سقوط التشريع وسقوط التصرف القانوني

بحث فكرة السقوط بين القضاء الدستوري والقضاء المدني عن سقوط التشريع وسقوط التصرف القانوني للأستاذ الدكتور  حسام الدين كامل الأهوانى أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة عين شمس وعميد الكلية الأسبق المنشور بمجلة الدستورية التى تصدرها المحكمة الدستورية العليا

مقدمة سقوط التشريع وسقوط التصرف

سقوط التشريع

1 – كان ضبط ودقة الاصطلاح محل اهتمام لجان وضع القانون المدنى فلمتعد المصطلحات القانونية – في التقنين المدني – تضطرب أو تتعارض، بل إن المصطلح القانوني ليرد في جميع النصوص لنظام واحد لا يتبدل ولا يتغير” ([1])ولقد جاء التقنين المدني بلغة عربية سليمة يأنس لها ذوق الاصطلاح([2])

2 – فمن أدق المسائل في القانون تحديد وضبط الاصطلاحات حيث يعتبر ذلك المقدمة الضرورية لأي دراسة جادة سواء عند دراسة النصوص التشريعية أو التصرفات القانونية.

وإن كان ذلك يسري في شأن تحديد الاصطلاحات المعروفة، فإن المسألة تزداد تعقيدًا بدخول الجديد من الاصطلاحات التى يبرزها العمل القضائي.

3 – فقد انتشر اصطلاح اعتبار النص التشريعي أو التصرف القانوني أو القرار الإداري كأن لم يكن،وهو ما يعبر عنه بالفرنسية Non avenu. فقد ورد في المادة 12 من قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة رقم 10 لسنة 1990، أنه إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزاري طبقًا للإجراءات المنصوص عليها في المادة السابقة عُد القرار كأن لم يكن بالنسبة للعقارات التي لم تودع النماذج أو القرارات الخاصة بها.

فمن الصعب أحيانا رد هذه العبارات إلى الاصطلاحات التقليدية المتعارف عليها، وتتعدد الآراء حول المقصودبالإصطلاح بطلان أم انعدام أم فكرة قانونية جديدة.

4 – كما أن هناك بعض الاصطلاحات التي تعبر عن فكرة قانونية هجرت في بعض فروع القانون، وتتواجد بشدة في فروع أخرى. فقد هجر القانون المدني التفرقة بين الانعدام والبطلان، التي وجدت في ظل قاعدة لا بطلان إلا بنص. وعندما زال ذلك المبدأ هجرت تلك التفرقة([3]).

أما في القانون الإداري وفي شأن القرارات الإدارية فإن التفرقة بين القرار الباطل والقرار الإدارى المنعدم تحتل مكانًا هامًا في الفقه والقضاء. بل وجدت صداها في قضاء محكمة النقض حيث اعتبر القرار المنعدم من قبيل العمل المادي، ومن ثم يختص القضاء العادي بنظر دعوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن هذا القرار([4]).

5 – وفي ظل التقنين المدني لم يخلو الأمر من وجود بعض العبارات المتماثلة التي تعبر عن اصطلاحات قانونية متباينة مثل سقوط الحق في طلب البطلان، أو سقوط الشفعة ، ومدة السقوط ومدة التقادم([5]).

6 – وظهر في القانون المدني الفرنسي المعدل في سنة 2016 فكرة سقوط التصرف القانوني، La Caducité. فنصت المادة 1186 على أنه إذا انعقد العقد صحيحًا فإنه يسقط إذا اختفت أحد عناصره الأساسية.

وإذا كان تنفيذ عدة عقود ضروريًا لتحقيق عملية واختفي أحدها،سقطت العقود التي أصبح تنفيذها مستحيلاً نتيجة اختفاء أو زوال أحد هذه العقود([6]).

فما هو السقوط ؟

وأطل علينا قضاء المحكمة الدستورية العليا بفكرة سقوط النص التشريعي. فلم تكتف المحكمة بالحكم بعدم دستورية نص تشريعي وإنما قضت – في بعض الحالات – بسقوط نصوص تشريعية أخرى.

وفي نفس الوقت ظهر اصطلاح السقوط في ثنايا قضاء محكمة النقض سواء صراحة، أو ضمنًا دون أن يتضمن الحكم عبارة السقوط.

وهذا البحث يستهدف إبراز فكرة السقوط في قضاء المحكمة الدستورية العليا ومقارنتها بالسقوط في التصرفات القانونية طبقًا لما ذهبت إليه محكمة النقض. مع الأخذ في الاعتبار مفهوم السقوط في ظل القانون المدني الفرنسي ومدى التقارب بينه وبين ما توصل إليه القضاء المصري بشأن تلك الفكرة.

7 – ونبدأ بدراسة سقوط التشريع في ظل قضاء المحكمة الدستورية العليا، ثم سقوط التصرفات القانونية في القانون والقضاء المدني،

وندرس أخيرًا تأصيل وأساس فكرة السقوط في ظل القضاء الدستوري والقضاء المدني.فهل ما يوجد بينهما مجرد عبارات متماثلة أم أننا أمام فكرة متماسكة تجد تطبيقها فى قضاء المحكمة الدستورية العليا والقضاء المدنى .

المبحث الأول سقوط التشريع في القضاء الدستوري

فكرة السقوط

أولاً: جزاء عدم الدستورية واثر الحكم بعدم الدستورية:

تطبيقًا للمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون في جميع الأحوال إلا بأثر مباشر…”.

وبهذا فقد حددت تلك المادة أثر الحكم بعدم دستوريةالنص وهو عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم وذلك بحسب الأصل فالأثر هو عدم جواز التطبيق بصرف النظر عن تاريخ إعمال هذا الأثر.

فما هو المقصود بعدم جواز التطبيق

  • هل إلغاء التشريع ؟
  • أم بطلانه ؟
  • أم مجرد منع تطبيقه؟ 

اعتقد أن المشرع قد حرص على عدم الخوض في تكييف عدم دستورية التشريع، وقفز مباشرة إلى الجزاء وهو عدم دستورية التشريع المخالف للدستور وأثر عدم الدستورية هو عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم وعدم جواز التطبيق موجه إلى جميع سلطات الدول وللكافة ومع هذا فقد درجت بعض أحكام المحكمة الدستورية العليا على تأصيل عدم الدستورية بأنه إبطال للنص وانعدامه.

فقد قضت بأن

إبطال هذه المحكمة للنصوص القانونية المخالفة للدستور يعتبر تقريرًا لزوالها نافيًا وجودها منذ ميلادها، وقضاؤها بصحتها يؤكد استمرار نفاذها لخلوها من كل عوار يدينها… وليس مفهومًا أن تكون واقعة نشر الأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض النصوص القانونية – في ذاتها حدًا زمنيًا فاصلاً بين صحتها وبطلانها، فلا يكون النص الباطل منعدمًا إلا اعتبارًا من اليوم التالي لهذا النشر([7])

وبعبارات القانون الخاص فإن البطلان هو بطلان مطلق لمخالفة التشريع لقاعدة آمرة متعلقة بالنظام العام وهي القاعدة الواردة فى النص الدستوري.

كما قضت بأنه من حيث إنه متى كان ذلك وكان الحكم بعدم دستورية النص التشريعي المذكور يعني بطلانه، وسقوط النصوص المرتبطة ([8]).

وجاء فىحكم لمحكمة النقض أن النصوص المقضي بعدم دستوريتها تزول بأثر رجعي منذ نفاذها بما يجعلها منعدمة ابتداء لا انتهاء([9]).

9 – وفي إطار أو سياق التأصيل ورد في بعض الكتابات الفقهية القيمة أن “أمامنص المادة 49/1 من قانون المحكمة الدستورية العليا التي قررت أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية… ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة

نستطيع القول أن أثر حجية الحكم الصادر بعدم الدستورية يؤدي إلى إعتبار القانون كأن لم يكن. وأضاف ان الحجية المطلقة لكافة السلطات بما فيها السلطة التشريعية التي يجب عليها أن تعيد النظر في القانون الذي حكم بعدم دستوريته حتى يتفق مع نصوص الدستور،

وكذلك فإن السلطة التنفيذية يجب عليها عدم تنفيذ اللائحة التي قضي بعدم دستوريتها كما يجب أن تلغي اللوائح التي قررت المحكمة عدم دستوريتها([10])

ومما يلفت النظر هو حرص المحكمة والفقه على رد عدم الدستورية إلى بعض مفاهيم القانون خصوصًا القانون الخاص مثل البطلان والإنعدام واعتبار النص كأن لم يكن وهو مفهوم لا يخلو من الغموض،  فإن كان النص كأن لم يكن فلا محل لأن تلغيه السلطة التشريعية أو أن تلغي السلطة التنفيذية اللائحة المقضي بعدم دستوريتها.

10 – ونرى أن المشرع قد حرص على وضع الجزاء على مخالفة الدستور وما يترتب على هذا الجزاء بعيدًا عن مفاهيم القانون الخاص أو العام. فالقانون الخاص يتعلق بالتصرفات القانونية بين الأفراد، والقانون العام يرتبط في مجال الإلغاء والبطلان بقرارات إدارية وعلاقة السلطة العامة بالفرد.

أما عدم الدستورية فهو يتعلق أصلاً بمخالفة التشريع للدستور، ولهذا فإن الجزاء يتفق مع طبيعة المخالفة، فمخالفة الدستور جزاؤها عدم دستورية النص.وأثر عدم الدستورية هو الامتناع عن التطبيق.

فلكل فرع من فروع القانون مفاهيمه وأصوله وقواعد احترامه وجزاء مخالفته.

وقد يكون استخدام مفهوم أكثر انتشارا مثل البطلان وسيلة للتقريب أكثر منها للتأصيل، خصوصًا إذا كان المشرع قد حرص على اختيار مصطلحاته منعًا للتداخل مع فروع القانون الأخرى.

فالنص الذي قضى بعدم دستوريته يمتنع تطبيقه أي تشل فاعليته في مواجهة الكافة.

ولقد حرص المشرع على عدم استخدام اصطلاح الإلغاء أو البطلان، وإنما فقط عدم التطبيق وذلك احترامًا لمبدأ الفصل بين السلطات.

فإن كان اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في دستورية القوانين قد جاء بناء على الدستور، فإن ممارسة ذلك يتم بوسيلة تحقق الهدف ولا تمس في نفس الوقت اختصاص السلطة التشريعية التى تملك وحدها إصدار التشريع أو إلغائه، ولقد تمثل ذلك في امتناع الكافة عن تطبيق النص غير الدستوري.

11 – ولقد انتهى قضاء المحكمة الدستورية العليا إلى وضع التأصيل السليم لأثر الحكم بعدم الدستورية بالرغم من استخدام بعض الاصطلاحات الدارجة.

فقد قضت أن

النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها لا يجوز تطبيقها اعتبارًا من اليوم التالي لنشر الأحكام الصادرة بشأنها في الجريدة الرسمية، وما قصدته المادة 49 من قانون المحكمة لا يعد سوى تجريد النصوص القانونية التي قضي بعدم دستوريتها من قوة نفاذها التي صاحبتها عند إقرارها أو إصدارها،

لتفقد بالتالي خاصية الإلزام التي تتسم بها القواعد القانونية جميعها، فلا يقوم من بعد ثمة مجال لتطبيقها. ([11])والفقرة الأخيرة من الحكم توضح بدقة أثر الحكم الصادر بعدم الدستورية وهو تجريد النصوص التي قضي بعدم دستوريتها من قوة نفاذها التي صاحبتها عند إقرارها أو إصدارها.

وبعبارة صريحة شل فاعلية النص بفقده عنصر الإلزام. فعدم النفاذ لا يعني إلغاء النص أو بطلانه وإنما سلبه قوة النفاذ فقط وشل فاعليته بصورة كاملة وفي مواجهة الكافة.

وعلى هذا يمكن فهم دعوة السلطات المختصة إلى تعديل النص التشريعي الذي قضي بعدم دستوريته. فالحكم بعدم الدستورية يسلب التشريع ويجرده من قوة نفاذهفقط.أما البطلان أو الانعدام أو الزوال فيعني المساس بوجوده وليس بفاعليته.

12 – والدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا لم يواجها إلا التشريع الذي يخالف الدستور حيث يكون جزاء ذلك عدم الدستورية، ويترتب على ذلك عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم. فأثر الحكم بعدم الدستورية يقتصر على النص الذي شابه عيب عدم الدستورية، ولا يمتد لغيره.

ولكن هناك من النصوص التشريعية التي ترتبط بالنص التشريعي المقضي بعدم دستوريته، فما هو مصير هذه النصوص؟

ثانيا  ابتداع فكرة سقوط النص التشريعي:

13 – بدأت المحكمة الدستورية العليا بمواجهة حالة النصوص التشريعية المرتبطة بنص تشريعى مشوب بعدم الدستورية عن طريق اللجوء إلى القضاء بعدم دستورية تلك النصوص.فقد قضت بأن عدم دستورية أحد نصوص القانون يستلزم الحكم بعدم دستورية النصوص الأخرى التي ترتبط به ارتباطًا لا يقبل التجزئة([12])

فعدم الدستورية لا يقتصر على النص محل الطعن بعدم الدستورية وإنما يمتد الحكم بعدم الدستورية إلى النصوص التي ارتآت المحكمة أنها ترتبط ارتباطًا لا يقبل التجزئة بالنص المقضي بعدم دستوريته.

وعندما كانت المحكمة تقضي ببطلان النص لعدم دستوريته كانت تقضى ببطلان المادة المرتبطة به ارتباطًا لا يقبل التجزئة فجزاء عدم الدستورية وهو البطلان يشمل النص المقضي بعدم دستوريته وما يرتبط به من نصوص أخرى ([13]).

14 – تطور قضاء المحكمة الدستورية إلى الحكم بسقوط النصوص المرتبطة بالنص المقضي بعدم دستوريته.

فقد دأبت المحكمة الدستورية العليا على الحكم بسقوط بعض النصوص التشريعية التي ترتكز على نص تشريعي قضت بعدم دستوريته.

وعلى سبيل المثال فقد قضت بعدم دستورية بعض مواد القانون رقم 107 لسنة 1976 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان. ولكنها أضافت أنه “بالنسبة لباقي أحكام التنظيم التشريعي لضريبة الأرض الفضاء، فإنها إذ ترتبط ارتباطًا وثيقًا لا يقبل التجزئة بالنصين المطعون عليهما في الدعوى الماثلة ومن ثم يترتب لزومًا على القضاء بعدم دستوريته سقوط الأحكام المشار إليها.

وتحدد المحكمة مدى الارتباط الوثيق بين كل نص وبين النص المقضي بعدم دستوريته.

ويتضمن منطوق الحكم ليس فقط الحكم بعدم دستورية النص وإنما يتضمن كذلك حكمًا بسقوط تلك المواد ([14]).

وجاء في حكمها بشأن عدم دستورية المادة 2/2 من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981، إن الحكم بعدم الدستورية للنصوص المشار إليها يعني بطلانها وسقوط النصوص المرتبطة بدونها” وقضت بسقوط مواد بعض الفقرات الأخرى وكذلك بسقوط قراري رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982 و 137 لسنة 1986 ([15])

وجاء كذلك في حكمها بشأن عدم دستورية المادة 83 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 بسقوط المواد 84، 85، 86، 87 من القانون لأنها “ترتبط بنص المادة 182 المطعون عليها ارتباطًا لا يقبل التجزئة بحيث لا يمكن فصلها عنه أو تطبيقها استقلالاً، وتسقط جميعها تبعًا لإبطال النص المطعون فيه ولا تقوم لها من بعد قائمة” ([16]).

فالحكم بعدم دستورية نص يستتبع سقوط النصوص التشريعية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا لا يقبل التجزئة بالنص المقضي بعدم دستوريته. وأوضحت أن عدم التجزئة يتمثل في أنه لا يتصور وجود هذه النصوص بدون النص المقضي بعدم دستوريته. وأنها لا يمكن فصلها عنه أو تطبيقها استقلالاً ولا تقوم لها قائمة بعد عدم دستورية النص.

وعبارة السقوط أو فكرة السقوط هي التي نتوقف عندها.

فالنص الساقط أو الذي لحقه السقوط غير مشوب في حد ذاته بعدم الدستورية.

ولا يمثل في نفس الوقت حكمًا موضوعيًا أو شكليًا مستقلاً عن النص المقضي بعدم دستوريته، بل يرتبط به ارتباطًا لا يقبل التجزئة.

ثالثًا: دوافع اللجوء إلى فكرة سقوط النص التشريعي:

15 –ابتدعت المحكمة الدستورية العليا فكرة سقوط النص التشريعي غير المشوب في حد ذاته بعدم الدستورية، ويرتبط بالنص المقضي بعدم دستوريته ارتباطًا لا يقبل التجزئة.

فهو في منزلة وسط بين الدستورية وعدم الدستورية، إذ إنه غير مشوب بعدم الدستورية وإنما يتبع مسيرة عدم الدستورية لما بينهما من ارتباط لا يقبل التجزئة. ويصبح مصيره مصير النص المقضي بعدم الدستورية بالرغم من أنه في حد ذاته غير مشوب بعدم الدستورية.

فالمحكمة تسعى لتطهير التشريع ليس فقط من النص غير الدستوري، وإنما بكل ما يرتبط به من نصوص. فإن كان قد قضي على الأصل فإن كل ما يتصل بهذا الأصل يجب أن يطهر منه التشريع كذلك.

ولكن هذا النص المرتبط لا محل لعدم دستوريته وإلا قضي بعدم دستوريته، بل هو فرع اجتث أصله ومن ثم فإن مصيره السقوط. ومن هنا جاء اصطلاح السقوط. فإن اقتلع الأصل من جذوره سقطت الفروع. ولكن تلك الفروع تتمثل نصوصًا تشريعية. وكان لابد من إيجاد وسيلة قانونية أو دستورية لزوالها ومن هنا جاء اصطلاح وفكرة السقوط.

فمن حسن السياسة الدستورية ألا يبقى نص مهمل في القانون لزوال أصله. ولهذا كان لا بد من زواله كذلك وابتدعت المحكمة الدستورية فكرة سقوط هذه النصوص لتطهير التشريع من بقايا النص غير الدستوري. فهي نصوص ذبلت بزوال أصلها ومصيرها الذبول والسقوط.

16 – والسقوط لا يعتبر من وسائل إلغاء التشريع. فطبقا للمادة الثانية من القانون المدني، لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعد ذلك التشريع. ولا يدخل السقوط تحت حالات إلغاء التشريع الواردة في المادة السابقة.

17 – والمادة 49 من قانون المحكمة واضحة تمامًا في أن النص الذي لا يجوز تطبيقه هو النص الذي قضى بعدم دستوريته، ونضيف وحده دون غيره.

أما النص الذي فقد ركيزته المتمثلة في النص المقضي بعدم دستوريته، فإنه غير مشمول بعدم الدستورية وبالامتناع عن تطبيقه.

ولهذا كان القاضي الدستوري بالخيار بين أن يبقى تلك النصوص التي أصبحت غير قابلة للتطبيق، يبقيها بحيث تنقضى عملاً بعدم الاستعمال،

إعمالاً لفكرة إلغاء التشريع بعدم الاستعمال خصوصًا بعد أن فقدت محلها أو موضوعها أو ركيزتها ([17])وبين أن يتخلص منها. والتخلص منها من شأنه أن يتخلص التشريع من النصوص المرتبطة والمرتكزة على النص المقضي بعدم دستوريته.

فبقاء هذه النصوص بعد الحكم بعدم دستورية النص يشوه التشريع بوجود نصوص لا محل لها ولا معنى لها. وهذا قد يسئ إلى الحكم بعدم الدستورية ذاته إذ يؤدي ليس فقط إلى عدم تطبيق النص، وإنما يؤدي في نفس الوقت إلى أن يصبح التشريع المتبقي مشوهًا، حيث يتضمن نصوصًا غير قابلة للتطبيق.

ولكن ما هو السبيل لذلك. فلا يملك الحكم بعدم دستوريتها تبعا لعدم دستورية النص المقضي بعدم دستوريته. فهذا أمر خطير من حيث إن ابتداع عدم الدستورية التبعية قد يمثل افتئاتًا على السلطة التشريعية بالتوسع في نطاق عدم الدستورية.

18 – ومن هنا ظهرت عبقرية القاضي الدستوري بالاهتداء بل وابتداع فكرة السقوط. وهي تمثل مرحلة وسط بين عدم الدستورية وبين استبقاء النص. فالنص الساقط يرتكز على النص غير الدستوري، وفقد بالتالي أساسه وركيزته وسبب وجوده saraion d’être، فهو ساقط عملاً. والحكم بسقوطه هو إعلان لواقع قائم ولا يضيف جديدًا.

وبهذا يحتفظ التشريع بنقائه بعد الحكم بعدم الدستورية حيث لا يظل باقيًا في التشريع النصوص التي فقد مجال إعمالها ومن ثم سقطت فعلاً.

كما أن المحكمة الدستورية لم تعول على تدخل المشرع

بعد الحكم بعدم دستورية نص، ليعدل التشريع ويستبعد النصوص التي أصبح لا محل لها. فقد حرصت المحكمة على أن يكون الحكم بعدم الدستورية قابلاً للإعمال أصلاً ومايرتبط به دون ضرورة لتدخل المشرع.

وأن يكون التشريع نقيًا واضحًا في نصوصه بعد إعمال الحكم بعدم الدستورية، مرتبًا آثاره دون حاجة لتدخل تشريعي لاحق قد يتحقق أو لا يتحقق، بل قد يتحقق بما لا يتفق مع الحكم بعدم الدستورية.

فقد حرصت المحكمة على أن يكون الحكم قائمًا بذاته شاملاً مضمونه وآثاره مانعًا لأي خلاف في نطاقه، ومن حيث ما تبقى من التشريع بعد الحكم بعدم دستورية نص وما سقط تبعًا لذلك.

فالقاضي الدستوري لا يملك إلغاء نص تشريعي، ولا أن يقضي بعدم دستورية نص غير مشوب في حد ذاته بعدم الدستورية، ولهذا لا يسعه إلا أن يقرر سقوط نص زال سبب وجوده وكل مجال لإعماله بعدم دستورية نص يرتكز عليه.

كما لا يملك الحكم بعدم الدستورية إلا بالنسبة للنص المطعون بعدم دستوريته فقط. ولا يجوز له بالتالي أن يقضي بسقوط كل نص يرتبط بالنص المقضي بعدم دستوريته في أي قانون.

19 – ولقد فضلت المحكمة اللجوء إلى فكرة السقوط عن أن تأخذ بعدم الدستورية التبعية فسلطة المحكمة تقتصر على مراقبة دستورية القوانين والحكم بعدم دستورية أي نص يخالف الدستور. فالرقابة تنصب على النص غير الدستوري وحده.

وعدم الدستورية بالتبعية يعني التوسع في نطاق عدم الدستورية بما يتجاوز النص غير الدستوري ويثير شبهة تجاوز المحكمة لسلطاتها، فعدم الدستورية التبعية يعتبر ضربًا من ضروب عدم الدستورية ويمس في نفس الوقت نصًا لا يعتبر بذاته غير دستوري.

كما أن المحكمة ارتأت أن السكوت عن مصير تلك النصوص المرتبطة بالنص غير الدستوري قد يفسر على أن هذه النصوص تعتبر غير دستورية ضمنًا أسوة بالإلغاء الضمني للتشريع.

والسكوت يعني وجود النص ويثير في نفس الوقت صعوبة تفسير وتحديد نطاق عدم الدستورية.وهل عدم الدستورية تكون ضمنية كما تكون صريحة، وهو توسع قد يكون غير مقبول مراعاة لحدود سلطة المحكمة الدستورية ، كما أن خلافًا لابد وأن يثور عن المشمول ضمنًا بعدم الدستورية من عدمه.

رابعاً : أنواع النصوص التى يطالها السقوط:

والنص الساقط قد يكون نصا متضمنا لحكم موضوعى وقد يكون نصَّا اجرائيا.

20 –ففي مجال قوانين إيجار الأماكن قضت المحكمة بعدم دستورية ما جاء في الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن امتداد عقد الإيجار إلى شركاء المستأجر الأصلي في استعمال العين.

وقضت بسقوط الفقرة الثالثة بشأن ما جاء فيها من إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار إلى شركاء المستأجر الأصلي الذين يباشرون ذات النشاط التجاري أو الصناعي أوالمهني أو الحرفي.

فالسقوط يتعلق بحكم موضوعي وهو إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار للشركاء. فإذا قضي بعدم دستورية الامتداد للشركاء فلا محل لهذا الإلزام ويفقد أساس وركيزة وجوده ومن ثم يسقط. فيجب أن يخلو التشريع من أي نص أو حكم لم يعد هناكأى مجال لتطبيقه. فالنص الساقط فقد سند وجوده وهو النص الذي قضي بعدم دستوريته. ([18])

21 – وهناك حالات للسقوط تتعلق بنص إجرائي.ففيما يتعلق بقانون الضريبة على الاستهلاك قضت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 133 لسنة 1981 فيما يتعلق بتخويل رئيس الجمهورية بتعديل جدول الضريبة المرافق للقانون،

فقد نصت بالإضافة لذلك بسقوط النصوص المرتبطة بهذه الفقرة التي تتعلق بوجوب عرض رئيس الجمهورية لقراره بتعديل جدول الضريبة على السلطة التشريعية خلال ميعاد معين وكذلك جزاء رفض السلطة التشريعية لقرار رئيس الجمهورية.

فهذه النصوص الأخيرة تنظم إجراءات تنفيذ رئيس الجمهورية لسلطته في التعديل وبالتالي تسقط بعدم دستورية منح رئيس الجمهورية سلطة التعديل السابق الإشارة إليها.

خامسًا: أحكام السقوط وفقًا لقضاء المحكمة الدستورية العليا:

22 – واللجوء إلى السقوط أعطى المحكمة تأصيلاً متميزًا لمواجهة مصير النصوص المرتبطة بالنص المطلوب الحكم بعدم دستوريته، التي لم يطلب عدم دستوريتها.

فقد قضت المحكمة بأن

طلب السقوط لا يعتبر طلبًا جديدًا منبت الصلة بما دفع به أمام محكمة الموضوع وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا فيما لو قضت بعدم دستورية نص معين،

ورتبت السقوط للمواد الأخرى المرتبطة به ارتباطًا لا يقبل التجزئة. وهو أمر تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها حتى لو لم يطلبه الخصوم ([19])

وبهذا تغلبت المحكمة على العقبة المتمثلة في أنالخصوم لم يطلبوا أمام محكمة الموضوع عدم دستورية هذه المواد الساقطة. فلو كان الأمر يتعلق بعدم دستورية هذه المواد لكان من الضروري مراعاة طلب الخصوم ذلك.

كما واجهت المحكمة بذلك واقع أن هذه النصوص في حد ذاتها قد لا تكون مشوبة بعيب عدم الدستورية وخصوصًا إذا كانت نصوصًا إجرائية ليس فيها ما يخالف الدستور. وكل ما هنالك أنها فقدت فاعليتها بفقدان ركيزتها المتمثلة في النص المقضي بعدم دستوريته.

23 – كما أن السقوط أتاح للمحكمة أن تقضي بسقوط النص في نطاق ما قضي به من عدم الدستورية مع استبقائه خارج هذا النطاق. وبالتالي فإن السقوط يكون جزئيًا للنص من حيث نطاق تطبيقه في حالات مرتبطة بالنص المقضي بعدم دستوريته مع إعماله خارج هذا النطاق ([20]).

أما لو لجأت المحكمة إلى عدم دستورية النص المرتبط بالنص المقضي بعدم دستوريته لما أمكن استبقاء النص الأخير في حالات أخرى. فالنص إما أن يكون دستوريًا أو غير دستوري فعدم الدستورية لا تتجزأ أو لا تتوزع بحسب نطاق تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته([21])

فالمحكمة تقضي بسقوط ما يتصل بالمادة المقضي بعدم دستوريتها فقط ([22])فالنص الساقط يفقد فاعليته في حدود ما قضي به من عدم الدستورية، فعدم فاعلية النص على أثر الحكم بعد دستوريته يمتد إلى النص الساقط تبعًا لذلك وفي نفس الحدود.

24 – السقوط لا يتقرر إلا بحكم من المحكمة الدستورية العليا، فهي وحدها المنوط بها تحديد ما يسقط من نصوص تبعًا للحكم بعدم دستورية نص معين. ولا يجوز أن تقضي بسقوط كافة النصوص التي قد ترتبط بالنص المقضي بعدم دستوريته في تشريع أو تشريعات ([23])

فأثر السقوط هو عدم إعمال النص الساقطوهذا يستلزم تحديد تلك النصوص وهو ما تملكه المحكمة وحدها.  فما لا يتقرر سقوطه يظل موجودُا قائمًا قابلاً للتطبيق.

وما يتقرر سقوطه لتعذر تطبيقه لفقده ركيزته يتحدد في ضوء النص المقضي بعدم دستوريته وهو ما تملكه المحكمة الدستورية العليا دون غيرها. فهي وحدها التي تحدد النص غير الدستوري وما يرتبط به من فروع، فالأول لا يجوز تطبيقه، والثاني أي الفروع تسقط.

وتنشر النصوص الساقطة في الجريدة الرسمية مع نشر الحكم وما يتضمنه المنطوق من تحديد للنص المقضي بعدم دستوريته، وتحديد للنصوص الساقطة بالتبعية.

ولما كان الساقط كالمعدوم فلا محل لتطبيق هذه النصوص([24]).

وتحرص المحكمة على أن تحدد بدقة ما يسقط من التشريع، فهي تحدد ما يسقط من نص معين متى كان النص يتعلق بمسائل أخرى لا تتصل بالحكم المقضي بعدم دستوريته. فالمحكمة تحرص على ألا تترك مجالاً للاجتهاد في تحديد ما سقط من نص وإنما تحدده بنفسها وبدقة.

25 – أما عن تاريخ سقوط النص فهو نفس تاريخ عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته. فقد يكون بأثر رجعي، وقد يكون بأثر مباشر من تاريخ اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية. وقد يكون بأثر مستقبل إذا ما حدد الحكم تاريخًا لاحقًا لتاريخ النشر لسريان الحكم بعدم الدستورية وعدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته.

26 – وبناء عليه يمكن تعريف السقوط في مفهوم قضاء المحكمة الدستورية العليا بأنه فقد النص التشريعي المرتبط بالنص المقضي بعدم دستوريته لفاعليته تبعًا لانهيار الركيزة التي يقوم عليها وهو النص المقضي بعدم دستوريته.

فهو ليس بطلانًا ولا انعدامًا فهو صحيح في حد ذاته وإنما شلت فاعليته بانهيار الركيزة التي يقوم عليها نتيجة عدم دستورية ركيزته المتمثلة في النص الدستوري الذي قضي بعدم دستوريته.

وعدم الدستورية يقتصر على النص المقضي بعدم دستوريته، أما النص الساقط فلا يوجد ما يمس دستوريته في حد ذاته. وإنما هو يسقط أى يفقد فاعليته وسبب وجوده وهو النص المقضي بعدم دستوريته.

27 -ومما يلفت النظر أن فكرة السقوط بالمعنى السابق قد عرفها قضاء النقض أحيانًا في عبارات صريحة، وأحيانًا أخرى طبقت الفكرة دون استخدام الاصطلاح. بل أن فكرة السقوط داعبت فكر الفقه الفرنسي في القانون الخاص ووصل الأمر إلى تقنين السقوط في تعديل القانون المدني الفرنسي في سنة 2016.

ولقد كان لقضاء المحكمة الدستورية العليا الفضل في التنبيه إلى فكرة السقوط وإن كان في مجال النص التشريعي، إلا أنه لفت الانتباه إلى العبارات التي جاءت عرضًا أو عمدًا في القضاء المدني المصري وكتابات الفقه التي دعت إلى بحث هذا الموضوع ومدى إمكانية الربط بين سقوط التشريع وسقوط التصرف القانوني وما قد يقوم بينهما من صلة أو فوارق.

المبحث الثاني سقوط التصرف القانونى

سقوط التشريع

28 –وردت عبارة السقوط في ثنايا القانون المدني، مثل سقوط الشفعةفى المادة 948، والفارق بين مدد التقادم ومدد السقوطالتىلايرد عليها الوقف أو الإنقطاع، وسقوط الحق في طلب إبطال العقد طبقًا للمادة 140/1 وسقوط دعوى البطلان طبقًا للمادة 141، وفى كتابات الفقة جاءتأحيانا عبارة السقوط بشأن سقوط الإيجاب .

وغني عن البيان أن كلمة السقوط في هذه الحالات لم تكن سوى تعبير لغوي، أما المدلول القانوني فهو مختلف فى كل حالة عن الأخرى. ويؤكد هذا النص الفرنسي للقانون المدني([25]) فسقوط الشفعة يُقصد بها أساسا حالات النزول عن الشفعة أو الحرمان من الشفعةLadéchéance وهو نفس ترجمة كلمة مدة السقوط. ويقصد بالسقوط في المادتين140، 141 التقادم (La prescription) أما السقوط في الإيجاب فهو La caducité.

والسقوط المقصود في هذه الدراسة هو المعنى الأخير أي caducité وقد لجأ بعض الفقه إلى ترجمة هذه الكلمة بانعدام الأثر منعًا للبس. أما  محكمة النقض فقد استعملت عبارة السقوط في الحالات التي اعتبرت سقوطًا بمعنى Caducité.

والسقوط لا يختلط بإلغاء التشريع فبالرغم من أن حالات إلغاء التشريع قد وردت في المادة الثانية من القانون المدني، إلا أن سلطة الإلغاء لا يملكها سوى المشرع وما جاء في المادة المذكورة يتعلق بإلغاء التشريع في إطار تحديد مصادر القانون.

ولهذا فإن السقوط الذي نتعرض له بالدراسة في إطار القانون المدني هو الذي يتعلق بالتصرفات القانونية.

29 -عرف الفقه الفرنسي سقوط التصرف القانوني([26])على النحو التالي: يكون التصرف ساقطًا (أو عديم الأثر)، بقوة القانون ودون أثر رجعي، إذا نشأ صحيحًا تماما، ولكن قبل أن يرتب آثاره القانونية، فقد عنصرا أساسيًا لصحته نتيجة حدوث واقعة لاحقة على نشأته  ومستقلة عن إرادة طرفيه”.

ويواجه هذا التعريف صورة التصرف القانوني البسيط أو الواحد وليس التصرفات المتعددة.

أما القانون المدني الفرنسي فقد واجه السقوط في صورتين، فقد نصت المادة 1186 من القانون المدني الفرنسي المعدلة في 2016 التي بموجبها قننت فكرة السقوط على أنه يسقط العقد الذي نشأ صحيحًا بزوال أحد عناصره الأساسية،

وعندما يكون تنفيذ عدة عقود ضروريًا لإنجاز نفس العملية فإن زوال  أحدها يؤدي إلى سقوط العقود التي أصبح تنفيذها مستحيلاً بسبب هذا الزوال، وكذلك العقود التي كان تنفيذ العقد الزائل بالنسبة لها شرطًا حاسمًا لرضا أحد الأطراف، غير أن السقوط لا يقع إلا إذا كان المتعاقد الذي تم التمسك في مواجهته به على علم بوجود العملية بمجملها عندما أبدى موافقته.

أما المادة 1187 فقد أوضحت أن السقوط يؤدي إلى إنهاء العقد أى أنه لا يقع بأثر رجعي.

30 -ولسنا بصدد عرض القانون المدني الفرنسي وإنما تنصب دراستنا على القانون المصري، والاستعانة بالقانون الفرنسي قصد بها تحديد المقصود بالسقوط في القانون المدني عامة للتعرف على موقف القانون المصري.

يتضح مما سبق أن السقوط يثور في صورتين. الصورة الأولى: السقوط في التصرف القانوني الواحد أو البسيط. والصورة الثانية السقوط في التصرفات القانونية المرتبطة أو المركبة وندرسهما من خلال الفقه والقضاء المصري.

المطلب الأول السقوط في التصرف القانوني البسيط

31 – نقصد بالتصرف البسيط التصرف الذي لا يرتبط بتصرف آخر بحيث يمكن أن يتساندان.

ولقد بلورت المادة 1186/1 من القانون المدني الفرنسي فكرة السقوط في العقد البسيط بأنه العقد الذي ينعقد صحيحًا، لا يشوبه أي سبب للبطلان، ثم زال أو فقد أحد عناصره الأساسية، ففي هذه الحالة يسقط العقد برمته. ([27])

ويمكن القول أن العناصر الأساسية للعقد تشمل في مفهوم القانون المدني المصري الرضا والمحل والسبب. ولقد جاء اصطلاح العناصر أو المسائل الجوهرية في المادة 95 من القانون المدني المصري بشأن انعقاد العقد متى تم الاتفاق على جميع المسائل الجوهرية([28]). وهي تشمل بدورها الرضا والمحل والسبب.

وندرس أثر زوال الرضا أو الأهلية في سقوط العقد ، كذلك أثر زوال السبب وأخيرًا زوال المحل فى ظل القانون المدنىالمصرى.

الفرع الأول سقوط الإيجاب

32 –لم تكن فكرة السقوط غائبة عن نصوص القانون المدني المصري، فالفقه في مجموعه وعلى رأسه السنهوري يحدد حالات سقوط الإيجاب([29]). فالإيجاب يسقط في حالتين،

الأولى أن يرفض الإيجاب من قبل من وجه إليه فيسقط حتى لو لم تنقض المدة التي يكون فيها ملزمًا.

والحالة الثانية أن تنقضي المدة التي يكون الإيجاب فيها ملزمًا وينتهي الإلزام.

وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني أنه “يظل الموجب مرتبطًا بإيجابه في خلال الميعاد المحدد للقبول متى حدد له ميعاد سواء في ذلك أن يصدر الإيجاب لغائب أو لحاضر. فإذا انقضي الميعاد ولم يصل القبول فلا يصبح الإيجاب غير لازم فحسب بعد أن فقد ما توافر له من الإلزام، بل هو يسقط سقوطًا تامًا.

وهذا هو التفسيرالمعقول لنية الموجب، فهو يقصد ألا يبقى إيجابه قائمًا إلا في خلال المدة المحددة مادام قد لجأ إلى التحديد. وقد يتصور بقاء الإيجاب قائمًا بعد انقضاء الميعاد لو أنه يصبح غير لازم. ولكن مثل هذا النظر يصعب تمشيه مع ما يغلب في حقيقة نية الموجب”([30]) والذي يهمنا هو أننا بصد ما يسمى بالسقوط سقوطًا تامًا للإيجاب([31]).

وفي شرح المادة 1186 من القانون المدني الفرنسي يلجا الفقه الفرنسي إلى تطبيق السقوط على سقوط الإيجاب. فالإيجاب إذا زال أو اختفي عنصر أساسىلوجوده، يتمثل في إرادة الموجب، فإنه يسقط.

فإن كان الإيجاب محدداً بمدة فإذا انقضت المدة دون أن يتلقى الموجب قبولاً فإن الإيجاب يسقط. ويسقط الإيجاب كذلك إذا فقد الموجب أهليته حيث يترتب على ذلك اختفاء إرادة الموجب ويسقط الإيجاب كذلك في حالة وفاة الموجب ([32]).

فالإيجاب تصرف بالإرادة المنفردة يرتكز على إرادة الموجب فإذا اختفت الإرادة سقط الإيجاب.

33 – وطبقًا للمادة 92 من القانون المدني المصري إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره، فإن ذلك لا يمنع من ترتيب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه، هذا إذا لم يّبينَلم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل.

ومفاد ذلك أنه إذا تبين العكس فإن موت الموجب أو فقده لأهليته يؤدي إلى أن يفقد التعبير أثره. ونلاحظ أن فقدان الأثر أي انعدامه هو تعبير مرادف للسقوط.

كما أن النص الفرنسي للمادة 92 استعمل كلمة éfficace أي أن التعبير الصادر لا يفقد فاعليته. والفقه الفرنسي يعبر عن السقوط بأن غياب العناصر الأساسية يفقد العقد فاعليته.

فعلى هذا يمكن القول أن فكرة السقوط أو فقدان الفاعلية لم تكن غائبة عن المشرع المصرى وإن كان لم يستخدم الاصطلاح مباشرة.

الفرع الثاني أثر زوال السبب

34 – إذا انعقد العقد صحيحًا فلا محل للبطلان بعد ذلك فإذا زال سبب العقد بعد أن كان متوافرًا فإن ذلك لا يؤثر على صحة العقد.

ولقد قضت محكمة النقض في حكم يمكن أن يوصف بأنه شهير، بأن هدايا الخطبة من قبيل الهبات، والخطبة هي السبب في هذا النوع من الهبات وفسخ الخطبة لا يؤدي إلى انعدام السبب بعد أن تحقق. ولهذا تبقى الهبة صحيحة قائمة رغم العدول عن الزواج([33])

35 – أما طبقًا للمادة 1186 من القانون المدني الفرنسي والمعدلة في سنة 2016 فإن السقوط يتقرر جزاء اختفاء عنصر أساسي من العقد، بعد انعقاده، فالسقوط يختلف عن البطلان في أن سبب البطلان يكون معاصراللتعاقد، أما السقوط فيكون بسبب لاحق لانعقاد العقد([34]).

فإن زال ما يُسمى طبقًا لتعديل القانون المدني الفرنسي في سنة 2016 عنصر أساسي من العقد، فإن العقد يسقط، وذلك بالرغم من توافر هذا العنصر عند انعقاد العقد .

ففي السقوط يكون العقد قد نشأ صحيحًا، ومن ثم لا محل للبطلان، ولكنه فقد العقد أحد عناصره الأساسية بعد انعقاده. وهنا يظهر السقوط كجزاء، ويزول التصرف القانوني اعتبارًا من تاريخ اختفاء هذا العنصر الأساسي.

36 – وبمقارنة ما استقر عليه قضاء محكمة النقض المصرية وما جاء في المادة 1186 من القانون المدني الفرنسي يتضح لنا أن القواعد العامة في القانون المصري لا تسمح بسقوط العقد إذا زال السبب. فوجود السبب يجب أن يقدر وقت انعقاد العقد فقط([35]).

الفرع الثالث أثر زوال محل الالتزام

37 –وتبرز فكرة السقوط كذلك في مجال انقضاء عقد الإيجار إذا هلك المحل، فتنص المادة 569 من القانون المدني على أنه إذا هلكت العين المؤجرة أثناء الإيجار هلاكًا كليًا انفسخ العقد.

فمما يلاحظ أن المشرع قد استخدم اصطلاح انفساخ العقد. وطبقًا للقواعد العامة فإن الانفساخ يكون في حالة ما إذا كان عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي. وانقضاء العقد طبقًا لهذه المادة يكون في حالة هلاك المحل أيا كان سبب الهلاك، خطأ الدائن، خطأ المدين، قوة قاهرة. ولهذا فإن اصطلاح الانفساخ لا يصادف صحيح الاصطلاحات المستقرة.

وهنا يقفز إلى الذهن فكرة السقوط إذا كان الهلاك لغير سبب أجنبي، وهو ما يذهب إليه الفقه الفرنسي في إطار المادة 1186 من القانون المدني. فزوال المحل أو زوال السبب باعتبارهما من العناصر الجوهرية الأساسية للعقد يؤدي إلى سقوط العقد.

فإن كان المشرع المصري قد استخدم اصطلاح الانفساخ في غير محله ولم يستخدم اصطلاح  السقوط لأن هذا الاصطلاح لم يكن قد تبلور وقت صدور القانون المدني المصري. ومن ثم فقد يقصد المشرع السقوط بمعناه الاصطلاحي الحديث.

38 – وفي إطار القانون المصري فإن زوال السبب يختلف عن زوال أو هلاك المحل من حيث أن هلاك المحل بعد انعقاد العقد، في الإيجار، نظمت أحكامه بموجب المادة 569، أما زوال السبب فإنه يخضع للقواعد العامة، وكذلك هلاك المحل في غير عقود الإيجار([36]).

وبإجراء المقارنة بين البطلان وهذه الصورة للسقوط يتضح أن العقد لم ينعقد صحيحًا في حالات البطلان، أما في السقوط فإن العقد نشأ صحيحًا مكتمل الأركان وحدثت واقعة بعد ذلك أدت إلى زوال أحد أركانه.

والصورة السابقة تقوم على زوال أو اختفاء ركن من أركان العقد بعد إبرامه صحيحًا، ولا تقوم على فكرة الارتباط أو عدم التجزئة بين عدة عقود. أما الصورة الثانية للسقوط فإنها تتعلق بعقود مرتبطة وهي تمس أساسا تنفيذ العقد وليس انعقاده أو صحته

المطلب الثاني السقوط في التصرف القانوني المركب

ونقصد بفكرة السقوط فى هذه الحالة أن يكون تنفيذ عدة عقود ضروريًا لإنجاز العملية العقدية أو نفس العملية ثم زال أحد هذه العقود فما هو أثر ذلك على باقي العقود، فهل يؤدي ذلك إلى سقوطها وما هى شروط ذلك؟

أثيرت هذه المسألة في القضاء المصري في حالتين ندرسهما فيما يلي:

الفرع الأول سقوط الشرط الجزائي في حالة فسخ العقد

39 – يتمثل التصرف القانوني المركب في أن الشرط الجزائي يعتبر اتفاقًا في حد ذاته سواء ورد في صلب العقد أو في اتفاق مستقل. فالشرط الجزائي في انعقاده وصحته يستقل عن شروط انعقاد وصحة العقد الأصلي، فهو عقد يتضمن اتفاقًا على الشرط الجزائي([37]).

وإستقر قضاء محكمة النقض على أنه إذا قضي بفسخ العقد فإن الشرط الجزائي الذي يتفق عليه جزاء عدم تنفيذ الالتزام يسقط بفسخ العقد.فقد قضت بأن الشرط الجزائي التزام تابع للالتزام الأصلي إذ هو اتفاق على جزاء الإخلال بهذا الالتزام، فإذا سقط الالتزام الأصلي بفسخ العقد سقط معه الشرط الجزائي، ولا يتم التقيد بالتعويض المقدر بمقتضاه فإن استحق الدائن تعويضًا تولى القضاء تقديره وفقًا للقواعد العامة([38])

40 –وسقوط الشرط الجزائي يشمل جميع حالات انقضاء العقد المتضمن للشرط ([39])فالقاعدة في قضاء محكمة النقض أنه إذا فسخ العقد أو انقضي بالتقايل فإن الشرط الجزائي يسقط.

وإذا أبطل العقد فيذهب الفقه الفرنسي إلى أن بطلان الالتزام الأصلي يؤدي إلى سقوط الشرط الجزائي وليس بطلانه. ففي حالة بطلان الالتزام الأصلي لا يبطل الشرط الجزائي الذي نشأ صحيحًا وإنما بسبب واقعة لاحقة على انعقاده وهي بطلان الالتزام الأصلي يفقد كل فاعلية له بزوال العقد الذي وجد لضمان تنفيذه ([40])

و الشرط الجزائي وجد لضمان تنفيذ الالتزام الأصلي، فإذا فسخ أو أبطل الالتزام الأصلي فقد الشرط الجزائي سند وجوده. الذي يرتكز عليه، والذي وجد من أجل أن يضمن تنفيذه، ومن ثم فإنه يسقط.

فالشرط الجزائي لا يبطل ولا يفسخ وإنما يسقط وهوما يعبر عن فكرة السقوط بنفس مفهومها في القانون المدني الفرنسي([41]).

كما يلاحظ أن تقدير التعويض في الشرط الجزائي ليس هو السبب في استحقاق التعويض وإنما ينشأ الحق في التعويض عن عدم تنفيذ الالتزام أو التأخير في تنفيذه([42])

 فالشرط الجزائي في جوهره ليس إلا مجرد تقدير اتفاقي للتعويض الواجب أداؤه، فلا يعتبر بذاته مصدرًا لوجوب هذا التعويض، بل للوجوب مصدر أخر قد يكون التعاقد في بعض الصور، وقد يكون العمل غير المشروع في صورة أخرى([43])

41 – ولهذا إذا زال الالتزام الأصلي أو الاتفاق الذي يضمن الشرط الجزائيتنفيذه سقط الشرط الجزائي.

وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بالسقوط حتى ولو لم يطلبه الخصوم وذلك على خلاف ما هو مقرر بشأن تعديل الشرط الجزائي. فالسقوط يتقرر لمجرد فقدان الشرط لركيزته المتمثلة في الالتزام الذي وجد لضمانه.

الفرع الثاني سقوط عقد الوكالة في حالة فسخ البيع

42 -تجدر الإشارة إلى أن فكرة السقوط تجد صداها في مجال العقود التبعية. ففي عقد الكفالة تنقضى الكفالة بانقضاء الالتزام الأصلي. والتكييف الدقيق هو سقوط الكفالة إذا تم الوفاء بالدين الذي وجدت لضمانه. فعقد الكفالة يرتكز على عقد المديونية بين الدائن والمدين، والكفيل ليس طرفًا في هذا العقد([44]) فالوفاء بالالتزام يؤدي لسقوط الكفالة قبل تفعيلها، ورغم انعقادها صحيحة.

43 -لجأت محكمة النقض إلى إعمال فكرة السقوط دون أن تستخدم ذلك الاصطلاح وذلك بصدد سقوط العقد وذلك في موضوع يتمتع بأهمية عملية كبيرة.

فذهبت محكمة النقض

إلى ما أسمته الفسخ بالتبعية. فقد قضت في دعوى تتلخص وقائعها في أن

البائع أصدر توكيلاً للمشتري بالبيع للنفس أو للغير وذلك عقب سداد مقدم الثمن والتزامه بسداد الباقي وحرر إقرارًا مستقلاً بذلك. أخل المشتري بهذا الالتزام في الأجل المحدد، فوجه له البائع إنذارًا بفسخ العقد، وثبت أن المشتري لم يسدد باقي الثمن وعدم تمام البيع،

وطلب البائع الموكل إلغاء التوكيل. ولكن محكمة الاستئناف رفضت ذلك على سند من عدم جواز إلغاء تلك الوكالة الصادرة لصالح الوكيل إلا باتفاق الطرفين.

ونقضت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف على سند من القول بأنه “يبين بجلاء أن إرادة الطرفين الحقيقية قد اتجهت لإبرام تلك الوكالة بقصد إتمام البيع ومن ثم فإن التوكيل لا يعد عقدًا مستقلاً بين الطرفين عن ذلك البيع بل تابعًا له ويدور في فلكه وجودًا وعدمًا

ومن ثم يضحى التكييف الصحيح للطلبات المطروحة في الدعوى أنها بطلب فسخ تلك الوكالة لعدم إبرام البيع لعدم سداد باقي الثمن مما يجيز له طلب إنهاء الوكالة بطلب فسخها لإخلال أحد المتعاقدين بالتزامه. ([45])

ولما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها فقد قضت المحكمة بأنه متى كان من الثابت أن البيع لم يتم بإقرار المشتري الوكيل ويكون بالتالي قد أخل بالتزامه بإجراء البيع في الموعد المحدد طبقًا لعقد الوكالة مما يحق معه للبائع الموكل طلب فسخ هذه الوكالة.

فقد اعتبرت محكمة النقض أن عقد الوكالة جزء لا يتجزأ من عقد البيع  وأن الوكالة تمت بقصد إتمام إجراءات ذلك البيع دون غيره. فهي وكالة من البائع للمشتري في إتمام إجراءات البيع الذي إبرم بينهما وليس مجرد وكالة بالبيع للنفس وللغير دون تحديد لأى بيع. فإذا فسخ البيع فسخت الوكالة بالتبعية.

وإذا كان الفسخ قد لحق بالبيع فإن من الدقيق القول بأن الوكالة قد سقطت بفسخ البيع، وليس فسخ الوكالة لأن إخلالاً بعقد الوكالة لم يثبت أو يقع.

فالفسخ بالتبعية في هذه الحالة هو سقوط للوكالة بزوال البيع الذي قامت من أجله واستندت إليه. وعلى حد تعبير المادة 1186 من القانون المدني الفرنسي ينعدم أثر العقد ويسقط إذا كان تنفيذ العقد الزائل أي الذي فسخ شرطًا حاسمًا لرضا أحد الأطراف بالعقد أي بعقد الوكالة في المسألة محل الدراسة.

وإذا كان الارتباط وثيقًا بين عقد البيع وعقد الوكالة فإن زوال البيع سواء بالفسخ أو بالبطلان يؤدي إلى سقوط الوكالة وكذلك لو تم الاتفاق على التقايل في البيع فإن نفس الأثر يلحق الوكالة أي تسقط

فالتبعية بين البيع والوكالة لا تعني أن فسخ البيع أو بطلانه يؤدي إلى فسخ الوكالة أو بطلانها وإنما إلى زوال الوكالة أو سقوطها بفسخ البيع أو بطلانه.

ولما كان الارتباط هو أساس فكرة السقوط، فقد لجأت محكمة النقض إلى إعمالها دون استخدام اصطلاح السقوط.

44 – ومن جماع ما سبق يتضح أن القانون المدني وقضاء محكمة النقض قد عرفا فكرة السقوط المتمثلة في سقوط التصرف متى زالت الركيزة التي قام عليها.

والفكرة الأساسية التي يقوم عليها السقوط أن عقد نشأ صحيحًا ولكنه يرتكز (في وجوده أو تنفيذه) على عقد آخر يمثل له الأساس والركيزة التي يقوم عليها. فإذا زال العقد الساند سقط العقد المرتكز عليه.

المبحث الثالث تأصيل السقوط في القضاء الدستوري والقضاء المدني

فكرة السقوط

45 –إستلزمت المحكمة الدستورية العليا لتبرير سقوط النص التشريعي أن يرتبط ارتباطًا لا يقبل التجزئة بحيث لا يمكن فصله أو تطبيقه استقلالاً عن النصالمقضى بعدم دستوريته، ولا تقوم له من بعد من قائمة.السقوط يكمن إذن في فكرة عدم التجزئة.

أما محكمة النقض فقد بررت سقوط الشرط الجزائي بفسخ العقد بأن الشرط الجزائي تابع ويسقط بفسخ العقد، أي بأن الفرع يتبع الأصل. كما أنها لجأت إلى أن الفرع يتبع الأصل بالنسبة لتبعية التوكيل لعقد البيع وإن استعملت الفسخ بالتبعية.

وبهذا فإن المحكمة الدستورية العليا استندت إلى عدم التجزئة لتبرير السقوط، أما محكمة النقض قد لجأت إلى قاعدة أن الفرع يتبع الأصل.

وإن كانت الفكرتان تتقاربان فإنهما لا يتطابقان.

46 –لم تلجأ المحكمة الدستورية إلى قاعدة أن الفرع يتبع الأصل لأن النصوص التشريعية في مرتبة واحدة، أي أن النص غير الدستوري من نفس مرتبة النص المقضي بسقوطه، فليس أحدهما أصل والآخر فرع للأصل. وإنما هما من نفس المرتبة وإن كان لكل منهما دوره. والصحيح أنهما مرتبطان بحيث لا يمكن على حد تعبير المحكمة فصلهما.

وهذا يختلف بطبيعة الحال عن تدرج التشريعات إلى تشريع أساسي وتشريع عادي وتشريع فرعي فالسقوط يتعلق – بصفة أصلية – بنصوص من نفس المرتبة التشريعية للنص المقضي بعدم دستوريته.

47 – أما في مجال التصرفات القانونية فإن الالتزامات ليست جميعًا في مرتبة واحدة، بل هناك على حد تعبير المادة 95 من القانون المدني التزامات جوهرية أو رئيسية، والتزامات ثانوية أو تفصيلية. فيكفي لانعقاد العقد الاتفاق على المسائل الجوهرية

وتأجيل الاتفاق على المسائل التفصيلية. وكذلك  بالنسبة للفسخ القضائي فإن الفسخ يكون جزاء الإخلال بالتزام جوهري، فقد قضت محكمة النقض بأن إخلال المدين في تنفيذ التزاماته كليًا أو في التزام جوهري منها يبرر الفسخ ([46])

48 – وعدم التجزئة تجد أساسها في المادة 300 من القانون المدني بشأن الالتزام غير القابل للتجزئة. فتنص هذه المادة على أن “يكون الالتزام غير قابل للانقسام (أ) إذا ورد على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم (ب) إذا تبين من الغرض الذي رمي إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسمًا، أو إذا انصرفت نية المتعاقدينإلى ذلك”. والأصل في الالتزام قابليته للانقسام([47]).

فعدم القابلية للانقسام تقوم على معيار موضوعي أو معيار شخصي، والمعيار الموضوعي يتمثل في عدم قابلية المحل للتجزئة بحسب طبيعيته.ويدخل تحت هذا المعيار النصوص التشريعية التي ترتبط ارتباطًا لا يقبل التجزئة

بالنص المقضي بعدم دستوريته. فعلى حد تعبير المحكمة الدستورية النصوص الساقطة هي تلك التي لا يتصور وجودها دون النص المقضي بعدم دستوريته ولا يمكن تطبيقها استقلالاً أو فصلها عن النص المقضي بعدم دستوريته.

أما بالنسبة للعقود المترابطة التي تستهدف تحقيق مشروع أو عملية واحدة فإن معيارها الأساسيشخصى يكمن في الغرض الذي رمى إليه المتعاقدان. ويستخلص ذلك من تعاصر إبرام العقود، وشخصية المتعاقدين وترابط الالتزامات والهدف الاقتصادي أو وحدة المشروع، ومن أهم ما يؤخذ في الاعتبار ما يترتب على اختفاء عقد من العقود من تعذر تنفيذ العقد المرتبط به.

وعدم الانقسام وفقًا لما تتجه إليه نية المتعاقدان يستخلص من كافة الظروف مثل التوكيل الذي يعطيه البائع للمشتري فهو يرتبط في نية المتعاقدين بتنفيذ البائع لإلتزاماتة.

وفكرة الارتباط بين الالتزامات في العقود الملزمة للجانبين هي أساس الدفع بعدم التنفيذ والفسخ القضائي.

49 – وعدم التجزئة أو الارتباط في مجال سقوط النص التشريعي المرتبط بالنص المقضي بعدم دستوريته هو ارتباط ارتكاز، بمعنى أن النص الساقط يرتكز على النص المقضي بعدم دستوريته. فإذا ما قُضي بعدم دستورية النص الساند أو النص الركيزة سقط النص الذي يرتكز عليه.

50 – أما محكمة النقض فقد استندت في تأصيل سقوط الشرط الجزائى إلى أن الفرع يتبع الأصل.

ولقد أقرت محكمة النقض قاعدة أن الفرع يتبع الأصل وطبقتها في العديد من الأحكام

فقضت بأن النشر في الجريدة الرسمية يغني عن إعلان المرسوم المطعون فيه. فإذا رفع الطعن بعد مضي 30 يومًا من تاريخ نشر المرسوم في  الجريدة الرسمية  كان الطعن غير مقبول شكلاً، ولا يغير من ذلك أن القرارات المكملة للمرسوم لم تنشر ولم تعلن إذ الفرع يتبع الأصل([48])

وطبقًا للقاعدة الفقهية الأصولية إذا سقط الأصل سقط الفرع. والتابع تابع ولا يفرد بالحكم، فالتابع للشيء في الوجود تابع له في الحكم. وهذه القواعد تعبر عن المبادئ العامة للقانون المصري([49]).

51 – ونرى أن فكرة عدم التجزئة أو عدم الانقسام، وقاعدة أن الفرع يتبع الأصل يجمع بينهما فكرة الارتباط.

فالفرع يرتبط بالأصل، والجزء يرتبط بالكل بحيث يرتبط مصيرهما معًا.

والارتباط بين الأصل والفرع ارتباط رأسي بمعنى أن الفرع ينزل من الأصل.

أما الارتباط في حالة عدم التجزئة هو ارتباط أفقي بمعنى أن أحدهما ليس فرعًا أو أصلاً للآخر وإنما يرتبطان على النحو المقرر في الالتزام غير القابل للانقسام.

وفي جميع الأحوال فإن الترابط بين عدة عقود يبرر وحدة المصير بينها. وفكرة الترابط أو الارتباط بين العقود يمكن عن طريقها تجاوز الإطار القانوني للعقد وذلك بالربط بين عدة عقود تستهدف عملية اقتصادية أو تنفيذ مشروع واحد

بحيث يرتبط مصيرها بعضها ببعض، ففسخ أحدها يرتب سقوط باقي العقود التي ترتكز عليه. فكل عقد يمثل حلقة في سلسلة مترابطة من العقود تستهدف تحقيق هدف أو عملية واحدة، فإذا انفرط عقد أحدها انفرط عقد باقي العقود.

وهكذا فإن قاعدة أن الفرع يتبع الأصل تتفق مع فكرة عدم التجزئة من حيث النتيجة، بمعنى أن الفرع يتبع الأصل فمصيرهما واحد، وأن عدم التجزئة تؤدي كذلك إلى وحدة مصير الجزء مع الكل.

ولكنهما يختلفان من حيث أن قاعدة أن الفرع يتبع الأصل تقوم على أساس من التبعية، تبعية الفرع للأصل. أما فكرة عدم التجزئة فهي تقوم على أساس أجزاء مترابطة بعضها ببعض فهو ارتباط وترابط بلا تبعية. والترابط يقوم على عدم القابلية للتجزئة أو الانقسام.

وهكذا فإن السقوط يستند إلى أبسط قواعد المنطق والتي عبرت عنها القواعد الفقهية التي تمثل المبادئ العامة للقانون المصري. ومن ثم فإن إعمال السقوط لا يرتبط بالضرورة بتشريع يقننه.

خاتمة فكرة السقوط

سقوط التشريع

52 – كان لجوء المحكمة الدستورية العليا إلى النص في بعض أحكامها على سقوط بعض النصوص التشريعية التي ترتبط بنص قضي بعدم دستوريته دافعًا إلى التفكير في الربط بين سقوط النص التشريعي وفكرة السقوط في التصرفات القانونية التي تبلورت في الفقه والقضاء في فرنسا وتم تقنينها في تعديل القانون المدني الفرنسي في سنة 2016.

وصعوبة تلك الدراسة تكمن في المقارنة بين أفكار دستورية وأفكار تنتمي إلى القانون الخاص، فهل يمكن أن توجد نقاط اتفاق واتصال بينهما. فالدستور أسمى التشريعات، والقانون المدني أبو القوانين.

فإن كانت المحكمة الدستورية قد عرفت سقوط التشريع، فإن محكمة النقض قد عرفت سقوط الاتفاق. وحاولت هذه الدراسة إيضاح الأفكار التي تهيمن على أحكام السقوط في القضاء الدستوري، والسقوط في القانون المدني عامة. بحثًا عن رابط بينهما يؤسس للفكرة.

53 –ويمكن القول بأن ما يجمع بين السقوط في القضاء الدستوري والقضاء المدني هو أن السقوط كما فرضه عدم دستورية النص الساند، فإن السقوط قد فرضه في القضاء المدني فسخ أو بطلان الشرط أو الاتفاق الساند.

والسقوط ليس بطلانًا وليس فسخًا في مفاهيم القانون المدني، كما أنه ليس بطلانًا أو عدم دستورية في مفاهيم القضاء الدستوري، ولهذا ففكرة السقوط من خلق القضاء سواء الدستوري، أو المدني وأساسها واحد وهو الارتباط والارتكاز أيا كان الاصطلاح، عدم التجزئة أو الأصل والفرع.

والفروق ترجع إلى ما يقتضيه الخلاف بين طبيعة القضاء الدستوري وطبيعة المعاملة بين أفراد عاديين. فاختلاف الطبيعة فرض الخلاف في بعض التفاصيل التى لا تعبر عن خلاف جوهري مثل اختيار أساس السقوط من كونه عدم الانقسام أو فكرة أن الفرع يتبع الأصل، كما أوضحنا.

ولقد استهدفت تلك الدراسة محاولة إبراز نظرة كل من القضاء الدستوري والقضاء المدنى لفكرة السقوط للتقريب بين فروع القانون المختلفة التي تخضع جميعًا للمبادئ العامة في القانون وإبرازًا لوحدة النظام القانوني المصري.

54 – والخاتمة التي قد تكون نهاية الدراسة وبداية لاجتهادات لاحقة، يمكن القول أن ما يربط سقوط النص التشريعي، وسقوط التصرف القانوني هو شل الفاعلية. فالسقوط يؤدي إلى شل فاعلية النص التشريعى الساقط في مواجهة الكافة، كما يؤدى السقوط إلى تجريد التصرفالقانونى من كل فاعلية له بين عاقديه. ويرجع ذلك إلى فقدان النص التشريعي أو التصرف الركيزة التي استند إليها.

وهكذا فإن العمل القضائي المصري قد أسفر عن قيام فكرة السقوط وكان اختيار هذا الاصطلاح خصوصًا في ظل القضاء الدستوري – معبرًا عن دقة الاصطلاح ترسما لخطي دقه صياغة القانون المدني.

المراجع والهوامش للأرقام بالبحث

فكرة السقوط

  • ( 1 ) السنهوري: الوسيط جـ 1 مجلد 1 صـ 84 الطبعة الثالثة بواسطة عبد الباسط جميعي ومصطفى الفقي – دار النهضة العربية 1981.
  • (2) تقرير مجلس الشيوخ جلسة 8/6/1948 مجموعة الأعمال التحضيرية جـ 2 صـ 155.
  • (3) مؤلفنا شرح مبادئ الأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين، صـ 477، طبعة 1994.
  • (4) نقض مدني للطعن 1735 لسنة 80 ق جلسة 22/5/2017، الموقع الإلكتروني للمحكمة.
  • (5) وعرف القانون الدولي العام فكرة سقوط المعاهدات إثر قيام حرب بين الدول المتعاقدة. حامد سلطان وعبد الله العريان، أصول القانون الدولي صـ 227 فقرة 136 طبعة 1955.
  • (6) وقد ترجم بعض الشراح هذا الاصطلاح الفرنسي بانعدام الأثر وليس السقوط. محمد حسن قاسم: قانون العقود الفرنسي الجديد باللغة العربية صـ 77 منشورات الحلبي الحقوقية، سنة 2018.
  • (7) القضية رقم 14 لسنة 16 ق دستورية جلسة 3/11/1996 الجريدة الرسمية العدد 49 بتاريخ 12/12/1996.
  • (8) على سبيل المثال: القضية رقم 18 لسنة 8 ق دستورية جلسة 3 فبراير 1996. الجريدة الرسمية العدد 7 مكرر بتاريخ 17/2/1996.
  • (9) نقض مدني الطعن رقم 67 لسنة 67 ق جلسة 25/2/2016 الموقع الإلكتروني للمحكمة.
  • (10) رمزي الشاعر: رقابة دستورية القوانين – دراسة مقارنة صـ 526 طبعة 2004.
  • (11) القضية رقم 14 لسنة 16 ق دستورية جلسة 3/11/1996 السابق الإشارة إليه.
  • (12) المحكمة الدستورية العليا القضية رقم 27 لسنة 8 ق دستورية جلسة 4/1/1992 مجموعة المكتب الفنى جـ 1 ص 103 .
  • (13) 4/1/1992 الحكم السابق.
  • (14) القضية رقم 5 لسنة 10 دستورية جلسة 19/6/1993 الجريدة الرسمية العدد رقم 27تابع بتاريخ 8/7/1993.
  • (15) القضية رقم 18 لسنة 8 ق دستورية جلسة 3/2/1996 الجريدة الرسمية العدد رقم 7 مكرر بتاريخ 17/2/1996.
  • (16) القضية رقم 9 لسنة 17 ق جلسة 7/9/1996 الجريدة الرسمية العدد 27 بتاريخ 19/9/1996.
  • وجاء في منطوق الحكم أن تلك النصوص ترتبط بالنص الذي قضي بعدم دستوريته.
  • (15) في سقوط التشريع بعدم الاستعمال، سليمان مرقص: نظرية القانون فقرة 95 صـ 149 طبعة 1957، عبد الرازق السنهوري وأحمد حشمت أبو ستيت: أصول القانون ص 242، القاهرة 1950.
  • (18) القضية رقم 4 لسنة 15 ق دستورية جلسة 6/7/1996 الجريدة الرسمية العدد 28 في 18/7/1996
  • (19) المحكمة الدستورية العليا، القضية رقم 4 لسنة 29 ق – دستورية جلسة 9/5/2020 صـ 20 والموقع الإلكتروني للمحكمة.
  • (20) جلسة 5/12/2020 القضية 1 لسنة 42 ق بشأن القانون 110 لسنة 1975. حيث قضت بسقوط بعض المواد في نطاق انطباقها على النصين المقضي بعدم دستوريتهما.
  • (21) في عدم تجزئة بطلان النصوص القانونية غير الدستورية – القضية رقم 14 لسنة 16 ق دستورية جلسة 30/11/1996 السابق الإشارة إليه.
  • (22) القضية رقم 16 لسنة 15 ق دستورية جلسة 14/1/1995 الجريدة الرسمية العدد 6 بتاريخ 9/2/1995,
  • (23) في طلب سقوط أي نص يقابل النص المطعون فيه القضية رقم 25 لسنة 28 ق جلسة 7/11/2010.
  • (24) القاعدة الفقهية أن الساقط لا يعود كما أن المعدوم لا يعود.المادة 51 من مجلة الأحكام العدلية.
  • (25) وغني عن البيان أن القانون المدني المصري صدر باللغتين العربية والفرنسية ومن ثم يعتبر النص الفرنسي أصلاً رسميا وليس ترجمة.
  • (26) بلوفيلان–لانور: محاولة لدراسة فكرة سقوط التصرفات القانونية في القانون المدني. صـ 161 تقديم هيبرو مكتبة القانون الخاص باريس 1963، والتقديم الذي كتبه الأستاذ هيبرو من أفضل ماكتب في الموضوع عرضًا وتأصيلاً.
  • (27) طبقًا للمادة 1128  من القانون المدنىالفرنسى فإنه أصبح لانعقاد العقد صحيحًا ضرورة توافر ثلاثة شروط هي: 1 – رضاء طرفي العقد 2- توافر الأهلية اللازمة للتعاقد
  • 3 – أن يكون مضمون العقد مشروعًا ومحددًا. وبهذا أصبح السبب والمحل تحت مفهوم واحد وهو مضمون العقد على نحو ما جاء في المادة 1162، أشرف جابر: الإصلاح التشريعي لنظرية العقد صنيعة قضائية وصياغة تشريعية – لمحات في بعض المستحدثات، مجلة كلية الحقوق جامعة حلوان ملحق العدد جـ 2 2017 أعمال المؤتمر الرابع عشر السنوي بعنوان “القانون أداة للإصلاح والتطوير صـ 285 وما بعدها.
  • (28) في تحديد المسائل الجوهرية في مفهوم المادة 95 مؤلفنا: النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام الإدارية فقرة 129 صـ 138 وما بعدها الطبعة الثالثة سنة 2000.
  • (29) الوسيط في شرح القانون المدني جـ/ مجلد 1 فقرة 105 صـ 2018 الطبعة الثالثة  1986 دار النهضة العربية.
  • (30) مجموعة الأعمال التحضيرية جـ 2 صـ 36.
  • (31) وسقوط الايجاب يقصد به فى هذه الحالة انقضاء الايجاب بإنقضاء مدته . ومع هذا يعتبر سقوطا فى مفهوم القانون المدنىالفرنسى .
  • (32) ميريل فابر – ماجنون: قانون الالتزامات. العقد والإرادة المنفردة فقرة 423 صـ 334 مجموعة تيميس، الطبعة الخامسة، باريس 2019.
  • (33) نقض مدني الطعن رقم 2 لسنة 39 ق جلسة 26/5/1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 قاعدة 156 صـ 948 أما المادة 1088 من القانون المدني الفرنسي فتنص على أنه تسقط كل هبة حاصلة بمناسبة الزواج إذا لم يتم.
  • (34) موريل فابر – ماجنون: قانون الالتزامات – جـ 1 العقد والإرادة المنفردة فقرة 744 صـ 582 الطبعة الخامسة، مجموعة تميس باريس 2019.
  • (35) في تطابق موقف القانون الفرنسي مع موقف القانون والقضاء في مصر قبل تعديل القانون المدني الفرنسي: جستان: شرح القانون المدني فقرة 878 صـ 888، تكوين العقد،  الطبعة الثالثة، باريس 1993.
  • (36) إذا كان المحل موجودا وقت التعاقد فان هلاكه بعد ذلك يتعلق بتنفيذ العقد وليس انعقاده ، ويفسخ العقد أو ينفسخ بحسب سبب هلاكه .
  • (37) في تفصيل ذلك مؤلفنا: تأملات في الشرط الجزائي. دراسة مقارنة، صـ 10 فقرة 7، الطبعة الثانية 2021.
  • (38) نقض مدني 18 أبريل 1978 الطعن رقم 663 سنة 44 ق مجموعة المكتب الفني السنة 29 جـ 1 صـ 1020 قاعدة 101، والأحكام الأخرى المشار لها في مؤلفنا تأملات في الشرط الجزائي فقرة 62 صـ 62 الطبعة الثانية، 2021.
  • (39) (نقض مدني الطعن رقم 3718 لسنة 78 ق جلسة 15/6/2009 الموقع الإلكتروني للمحكمة، نقض مدني الطعن رقم 54817 لسنة 88 ق جلسة 6/4/2019 الموقع الإلكتروني للمحكمة)
  • (40) (مؤلفنا: تأملات في الشرط الجزائي، فقرة 60، صـ 61). فالجزاء هو السقوط وليس البطلان.
  • (41) ولكن يلاحظ أن القانون المدني الفرنسي رفض صراحة سقوط الشرط الجزائي في حالة فسخ العقد وذلك بموجب المادة 1230. وفي عرض أساس ذلك والآراء المختلفة: مؤلفنا تأملات في الشرط الجزائي، المرجع السابق، صـ 68 وما بعدها، وخصوصًا صـ 62 فقرة 67 مكرر. فالشرط الجزائي كشرط التحكيم يتمتع باستقلال.
  • (42) نقض مدني 25/1/1979 مجموعة المكتب الفني السنة 30 قاعدة 75 ص 385.
  • (43) مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني مجموعة الأعمال التحضيرية جـ 2، صـ 573.
  • (44)هيبرو: التقديم للرسالة السابق الإشارة إليها صـ III.
  • (45) نقض مدني الطعن رقم 4999 لسن 71 ق جلسة 9 من يونيو سنة 2014، دائرة الاثنين الموقع الالكترونى للمحكمة.
  • (46) نقض مدني الطعن رقم 2596 لسنة 82 ق جلسة 3/12/2018، الموقع الإلكتروني للمحكمة.
  • (47) نقض مدني الطعن رقم 1937 جلسة 23/12/2012 مجموعة المكتب الفني السنة 63 قاعدة 190 صـ 1188.
  • (48) نقض مدني الطعن رقم 17 لسنة 22 ق جلسة 12/6/1952 مجموعة المكتب النفي السنة 30 قاعدة 19 صـ 846.
  • (49) وهذه القواعد الفقهية التي صاغتها مجلة الأحكام العدلية أصبحت تعتبر في القانون المصري من المبادئ التي تُطبق إعمالاً للمادة الأولى من القانون المدنى المصري، وتدخل في إطار قواعد العدالة والقانون الطبيعي.
  • وهذا ما أكدته محكمة النقض عندما طبقت قاعدة من سعى إلى نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه. نقض مدني في الطعن رقم 18309 لسنة 89 جلسة 27/10/2020 منشور على الموقع الإلكتروني للمحكمة.
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة