عدول المحكمة عن إجراءات الإثبات ( مادة 9 )

شرح معني عدول المحكمة عن إجراءات الإثبات وأنه حق لها الوارد بالمادة 9 إثبات يبرر بأنه من العبث وضيع الجهد والوقت إلزام المحكمة بالسير في إجراءات إثبات رأت أنها باتت فائضة عن حاجتها لتكوين عقيدتها ومن ثم الحكم في الدعوى و محكمة النقض قديماً وحديثاً تؤيد ذلك

العدول عن إجراءات الإثبات

عدول المحكمة عن إجراءات الإثبات

تنص المادة  التاسعة من قانون الاثبات علي

للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها.

و تقرر أن مفاد نص المادة التاسعة من قانون الإثبات أن لمحكمة الموضوع أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات متي رأت أنها أصبحت غير منتجة

فقد يقدم بالدعوى بعد صدور قرارها – حكمها – باتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات ما يكفي لتكوين عقيدتها ومن ثم الحكم في الدعوى وأنه لمن العبث وضياع الجهد والوقت الإصرار علي تنفيذ إجراء اتضح أنه غير مجد وهو ما تستقل به.

هل يجب بيان أسباب العدول عن إجراءات الإثبات

التساؤل : كيف تلزم المحكمة ببيان أسباب العدول إذا كان هذا العدول حقاً لها …؟

الإجابة علي هذا التساؤل هو ما برر وجود اتجاهين لمحكمة النقض ، اتجاه قديم سابق علي 6-12-1978 ، واتجاه لاحق علي هذا التاريخ .

اتجاه محكمة النقض القديم بشأن بيان أسباب العدول

طبقاً للتوجه القديم لمحكمة النقض كانت محكمة الموضوع تلزم ببيان أسباب العدول بحكمها في جميع الحالات ، من ذلك ما قضت به محكمة النقض حق المحكمة في هذا الشأن

تنص المادة 165 من قانون المرافعات – المقابلة للمادة 9 إثبات – على أن  للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول فى المحضر ” و الحكمة من هذا النص – على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية – هي عدم حمل القاضى على تنفيذ إجراء لم يعد يرى له ضرورة

و أنه من العبث و ضياع الجهد و الوقت الإصرار على تنفيذ إجراء اتضح للمحكمة أنه منتج فى الدعوى ، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد عدل عن تنفيذ حكم استجواب الخصم استنادا إلى ما قرره من أن الدعوى تستقيم بغير حاجة إلى إجراء الاستجواب

فإن مؤدى ذلك أن الهيئة التى أصدرت الحكم قد رأت فى عناصر الدعوى ما يغنيها عنه و يكفى لتكوين عقيدتها و هو ما تستقل به محكمة الموضوع بالطريق الذي تراه و لا يلزمها القانون فى تكوين عقيدتها بإتباع طريق معين للإثبات و بالتالي يكون ما أورده الحكم فى ذلك بياناً كافياً لأسباب عدول المحكمة عن إجراء الاستجواب

الطعن رقم  27  لسنة 27  مكتب فنى 13  صفحة رقم 1105 بتاريخ 13-12-1962

من ذلك أيضاً ما قضت به محكمة النقض 

النص في المادة 9 من قانون الإثبات علي أن ” للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ، ويجوز  ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين ذلك في حكمها ” يدل علي أن المشرع إنما قصد من الاكتفاء ببيان أسباب العدول بمحضر الجلسة – خلافاً لما أوجبه في حالة عدم الأخذ بنتيجة الإجراء من تبيان ذلك في الحكم – إلي مراعاة جانب التيسير مما مؤداه أن إبداء سبب العدول عن الإجراء بأسباب الحكم يكون أكثر تحقيقاً لمراد الشارع

نقض مدني 4-7-1979 سنة 29 ص 48

اتجاه محكمة النقض الحديث والمستقر بشأن العدول عن اجراء الاثبات

وطبقاً للتوجه الحديث لمحكمة النقض – والذي بدأ بجلسة 6/12/1978 واستقر كمبدأ بجلسة 23-4-1981 في الطعن رقم 58 لسنة 48 قضائية 

فقد صار من اللازم لبيان مدي التزام المحكمة ببيان أسباب العدول التفرقة بين فرضين :

الفرض الأول

أن يكون أحد الخصوم هو من طلب اتخاذ أحد إجراءات الإثبات كسماع شهود أو ندب خبير ، في هذه الحالة تلتزم المحكمة إذا رأت العدول أن تبين بمحضر الجلسة أسباب العدول وتبرر محكمة النقض ذلك منعاً للمساس بأي حق من حقوق الخصوم ، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض في الطعن المشار إليه إذا كانت المحكمة هي التي أمرت باتخاذ الإجراءات من نفسها ، فهي تملك العدول عنه دون ذكر أسباب العدول إذ لا يتصور – وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة – أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم مما لا يلزم ذكر أي تبرير له .

الفرض الثاني

أن تكون المحكمة بما لها من سلطة في إدارة الخصومة قد أمرت به كاستجواب خصوم الدعوى ، في هذه الحالة ورجوعاً لذات الحكم السابق لمحكمة النقض فإن المحكمة لا تلتزم ببيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات إذ لا يتصور – وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة – أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم مما لا يلزم ذكر أي تبرير له

هل عدم ذكر أسباب العدول يرتب البطلان

لا بطلان إذا لم تبين المحكمة أسباب العدول

العدول – إما أن يكون عدولاً عن اتخاذ إجراء الإثبات ، أو عزوف عن الأخذ بالنتيجة التي انتهي إليها إجراء الإثبات ، وفي الحالتين لا بطلان إذا تم العدول ولم تشير المحكمة إلي أسبابه

في هذا الصدد قضت محكمة النقض

فمؤدي نص المادة التاسعة من قانون الإثبات أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم ، وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه

والمشرع وإن تطلب في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة ، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي تنفذ في أسباب الحكم

إلا أنه لم يرتب جزاء معيناً علي مخالفة ذلك ، فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً ، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها لحسم النزاع دون حاجة إلي تنفيذ حكم الاستجواب ، وكان هذا منها عدولاً ضمنياً عن تنفيذه ، فلا يعيب الحكم عدم الإفصاح صراحة في محضر الجلسة أو في مدوناته عن أسباب هذا العدول

نقض مدني – الطعن رقم 75 لسنة 46 ق جلسة 29-10-1979

 كما قضت محكمة النقض 

والمشرع وإن تطلب في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة ، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي تنفذ في أسباب الحكم إلا أنه لم يرتب جزاءا معيناً علي مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً

نقض مدني جلسة 15-5-1986 سنة 37 ق الجزء الأول ص 561 .

وفي حكم هام لمحكمة النقض تبرر عدم صحة إلزام المحكمة بالأخذ بنتيجة إجراء الإثبات ، فتقرر :

حكم الإثبات . عدم حيازته قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم النزاع في مسألة أولية من الخصم . مؤداه . جواز عدول المحكمة عما أمرت به من إجراء الإثبات وعدم الأخذ بنتيجته بعد تنفيذه . عدم التزامها ببيان أسباب هذا العدول . عله ذلك

نقض 24-7-1997 طعن رقم 182 لسنة 63 قضائية – أحوال شخصية

ومن الضروري هنا أن نشير إلي ما تقرر المادة 70 من قانون الإثبات والواردة بالباب الثالث في شهادة الشهود والتي يجري نصها علي ما يلي :

للمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بالإثبات بشهادة الشهود فى الأحوال التى يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت فى ذلك فائدة للحقيقة .

كما يكون لها فى جميع الأحوال ، كلما أمرت بالإثبات بشهادة الشهود أن تستدعى للشهادة من ترى لزوما لسماع شهادته إظهارا للحقيقة.

وإذا كان من حق المحكمة العدول مطلقاً بمعني العدول عن أي إجراء من إجراءات الإثبات طلبه أحد الخصوم فإنها تملك العدول عن الأمر بسماع شهادة الشهود الذي أمرت به من تلقاء نفسها ، فمن يملك الأكثر يملك الأقل ، خاصة أن هذا القرار بالعدول لن يضر بالخصوم إذ لم يطلبه أحد بل أمرت به المحكمة من تلقاء نفسها إظهاراً للحقيقة  .

  الاستثناء الوحيد علي حق المحكمة في العدول

عدول المحكمة عن إجراءات الإثبات

لا يجوز العدول عن الأحكام القطعية

إذا كان المشرع يمنح المحكمة الحق في العدول عن الأحكام الصادرة بإجراءات علي نحو ما سلف ، فإن ثمة استثناء يرد علي هذا الحق في العدول مفاده أنه لا يجوز العدول عن أحكام الإثبات التي تضمنت قضاء قطعياً .

فما معني ذلك وما تبريره ..؟

نقرر أن عدول المحكمة عن حكمها الذي أمرت فيه بإجراء من إجراءات الإثبات مقيد بألا يكون هذا الحكم قد تضمن قضاء قطعياً في مسالة تتعلق بجواز الإثبات أو عدم جوازه .

فإذا كانت المحكمة قد فصلت في حكمها الذي أمرت فيه بالإحالة إلي التحقيق في أمر جواز إثبات الواقعة موضوع التحقيق بشهادة الشهود فإنها لا تملك العدول عن هذا الحكم لأنه لم يقتصر علي الأمر بإجراء التحقيق فحسب بل تضمن أيضاً قضاء قطعياً بجواز الإثبات بهذه الوسيلة

وإذا أصدرت حكماً بالاستجواب فصلت في أسبابه في تكييف العقد بأنه وصية لا يجوز لها العدول عنه لأنه قضاء قطعي في هذا الأمر

وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض 

إذا فصلت المحكمة في أسباب حكمها القاضي بالاستجواب في تكييف العقد بأنه وصية ، لم يجز لها العدول عن حكم الاستجواب المبني علي هذا التكييف

نقض مدني – جلسة 26-1-1980 مجموعة المكتب الفني سنة 31 ص 286 .

إذن فالقاعدة المقررة في هذا الشأن أن الأحكام القطعية . موضوعية أو فرعية ولو كانت باطلة أو مبنية علي إجراء باطل . عدم جواز العدول عنها من ذات المحكمة التي أصدرتها

نقض مدني جلسة 15-11-1992 – الطعنان أرقام 679 ، 701 لسنة 53 ق

شرط عدم إلزام المحكمة بالأخذ بما أسفر عنه حكم التحقيق

عدم إلزام المحكمة بالأخذ بما أسفر عنه حكم التحقيق بشرط أن تبين أسباب ذلك بالحكم الموضوعي  :

 لا يعني قبول المحكمة طلب الإثبات المقدم من أحد خصوم الدعوى التزامها بإجراء هذا الإجراء ، فقد تقرر المحكمة من بعد قبوله العدول عنه ، فهي غير ملزمة بأن تكمل السير في إجراء اتضح لها أنه غير مجد ، فقد يقدم الخصم الآخر دليلاً يغير وجه نظر المحكمة .

وكما أن المحكمة غير ملزمة بالسير في إجراءات الإثبات إذا تبين لها عدم جدواها وأنها باتت في غني عنها ، فإنها أيضاً غير ملزمة بالأخذ بما أسفر عنه إجراء الإثبات إذا سمحت بأن يكتمل ، فقد تستجيب المحكمة لطلب إحالة الدعوى للتحقيق للإثبات بشهادة الشهود ثم لا تأخذ بما أسفر عنه سماع الشهود .

لكن ذلك  بد أن يبرر ، فالمحكمة أجهدت الخصوم وبات لهم الحق في معرفة الأسباب التي دعتها إلي عدم الأخذ بأقوال الشهود ، أو أي إجراء آخر من إجراءات الإثبات كالمعاينة واليمين الحاسمة ، لذا أوجب المشرع – بما قرره بعجز المادة 9 من قانون الإثبات – علي المحكمة إذا لم تأخذ بنتيجة الإجراء أن تبين في أسباب حكمها مبررات ذلك .

حكم نقض عن عدول المحكمة فى الاثبات

عدم اكتساب حكم الإثبات قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم. أثره. للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات وألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه. عدم ترتيب جزاء معين على إغفالها بيان أسباب ذلك.

إنه ولئن كانت المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم ٢٥ لسنة ١٩٦٨ بإصدار قانون الإثبات تنص على أن (للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن يبين أسباب ذلك في حكمها)

مما مؤداه أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه وأن تطلب المشرع بيان أسباب العدول عن إجراءات الإثبات في محضر الجلسة وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذي تنفذ في أسباب الحكم إلا أنه لم يترتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً.

الطعن رقم ٧٥٠ لسنة ٦٨ ق – الدوائر المدنية – جلسة ١٩٩٩/٠٦/٢٤ – مكتب فنى – سنة ٥٠ – قاعدة ١٧٧ – صفحة ٩٠٣ 

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *