شرح المادة 19 مدني بشأن قانون الالتزامات التعاقدية حيث يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً فإن اختلفا موطناً سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبيّن من الظروف أن قانونا آخر هو الذي يراد تطبيقه.

قانون الالتزامات في المادة 19 مدني

قانون الالتزامات التعاقدية

المادة 19 مدني تنص علي

  1.  يسري على الالتزامات التعاقدية، قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً، فإن اختلفا موطناً سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد. هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبيّن من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يُراد تطبيقه.
  2.  على أن قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار.

قانون الالتزامات والنصوص العربية المقابلة

هذه المادة تقابل فى نصوص القانون المدنى بالأقطار العربية، المواد التالية مادة 19 ليبي و 30 سورى و 25 عراقى و 27 سودانى.

الأعمال التحضيرية للمادة 19 مدني

  • عرض المشروع للقاعدة العامة فى الإلتزامات التعاقدية ولصور خاصة من صور العقود وتنفيذها، ثم قرر فى نهايتها القاعدة الخاصة بوجوب احترام القواعد الأمره فى حدود معينة،
  • ويراعى بادئ بدء ان فقه القانون الدولى الخاص لا يزال غير مستقر فيما يتعلق بتعيين القانون الواجب تطيقه فى شأن الإلتزامات التعاقدية لتنوع صور العقود وتباين القواعد التى تسرى عليها من حيث أركان الإنعقاد، وشروط الصحة وترتيب الآثار.
  • ولذلك توخى المشروع تجنب التفاصيل واقتصى على اكثر الأحكام إستقرارا فى نطاق التشريع، فقرر ان الإلتزامات التعاقدية يسرى عليها القانون الذى يقرر المتعاقدان الخضوع لأحكامه صراحة أو ضمنا
  • وهذا حكم عام يمكن لسلطان الارادة ويضمن وحدة القانون الواجب تطبيقه على العقد، وهى وحدة لا تكلفها فكرة تحليل عناصر العقد وإختيار القانون الذى يتلاءم مع طبيعة كل منها
  • ويلاحظ ان المشروع قد اختار صيغة مرنة لا تقطع على القضاء سبيل الإجتهاد، ولا تحول دون الإنتفاع من كل تطور مقبل فى حركة الفقه، وقد قرن المشروع هذه الصيغة بنصوص خاصة يعين إختصاصا تشريعيا امرا
  • بالنسبة لعقود معينة وبعضها يضع قرائن يستخلص منها الارادة عند عدم الإتفاق وبعض اخر يعين إختصاصا تشريعيا لمسائل تتعين بتنفيذ العقود
(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 1 – ص 278 وما بعدها)

الشرح والتعليق المادة 19 مدني

 

1 – فيما يتعلق بالإلتزامات التعاقدية، يكون المرجع لقانون البلد الذى تم فيه العقد، أو قانون الموطن المشترك للمتعاقدين، ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف ان قانونا اخر هو الذى يراد تطبيقه ما لم يكن الإتفاق قد قصد منه التهرب من أحكام القانون

منازعات الأحوال الشخصية- مقال – للأستاذ نصيف زكي – المحاماه 36-9-147،10-1601 و 32-1-102

2 – تعترف كافة تشريعات الدول المتحضرة بمبدأ سلطان الارادة، اى ترك الحرية للمتعاقدين فى إختيار القانون الواجب التطبيق على العقد، وهو المبدأ السائد الان دوليا. لان المتعاقدين اعلم بظروف العقد من غيرهم ولان إختيار القانون الذى يطبق على العقد عن طريق القضاء أو عن طريق تطبيق قواعد تنازع القوانين امر عسير قلما يتفق فيه الفقهاء على راى واحد

وقد اعتد القانون المدنى المصرى بهذه القاعدة-وعند إختيار القانون الذى يحكم العقد فإن المتعاقدين يلتزمان بإتباع نصوصه الأمره، كالنصوص الخاصة بأسباب البطلان المطلق، اما النصوص الأمره فإنه يجوز الإتفاق على ما يخالفها، كأن يتفق المتعاقدان على تعديل أحكام الضمان الواردة فى القانون، كما انه عند حدوث تعديل فى القانون بعد التعاقد، فإن هذا التعديل يسرى على العقد.

ولا يتصور توحيد العقود التجارية وتوحيد أحكامها الا إذا خضعت لقانون واحد ينظمها، لذلك فإن كثيرا من عقود التجارة الدولية الخاصة بسلع معينة ينص فيها خضوع العقد لقانون معين، وذلك بعض النظر عن موطن المتعاقدين أو مكان التنفيذ أو مكان التعاقد أو الامور الآخرى التى تبرر الصلة بين العقد والقانون الذى يحكمه

ويرى الدكتور عز الدين عبد الله ان هذه الصلة تتوفر بالنسبة للقانون المصرى إذا جرت المعاملات الدولية على ابرام العقد فى صورة نموذجية معينة يخضع بمقتضاها العقد لقانون معين فى ميدان التجارة الدولية والنقل الدولى، كما يرى ان المادة 19 من القانون المدنى المصرى يلزم تفسيرها بحيث تكون هناك صلة  بين العقد والقانون الذى اختاره المتعاقدان ليحكمه

التحكيم في عقود التجارة الدولية – مقال – للأستاذ أحمد الشلقاني – مجلة إدارة قضايا الحكومة -10-4-5 ، القانون الدولي والخاص المصري – جزء 2- طبعة 1998 ص 378

الإسناد في الإلتزامات التعاقدية . ضوابطة . الأصل فيه إرادة الطرفين . عدم اتحاد إرادتهما . وجوب تطبيق قانون المواطن المشترك . وإلا قانون الدولة التي تم فيها التعاقد . الإستثناء . العقود المتعلقة بشأن عقار . سريان قانون موقع العقار عليها . مؤداه . تعلق العقود بعقار موجود بمصر . أثره . سريان القانون المصري عليها .

قاعدة خضوع العقد لقانون الإرادة : المقصود بالالتزامات التعاقدية التي تخضع لقانون الإرادة هي الالتزامات المتولدة عن عقد دولي ، أي عن عقد يتضمن عنصراً أجنبياً. ففي هذه الحدود فقط يتعين إعمال قاعدة الإسناد الخاصة بالالتزامات التعاقدية

(هشام صادق بند 184)

ويتضح من هذا النص أن المشرع قد اعتد أساساً بالإرادة الصريحة أو الضمنية كضابط للإسناد في الالتزامات التعاقدية. ولا صعوبة في الأمر بالنسبة للإرادة الصريحة. أما إذا سكت المتعاقدان عن إعلان رغبتهما الصريحة في تطبيق قانون معين ، فعلى القاضي أن يكشف عن إرادتهما الضمنية من ظروف وملابسات التعاقد، وهى مسألة موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض

(منصور ص310- الوكيل ص159)

ويشير الفقه إلى أن حرص المتعاقدين على النص على إخضاع المنازعة في العقد لاختصاص محاكم دولة معينة يعد دلالة على رغبتهما الضمنية في تطبيق قانون هذه الدولة

(منصور 59)

كذلك فإن إشارة المتعاقدين لنصوص قانون معين ، أو استخدامهم للاصطلاحات المقررة في هذا القانون قد يستفاد منه اتجاه إرادتهم الضمنية نحو تطبيق هذا القانون على العقد في مجموعه

(هشام صادق بند 184)

ويضيف البعض أن تحرير العقد بمعرفة موثق تابع لدولة معينة قد يفيد رغبة الخصوم في الخضوع لقانون هذه الدولة، كذلك فإن اللغة التي يحرر بها العقد قد يستشف منها اتجاه الإرادة نحو الاعتداد بقانون معين

(عبد الله – ص423)

وقد حكم القضاء المختلط بأن اتفاق المتعاقدين على بلد معين لتنفيذ العقد قد يستشف منه رغبتهما في إخضاع العقد لقانون هذا البلد

(استئناف مختلط 29/5/1901 مجلة التشريع والقضاء س13 ص377)

أما إذا لم توجد إرادة صريحة ، ولم يستطع القاضي أن يستشف من ظروف التعاقد رغبة المتعاقدين الضمنية في تطبيق قانون معين، فإن مؤدى نص المادة 19 من القانون المدني هو تطبيق قانون الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً. فإن اختلفا موطناً تعين على القاضي أن يطبق قانون الدولة التي تم فيها العقد

وبهذا حسم المشرع المصري مشكلة كيفية تركيز الرابطة التعاقدية فيما لو تخلفت الإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين ، وقد أغنانا المشرع المصري من عناء البحث عن القانون الواجب التطبيق على العقود الدولية فيما لو سكت المتعاقدين عن إعلان رغبتهم الصريحة في تطبيق قانون معين وتعذر على القضاء استخلاص إرادتهم الضمنية من ظروف وملابسات الحال

فنص صراحة كما رأينا على تطبيق قانون موطن المتعاقدين المشترك، أو قانون بلد إبرام العقد فيما لو اختلفا موطناً. فكأن المشرع قد تولى بنفسه تركيز العلاقة التعاقدية فيما لو سكت المتعاقدان عن تحديد القانون الواجب التطبيق صراحة أو ضمناً

(الدكتور هشام صادق بند 184 – منصور ص128- الوكيل – مرجع سابق)
قضت محكمة النقض بأن

“تحصيل الحكم لما ود بسند الشحن من أنه يفيد الاتفاق على تطبيق قانون أجنبي، بما يؤدي إلى إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة في المادتين 274، 275 من  قانون التجارة البحري  أو لا يفيد ذلك، يعد من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يستقل به قاضي الموضوع ، مادام قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أسباب تحمله”

(الطعن رقم 186 لسنة 34ق جلسة 19/5/1970)

وبأنه “متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن التعاقد على  شحن البضاعة  المؤمن عليها بمعرفة الطاعنة ثم بمشارطة إيجار لا تخضع لأحكام معاهدة سندات الشحن، أعمل ما تم اتفاق الطرفين عليه من تطبيق أحكام قانون نقل البضائع بحراً الصادر بانجلترا في سنة 1924 – والقواعد الملحقة به

وكانت المادة الرابعة من تلك القواعد تقضي بعدم مسئولية الناقل أو السفينة عن الهلاك أو التلف الناتج عن أعمال أو إهمال أو خطأ البحارة أو المرشد أو مستخدمي الناقل في الملاحة أو في إدارة السفينة، وكان تحصيل الحكم لما ورد بمشارطتي الإيجار وسند الشحن من أنه يفيد الاتفاق على تطبيق القانون المذكور هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يستقل به قاضي الموضوع متى كان سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه

فإن المحكمة لا تكون بعد ملزمة بتتبع أسباب الحكم الابتدائي – الذي ألغته – والرد عليها ويكون النعي بما ورد في هذا السبب على غير أساس”

(طعن رقم 214 لسنة 38ق جلسة 13/6/1974)

وبأنه “النص في المادة 19 من القانون المدني على أن يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي توجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً فإن اختلفا موطناً سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو تبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه يدل على أنه يتعين الوقوف ابتداء على ما تتجه إليه إرادة المتعاقدين الصريحة أو الضمنية لتحديد القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية فإذا لم يفصح المتعاقدان عن إرادتهما في هذا الشأن وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها العقد”

(الطعن رقم 1114 لسنة 52ق جلسة 4/12/1989)

وبأنه “تحصيل الحكم لما ورد بسند الشحن من أنه يفيد الاتفاق على تطبيق قانون أجنبي بما يؤدي إلى إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة بالمادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري أو لا يفيد ذلك هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يستقل به قاضي الموضوع، مادام قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أسباب تحمله”

(الطعن رقم 393 لسنة 36ق جلسة 23/3/1971)

وبأنه “متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن التعاقد على شحن البضاعة المؤمن عليها بمعرفة الطاعنة تم بمشارطة إيجار لا تخضع لأحكام معاهدة سندات الشحن، أعمل ما تم اتفاق الطرفين عليه من تطبيق أحكام قانون نقل البضائع بحراً الصادر بانجلترا في سنة 1924 – والقواعد الملحقة به،

وكانت المادة الرابعة من تلك القواعد تقضي بعدم  مسئولية الناقل أو السفينة عن الهلاك أو التلف الناتج عن أعمال أو إهمال أو خطأ البحارة أو المرشد أو مستخدمي الناقل في الملاحة أو في إدارة السفينة وكان تحصيل الحكم لما ورد بمشارطتي الإيجار وسند الشحن من أنه يفيد الاتفاق على تطبيق القانون المذكور هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى

مما يستقل به قاضي الموضوع متى كان سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه، فإن المحكمة لا تكون بعد ملزمة بتتبع أسباب الحكم الابتدائي – الذي ألغته – والرد عليها ويكون النعي بما ورد في هذا السبب على غير أساس”

(الطعن رقم 214 لسنة 38ق جلسة 13/6/1974)

عقد الرهن

يوجب القانون المدني المصري بالنسبة لرهن المنقول أن يكون حيازيا فإذا تعارضت هذه الأحكام مع القانون الأجنبي كما لو تطلب أن يكون رهن المنقول رسمياً بصفة عامة، فإن القاضي المصري يطرح هذا القانون ويطبق قانونه على النزاع، ليس استناداً إلى الدفع بالنظام العام وإنما لتعذر التطبيق من حيث الصياغة.

(أنور طلبة – المطول – ص499)

 آثار العقد بالنسبة للموضوع

 

 تخضع لقانون العقد ومؤدى ذلك أن يرجع لهذا القانون لمعرفة مضمون الالتزامات التي يولدها العقد وأحكامها. ويقتضي هذا الوضع ضرورة تفسير العقد وفقاً للقواعد السائدة في القانون الذي يحكم الرابطة التعاقدية

(هشام صادق – بند 185)

وإذا ما تحدد مضمون الالتزامات المتولدة عن العقد، فإن تنفيذ هذه الالتزامات يخضع بدوره للقانون الذي يحكم العقد. فيرجع إلى هذا القانون لمعرفة “متى يكون التنفيذ عينياً وكيف يكون وأهمية الإعذار ، ومتى يكون التنفيذ بمقابل وكيفية تقدير التعويض وعناصره، وحكم الشرط الجزائي، وأحكام التعويض القانوني أي الفوائد

(منصور ص320)

وعلى هذا النحو تخضع المسئولية العقدية المترتبة على عدم تنفيذ الالتزامات المتبادلة بين المتعاقدين لقانون العقد. وليس لقانون محل وقوع الفعل الضار والذي يسري في شأن المسئولية التقصيرية كما ظن البعض

(هشام صادق – مرجع سابق بند 185)

فليس الخطأ في ذاته هو أساس دعوى التعويض عن الإخلال بالالتزامات التعاقدية، وإنما هو يعتبر كذلك بالنظر لوجود العقد الذي فرض هذه الالتزامات ومن جهة أخرى فليس من المقبول أن يخضع تنفيذ الالتزامات المتولدة عن العقد للقانون الذي يحكم هذا العقد، بينما ينطبق قانون آخر في شأن الجزاء المترتب على الإخلال بتنفيذ هذه الالتزامات فمثل هذا القول يخل بوحدة القانون الواجب التطبيق في شأن العقود، كما أنه يتجاهل حقيقة أن التعويض في هذا الفرض هو نوع من التنفيذ بمقابل

(هشام صادق – مرجع سابق)
قضت محكمة النقض بأن

“إن المشرع إذ خص كل من  المسئولية العقدية  والمسئولية التقصيرية بأحكام مستقلة، ”فقد أفصح ذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد

فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له،

وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني، إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سوء كان متعاقداً أو غير متعاقد

(نقض 16/4/1968 – مجموعة أحكام النقض س19 العدد الثاني 1968 ص762)

وإذا كان تنفيذ الالتزامات المتولدة عن العقد يخضع على هذا النحو لقانون العقد وفقاً لما انتهى إليه الفقه الغالب، فقد اتجه جانب آخر من الشراح مع ذلك إلى إخضاع تنفيذ هذه الالتزامات لقانون الدولة التي يتم فيها التنفيذ.

ومهما كان الأمر فإن خضوع تنفيذ الالتزامات التعاقدية للقانون الذي يحكم العقد وفقاً لما انتهى إليه الفقه الغالب لا يمنع من ضرورة التسليم باستحالة تنفيذ العقد فيما لو كان قانون دولة التنفيذ لا يقر الوسائل التي ينص عليها قانون العقد. وتعد استحالة تنفيذ الالتزامات التعاقدية في محل التنفيذ على هذا النحو بمثابة القوة القاهرة ، وهذه تخضع للقانون الذي يحكم العقد

(منصور مصطفى منصور ص321 – هشام صادق – بند 187)

أسباب انقضاء الالتزام  تخضع لقانون العقد

أما عن أسباب انقضاء الالتزام فهي تخضع كقاعدة عامة لقانون العقد

وعلى ذلك فإن قانون العقد هو الذي يحكم الوفاء أو التنفيذ الاختياري، وشروط صحته، وموضوعه وزمانه، ومكانه. ويلاحظ مع ذلك أن مقتضيات فكرة النظام العام قد تحول دون إمكان تطبيق قانون العقد كما إذا كان شرط الوفاء بعملة معينة أو بالذهب يتعارض مع هذه الفكرة في قانون القاضي

(شمس الدين الوكيل – ص164)

ويندرج التجديد أيضاً تحت فكرة الالتزامات التعاقدية ويخضع بذلك للقانون الذي يحكم العقد. ومع ذلك فيلاحظ أن التجديد قد يفضي إلى نشأة التزام جديد. ومن هنا يلزم أن يقع صحيحاً وفقاً لكل من القانون الذي يحكم الالتزام القديم والقانون الذي يسرى على الالتزام الجديد

وذلك ”حتى يمكن التحقق من نشوء الالتزام الجديد صحيحاً إذ بغير هذا لا ينقضي الالتزام الأصلي“ أما المقاصة فيتعين التفرقة في شأنها بين المقاصة الاتفاقية والمقاصة القضائية والمقاصة القانونية. فالمقاصة الاتفاقية تعتبر عقد مستقل وتخضع بالتالي للقانون الخاص به، دون اعتبار للقانون الذي يحكم الدينين اللذين تقع المقاصة بينهما

(الوكيل ص165 – عز الدين عبد الله ص468)

أما المقاصة القضائية فهي تخرج عن مضمون فكرة الالتزامات التعاقدية وتخضع لقانون القاضي ”باعتبارها تتصل بسلطان القاضي في إجراء مقاصة لم تتوافر شروطها القانونية“

(الوكيل ص 164 – هشام صادق 698)

ولا تثير المقاصة القانونية دعوي المقاصة بين الديون ( شرح المواد 362 الى 369 مدني ) صعوبة فيما إذا كان الدينان خاضعين لقانون واحد إذ أن هذا القانون هو الذي يسري على المقاصة في هذه الحالة ويدق الأمر في الفرض الذي يختلف فيه القانونان  والرأي الراجح هو أن المقاصة لا تتم في هذه الحالة إلا لو أقرها القانونان اللذان يحكمان الدينين

(هشام صادق – بند 186)

ويدخل في مضمون فكرة الالتزامات التعاقدية ويخضع بالتالي لقانون العقد انقضاء الالتزام لاستحالة تنفيذه، وطلب الفسخ لعدم التنفيذ وما قد يثيره الخصوم من دفوع في هذا الشأن

(منصور ص323 وما بعدها)

ويسري قانون العقد على الإبراء. فهو الذي يحدد ما إذا كانت تكفي إرادة الدائن وحدها، أم أنه يتعين الاتفاق على الإبراء  أما الإبراء نفسه بوصفه تصرف مستقل فهو يخضع للقانون الخاص به

(منصور ص323)

وأخيراً فإن قانون العقد هو الذي يسري في شأن التقادم المسقط. وعلى ذلك فإنه يتعين الرجوع إلى هذا القانون لمعرفة آثار التقادم، ومدته، وأساب كل من الوقف والانقطاع

(هشام صادق بند 186 منصور ص324)

القانون الواجب التطبيق على عقد الهبة

 

 أدرج المشرع المصري الهبة ضمن العقود المسماة ونظم أحكامها بالمواد 486-504 من القانون المدني، فأصبحت بذلك عقداً مالياً كسائر العقود المسماة، وخرجت عن نطاق الأحوال الشخصية حسبما كانت عليه قبل صدور القانون المدني في عام 1948.

ولما صدر قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 نص في المادة 14 منه على أن تعتبر الهبة من الأحوال الشخصية بالنسبة إلى غير المصريين إذا كان قانونهم يعتبرها كذلك إلا أن المشرع ألغى هذا النص مع إلغاء قانون نظام القضاء بموجب قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965،

ومن ثم تعين اعتبار الهبة، سوء بالنسبة للمصريين أو الأجانب تصرفاً مما يخضع لقاعدة الإسناد المنصوص عليها بالمادة 19 من القانون المدني

ووفقاً لذلك فإنها إذا تعلقت بعقار خضعت لقانون موقعه، أما إن تعلقت بمنقول، فإنها تخضع لقانون الإرادة أو لقانون الموطن المشترك أو لقانون إبرام الهبة على التفصيل المتقدم.

أما الأهلية فتخضع للقانون الشخصي وهو قانون الجنسية وفقاً لنص المادة 11 من القانون المدني، وتخضع الهبة من حيث الشكل لقاعدة الإسناد الواردة بالمادة 20 متى كان القانون الذي يحكم موضوع الهبة يكتفي بالشكل الخارجي ولا يعتبر الشكل ركناً في الهبة، أما إن كان الشكل ركناً في انعقاد الهبة،

فإن هذا الشكل يخضع للقانون الذي يحكم موضوع الهبة. كما هو شأن الهبة في القانون المصري إذ يشترط الشكل الرسمي لانعقادها، فإن كانت الهبة تخضع في موضوعها للقانون المصري

فيجب إبرامها في الشكل الرسمي وإلا كانت باطلة بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام ولا يصححها إبرامها في الشكل المقرر في أي من القوانين المنصوص عليها بالمادة 20 سالفة الذكر، فتلك أشكال خارجية

(أنور طلبة – مرجع سابق وراجع هشام صادق بند 186)

القانون الواجب التطبيق على عقد العمل

عقد العمل يعد بحق نموذجاً للعقود التي تتنافى طبيعتها مع قاعدة الإسناد العامة في شأن إخضاع الالتزامات التعاقدية لقانون الإرادة، وهي القاعدة التي نص عليها المشرع في المادة 19 من قانوننا المدني .

ذلك أن تدخل المشرعين التنظيم الآمر لعلاقات العمل، حتى في البلاد الرأسمالية نفسها، قد حصر دور الإرادة في مجال ضيق ومحدود إلى درجة قد تثير التساؤل عن جدوى التحدث في هذا الإطار عن فكرة العقد في حد ذاتها. ولعل دقة المشكلة محل البحث

وتشعب الخلاف في شأنها، هو ما دفع المشرع المصري إلى حذف المادة 44 من مشروع القانون المدني، والتي كانت تتضمن قاعدة إسناد خاصة بعقود العمل، مفضلاً ترك هذه المسألة للاجتهاد

(هشام صادق – مرجع سابق بند 188)

ورغم هذا الإلغاء فقد دل النص على اتجاه المشرع مما يتعين ترجيحه والأخذ به إزاء تعارض الآراء في هذا الصدد وتشعبها، وهو ما فعلته محكم النقض حيث قضت بأنه يسرى على العقود التي يبرمها أصحاب الأعمال مع عمالهم ومستخدميهم القانون المعمول به في الجهة التي يوجد بها مركز إدارة هذه الأعمال، فإذا كان المركز الرئيسي في الخارج وكانت فروعها في مصر هي التي أبرمت هذه العقود فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق

(نقض 5/4/1967 س18 ص798)

فإذا كان مركز الأعمال في مصر “شركة مقاولات مثلاً” وأبرمت عقوداً بها مع عمال للعمل في ليبيا، فإن هذه العقود تخضع للقانون المصري لوجود مركز الأعمال في مصر وإبرام العقود بها.

ويترتب على امتداد النشاط في ليبيا وجود فرع للشركة بها لمباشرة هذا النشاط، والعبرة في ذلك بواقع الحال دون حاجة لاستيفاء شكل معين يتطلبه القانون فيما يتعلق بقيام هذا الفرع لما يدل عليه الواقع من وجود إدارة تباشر النشاط. فإذا ما أبرم هذا الفرع عقود عمل ليبيا، فإنها تخضع للقانون الليبي

أما إذا أبرم المركز الرئيسي عقوداً أخرى في مصر وبعث بالعاملين الجدد إلى ليبيا، فإن عقود هؤلاء تخضع للقانون المصري “أنظر بند ”عقد الشركة“ فيما تقدم”. وإذا وجد مركز الأعمال خارج مصر، في فرنسا مثلاً، فإن العقود التي يبرمها بمقره، تخضع للقانون الفرنسي، حتى لو تم تنفيذ العمل في مصر أو كان العمال مصريين

ويسري ذات الحكم لو وجد فرع له بمصر طالما أبرمت العقود خارجها، أما إذا قام الفرع الموجود في مصر بإبرام عقود عمل فإنها تخضع للقانون المصري، سواء تم تنفيذ العمل في مصر أو خارجها وسواء كان العاملون مصريين أو أجانب. ومركز الأعمال أو مركز الإدارة، ينصرف إلى الشركة أو المنشأة الفردية

فإن وجد للمنشأة الفردية مقر لإدارة أعمالها كان هذا مركز أعمالها، وقد يدل عليه ما أتخذ في شأنه من إجراءات الشهر والسجل التجاري، لكن هذه الإجراءات ليست شرطاً لوجوده، إذ يكفي وجوده في الواقع، لسريان الأحكام المقدمة. فإن لم يوجد مقر للمنشأة الفردية، أو كان رب العمل شخصاً طبيعياً

تحدد مركز الأعمال بالمكان الذي يباشر فيه العمل المتعلق بالعقود التي أبرمها، قرب العمل المصري الذي يتعاقد في مصر مع عمال لمقاولات البناء، ويتوجه بهم إلى ليبيا للعمل بها، فإن ليبيا تكون هي مركز أعماله للمقاولات، ومن ثم تخضع هذه العقود للقانون الليبي

كما يسري ذات القانون على العقود التي يبرمها أثناء وجوده في ليبيا. وإذا وجد لرب العمل مقر في مصر متعلق بنشاط آخر غير المقاولات. فإن هذا المقر لا يعتبر مركزاً لأعماله المتعلقة بالمقاولات طالما كان هذا المقر منبت الصلة بهذه الأعمال، فلم يتردد عليه العمال ولم تبرم به عقودهم

(أنور طلبة – مرجع سابق – هشام صادق – مرجع سابق)
وقد قضت محكمة النقض بأن

“وفقاً للمادة 28 من القانون المدني لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجبة التطبيق إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في مصر بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة، ولا يدخل في هذا النطاق مجرد اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن أحكام القانون الوطني أو مجرد التفضيل بينهما وكون القانون الوطني أكثر فائدة.

وإذ كان طرفا النزاع أمريكيين وتم التعاقد بينهما في أمريكا والقانون الذي يحكم علاقة العمل بينهما هو القانون الأمريكي واستبعد الحكم المطعون فيه تطبيقه بحجة أن قانون عقد العمل الفردي المصري من النظام العام في مصر وهو يقضي بحق العامل بمكافأة نهاية الخدمة

وأنه لا يجوز تطبيق القانون الأمريكي على موضوع النزاع مادام ذلك القانون كما هو متفق عليه بين الطرفين لا ينص على استحقاق العامل لمكافأة نهاية مدة الخدمة أو في الطلبات الأخرى موضوع الدعوى “وأنه يلتفت عما أثارته الشركة من أنه ليس للعامل أن يختار أفضل النظامين”

في حين أن فكرة النظام العام لا تتصل بالمقارنة التي يعقدها قاضي الدعوى – ومن عنده – بين القانونين الوطني والأجنبي وما يراه – هو – من أوجه المفاضلة والتفضيل بينهما فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه

(نقض 5/4/1967 س18 ص798)

ويحكم القانون الذي يخضع له عقد العمل كافة الدعاوى الناشئة عنه، كدعوى التعويض عن الفصل التعسفي ومكافأة نهاية الخدمة وبدل الإنذار وتقدير الأجر والعلاوة وبدل المميزات العينية والإجازات

(أنور طلبة – مرجع سابق – منصور ص210 – هشام صادق بند 180)
استقر قضاء محكمة النقض على إخضاع عقد العمل لقانون دولة مركز الأعمال، فقد قضت بأن

“من المقرر أنه يسري على العقود التي يبرمها أصحاب الأعمال مع عمالهم ومستخدميهم القانون المعمول به في الجهة التي يوجد بها مركز إدارة هذه الأعمال فإذا كان المركز الرئيسي في الخارج، وكانت فروعها في مصر هي التي أبرمت هذه العقود، فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق”

(الطعن رقم 1577 لسنة 50ق جلسة 24/2/1986)

وبأنه “يسري على العقود التي يبرمها أصحاب الأعمال مع عمالهم ومستخدميهم القانون المعمول به في الجهة التي يوجد بها مركز إدارة هذه الأعمال، فإذا كان المركز الرئيسي في الخارج وكانت فروعها في مصر هي التي أبرمت هذه العقود فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق”

(الطعن رقم 371 لسنة 32ق جلسة 5/4/1967)

المسئولية عن إصابات العمل

 

 المسئولية عن إصابات العمل وأمراض المهنة تقوم على عاتق رب العمل ولو لم يكن هناك ثمة خطأ من جانبه، بل ولو كان الخطأ من جانب العامل المصاب، على الأقل ما لم يكن هذا الخطأ جسيماً أو متعمداً. ومن جهة أخرى، وفي مقابل اتساع مسئولية رب العمل على النحو السالف، فقد خرجت التشريعات الخاصة بحوادث العمل عن المبادئ العامة في المسئولية التقصيرية بالنسبة لكيفية تقدير التعويض.

إذ لم يعد من اللازم أن يكون التعويض الذي يلتزم رب العمل بدفعه مساوياً للضرر الذي أصاب العامل الدائن وفقاً للقواعد العامة. بل يكفي إلزام رب العمل بتعويض يقدر تقديراً جزافياً يتحدد عادة على أساس أجر العامل وبنسبة معينة منه.

ويرى البعض إخضاع المسئولية عن إصابات العمل وأمراض المهنة لقانون الدولة  التي يجرى فيها تنفيذ عقد العمل، باعتبار أن العقد هو الأساس الحقيقي للالتزام بالتعويض في هذه الحالة. فالمسئولية عن  إصابات العمل  هي مسئولية عقدية تخضع لنفس القانون الذي يحكم عقد العمل. ويرفض البعض الآخر هذا النظر لكون المسئولية عن إصابات العمل لا تستند إلى العقد، وإنما هي ترتكن إلى نصوص القانون

(منصور – ص128)

وعلى ذلك يجب إخضاع المسئولية عن إصابات العمل لقانون الدولة التي يرجي فيها تنفيذ العمل (هشام صادق – مرجع سابق). وإذا كان قانون دولة تنفيذ العمل يأخذ بنظام التأمين الإجباري عن حوادث العمل كما هو الشأن في كل من فرنسا ومصر، وهو ما يؤدي إلى تدخل سلطة عامة بتنظيم التعويض عن إصابات العمل.

إذ تحل المسئولية الجماعية عن إصابات العمل في هذا الفرض محل المسئولية الفردية لأصحاب الأعمال، والذي ينحصر دورهم في دفع أقساط التأمين للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، فيقع على كاهل هذه الأخيرة الالتزام بتعويض العامل المصاب

(برهام عطا الله – التأمينات الاجتماعية ص168)

دعوى التعويض على صاحب العمل

 إذا كان عقد العمل منفذاً في مصر، فإنه يجوز للقضاء المصري أن يتصدى للنظر في دعوى التعويض عن إصابة العمل بالتطبيق لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية الوطني، والذي يتحدد مجال سريانه المكاني وفقاً للرأي الراجح بكافة عقود العمل التي يجرى تنفيذها في الإقليم المصري، ولو كان العامل أجنبياً

(الدكتور برهام عطا الله – مرجع سابق ص231)

أما لو كان العمل ينفذ في الخارج فلا وجه للرجوع إلى قانون  التأمينات الاجتماعية  في مصر ولو كان العامل المصاب مصرياً. وإذا تبين للقاضي في هذا الفرض الأخير أن دعوى المسئولية عن حادث العمل لا تخضع للقانون المصري تعين إسناد النزاع إلى القانون المختص، وهو قانون الدولة التي ينفذ فيها العمل وفقاً للرأي الذي انتهينا إليه.

والأمر في هذه الحالة لا يخلو من أحد فرضين فإذا كان القانون الأجنبي المختص لا يأخذ بنظام التأمينات الاجتماعية وإنما يرتب المسئولية الفردية لصاحب العمل عن إصابات عماله، فلا شبهة في وجوب تطبيق هذا القانون وفقاً للمبادئ العامة. أما لو كان القانون الأجنبي السائد في دولة تنفيذ العمل يأخذ بنظام التأمينات الاجتماعية، فيبدو أنه لا مفر من الحكم بعدم الاختصاص إعمالاً لمبدأ إقليمية القانون العام

(برهام عطا الله- مرجع سابق ص331 وما بعدها)

وحق العامل في الرجوع بدعوى المسئولية التقصيرية على صاحب العمل لمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لم تغطيها مزايا تأمين إصابات العمل فيما لو كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانب رب العمل، وكذلك حقه في الرجوع بهذه الدعوى أيضاً على الغير المسئول عن الحادث للمطالبة بالتعويض الكامل عن الضرر الذي حاق به

والجمع على هذا النحو بين تعويضين عن نفس الضرر، هي مسألة يرجع في شأنها لقانون دولة تنفيذ العمل. فإذا تبين للقاضي أن قانون دولة تنفيذ العمل، بوصفه القانون المختص بدعوى المسئولية عن إصابات العمل لا يسمح للعامل المصاب برفع دعوى المسئولية التقصيرية على رب العمل أو الغير في الحالتين المتقدمتين فلا مناص من رفض الدعوى.

أما لو كان قانون دولة التنفيذ يجيز للعمال رفع دعوى  المسئولية التقصيرية  في مثل هذه الفروض رغم سبق تعويضه جزافياً عن الإصابة كما هو الشأن في مصر، تعين قبول الدعوى وإذا ما تم الفصل في هذه المسألة الأولية وفقاً لقانون دولة تنفيذ العمل، فإن دعوى المسئولية التقصيرية تخضع بعد ذلك لقانون محل وقوع الفعل المنشئ للالتزام وفقاً للمادة 21مدني

(راجع في كل ما سبق برهام عطا الله – مرجع سابق-  هشام صادق – مرجع سابق).

المسئولية المترتبة على الفصل التعسفي

 لا صعوبة بالنسبة للدعاوى التي تستند إلى العقد، كدعوى التعويض عن الإنهاء المبتسر لعقد العمل المحدد المدة والتي يرفعها المتعاقد كنتيجة لإنهاء المتعاقد الآخر للعقد بإرادته المنفردة، قبل الأجل المحدد لانتهائه في غير أحوال الفسخ أو الأعذار المبررة أو استحالة التنفيذ.

إذ أن مسئولية المتعاقد في هذه الحالة هي مسئولية عقدية، ومن ثم فهي تخضع بداهة لقانون العقد، أي قانون الدولة التي ينفذ فيها العمل. وبالنسبة لدعوى التعويض عن الإنهاء التعسفي لعقد العمل غير محدد المدة. إذ يتفق الفقه الراجح في كل من فرنسا ومصر على اعتبار دعوى التعويض في هذه الحالة من تطبيقات فكرة التعسف في استعمال الحق

(الدكتور حسن كيرة – مرجع سابق – أصول قانون العمل بند 258)

وذهب رأي آخر إلى إخضاع دعوى تعويض عن الإنهاء التعسفي للعقد بدوره قانون الدولة التي يجري فيها تنفيذ العمل، بوصفه القانون الواجب التطبيق في شأن كافة علاقات العمل. وذهب رأي ثالث لإخضاع دعوى التعويض عن إنهاء العقد غير محدد المدة للمسئولية التقصيرية. وذهب رأي آخر على أنه التعسف يعد مصدراً مستقلاً من مصادر المسئولية.

وقد أخذت محكمة النقض بالرأي القائل لإخضاع دعوى التعويض للفصل التعسفي لقانون الدولة التي بها مركز إدارة الأعمال، وقد قضت محكمة النقض بأن “وفقاً للمادة 28 من القانون المدني لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجبة التطبيق إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في مصر بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة،

ولا يدخل في هذا النطاق مجرد اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن أحكام القانون الوطني أو مجرد التفضيل بينهما وكون القانون الوطني أكثر فائدة- وإذ كان طرفا النزاع أمريكيين وتم التعاقد بينهما في أمريكا والقانون الذي يحكم علاقة العمل بينها هو القانون الأمريكي

واستبعد الحكم المطعون فيه تطبيقه بحجة أن قانون عقد العمل الفردي المصري من النظام العام في مصر وهو يقضي بحق العامل بمكافأة نهاية الخدمة وأنه لا يجوز تطبيق القانون الأمريكي على موضوع النزاع مادام ذلك القانون كما هو متفق عليه بين الطرفين لا ينص على استحقاق العامل لمكافأة نهاية مدة الخدمة أو في الطلبات الأخرى موضوع الدعوى

وأنه يلتفت عما أثارته الشركة من أنه ليس للعامل أن يختار أفضل النظامين“. في حين أن فكرة النظام العام لا تتصل بالمقارنة التي يعقدها قاضي الدعوى – ومن عنده بين القانونين الوطني والأجنبي وما يراه – هو – من أوجه المفاضلة والتفضيل بينهما، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه”

(5/4/1967 طعن رقم 371 لسنة 32ق)

والفقه الحديث يعيب على اتجاه محكمة النقض تجاهله لخضوع عقود العمل لقواعد تنظيمية آمرة في التشريعات الأجنبية تهدف إلى حماية العمال كالقواعد الخاصة بتحديد الأجور وتحديد ساعات العمل والإجازة بأجر وهذه القواعد تهدف الدولة إلى تطبيقها على كافة العمال داخل إقليمها بغض النظر عن مكان وجود مركز الأعمال أو انعقاد العقد.

لذلك يرى فريق من الفقه المصري إخضاع الجانب التنظيمي في عقد العمل لقانون دولة محل تنفيذ عقد العمل نظراً لتعلق هذا الجانب بالأمن المدني. أما الجانب غير التنظيمي لعقد العمل فهو يخضع لقانون الإرادة وفقاً للقاعدة العامة في العقود.

ويرى فريق آخر من الفقه المصري الحديث تطبيق قانون الدولة التي يجرى فيها تنفيذ العمل في جميع الحالات، أي سواء بالنسبة للجانب التنظيمي أو بالنسبة للجانب غير التنظيمي وسواء كان تنفيذ العمل في مصر أم في الخارج، إذ من شأن هذه القاعدة كفالة وحدة القانون المطبق على عقد العمل

(هشام صادق – مرجع سابق).

إبرام عقد العمل مع مؤسسة حكومية أجنبية

إذا أبرم عقد العمل مع مؤسسة حكومية أجنبية كانت العلاقة تنظيمية لا تختص المحاكم المصرية بنظر الدعوى المرفوعة عنها.

نقض 18/11/1972 س23 ص1257

العقود التي تبرمها الدولة

 

أكدت محكمة العدل الدولية أن “العقود التي تبرمها الدولة بغير صفتها كشخص دولي تستمد أساسها من القانون الداخلي”. ومؤدى ذلك أن الاتفاقات المعقودة بين الدول في شأن المسائل المتعلقة بالقانون الخاص تفلت من مجال تطبيق قواعد القانون الدولي العام، ومن ثم فيكون من المتصور إخضاعها لقواعد الإسناد، وهو ما يؤدي إلى تطبيق قانون دولة معينة على هذه الاتفاقات أسوة بالعقود المبرمة بين الأشخاص الخاصة

(أنظر حكم محكمة العدل الدولية في 12/7/1929 منشور في Dollaz p. 1930 الجزء الثاني ص45 ومشار إليه في Batiffol  المطول ص 631)

الاتفاقات التي تبرم بين أكثر من دولة أو بين دولة وشخص من أشخاص القانون الخاص: الاتفاقات التي تبرمها الدولة بغير صفتها كشخص دولي على النحو السابق قد تكون معقودة بين أكثر من دولة، أو بين إحدى الدول وشخص من أشخاص القانون الخاص كما هو الشأن في العقد المبرم بين أمير أبي ظبي وشركة البترول الإنجليزية. ينطبق في شأن هذه الاتفاقات قانون الإرادة، أي القانون الذي اتفقت إرادة المتعاقدين على اختياره. وإنما يدق الأمر فيما لو لم يتفق المتعاقدان صراحة على تعيين القانون الواجب التطبيق

(هشام صادق بند 186)

واتجه القضاء الحديث في الكثير من دول العالم إلى القول بأن كون الدولة طرفاً في التعاقد لا يعني على الإطلاق قيام قرينة لصالح تطبيق قانون هذه الدولة. فمادام أن موضوع التعاقد يتعلق بإحدى مسائل القانون الخاص، فإن الاتفاق الذي تكون الدولة طرفاً فيه يأخذ في هذه الحالة حكم العقود المبرمة بين الأفراد

(أنظر الدكتور هشام صادق – مرجع سابق- منصور مصطفى مرجع سابق)

ما يشترط لأعمال قانون الإدارة

أولاً: أن يكون القانون الذي اختاره المتعاقدين على صلة بالعقد

بحيث يرتبط بعناصر العقد على نحو أو آخر. وبهذه المثابة يستطيع المتعاقدان اختيار قانون جنسية أحدهما أو قانون موطنه، أو قانون محل تنفيذ العقد، أو قانون موقع المال محل التعاقد ، وبل يجوز للمتعاقدين اختيار قانون اشتهر بوضع شروط نموذجية موحدة للعقد المراد إبرامه، كما هو الشأن بالنسبة للقانون الإنجليزي الذي ينظم بعض عقود التأمين البحري وتجارة الحبوب.

(شمس الدين الوكيل – ص160-161 – عز الدين عبد الله بند 134 – منصور ص 309 و310 – هشام صادق بند 184)

ثانياً: انتفاء الغش والتحايل على القانون

فقد يحاول المتعاقدان أن يصطنعا العنصر الأجنبي في العقد حتى يفلتا من الأحكام الآمرة في القانون الوطني، “كما لو سافر مصريان إلى إيطاليا لإبرام عقد قرض فيما بينهما والاتفاق على إخضاعه للقانون الإيطالي، وذلك لمجرد الهرب من الأحكام الآمرة الخاصة بالفوائد في القانون المصري.

(عز الدين عبد الله – ص427)

ثالثاً: أن يكون قانون الإرادة غير مخالف للنظام العام في مصر

يتعين استبعاد القانون الواجب التطبيق على العقد، سواء كان هو قانون الإرادة أو قانون الموطن المشترك أو قانون بلد الإبرام، وذلك فيما لو تعارض هذا القانون مع النظام العام في مصر. ومثال ذلك في رأي البعض أن يجيز هذا القانون الاتفاق على فائدة تزيد على الحد الأقصى للفائدة في القانون المصري.

(عز الدين عبد الله ص438)

رابعاً: أن يكون قانون الإرادة مشروعاً ومتفقاً مع أحكام القانون

فإذا كان قانون الإرادة مصطنعاً فيجب استبعاده وتطبيق القانون المصري بدلاً منه.

قانون موقع العقار يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار

قضت محكمة النقض بأن

“النص في الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني يدل على أن المشرع اعتد أساساً بالإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين كضابط للإسناد في الالتزامات التعاقدية فإذا سكت المتعاقدان عن إعلان رغبتهما الصريحة في تطبيق قانون معين أو إذا لم تتحد الإرادة الصريحة أو الضمنية وجب تطبيق قانون الموطن المشترك

وإلا فقانون الدولة التي تم فيها التعاقد إلا أنه استثناء من هذه القاعدة نص في الفقرة الثانية من المادة المشار إليها على أن ”قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار“ وعلى ذلك فإن كافة العقود المتعلقة بعقار موجود في مصر تخضع للقانون المصري سواء كانت تتعلق بحق شخصي كعقد الإيجار أو تتعلق بحق عيني كعقد البيع”

(الطعن رقم 8714 لسنة 66ق جلسة 14/3/1999)

نطاق تطبيق قانون الإرادة

يستبعد ابتداء ما يخص أهلية التعاقد وما يتعلق بشكل التصرف إذ يخضع كل منهما للقاعدة الخاصة به ويبقى بعد ذلك ما يتصل بتكوين العقد ويشمل التراضي والمحل والسبب والبطلان، أو بآثار العقد سواء من حيث الأشخاص أو الموضوع .

أولاً: التراضي

لا خلاف بين الفقه في وجوب استبعاد ما يتعلق بوجود الإرادة، على أساس أن هذه المسألة تدخل في مضمون فكرة الأهلية، وتخضع بالتالي لقانون الجنسية وفقاً للمادة 11/مدني. أما وقد استبعدنا مسألة وجود الإرادة، فإن قانون العقد هو الذي يسري على كل ما يتصل بالتعبير عن الإرادة وهل يشترط أن يكون التعبير صريحاً أو ضمنياً، وهل يعتد بالإرادة الظاهرة أم بالإرادة الباطنة ، ومتى يترتب على التعبير عن الإرادة أثره.

كذلك حكم السكوت، وهل يمكن اعتباره قبولاً من عدمه، وكيفية تحديد زمان ومكان العقد الذي يتم بين غائبين. كما يدخل في مضمون الفكرة المسندة أيضاً كل ما يتعلق بعيوب الإرادة ومدى أثرها على صحة التعاقد. غير أن فريقاً من الشراح يرى إخراج بعض هذه المسائل من مجال تطبيق قانون العقد.

فهم يرون عدم خضوع تحديد زمان ومكان العقد المبرم بين غائبين لقانون العقد وإخضاعهما لقانون القاضي باعتبار أن الأمر يتعلق في هذه الحالة بتكييف المسألة التي أعطاها وصف العلاقة التعاقدية وذلك للتوصل لمعرفة قاعدة الإسناد.

كذلك يرى بعض الفقهاء عدم خضوع عيوب الإرادة لقانون العقد وإخضاعها للقانون الشخصي لمن صدرت منه الإرادة تأسيساً على أن القواعد المتعلقة بهذه العيوب تهدف إلى حماية الشخص نفسه. كما يرى بعض الفقه عدم خضوع السكوت ومدى اعتباره تعبيراً عن القبول لقانون العقد ووجوب إخضاعه لقانون مركز أعمال من وجه إليه الإيجاب أو قانون محل إقامته والقول بغير ذلك من شأنه مفاجأة من وجه إليه الإيجاب بحكم لا يعرفه.

(هشام صادق – المرجع السابق ص366 بند 184- منصور ص128 -سامية راشد – مرجع سابق- شمس الدين الوكيل 163)

ثانيا ً: المحل :

يحدد قانون العقد، الشروط الواجب توافرها في المحل من حيث الوجود ومكان الوجود فقد يكون شيئاً مستقبلاً، عملاً أو امتناع عن عمل، ومن حيث الإمكان فيجب أن يكون ممكناً وليس مستحيلاً، ومن حيث التعيين

ومن حيث عدم مخالفة المحل للنظام العام أو الآداب بأن يكون قابلاً للتعامل فيه وفقاً لقانون العقد ولقانون محل التنفيذ ولقانون القاضي، فإن كان التعامل في المحل مشروعاً وفقاً لقانون العقد ولقانون التنفيذ في حين يعتبر غير مشروع في قانون القاضي، التزم القاضي بتطبيق قانونه، مثال ذلك أن يتفق المتعاقدان على فوائد ربوية ويحددان القانون الواجب التطبيق وهو يجيزها على أن يودعها المدين لدى بنك في دولة يقر قانونها هذه الفوائد

ونظراً لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه، يلجأ الدائن إلى قاضٍ في البلد الذي يتوطنان به لإلزام المدين بالتنفيذ ويكون قانون القاضي يحرم الفوائد الربوية وحينئذٍ يرفض القاضي الدعوى لعدم مشروعية المحل وذلك لأن محل الالتزام عندما يكون عملاً فإنه يخضع لقانون محل التنفيذ، فإن كان هذا القانون هو قانون القاضي، التزم بقانونه. أما إن كان المحل شيئاً فإنه يخضع من حيث قابليته للتعامل لقانون موقعه.

(أنور طلبة – مرجع سابق- هشام صادق – مرجع سابق)

ثالثاً : السبب :

بالنسبة للسبب فيتفق الفقه الراجح على إخضاعه بدوره لقانون العقد، مع ملاحظة القيد الخاص بالنظام العام. إذ يتعين استبعاد أحكام القانون الواجب التطبيق على العقد في جميع الأحوال التي يقرر فيها هذا القانون مشروعية السبب خلافاً للمبادئ العامة في قانون القاضي. إذ لا يتصور بداهة أن يقضى بصحة العقد في دولة القاضي إذا ما كان يقوم على سبب غير مشروع.

(هشام صادق- مرجع سابق بند 185)

البطلان كجزاء مترتب على تخلف ركن من أركان العقد أو شرط من شروط صحته

البطلان كجزاء مترتب على تخلف ركن من أركان العقد أو شرط من شروط صحته:

الجزاء المترتب على تخلف ركن من أركان العقد أو شرطا من شروط صحته هو أمر يدخل فى مضمون فكرة الالتزامات التعاقدية، ويخضع بدوره للقانون الذي يحكم العقد. فهذا القانون هو الذي يحدد متى يعتبر العقد باطلاً ومتى يعد قابلاً للإبطال. كما يرجع للقانون الذي يحكم العقد لتحديد من يجوز له التمسك بالبطلان.

(منصور مصطفى منصور – المرجع السابق ص319)

أما الالتزام بالرد أو بالتعويض فهي لا تخضع لقانون العقد على أساس أنه لا يتعلق بفكرة الالتزامات التعاقدية وعلى ذلك فإنها تخضع للقانون المحلي وفقاً للمادة (21) من القانون المدني

آثار العقد بالنسبة للأشخاص

قانون الالتزامات التعاقدية

 تخضع آثار العقد بالنسبة للأشخاص للقانون الذي يحكم العقد. وعلى ذلك فإنه يتعين الرجوع إلى هذا القانون لمعرفة الملتزمون بالعقد والمستفيدون منه سواء كانوا من المتعاقدين أو من الغير فقانون العقد هو الذي يحدد مدى انصراف أثر العقد إلى الخلف العام، مع ملاحظة ما يدخل في مجال إعمال القانون الذي يحكم الميراث، أما أثر العقد بالنسبة للخلف الخاص فهو يعد وفقاً لرأي البعض داخلاً في مضمون الفكرة المسندة

(محمد كمال فهمي ص466- منصور ص320)

بينما يرى البعض الآخر أن هذا الأثر يخضع لقانون موقع المال

(عز لدين عبد الله ص464)

أما أحكام التعهد عن الغير والاشتراط لمصلحة الغير فهي تعد داخلة في مضمون فكرة الالتزامات التعاقدية وتخضع بالتالي للقانون الذي يحكمها

(منصور مصطفى منصور).

آثار تصرف النائب للأصيل

 الملاحظ في النيابة أن العقد المبرم بين النائب والغير تنصرف آثاره إلى الأصيل مباشرة. فهذا الأخير وإن لم يكن طرفاً في العقد إلا أن إرادته هي مصدر صفة النائب، كما أنها هي التي تحدد نطاق النيابة وحدودها.

ولهذا يتجه الفقه الغالب إلى الاعتداد بإرادة الأصيل بالنسبة لاختيار القانون الواجب التطبيق على النيابة الاتفاقية. فالقانون الذي تحدده إرادة الأصيل هو الذي يحكم انصراف آثار العقد إلى الأصيل ومدى سلطات النائب، “ولا محل هنا للاعتداد بإرادتي النائب والغير وإن كان هما المتعاقدان اللذان ينشئان العقد بإرادتيهما”

(جمال مرسي بدر – الجزء الخامس ص120 وما بعدها – منصور مصطفى منصور ص320)

وتخرج النيابة القانونية عن فاقدي الأهلية وناقصيها مضمون الفكرة المستندة. إذ من غير المقبول أن يعتد بإرادة الأصيل والفرض أنه معدوم الإرادة أو ناقصها.

فقد مضت الإشارة إلى أن مدى سلطة النائب في إبرام التصرفات القانونية نيابة عن المشمول بالحماية، وحكم التصرف الذي يبرمه النائب مجاوزاً سلطاته في هذا الشأن، هي مسائل تخضع لقانون جنسية الشخص الذي تجب حمايته وفقاً للحكم الوارد بالمادة 16 من القانون المدني

(هشام صادق بند 164)

النيابة القانونية للفضولي

النيابة القانونية للفضولي عن رب العمل بالنسبة لما يجريه من تصرفات قانونية لحساب هذا الأخير لأن مدى سلطة الفضولي في إبرام التصرفات القانونية نيابة عن رب العمل تخضع للقانون الذي يحكم الفضالة، وهو قانون المكان الذي تصرف فيه الفضولي لصالح رب العمل وفقاً للحكم الوارد في الفقرة الأول من المادة 21 من القانون المدني

(هشام صادق بند 185)
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047