غير قابلة لتقدير قيمتها وفقاً للقواعد المقررة في المواد من 36 إلى 40 من قانون المرافعات وتعتبر قيمتها من ثم زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً حسبما تقضي به المادة 41 منه كما يدعى الطاعن.

لما كان ما سلف

وكان عقد الإيجار من العقود المستمرة فإن الدعوى وقد تعلق النزاع فيها بامتداد هذا العقد تقدر قيمتها بأجرة المدة المتنازع على امتداد العقد إليها، وإذ كانت هذه المدة وفي قول أحد طرفي النزاع – غير محدودة فتكون أجرته تبعاً لذلك زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً،

لما كان ذلك

وكانت المحكمة بحكمها الصادر بتاريخ 10 /3 /1981 في الاستئناف رقم 706/1980 المنصورة الابتدائية قد قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة الجزئية قيميا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة المنصورة الابتدائية تأسيسا على أنها غير مقدرة القيمة وبالتالي زائدة عن 250 جنيها فما كانت بحاجة لبحث منازعة الطاعن والفصل فيها .

وإذ فصلت في أسبابها في منازعة المدعى عليه الطاعن بما أوردته من أن “عين النزاع لا ينطبق عليها قانون إيجار الأماكن حتى تاريخ رفع الدعوى وتوجيه الإنذار، وأنه وإن كان المستأنف (الطاعن) قد قدم ما يفيد خضوعها لقانون إيجار الأماكن بمقتضى القرار الصادر من محافظ الدقهلية رقم 85 لسنة 1980- المعمول به ابتداء من 16 /4 /1980.

إلا أنه لما كان المقرر أن أحكام الامتداد القانوني لعقود الإيجار لا تسري على الأماكن المؤجرة إلا من تاريخ صدورها عملا بالأثر الفوري للقانون،

وكان القرار آنف البيان لم ينص على سريان أحكامه بأثر رجعي، وإن عقد الإيجار المؤرخ 11 /4 /1975 سند الدعوى والذي انعقد لفترة مشاهرة وتجدد إلى أن أنذر المؤجر المستأجر برغبته في عدم التجديد وفقا لنص المادة 563 من القانون المدني وعلى ذلك فإن بقاء المستأجر بعد ذلك شاغلا للعين يعتبر مغتصبا ……”.

وهي أسباب تكشف عن اعتناق المحكمة لرأي معين في الدعوى ولم تكسب قوة الشيء المحكوم فيه لأن الفصل في مسألة الاختصاص لم تكن بحاجة إليها،

وإذ كان الثابت أن السيد/ ……. رئيس المحكمة هو رئيس الدائرة التي أصدرت هذا الحكم كما أنه هو رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم رقم 2508 لسنة 1981 كلي المنصورة في 3 /12 /1981 والذي قضى بالإخلاء على سند من رأيه السابق بعدم انطباق أحكام قانون إيجار الأماكن على عين النزاع .

Advertisements

لأن قرار المحافظ بمد نطاق قانون إيجار الأماكن إلى القرية التي بها عين النزاع صدر لاحقا على انتهاء عقد الإيجار بالتنبيه بالرغبة بعدم تجديد العقد ورغم أن الحكم الأول كان تحت بصرها بما يمكنها من الإلمام بعدم صلاحيتها للفصل في الدعوى ومن ثم يكون حكمها باطلا، ويكون الحكم المطعون فيه وقد أيده لما بني عليه من أسباب باطلا مثله بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني من سببي الطعن.

الطعن رقم 888 لسنة 53 بتاريخ 12/03/1984

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن:

المطعون عليها الأولى كانت قد أقامت الدعوى رقم 345 سنة 1978 مدني الإسماعيلية الابتدائية ضد……. وآخرين بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقود البيع الأربعة المبينة بصحيفة الدعوى،

تدخل الطاعن في الدعوى طالبا رفضها تأسيسا على أنه اشترى من مورث المدعى عليهم ما يملكه في عقار النزاع بعقد عرفي فضلا عن أنه يمتلك  حصة شائعة   فيه بالميراث،

بتاريخ 18/12/1979 حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعن خصما في الدعوى وبرفضها. استأنفت المطعون عليها الأولى ذلك الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 43 سنة 4 ق وبتاريخ 16/4/1980 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى المستأنفة وبرفض طلبات الطاعن موضوعا وبصحة ونفاذ عقود البيع الأربعة موضوع التداعي.

طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1392 سنة 50 ق وبتاريخ 5/2/1984 نقضت المحكمة الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسماعيلية وإذ قضى في الاستئناف – بعد تعجيله – لغير صالحه،

طعن فيه بالنقض بالطعن رقم 2272 سنة 57 ق. وبتاريخ 24/5/1990 أمرت المحكمة – في غرفة مشورة – بعدم قبول الطعن الثاني. طعن الطاعن في هذا القرار الأخير بطريق التماس إعادة النظر وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها

 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن الدفع المبدى من النيابة في محله

ذلك أن النص في المادة 263 من قانون المرافعات على أنه :

….. ويعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فإذا رأت المحكمة أن الطعن غير مقبول لسقوطه أو بطلان إجراءاته أو إقامته على غير الأسباب المبينة في المادتين 248، 249 أمرت بعدم قبوله بقرار يثبت في محضر الجلسة مع إشارة موجزة لسبب القرار … وفي جميع الأحوال لا يجوز الطعن في القرار الصادر من المحكمة بأي طريق.

والنص في المادة 272 من ذات القانون على أنه :

لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن.

مؤداه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن:

محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي، وأحكامها باتة، ولا سبيل إلى الطعن فيها وأن المشرع اغتنى عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن العادية وغير العادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة.

ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون زيادة في الإصطيان والتحوط لسمعة القضاة.

كما وأن قرار المحكمة في غرفة مشورة بعدم قبول الطعن لا يجوز الطعن فيه أيضاً بأي طريق مثله مثل الحكم الصادر منها سواء بسواء.

لما كان ذلك

وكان الطاعن لا يستند في التماسه بإعادة النظر في القرار الصادر من المحكمة بتاريخ 24/5/1995 بعدم قبول الطعن رقم 2272 سنة 57 ق إلى سبب يندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها على سبيل التحديد والحصر في المادة 146 من قانون المرافعات سالفة البيان فإن التماسه يكون غير مقبول وطعنه غير جائز.

الطعن رقم 3949 لسنة 60 بتاريخ 25/02/1996

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن:

المطعون ضده الأول أقام الدعوى 79 لسنة 1986 مدني دسوق الجزئية على الطاعنين بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/6/1978 وتسليمه العين المبينة به .

وقال بيانا لدعواه:

أن الطاعن الأول يستأجر منه بموجب ذلك العقد محلا بالجدك لاستغلاله صيدلية لقاء أجرة شهرية مقدارها 15 جنيه و 500 مليم وقد انتهت مدة العقد وأنذره برغبته في عدم تجديده، كما أنه تنازل عن العين المؤجرة للطاعن الثاني دون تصريح كتابي منه، محكمة دسوق الجزئية حكمت له بطلباته.

فاستأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة دسوق الابتدائية بهيئة استئنافية بالاستئناف 1 لسنة 1987 التي أحالت الدعوى للتحقيق وبعد سماعها للشهود قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة – قيميا – بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية “مأمورية دسوق” حيث قيدت برقم 83 لسنة 1988 وبتاريخ 29/11/1988 حكمت بفسخ العقد وتسليم عين النزاع للمطعون ضده الأول .

استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 16 لسنة 22 ق طنطا “مأمورية كفر الشيخ” وبتاريخ 11/12/1990 قضت بالتأييد.

طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان

أن ولاية محكمة الاستئناف في حالة إلغاء الحكم المستأنف بسبب عدم اختصاص محكمة أول درجة مقصورة على إلغاء الحكم ولا تتسع لإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، لأن حكم المادة 110 من قانون المرافعات قصر الإحالة على حالة حكم المحكمة بعدم اختصاصها هي وليس عدم اختصاص محكمة غيرها .

وإذ اعتد الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بإحالة محكمة دسوق الابتدائية بهيئة استئنافية إلى محكمة أول درجة ولم يقضي بعدم قبول الدعوى ورفض طلبهما إحالة الدعوى للتحقيق مكتفيا بما سمعته المحكمة المحلية من شهود فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد

ذلك أنه ولئن كان النص في المادة 135 من قانون المرافعات السابق 77 لسنة 1949 على أن:

(يجوز للمحكمة إذا حكمت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة).

في ضوء ما ورد بمذكرته التفسيرية من أنه:

(أجاز القانون الجديد للمحكمة – إذا هي قبلت الدفع بعدم  الاختصاص المحلي  أو النوعي – أن تحكم بإحالة القضية بحالتها إلى المحكمة المختصة حتى لا تنقضي الخصومة بالحكم بعدم الاختصاص وحتى لا يتحمل رافعها عبء الاضطرار إلى تجديدها بدعوى مبتدأه مع احتمال أن يكون رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة نتيجة خطأ مغتفر ….

و ظاهر أن حكمة النص على جواز إحالة القضية إلى المحكمة المختصة لا تتوافر ولا يكون للعمل به محل – إذا قضت المحكمة في الدعوى في غيبة المدعى عليه وطعن هو في حكمها بالمعارضة أو الاستئناف ففي هذه الحالة لا يكون للمحكمة المرفوع إليها الطعن إلا أن تقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التي أصدرته).

لئن كان ظاهر عبارة هذا النص يسمح بالقول أن سلطة المحكمة في الإحالة مقصورة على حالة حكمها بعدم اختصاصها هي ولا يمتد إلى حالة عدم اختصاص المحكمة المطعون على حكمها أمامها إلا أن مؤدي تعديل هذا النص ذاته بالقانون 100 لسنة 1962 إلى أن:

(على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة …… وتلتزم المحكمة المحالة إليها الدعوى بنظرها) .

في ضوء ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية من أنه (كان رائد المشرع في مشروع التنقيح المرافق هو تبسيط إجراءات التقاضي وتيسيرها وتنقية القانون القائم في كثير من المواضع مما عيب عليه….وتبسيطا للإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص رؤى النص على وجوب أن تأمر المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في كل حالة من الحالات التي تقضي فيها بعدم اختصاصها بنظرها بعد أن كان ذلك الأمر جوازيا في القانون القائم .

كما رؤى أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى) ثم ما نصت عليه المادة 110 من قانون المرافعات القائم من أنه:

(على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية) وما جاء بمذكرته الإيضاحية. .

استحدث المشرع في المادة 110 نصا مؤداهك

أن على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان الاختصاص متعلقا بالولاية بعد أن كان القضاء قد استقر في ظل القانون القائم على عدم جواز الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص إذا كان ذلك راجعا إلى سبب متعلق بالوظيفة.

وكان مبنى هذا القضاء فكرة استقلال الجهات القضائية بعضها عن البعض الآخر وهي فكرة لم يعد لها محل بعد تطور القضاء وانحصاره في جهتين تتبعان سيادة واحدة”

وما نصت عليه المادتين 232، 233 من قانون المرافعات من أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط. ويجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما قدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك أمام محكمة أول درجة.

بما يقتضيه ذلك من أن مهمة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مجرد مراقبة سلامة تطبيق محكمة أول درجة للقانون وإنما عليها أن تعيد نظر الدعوى بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وتقول كلمتها محكمة الموضوع فيها وهو ما لازمه أن يكون لها بحسب الأصل كل ما لمحكمة أول درجة من صلاحيات.

وكل ذلك يدل على أن قصد المشرع قد اتجه بدأ منذ صدور القانون 100 لسنة 1962 إلى أن يوجب على محكمة الموضوع بدرجتيها. ودون محكمة النقض لما نصت عليه المادة 269 مرافعات من حكم مغاير. أن تأمر كلما حكمت بعدم اختصاصها هي أو بعدم اختصاص محكمة أدنى أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة.

وذلك للإقلال من دواعي البطلان وتأكيدا للدور الإيجابي للقضاء في تسيير الدعوى وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا أخطأ في تطبيقه ويكون النعي على غير أساس خليقا بالرفض.

وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه أنه أطرح دفاعهما ببطلان الحكم الابتدائي

لأن السيد/ عضو يمين الدائرة التي أصدرته كان عضوا في الدائرة الابتدائية بهيئة استئنافية التي حكمت بعدم اختصاص محكمة دسوق الجزئية قيميا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الابتدائية قولا منه بأن هذا الحكم لا يكشف عن رأي في موضوع الدعوى.

في حين أن الحكم بعدم  الاختصاص القيمي  كان نتيجة بحث لموضوع الدعوى وبعد تحقيق شارك فيه سيادته فلم يعد صالحا لنظر الدعوى …….فخالف الحكم المطعون فيه بذلك القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود

ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة تطبيقا لنص المادتين 146/5، 147/1 من قانون المرافعات أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وبطلان حكمه متى سبق له نظرها قاضيا أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له رأيا في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الزهن عن موضوعها .

حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزنا مجردا مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم، ولما كان الثابت من الاطلاع على حكم محكمة دسوق الابتدائية بهيئة استئنافية الذي شارك في إصداره عضو يمين الدائرة التي أصدرت حكم محكمة أول درجة أنه قد أقام قضاءه بعدم اختصاص محكمة دسوق الجزئية بالنزاع قيميا واختصاص المحاكم الابتدائية على ما أورده في مدوناته من أن منازعة الطاعنين في أن العين خالية …..

يجعل النزاع يخرج من اختصاص المحاكم الجزئية ويوجب الإحالة إلى المحكمة الابتدائية “ولا يقيد حكم الإحالة للمحكمة الابتدائية بشأن ما إذا كان المكان قد أجر خاليا أو مفروشا” وهو تقرير لا ينبئ عن أن القاضي قد كون رأيا خاصا في هذا الموضوع …….ولا أسفر عن اقتناعه بأقوال الشهود ومن ثم فإنه لا يفقد صلاحيته لنظر الدعوى….وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا أخطأ في تطبيقه ويكون النعي على غير أساس خليقا بالرفض.

وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث للطعن أنه رفض دفعهما بعدم سماع الدعوى

لعدم قيد عقد الإيجار بالوحدة المحلية تأسيسا على أن العين المؤجرة محل تجاري أي منقول معنوي وليس مكانا مفروشا دون أن يستظهر توافر العناصر المعنوية للمحل التجاري فشابه بذلك التناقض – رغم أن المشرع اشترط لسماع الدعوى في الحالتين قيد عقد الإيجار فخالف بذلك القانون بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد

ذلك أن النص في المادة 43 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن :

لا تسمع دعاوى المؤجر كما لا تقبل الطلبات المقدمة منه الناشئة أو المترتبة على تطبيق أحكام المادتين 39، 40 إلا إذا كانت العقود المبرمة وفقا لها مقيدة على الوجه المنصوص في المادة السابقة”

يدل على أن الجزاء المنصوص عليه في المادة 43 بعدم سماع دعوى المؤجر لعدم قيد العقد المفروش بالوحدة المحلية لا محل لإعماله إلا إذا كان عقد الإيجار مبرما بالتطبيق لأحكام المادتين 39، 40 من هذا القانون أما إذا كان العقد لا يندرج ضمن الحالات المنصوص عليها في هاتين المادتين فلا محل لإعمال هذا الجزاء الذي قصره المشرع على هذه الحالات وحدها.

لما كان ذلك

وكان تأجير مالك العقار لمحل مجهز بقصد الاستغلال التجاري سواء أكان قد استكمل مقومات  المحل التجاري  المادية والمعنوية أو كان مجرد مكان زوده مالكه بمنقولات من عنده يخرج عن نطاق الحالات المنصوص عليها في هاتين المادتين. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على ما سلف بيانه فإن النعي في جملته يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعنان ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب

ذلك لأنهما تمسكا بصورية قائمة المنقولات المرفقة بالعقد وبأن منفعتها لا تغلب منفعة المكان خاليا ودللا على ذلك بأقوال شهودهما وبالعديد من المستندات التي ثبت أن المكان خالي ولكن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع بمقولة. أن العين أجرت بمنقولات تفي بالغرض من تأجيرها كصيدلية دون أن يعني بالرد على دفاعهما وهو ما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله

ذلك أن تقرير  أدلة الصورية  هو مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه إن لم يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ويرد استقلالا على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الحجج والأقوال.

لما كان ذلك

وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن محل النزاع لم يؤجر خاليا بل مجهزا بمنقولات كافية للغرض الذي أجرت من أجله مستدلا على ذلك بأقوال شهود المطعون ضده الأول التي اطمأن إليها وما ساقه من قرائن وكان هذا الذي ساقه الحكم سائغا وكافيا لحمل قضائه فلا على المحكمة إن لم ترد على ما ساقه الطاعنان من قرائن مناهضة بعد أن أوضحت الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس خليقا بالرفض.

الطعن رقم 651 لسنة 61 بتاريخ 5/06/1995

عدم صلاحية القاضي وبطلان النقض

ختاما: استعرضنا بالبحث القانونى وبالشرح والتفصيل الفقهى القواعد القانونية التى تتضمنتها المادة 147 مرافعات، مدعمة باحكام محكمة النقض بشأن أثر عدم صلاحية القاضى فى بطلان الحكم الصادر من المحاكم العادية ومحكمة النقض كاستثناء من الأصل العام.

Advertisements
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}