تعرف على براءة الذمة بالخيار والبدل، والفرق بين الالتزام التخييري والالتزام البدلي في القانون المدني المصري، وشروط كل منهما، وكيفية براءة ذمة المدين من التزاماته وفقًا لأحكام القانون.

محتويات المقال إخفاء

براءة الذمة بالخيار والبدل في القانون

المتعارف عليه أن، براءة الذمة في القانون المدني المصري تتحدد وفقًا لطبيعة الالتزام، سواء كان التزامًا تخييريًا أو بدليا:

  • في الالتزام التخييري، يلتزم المدين بتنفيذ أحد المحلات المتعددة، ويبرأ من التزامه عند اختياره لأي منها.
  • أما في الالتزام البدلي، فهناك محل أصلي للالتزام، لكن يُمنح المدين حق الوفاء ببديل عنه، مما يؤدي إلى براءة ذمته عند الوفاء بهذا البدل.
  • يهدف كلا النوعين إلى تحقيق مرونة في تنفيذ الالتزامات، مع تحديد الأحكام القانونية لحالات الاستحالة أو الامتناع عن التنفيذ.

الالتزام التخييري والالتزام البدلي: المفهوم والشروط والأحكام

الالتزام التخييري والبدلي هما نوعان من  التزامات الدائن والمدين  في القانون المدني المصري، يحددان كيفية وفاء المدين بالتزاماته.

 

ففي الالتزام التخييري، يكون للمدين عدة محلات للاختيار من بينها، ويبرأ ذمته عند تنفيذ أحدها.

أما الالتزام البدلي، فلديه محل واحد أصلي، لكن يُمنح المدين خيار الوفاء ببديل عنه. يختلف الاثنان في شروطهما وآثارهما القانونية،

حيث ينقضي الالتزام البدلي إذا استحال تنفيذ المحل الأصلي، بينما في الالتزام التخييري لا ينقضي إلا عند استحالة جميع المحلات.

مفهوم الالتزام التخييري

الالتزام التخييري هو التزام يكون محله متعددًا، لكن يلتزم المدين بتنفيذ أحد هذه المحال فقط.

مثلًا، إذا التزم شخص بإعطاء آخر إما أرضًا أو سيارة،

فالالتزام هنا تخييري، ويكون الخيار للمدين أو الدائن وفقًا لما يُتفق عليه.

شروط الالتزام التخييري

يجب توافر ثلاثة شروط أساسية ليكون الالتزام التخييري:

  1. تعدد محل الالتزام: يكون هناك أكثر من محل يتم تعيين واحد منها عند التنفيذ.
  2. استيفاء شروط المحل: يجب أن يكون كل محل ممكنًا، مشروعًا، ومحددًا.
  3. تحقق البراءة بأداء أحد المحال: تبرأ ذمة المدين نهائيًا إذا أوفى بأحد المحال المتعددة.

مصادر الالتزام التخييري

ينشأ الالتزام التخييري إما بالعقد أو بموجب نص قانوني. على سبيل المثال، يجيز  القانون المدني المصري  أن يكون محل الالتزام أحد أشياء قيمية أو مثلية من أجناس مختلفة.

من له حق التعيين؟

الأصل أن يكون تعيين محل الوفاء للمدين، لكن يمكن الاتفاق على أن يكون للدائن.

الالتزام البدلي وبراءة ذمة المدين

الالتزام البدلي هو الالتزام الذي يكون له محل واحد معين ابتداءً، لكن يُمنح المدين حق الوفاء بشيء آخر بدلاً منه، مما يؤدي إلى براءة ذمته.

شروط الالتزام البدلي

وجود محل أصلي وبديل عنه: يجب أن يكون للالتزام محل أصلي محدد، ويُحدد بديل يمكن للمدين الوفاء به عند الحاجة.

خصائص الالتزام البدلي

الالتزام البدلي يكون لصالح المدين، حيث يُمكنه الوفاء بالبديل لتبرئة ذمته.

مصادر الالتزام البدلي

قد يكون مصدر الالتزام البدلي الاتفاق، مثل  عقد قرض  يُتيح للمدين نقل ملكية عقار بدلاً من سداد المبلغ نقدًا.

أحكام هلاك محل الالتزام

هلاك المحل الأصلي أو البديل في الالتزام البدلي يحدد كيفية التزام المدين بالوفاء أو تعويض الطرف الآخر.

التمييز بين الالتزام البدلي والالتزام التخييري

في الالتزام البدلي، المحل الأصلي هو وحده الذي يحدد طبيعة الالتزام، بينما في الالتزام التخييري، يكون هناك عدة محلات للاختيار.

الشرح التفصيلي للالتزام التخييري والبدلي في القانون

الالتزام التخييري والبدلي هما نوعان من الالتزامات في القانون المدني، حيث يتيحان للمدين اختيار الوفاء بأحد المحلات المتعددة أو ببديل عنها. في هذه الفقرة، سنتناول الشرح التفصيلي لكلا النوعين وأحكامهما القانونية.

تعدد محل الإلتزام

1- الإلتزام التخييري

النص التشريعي (مادة 275):

يكون الإلتزام تخييرياً إذا شمل محله أشياء متعددة تبرأ ذمة المدين براءة تامة إذا أدي واحداً منها، ويكون الخيار للمدين ما لم ينص القانون أو يتفق المتعاقدين علي غير ذلك.

الأعمال التحضيرية:

سمة الإلتزام الذي يلحق به وصف التخيير أن محله لا ينحصر في الإلزام بأمر واحد، أو بأمور متعددة يتعين أداؤها في جملتها، بل يشمل أموراً متعددة يجتزأ بالوفاء بواحد منها فحسب، ويكون الخيار للمدين ما لم يوكل أمره إلي الدائن بمقتضي إتفاق خاص أو نص في القانون،

ذلك أن  الإلتزام التخييري  قد يكون مصدره التعاقد أو القانون، وقد تقدمت الإشارة إلي نصين تكفل كل منهما بإنشاء إلتزام تخييري:

  • أولهما – يتعلق بأضعاف التأمينات الخاصة بفعل المدين، وهو ينشئ إلتزاما تخييرياً عهد بالخيار فيه للدائن، فله أن يستأدي المدين أو أن يطالب بتأمين إضافي.
  • والثاني- يتعلق بالمحافظة علي حقوق الدائن أو إعساره، واستند في ذلك إلي سبب معقول، وهو ينشئ إلتزاماً تخييرياً وكل أمر الخيار فيه إلي الخيار، فله أن يفي بإلتزامه فور الوقت، أو أن يقدم تأميناً خاصاً.
(أنظر المادة 398 من المشروع)

2- ويشترط لإلحاق وصف التخيير بالإلتزام أن يتعدد ما يرد الإلتزام عليه، علي نحو يتحقق معه قيام مكنة فعليه للخيار، فإذا إمتنع الإلتزام بأكثر من أمر واحد، بسبب عدم توافر الشرائط القانونية فيما عداه،

(كما إذا كان الأمر الآخر تكليفاً غير ممكن أو غير مشروع) فلا يكون للإلتزام من وصف التخيير إلا الظاهر، إذا الواقع أنه ينعقد بسيطاً غير موصوف

ويقتصر محله علي ذلك الأمر الذي قامت به صلاحية الإلزام دون غيره، وهذا هو المعني الذي استظهره التقنين الفرنسي في المادة 1192(ونقله عنه المشرع الفرنسي الإيطالي في المادة 123) ونصها:

” يعتبر  الإلتزام   بسيطاً مجرداً من الوصف، ولو عقد علي سبيل التخيير إذا إمتنع أن يكون أحد الأمرين اللذين يرد التعهد عليهما محلا للإلتزام “.

وقد عني التقنين البولوني بتقرير حكم آخر، لا يقل عن الحكم المتقدم سلامة ووضوحاً، فنص في الفقرة الثانية من المادة 22 علي أنه لا يجوز للدائن أو المدين أن يقتصر علي الوفاء بشق من أحد محلي التخيير وشق من المحلي الآخر

(أنظر كذلك المادة 1191 من التقنين الفرنسي، والمادة 60 من التقنين اللبناني، والمادة 121 من المشروع الفرنسي الإيطالي، والمادة 56/46 من التقنين التونسي والمراكشي، والمادة 1177 من التقنين الإيطالي.)

3- أما فيما يتعلق بكيفية إستعمال من يوكل إليه أمر الخيار لحقه هذا، فقد تضمن التقنينان الألماني والبولوني نصوصاً (المادة 263 من التقنين الألماني

والمادتان 26 و 28 من التقنين البولوني) ليست في الواقع سوي تطبيق القواعد العامة، فيعتبر الخيار تاماً، وفقاً لهذه القواعد، متي أخطر صاحب الحق فيه الطرف الآخر بما إستقر عليه رأيه

أو متي قام المدين بالوفاء بشئ مما يرد التخيير عليه، إن كانت الخبرة له، أو متي طالب الدائن بالوفاء بشئ من الأشياء التي يشتمل عليها  محل الإلتزام ، إن كان مرجع الإختيار إليه (أنظر كذلك المادتين 57 و 58 من التقنين اللبناني

والمادة 153/142 من التقنين التونسي والمراكشي) ومتي تم الإختيار إمتنع العدول عنه بغير رضاء الطرف الآخر، ويعتبر الشئ الذي وقع الإختيار عليه ، كما لو كان هو الواجب الأداء وحده من بادئ الأمر.

الإلتزام التخييري في رأي الفقه المدني

1- ينصح من نص المادة 275 مدني أن المميز للإلتزام التخييري هو أن محله لا ينحصر في الإلتزام بأمر واحد أو بأمور متعددة يتعين علي المدين أداؤها جميعاً، بل هو يشمل أموراً متعددة يجب علي المدين أن يوفي بواحد منها فحسب.

وذلك يفترض أن تكون هذه الأمور المتعددة مستوفية لشروط المحل، فإذا إلتزم المدين بأحد أمرين، أحدهما غير ممكن أو غير مشروع فلا يكون خيار التعيين بسبب الجهالة في المبيع،

ولكن الإستحسان الذي إتبعه الرأي المختار في المذاهب الحنفي جوزه تسهيلا علي الناس الذين لا خبرة لهم في البيوع لأجل إستشارة من يثقون به أو لأجل التفكير أثناء مدة الخيار، وهذا ما نقلته مجلة الأحكام العدلية (مادة 316).

وقد إشترط فقهاء الحنفية – في خيار التعيين ألا تزيد الأشياء موضوع الخيار علي الثلاثة، بإعتبار أن الحاجة تندفع بالثلاثة لإحتوائها علي الردئ والوسط والجيد

وكذلك إشترطوا أن تكون الأشياء من القيميات بإعتبار أنه لا يتصور الخيار في المثليات التي هو بتعريفها من نوع ومثمن واحد

ولكن هذا القيد لم تأخذ به القوانين المدنية العربية بل تركت الخيار علي إطلاقة، كما أن القانون العراقي نص صراحة علي أنه يصح أن يكون محل الإلتزام أحد أشياء قيمية أو مثلية من أجناس مختلفة (مادة 298).

وخيار التعيين وإن ورد في باب البيع في المجلة إلا أن حكمة يجري قياساً علي سائر العقود المماثلة كالاجارة مثلاً.

3- يصح أن يكون محل الإلتزام أحد أشياء قيمية أو مثلية من أجناس مختلفة ويكون الخيار في تعيينه للمدين أو للدائن

وفي هذا التخيير في الإلتزام مصلحة ذات شأن لمن له الخيار خصوصاً إذا كان هو المدين، وإذا أطلق خيار التعيين فهو للمدين لأن هذا الخيار قلما يكون للدائن عادة.

وخيار للتعيين ينتقل إلي  الوارث ، تحقيقا لمقتضي العقد وتعيين المعقود عليه، وإلا لأصبح العقد بحكم الباطل بلا موجب.

وخيار التعيين يثبت بحكم الإتفاق، وقد يثبت بنص قانوني.

المقصود بالالتزام التخييري:

 الالتزام التخييري هو التزام متعدد المحل ولكن المدين لا يلتزم إلا بأداء واحد فقط من هذه المحال المتعددة. مثال ذلك: إذا التزم شخص لآخر بإعطائه إما أرضا أو سيارة كان الالتزام هنا تخييريا، وكان محل الالتزام هو الأرض أو السيارة بحسب اختيار المدين أو الدائن ولا يكون محل الالتزام الأرض والسيارة معا .

(السنهوري ص 115)

وليكون الالتزام تخييريا يقوم به وصف التخيير لابد من توافر ثلاثة شروط هي:

الشرط الأول: أن يتعدد محل الالتزام فيكون له محلان أو أكثر ويتم تعيين واحد منها بعد التعاقد ليصبح هو محل الالتزام، ولذلك فإن هذا المحل لا يكون معينا عند التعاقد إنما يتم التعيين عند تنفيذ العقد

ومن ثم يكفي أن يكون المحل قابلا للتعيين فلا يشترط أن يكون معينا تعيينا تاما عند التعاقد، فقد يتفق البائع علي أن يسلم المشتري سيارة من بين ثلاث سيارات، أو قطعة أرض من بين خمس قطع أو حجرة مكتب من بين حجرتين وهكذا.

ومتى تم التعيين تحدد محل الالتزام وانحصر الوفاء فيه فلا تبرأ ذمة المدين إذا عرض الوفاء بمحل آخر حتى لو كان التعيين له.

(أنور طلبه ص 6)

الشرط الثاني: أن يتوافر في كل محل من محال الالتزام التخييري الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام بصفة عامة وهي: الوجود أو الإمكان والتعيين والمشروعية. فإذا لم تتوافر هذه الشروط إلا في محل واحد، فلا يكون الالتزام تخييريا بل بسيطا ذا محل واحد.

والعبرة، في معرفة ما إذا كانت الشروط الواجبة متوافرة في الأداءات المتعددة للالتزام التخييري تكون بوقت نشوء هذا الالتزام

فإن توافرت الشروط في هذا الوقت، كان الالتزام تخييريا، حتى أصبحت الأداءات بعد ذلك لا تصلح كلها أو بعضها محلا للالتزام. وعلي النقيض من ذلك

إذا لم تتوافر الشروط إلا في أداء منها، كان الالتزام بسيطا منذ البداية ومحله هذا الأداء الذي توافرت فيه الشروط، ولا ينقلب تخييريا حتى لو أصبحت الأداءات الأخرى بعد ذلك متوافرا فيه الشروط الواجبة .

(السنهوري ص 120)

الشرط الثالث: أن يكون أحد هذه المحال وحده واجبا أداؤه، بحيث تبرأ ذمة المدين براءة تامة إذا أدى واحدا منها .

(محمود جمال الدين زكي ص 125-محمد لبيب شنب ص 330)

ويستتبع ذلك أن المحال المتعددة للالتزام التخييري تكون في الكثرة الغالبة من الأحوال متعادلة في قيمتها، مادام أن تنفيذ أي محل منها يغني عن تنفيذ المحال الآخر. غير أن هذا ليس بضروري

فقد تتفاوت قيم المحال إذا تفاوتت شروط أدائها. مثل ذلك أن يلتزم شخص نحو آخر بأن يبيع له الدار بألفين أو الأرض بألف، فتكون قيمة الأرض نصف قيمة الدار

وقد يعد شخص آخر بإقراضه ألفا بفوائد سعرها 5٪ أو خمسمائة بفوائد سعرها 6٪ بل قد لا تتفاوت شروط الأداء ومع ذلك تكون القيم متفاوتة

فقد يكون المبلغ الموعود بإقراضه هو ألف أو ألفان علي حسب اختيار المدين ويكون سعر الفائدة في الحالتين 5٪.

(السنهوري ص 121)

وقد قضت محكمة النقض بأنه:

متى كان الواقع في الدعوى هو أن عقد البيع الابتدائي قد ورد علي حصة مفرزة محددة مقدارها 36 فدانا وفقا لوضع يد البائع مع تحديد سعر الوحدة للفدان بمبلغ معين

فلما قامت إجراءات الشهر العقاري حائلا دون تسجيل العقد علي هذا الوجه حور الطرفان اتفاقهما في العقد النهائي دون المساس بجوهرة بأن جعلا البيع منصبا علي الحصة الشائعة بحسب النصيب الشرعي ومقدارها 30 فدانا والتي لا تجادل المساحة في جواز ورود العقد عليها

كما جعلاه منصبا أيضا علي القدر المفرز الوارد في العقد الابتدائي وحرصا علي النص علي سعر الوحدة للفدان الواحد بمبلغ معين في كلتا الحالتين

وكان المفهوم من هذا التحوير اللاحق في العقد النهائي أن البيع شمل “محلين” الأول بيع النصيب الشائع والآخر بيع هذا النصيب حسب وضع اليد وأن العلاقة بينهما تسوي علي أساس المحل الذي يصح به العقد

وكانت مصلحة الشهر العقاري قد نقلت أولا ملكية القدر الشائع دون المحدد وجرت المحاسبة في العقد علي ثمن هذا القدر وحده ثم تبين بعد ذلك أن المحل قد استقام أمره وهو ال36 المحددة ببيع المشتري له دون اعتراض من الشهر العقاري.

فإنه يكون للبائع الحق في الرجوع علي المشترين بثمن الفرق علي أساس الوحدة المتفق عليه ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر البيع جزافا بالثمن المحدد للحصة الشائعة قد خالف في تفسيره الثابت بالأوراق

(نقض 12/5/1955 ج1 في 25 سنة ص274)

وبأنه “مؤدي ما نصت عليه الفقرة (2) من المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن المشرع ألقي علي عاتق المالك المرخص له بهدم مبناه لإعادة بنائه بشكل أوسع بالتزام تخييري قبل كل من مستأجري وحدات هذا المبني

وهو أن يوفر له مكان مناسب بأجر مماثل لأجر الوحدة التي كان يستأجرها بالمبني المرخص بهدمه وإما بتعويضه تعويضا نقديا علي الوجه المبين بالنص

وجعل الخيار في ذلك للمالك باعتباره المدين بهذا الالتزام التخييري

(الطعن رقم 2013 لسنة 56ق جلسة 20/11/1991)

مصدر الخيار:

قد يكون مصدر الالتزام التخييري هو العقد أو القانون. فيجوز للمتعاقدين أن يتفقا علي أن يلتزم المدين بعدة أشياء أو أداءات علي أن تبرأ ذمته بالوفاء بواحد من هذه الأشياء أو الأداءات فقط. فيكون الالتزام التخييري ناشئا في هذه الحالة عن العقد. وقد ينص القانون علي التزام المدين بعدة أشياء

ويكتفي منه بالوفاء بواحد منها فقط لكحي تبرأ ذمته، فيكون الالتزام التخييري ناشئا في هذه الحالة عن القانون. ومثال ذلك ما يأتي:

1- ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 273 مدني من سقوط الأجل إذا كان المدين قد أضعف بفعله إلي حد كبير ما أعطي الدائن من تأمين خاص ولو كان هذا التأمين قد أعطي بعقد لاحق أو بموجب القانون هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين

أما إذا كان أضعاف التأمين يرجع إلي سبب لا إرادة للمدين فيه فإن الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضمانا كافيا.

2- ما تنص عليه المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أنه يجوز للمالك المبني المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكن أن يثبته علي المستأجر بإعلان علي يد محضر بإخلاء المبني بقصد إعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وفقا للشروط والأوضاع الآتية……..

(د) أن يقوم المالك بتوفير وحدة مناسبة بأجر مماثل ليمارس المستأجر نشاطه فيها وإلا التزام بتعويضه بمبلغ مساو للفرق بين القيمة الإيجارية للوحدة التي يشغلها والقيمة الإيجارية للوحدة التي يتعاقد علي ممارسة نشاطه فيها لمدة خمس سنوات

أو للمدة التي تنقضي إلي أن يعود إلي المكان بعد بنائه بذات القيمة الإيجارية الأولي أو يدفع مبلغا مساويا للقيمة الإيجارية للوحدة التي يشغلها خالية عن مدة عشر سنوات بحد أدني قدره ألفا جنيه أيهما أكبر فهذا الالتزام تخييري، الخيار فيه للمالك.

وقد قضت محكمة النقض بأنه:

التزام المالك المرخص له بهدم مبناه لإعادة بنائه بشكل أوسع بتوفير مكان مناسب للمستأجر بأجر مماثل أو بتعويضه نقدا التزام تخييري للمالك. م49/6ق 49 لسنة 1997.

(الطعن رقم 2265 لسنة 69ق جلسة 18/9/2000)

3-ما ينص عليه الفقرتين الأولي والثانية من المادة 1048 مدني من أنه “1-إذا تسبب الراهن بخطئه في الهلاك العقار المرهون أو تلقه، كان الدائن المرتهن مخيرا بين أن يقتضي تأمينا كافيا أو أن يستوفي حقه فورا. 2-فإذا كان الهلاك أو التلف قد نشأ عن سبب أجنبي ولم يضل الدائن بقاء الدين بلا تأمين كان المدين مخيرا بين أن يقدم تأمينا كافيا أو أن يوفي الدين فورا قبل حلول الأجل.

(السنهوري ص 132)

من له خيار التعيين:

 الأصل في الالتزام التخييري أن يكون تعيين محل الوفاء للمدين، ومفاد ذلك، أن للمدين الوفاء بما يحدده من محال هذا الالتزام ويكون هذا الوفاء مبرئا لذمته، وله أن يلجأ في ذلك إلي العرض والإيداع.

ولا يكون للدائن الاعتراض علي هذا التحديد إلا إذا أثبت وجود اتفاق بينه وبين المدين يجعل تعيين المحل له دون المدين، أو كان هناك نص في القانون يعطيه هذا الحق كنص المادة 1048 مدني

وقد يكون الاتفاق علي من له الحق في التعيين صريحا أو ضمنيا كما لو اتفق صاحب معرض سيارات علي أن يبيع للمشتري إحدى سيارتين،

فإن ذلك يتضمن جعل الخيار للدائن وهو المشتري، وإذا تفاوتت القيمة بين محال الالتزام، تعذر تحديد قيمة الدعوى إلا بعد تعيين المحل ممن له الحق في ذلك

فإن كان الخيار للدائن، فقد يفصح عن إرادته صراحة أو ضمنا، فإذا طلب من المدين تسليمه المنقول الذي وقع اختياره عليه. أصبح هذا المنقول هو محل التزام المدين، فلا تبرأ ذمته إلا بالوفاء به بالذات

فإن امتنع، جاز إجباره علي ذلك، ويكون الرجوع عليه عن طريق استصدار أمر بالأداء عملا بالمادة 201 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 التي أوجبت سلوك هذا الطريق إذا كان محل الالتزام منقولا معينا بذاته أو بنوعه أو مقداره

(أنور طلبه ص 7)

ولا يوجد ما يمنع من أن يتفق الطرفان علي أن يكون الخيار الأجنبي، ويكون الأجنبي في هذه الحالة إما خبير فنيا يستشيره أحد الطرفين فيكون الخيار في الحقيقة لهذا الطرف يستعمله بعد استشارة الخبير

أو يكون الأجنبي غير منتم لأحد من الطرفين فيقرب من أن يكون حكما بينهما يتفقان عليه عندما لا يستطيعان الاتفاق علي أن يكون الخيار لأحد منهما

ويساعد علي تقرير هذا الحكم أن نص التقنين المدني المصري لا يقول-كما تقول المادة 1190 من التقنين المدني الفرنسي-إن الخيار للمدين ما لم يتفق المتعاقدان علي أن يكون الخيار للدائن، بل تقول إن الخيار للمدين ما لم يتفق المتعاقدان علي غير ذلك .

(السنهوري ص 125)

من أحكام القضاء:

1- إلتزام المالك المرخص له بهدم مبناه لإعادة بنائه بشكل أوسع بتوفير مكان مناسب للمستأجر بأجر مماثل أو بتعويضه نقدا إلتزام تخييرى الخيار فيه المالك.

(الطعن 2173 لسنة 56ق جلسة 20/1/1991س42 ص245)

3- إقامة المستأجر مبنى مملوكا له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنية أثره تخييره بين إخلاء العين المؤجرة له أو توفير وحدة سكنيه ملائمة للمالك

أو لأحد أقاربه فى المبنى الذى أقامه م.22/2ق136 لسنة 1981 إمتناع المستأجر عن الأعمال حقه فى التخيير لقاضى ان يقوم بتعيين محل الإلتزام. مادة 276 / 1مدنى إسقاط حقه فى التخيير بتأجيره وحدات المبنى أو بيعها للغير أثره وجوب الحكم بإخلائه.

النص فى المادة 22/2 من القانون رقم 136لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن يدل على أن المشرع أنشأ فى ذمة مستأجر الوحدة السكنية الذى أقام مبنى مملوكاً له تزيد وحداته السكنية

تامة البناء والصالحة للإنتفاع – عن ثلاث إلتزاما تخييرياً بين محلين أحدهما إخلاء العين المؤجره له والثانى هو توفير مكان ملائم لمالك هذه العين أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية فى المبنى الذى أقامه مطلقاً له الحق فى إختيار أحدهما

ولا تبرأ ذمة المستأجر براءة تامه إلا إذا أدى للدائن – المؤجر له – أحد المحلين فإذا إمتنع عن اعمال حقه فى الخيار تولى القاضى تعيين محل الإلتزام وفقا لنص المادة 276/1 من القانون المدنى

فإن أسقط حقه فبادر بتأجير وحدات هذا المبنى أو باعها للغير ينقلب هذا الإلتزام التخييرى إلى إلتزام بسيط له محل واحد هو إخلاء العين المؤجره فلا يبقى سوى القضاء بإخلائه منها.

(الطعن 2999لسنة 61ق جلسة 15/1/1996 س47ص173)

4- إقامة المستأجر مبنى مملوكا له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنيه أثره تخييره بين إخلاء العين المؤجره له أو توفير وحده سكنيه ملائمه للمالك أو لأحد أقاربه فى المبنى الذى أقامه.

م22/2ق136 لسنة 1981 إمتناع المستأجر عن اعمال حقه فى التخيير للقاضى أن يقوم بتعيين محل إلتزام. م276/1مدنى إسقاط حقه فى التخيير بتأجيره وحدات المبنى أو بيعها للغير أثره وجوب الحكم بإخلائه.

النص فى المادة 22/2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن يدل على أن المشرع أنشأ فى ذمة مستأجر الوحدة السكنية الصالحة للإنتفاع عن ثلاث وحدات إلتزاما تخييرياً بين محلين أحدهما إخلاء العين المؤجر له

والثانى هو توفير مكان ملائم لمالك هذه العين أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية فى المبنى الذى أقامه مطلقا للمستأجر الحق فى إختيار أحد هذين المحلين

ولا تبرأ ذمته براءه تامة إلا إذا أدى أحد المحلين للمالك المؤجوله فإذا إمتنع عن إعمال حقه فى إختيار تولى القاضى تعيين محل الإلتزام وفقاً لنص المادة 276/1 من القانون المدنى

وإن أسقط حقه فبادر بتأجير وحدات هذه المبنى أو باعها للغير أو تصرف فيها باى وجه من التصرفات إنقلب هذا الإلتزام التخييرى إلى إلتزام بسيط له محل واحد هو إخلاء العين المؤجره فلا يبقى سوى القضاء بإخلائه منها.

(الطعن 4870 لسنة 64 ق – جلسة 26/2/1996 س47 ص 364)

اختيار محل الالتزام

النص التشريعي (مــادة 276):

  1.  إذا كان الخيار للمدين وإمتنع عن الإختيار، أو تعدد المدينون ولم يتفقوا فيما بينهم، جاز للدائن أن يطلب من القاضي تعيين أجل يختار فيه المدين أو يتفق فيه المدينون، فإذا لم يتم ذلك تولي القاضي بنفسه تعيين محل الإلتزام.
  2.  أما إذا كان الخيار للدائن وإمتنع عن الإختيار أو تعدد الدائنون ولم يتفقوا فيما بينهم عين القاضي أجلا إن طلب المدين ذلك، فإذا إنقضى الأجل إنتقل الخيار إلي المدين.

الأعمال التحضيرية للمادة 276:

يتناول هذا النص حكم إمتناع من يعهد إليه بالإختيار عن إستعمال حقه فإذا كان الخيار للمدين وإمتنع عن الافصاح عن رأيه ضرب له القاضي أجلا يختار فيه

وللقاضي أن يعين في الحكم نفسه ما يلزم المدين بالوفاء به من بين ما يرد التخيير عليه، فيما لو إمتنع المدين عن الإختيار في هذا الأجل

وقد يعترض بأن القاضي في هذا الوضع يخرج عن حدود المألوف في وظيفته، ويقيم نفسه، مقام المدين في تنفيذ إلتزامه، بيد أن مثل هذا الإعتراض غير ظاهر الوجاهة، فقد تقدم أن القاضي يتدخل في تنفيذ العقود

بل وفي تكوين بعضها، إذا إقتضت ذلك ضرورة قاهرة أو ملحة والحق أن تدخل القاضي في هذه الحالة بخصوصها حتي لا محيص عنه، فليس في الوسع خلع حق الخيار عن المدين وإسناده إلي الدائن

لأن ذلك يقضي إلي تحكم الثاني في الأول، خلافاً لما تقضي به قاعدة ترجيح جانب المدين عند الشك،

أما إذا كان الخيار، علي نقيض ذلك، موكولا إلي الدائن وإمتنع عن مباشرة هذا الحق، حتي في الأجل الذي حدده القاضي له، فليس ثمة ما يحول دون إسناد الخيار إلي المدين.

هذا وقد يتعدد من يعهد إليهم بالخيار، كما هو الشأن في تعدد المدينين أو خلفاء المدين أو تعدد الدائنين أو خلفاء الدائن، وفي هذه الحالة يتعين إنفاق أولئك، أو هؤلاء، جميعاً علي الخيار وإلا تولاه القاضي،

وقد إستظهرت الفقرة الثالثة من المادة 122 من المشرع الإيطالي هذا الحكم فنصت أنه علي ” إذا كان الخيار لأشخاص متعددين

فللقاضي أن يضرب لهم أجلاً للإنفاق وإعلان إختيارهم، فإن لم يعلنوا ذلك في خلال الأجل المحدد، تولي القاضي الإختيار ” ولم ير محل لا يراد نص مماثل في المشروع، إذ من الميسور إستخلاص مضمونة من القواعد العامة.

اختيار محل الالتزام في رأي الفقه:

1- إذا إمتنع من له الخيار عن إستعماله جاز للطرف الآخر أن يطلب من القضاء تعيين أجل يجب فيه إستعمال حق الخيار، فإذا إنتهى الأجل دون أن يفصح من له الخيار عن إرادته

إختلف الحكم بإختلاف ما إذا كان الخيار للمدين أو للدائن، ففي الحالة الأولي يتولي القاضي بنفسه تعيين محل الإلتزام أما في الحالة الثانية، فإن الخيار ينتقل إلي المدين.

وبإستعمال حق الخيار يتحدد محل الإلتزام في الشئ الذي وقع عليه الخيار وينقلب الإلتزام التخييري إلي إلتزام بسيط محله شئ واحد هو الشئ الذي وقع عليه الخيار ولإستعمال حق الخيار أثر رجعي

بمعني أنه يعتبر أن الإلتزام منذ نشوئه قد إنحصر في محل واحد،

ويترتب علي ذلك إذا كان الإلتزام بنقل ملكية أحد شيئين ثم وقع الخيار علي أحدهما، فإن الدائن يصبح مالكاً لهذا الشئ لا من وقت الخيار بل من وقت العقد إن كان الشئ منقولا معيناً بالذات.

(النظرية العامة للإلتزام-2- للدكتور إسماعيل غانم – ص 307و308 الوسيط -2-للدكتور السنهوري – ط 153-ص 12 وما بعدها، وكتابة: الوجيز ص 982 وما بعدها)

2- يجوز أن يكون الخيار للدائن أو للمدين، وعلي هذا إتفقت الشريعة الإسلامية وجميع القوانين المدنية العربية، ولكن عند عدم النص في القانون أو في العقد يكون الخيار للمدين وحده، وذلك وفقاً للقاعدة العامة أنه عند وجود الشك يراعي جانب المدين.

ويتم الخيار بأن يخير صاحبه قراره إلي الفريق الآخر، ولا يشترط القانون صيغة معينة لهذا الإخبار الذي يمكن أن يحصل وفقاً للقواعد العامة، وعندما يتم الخيار يعد الشئ المختار

كأنه موضوع الإلتزام في الأصل، ومعني ذلك انه لا يجوز لمن إستعمل خياره أن يرجع عنه إلا بموافقة الفريق الآخر

وأن أثر إختياره يرجع إلي تاريخ العقد، بحيث يعتبر الإلتزام الذي وقع عليه الإختيار كما لو كان الإلتزام الوحيد منذ نشوئه، فإذا تعهد المدين مثلاً بتسليم أرض أو سيارة ووقع الخيار علي السيارة

إعتبر موضوع الإلتزام منقولاً منذ البداية، وهذا الأثر الرجعي لإلتزام التخيير شبية بالأثر الرجعي للإلتزام الشرطي بفارق واحد هو ان الشرط حادث غير مؤكد الحصول علي خلاف الخيار الذي هو مؤكد وواجب.

وإشترط المذهب الحنفي أن تكون مدة الخيار معينة، وإشترط الأمام الأعظم أن يكون توقيت خيار التعيين بثلاثة أيام، ولكن صاحبية لم يقيدا المدة، وبهذا أخذت المجلة (مواد 317 و 318).

أما القوانين العربية الجديدة، فإنها لم تشترط تعين المدة، فإذا كانت معينة بالعقد أو القانون وجب الإختيار في خلاها

ولكن إذا لم تكن معينة وتأخر صاحب الخيار عن إستعماله أو تأخر أصحابه المتعددون عن الإتفاق علي الإختيار كان للفريق الآخر أن يراجع القضاء ليحدد لصاحب الخيار أو لأصحابه مهلة للإختيار

فإذا اقتض المدة دون جدوي وكان الخيار للدائن إنتقل هذا الخيار إلي المدين، أما إذا كان الخيار للمدين المتاكل إنتقل خياره إلي القاضي الذي يعين الشئ الذي يجب عليه أداؤه بعد نهاية المهلة(م64و65م لبناني).

وإذا توفي صاحب الخيار قبل إستعمال حقه إنتقل الخيار إلي ورثته(م59 لبناني) وبمعناه المحله (مادة 319) والقانوني المدني العراقي (مادة 300) علي أن خيار التعين ينتقل إلي الوارث،

وزاد القانون اللبناني أنه إذا أعلن إفلاس صاحب الخيار إنتقل حقه إلي جماعة الدائنين، وإذا لم يتفق الورثة أو الدائنون علي إستعمال الإختيار كان الفريق الآخر أن يطلب من القضاء تحديد مهلة لهم لهذه الغاية حق

إذا إنقضت ولم يتفقوا أصبح الخيار لهذا الفريق الآخر (مادة  59 لبناني).

(القانون المدني اللبناني – للدكتور صبحي المحصاني – ص 13 وما بعدها، والقانون المدني العراقي – للاستاذ منير القاضي -ص 59)

الامتناع عن الخيار:

قد يمتنع صاحب الخيار عن الاختيار، وفي هذه الحالة يجب أن نميز بين ما إذا كان الخيار للمدين وبين ما إذا كان الخيار للدائن.

(1) إذا كان الخيار للمدين:

إذا كان الخيار للمدين، فإن عين المدين الشئ الذي يريد الوفاء به وسلمه إلي الدائن برئت ذمته من الدين. وإن عينه ولم يسلمه انقضت صفة الالتزام التخييرية وصار بسيطا بانحصار محله في أمر واحد. أما إذا امتنع المدين عن الاختيار، أو إذا تعدد المدينون ولم يتفقوا فيما بينهم،

جاز للدائن أن يطلب من القضاء تعيين أجل يجب فيه استعمال حق الخيار أو يتفق فيه المدينون علي الاختيار، فإذا لم يتم ذلك تولي القضاء نفسه تعيين محل الالتزام.

وإذا مات المدين انتقل حق الاختيار لورثته وتعين عليهم-كما في حالة تعدد المدينين-أن يتفقوا جميعا علي الاختيار إذ أن الخيار غير قابل للتجزئة

وإلا تولي القاضي تعيين محل الالتزام مسترشدا بإرادة الطرفين وظروف التعاقد والملابسات الأخرى.

وقد قضت محكمة النقض بأن:

النص في المادة 22/2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن-يدل علي أن المشرع أنشأ في ذمة مستأجر الوحدة السكنية الذي أقام مبني مملوكا له تزيد وحداته السكنية الصالحة للانتفاع عن ثلاث وحدات التزاما تخييريا بين محلين

أحدهما إخلاء العين المؤجرة له والثاني هو توفير مكان ملائم لمالك هذه العين أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية في المبني الذي أقامه مطلقا للمستأجر الحق في اختيار أحد هذين المحلين ولا تبرأ ذمته براءة تامة إلا إذا أختار أحد المحلين للمالك المؤجر له

فإذا امتنع عن أعمال حقه في الخيار تولي القاضي تعين محل الالتزام وفقا لنص المادة 276/1 من القانون المدني،

وإن أسقط حقه فبادر بتأجير وحدات هذا المبني أو باعها للغير أو تصرف فيها بأي وجه من التصرفات انقلب هذا الالتزام التخييري إلي التزام بسيط له محل واحد هو إخلاء العين المؤجرة فلا يبقي سوى القضاء بإخلائه منها

(الطعن رقم 4870 لسنة 64ق جلسة 26/2/1996)

وبأنه “إقامة المستأجر مبني مكونا من أكثر من ثلاث وحدات سكنية أثره. تخييره بين ترك الوحدة السكنية التي يستأجرها أو توفير مكان للمالك أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية. م22/2ق 136 لسنة 1981.

عدم استعماله هذا الحق أو إسقاطه.مؤداه. وجوب إخلائه من العين المؤجرة. لازمة انفساخ عقد الإيجار بقوة القانون من وقت وقوع المخالفة دون إبداء هذه الرغبة من المالك علة ذلك

(الطعن رقم 56 لسنة 63ق جلسة 12/4/2000)

وبأنه “إقامة المستأجر مبني مملوكا له مكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنية في تاريخ لاحق لاستئجاره. تخييره بين إخلاء العين المؤجرة له أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبني الذي أقامه م22/2ق 136 لسنة 1981.

إسقاط حقه في التخيير بتأجيره وحدات المبني أو بيعها للغير. وجوب إخلائه للعين المؤجرة له. علة ذلك.

(الطعن رقم 2984 لسنة 58ق جلسة 11/5/2000).

(2) إذا كان الخيار للدائن:

إذا كان الخيار للدائن وجب إعلان إرادته أو التنفيذ بقبض المحل فإذا لم يفعل لجأ المدين إلي التقاضي لتحديد أجل للاختيار فإذا انقضي دون اختيار انتقل الخيار من الدائن إلي المدين

ويلاحظ أن الخيار إذا كان لأجنبي طبقت في حقه الأحكام المتقدمة لكن إذا امتنع الأجنبي عن الخيار تولي القاضي الاختيار بنفسه تطبيقا للقواعد العامة

ولا ينتقل الخيار إلي المدين لأن انتقال الخيار إلي من ليس له حق الخيار يقتضي نصا خاصا فإن لم يوجد النص وجب أن يتولي القضاء الاختيار

(السنهوري ص 134)

وقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه:

أما إذا كان الخيار، علي نقيض ذلك، موكولا إلي الدائن وامتنع عن مباشرة هذا الحق، حتى في الأجل الذي حدده القاضي له، فليس ثمة ما يحول دون إسناد الخيار إلي المدين.

هذا وقد يتعدد من يعهد إليهم بالخيار، كما هو الشأن في تعدد المدينين أو خلفاء المدين، أو تعدد الدائنين أو خلفاء الدائن، وفي هذه الحالة يتعين اتفاق أولئك، أو هؤلاء جميعا علي الخيار

وإلا تولاه القاضي. وقد استظهرت الفقرة الثالثة من المادة 122 من المشروع الفرنسي الإيطالي هذا الحكم فنصت على أنه :

إذا كان الخيار لأشخاص متعددين فللقاضي أن يضرب لهم أجلا للاتفاق وإعلان اختيارهم، فإن لم يعلنوا ذلك في خلال الأجل المحدد، تولي القاضي الاختيار”. ولم ير محل لإيراد نص مماثل في المشروع، إذ من الميسور استخلاص مضمونه من القواعد العامة.

(مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 38 وما بعدها)

وإذا توفي الدائن انتقل الخيار لورثته وتعين عليهم-كما في حالة تعدد الدائنين-الاتفاق علي الاختيار ومتى تعين المحل استند هذا التعيين بأثر رجعي إلي وقت نشوء الالتزام فإذا كان المحل منقولا معينا بالذات تنتقل ملكيته منذ نشوء الالتزام ويستطيع الدائن أن يسترده من تفليسة مدينه التي شهرت بعد نشوئه.

(أنور طلبه ص 8)

استحالة الاختيار بخطأ المدين

النص التشريعي (مــادة 277):

إذا كان الخيار للمدين ثم إستحال تنفيذ كل من الأشياء المتعددة التي إشتمل عليها محل الإلتزام، وكان المدين مسؤلا عن هذه الإستحالة ولو فيما يتعلق بواحدة من هذه الأشياء كان ملزما بأن يدفع قيمة آخر شئ إستحال تنفيذه.

الأعمال التحضيرية لنص استحالة الاختيار:

يواجه هذا النص حكم إستحالة تنفيذ أمر أو أكثر من الأمور التي يرد التخيير عليها، ورغم أن هذا الحكم محدود الأهمية من الناحية العملية فقد جرت التقنينات اللاتينية علي الإسهام بشأنه،

فأوردت نصوصاً كثيرة، ليست في جملتها إلا تطبيقاً بينه للقواعد العامة، علي أن المشرع لم ير مجاراة هذه التقنينات، بل إجتزاً بنص واحد، واجه فيه فرضاً ليس لتطبيق القواعد العامة فيه حظ موفور من الوضوح.

وقد يكون من الأنسب البدء بعرض شتى الفروض التي يمكن تصورها، من الناحية المنطقية، في هذا الصدد، وليس يخرج الأمر في شأنها عن تردد التخيير بين طرفي الإلتزام،

ومصدر الإستحالة، ومداها فالخيار إما أن يكون من حق المدين وإما أن يكون من حق الدائن، والإستحالة، في كلتا الحالتين، قد تنشأ عن سبب أجنبي،

أو عن تقصير الدائن أو تقصير المدين، وقد تتناول جميع الأمور التي يرد التخيير عليها، أو بعض هذه الأمور فحسب.

إثبات حق الخيار للمدين:

(أ) إذا كانت إستحالة التنفيذ راجعة إلي سبب أجنبي، إنقضى الإلتزام، وفقاً للقواعد العامة، متي شملت هذه الإستحالة جميع الأمور التي يرد التخيير عليها

أما إذا إقتصرت الإستحالة علي أحد محلي التخيير، فيسقط خيار المدين، ولا يكون له إلا الوفاء بالآخر، وليس ثمة معدى عن إمضاء هذا الحكم، فهو حتم تقضيه طبيعة الأشياء.

(ب) وإذا كانت تتناول جميع الأمور التي يرد التخيير عليها، فللمدين وهو صاحب حق الخيار أن يعين الأمر أو التكليف الذي يعتبر أن ذمته قد برئت من أدائه، بسبب الهلاك الحادث من جراء هذا الخطأ

وأن إقتصرت الإستحالة علي أحد محلي التخيير، فللمدين، وقد ثبت له خيار التعيين، أن يختار الوفاء بالآخر، وفي هذه الحالة يكون له أن يطالب الدائن بقيمة ما إستحال الوفاء به من جراء خطئه.

(جـ) أما إذا كانت الإستحالة قد حدثت من جراء خطأ المدين، وكانت شاملة لجميع الأمور التي يرد التخيير عليها – وهذا هو الفرض الذي عني المشرع بالنص علي حكمة

فقد يتبادر إلي الذهن أن المدين، بوصفه المتصرف في الخيار، يستطيع أن يبري ذمته بأداء قيمة ما يختاره، ولاسيما أن هذا هو حكم تحقق إستحالة جميع الأمور التي يرد عليه التخيير في آن واحد.

ولكن ينبغي التفريق في هذا الصدد بين فروضي عدة: فإذا إستحال الوفاء بأحد محلي التخيير، قبل تحقق الإستحالة في الآخر

وجب أن يستعد الأول من نطاق التخيير، ويستوي في هذا المقام أن تكون الإستحالة راجعة إلي خطأ المدين أم إلي حادث فجائي،

ذلك بأن المدين لا يسوغ له أن يقيد من خطئه في الحالة الأولي، وهو ملزم بتحمل التبعة، في الحالة الثاني،

ولهذه العلة يتعين عليه أداء قيمة ما طرأت عليه إستحالة التنفيذ أخيراً. أما إذا إقتصرت الإستحالة علي أحد محلي التخيير دون الآخر، وكانت راجعة إلي خطأ المدين، فيتعين عليه الوفاء بما يقوم به وصف الأمكان، حتي لا يفيد من خطئه.

حالة إثبات حق الخيار للدائن:

(أ) وإن كان التخيير للدائن، وإستحال تنفيذ جميع ما يرد التخيير عليه، من جراء سبب أجنبي، إنقضى الإلتزام طبقاً للقواعد العامة ، كما هو الشأن عند تخويل المدين خيار التعيين

أما إذا إقتصرت الإستحالة علي أحد محلي التخيير فليس للدائن إلا أن يختار الوفاء بالآخر مادام هذا الوفاء ممكناً. وليس شك في أن إمضاء هذا الحكم حتم تقضيه طبيعة الأشياء، كما هي الحال عندما يعهد للمدين بالخيار.

(ب) وإذا نشأت إستحالة التنفيذ عن خطأ الدائن، وتناولت الأمور التخيير عليها أصبح هذا الدائن مسئولا عن هلاك الشئ الذي لا يقع إختياره عليه، وتعين عليه أداء قيمته،

بإعتبار أن هلاك ما يقع عليه هذا الإختيار يستتبع براءة ذمة المدين، أما إذا إقتصرت الإستحالة علي أحد محلي التخيير، فللدائن- وهو صاحب الخيار – أن يختاره،

ويكون بذلك قد إستوفي حقه، وله كذلك أن يختار إستيفاء ما بقي الوفاء به ممكناً، علي أن يؤدي في هذه الحالة قيمة ما إستحال الوفاء به من جراء خطئه.

(جـ) وإذا كانت إستحالة التنفيذ ناشئة عن خطأ المدين، وكانت شاملة لجميع الأمور التي يرد التخيير عليها، فاللدائن – وهو المتصرف في الخيار – أن يطالب المدين بقيمة ما يقع عليه إختياره

فإن اقصرت الإستحالة علي أحد محلي التخيير، فللدائن أن يطالب بالوفاء الآخر، مادام هذا الوفاء ممكناً، أو أن يطالب بقيمة الأول، وهو الذي أصبح تنفيذه مستحيلا من جراء خطأ المدين.

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء -ص 43و44و45)

استحالة الاختيار في رأي الفقه:

1- إذا إستحال تنفيذ أحد محلي التخيير بسبب أجنبي قبل إستعمال حق الخيار، فإن الإلتزام لا ينقضي بل يتحدد محله في الشئ الآخر. أما إذا شملت إستحالة التنفيذ جميع الأمور التي يرد التخيير عليها، فإن الإلتزام ينقضي طبقاً للقواعد العامة.

وقد عرضت المذكرة الإيضاحية لتفصيل حكم الإستحال إن كانت بخطأ الدائن أو المدين، وليس فيما أوردته إلا تطبيق القواعد العامة، ونظراً لأنه ليس لهذه المسألة إلا أهمية عملية محدودة، فالإلتزام التخييري ذاته نادر في العمل

وقد واجه المشرع في نص المادة 227 مدني فرضا واحداً لا يبدو فيه تطبيق القواعد العامة واضحاً، ففي حالة ما إذا كان الخيار للمدين ثم إستحال تنفيذ كل من هذه الأشياء المتعددة التي إشتمل عليها محل الإلتزام

وكان المدين مسئولا عن هذه الإستحالة ولو فيما يتعلق بواحد من هذه الأشياء، كان ملزماً بأن يدفع قيمة آخر شئ إستحال تنفيذه

أي أن محل الإلتزام يتحدد في هذا الشئ الأخير، ولما كان قد إستحال تنفيذه عينا وجب أن يكون التنفيذ بطريق التعويض.

(النظرية العامة للإلتزام-2- للدكتور إسماعيل غانم – ص 308، الوسيط -3 للدكتور السنهوري – ص166 وما بعدها، وكتاب: الوجيز – ص 990 ومابعدها، والقانون المدني اللبناني – الدكتور صبحي المحمصاني – ص 15و16)2 – الإلتزام البدلي)

استحالة التنفيذ إذا كان الخيار للمدين:

إذا كان الاختيار للمدين، واستحال تنفيذ كل من الأشياء المتعددة التي اشتمل عليها محل الالتزام، التي يرد عليها التخيير. وكانت الاستحالة بسبب خطأ من جانب المدين، فإن المدين يكون ملزما بدفع قيمة آخر شئ استحال تنفيذه

ويستوي في ذلك أن يكون خطأ المدين هو سبب الاستحالة في واحد من هذه الأشياء فقط أو فيها جميعا. وإذا اقتصرت الاستحالة علي احد الشيئين

فيسقط خيار المدين ويلتزم بتسليم الشئ الآخر. وكذلك يكون الحكم إذا كانت الاستحالة راجعة إلي سبب أجنبي

فإذا كانت الاستحالة ترجع إلي خطأ الدائن، وهو ما يحول دون المدين وإعمال اختياره، بالنسبة لجميع الأشياء لورود الاستحالة عليها جميعا، فللمدين أن يعين الأداء الذي يبرئ ذمته باختياره الشئ الذي هلك

وحينئذ يعتبر أنه وفي به، ثم يعود علي الدائن بقيمة باقي الأشياء التي تسبب في هلاكها، فإن اقتصرت الاستحالة علي أحد الشيئين، فللمدين أن يختار الوفاء بالأخر، ثم يرجع علي الدائن بقيمة الشئ الهالك بخطئه .

(أنور طلبه ص 9)

استحالة التنفيذ إذا كان الخيار للدائن:

إذا كان الخيار للدائن، وهو صاحب الحق في تسلم الشئ الذي يقع عليه اختياره، واستحال التنفيذ بالنسبة لجميع الأشياء محل التخيير

وكان ذلك بسبب أجنبي، انقضي الالتزام عملا بالمادة 373 من القانون المدني. أما إذا اقتصرت الاستحالة علي أحد الشيئين

فليس للدائن إلا اختيار الوفاء بالآخر إذ انقضي التزام المدين بالنسبة للشئ الذي استحال تنفيذه بالسبب الأجنبي فلم يعد أمام الدائن إلا الشئ الوارد عليه الإمكان.

(أنور طلبه ص 10)

وإذا كانت الاستحالة راجعة إلي خطأ الدائن وشملت جميع الأشياء التي يرد التخيير عليها كان الدائن مسئولا عن هلاك الشئ الذي لا يقع عليه اختياره وتعين عليه أداء قيمته وتبرأ ذمة المدين أما إذا اقتصرت الاستحالة علي أحد محلي التخيير

فللدائن وهو صاحب الخيار أن يختاره فإن اختار الشئ الذي هلك بخطأه فقد برئت ذمة المدين بهلاكه، وأن اختار الشئ الآخر، فعليه أن يدفع قيمة الشئ الهالك للمدين.

أما إذا كانت الاستحالة راجعة إلي خطأ المدين، وشملت كل الأشياء، فللدائن أن يرجع علي المدين بقيمة الشئ الذي يقع عليه اختياره

فإن اقتصرت الاستحالة علي أحد الشيئين، فللدائن أن يطالب بالشئ الآخر أو يطالب بقيمة الشئ الذي تحققت بالنسبة له الاستحالة.

(أنور طلبه ص 10)

وقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه:

حالة إثبات حق الخيار للدائن:

(أ) وإن كان التخيير للدائن، واستحال تنفيذ جميع ما يرد التخيير عليه، من جراء سبب أجنبي، انقضي الالتزام للقواعد العامة، كما هو الشأن عند تخويل المدين خيار التعيين.

أما إذا اقتصرت الاستحالة علي أحد محلي التخيير، فليس للدائن إلا أن يختار الوفاء بالآخر مادام هذا الوفاء ممكنا. وليس شك في أن إمضاء هذا الحكم حتم تقتضيه طبيعة الأشياء، كما هي الحال عندما يتعهد للمدين بالخيار.

(ب) وإذا نشأت استحالة التنفيذ عن خطأ الدائن، وتناولت الأمور التي يرد التخيير عليها، أصبح هذا الدائن مسئولا عن هلاك الشئ الذي لا يقع اختياره عليه، وتعين عليه أداء قيمته

باعتبار أن هلاك ما يقع عليه هذا الخيار يستتبع براءة ذمة المدين، أما إذا اقتصرت الاستحالة علي أحد محلي التخيير، فللدائن-وهو صاحب الخيار-أن يختاره

ويكون بذلك قد استوفي حقه. وله كذلك أن يختار استيفاء ما بقي الوفاء به ممكنا، علي أن يؤدي في هذه الحالة قيمة ما استحال الوفاء به من جراء خطئه.

(ج) وإذا كانت استحالة التنفيذ ناشئة عن خطأ المدين، وكانت شاملة لجميع الأمور التي يرد التخيير عليها، فللدائن-وهو المتصرف في الخيار-أن يطالب المدين بقيمة ما يقع عليه اختياره.

فإن اقتصرت الاستحالة علي أحد محلي التخيير، فللدائن أن يطالب بالوفاء بالآخر، مادام هذا الوفاء ممكنا، أو أن يطالب بقيمة الأول، وهو الذي أصبح تنفيذه مستحيلا من جراء خطأ المدين.

(مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 45)

اتفاق الدائن والمدين علي تحديد ميعاد للاختيار:

إذا اتفق الطرفان علي تحديد ميعاد للاختيار، وجب علي من له الحق في الاختيار، أن يعلن الطرف الآخر باختياره خلاله، فإن انقضي الميعاد دون إعلان الاختيار

خضع الطرفان لقواعد تبعة الهلاك سالفة البيان، ما لم يقم الطرف الذي ليس له الحق الاختيار بأعذار من له حق الاختيار بتحديد المحل الذي يقع عليه اختياره

وحينئذ إذا هلك الشئ الذي حدده بسبب أجنبي، تحمل تبعة استحالة تنفيذ اختياره وانتقل حقه إلي المحل الآخر، فإذا هلكت كل الأشياء محل الاختيار بسبب أجنبي، انفسخ العقد، ولا يرجع المعذر بتعويض علي الملتزم بالتسليم.

(أنور طلبه ص 10)

معني البدل في الالتزام وبراءة ذمة المدين

النص التشريعي (مــادة 278):

(1) يكون إلتزام بدلياً إذا لم يشمل محله إلا شيئا واحد ولكن تبرأ ذمة المدين إذا أدى بدلاً منه شيئاً آخر.

(2) والشى الذى يشمله محل الإلتزام لا البديل الذى تبرأ ذمه المدين بأدائه هو وحده محل الإلتزام وهو الذى يعين طبيعته.

الاعمال التحضيرية عن الإلتزام البدلي :

يفترق الإلتزام البدلى عن الإلتزام التخييرى فى أن محل الأول ينحصر فى الإلزام بأمر واحد يعين إبتداء مع تخويل المدين حق الوفاء ببديل إنه فتبرأ ذمته بذلك وقد يكون مصدر الإلتزام البدلى عقداً من العقود أو نصاً من نصوص القانون شأنه شأن الإلتزام التخييرى من هذا الوجه .

براءة الذمة بالخيار والبدل في القانون

وقد تقدمت الإشارة إلى مثل من أمثلة ينشأ من الإلتزامات البدلية عن نص القانون فى معرض الأحكام المتعلقة بأضعاف التأمينات الخاصة بسبب أجنبي لا يد للمدين فيه فيتعين على المدين فى هذا الفرض أن يفى من فوره بالإلتزام ويكون له مع ذلك أن يتوقى هذا الوفاء بتقديم تأمين اضافى.

ويناط الحكم على طبيعة الإلتزام البدلى بالتكاليف الأصيل الذى يرد عليه ويعتبر محلاً له على وجه الأفراد دون البديل الذى يكون للمدين أن يبرى ذمته بادائه

ويتفرع على ذلك ان  الإلتزام البدلى  ينقضى إذا أصبح الوفاء بهذا التكليف الأصيل مستحيلاً قبل إعذار المدين بغير خطأ منه ولكنه يظل على نقيض ذلك قائماً رغم إستحالة الوفاء بالبديل (انظر المادة 69 من التقنين اللبنانى)

وكذلك يرجع فى إعتبار الإلتزام البدلى عقارياً أو منقولاً وفى التقاضى بشأن هذا الإلتزام ولاسيما فيما يتعلق بتقدير القيمة والإختصاص إلى محله الأصيل دون البديل.

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني جزء 3- ص 47 و 48)

المقصود بالالتزام البدلي:

 الالتزام البدلي هو الالتزام الذي يقع علي محل واحد يعين ابتداء، مع تخويل المدين حق الوفاء ببديل عنه فتبرأ ذمته بذلك وعلي ذلك فالالتزام البدلي التزام غير متعدد المحل بل له محل واحد ولكن يستطيع المدين أن يؤدي شيئا آخر بدلا منه فيقضي بذلك التزامه

فإذا التزم شخص لآخر بإعطائه دارا واحتفظ لنفسه بالحق في أن يعطيه إذا شاء أرضا بدلا من الدار كان الالتزام بدليا وهنا يكون محل الالتزام شيئا واحد هو الدار

ولكن يجوز للمدين أن يستبدل بالدار الأرض للوفاء بالتزامه ولا يستطيع الدائن أن يرفض هذا الوفاء.

وليكون الالتزام بدليا يقوم به وصف البدل لابد من توافر الشروط الآتية:

1-أن يكون محل واحد هو المحل الأصلي، ويقوم مقام هذا المحل الأصلي شئ آخر هو البديل. مثل ذلك أن يقرض الدائن المدين مبلغا من النقود، ويتفق معه علي أنه يستطيع عند حلول الأجل

إذا لم يشأ أن يرد مبلغ القرض، أن يعطيه بدلا منه دارا أو أرضا معينة، فيكون مبلغ النقود هو المحل الأصلي والدار أو الأرض هي البديل

وما العربون في البيع إلا بدل يأخذه البائع أو المشتري إذا اتفقا علي أن يكون العربون وسيلة للرجوع في البيع، وسيأتي بيان ذلك.

2-أن تتوافر في المحل الأصلي جميع الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام، وإلا كان الالتزام باطلا. أما البديل فإن توافرت فيه الشروط أمكن أن يقوم مقام الأصل

وإلا سقط هو وبقي الالتزام بمحله الأصلي قائما، ولكن يصبح التزاما بسيطا ذا محل واحد دون بديل. ونرى من ذلك أن الالتزام البدلي- بخلاف الالتزام التخييري – هو ضمان للمدين لا ضمان للدائن

فالمدين يكون في سعة من أمره بأداء البدل دون المحل الأصلي، وإذا هلك المحل الأصلي فإن المحلية لا تتركز في البدل، كما تتركز في المحل الآخر في الالتزام التخييري، بل تبرأ ذمة المدين.

ومن ثم يكون البدل دائما لمصلحة المدين إذ تبرأ ذمته بأدائه، ولا يكون ضد مصلحته إذ لا تتركز فيه المحلية إن أصبح المحل الأصلي غير صالح لأن يكون محلا.

ونرى من ذلك أيضا أن البدل ليس محلا للالتزام، فليس هو الشئ الذي يمكن الدائن المطالبة به (in obligatione) ولكنه شئ يقوم مقام المحل الأصلي في الوفاء ،

وقد تقدم بيان ذلك. ويستخلص من هذا أن هناك تعادلا – في نظر طرفي الالتزام أو في نظر القانون حسب مصدر وصف البدل- ما بين المحل الأصلي وبدله، إذ أن البدل يقوم مقام المحل الأصلي في الوفاء .

(السنهوري ص 147)

مصدر الالتزام البدلي :

قد يكون مصدر الالتزام البدلي هو العقد أو القانون ففي كثير من الأحوال يكون مصدر الالتزام البدلي هو الاتفاق مثل ذلك أن يكون المدين ملزما.

بدفع مبلغ قرض في أجل معين، ويتضمن عقد القرض أن للمدين بدلا من الوفاء بهذا المبلغ أن ينقل للدائن ملكية عقار مملوك له

فمحل الالتزام في هذا المقل هو مبلغ القرض وحده، فلا يجبر المدين علي الوفاء بغيره، لكن إذا انقضي الأجل ولم يقم بالوفاء بالمبلغ، جاز له أن يقدم للدائن البدل وهو العقار،

وكما يكون مصدر الالتزام البدلي هو العقد، فقد يكون القانون كما في نصوص المواد 129 و 441 و 469 و 845 و1119 وتقدر قيمة الدعوى ويحدد الاختصاص بها النظر إلي الالتزام الأصلي

وتكون الدعوى عقارية أو منقولة وفقا له وحده دون اعتداد بالبدل وفي المثل المتقدم تتم المطالبة بطريق أمر الأداء باعتبار أن الالتزام الأصلي مبلغا من النقود وليس عقارا. وكذلك الحال إذا كان الالتزام الأصلي منقولا معينا بنوعه أو بذاته.

(أنور طلبه ص 12)

أحكام هلاك الشئ محل الالتزام:

(أ) هلاك المحل الأصلي:

إذا هلك المحل الأصلي بسبب أجنبي، فقد انقضي الالتزام وبرئت ذمة المدين. ولا تتركز المحلية في البديل، كما تركزت، فيما يتعلق بالالتزام التخييري، في الشئ الباقي علي ما أسلفنا. أما إذا هلك المحل الأصلي بخطأ المدين، فإن الدائن لا يطالب المدين إلا بالتعويض عن هذا المحل

دون أن يستطيع المطالبة بالبدل، فليس البديل كما قدمنا محلا للالتزام. وإنما يجوز للمدين أن يتوقى دفع التعويض بأن يوفي بالبديل، فيبرئ هذا الوفاء ذمته من الدين،

وقد كان قادرا علي أن يفعل ذلك قبل هلاك المحل الأصلي، فهو علي فعله بعد الهلاك أقدر. وإذا هلك البديل بعد هلاك المحل الأصلي، سواء كان هلاك البديل بخطأ المدين أو بغير خطأه

فإن الواجب علي المدين هو التعويض عن المحل الأصلي لا التعويض عن البديل، فإن المحل الأصلي هو وحده محل الالتزام

والبديل لا يقوم مقامه في الوفاء إلا إذا كان موجودا. وإذا هلك المحل الأصلي بخطأ الدائن، فإن الدائن يكون بمثابة من استوفي حقه

ولكن يجوز للمدين في هذه الحالة أن يوفي بالبديل، ثم يطالب الدائن بقيمة المحل الأصلي الذي هلك بخطأه.

(السنهوري ص 154)

(ب) هلاك البديل:

وإذا هلك البديل بسبب أجنبي أو بخطأ المدين بقي الالتزام علي محله الأصلي وانقلب التزاما بسيطا، فإن كان الهلاك بخطأ الدائن فله أن يطالب بالمحل ويرجع عليه المدين بقيمة البديل ولكن للمدين الامتناع عن الوفاء بالمحل الأصلي وأن يعتبر نفسه قد وفي الدين بالبديل.

(أنور طلبه ص 13)

التمييز بين الالتزام البدلي والالتزام التخييري :

 واضح من النص المادة 278 مدني أن المحل في الالتزام البدلي هو الشئ الأصيل وحده ويترتب علي ذلك أن الالتزام البدلي ينقضي باستحالة الوفاء بالمحل الأصلي

ولو ظل الوفاء بالمحل البديل ممكنا وعلي العكس لا ينقضي الالتزام إذا بقي الوفاء بالمحل الأصلي ممكنا ولو استحال المحل البديل

وتتحدد علي أساس المحل الأصلي وحده طبيعة الالتزام وقيمته وشروط صحته وذلك كله علي خلاف الالتزام التخييري

حيث محل الالتزام هو أحد الأشياء المتعددة وحيث لا ينقضي الالتزام إلا باستحالة الوفاء بجميع هذه الأشياء

وحيث لا يمكن تحديد طبيعة الالتزام أو قيمته إذا اختلفت الأشياء في الطبيعة والقيمة إلا بعد تعيين المحل سواء باستعمال حق الخيار أو بهلاك باقي الأشياء.

(غانم بند 155-أنور سلطان بند 265-السنهوري بند 106 وراجع فيه التفرقة بين الالتزام البدلي والشرط الجزائي – محمد كمال عبد العزيز ص949).

رأى الفقهاء عن الالتزام البدلي:

1- يتضح من نص المادة 278 مدنى أن ما يميز الإلتزام البدلى عن الإلتزام التخييرى هو أن محل الإلتزام البدلى هو الشىء الأصيل وحده فى حين أن المحل فى الإلتزام التخييرى هو أحد الشيئين أو الأشياء المتعددة

هذا فضلا عن أنه فى الإلتزام البدلى للمدين وحده ان يحل الشىء البديل محل الشىء الأصلى فى حين ان الخيار بين الأشياء المتعددة فى الإلتزام التخييرى قد يكون للدائن.

ويترتب على الفرق الأول وهو الفرق الجوهرى عدة نتائج أهمها أن الإلتزام البدلى ينقضى إذا اصبح الوفاء بالمحل الأصلى مستحيلاً بسبب أجنبى لابد للمدين فيه

فتبرأ ذمة المدين ولو كان من الممكن الوفاء بالبديل، وهذا بخلاف الحال في الإلتزام التخييري، أما إذا إستحال الوفاء بالبديل فإن الإلتزام يظل قائما.

ولما كان محل الإلتزام هو الشئ الأصلي لا البديل، فإن الشئ الأصلي وحده هو الذي يتعين علي أساسه طبيعة الإلتزام (مادة 278 / 2)،

فيكون المرجع في تحديد ما إذا كان الإلتزام قد تعلق بعقار أو منقول إلي محله الأصيل دون البديل، وكذلك الحال فيما يتعلق بتقدير الإلزام، ولهذا أهميته من حيث تحديد المحكمة المختصة.

أما في الإلتزام التخييري فإن إختلف الشيئان في الطبيعة أو القيمة فلا يمكن طبيعة الإلتزام ويظل مجهول القيمة إلي أن يقع الخيار علي أحد الشيئين أو يتحدد المحل في أحدهما بهلاك الآخر.

(النظرية العامة للإلتزام-2 للدكتور إسماعيل غانم – ص 309،والوسيط-3- للدكتور السنهوري – ص 176 وما بعدها، وكتابة: الوجيز -ص 992 وما بعدها والقانون المدني اللبناني – للدكتور صبحي المحمصاني – ص 79و 80)

الأسئلة الهامة عن براءة الذمة بالخيار والبدل في القانون

1. ما هو الالتزام التخييري في القانون المدني المصري؟

الالتزام التخييري هو نوع من الالتزامات التي يلتزم فيها المدين بتنفيذ أحد المحلات المتعددة التي يتم تحديدها مسبقًا. يبرأ المدين من التزامه عندما يختار أحد هذه المحلات، ويتم تحديد هذا الاختيار وفقًا لما يتم الاتفاق عليه بين الأطراف أو بموجب القانون.

2. ما الفرق بين الالتزام التخييري والالتزام البدلي في القانون المدني المصري؟

الالتزام التخييري يتيح للمدين الاختيار بين عدة محلات للوفاء بالالتزام، بينما الالتزام البدلي يتطلب من المدين الوفاء بمحِل واحد، ولكن يُمنح حق الوفاء بشيء آخر كبديل عنه في حالات معينة. في الالتزام التخييري، يبرأ المدين عند الوفاء بأي من المحلات المتعددة، بينما في الالتزام البدلي ينقضي الالتزام عند الوفاء بالبديل.

3. ما هي شروط الالتزام التخييري في القانون المدني المصري؟

يجب توافر ثلاثة شروط أساسية لكي يكون الالتزام التخييري صحيحًا: تعدد محل الالتزام: يجب أن يكون هناك أكثر من محل يتم اختيار واحد منها عند التنفيذ. استيفاء شروط المحل: يجب أن يكون كل محل ممكنًا ومشروعًا. تحقق البراءة بأداء أحد المحلات: تبرأ ذمة المدين عند الوفاء بأي من المحلات المتعددة المتفق عليها.

4. ماذا يحدث إذا استحال الوفاء بالالتزام التخييري؟

إذا استحال الوفاء بالالتزام التخييري بسبب استحالة تنفيذ جميع المحلات المتفق عليها، يُعتبر الالتزام منقضيًا. في حال كانت الاستحالة تعود إلى سبب أجنبي أو خطأ أحد الأطراف، فقد يترتب على ذلك التزامات أخرى، مثل التعويض.

5. ما هي الخصائص الرئيسية للالتزام البدلي في القانون المدني المصري؟

الالتزام البدلي يتطلب أن يكون للمدين حق الوفاء ببديل عن المحل الأصلي للالتزام. يهدف هذا النوع من الالتزام إلى توفير مرونة للمدين، حيث يمكنه اختيار الوفاء بالبديل لتبرئة ذمته. في حال هلاك المحل الأصلي، لا يتحول البدل إلى محل الالتزام بل تنقضي الذمة.

6. كيف تُحدد براءة الذمة في الالتزام البدلي والالتزام التخييري؟

تتحدد براءة الذمة في الالتزام البدلي عندما يقوم المدين بالوفاء بالبديل الذي تم تحديده مسبقًا. في الالتزام التخييري، يتم تحقيق براءة الذمة عندما يختار المدين تنفيذ أحد المحلات المتعددة. في كلا النوعين، يُعتبر الوفاء بالأداء النهائي كافيًا لبراءة ذمة المدين.

 

براءة الذمة بالخيار والبدل في القانون

في الختام، نقول أن الالتزام التخييري والالتزام البدلي هما من المفاهيم الأساسية في القانون المدني المصري. يتيحان مرونة في تنفيذ التزامات الدائن والمدين، ويضمنان تحقيق التوازن القانوني وحماية حقوق الأطراف من خلال تحديد الشروط والأحكام المتعلقة  ببراءة الذمة .

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى قضايا الميراث والملكية والمدنى والايجارات وطعون النقضوتقسيم التركات ومنازعات قانون العمل والشركات والضرائب، في الزقازيق، حاصل على ليسانس الحقوق 1997 - احجز موعد 01285743047

المقالات: 2244

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}