التركة المستقبلة بين المورث والوارث

التساؤل هل يجوز التعامل في تركة مستقبلة وما معني التعامل في تركة مستقبلة وممن يكون هذا التعامل من المورث الذي ما زال حيا أم من الوارث الذي لم يتصف بها بعد ولم ينشأ له الحق في الارث وما الحالات التى يكون تعامل الوارث في تركته حال حياته لأولاده وورثته تصرفا صحيحا .

سنتعرف علي أجوبة ما تقدم من خلال بحث قصد المشرع بالفقرة الثانية من المادة 131 من القانون المدني

حظر التعامل في التركة المستقبلة

 التعامل في تركة مستقبلة

  • تستثني التشريعات المختلفة من إباحة التعامل في الأشياء المستقبلة حالة التركة المستقبلة إذ تحظر التعامل فيها ومصدر هذا الخطر هو القانون الروماني
  • فقد كان هذا القانون يحرم ضروب التعامل في التركات المستقبلية لما فيها من مخالفة للآداب ولما تحمله من معنى المضاربة علي حياة صاحب التركة.

الاستثناء من حظر التعامل في التركة المستقبلة

إلا أن هذا القانون أتى باستثناء لهذا الحظر فأباح التعامل في التركة المستقبلة إذا تم هذا برضاء المورث . وقد انتقلت هذه المبادئ إلي القانون الفرنسي القديم وإن اختلف في تطبيقها ،

فأخذت بعض الأحكام بقاعدة الحظر وما تتضمنه من استثناء، وأخذ البعض الآخر منها بالقاعدة علي إطلاقها فحرم التعامل في التركة المستقبلية ولو تم برضاء صاحبها

وعند وضع قانون نابليون فضل واضعو المجموعة المدنية إتباع الرأي الثاني يأخذ بالحظر المطلق ومنعا لكل غموض أتى المشرع المصري في التقنين المدني الحالي بنص عام حرم فيه كافة أنواع التعامل في التركات المستقبلة، فقرر في الفقرة الثانية من المادة 131

غير أن التعامل في تركة إنسان علي قيد الحياة باطل ولو كان برضاه إلا في الأحوال التي نص عليها في القانون

ومثال الأحوال التي أباح فيها القانون التعامل في التركة المستقبلة الوصية  في حدود معينة (م915) وقسمة الأعيان بطريق الوصية (م908) (سلطان بند 134).

صور التصرف في التركة المستقبلة

التصرف في التركة المستقبلة قد يصدر من الوارث كما قد يصدر من المورث

وفي الحالتين يقع باطلا بطلانا مطلقا فلا تلحقه الإجازة ، ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك به، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها (م141/1)

التصرف في التركة الصادر من الوارث

قد يصدر التصرف من وارث أو من موصى له لوارث أو لموصي له آخر أو لأجنبي عن التركة ، وهذا التصرف قد يرد علي جميع التركة أو علي جزء شائع فيها أو علي عين ملحوظ فيها أنها داخلة ضمن أموال التركة ، وفي جميع هذه الحالات يقع التصرف باطلا بطلانا مطلقا.

وحكمة البطلان

أن هذا التصرف مخالف للآداب العامة لأنه يتضمن معنى المضاربة علي حياة المورث ، فضلا عما يؤدي إليه من وقوع الشبان في براثن المرابين ولكن إذا وقع التصرف علي عين من الأعيان المملوكة للمورث وكان المشتري يعتقد أنها مملوكة للوارث البائع ، فإن التصرف يأخذ حكم بيع ملك الغير ويقع باطلا بطلانا نسبيا، بخلاف ما لو كان المشتري يعلم أنها مملوكة للمورث واشتراها علي أن تسلم إليه بعد وفاته

فإن البيع يقع باطلا بطلانا مطلقا لأنه تعامل في تركة مستقبلة. كذلك يعتبر تعاملا في تركة مستقبلة التصرف الذي لا يعين فيه الوارث المحتمل تركة بالذات، بل يبيع حقوقه في أية تركة تؤول إليه.

والتصرف الصادر من الوارث يقع باطلا ولو تم برضاء صاحب التركة وقد قيل في تعليل هذا الحكم أن هذا التصرف سيضر حتما بمصلحة الوارث المتصرف سواء تم التصرف بين ورثة أو بين وارث وأجنبي

وأن رضاء المورث لا يعتبر ضمانا كافيا علي أن حقوق الوارث المتصرف قد روعيت، لأن المورث لا يتدخل عادة إلا في التصرفات التي تقع بين الورثة، ويكون المقصود من تدخله محاباة أحد الورثة علي حساب وارث آخر وهو ما لا يقره القانون

(انظر توفيق فرج مرجع سابق- سلطان مرجع سابق- السنهوري مرجع سابق).

التصرف في التركة الصادر من المورث

هل يجوز التعامل في تركة مستقبلة

قد يصدر التصرف في التركة من المورث نفسه، وهو أيضا باطل بطلانا مطلقا لأن نص المادة 131 فقرة ثانية نص عام لا يفرق بين التصرف الصادر من الوارث والتصرف الصادر من المورث

والحكمة من إبطال التصرف الصادر من المورث في تركته

ترجع إلي أن هذا التصرف سيخل بأحكام الميراث، و أحكام الميراث من النظام العام، فلا يجوز الخروج عليها إلا عن طريق الوصية وفي الحدود التي رسمها القانون ، والوصية كما هو معلوم علي عكس التصرفات الأخرى لا تقيد الموصي إذ له الرجوع فيها حتى وفاته ، وهو ما يحرص عليه القانون

وعلي هذا الرأي استقر قضاء محكمة النقض ويعتبر من قبيل التصرف في التركة، أن يبيع شخص لآخر شيئا ويحتفظ لنفسه بحق الانتفاع به والتصرف فيه، علي أن يكون للمشتري في حالة تصرف البائع في المبيع مرة ثانية الرجوع علي تركته بقيمته، أو أن يبيع شخص كل أمواله الحاضرة والمستقبلة، لأن حصر جميع المبيع لن يكون إلا عند وفاته فيعتبر تركة

(سلطان مرجع سابق- انظر مرقص مرجع سابق- السنهوري مرجع سابق)

قضاء محكمة النقض عن التعامل في التركة المستقبلة

 تركة مستقبلة هل يجوز التعامل

 قضت محكمة النقض في كل ما سبق بأن

“إذ كان الحكم المطعون فيه قد نهج في تكيف العقد محل التداعي تكييفا صحيحا ولم يخرج في تفسيره عما تحتمله نصوصه فلقد استخلص من عباراته الظاهرة أن تصرف الأب المطعون ضده لأبنه الطاعن في حق الانتفاع بالأرض الزراعية التي سلمها إياه كان بغير عوض مما يعتبر من المتصرف تبرعا أي هبة وقد وقعت الهبة باطلة لعدم مشروعية سببها المخالف للنظام العام بانصرافه إلي تعامل في تركة مستقبلة

وكان من المقرر أن تعيين الورثة وأنصبتهم وانتقال الحقوق في التركات بطريق التوريث لمن لهم الحق فيها شرعا مما يتعلق بالنظام العام وتحريم التعامل في التركات المستقبلة يأتي نتيجة لهذا الأصل فلا يجوز قبل وفاة إنسان الاتفاق علي شئ يمس بحق الإرث وإلا كان الاتفاق باطلا، وكان الحكم قد استدل علي قيام ذلك السبب غير المشروع

وهو الباعث الدافع إلي التبرع – بما ورد في الاتفاق من بيان صريح يفصح عن أن ما تسلمه الابن الطاعن – أرض زراعية – يمثل مقدار نصيبه ميراثا عن أبيه الذي لم يزل علي قيد الحياة

ومن اشتراط علي هذا الابن بعدم المطالبة بميراث  أرض أخرى من بعد وفاة الأب ، وهو ما يعد استدلالا سائغا له مأخذه الصحيح من واقع ما اثبت بالاتفاق الذي انعقد بين الطرفين، فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون في تفسير الاتفاق وتكييف التصرف الثابت به الذي لحقه البطلان”

(الطعن رقم 626 لسنة 46ق جلسة 29/11/1979)

وبأنه “كون الإنسان وارثا أو غير وارث وكونه يستقل بالإرث أو يشاركه فيه غيره، إلي غير ذلك من أحكام الإرث وتعيين الورثة وانتقال الحقوق في التركات بطريق التوريث لمن لهم الحق فيها شرعا

كل هذا مما يتعلق بالنظام العام.. والتحايل علي مخالفة هذه الأحكام باطل بطلانا مطلقا لا تلحقه الإجازة ويحكم القاضي به من تلقاء نفسه في أية حالة كانت عليه الدعوى..

وتحريم التعامل في التركات المستقبلة يأتي نتيجة لهذا الأصل فلا يجوز قبل وفاة أي إنسان الاتفاق علي شئ يمس بحق الإرث عنه سواء من جهة الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية أو من جهة المتصرف في حق الإرث قبل انفتاحه لصاحبه واستحقاقه إياه، وجميع هذه الاتفاقات وما شابهها مخالف للنظام العام”

(مجموعة القواعد القانونية في 25 عام بند 39 ص 1004 جلسة 14/6/1934)

وبأنه “صفة الوارث التي تخوله حقا في تركة المورث وتحقق له مصلحة قانونية في الطعن علي تصرفات مورثه التي تضر بحقه في الميراث تحايلا علي قواعد الإرث -هذه الصفة – لا تثبت للوارث إلا بوفاة المورث”

(الطعن رقم 756 لسنة 45 ق جلسة 12/6/1978)

وبأنه “مفاد نص المادة 131/2 من القانون المدني أن جزاء حظر التعامل في تركة إنسان علي قيد الحياة هو البطلان المطلق الذي يقوم علي اعتبارات تتصل بالنظام العام لمساسه بحق الإرث

(الطعن رقم 1083 لسنة 52ق جلسة 6/2/1986)
وقد قضت محكمة النقض أيضا بأن

“التحايل الممنوع علي أحكام الإرث – لتعلق الإرث بالنظام العام – هو – علي ما جرى به قضاء محكمة النقض- ما كان متصلا بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعا كاعتبار شخص وارثا وهو في الحقيقة غير وارث أو العكس وكذلك ما يتفرع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعا أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية

ويترتب علي هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة صحته لأحد ورثته أو لغيرهم تكون صحيحة ولو كان يترتب عليه حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم في الميراث لأن التوريث لا يقوم إلا علي ما يخلفه المورث وقت وفاته أما ما يكون قد خرج من ماله حال حياته فلا حق للورثة فيه.

ومتي كانت هذه التصرفات المنجزة جائزة شرعا فإنه لا يجوز الطعن فيها بعدم مشروعية السبب بمقولة أن الباعث الدافع إليها هو المساس بحق الورثة في الميراث إذ لا حق لهؤلاء في الأموال المتصرف فيها يمكن المساس به”

(الطعن رقم 351 لسنة 33ق جلسة 7/12/1967)

وبأنه “من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق الذي ينطوي في حق الإرث قبل انفتاحه لصاحبه واستحقاقه إياه أو يؤدي إلي المساس بحق الإرث في كون الإنسان وارثا أو غير وارث وكونه يستقل بالإرث أم يشاركه فيه غيره هو اتفاق مخالف للنظام العام إذ يعد تحايلا علي قواعد الميراث فيقع باطلا بطلانا مطلقا لا تلحقه الإجازة ويباح إثباته بكافة الطرق ولو كان الوارث طرفا في الاتفاق”

(الطعن رقم 58 لسنة 41ق جلسة 11/11/1975)

وبأنه “إجازة الوارث للتصرف الصادر من مورثه لا يعتد بها إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث، ذلك لأن صفة الوارث التي تخوله حقا في التركة لا تثبت له إلا بهذه الوفاة .. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ،

فإن النعي عليه – بالخطأ في تطبيق القانون إذ قضي بصورية عقدي البيع الصادرين للطاعن رغم أن المطعون عليها الثانية وقعت عليهما ويعتبر ما ورد فيهما من شروط حجة عليها بحيث يمتنع عليها الطعن فيهما بالصورية – يكون علي غير أساس”

(الطعن رقم 58 لسنة 41ق جلسة 11/11/1975)

كفالة الالتزام المستقبل للتركة

قضت محكمة النقض بأن

“إذا عين الكفيل في الالتزام المستقبل مدة الكفالة، فإنه يكون ضامنا لما ينشأ في ذمة المدين من التزامات خلال هذه المدة بشرط ألا تجاوز هذه الالتزامات الحد الأقصى المتفق علي كفالته، وإذ كان الطاعن الثاني قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه ضمن الديون التي تنشأ في ذمة الطاعن الأول حتى .. في حدود مبلغ .. جنيها

كما هو ثابت من عقد الكفالة المعقود بينه وبين البنك  المطعون ضده في.. وأن الطاعن الأول قد ورد للبنك خلال تلك المدة أقطانا تزيد قيمتها عن المبلغ المكفول فبرئت المكفول فبرئت ذمته بذلك من هذا المبلغ، وكان الحكم المطعون فيه لم يحقق هذا الدفاع الجوهري أو يرد عليه، فإنه يكون معيبا قاصر البيان”

(نقض 14/6/1976 س27 ص1345)

المسئولية عن عدم تحقق المحل  للتركة

 تركة مستقبلة هل يجوز التعامل

قضت محكمة النقض بأن

متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقل ببطلان التعاقد علي بيع المحصول المستقبل ، بل قررت أن البيع المتنازع علي تكييفه هو بيع معلق علي شرط واقف هو وجود المبيع في المستقبل وأن هذا ليس معناه القول ببطلان التعاقد علي محصول مستقبل ، وأنها إذا كانت قد ألزمت الطاعن بالتعويض الذي قضي عليه به

فإن هذا كان علي أساس ما استخلصته بالأدلة السائغة التي أوردتها من أنه هو وزميله المطعون عليه الثاني قد قصرا في القيام بما التزما به من تعهدات تضمنها العقد المبرم بين الطرفين ، إذ لم يتبعا نصوص العقد فيما يتعلق بعملية الزراعة من تسميد وبذر التقاوي والري وتعليمات مهندس الشركة، وكان من أثر ذلك التقصير هبوط نسبة المحصول ، فليس فيما قررته المحكمة أي تناقض أو مخالفة للقانون

(نقض 30/4/1953 ج1 في 25 سنة ص347)
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }