**المحاكمة التأديبية للموظف في مصر محاكمة تحتاج لمذكرة دفاع لتقديمها أمام المحكمة التأديبية، فمواجهة العقوبات التأديبية تتطلب من الموظف معرفة حقوقه وواجباته خلال المحاكمة، ومهارات الترافع أمام المحكمة التأديبية، وإتقان فن صياغة مذكرة الدفاع التي قد تكون بمثابة “طوق النجاة” تنقذ الموظف من عقوبات قاسية. **
محتويات المقال
المحاكمة التأديبية وفهم مذكرة الدفاع
**من هنا تأتي أهمية فهم “المحاكمة التأديبية” و”مذكرة الدفاع” بشكل دقيق، وذلك لضمان حصول الموظف على حقه في الدفاع عن نفسه أمام المحكمة التأديبية.
وأن يقدم “مذكرات دفاع” قوية وفعالة تحميه من العقوبات التأديبية.
وسنتناول في هذا المقال
- إجراءات المحاكمة التأديبية.
- مذكرة الدفاع” بشكل مفصل.
- تقديم النصائح الهامة حول كيفية صياغة “مذكرات الدفاع” التي تحقق النجاح للموظف في “المحاكمة التأديبية.
المحاكمة التأديبية في قانون مجلس الدولة
تنص المادة 15 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ” تختص المحاكمة التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي نقع من :
- أولا : العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الحكم المحلي ولعاملين بالهيئة العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات وبالشركات التي تضمن لها الحكومة حداً أدنى من الأرباح .
- ثانيا : أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية المشكلة طبقا لقانون العمل وأعضاء مجالس الإدارة المنتخبين طبقا لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1963 المشار إليه .
- ثالثا : العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ممن تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيها شهريا .
- كما تختص هذه المحاكم بنظر الطعون المنصوص عليها في البندين تاسعا وثالث عشر من المادة العاشرة .
تعريف الفقه للجريمة التأديبية :
يمكن تعريف الجريمة التأديبية بأنها انحراف ، يأتيه عن عمد أو خطأ بعض الأشخاص التابعين لطائفة أو هيئة معينة تتمتع بنوع من الصفة العمومية أو السلطة العامة ،إخلالا بالواجبات المفروضة على أعضاء هذه الطائفة أو الهيئة أو مساساً بالهيبة و الاحترام اللازمين لهؤلاء الأعضاء بحكم هذه الصفة
محمد رشوان ، أصول القانون التأديبي ، الطبعة الأولى 1960 ، ص 36
مفهوم الجريمة التأديبية
ان أغلب التشريعات لم تورد تعريفاً للجريمة ، سواء كانت هذه الجريمة جنائية أو تأديبية ودرجت أغلب التشريعات الجنائية ومن بينها التشريع المصري على عدم تعريف الجريمة وقد سلكت معظم التشريعات الإدارية مسلك غالبية التشريعات الجنائية ؛ فلم تورد تعريفاً للجريمة التأديبية وعلى هذا النهج سار المشرع المصري فلم يعرف الجريمة التأديبية وقد أحسن المشرع المصري بذلك صنعاً فقد يرد التعريف قاصراً عن أن ينطبق على كافة الجرائم التأديبية.
عبدالوهاب البندارى ، المرجع فى القانون التأديبي مقارناً بالقانون الجنائى ، الجرائم التأديبية والجنائية للعاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام ، دراسة فقهية قضائية ، ط 1970 ـ 1971 ، ص 12 وما بعدها
وفضلاً عن هذا ، فإن المشرع لم يورد حصراً للجرائم التأديبية لأنها كما يقال تجل عن الحصر بوصفها إخلالا بواجب وظيفي فعلى سبيل المثال اعتبرت المحكمة الإدارية العليا إخفاء العامل لواقعة حبسه نفاذا لحكم جنائي غير نهائي أو لحكم جنائي نهائي ابتغاء الحصول على أجره يعد مخالفة لواجب الأمانة و الصدق اللذان يجب أن يتحلى بهما الموظف العام خاصة إذا كان أحد أعوان القضاء .
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 1155 لسنة : 33 قضائية ـ جلسة : 13-5-1989 )
والواجبات الوظيفية متعددة ومتباينة مما لا يتسع المجال لحصرها أو لتبيان أوجه الإخلال بها ، ومتى كان ذلك ، وكان هذا هو نهج المشرع من حيث عدم حصر الجرائم التأديبية ؛ فإنه يكون منطقياً مع نفسه ونهجه أن لا يورد تعريفاً للجريمة التأديبية.
عبدالوهاب البندارى ، ص 13 ، 14
ومن الجدير بالذكر أن مبدأ ” لا جريمة إلا بقانون “- المقصود به – هذه القاعدة لا تطبق على الجريمة التأديبية ، فليس من اللازم أن تصدر السلطة التشريعية أو جهات الإدارة قواعد تؤثم مسبقا بعض الأفعال حتى يعاقب الموظف- عدم وجود نص مانع أو مؤثم لفعل معين لا يعني بالضرورة أن هذا الفعل مباح للموظف على نسق قانون العقوبات – لا تطبق قاعدة مفهوم المخالفة أو التفسير الضيق المقرر في قانون العقوبات في المجال التأديبي- إذا جرَّم المشرع بعض الأفعال على الموظفين فهو إنما يريد أن يسترعي انتباه الموظفين إلى خطورة الأفعال المؤثمة، على أن يترك ما لم يذكره للقاعدة العامة.
المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 5221 لسنة : 60 قضائية ـ جلسة 25-7-2015
وقد اكتفى المشرع المصري بالنص على بعض الواجبات الوظيفية إيجاباً أونهياً سواء فى قانون الخدمة المدنية أو فى نظام العاملين بالقطاع العام . كما نص على بعض الواجبات الوظيفية ، فى تشريعات أخرى . ثم أورد حكما عاماً فى كل من القانون والنظام سالفي الذكر، ويقضى هذا الحكم بأن كل عامل يخالف هذه الواجبات أو يخرج عن مقتضاها أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يعاقب تأديبياً.
عبدالوهاب البندارى ، مرجع سابق ، ص 14
تعددت تعريفات الفقه للجريمة التأديبية نورد منها :
1ـ الجريمة التأديبية هى كل إخلال بواجبات الوظيفية إيجابيا أو سلبياً. ولا يقصد بواجبات الوظيفية الواجبات المنصوص عليها في التّشريعات المختلفة الإدارية وغير الإرادية فقط ، بل يقصد بها الواجبات التي يقتضيها حسن وانتظام واطراد العمل في المرافق العامة وإن لم ينص عليها
د/ محمد جودت الملط ، تأديب الموظف العام ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، 1967 ، ص80
2 ـ عرفها البعض بأنها ” كل تقصير فى أداء الواجب أو إخلال بحسن السلوك والآداب ، من شأنه أن يترتب عليه امتهان المهنة أو الحط من كرامتها أو الخروج على الالتزامات السلبية المفروضة على الموظفين .
د/ اسماعيل زكى ، فى ضمانات الموظفين ، رسالة دكتوراه ، طبعة 1936 ، ص 109 ؛ وراجع أيضاً / عبدالوهاب البندارى ، مرجع سابق ، ص 16
3 ـ وعُرفت أيضاً بأنها ” كل اعتداء مباشر أو غير مباشر على المصلحة المشتركة للهيئة ، وليس من الضرورى أن يكون هذا الخطأ جريمة معاقباً عليها قانوناً بل يكفى أن يقع من الموظف أى إخلال بواجبات الوظيفة أو خرق لقوانينها أو مساس بكرامتها ، بشرط أن يقع هذا أثناء تأدية الوظيفة أو بكيفية تؤثر فى أدائها .
والخطأ إما أن يقع عمداً أو عن غير عمد ويشترط أن يكون متصلا بالإرادة ، كما يجب أن يكون هذا الخطأ محدداً ، ولا يشترط أن يكون هذا الخطأ متصلا بالعمل الرسمي وحده ، بل إن من الأفعال التى تقع فى الحياة الخاصة للموظف ( أو غيره من المنضمين للهيئات الأخرى ) ، وتمس اعتباره ما يعد خطأ مستوجباً للمؤاخذة التأديبية .
المستشار / عادل يونس فى بحثه ” الدعوى التأديبية وصلتها بالدعوى الجنائية ” المنشور بمجلة قضايا الحكومة ، السنة الأولى ، العدد الثالث سنة 1957 ، ص 5 وما بعدها ؛ وراجع أيضاً عبدالوهاب البندارى ، مرجع سابق ، ص 16
وقد تناول هذا التعريف ، الركن المادى للجريمة ، واشترط أن يكون الخطأ محدداً . كما أشار إلى أن هذا الخطأ قد يكون فى أعمال الوظيفة ، أو فى الحياة الخاصة للموظف مادام أن هذا الخطأ يمس اعتباره .
كما أشار التعريف إلى الركن الأدبي للجريمة التأديبية ؛ إذ اشترط أن يكون الخطأ متصلا بالإرادة ، يستوى فى هذا أن يكون عن عمد أو غير عمد كما ألمع إلى المبدأ المقرر ، وهو أنه لا يشترط لقيام الجريمة التأديبية أن يترتب على ذات الخطأ جريمة جنائية.
عبدالوهاب البندارى ، مرجع سابق ، ص 16 ، 17
4 ـ عرف المستشار/ عبدالوهاب البندارى الجريمة التأديبية بأنها :
إخلال العامل بواجب وظيفي ، إخلالاً صادراً عن إرادته “
عبدالوهاب البندارى ، مرجع سابق ، ص 25
5 ـ عرفها البعض الآخر بأنها ” كل خروج من الموظف على أحد واجباته الوظيفية يستوي أن يترتب على هذه المخالفة ضرر مالي بالدولة ، أولا يترتب.
د / عبد الفتاح حسن ، مبادئ القانون الإداري الكويتي ، القاهرة، دار النهضة العربية ، ص 113
فالجريمة التأديبية لا تصدر إلا من العاملين الملتزمين بواجبات الوظيفة وبمقتضياتها . وهذه الواجبات ، قد يكون منصوصاً عليها فى قوانين ولوائح العاملين الأساسية أو الفرعية أو فى غيرها . وقد يكون منصوص عليها صراحة وتخصيصاً . وإنما تدخل فى مضمون النصوص ، وما يجب للوظيفة من مقتضيات يتعين التزامها .
ذلك أن الجريمة التأديبية كما تكون بالإخلال بواجبات الوظيفة تكون أيضاً بعدم التزام مقتضياتها ؛ فالمقتضيات تدخل فى عموم الواجبات ، وذلك وفاقاً للأصل المقرر ، وهو أن كل ما يقتضيه الواجب . هو فى ذاته واجب أيضاً.
عبدالوهاب البندارى ، مرجع سابق ، ص 25
ومع ذلك ، فقد نص المشرع على هذا الأصل صراحة فى المادة 58 من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 بقوله: كل موظف يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته ، أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يُجازى تأديبياً.
ولا يُعفى الموظف من الجزاء استناداً إلى أمر صادر إليه من رئيسه إلا إذا ثبت أن ارتكاب المخالفة كان تنفيذاً لأمر مكتوب بذلك صادر إليه من هذا الرئيس بالرغم من تنبيهه كتابةً إلى المخالفة ، وفي هذه الحالة تكون المسئولية على مُصدر الأمر وحده ولا يُسأل الموظف مدنياً إلا عن خطئه الشخصي .
ويتضح مما سبق عرضه أن التعريفات التى قال بها الفقه فى مجموعه رغم اختلافها فى الصياغة فإنها تلتقى جميعا فى المعنى
تعريف المحكمة الإدارية العليا للمخالفة التأديبية :
هي كلُّ فعلٍ إيجابي أو سلبي ينطوي على الإخلال بواجبات الوظيفة المنوطة بالموظف العام، وذلك بمخالفته لأحكام القوانين أو اللوائح أو التعليمات الإدارية، كذلك الإخلال بمقتضياتها بأن يطأ الموظف مواطن الزلل وتحوم حول الشبهات.
المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 40670 لسنة 57 قضائية ـ جلسة 24-5-2014
وعرفتها كذلك بأنها :
كل فعل أو مسلك من جانب العامل راجع الى إرادته إيجابيا أو سلبا يتحقق به إخلاله بواجبات وظيفته والخروج على مقتضياتها يعد ذنبا إداريا يسوغ مؤاخذة العامل عليه.
المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 12 لسنة 43 قضائية ـ جلسة 6-5-2001
مبادئ مجلس الدولة بشأن التأديب
- احترام المرؤوس لرئيسه لا يعطي الأخير حق إهانته والتعدي عليه بالسب.
- إذا ارتفع صوت المرؤوس في مواجهة الرئيس على أثر الإهانة التي لاقاها منه لا يمكن أن يُشكل مخالفة تستوجب المؤاخذة أو تستأهل العقاب..
- مكتب الرئيس في العمل ليس ملكاً له يستقبل فيه من يشاء ويمنع دخوله من يشاء ، إنما أُعد لتحقيق المصلحة العامة وبالتالي لا يجوز للرئيس حرمان أياً من مرؤوسيه من دخوله أو وضع قواعد لاستقبالهم.
- ان دخول مكتب الرئيس في العمل لا يحتاج للحصول على إذن مُسبق أو تصريح خاص أو مراسيم معينة ، ولا يُشكل أية مخالفة.
- إهانة الرئيس لأحد مرؤوسيه وتعديه عليه بالسب هو أمر لا تقره القوانين واللوائح ولا تعترف به الشرائع الإدارية.
- لا تثريب على المرؤوس إن كان شجاعاً في المطالبة بحقه واثقاً من موقفه ، إذ الشجاعة في المطالبة بالحق مطلوبة حتى لا تضيع مصالح البشر في تلافيف المصانعة والرياء وتتلاشى بعوامل الجبن والاستخداء.
حكم في طعن علي قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
أصدرت الحكم الآتي في الطعن رقم ٢٠١٥٩ لسنة ٨ ق . عليا
المقام من : ……………………….
ضد : وزير الداخلية بصفته .
طعنا في قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة
الصادر بجلسة ٢٠١٢/٤/٣ في الاستئناف رقم ٦٣ لسنة ٢٠١١
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق ۲۰۱۲/۵/۲۷ أودع الأستاذ/ …، المحامي لدى محكمة النقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم ٢٠١٥٩ السنة ٨قضائية عليا طعناً على القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة الصادر بجلسة ۲۰۱۲/٤/٣، في الاستئناف رقم ٦٣ لسنة ٢٠١١ ، والقاضي بقبول الاستئنافين شكلاً ، وفي الموضوع برفضهما، وتأييد القرار المستأنف . وطلب الطاعن – للأسباب التي أوردها بتقرير طعنه . الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ، والقضاء ببراءته مما أسند إليه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أمرت بإحالته إلى دائرة الموضوع فنظرته الأخيرة بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها ، وبجلسة ۲۰۱٦/۱/۹ قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً ومن حيث إن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من عنون الأوراق – في أنه :
بتاريخ ٢٠١٠/١٠/٧ أصدر السيد وزير الداخلية القرار رقم ۲۷۷ لسنة ۲۰۱۰ بإحالة النقيب / ………… . الضابط بالإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار إدارة شرطة سياحة وآثار أسوان إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة ، لمحاكمته تأديبياً لأنه بوصفه موظفاً عاماً (ضابط شرطة خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وخالف التعليمات وسلك مسلكاً معيناً بأن تجاوز حدود اللياقة مع رئيسه المباشر العميد …….. ……. مدير إدارة شرطة سياحة وآثار أسوان حال دخوله لمكتبه بتاريخ ۲۰۱۰/۸/۱۳ .
وذلك بتحدثه معه بصوت مرتفع موجهاً له عبارات غير لائقة على مرأى ومسمع من بعض ضباط الإدارة. وذلك لتضرره من منحه راحة نصف شهرية بدلاً من شهرية – الأمر الذي أحط من قدره وأساء إليه ، على النحو الوارد بالتحقيقات، ولقيامه بذات التاريخ بإثبات بند بدفتر أحوال الإدارة عمله متضمناً تقدمه باستقالته من الخدمة دون إتباع التعليمات الواجبة في هذا الشأن.
وكذا تركه السلاح الأميري والذخيرة عهدته على مكتب المقدم / رئيس قسم المباحث بالإدارة دون تسليمه للجهة المختصة بالإدارة. وقد قيدت الأوراق دعوى تأديبية تحت رقم (۲۷۷) لسنة ۲۰۱۰ ، ونظرها مجلس تأديب ضباط الشرطة الابتدائي وبجلسة ۲۰۱۱/۱/۲۳ قضى بمجازاته بخصم شهر من راتبه تأسيساً على ثبوت المخالفتين المسندتين إليه.
ولم يرتض المُحال هذا القرار فطعن عليه بالاستئناف رقم ٦٣ لسنة ۲۰۱۱ ، كما طعن وزير الداخلية بطريق الاستئناف المقابل ، وبجلسة ۲۰۱۲/۱/۳ قضى مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد القرار المستأنف.
ويقوم الطعن على أن القرار المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون مخطئاً في تطبيقه وتأويله لأنه لم يرتكب أية مخالفة تستوجب المؤاخذة وتستأهل العقاب.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم ۱۰۹ لسنة ۱۹۷۱ مستبدلة بالقانون رقم ۲۰۱۸ لسنة ۱۹۹۱ تنص على أنه :
{ الشرطة هيئة مدنية نظامية ، رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية ، تباشر اختصاصاتها برئاسة وزير الداخلية وتحت قيادته ، وهو الذي يصدر القرارات المنظمة لجميع شئونها }.
وتنص المادة (۳۳) على أنه :
{ لا يجوز للضابط أن ينقطع عن عمله إلا لأجازة مصرح له بها في حدود الأجازات المقررة في هذا القانون، وللضباط الحق في يوم واحد للراحة في الأسبوع، فإذا اقتضى نظام العمل إلغاء هذا اليوم بأمر من رئيس المصلحة يوماً آخر بدله، ويجوز في المناطق التي يحددها وزير الداخلية تجميع أيام الراحة أو العطلات المؤجلة والقيام بها مرة كل شهر دون حساب أيام السفر وفق القواعد التي يضعها وزير الداخلية }.
وتنص المادة (٤١) على أنه:
{ يجب على الضابط أن يؤدي العمل المنوط به بنفسه وأن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة ، وأن يحافظ على كرامة وظيفته طبقاً للعرف العام وأن يسلك في تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام الواجب } .
وتنص المادة (٤٧) على أن
كل ضابط يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو في القرارات الصادرة من وزير الداخلية ، أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته ، أو يسلك سلوكاً من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يُعاقب تأديبياً .
وتنص المادة (٥٠) على أنه
{ لا يجوز توقيع عقوبة على الضابط إلا بعد التحقيق معه كتابةً وسماع أقواله وتحقيق دفاعه }.
وتنص المادة (٥٨) على أن
{ يصدر قرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية من الوزير أو مساعد الوزير ويتضمن بياناً بالتهم المنسوبة للضابط}
وتنص المادة (٦٠) على أنه
{ لا يجوز الطعن في القرار الصادر من مجلس التأديب إلا بطريق الاستئناف }
وتنص المادة (۷۱) على أن
تنتهي خدمة الضابط لأحد الأسباب الآتية :
- بلوغ السن المقررة .
- إذا أمضى في رتبة لواء سنتين من تاريخ الترقية إليها
- عدم اللياقة للخدمة صحياً
- الاستقالة
- العزل
- فقد الجنسية
- الفصل بقرار من رئيس الجمهورية
- الحكم عليه بعقوبة جنائية
- الوفاة
وتنص المادة (۷۲) على أنه
{ يجوز للضابط أن يستقيل من الوظيفة ، وتكون الاستقالة مكتوبة ، ويجب البت في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة بحكم القانون ما لم يكن طلب الاستقالة معلقاً على شرط أو مقرناً بقيد ، فلا تنتهي خدمة الضابط إلا إذا تضمن قرار قبول الاستقالة إجابته إلى طلبه }
ومفاد ما تقدم أن
المشرع لاعتبارات قدرها أفرد نظاماً خاصاً للتحقيق في المخالفات المنسوبة لضباط الشرطة فأناط بوزير الداخلية أو رؤساء المصالح إحالة ضابط الشرطة إلى التحقيق عند مخالفته لواجبات وظيفته أو إذا خرج على مقتضياتها، وأوجب المشرع سماع أقوال الضابط وتحقيق دفاعه .
كما منح وزير الداخلية حق إحالة الضابط المخالف إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبياً ، كما منحه حق الطعن على القرار الصادر من مجلس التأديب وأجاز أيضاً للضابط أن يستقيل من وظيفته واشترط أن تكون الاستقالة مكتوبة ،
وأوجب المشرع البت في الاستقالة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها وإلا اعتبرت مقبولة بحكم القانون ما لم تكن هذه الاستقالة معلقة على شرط أو مقترنة بقيد ، فإن خدمة الضابط لا تنتهي إلى إذا تضمن قرار قبول الاستقالة إجابته إلى طلبه.
ومن حيث إنه ولئن كان من الواجب أن تدق موازين الحساب ، وأن يغلظ العقاب عند ثبوت خطأ أحد ضباط الشرطة الذي أناط به الدستور والقانون المحافظة على النظام والأمن العام، والآداب ، وحماية الأرواح والأعراض والأموال وبث الأمن والطمأنينة للمواطنين .
فإنه يتعين على الجانب الآخر أن يؤخذ اتهامهم بما يشين بكثير من الحذر وأن يجرى التحقيق معهم بكثير من أمعان النظر ، وأن يحقق دفاعهم على الوجه الأكمل، وأن يحاكموا أمام مجلس تأديب يملك سلطة استيفاء هذه التحقيقات إذا كانت ناقصة ، وأن يكون الحكم الصادر منه بالإدانة قائماً على تحقيقات صحيحة وأدلة تقطع باليقين دون تلك المُحاطة بالشبهات والتخمين.
ومن حيث إنه ولئن كان قانون هيئة الشرطة لم يشتمل على أحكام تفصيلية للتحقيق، إلا أنه ليس معنى ذلك أن التحقيق يجرى بغير أصول ، بل يجب استلهام هذه الضوابط في كنف قاعدة أساسية هي تحقيق الضمان، وتوفير الاطمئنان لذوي الشأن بأن يتم التحقيق في حدود الأصول العامة .
وبمراعاة الضمانات الأساسية التي تقوم عليها حكمته، بأن تتوافر فيه السلامة والحيدة والاستقصاء لصالح الحقيقة ، وأن يكفل به حق الدفاع للمتهم تحقيقاً للعدالة تأكيداً لمبدأ أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة يمكن من خلالها من تحقيق دفاعه كاملاً.
ومن حيث إنه يترتب على افتراض المبدأ المتقدم ، عدم جواز نقضه بغير أدلة جازمة تخلص إليها المحكمة والعبرة في هذه الحالة باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، الذي من حقه أن يستخلص من سائر العناصر المطروحة أمامه على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعه .
وأن يطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصه سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة تتفق مع العقل والمنطق، ولها أصل في الأوراق فقد جعل القانون من سلطته أن يزن أدلة الإثبات فيأخذ منها ما يطمئن إليه ويطرح منها ما دون ذلك ، إذ الأمر كله إلى ما يطمئن إليه ضميره ويستقر في وجدانه.
وعلى هذا الأساس فإن الأحكام تبنى على حجج قطعية الثبوت تفيد الجزم واليقين لا على الظن والتخمين ، وكل شك في إثبات الجريمة يجب أن يُفسر لمصلحة المتهم. ومن حيث إن الثابت من الأوراق، أن العميد ……… مدير إدارة شرطة سياحة وآثار أسوان حرر مذكرة بتاريخ ۲۰۱۰/۸/۱۳ ذكر فيها أن النقيب / .. الضابط بوحدة شرطة سياحة كوم أمبو ، تحدث معه تليفونياً بطريقة غير وبصوت مرتفع معترضاً على منحه راحة نصف شهرية ، عن مدة عمل ثلاثة عشر يوماً وأنه حاول تهدئته واحتوائه إلا أنه تمادى في الحديث بطريقة غير لائقة فقام بتوجيهه لرئيس قسم الشئون المالية والإدارية لمناقشة الأمر .
إلا أنه أثناء تواجده في مكتبه حوالي الساعة الرابعة مساء فوجئ بحضوره وقيامه برکل الباب بقدمه والدخول بدون استئذان وتحدث معه بصوت مرتفع معترضاً على الراحة الممنوحة له ، ثم قيامه بعد ذلك بتحرير بند بدفتر الأحوال يفيد تقدمه باستقالته من الخدمة وبأن لديه الأسباب التي دفعته لذلك ، كما قام بإلقاء السلاح عهدته على مكتب رئيس قسم المباحث. وتناولت الإدارة العامة للتفتيش والرقابة بوزارة الداخلية الواقعة بالتحقيق.
وبسؤال الشاكي قرر أنه أثناء تواجده بمكتبه يوم ۲۰۱۰/۸/۱۳ الساعة الثانية بعد الظهر اتصل به النقيب … وأخذ يتحدث معه بصوت مرتفع ، وبأسلوب خارج عن حدود اللياقة والذوق والأدب ، فحذره إذا لم يخفض صوته فسوف ينهي المكالمة ، ولما لم يمتثل فقد قام بإنهاء المكالمة ، وبعد ساعتين من هذه الواقعة فوجئ به يتهجم عليه في مكتبه بعد أن ركل باب المكتب بقدمه ، ودخله بصورة سيئة خارج حدود الأدب والذوق ، وقام بالجلوس مباشرة وبدأ يتحدث معه بصوت مرتفع ويشوح بيده فأنهيت الحوار معه .
ثم قام الضابط المذكور بالتوجه إلى مكتب المقدم وقام بترك سلاحه الميري عهدته على مكتبه وحرر بند بدفتر أحوال الإدارة يفيد حضوره للإدارة لتقديم استقالته المسببة ، فلما حاول تهدئته لمعرفة سبب انفعاله الشديد قام بالتهكم عليه بألفاظ بذيئة فتركه وانصرف.
وبسؤال الشاكي عما إذا كان المشكو في حقه تقدم له باستقالته أجاب بالنفي. وبسؤال المقدم / رئيس قسم مباحث السياحة ، شهد بأنه كان جالساً في مكتبه يتحدث ومعه المقدم / …. وسمعا صوتاً عالياً فخرجا لتقصي مصدره ، فتبين أنه صوت النقيب / … بصوت عالي ، وفي يده دفتر الأحوال وعلبة السلاح وعليها السلاح عهدته ، فقاما بإدخاله إلى مكتبهما .
إلا أنه قام بترك السلاح وتوجه إلى مكتب مدير الإدارة ، وقام بدفع الباب بشدة ودخل المكتب، وسمعنا صوت مدير الإدارة يسأله عن سبب دخوله المكتب بهذه الطريقة ، فرد عليه بأن هذا المكتب هو مكتب مدير الإدارة ، ومن حقه دخوله في أي وقت ، وعلى أثر ذلك حدثت مشادة بينهما ، خرج على أثرها المشكو في حقه ، فقام باصطحابه إلى داخل مكتبه إلا أنه كان ممسكاً بدفتر الأحوال.
وفي ذلك الوقت خرج مدير الإدارة، وطلب دفتر الأحوال للتوقيع عليه بما يفيد قيامه بالانصراف فدخل إلى المكتب وكان دفتر الأحوال في حوزة المشكو في حقه يقوم بـ بكتابة بند يفيد تقدمه باستقالته وحاول منعه من الكتابة إلا أن مدير الإدارة قال اتركوه يدون ما يريد ، فرد المشكو في حقه قائلاً : مدير الإدارة قلبه قلب أسد ، ثم قام مدير الإدارة بالانصراف وأعقبه خروج المشكو في حقه بعد انتهائه من كتابة بند الاستقالة تاركاً السلاح بمشتملاته على مكتبه.
وبسؤاله عما إذا كان النقيب / ….. تعدى بالقول على مدير الإدارة، أجاب بأنه حدثت مشادة بينهما وبسؤاله عما إذا كان المشكو في حقه ركل الباب بقدمه شهد بأنه لم يلمح هذه الواقعة.
وبسؤال المقدم / ……. رئيس وحدة مباحث الآثار، شهد بأنه أثناء تواجده مع المقدم بالمكتب فوجئ بصوت عالي خارج المكتب ، فقام وزميله باستطلاع الأمر فشاهدا النقيب/ … بمحاولة تسليم السلاح عهدته إلى نوبتجي العمليات إلا أنه رفض فقام المذكور بمحاولة تسليمه بصوت عال وبعدها توجه الأمين إلى مكتب مدير الإدارة وعلى أثره توجه النقيب/ …. إلى مكتب المدير وقام بالدخول بطريقة غير لائقة وتحدث معه بخصوص تقديم استقالته معترضاً على منحه راحة نصف شهرية ودار نقاش بينهما فتحدث المشكو في حقه بطريقة غير لائقة.
وبسؤاله عن سبب حضور المشكو في حقه إلى الإدارة ، أجاب لتقديم استقالة مسببة ، وبسؤاله عن سبب قيام الضابط المذكور بدخول مكتب مدير الإدارة ، شهد بأن ذلك كان لتقديم استقالته وتسليم السلاح عهدته ، وأضاف بأن الضابط المذكور قدم استقالته لمدير الإدارة لعدم منحه الراحة الشهرية كاملة ، إلا أنه قام بالحديث بصوت مرتفع وأوضح أن الضابط المذكور قال أن المدير قلبه قلب أسد ، ونفى الشاهد مشاهدته للمشكو في حقه يركل باب مدير الإدارة بقدمه.
وبسؤاله عما إذا كان المشكو في حقه قد وجه للشاكي أي ألفاظ خارجه أو تعدى عليه بالقول أجاب محصلش. وبسؤال النقيب / …. وبمواجهته بالشكوى المقدمة ضده نفى صحة كافة الوقائع المدونة بها ، وأضاف أنه اتصل في بادئ الأمر برئيس قطاع الشئون المالية والإدارية بالإدارة لإخطاره بعزمه على تنفيذ القرار الصادر بنقله وسأله عن موعد حصوله على الراحة الشهرية ، فأخبره بأنه سينزل لمدة أربعة أيام .
فلما اعترض على ذلك، قام الأخير بسبه وغلق الخط في وجهه ، فاتصل بمدير الإدارة فأجابه: يا ابني مش هتنزل أجازة غير أربعة أيام وبالجزمة، وأغلق الخط في وجهه ، ولما حاول الاتصال به مرة أخرى لم يقم بالرد عليه ، فتوجه إلى الإدارة لتقديم استقالة مسببة بسبب الضغط العصبي والنفسي الذي تعرض له من قبلهما ، ولعدم تحقيقهما المساواة بينه وبين باقي الضباط زملائه.
الاستقالة.
وأضاف بأنه توجه إلى مدير الإدارة ، وقدم له استقالة مسببه ومعه سلاحه الشخصي، طالباً تسليمه، إلا أنه رفض استلام الطلب ، كما رفض تكليف مندوب العهدة باستلام السلاح عهدته فاضطر لتدوين بند دفتر الأحوال يفيد تقدمه باستقالة مسببة وتسليمه السلاح الشخصي، وأشار إلى أن العميد/ مساعد مدير عام المنطقة الجنوبية اتصل به وناقشه في أسباب الاستقالة التي قدمها .
إلا أنه تمسك بأن يقوم قطاع التفتيش والرقابة بفحص والأسباب التي دعته إليها. وبسؤاله عما إذا كان مدير الإدارة تعدى عليه بالقول قرر أنه تعدى عليه أثناء اتصاله به لمناقشته في موضوع الأجازة وقال له بالحرف الواحد انت حتنزل راحة نصف مجمعة وبالجزمة ، وأغلق الخط في وجهه . وبسؤاله عن دخوله مكتب مدير الإدارة بطريقة غير لائقة والتهكم عليه ، أجاب بالنفي .
وأضاف أنه كان معه المقدم/ وأنه دخل وجلس على الكرسي المواجه لمكتبه حتى انتهى سيادته من المكالمة التي كان يجريها وأضاف بأن المقدم / . لم يكن موجوداً في ذلك الوقت.
ولما كان ما تقدم
فإن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين هذه المحكمة واستقر عليه وجدانها أن النقيب/ ، يعمل بوحدة شرطة سياحة أسوان ، وصدر قرار بنقله إلى وحدة شرطة سياحة أدفو فبادر إلى الاتصال بالعقيد / رئيس الشئون المالية والإدارية لإخطاره بقيامه بتنفيذ القرار الصادر بنقله واستفسر منه عن تاريخ قيامه بالراحة الشهرية .
فأجابه الأخير بأنه سيحصل على أجازة لمدة أربعة أيام فقط فلما استفسر منه عن سبب ذلك ، قام بغلق خط التليفون في وجهه فاتصل بمدير الإدارة يبلغه بما تعرض له من إهانة وبالظلم الواقع عليه ، إلا أنه رد عليه قائلاً يا ابني مش حتنزل أجازة غير أربعة أيام وبالجزمة وأغلق الخط في وجهه ونظراً لما تعرض له الضابط المذكور من إهانة من رئيس قطاع الشئون المالية والإدارية ومدير الإدارة ، فقد تقدم بطلب لاستقالته ذكر فيها ما تعرض له من إهانة والظلم الواقع عليه .
وقدم هذه الاستقالة إلى مدير الإدارة وطالبه بتكليف مندوب العهدة باستلام سلاحه الميري ، إلا أن مدير الإدارة رفض قبول طلبه كما رفض تكليف مندوب العهدة باستلام عهدته فلم يجد سبيلاً سوى إثبات تقدمه بالاستقالة بدفتر أحوال الإدارة ، ومن ثم فإن ما أتاه الضابط المذكور لم يكن سوى رداً على ما لاقاه من إهانة.
ومن حيث إن أوراق الدعوى والتحقيقات الجارية فيها وما ساقه مجلس التأديب من سبيل لإدانة الطاعن عن واقعة تجاوزه حدود اللياقة في التعامل مع رئيسه المباشر بتحدثه معه بصوت مرتفع موجهاً له عبارات غير لائقة وإثباته بند بدفتر الأحوال متضمناً تقدمه باستقالته من الخدمة دون إتباع التعليمات الواجبة في هذا الشأن وتركه سلاحه الميري والذخيرة عهدته على مكتب رئيس قسم المباحث دون تسليمه للجهة المختصة بالإدارة قاصر عن حد الكفاية لإدراك هذا القصد وآية ذلك الأمور الآتية :
الأمر الأول: أن الثابت من مطالعة تحقيقات قطاع التفتيش والرقابة أن الطاعن اتهم رئيسه المباشر العميد/ بالتعدي عليه بالقول وقال له بالحرف الواحد هتنزل أجازة أربعة أيام وبالجزمة وأغلق خط التليفون في وجهه، وأنه إزاء ما لاقاه من إهانة منه ومن ظلم من عدم منحه الأجازة المجمعة ذهب إليه ليقدم إليه استقالته موضحاً بها الأسباب التي دعته إلى تقديمها طالباً تكليف أحد المختصين بالعهدة باستلام سلاحه .
وأشار صراحة أنه تلقى بعد ذلك مكالمة تليفونية من العميد / مساعد مدير عام المنطقة الجنوبية ناقش معه خلالها هذه الأسباب ، إلا أنه صمم على أن يقوم قطاع التفتيش والرقابة وحده بالتحقيق في هذه الأسباب .
ومن ثم فإن تحقيق هذا الدفاع كان يستوجب مخاطبة شركة الاتصالات في حينه وطلب تسجيل لما دار بين الطاعن ورئيسه وبين الطاعن والعميد / ….. ومواجهة العميد / والأخير بهذه الوقائع إعمالاً لنص المادة (٥٠) من قانون هيئة الشرطة التي لا تجيز توقيع عقوبة على الضابط إلا بعد التحقيق معه كتابةً وسماع أقواله وتحقيق دفاعه.
مما يصم هذا التحقيق بعيب مخالفة القانون مما يجعل ما نُسب إلى الطاعن محل شك مما يتعذر معه على المحكمة الاطمئنان إلى صحة ما نُسب إليه وبالتالي فإن هذا الشك يستوجب على هذه المحكمة أن تفسره لصالح المتهم (الطاعن).
الأمر الثاني : أن ما ادعاه العميد / …….. في شكواه وما أوضحه تفصيلاً في أقواله في التحقيقات التي أجراها قطاع التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية من تحدث النقيب / ……. هاتفياً بطريقة غير لائقة وبصوت مرتفع ولما حاول تهدئته واحتوائه تمادى وظل يتحدث بصوت عال وبأسلوب خارج عن حدود اللياقة والذوق والأدب، أمر لم يشهد أحد بصحته ، وبالتالي لا تملك هذه المحكمة الأخذ بقول الشاكي وحده سنداً للإدانة.
الأمر الثالث : أن اتهام العميد / للضابط / ، بأنه ركل باب مكتبه بقدمه أمر غير ثابت في حقه بعد أن نفاه كل من المقدم / رئيس قسم مباحث السياحة ، والمقدم / …. رئيس وحدة مباحث الآثار.
الأمر الرابع: أن إنكار العميد / … واقعة تقدم النقيب / … إليه طلب باستقالة مدون بها ما لاقاه منه من ظلم ومن تعديه عليه بألفاظ جارحة أمر شهد على خلافه المقدم /
رئيس وحدة مباحث الآثار حيث أكد في شهادته أن الضابط / … حضر لمقابلة العميد / …. لتقديم استقالته وتسليم سلاحه الميري.
الأمر الخامس : أن دخول النقيب / …. إلى مكتب رئيسه المباشر العميد / …. أمر لا يحتاج للحصول على إذن مسبق أو تصريح خاص أو مراسيم معينة ، ولا يُشكل أية مخالفة ، فلا تثريب على الضابط إن كان شجاعاً في المطالبة بحقه واثقاً من موقفه ، إذ الشجاعة في المطالبة بالحق مطلوبة حتى لا تضيع مصالح البشر في تلافيف المصانعة والرياء وتتلاشى بعوامل الجبن والاستخداء ، لا سيما وأن مكتب الرئيس ليس ملكا له يستقبل فيه من يشاء ويمنع دخوله من يشاء ، إنما أُعد لتحقيق المصلحة العامة وبالتالي لا يجوز للرئيس حرمان أياً من مرؤوسيه من دخوله أو وضع قواعد لاستقبالهم.
الأمر السادس: إن ما قاله النقيب/ …. في حضور كل من المقدم/…….. ……… سليم من أن قلب رئيسه قلب أسد لا يُشكل جرماً لأنه لم يقصد به إهانته أو الإساءة إليه إنما كان رد فعل لاستهانة رئيسه به بعد أن حاول زملائه تهدئته ومنعه من إثبات ما يفيد تقدمه باستقالته و رفض رئيسه استلامها بدفتر الأحوال وتنبيه الأخير لهما بتركه ليكتب ما يعن له.
الأمر السابع : أنه لا جدال في أن إهانة الرئيس لأحد مرؤوسيه وتعديه عليه بالسب وقوله له هتنزل أجازة بالجزمة وغلق خط التليفون في وجهه – على فرض صحته – فهو أمر لا تقره القوانين واللوائح ولا تعترف به الشرائع الإدارية فاحترام المرؤوس لرئيسه لا يعطي الأخير حق إهانته والتعدي عليه بالسب وتجريده من شخصيته وإذلاله.
وأن رفض الرئيس قبول استقالة المرؤوس وامتناعه عن تكليف المختصين باستلام السلاح عهدته أمر مخالف للقانون، وبالتالي فإذا ارتفع صوت المرؤوس في مواجهة الرئيس على أثر الإهانة التي لاقاها منه وإصراره على استقالته وعلى تسليم السلاح عهدته وإثبات رفض رئيسه تحقيق طلبه بدفتر الأحوال لا يمكن أن يُشكل مخالفة تستوجب المؤاخذة أو تستأهل العقاب.
ومتى كان ما تقدم وقد خلت الأوراق من أية دليل تطمئن إليه المحكمة في إثبات ارتكاب الطاعن للجرم المسند إليه فإنه بات عليها أن تقضي ببراءته مما أسند إليه ومن حيث إن مجلس التأديب قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
- بقبول الطعن شكلاً
- وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ، وببراءة الطاعن مما أسند إليه.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المنعقدة يوم السبت ٦ من ربيع الثاني سنة ١٤٣٧ هجرية الموافق ١٦ من يناير سنة ۲۰۱٦ ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
صيغــة مذكرة طعن في قرار تأديبي
السيد الأستاذ المستشار / رئيس المحكمة التأديبية بـ ………. بعد التحية
مقدمه لسيادتكم/ ………………….. والمقيم ……………… وموطنه المختار مكتب الاستاذ ………………… المحامي بـ ……………….
ضــد
- السيد / وزير ……… بصفته
- السيد / وكيل وزارة …….. بصفته
الموضــوع
الطالب يعمل تحت رئاسة المعلن إليهما وقد نسب إليه خطأ تأديبي (يذكر الخطأ).
وبتاريخ / / أوقع عليه الرئيس الإداري جزاءا بموجب القرار رقم ………
وإذ كان قد سبق للرئيس الإداري أن أحال الأوراق إلى النيابة الإدارية فأوجبت بكتابها رقم ………. المؤرخ / / بمجازاته إداريا فأوقع عليه الرئيس الإداري جزاءا آخر بموجب القرار الصادر في / / .
وإذ كان من المقرر أنه لا يجوز محاكمة الموظف عن ذنب إداري مرتين طالما أن الجريمة التأديبية واحدة .
لــذلك
يلتمس الطالب :
- أولا : قبول دعواه شكلا .
- ثانيا : إلغاء القرار المطعون عليه مع كافة ما يترتب عليه من آثار .
- انتهي البحث القانوني ( المحاكمة التأديبية للموظف المصري: دليل كتابة مذكرة دفاع (24)) ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني.
- زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
- كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل ، أو الاتصال بنا من خلال ( طلب استشارة مجانية )
- كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
- يمكن تحميل الأبحاث من أيقونة التحميل pdf في نهاية كل مقال وكل بحث ، ونعتذر لغلق امكانية النسخ بسبب بعض الأشخاص الذين يستحلون جهد الغير في اعداد الأبحاث وتنسيقها ويقومون بنشرها علي مواقعهم الالكترونية ونسبتها اليهم وحذف مصدر البحث والموقع الأصلي للبحث المنشور ، مما يؤثر علي ترتيب موقعنا في سيرش جوجل ، أعانهم الله علي أنفسهم .