تمييز الصورية عن غيرها في القانون
وجيز الصورية والحالات المشابهة في القانون ومنها التدليس والدعوي البوليصية والدعوي الغير مباشرة و التزوير والتحفظ الذهني مع صور الصورية كصورية التجديد وصورية التفاسخ وصورية المجاملة وقول محكمة النقض في هذه الصور والأثر المترتب عليها.
محتويات المقال
صور مبهمة للصورية
منها صورية التجديد وصورية التفاسخ وصورية المجاملة.
صورية التجديد
استخلاص تتوافر نية التجديد من عدمها تختص به محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
قضت محكمة النقض بأن
متى استخلصت محكمة الموضوع من وقائع الدعوى – توافر نية التجديد باستبدال شخص الدائن وتحرير سند صريح بالدين وأن الادعاء بصورية هذا التجديد لم يقم عليه دليل وركن الحكم في ذلك كله الى عدة قرائن يكمل بعضها بعضا وتؤدي في مجموعها الى النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يجدى الطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها متى كان الحكم قد أقام قضاءه على أسباب سائغة كافية لحمله
(نقض 15/12/1962 طعن 537 س26ق)
صورية التفاسخ
قد يكون التفاسخ الذي يبرم بين المتعاقدين كالبائع والمشتري صوري ، وهنا يجوز إثبات هذه الصورية ، ويضحى العقد الذي أبرمه المتعاقدان قائماً بينهما .
قضت محكمة النقض بأن
إذا كان البائع للبائع قد قرر أنه بعد أن باع له القدر المذكور عاد فرد إليه الثمن ، وحصل منه على إقرار بإلغاء البيع ، فإن هذا التفاسخ وأن كان يمكن أن يعتبر عائقا دون تنفيذ العقد الصادر منه ،
إلا أنه إذا كان المشتري الأخير قد تمسك لدى المحكمة بصورية هذا التفاسخ لاصطناعه بعد رفع دعواه للإضرار به ، فإنه يكون واجبا على المحكمة أن تتحدث عن هذه الصورية بما يكشف عن حقيقة الأمر وإلا كان حكمها قاصر الأسباب ، ولا يعد رداً على الدفع بصورية تعاقد ما ، قول المحكمة أن أحد طرفيه قد أقر بصحته
(نقض 6/4/1944 جـ2 في 25 سنة ص764)
وبأنه: إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بصورية الفسخ – عن عقد البيع الأول – الذي تضمنه عقد الصلح المبرم بين طرفي هذا العقد ، بعد أن بحث أركان عقد البيع المذكور وشروطه وتحقق من صحته وتوافر أركانه ونفاذة بين عاقديه ، فإنه يكون بذلك قد قضى ضمنا بصحة ذلك العقد الذي رتب عليه القضاء بصحة عقد البيع الثاني
(نقض 18/3/1971 س22 ص347)
صورية أوراق المجاملة
إذا قام شخص بإعطاء شيك أو كمبيالة لشخص ليظهر أمام الغير بوجود أموال لديه ، فتكون الورقة صورية لا وجود لها فيما بين الساحب والمستفيد ، لكن إذا قام المستفيد بتظهيرها وسلمها للغير ، فإن هذا الغير لا يحاج بالصورية إلا إذا كان على علم بعل ويتحمل الساحب إثبات ذلك بكافة الطرق ،
ولكن إذا أعطيت الورقة ضمانا من الساحب لدين في ذمة المضمون ، انتفت عنها الصورية وكان الساحب مسئولا عن الوفاء بالدين للمستفيد من الورقة ويكون له بعد ذلك الرجوع على المدين المضمون وله إدخاله في الدعوى ليقضي عليه بما عسى أن يقضي به في الدعوى الأصلية .
(أنور طلبة ص474)
التمييز بين الصورية وبعض الحالات المشابهة لها
في هذا المبحث نتعرف علي أوجه السبه وأوجه الاختلاف بين الصورية وحالات أخري مثل التدليس والتحفظ الذهني والتزوير
التمييز بين الصورية والتدليس
تتميز الصورية عن التجليس في أنها عمل يتفق عليه المتعاقدان متواطئين معا ، فليس بغض أحدهما الآخر ، وإنما يريدان معا غش الغير أو إخفاء أمر معين . أما التدليس فعمل يقوم به أحد المتعاقدين لتضليل المتعاقد الآخر .
قضت محكمة النقض بأن
الحكم بصورية العقد لا يستلزم إثبات سوء نية الطرفين فيه ، ومع ذلك إذا كان الحكم قد استظهر هذا الأمر فلا يصح تعييبه به
(نقض مدني 11/5/1939 مجموعة عمر 2 رقم 181 ص553)
وبأنه
وقد تجتمع الصورية و التدليس كما إذا اتفق البائع والمشتري على صورية البيع ، ولكن المشتري أعطى البائع (ورقة ضد) بتوقيع مزور ، تدليسا منه على البائع
(نقض مدني 18/11/1937 مجموعة عمر 2 رقم 73 ص199)
التمييز بين الصورية والتزوير
تختلف الصورية عن التزوير كذلك ، لأن كلا من المتعاقدين عالم بالصورية ومتواطئ عليها مع الآخر ، فلا يجوز إذن الطعن في العقد الرسمي أو العرفي بالتزوير بسبب صوريته .
(السنهوري ص955)
وقد قضت محكمة النقض بأن
تختلف الصورية عن التزوير أن كلا المتعاقدين عالم بالصورية ومتواطئ عليها مع الآخر ، فلا يجوز الطعن في العقد الرسمي أو العرفي بالتزوير بسبب صوريته
(الطعن رقم 4014 لسنة 66ق جلسة 30/1/1997 ، الطعن رقم 377 لسنة 46ق س29 ص1337 جلسة 25/5/1978)
التمييز بين الصورية والتحفظ الذهني
تختلف الصورية أيضا عن التحفظ الذهني في أن الأولى نتيجة تدبير واتفاق طرفين ،
أما التحفظ الذهني ففيه يستقل أحد الطرفين – دون أن يتفق في ذلك مع الآخر – بإظهار إرادة وإبطال إرادة أخرى تختلف عن الأولى فإرادته الظاهر غير جدية إذ تحفظ ذهنيا بإرادة باطنة تختلف عنها .
فالتحفظ الذهني نوع من الصورية في الإرادة الظاهرة ولكنها صورية غير متفق عليها بين المتعاقدين .
(السنهوري ص956)
مقارنة دعوي الصورية بدعاوي مشابهة
نتعرف علي أوجه الشبه والاختلاف بين الصورية والدعوي الغير مباشرة والدعوي البوليصية
مقارنة الدعوى الصورية بالدعوى غير المباشرة
أوجه الشبه
تتشابه دعوى الصورية مع الدعوى غير المباشرة في الشروط والأحكام ،
فقد رأينا أنه لا يشترط في دعوى الصورية أن يكون حق الدائن مستحق الأداء ولا أن يكون هذا الحق سابقا على التصرف الصادر من المدين وهذا هو الأمر في الدعوى غير المباشرة ،
ورأينا كذلك أن دعوى الصورية تفيد جميع الدائنين على السواء ، من اشترك منهم في الدعوى ومن لم يشترك ، وهذا هو أيضا حكم الدعوى غير المباشرة ،
وحتى تضع دعوى الصورية الى جانب الدعوى غير المباشرة في صورة واضحة ، نفرض أن مدينا باع عينا مملوكة له بيعا صوريا ، فلدائن البائع يستطيع أن يطعن في العقد بالصورية ،
ولا يشترط لذلك أن يكون حقه مستحق الأداء أو أن يكون سابقا على التصرف الصوري ، وإذا نجح في دعواه استفاد معه سائر الدائنين ،
ويستطيع الدائن أيضا ، بدلا من الطعن بالصورية ، أن يستعمل حق مدينه البائع في التمسك بالعقد المستتر ، فيصل الى نفس النتيجة التي يصل إليها من وراء الطعن بالصورية ،
وهو في ذلك أيضا لا يشترط فيه أن يكون حقه مستحق الأداء ولا سابقا على التصرف الصوري ، كما أن التمسك بالعقد المستتر يفيد سائر الدائنين .
(السنهوري ص99)
أوجه الخلاف
تختلف دعوى الصورية عن الدعوى غير المباشرة فيما يلي
- وإذا طعن الدائن بالصورية ، فليس في حاجة الى إثبات إعسار المدين ، أما إذا تمسك بالعقد المستتر نيابة عن مدينه ، وجب عليه أن يثبت أن المدين يصح معسرا أو يزيد إعساره إذا لم يتمسك بهذا العقد
- إذا اختار الدائن دعوى الصورية ، لم يستطيع المشتري أن يدفع هذه الدعوى بدفع خاص بالعقد المستتر . أما إذا تمسك بالعقد نيابة عن المدين ، كان للمشتري أن يدفع هذه الدعوى بكل الدفوع التي يستطيع أن يدفع بها دعوى البائع ولو كان هذا هو الذي تمسك بالعقد المستتر
- إذا طعن الدائن في العقد الظاهر بالصورية رفع الدعوى باسمه ، وإذا تمسك بالعقد المستتر نيابة عن المدين رفع الدعوى باسم هذا المدين ، ويترتب على ذلك أنه في الحالة الأولى يستطيع إثبات الصورية بجميع الطرق لأنه من الغير ، أما في الحالة الثانية وهو يعمل باسم المدين ، فلا يستطيع الإثبات إلا بالطرق التي يستطيعها المدين ، فيجب الإثبات بالكتابة فيما جاوزت قيمته خمسمائة جنيه ، أو فيما لا يجاوز هذه القيمة إذا كان العقد الظاهر مكتوبا
(السنهوري ص994 وما بعدها)
مقارنة دعوى الصورية بالدعوى البوليصية
أوجه الشبه
هناك شبه واضح بين الدعويين: ففي كلتيهما يحاول المدين أن يتوقى تنفيذ الدائن على ماله ، فيتصرف في هذا المال تصرفا جديا أو تصرفا صوريا ، وفي كلتيهما لا ينفذ تصرف المدين في حق الدائن ،
ولكن الفرق بين الدعويين واضح كذلك ، ففي دعوى الصورية المدين في ماله تصرفا جديا ، وليس للعقد الظاهر وجود قانوني ، ولا وجود إلا للعقد المستتر لأنه هو العقد الحقيقي ،
ومن ثم لا ينتج العقد الصوري أثرا إلا بالنسبة الى الغير حسن النية حتى يستقر التعامل ، أما في الدعوى البوليصية فالمدين يتصرف في ماله تصرفا جديا ،
ومن ثم ينتج هذا التصرف أثره إلا بالنسبة الى الدائنين ، هذا الى أن الدائن في دعوى الصورية يرمى الى استيفاء شيء في ملك المدين لم يخرج منه ، أما في الدعوى البوليصية فيرمى الى إدخال شيء من ملك المدين
أوجه الاختلاف
وتختلف الدعويان ، في أحكامهما التفصيلية من وجوه عدة ، نذكر منها
- دعوى الصورية يرفعها الدائن والخلف الخاص وكل من له مصلحة مشروعة ولو كان أحد المتعاقدين ، أما الدعوى البوليصية فلا يرفعها إلا الدائن
- في دعوى الصورية يكفي أن يكون حق الدائن خاليا من النزاع ، فالدائن الى أجل أو تحت شرط واقف يستطيع رفع هذه الدعوى ، أما في الدعوى البوليصية فلا يكفي خلو حق للدائن من النزاع ، بل يجب أيضا أن يكون هذا الحق مستحق الأداء
- في دعوى الصورية لا يشترط أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف الصوري . أما في الدعوى البوليصية فيشترط أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف المطعون فيه
- في دعوى الصورية يجوز للدائن أن يرفع الدعوى حتى لو كانت التصرف الصوري ، يفرض أنه جدي ، لا بسبب إعسار المدين أو يزيد في إعساره بل لا يشترط أن يكون المدين معسرا إطلاقا ، لأن الدائن في هذه الدعوى بطلب تقرير أن التصرف غير موجود وهذه حقيقة لا يغير منها أن يكون المدين معسرا أو غير معسر . أما في الدعوى البوليصية فيشترط أن يثبت الدائن أن التصرف المطعون فيه قد تسبب في إعسار المدين أو زاد في إعساره
- في دعوى الصورية لا يشترط أن تكون الصورية قد قصد بها الإضرار بحقوق الدائن ، فقد يكون المقصود بها غرضا آخر قدمنا ، ولا يمنع ذلك من أن يطعن الدائن في التصرف الصوري . أما في الدعوى البوليصية فيشترط في المعاوضات قصد الإضرار بالدائن على النحو الذي بيناه
- دعوى الصورية لا تسقط بالتقادم ، لأنها يراد بها تقرير أمر واقع ، وهذا الأمر يبقى واقعا مهما انقضى عليه من الزمن ، أما الدعوى البوليصية فتسقط بالتقادم ، وقد سبق بيان المدة التي تتقادم بها هذه الدعوى
- في دعوى الصورية يجوز للمدين أن يسترد العين التي باعها صوريا للمشتري . أما في الدعوى البوليصية فلا يستطيع المدين ذلك لأن البيع الذي صدر منه بيع جدي
- في دعوى الصورية إذا تنوع في بيع صوري ، دائن البائع مع دائن المشتري قدم دائن المشتري إيثارا للعقد الظاهر ، أما في دعوى البوليصية فإنه إذا باع المدين عينا إضرارا بدائنة ، اعتبر البيع غير نافذ في حق الدائن ، وتقدم هذا الدائن في استيفاء حقه من العين على دائن المشتري
(راجع فيما تقدم السنهوري ص993 وما بعدها)
قضت محكمة النقض بأن
إنه بمقتضى المادة 143 من القانون المدني يجوز للدائن أن يطعن على تصرف مدينه لإبطاله إما بالدعوى البوليصية وإما بدعوى الصورية ، والدعويان وإن كانتا تتفقان من ناحية أن أساس إبطال التصرف فيهما هو الإضرار بالغير إلا أنهما تختلفان من حيث توجيه الطعن ومن حيث الغرض ، ففي الدعوى البوليصية يكون الطعن على التصرف من ناحية جديته ،
ويكون الغرض من الطعن إعادة ملك المدين إليه لإمكان التنفيذ عليه واستيفاء الدائن حقه منه . أما في دعوى الصورية فالطعن يكون بعدم جدية التصرف لمحو العقد الظاهر وإزالة كل أثر له وتقرير أن العين لم تخرج من يد المدين بحيث إذا كان قد تلقاها ، عنه آخر أو نفذ عليها دائن له كان ذلك صحيحا ،
وإذن فلمن يطعن على التصرف أن يتخير من هاتين الدعويين الدعوى التي يتحقق بها غرضه ، فإن كان قد اختار الدعوى بالصورية ، ورأت المحكمة صحة دعواه وقضت له بطلباته ، وكانت مع ذلك قد عرضت في أثناء البحث الى الدعوى البوليصية وتكلمت عنها فذلك منها يكون تزيدا لا يستوجب نقض الحكم ،
ثم إن مدعى الصورية له أن يضم الى طلب ملكيته للأرض موضوع الدعوى طلب إبطال التصرف الذي حصل فيها ، وفي هذه يكون الحكم بثبوت الملك للمدعى وإبطال التصرف لثبوت صوريته سليما ، ثم أنه إذا كان الحكم مؤسسا على الصورية فإن البحث في أسبقية دين نازع الملكية (الطاعن بالصورية) على التصرف لا يكون له محل
(الطعن رقم 31 لسنة 10ق جلسة 12/12/1940)
وبأنه: دعوى الصورية ودعوى عدم نفاذ تصرف المدين هما دعويان مختلفان ، فيجوز للدائن إثبات أن العقد الذي صدر من المدين صوري بغية استبقاء المال الذي تصرف فيه في ملكه ،
فإن أخفق جاز له الطعن في العقد الحقيقي بدعوى عدم نفاذ التصرف في حقه ، بغية إعادة المال الى ملك المدين ، كما أنه يجوز للدائن كذلك في الدعوى الواحدة أن يطعن في تصرف مدينه بالدعويين معا على سبيل الخيرة ، فيحاول إثبات الصورية أولا فإن لم ينجح انتقل الى الدعوى الأخرى
(نقض 25/2/1971 طعن 245 س36ق
وبأنه: العلة في وجوب أن يطعن الدائن بدعوى الصورية أولاً حتى إذا أخفق فيها كان له أن يطعن بدعوى نفاذ التصرف بما لا يتفق مع الدفع بالصورية بعد ذلك بحيث يجوز للدائن في الدعوى الواحدة أن يطعن في تصرف مدينه بالصورية وبدعوى عدم نفاذ التصرف معا على سبيل الخيرة ، ليحاول إثبات الصورية أولاً ثم ينتقل إن هو أخفق فيها الى عدم النفاذ
نقض 4/5/1977 س28 ص1125، نقض 25/2/1971 س22 ص128 ، نقض 19/11/1936 جـ1 في 25 سنة ص649
وبأنه: وإن كان الطعن بالدعوى البوليصية يتضمن الإقرار بجدية التصرف والطعن بالصورية يتضمن إنكار التصرف ، مما يقتضي البدء بالطعن بالصورية إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من إبداء الطعنين معا إذا كان الدائن يهدف بهما الى عدم نفاذ تصرف المدين في حقه .
لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الدرجة الأولى أنها تمسكت بالدعويين معا ، إذ طلبت الحكم بعدم نفاذ عقد البيع الصادر الى الطاعنة من مورث باقي المطعون ضدهم تأسيسا على أنها دائنة له
وأن العقد صوري محض وقصد به تهريب أمواله وعلى فرض أنه جدي فإنه إنما عقد للإضرار بحقوقها كدائنة وتنطبق عليه شروط المادتين 237 ، 238 من القانون المدني
ولما استأنفت تمسكت بدفاعها المتقدم ذكره ، وبالتالي فإن طلب الصورية كان معروضا على محكمة الدرجة الأولى وإغفالها الفصل فيه لا يجعله طلبا جديدا أمام محكمة الاستئناف