التصرف المخالف للشرط المانع
حكم ابطال التصرف المخالف للشرط المانع وفقا لنص المادة 824 مدني مع نبذة عن الشرط المانع من التصرف في العقود والتصرفات وبيان شروط صحته وبطلانه وفقا لنص المادة 823 من القانون المدني مزودا بشروحات فقهاء القانون واحكام محكمة النقض.
محتويات المقال
إبطال التصرف لمخالفة شرط مانع
إبطال عقد لمخالفة شرط مانع من التصرف مع فسخ العقد الأصلي المتضمن الشرط المانع دفعاً بـ :
- انتفاء شروط صحة الشرط المانع من التصرف بانتفاء الباعث المشروع وبعدم معقولية مدة المنع .
- انتفاء الحكمة من الشرط المانع من التصرف بسداد المشتري الجديد للبائع الأول الأقساط جميعاً .
- الخطأ بتفسير التفضيل علي أنه شرط مانع من التصرف بإبطال عقد .
إبطال التصرف المخالف للشرط
مقدمة لمحكمة استئناف – الدائرة
من السيد / —————————————
ضد السيد / —————————————–
وذلك في الدعوى رقم —–لسنة —- المحدد لنظرها جلسة _/_/___ م
الدفع بعدم وجود شرط مانع من التصرف يخص موضوع العقد ودليل المخالفة
تنص المادة 823 من القانون المدني الفقرة الأولي
إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف في مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبينا على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة .
وبإنزال النص السابق علي واقع الدعوى المستأنف حكمها يتضح صحة هذا السبب للآتي
1- أن عقد البيع سند الدعوى – الذي أصدرت محكمة الدرجة الأولي حكماً بإبطاله لوجود شرط مانع من التصرف بشأنه – ورد علي محل مختلف تماماً عن المال – العقار الأرض ” المقيد بشرط المنع من التصرف .
2- فالثابت أن شرط المنع من الصرف قد صدر بشأن ” يحدد المال الذي اتفق بشأنه علي شرط المنع من التصرف ” أما موضوع العقد سند الدعوى المستأنف حكمها فيرد علي —— ،
وهو محل مختلف تماماً عن محل المال الوارد بشأنه شرط المنع من التصرف .
3- في هذا الصدد وفي قضاء مطابق لقضاء محكمة النقض قررت أنه
الحظر الوارد بنص المادة 9 من أمر نائب الحاكم العسكري رقم 4 لسنة 1976 الذي كان سارياً وقت تعاقد الطاعن مع المطعون ضدها الأولى – ينصرف إلى الأراضي و الوحدات السكنية المخصصة للعضو من الجمعية التي ينتمي إليها بوصفه عضواً تعاونياً –
أي أن المنع يرد أساساً على ما خصص للعضو عن طريق الجمعية سواء أكان هذا التخصيص ينصب على أراضى البناء أو وحدات سكنية ،
وإذ كان الثابت أن التصرف بالبيع الصادر من الطاعنين إلى المطعون ضدها الأولى لم يشمل قطعة الأرض أو جزء منها المخصصة لهم من الجمعية التعاونية المطعون ضدها الثانية –
و إنما ورد على جزء من المباني التي أقامها الطاعنون على تلك الأرض ، و من ثم فإن ما ورد بنص المادة 9 من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 لا ينطبق على واقعة الدعوى و كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون
الطعن رقم 306 لسنة 53 مكتب فني 38 صفحة رقم 280 بتاريخ 19-02-1987
خطأ فسخ العقد الأصلي وهو ما لم يطلب و دليل المخالفة
تنص المادة 824 من القانون المدني
إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحاً طبقا لأحكام المادة السابقة ، فكل تصرف مخالف له يقع باطلاً .
وبإنزال النص السابق علي واقع الدعوى المستأنف حكمها يتضح صحة هذا السبب للآتي
1-أنه علي فرض صحة القول بمخالفة التصرف لشرط صحيح مانع من التصرف ، فإن مؤدي المادة 824 من القانون المدني قصر الحكم بالبطلان علي التصرف المخالف لشرط المنع من التصرف دون أن تمتد سلطتها إلي إبطال أو فسخ العقد المتضمن الشرط المانع من التصرف ذاته .
2-أن المستأنف عليه لم يطلب فسخ العقد المتضمن الشرط المانع من التصرف ، وإنما قصر طلباته علي إبطال التصرف المخالف للشرط المانع من التصرف ، والقضاء بفسخ العقد المتضمن الشرط المانع من التصرف هو قضاء بما لك يطلبه الخصوم .
3-في هذا الصدد ، وفي قضاء مطابق تماماً لواقع الدعوى المستأنف حكمها سبق وأن قضت محكمة النقض بأنه
المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن المادة 824 من القانون المدني و إن نصت على بطلان التصرف المخالف للشرط المانع من التصرف لم تتعرض للعقد الأصلي الوارد فيه هذا الشرط إلا أ ن ذلك لا يمنع المتعاقد الذي اشترط هذا الشرط من طلب فسخ ذلك العقد استنادا إلى الأحكام العامة المقررة للفسخ في العقود الملزمة للجانبين متى كان شرط المنع من التصرف من الشروط الأساسية للتعاقد و التي بدونها ما كان يتم ،
إذ تكون مخالفة المتعاقد الآخر له في هذه الحالة إخلالاً منه بأحد التزاماته الجوهرية مما يجيز للمتعاقد معه طلب فسخ العقد طبقاً للمادة 1/157 من القانون المدني التي تعتبر من النصوص المكملة لإرادة المتعاقدين و لهذا فإن هذا الحق يكون ثابتاً لكل منهما بنص القانون و يعتبر العقد متضمناً له و لو خلا من اشتراطه ، و لا يجوز حرمان المتعاقدين من هذا الحق أو الحد من نطاقه إلا باتفاق صريح
الطعن رقم 2903 لسنة 57 مكتب فني 40 صفحة رقم 118 بتاريخ 16/11/1989
وفي قضاء آخر قررت محكمة النقض أنه :
الشرط المانع من التصرف . جزاء مخالفته بطلان التصرف المخالف دون حاجة إلي فسخ العقد الأصلي . م 824 مدني . التمسك بهذا البطلان قاصر علي صاحب المصلحة فيه . ليس للمحكمة القضاء به من تلقاء نفسها
نقض 27-6-1968 س 19 ص 1224
الخطأ بتفسير التفضيل علي أنه شرط مانع من التصرف ودليل المخالفة
تنص المادة 150 من القانون المدني
1- إذا كانت عبارة العقد واضحة ، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين.
2- أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد ، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل ، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين ، وفقا للعرف الجاري في المعاملات.
وبإنزال النص السابق علي واقع الدعوى المستأنف حكمها يتضح صحة هذا السبب للآتي
1-أن محكمة الدرجة الأولي فسرت ما ورد بالعقد سند الدعوى المستأنف حكمها علي انه شرط مانع من التصرف ، وهو تفسير معيب تمسكت فيه المحكمة بما أورده أطراف العقد من عبارات وكلمات كعنوان لهذا الشرط حال أن القراءة المتأنية لهذا الشرط المضاف توضع أنه لا يعدوا أن يكون وعداً بالتفضيل إذا ما قرر أحد طرفي العقد التصرف للغير .
2-أن الوعد بالتفضيل وأن برر المطالبـة بالتعويض إلا أنه لا يبرر طلب إبطال العقد .
وفي قضاء مطابق تماماً قضت محكمة النقض أنه
النص في العقد علي أنه ليس لأي من الطرفين الأول أو الثاني الحق في التصرف في نصيبه الذي يملكه في المحل بالبيع أو الرهن أو الإيجار أو بأية صورة من الصور إلا بعد عرضه علي الطرف الآخر وأخذ موافقته علي ذلك كتابة .
هذه العبارة الواضحة للشرط تدل علي أنه لم يمنع أي من الطرفين من التصرف في نصيبه في المحل وإنما تضمن التزاماً علي كل منهما قبل حصول التصرف بعرض رغبته في ذلك علي الطرف الآخر
ومن ثم فإنه لا يعد شرطاً مانعاً من التصرف وإنما هو وعد بالتفضيل متبادل بين طرفي العقد يلتزم فيه كل طرف إذا رغب في بيع أو رهن أو تأجير نصيبه في المحل أن يعرض رغبته في التصرف أولاً علي الطرف الآخر ويعطيه الأولوية تفضيلاً عن غيره ،
ومن ثم فإن هذا الشرط ينشيء في ذمة كل من الطرفين التزاماً شخصياً بأن يعرض علي الطرف الآخر رغبته في التصرف بحيث لا يكون له أن يتصرف في حصته في المحل إلي الغير إلا إذا لم يشأ الطرف الآخر استعمال حق الأفضلية المقرر له ،
فإذا تصرف فيه للغير قبل عرض الأمر علي الطرف الموعود له نفذ تصرفه ولا يكون لهذا الأخير إلا أن يرجع بالتعويض علي الواعد
طعن رقم 1773 لسنة 53 ق – جلسة 10- 12-1984 .
انتفاء الحكمة من الشرط المانع من التصرف بسداد المشتري الجديد للبائع الأول الأقساط جميعاً و دليل المخالفة
تنص المادة 3 من قانون المرافعات علي أنه
لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون أخر ، لا يكون لصاحبة فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون .
ومع ذلك تكفي المصلحة المحتلة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه .
وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها في أي حالة تكون عليها الدعوى ، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين .
ويجوز للمحكمة عند الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أن تحكم علي الداعي بغرامة إجرائية لا تزيد عن خمسمائة جنيه إذا تبينت أن المدعي قد أساء استعمال حقه في التقاضي.
وبإنزال النص السابق علي واقع الدعوى المستأنف حكمها يتضح صحة هذا السبب للآتي
1-أن الشرط المانع من التصرف ورد حماية للمستأنف عليه في تقاضي باقي أقساط العقار المبيع ، وتلك ما يعبر عنها بالمصلحة المشروعة ، وقد قام المستأنف بسداد جميع الأقساط المستحقة علي البائع له – كامل الثمن – الأمر الذي يفقد الشرط المانع من التصرف شرط الباعث المشروع كشرط قانوني لصحة الشرط المانع من التصرف .
2-أن البطلان المقرر حال مخالفة الشرط المانع من التصرف هو بطلان نسبي وليس بطلان مطلق وهذا انتهت إليه محكمة النقض إذ قررت أن بطلان الصرف الذي يقع بالمخالفة للشرط المانع هو بطلان نسبي لا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها .
3-أن قبول الدعوى طبقاً لأحكام قانون المرافعات رهين بتوافر شرطي الصفة والمصلحة ، والثابت مما تقدم انعدام مصلحة المستأنف عليه في رفع دعواه ، إذ أنه تقاضي جميع الأقساط المستحقة – كامل الثمن .
4-وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد أنه .
والبطلان المقرر بالمادة 824 من القانون المدني لمخالفة شرط المنع من التصرف وعلي ما جري به قضاء محكمة النقض ليس بطلاناً مطلقاً بل هو بطلان يتفق مع الغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة خاصة مشروعة لأحد الأشخاص ومن ثم يتحتم ضرورة قصر المطالبة بهذه الحماية أو التنازل عنها علي صاحب المصلحة وحده ويمتنع علي المحكمة الحكم به من تلقاء نفسها –
نقض 24/3/1983 طعن 1180 سنة 49 ق .
انتفاء شروط صحة الشرط المانع من التصرف انتفاء الباعث المشروع عدم معقولية مدة المنع و دليل المخالفة
تنص المادة 823 من القانون المدني الفقرة الأولي
إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف في مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبينا على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة .
وبإنزال النص السابق علي واقع الدعوى المستأنف حكمها يتضح أولاً- عدم مشروعية الباعث علي إيراد شرط المنع من التصرف دليل ذلك
1—————
2—————
3—————
تطبيقاً قضت محكمة النقض
و يكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير . و تقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها و مدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع و لا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة .
الطعن رقم 299لسنة 34 مكتب فني 19 صفحة رقم 1223بتاريخ 27-06-1968
ثانياً- عدم معقولية المدة المنصوص عليها كمدة لنفاذ الشرط المانع من التصرف
1—————
2—————
3—————
تطبيقاً قضت محكمة النقض
و المدة المعقولة يجوز أن تستغرق في مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير …
الطعن رقم 74 لسنة 52 مكتب فني 36 صفحة رقم 536 بتاريخ 31-03-1985
الطلبات الختامية
الهيئة الموقرة
العرض لسابق وما قدم من أدلة وما قدم من مستندات فإن يصير حقا للطالب أن يطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً للتقرير به في المواعيد القانونية المقررة ، وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة الدرجة الأولي والقضاء مجدداً — تحدد الطلبات —-
نص المادة 823 مدني عن الشرط المانع
تنص المادة 823 مدني علي
- 1- إذا تضمّن العقد أو الوصية شرطاً يقضي بمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع، ومقصوراً على مدة معقولة.
- 2- ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير.
- 3- والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.
الشرط المانع في النصوص العربية المقابلة
هذه المادة تقابل من مواد نصوص القوانين العربية ” المادة 778 من التقنين المدنى السورى ، المادة 832 من التقنين المدنى الليبى .
وقد ورد هذا النص فى المادة 1191 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى
1- إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضى بمنع التصرف فى مال أو بمنع الإيصاء به ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع ،
ومقصوراً على مدة معقولة 2- ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، 3- وقد تكون المدة المعقولة مدى حياة المتصرف ،
أو المتصرف ، أو المتصرف إليه أو الغير ، وفى لجنة المراجعة عدل النص ، فأصبح مطابقا لما أستقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 894 فى المشروع النهائى ووافق عيه مجلس النواب تحت رقم 812 ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 823
( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 73 ، ص75)
وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية المشروع التمهيدى أنه
عرض المشروع لشرط المانع من التصرف فى نصين لا نظير لهما فى التقنين الحالى ، وقد قنن المشروع أحكام القضاء المصرى فى هذا الموضوع ،
فالشرط المانع قد يرد فى وصية أو فى عقد ويكون العقد فى الغالب هبة أو هبة مستترة فى بيع ويصح هذا الشرط إذا كان الغرض منه حماية مصلحة مشروعة للمتصرف ، كما إذا اشترط الانتفاع بالعين طوال حياته ، فيكون الشرط المانع من التصرف مؤكدا لذلك ،
أو حماية مصلحة مشروعة للغير ، كما إذا كان الانتفاع بالعين مشروطا لمصلحة هذا الغير ، أو حماية مصلحة مشروعة للمتصرف إليه ،
كما إذا كان سئ التدبير وأراد المتصرف أن يحميه من طيشه بالشرط المانع من التصرف ، ويجب أيضا لصحة الشرط المانع ، أن يكون لمدة معقولة ،
قد تكون مدة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، ولكن لا يصح تأييد هذا الشرط ، ولا جعله لمدة طويلة تجاوز الحاجة التى دعت إليه فإذا لم يتوافر هذان الشرطان ،
كان الشرط المانع من التصرف باطلا ، ويكون التصرف الذى إشتمل على هذا الشرط باطلا أيضا إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلى هذا التصرف ، أما إذا كان التصرف تبرعا ، ولم يكن الشرط المانع هو الدافع صح التبرع ولغا الشرط
(مجموعة الأعمال التحضيرية ج6ص76)
تعريف الشرط المانع من التصرف
المقصود بالشرط المانع من التصرف هو شرط فى عقد أو وصية فيمنع المالك من التصرف فى مال معين من أمواله وإذا كان الشرط المانع من التصرف واراد فى عقد ، فيستوى أن يكون هذا العقد من عقود التبرعات أو من عقود المعاوضات ، ولكن الغالب أن يرد مثل هذا الشرط فى عقد من عقود التبرعات ،
فنظرا لأن تجرد الشخص عن ماله دون مقابل يجعل ه سلطة فرض هذا الشرط وحمل المتبرع له على قبوله مادام قد ملكه الشئ المتبرع به دون عوض ،
ومع ذلك ، قد يتصور الشرط المانع من التصرف واراد فى عقد من عقود المعاوضات إذا وجد ما يبرر ايراده فيه كالشراط البائع على المشترى امتناعه عن التصرف فى الشئ المبيع الى حين الوفاء بكامل الثمن زيادة فيما له من ضمان استيفاء باقى الثمن أو اشتراط البائع الذى احتفظ لنفسه بحق الإنتفاع على الشئ المبيع امتناع المشترى عن التصرف فيه طوال بقاء الانتفاع تجنبا لاحتكاك بمالك رقبة آخر غريب ،
أو اشتراط الدائن المرتهن على المدين الراهن امتناع التصرف فى العقار المرهون حتى حلول أجل الدين ، زيادة فى ضمانه وتفاديا للإجراءات الطويلة التى يستلزمها التنفيذ على العقار فى حالة التصرف فيه وتداوله بين أيد متعددة واجتنابا للمخاطر التى قد تصحب استعمال حق التتبع أو تنجم عن تطهير الحائز للعقار ،
أو اشتراط الموعود له بالبيع على الواعد الامتناع عن التصرف فى الشئ الموعود ضمانا لبقاء هذا الشئ على ملك الواعد إذا أظهر الموعود له رغبته فى الشراء.
( حسن كيرة ص 122)
الشرح والتعليق علي المادة 823 مدني
1 ـ يفهم من نص المادة 823 مدني أن الأصل هو تحريم الشرط المانع من التصرف لسببين أحدهما قانوني والآخر اقتصادي . فأما السبب القانوني فلأن من أخص عناصر الملكية أن يكون للمالك حق التصرف في ملكه ، فاذا منع من ذلك حرم من أخص عناصر حقه
وأما السبب الاقتصادي فلأن تداول الأموال من الأمور التي تجب ملاحظتها ، ومنع المال من تداول بتحريم التصرف فيه أمر خطير من الناحية الاقتصادية فلا يجوز هذا المنع الا لمسوغ قوي .
ويلاحظ أن الشرط المانع من التصرف في المال يرد في تصرف قانوني أي عقد أو وصية حسبما جاء في نص الفقرة الأولي من المادة 823 مدني . والوصية تصرف قانوني من جانب واحد علي سبيل التبرع ،
والعقد غالباً ما يكون من عقود التبرع ، هبة صريحة أو هبة مستترة في عقد بيع ، وقد يكون من عقود المعاوضة ، عقد بيع جدي مثلاً . والغالب أن يكون التصرف المتضمن الشرط المانع تصرفاً بنقل ملكية المال مع اشتراط عدم جواز التصرف فيه ، وقد يتناول هذا الشرط حق الانتفاع ، والايراد المرتب مدي الحياة ، وقد يرد علي الوعد بالبيع .
ولا بد من اجتماع أمرين حتي يصح الشرط المانع من التصرف :
الباعث المشروع
- المدة المعقولة
وكل منهما معيار مرن يساير الملابسات الخاصة بكل قضية من الأقضية التي تعرض علي المحاكم ، فيكون القاضي أوسع حرية في التقدير ويتسني له أن يعطي لكل حالة حكمها المناسب .
1 ـ الباعث المشروع ـ وحتي يكون الباعث مشروعاً ـ طبقاً لحكم المادة 823/2 مدني ـ والشرط المانع صحيحاً ، أن يكون التصرف قد قصد بالشرط المانع الذي ضمنه العقد أو الوصية حماية مصلحة مشروعة له هو ، أو مصلحة مشروعة لمن تصرف له أو مصلحة مشروعة لأجنبي ( أي للغير ) .
فإذا كان الشرط المانع ليس له باعث مشروع ، ولم تكن هناك مصلحة مشروعة تراد حمايتها به لا للمتصرف ولا للمتصرف له ولا للغير ، كان الشرط المانع باطلاً . والمفروض أن للشرط المانع باعثاً مشروعاً إلي أن يثبت المتصرف له أن الباعث غير مشروع .
ويكون التصرف الذي اشتمل علي هذا الشرط ( الباطل ) باطلاً أيضاً إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلي هذا التصرف . أما إذا كان التصرف تبرعاً ولم يكن الشرط المانع هو الدافع صح التبرع ولغي الشرط .
2 ـ المدة المعقولة ـ فلكي يكون الشرط المانع صحيحاً يجب الا يكون مانعاً من التصرف منعاً دائماً ، إذ تخرج العين بهذا المعني من دائرة التعامل بتاتاً ، وهذا أمر مخالف للنظام العام ولا يجوز الا بنص في القانون كما هو الحال في الوقف ،
ومن ثم يكون الشرط المانع منعاً دائماً شرطاً باطلاً ، يلغو ويبقي التصرف الذي تضمن الشرط ما لم يكن الشرط هو الدافع الي التصرف ، فيبطل كل من الشرط و التصرف .
ومعرفة ما إذا كانت مدة المنع المحددة طويلة إلي حد أن تكون مدة غير معقولة فيبطل الشرط من وسائل الواقع يبت فيها قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض .
2 ـ يتضح من نص المادة 823 مدني أن المشرع لا يبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة ، وبناء علي باعث مشروع . وهذه هي الحدود التي أباح القضاء في نطاقها الخروج علي مبدأ حرية تداول الأموال .
ولذلك يكون من المقطوع به أن اشتراط حظر التصرف في مال معين علي التأييد محرم تحريماً باتاً ، فمثل هذا الحظر لا يصح الا عن طريق الوقف .
ويري الدكتور محمد علي عرفه أن اقتران العمل القانوني ، عقدا كان أم وصية ، بشرط حظر التصرف علي التأييد ، من شأنه أن يؤدي الي بطلان التصرف بطلاناً مطلقاً ، وذلك تطبيقاً لنص المادة 266 مدني ، التي تقضي بأن : ” لا يكون الالتزام قائماً إذا علق علي شرط غير ممكن ، أو علي شرط مخالف للآداب أو النظام العام …
. ولما كان شرط المنع من التصرف المؤبد مخالفاً للنظام العام ، فانه يمنع من قيام التصرف الذي يقترن به .
الوسيط ـ 8 ـ للدكتور السنهوري ـ المرجع السابق ـ ص 505 وما بعدها .
فمن الخطأ إذن الحكم ببطلان الشرط ونفاذ التصرف ، لأن هذا الشرط يعد من قبيل الشروط الدافعة للالتزام ، فبطلانه يستتبع دائماً بطلان التصرف المقترن به ، سواء أكان هذا التصرف معاوضة أم تبرعاً .
3 ـ متي كان شرط مانع من التصرف صحيحاً ، كان الشئ غير قابل للتصرف فلا يستطيع المكتسب نقل ملكيته للغير بتصرف من التصرفات الناقلة للملك . ولا يجوز له أن يرتب عليه من الحقوق العينية ما يؤدي الي إحتمال إخراجه من ذمته كالرهن مثلاً . أما الحقوق العينية الأخري التي لا تؤدي إلي هذه النتيجة ،
ويري الدكتور عبد المنعم البدراوي أن شرط المنع من التصرف لا يحول دون تقريرها ، ذلك أن المنع وارد علي حق التصرف كله ، فالذي قصد إليه المتصرف من المنع هو إبقاء الشئ في ملك المتصرف إليه ،
فليس ما يمنع في رأيه ـ المتصرف إليه من أن يقرر علي المال حق ارتفاق أو حق انتفاع ما لم يكن المنع قد امتد إلي هذه الحقوق بصريح العقد أو الوصية . فالشرط تحكم كونه استثناء يجب التضييق في تفسيره .
ويترتب أيضاً علي شرط المنع من التصرف عدم جواز الحجز علي المال ، فهو يخرج بحكم المنع عن سلطان الدائنين ، ذلك أن الحجز يؤدي الي التصرف في العين .
فاذا كان الحجز ممكناً استطاع المتصرف إليه أن يجعل الشرط لغوا بأن يستدين ثم يترك الدائن ينفذ علي الشئ وينزع ملكيته . فالمنع من التصرف يستتبع بالضرورة عدم جواز الحجز وان كان العكس غير صحيح .
ولكن شرط المنع من التصرف لا يحول دون تملك الشئ بالتقادم لأن التقادم يتم رغم ارادة مالك الشئ .
حق الملكية ـ 1 ـ للدكتور محمد علي عرفه ـ المرجع السابق ـ ص 357 وما بعدها .
4 ـ إذا افترضنا قيام شرط المنع من التصرف صحيحاً فمن اللازم أن نبدأ في تحديد آثاره ببيان مضمون هذا الشرط ، أي تحديد نطاق المنع الذي يترتب عليه قبل محاولة تحديد طبيعة هذا المنع أو الجزاء الذي يترتب علي مخالفته .
والشرط بما يقتضيه من منع التصرف يعني حرمان المالك من نقل ملكية الشئ أو نقل ملكية جزء منه الي الغير بعوض أو بغير عوض ، كما يعني حرمانه من التصرفات التي ،
وان لم تكن ناقلة للملكية ، فهي تؤدي الي ذلك وتعتبر لذلك من أعمال التصرف ، كرهن الشئ المملوك . ويري كثير من الكتاب أن المنع من التصرف يقتضي كذلك حرمان الممنوع من ترتيب حق انتفاع أو ارتفاق علي الشئ الممنوع الصرف فيه ،
علي أساس أن ترتيب هذه الحقوق تصرف جزئي ، وأن اطلاق المنع من التصرف يقتضي منع التصرف الكلي والتصرف الجزئي ، ولكن البعض يري أن ترتيب الانتفاع أو الارتفاق لا يعد تصرفاً ما دام لا يخرج الملكية من الذمة ، وعلي ذلك لا يشمله المنع من التصرف .
ويعتقد الدكتور جميل الشرقاوي أن تحديد نطاق المنع من التصرف يجب أن يعتد فيه بالغاية المقصودة من المنع ، فإذا كانت تعارض مع ترتيب الانتفاع أو الارتفاق وجب القول باعتباره داخلاً في نطاق المنع .
كما لو وهي شخص ملكية منزل لآخر لسكنه أو ليخصصه لغرض محدد يتعارض مع ترتيب الإنتفاع أو الإرتفاق . فإذا قام الشك في حكم التصرف في ضوء القصد من شرط المنع ، وجب القول يجاوز التصرف أعمالاً للأصل وهو حرية تصرف المالك فيما يملك .
أما أعمال الادارة كالتأجير فلا تدخل في نطاق المنع من التصرف لأنها لا تدخل في معني التصرف ، وكذلك التصرفات المقررة للحقوق كالقسمة .
ويتساءل الفقه عن حكم وصية الممنوع من التصرف بملكية الشئ الذي منع من التصرف فيه . ويري البعض أن هذه الوصية جائزة ، لأن الملكية بمجرد العمل الارادي ، بل يتحقق انتقالها بالوفاة ،
وهي واقعة طبيعية لا تدخل في معني التصرف الذي يشمله المنع ، ولكن البعض الآخر يذهب الي أن الغاية من اشتراط الامتناع عن التصرف علي مكتسب الملكية ، قد تتعارض مع تصرفه بالوصية ، مما يقتضي اعتبارها من التصرفات الممنوعة .
واذا كان شرط المنع من التصرف يقتضي عدم جواز التصرفات الناقلة للملكية ، فانه لا يمتد بطبيعة الحال ، الي حالات انتقال الملكية بأسباب غير ارادية كالميراث الذي يترتب علي الموت ، أو اكتساب الغير ملكية الشئ بالتقادم المكسب أو نزع الملكية للمنفعة العامة
ويلاحظ أن مقتضي التزام المالك بالامتناع عن التصرف تصرفاً قانونياً بنقل حقه الي الغير ، من مقتضي هذا الالتزام أن يمتنع أيضاً عن التصرف مادياً في الشئ المملوك تحت شرط المنع ، فلا يجوز له هدمه ان كان منزلاً ،
كما لا يجوز له تغييره أو تغيير استعماله بصورة تؤثر تأثيراً بيناً علي قيمته كتحويل أرض الحديقة الي مقبرة للسيارات أو مكان لجمع القمامة . لوكن مخالفة المالك في هذه الصورة لالتزامه بعدم التصرف المادي ، لا تثير تطبيق الجزاء الذي يترتب علي مخالفة شرط المنع بتصرف قانوني ناقل للملكية .
الحقوق العينية الأصلية ـ للدكتور عبد المنعم البدراوي ـ المرجع السابق ـ ص 87 وما بعدها .
5 ـ إذا كان شرط المنع من التصرف صحيحاً قيترتب عليه أن يمتنع علي المالك طوال المدة المحددة في الشرط ، نقل ملكية الشئ الي غيره ، بعوض أو بغير عوض . كما يمتنع عليه أن يرهن الشئ لأن الرهن يفقد كل قيمته إذا لم يتمكن الدائن المرتهن من التنفيذ علي الشئ المرهون ليستوفي علي دينه من ثمنه بالأولوية .
والمنع من التصرف يقتضي عدم جواز التنفيذ علي الشئ الممنوع التصرف فيه . كما يمتنع علي المالك أن ينشئ علي الشئ حقاً من الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية كالانتفاع أو الاستعمال أو السكني أو الارتفاق ،
لأن هذا يعتبر تصرفاً جزئياً ، والأصل أن شرط المنع إذا ورد مطلقاً ، فيشمل التصرف الكلي والتصرف الجزئي . اما أعمال الادارة كتأجير الشئ ، فلا أثر لشرط المنع عليها فيجوز للمالك أن يباشرها وتعتبر صحيحة .
حق الملكية ـ للدكتور جميل الشرقاوي ـ المرجع السابق ـ ص 49 وما بعدها
وواضح مما سبق أن الذي يمتنع هو نقل الملكية بتصرف قانوني ، فلا يحول شرط المنع من التصرف دون إمكان نقل ملكية الشئ بسبب آخر غير التصرف القانوني كالميراث والتقادم المكسب ،
كما لا يحول شرط المنع بداهة دون نزع ملكية الشئ للمنفعة العامة . ويري بعض الشراح أن شرط المنع لا يحول دون نقل الملكية بالوصية رغم أن الوصية عمل اداري من جانب المالك الممنوع من التصرف وذلك علي أساس أن انتقال الملكية بمقتضي الوصية لا يتحقق إلا بموت المالك مما يفترض خروج الشئ عن ملكه نتيجة واقعة مادية غير إدارية هي الموت .
بينما يذهب بعضهم الآخر إلى أن شرط المنع يقتضي منع المالك من إنشاء الحقوق العينية جميعاً . علي حين يذهب آخرون إلي أن شرط المنع لا يحرم المالك الا من نقل الملكية أو انشاء الحقوق العينية التي تؤدي الي احتمال إخراج الشئ من ذمته كالرهن . أما الحقوق العينية الأخري التي لا تؤدي إلي هذه النتيجة ، كالانتفاع والإرتفاق ، فلا يحول شرط المنع دون تقريرها .
ويري الدكتور منصور مصطفي منصور أن الغرض الذي يراد تحقيقه من شرط المنع قد يقتضي منع الوصية ، كما لو وهب شخص لآخر مالاً وحتي يحتفظ به مدي حياته لينتقل بعد وفاته الي أولاده اشترط عليه عدم التصرف في هذا المال مدي الحياة ، أي حياة المشترط عليه ، فتصحيح الوصية في مثل هذه الحالة قد يؤدي الي تفويت الغرض الذي قصده المشترط وهو أيلولة المال الي ورثة الموهوب عند وفاته .
واذا كان الأصل أن يترتب علي شرط المنع حرمان المالك من التصرف ، الا أن الشرط قد يرد بصورة خاصة تعرف بشرط الاستبدال ومقتضاه أنه لا يجوز التصرف الا مع استبدال مال آخر بالمال المتصرف فيه ليبقي في ذمة المالك الي أن يتحقق الغرض المقصود . ففي هذه الحالة إذا تم الاستبدال وفقاً لما ورد في الشرط ،
فيحل المال الجديد محل التصرف فيه بحيث يصبح بدوره غير قابل للتصرف الا مع استبدال غيره به ، وذلك تطبيقاً لنظرية الحلول العيني . وحتي إذا ورد شرط المنع من التصرف مطلقاً ،
أي لم يذكر فيه شئ عن الاستبدال واقتضت الضرورة أو المصلحة التصرف في الشئ كأن كان مبني وأصبح مهدداً بالسقوط ، فيجوز للمالك إذا لم يتمكن من الحصول علي موافقة من تقرر الشرط لمصلحته علي التصرف أن يطلب الاذن بالتصرف من القضاء ،
وللمحكمة أن تأذن بالتصرف إذا وجد ما يقتضيه علي أن يكون الاذن مصحوباً بما يكفل استمرار تحقيق الغرض من شرط المنع فتأذن بالتصرف مع الاستبدال .
الحقوق العينية الأصلية ـ للدكتور عبد المنعم البدراوي ـ 73 ـ ص 92
6 ـ افترضت المادة 823 مدني ورود الشرط المانع من التصرف ضمن عقد أو وصية ، ولذلك فان الرأي مستقر علي أنه لا يجوز للمالك أن يمنع نفسه بارادته المنفردة من التصرف في ملكه ، فهذه الارادة لا تكون عقداً أو وصية ، وتؤدي الي أن يكون هذا المالك مشترطاً ومشترطاً عليه في الوقت ذاته ،
في حين أن القانون في تنظيمه للشرط المانع يفترض وجود شخصين أحدهما المشترط وقد سماه القانون المتصرف ، والآخر المشترط عليه أو الممنوع من التصرف وقد سماه القانون المتصرف إليه ، والغالب أن يقصد المالك من تقييد نفسه بعدم التصرف ، الا يجوز الحجز علي ملكه ، لأن من أثر جعل الشئ غير قابل للتصرف فيه ،
عدم جواز الحجز عليه ، ومن شأن ذلك السماح للمدين بالانتقاص من الضمان العام لدائنيه بارادته المنفردة وهو ما لا يسمح به القانون . أما إذا ورد المنع ضمن عقد أو وصية ، فانه يكون صحيحاً متي توافرت الشرائط التي يتطلبها القانون .
ويتوسع بعض الشراح ويرون امكان ورود الشرط المانع من التصرف ضمن وعد بجائزة موجه للجمهور ، وذلك علي أساس أن ذكر المشرع للوصية انما كان باعتبارها مثال للتصرف الانفرادي .
ومن المسلم أن العقد المتضمن الشرط قد يكون عقد تبرع كهبة أو عقد معاوضة كبيع ، وان كان الغالب عملاً أن يرد المنع في عقد تبرع ، لأن المتبرع وهو يتجرد عن ملكه دون مقابل يستطيع عملاً أن يفرض شروطه علي المتبرع له .
ويشترط بعض الشراح أن يكون العقد المتضمن للمنع هو الذي نقل الملكية الي الشخص الممنوع ، وذلك لأن القانون عبر عن المشترط بالتصرف ، وعن الممنوع من التصرف بالتصرف إليه ،
فهو يفترض تصرفاً ناقلاً للملكية تضمن منع مكتسب الملكية ( المتصرف إليه ) من التصرف بحيث يتعاصر اشتراط المنع من التصرف مع ابرام التصرف الناقل ذاته ، فلا يجوز أن يبرم التصرف الناقل دون أن يرد به المنع من التصرف ، ثم يشترط هذا المنع بعد ذلك باتفاق لاحق .
ويذهب رأي آخر الي عدم اشتراط أن يكون العقد المتضمن للمنع من التصرف هو الذي نقل الملكية الي الشخص الممنوع من التصرف ، ويورن أنه من الجائز أن يكون الممنوع من التصرف مالكاً من قبل ،
ثم يبرم عقد يتضمن منعه من التصرف ، كأن يبرم عقد وعد بالبيع ، ويشترط الموعود له علي الواعد ألا يتصرف في الشئ الموعود ببيعه طول المدة المحددة للوعد ،
وذلك ضماناً لبقاء هذا الشئ في ملك الواعد عندما يظهر الموعود له رغبته في الشراء ، فهنا الشئ مملوك للواعد من قبل ابرام الوعد وبسبب مستقل عن عقد الوعد .
حق الملكية ـ للدكتور منصور مصطفي منصور ـ المرجع السابق ـ ص 97 وما بعدها
7 ـ واضح من نص المادة 823 مدني أن هذا النص هو محور المنع الارادي من التصرف في الملك ، سواء كان الشئ المملوك عقاراً أو منقولاً . والمنع يكون ارادياًَ إذا ورد في تصرف قانوني ، يستوي أن يكون عقداً أم من جانب واحد ـ في صورة مما يلي :
- ( أ ) وأول نتيجة يتوصل اليها ـ باتفاق الفقهاء المصريين في نفس الوقت ـ أنه لا بد أن يكون هناك نقل للملكية وأن يتعاصر الاشتراط مع هذا النقل ، ومن ثم لا يجوز أن يقوم الاشتراط منفرداً وسابقاً علي التصرف الناقل فان ورد وقع باطلاً . وكل ما يمكن القول به في هذا الصدد أن الارادة المنفردة التي يعتد بها القانون سواء في نطاق التطبيقات التشريعية أو في خارجها هي تلك التي تنشئ حقاً للغير واذا أنشأت حقاً للغير حيث يكون هذا الغير صاحب المصلحة من الشرط فان الملتزم لن يكون هو صاحب هذه الارادة بل هو شخص آخر .
- ( ب ) واذا كان المتفق عليه هو بطلان الشرط المانع الذي يشترطه المالك علي نفسه ويكون سابقاً علي انعقاد التصرف الناقل ، فهل يصح الشرط الذي يضاف بعد انعقاد التصرف لا يعتقد الدكتور أحمد سلامة أن مثل هذا الشرط يقع صحيحاً ، ذلك أنه يتضح من قراءة نص القانون وما ورد متعلقاً به في الأعمال التحضيرية أن لمشرع لا يتصور الشرط المانع الا ضمن العقد الناقل أو المنشئ للحق ، أما ان يضاف هذا الشرط بعد النقل أو الانشاء فتلك صورة يبدو أن المشرع لا يجيزها .
- ( جـ ) والتصرف القانوني الذي يتضمن الشرط المانع له صورتان : العقد ، والارادة المنفردة . أما العقد فغالباً ما يكون من عقود التبرع وأما الارادة المنفردة فقد أورد لها نص المادة 823 مدني تطبيقاً واحداً وهو الوصية ويعتقد الدكتور أحمد سلامة أن ذكر المشرع للوصية ليس الا مثالاً للتصرف الانفرادي وأ،ها ليست صورته الوحيدة التي يجوز أن تتضمن شرطاً مانعاً ، ولذلك يعتقد يصحة الوعد بجائزة الموجه للجمهور ، وكانت الجائزة عقاراً معيناً ، إذا ضمن الواعد الوعد شرطاً يمنع التصرف في العقار.
- ( د ) ويجب أن يكون التصرف ناقلاً للملكية أو منشئاً لحق عيني أصلي ، فاذا لم يكن كذلك بطل الشرط بحسب الرأي الذي يفضله الدكتور أحمد سلامة ، بيد أن غالبية الفقه المصري تري أنه لا يشترط لصحة المنع من التصرف أن يرد في تصرف الناقل .
نظرية الحلول العيني وتطبيقاتها في القانون رسالة ـ للدكتور منصور مصطفي منصور ـ ص 190 وما بعدها – ـ مؤلف الدكتور أحمد سلامة ـ رقم 43 ـ ص 135
8 ـ ان الشرط المانع من التصرف يجب أن يكون وارداً في عقد ـ كالبيع أو الهبة مثلاً ـ أو وصية . والعقد أو الوصية يجب أن يكون كلاهما ناقلاً للملكية . ويذهب رأي في الفقه ـ وهو الذي يرجحه الدكتور محمد علي عمران ـ الي القول بوجوب أن يكون العقد المتضمن المنع هو الذي نقل الملكية الي الشخص الممنوع ،
وذلك لأن القانون قد عبر عن المشترط بالتصرف وعن الممنوع من التصرف بالمتصرف إليه . وهذا الرأي في نظر الدكتور محمد عمران هو الصحيح .
وليس من المندوب اجازة الشرط المانع من التصرف إذا كان وارداً في اتفاق لاحق بين المتصرف والمتصرف إليه ، لأن من شأن الشرط المانع من التصرف منع الحجز علي المال الممنوع من التصرف فيه .
وليس من المستساغ السماح لمن يريد أن يفوت علي دائنه فرصة الحجز علي مال له لاستيفاء حقه بالاتفاق مع من سبق له أن نقل إليه ملكيته وايراد شرط يقضي المنع من التصرف بين بنود هذا الاتفاق .
ولا يجوز في نظر الدكتور محمد عمران أن يتضمن عقد الرهن شرطاً يمتنع بمقتضاه علي الراهن أن يتصرف في المال المرهون ، فعقد الرهن ليس ناقلاً للملكية بل هو منشئ فقط لحق عيني تبعي من جهة ،
ومن جهة أخري فالأصل هو حرية تداول الأشياء . وفي اشتراط الشكلية في عقد الرهن ـ اذ يجب أن يكون الرهن محرراً في ورقة رسمية ( عقد الرهن الرسمي ) ـ ما يكفي لتنبيه المدين الراهن لخطورة ما هو مقدم عليه . ولسنا بحاجة بعد ذلك الي منعه من التصرف في المال المرهون حماية الدائن المرتهن .
ويضاف الي ذلك أنه لو أجزنا الشرط المانع من التصرف إذا كان وارداً في عقد رهن لأصبح هذا الشرط نموذجاً ولأورده دائماً كل دائن مرتهن حماية له . وأخيراً فان مصلحة الدائن المرتهن من ايراد هذا الشرط ـ
هي مجرد حماية نفسه من التنفيذ علي العقار تحت يد الغير ـ تقل عن الضرر الذي يصيب المدين الراهن ألا وهو منعه من التصرف في المال المرهون ، والمصلحة الأخيرة هي الأجدر بالحماية .
فلكل هذه الأسباب يري الدكتور محمد عمران أن ايراد الشرط المانع من التصرف ضمن عقد رهن يقع غير صحيح .
مؤلفات الدكاترة : كامل مرسي ـ جزء 1 ـ ص 506 ، وشفيق شحاته ـ ص 124 ، ومنصور مصطفي ـ ص 104
شروط صحة المنع من التصرف
نصت المادة 823/1 مدنى على أنه
إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضى بمنع التصرف فى مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة . يتضح من نص المادة أن هناك شرطان لصحة المنع من التصرف هما :
أن يكون الشرط المانع من التصرف مبنياً على باعث مشروع
إذا كان الأصل هو اعتبار الشرط المانع من التصرف باطلا وأن تصحيحه هو مجرد خروج على الأصل ، فيكون من الطبيعى أن يوجد لمثل هذا الخروج ما يبرره من باعث مشروع يدفع إلى اشتراط المنع ، ومشروعية الباعث – كما هو ظاهر – معيار مرن فى يد القاضى يعطيه سلطة واسعة فى التقدير تمكنه من الاحاطة والاستجابة لظروف والملابسات العملية المختلفة ،
وتقول الفقرة الثانية من المادة 823 مدنى سالفة الذكر
ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير” فالمفروض إذن ، حتى يكون الباعث مشروعا ، والشرط المانع صحيحاً ، أن يكون المتصرف قد قصد بالشرط المانع الذى ضمنه العقد أو الوصية حماية مصلحة مشروعة له هو” أو مصلحة مشروعة لمن تصرف له ، أو مصلحة مشروعة لأجنبى أى للغير .
وقد قضت محكمة النقض بأن
المادة 823 من القانون المدنى لا تبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة وبناء على باعث المشروع وهى الحدود التى أباح المشرع فى نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال
(جلسة 19/1/1977 الطعن رقم 7 سنة 42ق س28 ص276)
وبأنه ” شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد المانع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير ، وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايته ومدة معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض قد بنى رأية على أسباب سائغة “
(جلسة 27/6/1968 مجموعة أحكام النقض س19 ص1223)
مصلحة مشروعة للمتصرف
قد تكون هناك مصلحة مشروعة للمتصرف يريد حمايتها عن طريق الشرط المانع ، مثل ذلك أن يكون المتصرف قد وهب منزلا لأحد من ذويه ، واشترط لنفسه حق الانتفاع أو حق السكنى طول حياته ، ولا يريد أن تكون له علاقة فى شأن حقه هذا إلا مع من تصرف له فيعمد إلى تضمين هبته شرطاً مانع من التصرف فى المنزل ، حتى يطمئن إلى أنه فى استعمال حق انتفاعه بالمنزل أو حقه فى سكناه لن تكون له علاقة إلا بالموهوب له ، إذ يصبح غير جائز هذا أن يتصرف فى المنزل طول حياة الواهب
( السنهورى ص476)
مصلحة مشروعة للمتصرف له
وكثيراً ما تتحقق هذه المصلحة للمتصرف له فيما إذا وهب شخص أو أوصى لآخر بعقار ، ولما كان يعرف أن المتبرع له سئ التدبير ويخشى عليه أن يضيع سفها العقار المتبرع له به ، فيعمد إلى تضمين تبرعه شرطا بعدم جواز التصرف فى هذا العقار .
وقد يهب المتصرف العقار لقاصر له ولكنه يخشى من اشرافه فيشترط عدم جواز التصرف فى العقار حتى يبلغ القاصر سن الرشد فيتسلم العقار ،
ويعهد فى الوقت ذاته إلى أمين يتولى إدارة العقار وصرف ريعه على تعليم القاصر حتى يبلغ سن الرشد ، وقد أي منع المتصرف المتصرف له من التصرف ، ولكن يشترط عليه الإستبدال ،
فإذا باع المتصرف له العقار الموهوب وجب عليه أن يشترى بثمنه عقاراً آخر ويبقى هذا العقار الآخر على هذا الشرط إذا باعه الموهوب له اشترى بثمنه عقارا آخر ،
وهكذا والاشتراط على هذا النحو يجمع إلى مزية النظر لمصلحة الموهوب له حتى لا يضيع العين الموهوبة مزية إطلاق يده فى التصرف فقد يرى عقاراً أفضل فيبيع العقار الموهوب ليشتريه
(السنهورى مرجع سابق)
أما المصلحة المشروعة للغير
فكان يشترط الواهب أو الموصى على الموهوب له أو الموصى له عدم التصرف فى الشئ الموهوب أو الموصى به ، ضمانا لوفاته بما الزمه به من إجراء مرتب دورى لصالح شخص آخر معين
( حسن كيرة ص124)
حكم التصرف الذى يتضمن شرطا مانعا ليس له باعث مشروع
إذا كان الشرط المانع ليس له باعث مشروع ، ولم تكن هناك مصلحة مشروعة تراد حمايتها به لا للمتصرف ولا للمتصرف له ولا للغير ، كان الشرط المانع باطلا ، فإذا وهب شخص عقارا لآخر واشترط عليه عدم التصرف فيه ، ليمنعه بذلك من القيام بمشروع علمى أو بعمل من أعمال الخير يعلم الواهب أن الموهوب له يحرص على تحقيقه وقد يبيع العقار الموهوب فى سبيل ذلك ،
كان الباعث هنا غير مشروع ، فهو لا يحقق مصلحة مشروعة لا للواهب ولا للموهوب له ولا للغير ، ومن ثم يكون الشرط باطلا ، والمفروض أن للشرط المانع باعثاً مشروعاً ، إلى أن يثبت المتصرف له أن الباعث غير مشروع
ثم ينظر بعد ذلك فى مصير التبرع نفسه فإن كان هذا الشرط المانع هو الدافع إلى التبرع ، كان التبرع باطلا هو أيضا بطلان الشرط المانع ، أما إذا لم يكن الشرط المانع هو الدافع إلى التبرع ، فإن التبرع يبقى قائما مع بطلان الشرط المانع ، ومن ثم يجوز للموهوب له مخالفة الشرط المانع والتصرف فى العقار الموهوب وليس فى هذا الأحكام إلا تطبيق للقواعد العامة ،
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد
ويكون التصرف الذى اشتمل على هذا الشرط ( الباطل ) باطلا أيضاً إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلى هذا التصرف ، أما إذا كان التصرف تبرعاً ولم يكن الشرط المانع هو الدافع صح التبرع ولغا الشرط .
( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص76 – وانظر شفيق شحاته فقرة 99 – إسماعيل غانم فقرة 38 ص81 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 112- منصور مصطفى منصور فقرة 45 – عبد المنعم البدراوى فقرة 71)
ومن الفقهاء من يذهب إلى بطلان التصرف المتضمن للشرط المانع غير المشروع فى جميع الأحوال ( محمد على عرفة فقرة 277 ) مستنداً فى ذلك أن الشرط المانع غير مشروع وقد علق عليه اتصرف ( م 26 مدنى ) وواضح أن الشرط المانع فيما نحن بصدده ليس شرطاً وإنما هو تكليف يدخل فى بنية التصرف ذاته ، فيلغى وحده إذا لم يكن هو الدافع إلى التبرع
( انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 38 ص81 هامش 1)
الشرط الثانى : المدة المعقولة : لا يكفى أن يبنى الشرط المانع على باعث مشروع بل يجب أيضا أن يكون المنع لمدة معقولة ، فالمنع المؤيد أو المدة غير معقولة يكون باطلا ، حتى لا تخرج العين من دائرة التعامل وهو ما يتعلق بالنظام العام ، ويبقى التصرف حينئذ صحيحاً ما لم يكن الشرط هو الدافع للتصرف فيبطل التصرف والشرط معا ،
ولذلك يجب أن يكون الشرط المانع مؤقتا ولمدة معقولة ، فإن كان مؤقتا ولمدة غير معقولة بطل الشرط وهذه مسألة تختلف من واقعة إلى أخرى وتتصل بالواقع فيفصل فيها قاضى الموضوع ،
وقد يكون التوقيت لمدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ويصح الشرط فى هذه الحالة إلا إذا اعتبرت المدة غير معقولة كما إذا كان المنع مدة حياة المتصرف إليه وكان التصرف بيعا مقسطا إذا تكون المدة المعقولة هنا هى اللازمة للوفاء بالإقساط ومن ثم يبطل هذا الشرط ،
وإذا حددت المدة لمدى حياة أى ممن سف وتوفى قبله الطرف الآخر فى التصرف ، ظل للشرط أثره ، فإن كان لمدى حياة المتصرف وتوفى المتصرف له انتقلت العين لورثته مثقلة بالشرط المانع ،
فإن كان لمدى حياة المتصرف له ومات المتصرف فلورثته استعمال حقه فى ابطال التصرف إذا خولف الشرط ، وإذا كان لمدى حياة الغير ومات المتصرف له ، انتقلت العين لورثته مثقلة بالشرط المانع ، ومتى اعتبرت المدة معقولة صح الشرط ولو تجاوزت خمس عشرة سنة
(أنور طلبه ص320)
الأثر المترتب على قيام الشرط المانع من التصرف
إذا قام الشرط المانع صحيحاً ، أى كان باعثاً لباعث مشروع ولمدة معقولة على النحو الذى بسطناه ترتب على ذلك أن يمتنع التصرف فى العين المتبرع بها طول المدة التى حددت فى الشرط المانع .
فلا يجوز للمتصرف له أن يتصرف فى العين بأى نوع من أنواع التصرفات ، لا يجوز له أن يبيع العين أو أن يهبها ، أو أن يقدمها حصة فى شركة أو ان يقرر عليها حق انتفاع أو حق ارتفاق ، أو أن يرهنها رهناً رسمياً أو رهن حيازة ، وإذا أخذ دائن للمتصرف له عليها حق اختصاص أو ترتب له حق امتياز ،
فلا يجوز لهذا الدائن أن يحجز على العين فى أثناء المدة التى يبقى فيها الشرط المانع قائماً (السنهورى ) لأن العين غير القابلة للتصرف تكون غير قابلة لحجز عليها وإلا وقع الحجز باطلا ولكن يجوز الإيصاء بها ما لم يتعارض ذلك مع الغرض من الشرط كرغبة المتصرف من انتقال العين إلى ورثة المتصرف إليه من بعده لا لسواء كما يجوز تأجير العين ما لم يمنع الشرط ذلك .
وقد يكون الشرط المانع مقصوراً على وجوب استبدال عين أخرى بالعين المتصرف فيها ، ففى هذه الحالة يجوز التصرف فى العين ، ولكن يلتزم المتصرف له بأن يشترى بثمنها عيناً أخرى ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك كما قد يكون الشرط المانع مقصوراً على وجوب عرض العين ، عند الرغبة فى التصرف فيها ،
على شخص معين بالأفضلية على غيره ، فيجب قبل التصرف فى العين لشخص آخر أن تعرض العين على هذا الشخص المعين حتى إذا رغب فى شرائها كانت له الأفضلية على غيره ، وقد تقدم بيان ذلك . وحتى يكون الشرط المانع فى العقار نافذاً فى حق الغير ، أى فى حق شخص تصرفه من تلقى العين مثقلة بهذا الشرط ،
يجب تسجيل الشرط المانع . بالنسبة للعقار ويحدث عملا تسجي التصرف ذاته ويتضمن الشرط فيحتج به على الغير ولكن يجوز تملك العين بالتقادم الطويل أو الميراث فهاتين واقعتين ماديتين والمحظور هو التصرفات ،
فلا تكتسب بالتقادم الخمسى أن كانت عقاراً فذلك يتطلب السبب الصحيح وهو التصرف الناقل للملكية ، ولا تكتسب بالحيازة أن كانت منقولا فذلك أيضا يتطلب السبب الصحيح وهو لتصرف الناقل للملكية ومثل هذا التصرف يكون باطلا مع قيام الشرط المانع . فإن لم يتم تسجيل البيع ، ظلت الملكية للمتصرف ولا تنتقل إلى المتصرف إليه ،
وبالتالى لا يستطيع الأخير نقلها إلى الغير ، والعبرة فى التصرفات العقارية بما تضمنه العقد المسجل بإعتباره العقد النهائى ، فإن جاء الشرط المانع فى العقد الإبتدائى ،
ولكن لم يتضمنه العقد النهائى ، فإن التصرف يكون خلوا من الشرط المانع ، وأن جاء العقد الإبتدائى خلوا من الشرط ، ولكن إشتمل عليه العقد النهائى ، فإن الحظر من التصرف يكون قائماً .
وقد قضت محكمة النقض فى ظل التقنين المدنى القديم بأن
التسجيل رقم 18 سنة 1923 أن الملكية فى العقار تنتقل إلى المشترين بمجرد التعاقد دون حاجة إلى التسجيل وأن الشرط الذى يمنع المشترى من المتصرف فى العين المشتراه إلا بعد سداد ثمنها كاملا لا ينفذ فى حق الغير الذى تلقى العين مثقلة بهذا الشرط إلا بتسجيل الشرط المانع ضمن تسجيل التصرف الأصلى الذى نقل العين مثقلة بالشرط فيذكر فى تسجيل التصرف الأصلى ما ورد فى التصرف من نصوص متعلقة بالشرط المانع ولا يكون الشرط المانع حجة على الغير إلا من تاريخ تسجيله –
لما كان ذلك وكانت الجهة الطاعنة قد باعت إلى مورث المطعون ضدهم من السادسة حتى الأخيرة بموجب عقد البيع فى عام 1921 الأرض الزراعية موضوع التداعى فإن الملكية تنتقل إلى المشترى من تاريخ التعاقد عملا بالقانون السارى فى ذلك الحين وإذ كانت الجهة البائعة اشترطت على المشترى منها عدم التصرف إلا بعد سداد الثمن
فإن هذا الشرط لا يسرى فى حق الغير إلا من تاريخ تسجيل العقد الذى تضمنه ولا يكون له أثر على الغير حسن النية اشترى من المشترى وسجل عقده قبل تسجيل العقد المحتوى على هذا الشرط إذ أن القانون جعل شهر الحقوق العينية عن طريق تسجيلها إعلاما لكل أحد بوجود الحق العينى الذى شهر بحيث يكون جهة على جميع أرباب الحقوق الذين تلقوا حقوقهم وهو مقيد بالسجل إذ أنهم يعتبرون قانوناً عالمين بوجوده
ولا حجية له على الذين تلقوا حقوقهم وهو غير مقيد بالسجل لأنهم حينئذ لم يكونا عالمين به – لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيد قد انتهى إلى أن إشهار شرط عدم التصرف لم يتم إلا بإشهار ذات العقد الصادر من الجهة الطاعنة بتاريخ 14/12/1921 أى بعد أن انتقلت الملكية للمشترين ( المستأنف عليه الأول ومورث المستأنف عليهم من الثانى للخامسة ) بتسجيل عقدهما فى 19/7/1921
فلا ينفذ الشرط فى حقهما لأنهما لم يكونا عالمين به بسبب عدم إشهاره وقت حصول البيع الصادر لهما من المشترى من الجهة الطاعنة وانتقال ملكية القدر المبيع لهما بالعقد ثم بتسجيل هذا العقد بعد ذلك وقبل تسجيل عقد المشترى من الجهة الطاعنة –
وكان مفاد هذا الحكم أنه اعتد بحق مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول للمشترى من الطاعنين بالنسبة للعقار المبيع ورتب على تعاقد الطاعنين مع المشترين الأول انتقال ملكية العقار المبيع إليهم قم رتب على التعاقد الأخير من المشترين من الطاعنين ومورث المطعون ضدهم الخمسة الأول انتقال ملكية العقار إليهم
وأن ما تضمنه العقد الأول من شرط مانع للتصرف ا يسرى فى حقهم لعدم إشهاره قبل تعاقدهم وإشهار ذلك التعاقد فإنه يكون قد صادف صحيح القانون الذى تم التعاقد موضوع المنازعة فى ظله ولا عبرة بالتسجيل اللاحق لعقد بيع الجهة الطاعنة إذ أنه إنما يرتب أثره من تاريخ حصوله ولا يرتد إلى تاريخ سابق عليه
ومن ثم فإن النعى ببطلان العقد الصادر إلى مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول وصحة امتياز الحكومة على العقار المبيع يكون على غير أساس “
( طعن رقم 51 لسنة 41ق جلسة 28/6/1978)
التكييف القانونى للمنع من التصرف وجزاء مخالفته
اختلف الفقه فى شأن التكثيف القانونى لمنع من التصرف اختلافا كبيرا :
فذهب بعض الفقهاء إلى
أن الشرط المانع من التصرف هو اخراج للشئ الممنوع التصرف فيه من دائرة التعامل
( محمد على عرفة ج1 فقرة 281 ص369)
يذهب بعض الفقهاء إلى
أن الشرط المانع من التصرف أنما هو حد أو انتقاص من أهلية الشخص الممنوع من التصرف
(جوسران فقرة 185)
ويذهب فرق آخر من الفقهاء إلى
النظر إلى الممنع من التصرف بإعتباره التزاما سلبيا واقعا على عاتق الممنوع من التصرف ، بمقتضاه يلتزم المالك بالامتناع عن عمل معين هو التصرف فى الشئ المملوك له طوال مدة معينة
( أو يرى ورد ج1 فقرة 628 كولان وكابيتان ولاموراندبر ج1 فقرة 1030)
وهذه الآراء كلها محل نظر
لأن الرأى الأول قد خلط بين أمريين مختلفيين تمام الإختلاف
فاخراج الشئ عن دائرة التعامل يجعه غير صالح أن يكون محلا للحقوق المالية ، والثابت أن الشئ الممنوع التصرف فيه ظل رغم المنع محلا لحق ملكية المالك الممنوع من التصرف هذا فضلا عن أن تحديد الأشياء الخارجة عن التعامل –
إذا لم تكن كذلك بحسب طبيعتها – لا يكون إلا بحكم القانون ، والثابت أن القانون لم يخرج الأشياء الممنوع التصرف فيها عن دائرة التعامل بدليل أنه ما يزال يعتبرها رغم المنع محلا للحقوق المالية ،
وإذا كان قد أعطى الإدارة سلطانا فى تقرير منع التصرف فى هذه الأشياء طوال مدة معينة ، فهذا السلطان محدود بحدود هذا الغرض لا يجاوزه بحال إلى اخراج هذه الأشياء عن طبيعتها بانكار صلاحيتها أن تكون محلا للحقوق المالية .
ومثل هذا التكييف يقود إلى اعتبار التصرف الذى يقوم به المالك مخالفا شرط المنع ، باطلا بطلانا مطلقا لعدم مشروعية المحل بخروجه عن دائرة التعامل ، ولكن مثل هذا الجزاء ا يتفق مع الغرض المقصود من شرط منع التصرف ،
إذ البطلان المطلق إنما يجعل لكل ذى مصلحة حق التمسك به ، ويفرض على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها ، ويستعصى – فضلا عن ذلك – على التصحيح بالإجازة ،
بينما المفروض أن المنع من التصرف أنما يشترط تحقيقا أو حماية لمصلحة مشروعة لشخص معين مما يستلزم بداهة اعطاء هذا الشخص الحق فى التمسك بهذه الحماية أو النزول عنها واجازة التصرف المبرم مخالفة لشرط المنع إذا شاء .
والرأى الثانى القائل بأن شرط المنع من التصرف هو حد أو انتقاص من أهلية اشخص الممنوع من التصرف أيضاً محل نظر
لأن المنع من التصرف يختلف اختلافا كبيراً من الحد من أهلية الأداء لدى الشخص ، إذ فى الحالة الثانية أن كان يمتنع على الشخص ناقص الأهلية القيام بتصرف معين ،
فإن المنع من ذلك يتصرف إليه وحده دون المنع من التصرف ذاته اطلاقا فيبقى هذا التصرف ممكنا مباشرته قانونا ولكن عن طريق شخص آخر غيره هو الولى أو الوصى بنفسه أو بإذن من المحكمة ،
بينما فى حالة المنع من التصرف يكون المنع منصبا على ذات التصرف لا على شخص من يقوم به ولذلك لا يحتاج الأمر إلى وجود نائب قانونى يقوم بالتصرف نيابة عن المالك الممنوع من التصرف كما هى الحال بالنسبة إلى ناقص الأهلية
(غانم ص82)
وعلى أى حال فمثل هذا التكييف ينتهى بأصحابه إلى اعتبار الذى يجريه المالك الممنوع – بالمخالفة للشرط المانع منه – باطلا بطلانا نسبيا ، وقد يكون هذا النوع من الجزاء قريبا من الجزاء المناسب كما سنرى ،
ولكن اقامته على أساس من نقص أهلية المالك الممنوع من التصرف هو الذى يستهدف للنقد ، ذلك أن الذى تكون له المطالبة بالإبطال فى حالة نقص الأهلية هو ناقص الأهلية أى المالك الممنوع من التصرف فى منطق هذا التكييف ،
رغم أن من المسلم فى الفقه والقضاء أن حق ابطال التصرف الذى أجرى على خلاف شرط المنع يثبت للمشترط أو الغير حسب من تقرر الشرط مصلحته منهما
(شفيق شحاته ص123،حسن كيرة ص129)
أما الرأى الثالث فهو وإن كان وجيهاً فى مظهره إلا انه غير سليم فى جوهره أو نتائجه على السواء أما من ناحية جوهر هذا التكييف
فثم تناقض منطقى بين اعتبار المنع من التصرف التزاما بالمعنى الدقيق وبين ما هو مبرر من أن المنع من التصرف قد يكون مشترطاً لمصلحة نفس الممنوع من التصرف فى بعض الحالات ،
إذ كيف يتأتى منطقا أن يكون نفس الشخص – وهو المالك الممنوع من التصرف – دائنا ومدينا بنفس الالتزام فى آن واحد . وأما من ناحية نتائج هذا التكييف ، فهى غير مقبولة لمجاورتها حدود الغرض المقصود من اشتراط منع التصرف ،
ذلك أن الاخلال من جانب المالك بما عليه من التزام سلبى بالامتناع عن التصرف فى ملكه ، يجب أن يستتبع فسخ التصرف الأصلى المتضمن لمثل هذا الالتزام أو الرجوع فيه فإن كان هذا التصرف ناقلا لملكية الشئ المشترط امتناع التصرف فيه ، يعود الشئ إلى ملك المتصرف المشترط ،
وإن كان هذا التصرف منشئا لرهن مثلا على الشئ المشترط امتناع التصرف فيه لصالح الدائن المرتهن ، ينفسخ الرهن ويفقد الدائن المرتهن ضمانه ،
وواضح أن كل هذه النتائج تنافى الغرض من اشتراط المنع من التصرف الذى يهدف إلى إبقاء الشئ الممنوع التصرف فيه على ملك صاحبه ، إذ ليس يقصد بهذا الاشتراط عقلا إهدار التصرف الأصلى المتضمن للمنع ، وإنما المقصود به هو مجرد إهدار كل تصرف يصدر مخالفا للمنع
( حسن كيرة ص129، وفى هذا المعنى محمد على عرفة ج1 فقرة 281 ص368 ، شفيق شحاته ص129 ، إسماعيل غانم ص84)
لذلك يذهب جانب كبير من الفقه والقضاء
إلى تكييف الشرط المانع من التصرف بأنه عبء أو تكليف عينى ينقل به الشئ الممنوع التصرف فيه تحقيق المصلحة المقصودة بالمنع
( منصور مصطفى منصور الرساله السالفة ، ص190 وحق الملكية ص112 ،113 ومحمد على عرفة ص369)
ولكن تعترض هذا التكييف صعوبة منطقية لا يمكن تجاوزها ، ذلك أن فكرة العبء أو التكليف العينى تفيد اقتطاعا من سلطات الملكية لصالح شخص آخر غير المالك ، بينما قد يكون المنع من التصرف مشترطاً لمصلحة المالك الممنوع ، فكيف يستقيم القول إذن بأن الشخص يتقرر له حق أو عبء عينى على ذات ملكه ؟
ولو أمكن التسليم جدا باستقامة ذلك ألا يكون من حق المالك حينئذ – وهو فى نفس الوقت صاحب العبء أو الحق العينى المقرر على الشئ الذى يملكه – تحرير ملكه من هذا العبء الذى يثقله بالتنازل عنه .
كل ذلك يدعو إلى النظر إلى شرط المنع من التصرف على حقيقته من كونه مجرد استثناء أو خروج على ما تخوله الملكية أصلا للمالك من سلطة التصرف فى الشئ ،
فهو إذن تعديل للنظام العادى الملكية ، يعطى القانون للإدارة سلطان تقريره لمدة مؤقتة تحقيقا مصلحة مشروعة . ومادام شرط المنع من التصرف مجرد تعديل ارادى استثنائى لنظام الملكية كما يحدده القانون ،
فيجب أن يكون محكوما فى وجوده وآثاره والجزاء على مخالفته بالأغراض التى حتمت على القانون إعطاء الإرادة مثل هذا السلطان فى تعديل نظام قانوني أساسي كنظام الملكية والخروج بذلك على حكم القواعد العامة فى هذا الشأن .
والقانون لم يترخص فى تخويل الإرادة مثل هذا السلطان الاستثنائى فى تعديل نظام الملكية وحرمان المالك من سلطته فى التصرف مدة مؤقتة معقولة ،
إلا كفالة لتحقيق المصالح الخاصة المشروعة المقصودة من وراء مثل هذا التعديل أو الحرمان ، لذلك يجب أن يلتمس الجزاء على مخالفة هذا التعديل أو الحرمان الإرادى بوقوع التصرف رغم المنع منه – فى حدود هذه الغاية وحدها وبالقدر الذى يتضمن تحقيقها
( حسن كيرة ص 130 وما بعدها )
استخلاص الشرط المانع من التصرف
يجب على المحكمة أن تنزل بشرط العقد وصفه الصحيح الذى يتفق مع الإرادة الحقيقية للمتعاقدين وهى بصدد استخلاص طبيعة الشرط ، فليس كل شرط يتضمن منعا من التصرف يعتبر شرطاً مانعا من التصرف ، فقد لا يقصد المتعاقدان بالشرط المنع وإنما تحقيق غرض آخر فيكون هذا الغرض هو الغاية من المنع ،
بحيث إذا تمت مخالفة المنع دون أن يتحقق الغرض منه ، فإن التصرف المخالف يكون صحيحا ، ويخضع العقد الذى تضمن الحظر للقواعد العامة فى الفسخ والتعويض ،
فقد يتفق الشريكان على منع أحدهما من التصرف إلا بعد عرض حصته على شريكه ، وحينئذ تكون بصدد وعد بالتفضيل وليس بصدد شرط مانع من التصرف
( أنور طلبه ص325)
وقد قضت محكمة النقض بأن
إذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الشرط محل الخلاف بعقدى البيع المؤرخين 9/11/1970 و 31/10/1973 قد جرى نصه بأنه (ليس لأى من الطرفين الأول والثانى الحق فى التصرف فى نصيبه الذى يملكه فى المحل بالبيع أو الرهن أو الإيجار أو بأية صورة من الصور إلا بعد عرضه على الطرف الآخر وأخذ موافقته على ذلك كتابة)
فإن العبارة الواضحة لشرط تدل على أنه لم يمنع أى من الطرفين من التصرف فى نصيبه فى المحل وإنما تضمن التزاما على كل منهما قبل حصول التصرف يعرض رغبته فى ذلك على الطرف الآخر
ومن ثم فإنه لا يعد شرطاً مانعا من التصرف وإنما هو وعد بالتفضيل متبادل بين طرفى العقد يلتزم فيه كل طرف إذا رغب فى بيع أو رهن أو تأخير نصيبه فى المحل أن يعرض رغبته فى التصرف أولا على الطرف الآخر ويعطيه الأولوية تفضيلاً عن غيره ،
ومن ثم فإن هذا الشرط بشئ فى ذمة كل من الطرفين التزاما شخصيا بأن يعرض على اطرف الآخر رغبته فى التصرف بحيث لا يكون ه أن يتصرف فى حصته فى المحل إلى الغير إلا إذا لم يشأ الطرف الآخر استعمال حق الأفضلية المقرر له ،
فإذا تصرف فيه للغير قبل عرض الأمر على اطرف الموعود له نفذ تصرفه ولا يكون لهذا الأخير إلا أن يرجع بالتعويض على الواعد “
(نقض 10/12/1984 طعن 1773 س 53ق)
امتناع التنفيذ على الشئ الممنوع التصرف فيه
إذا كان شرط المنع من التصرف يمتنع به على المالك التصرف تصرفاً إداريا فى ملكه طول المدة المشترط فيها المنع فإن ذلك يجب ان يستتبع فى الأصل امتناع التنفيذ على الشئ الممنوع التصرف فيه إذ التنفيذ يؤدى إلى التصرف فى الشئ بطريق غير مباشر ببيعه فى المزاد ،
فيكون من العبث منع المالك من التصرف المباشر بإرادته من ناحية ، وأباحة التصرف بطريق غير مباشر فى نفس الوقت بتمكين الدائنين من التنفيذ على الشئ من ناحية أخرى ،
فضلا عن أنه لو أبيح التنفيذ مع امتناع التصرف على المالك لكان من اليسير عليه التحايل على شرط المنع ، عن طريق الارتباط قبل الغير بالتزامات جدية أو صورية يمتنع عن الوفاء به ، مما يستتبع التنفيذ على الشئ الممنوع التصرف فيه واخراجه من ذمته .
وما دام القصد من اشتراط امتناع التصرف فى الشئ بما يستتبعه من امتناع التنفيذ عليه هو إبقاء هذا الشئ على ملك صاحبه طوال مدة معينة هى المدة المشترط فيها المنع كفالة لتحقيق مصلحة مشروعة لشخص معين ،
فلا عبرة أذن بتاريخ نشوء الديون التى ينفذ بمقتضاها على الشئ فامتناع التنفيذ تبعا لامتناع التصرف امتناع مطلق طوال مدة المنع من التصرف ، يسرى على الدائنين جميعا من نشأت حقوقهم قبل اشتراط المنع ومن نشأت حقوقهم بعد على السواء .
وإذا كان اشتراط المنع من التصرف يستتبع امتناع التنفيذ على الشئ الممنوع التصرف فيه ، فمؤدى ذلك أمكان التنفيذ عليه بعد انقضاء المدة المشترط منع التصرف فيها ، وبذلك يكون لجميع الدائنين حق التنفيذ على الشئ الذى كان ممنوعا التصرف فيه بانقضاء المنع ، دون تفرقة بين ما إذا كانت حقوقهم قد نشأت وقت مدة المنع أو بعدها
(راجع فيما تقدم حسن كيرة ص 134)
وقد قضت محكمة النقض بأن
مفاد نص المادة 823 من القانون المدنى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع وإقتصر على مدة معقولة ، ويكون الباعث مشروعاً إذا كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ،
وتقدير مشروعية المصحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة ،
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى صحة الشرط المانع من التصرف الوارد بعقد البيع المسجل رقم 32 سنة 1984 السويس تأسيساً على ما أثبته بمدوناته
من أنه مبنى على باعث مشروع ولمدة معقولة إذا الباعث عليه جدية استزراع الأرض وعدم المضاوية عليها وحتى لا يكون القصد من الشراء المتاجرة بالأراضى دون تنفيذ غرض الجهة البائعة من التصرف بالبيع لأرض النزاع ” وهى أسباب سائغة ،
فإن ما يثيره الطاعنون بوجه النعى لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويكون النعى غير مقبول
( نقض 12/12/1995 طعن 6642 ، 7362 س64ق)
وبأنه ” النص فى المادة 823 من القانون المدنى على أنه إذ تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من المتصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير مفاده –
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة
( نقض 31/3/1985 طعن 794 س 52ق)
وبأنه ” وإذا اشترط البائع فى عقد البيع الاحتفاظ نفسه مدى حياته بحق الانتفاع بالعقار المبيع ومنع المشترى طول تلك المدة من التصرف فى العين المبيعة ، ورأت محكمة الإستئناف أن هذا العقد مع الأخذ بظاهر الشرط الوارد فيه ، قد قصد به التمليك المنجز لا التمليك المؤجل إلى وفاة البائع بانية رأيها على أسباب مسوغة له مستخلصة من ظروف الدعوى وملابساتها – فلا سلطان لمحكمة النقض عليها فى ذلك
(نقض 22/6/1938 ج1 فى 25 سنة ص349)
وبأنه ” وإذا اشترط البائع إلاحتفاظ لنفسه بحق الانتفاع بالمبيع مدى حياته ومنع المشترى من التصرف فيه طول تلك المدة ضمانا لحقه – ذلك لا يمنع من اعتبار التصرف بيعا صحيحاً ناقلا ملكية الرقبة فوراً . ووصف هذا التصرف بأنه وصية استناداً إلى هذا الشرط وحده يكون خطأ
( نقض 8/3/1945 المرجع السابق ص349)
وبأنه ” وإذا كانت المحكمة قد حصلت تحصيلا سائغا من ظروف الدعوى وبعد موازنة أدلة كل من الطرفين أنه ليس ثمة ما ينفى ما جاء بعقد البيع المتنازع عليه من حصول دفع الثمن ، فإن ما يكون لهذا العقد من اشترط عدم انتفاع المشترى بالعين المبيعة وعدم إمكانه التصرف فيها إلا بعد وفاة البائع ، ذلك لا يجعل العقد وصية إذ الوصية تبرع مضاف إلى ما بعد الموت ولا تبرع هنا بل هذا العقد يكون بيعا
( نقض 18/4/1946 المرجع السابق ص349)
وبأنه ” من المقرر فى ظل القانون المدنى القديم وقبل صدور قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 أن الملكية فى العقار تنتقل إلى المشترى بمجرد التعاقد دون حاجة إلى التسجيل ، وأن الشرط الذى يمنع المشترى من التصرف فى العين المشتراه إلا بعد سداد ثمنها كاملا لا ينفذ فى حق الغير الذى تلقى العين مثقلة بالشرط فيذكر فى تسجيل التصرف الأصلى ما ورد فى التصرف من نصوص متعلقة بالشرط المانع ولا يكون الشرط المانع حجة على الغير إلا من تاريخ تسجيله
( نقض 28/6/1976 طعن 51 س 41ق)
وبأنه ” المادة 823 من القانون المدنى لا تبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة وبناء على باعث مشروع ، وهى الحدود التى أباح المشرع فى نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال ،
وقد استخلص الحكم – المطعون فيه من عبارات الوصية وفى استدلال سائغ أن الباعث على حظر التصرف الموقوت بحياة الموصى اليها هو حمايتها وتحقيق مصحتها بما لا خروج فيه على قواعد النظام العام ومن ثم فإن هذا الذى أنتهى إليه الحكم لا ينطوى على خطأ في تطبيق القانون “
(نقض 19/1/1977 طعن 7س 42ق)
وبأنه ” شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ، ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير ،
وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة
( نقض 27/6/1968 طعن 299 س 34ق )
قواعد الشرط المانع من التصرف في القانون المدني الكويتي
نص المشرع الكويتي علي الشرط المانع في المواد من 815 إلى 817
تنص المادة 815 من القانون المدني الكويتي على أنه:
“إذا تضمن التصرف القانوني شرطاً يمنع المتصرف إليه من التصرف في المال الذي اكتسب ملكيته بمقتضى ذلك التصرف، أو يُقيد حقه في التصرف فيه، فلا يصح الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث قوي، ومقصوراً على مدة معقولة”
شروط الشرط المانع في قانون الكويت
ووفقا لهذا النص يصح الشرط المانع من التصرف بتوافر ثلاث شروط هي:
الشرط الأول
وجوب ورود شرط المنع من التصرف، في ذات التصرف الذي تلقى به “المشروط عليه” ملكية المال المتصرف فيه.
الشرط الثاني
أن يكون شرط المنع من التصرف مبنياً على باعث قوي، ويكون الباعث قوياً متى كان المراد منه حماية مصلحة مشروعة، سواء للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير.
مثال حماية مصلحة مشروعة للمتصرف
كأن يشترط الواهب على الموهوب له ألا يتصرف في المال الموهوب طوال حياته حتى يضمن الواهب الرجوع في الهبة إن توفر سبب من أسباب الرجوع، حيث إنه إذا تصرف الموهوب له في المال الموهوب تصرفاً ناقلا للملكية
عندها لا يحق للواهب الرجوع في الهبة، فحتى يضمن ذلك يشترط على الموهوب له عدم جواز التصرف في المال الموهوب طوال حياته.
وكأن يشترط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع حتى تمام الوفاء بالثمن.
أو أن يشترط البائع أو الواهب – الذي استبقى لنفسه حق الانتفاع – عدم التصرف في المبيع أو الموهوب تجنباً للتعامل مع مالك رقبة لا يعرفه ولا يأمن مضايقته.
مثال حماية مصلحة مشروعة للمتصرف إليه
كأن يشترط الواهب في عقد الهبة أو الموصي في الوصية بألا يتصرف الموهوب له أو الموصى له في المال الموهوب له أو الموصي له به حتى يبلغ سناً معيناً ويكون القصد منه حماية المتصرف إلية من طيشه وتبذيره.
مثال حماية مصلحة مشروعة للغير
كأن يهب شخص عقاراً لآخر، ويشترط الواهب على الموهوب له أن يؤدي مرتباً دورياً لشخص ثالث مدى حياته، وحتى يضمن تنفيذ التزامه، يشترط الواهب في عقد الهبة على الموهوب له ألا يتصرف في العقار محل الهبة طوال حياة الشخص الذي التزم الموهوب له بأن يعطي له مرتباً دورياً مدى حياة هذا الشخص
حيث إنه إذا امتنع الموهوب له عن تنفيذ التزامه عندها يستطيع الشخص الذي تقرر له المرتب الدوري أن ينفذ بحقه من العقار الموهوب.
وكأن يشترط المتصرف على المتصرف إليه (من ورثته) عدم التصرف في العقار المبيع طيلة حياة المتصرف إليه، حفاظاً على ملكية الأسرة لذلك العقار ولضمان انتقاله إلى ورثة المتصرف إليه.
فالمصلحة المشروعة قد تكون مادية وقد تكون أدبية.
وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا رقابة عليه في ذلك من محكمة التمييز متى بنى حكمه على أسباب سائغة.
الشرط الثالث أن يقتصر المنع على مدة معقولة
لكي يكون الشرط المانع من التصرف صحيحاً ، يجب ألا يكون هذا الشرط مانعاً من التصرف منعاً دائماً مؤبداً. إذ تخرج العين بهذا المنع من دائرة التعامل. وهذا أمر يخالف النظام العام. ولا يجوز إلا بنص في القانون،
كما هو الحال في الوقف. ومن ثم يكون الشرط المانع من التصرف منعاً دائماً مؤبداً شرطاً باطلاً. ويجب إلغاء هذا الشرط ويكون للمالك التصرف في ملكه، ما لم يكن هذا الشرط هو الدافع إلى التصرف فيبطل عندئذ كل من الشرط والتصرف.
فيجب أن يكون المنع لمدة معقولة، والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة “المتصرف” أو “المتصرف إليه” أو “الغير”.
وتقدير معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة التمييز متى بنى حكمه على أسباب سائغة.
وما يسري من أحكام على الشرط “المانع” من التصرف – الذي يمنع التصرف بصفة مطلقة خلال مدة المنع – يسري كذلك على الشرط الذي “يقيد” حرية التصرف دون أن يمنعه. كأن يشترط الواهب على الموهوب له، إذا أراد بيع الموهوب أن يعرضه أولاً بالأفضلية على شخص معين.
آثار الشرط المانع من التصرف في القانون المدني الكويتي
تنص المادة 816 من القانون المدني بالكويت على أنه:
إذا كان الشرط المانع أو المقيد للتصرف صحيحاً، وتصرف المشروط عليه بما يخالف الشرط، جاز لكل من المشترط ومن تقرر الشرط لمصلحته إبطال التصرف ومع ذلك، يصح التصرف المخالف للشرط، إذا أقره المشترط، وذلك ما لم يكن الشرط قد تقرر لمصلحة الغير”.
وعليه، فإذا تصرف المشروط عليه بما يخالف الشرط، فالجزاء الذي يحقق الغرض من شرط المنع، ليس هو “فسخ” التصرف الأصلي الذي ورد به الشرط، وإنما هو “إبطال” التصرف المخالف للشرط، حتى يبقى المال في ذمة المشترط عليه، وبالتالي يتحقق الغرض المشروع الذي أريد بشرط المنع تحقيقه.
وهذا البطلان، مقرر لصالح المتصرف المشترط أو الغير المشترط لمصلحته.
علماً بأن المال الممنوع من التصرف فيه، يكون غير قابل للحجز عليه، حيث إن اشتراط المنع من التصرف يستتبع عدم القابلية للتنفيذ، ما لم يكن الشرط المانع قد قصد به حماية الدائنين.
ولكن الشرط المانع من التصرف لا يحول دون تملك الشيء بالتقادم، لأن التقادم يتم رغم إرادة مالك الشيء.
حجية الشرط المانع على الغير في القانون الكويتي
تنص المادة 817 من القانون المدني بالكويت على أنه:
لا يحتج بالشرط المانع أو المقيد للتصرف على الغير، إلا إذا كان على علم به وقت التصرف أو كان في مقدوره أن يعلم به فإذا كان الشيء عقاراً وتم شهر التصرف الذي ورد به الشرط، فيعتبر الغير عالماً بالشرط من وقت الشهر.
فقد نص المشرع على عدم جواز الاحتجاج على الغير (الذي تعامل معه المشروط عليه بالمخالفة للشرط المانع من التصرف إلا إذا كان هذا الغير يعلم بذلك الشرط المانع من التصرف في وقت إبرامه للعقد الذي ترتب عليه كسب حقه، أو كان في مقدوره أن يعلم به وافترض المشرع علم الغير بهذا الشرط لمجرد ورود الشرط في تصرف وارد على عقار، تم شهره.