أحكام الدستورية الكاملة في ضريبة المبيعات

تابع الحماية الدستورية لضريبة المبيعات بعرض أحكام الدستورية الكاملة في ضريبة المبيعات خمس قضايا أخري خلاف الخمس الاولي التى تم نشرها بخصوص ضريبة المبيعات

طعون و أحكام الدستورية الكاملة

أحكام الدستورية الكاملة

القضية السادسة

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 4 مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن           رئيس المحكمة

وحضور السادة المستشارين/ الدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف.  أعضاء

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى                               المفوض

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد                             أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 23 لسنة 9 قضائية “دستورية”.

“الإجراءات”

بتاريخ 26 مارس سنة 1987 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالباً “القضاء بعدم دستورية القانون رقم 116 لسنة 1983 بخصوص المادة    (152) وخاصة بالنسبة للفقرتين ب، ه من هذه المادة “.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً عدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

“المحكمة”

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.

حيث إن وقائع الدعوى – على ما يبين من صحيفتها وسائر أوراقها – تتحصل فى أن النيابة العامة أحالت المدعى إلى المحاكمة الجنائية متهماً فى الجنحة رقم 572 لسنة 1985 منيا القمح بإقامة مبان على أرض زراعية بغير ترخيص، فقضى غيابياً – فى 2 يونيو سنة 1986 – بحبسه ستة أشهر مع الشغل وتغريمه عشرة آلاف جنيه والإزالة، فعارض فى هذا الحكم

وبجلسة 19 أكتوبر سنة 1986 قضى بقبول المعارضة شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المعارض فيه، فطعن فى هذا الحكم بالاستئناف رقم 12596 لسنة 1986 جنح مستأنف الزقازيق ، وبجلسة 2 مارس سنة1987 دفع بعدم دستورية القانون رقم 116 لسنة 1983، فقررت محكمة الموضوع التأجيل لجلسة 30 مارس لسنة 1987 وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.

وحيث إن المستفاد من صحيفة الدعوى الدستورية أن المدعى يطعن بعدم دستورية المادة (152) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983 وذلك فيما يتضمنه صدرها من حظر إقامة أى مبان أو منشآت فى الأرض الزراعية وكذلك البندين ب، ه من هذه المادة.

وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى على سند من أن البنود من أ إلى ه من المادة (152) المشار إليها إنما تتضمن إستثناءات من قاعدة حظر إقامة المبانى والمنشآت الواردة بصدر المادة، ومن ثم فإن القضاء بعدم دستورية البندين ب، ه يؤدى بالضرورة إلى إتساع دائرة الحظر الوارد على إقامة المبانى والمنشآت على الأرض الزراعية، وهو ما يتعارض ومصلحة المدعى.

وحيث إن المادة (152) المطعون عليها تنص على أن ” يحظر إقامة أى مبان أو منشآت فى الأراضي الزراعية ….و تعتبر فى حكم الأراضي الزراعية ، الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية، ويستثنى من هذا الحظر:

أ-…………………..ب- الأراضي الداخلة فى نطاق الحيز العمراني للقرى، والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير . ج- …………… د- ……….ه- الأراضي الواقعة بزمام القرى التى يقيم عليها المالك مسكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه، وذلك فى الحدود التى يصدر بها قرار من وزير الزراعة، وفيما عدا الحالة المنصوص عليها فى الفقرة (ج) يشترط فى الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء فى إقامة  مبان  أو منشآت أو مشروعات،

ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير”. ومؤدى هذا النص أن ما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة (152) من اشتراط الحصول على ترخيص مسبق من المحافظ المختص قبل البدء فى إقامة أى مبان أو منشآت أو مشروعات فى الأرض الزراعية

إنما يلحق كل بند من البنود الواردة بالمادة عدا البند (ج) الخاص بالمشروعات ذات النفع العام التى تقيمها الحكومة، بحيث لا يتسنى ممارسة أى من الاستثناءات الواردة بالبنود أ، ب، د، ه من المادة سالفة الذكر إلا مشروطاً بالحصول على الترخيص المنصوص عليه بتلك الفقرة الأخيرة،

ومن ثم يشكل نص هذه الفقرة جزءاً لا يتجزأ من نص كل بند من البنود الأربعة المشار إليها فيقرأ كل بند منها مقترناً بما تتضمنه من ضرورة سبق الحصول على ترخيص من المحافظ المختص يحدد شروط وإجراءات منحه قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير.

ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن المدعى إنما يستهدف من دعواه الدستورية الماثلة الحكم بعدم دستورية ما يتضمنه صدر المادة (152) المشار إليها من حظر إقامة أى مبان أو منشآت فى الأرض الزراعية وبعدم دستورية البندين ب، ه من هذه المادة فيما يتضمنه كل منهما – مرتبطاً بحكم اللزوم بالفقرة الأخيرة من ذات المادة – من إشتراط الحصول على ترخيص مسبق من المحافظ المختص قبل البدء فى إقامة أى مبان أو منشآت على الأرض الزراعية

ومن ثم فإن نعى المدعى على البندين ب، ه المشار إليهما لا ينصب على ما يتضمنه كل منهما من إستثناء من قاعدة حظر إقامة المبانى والمنشآت، وإنما على إشتراط الحصول على ترخيص مسبق قبل إقامتها، لما كان ذلك وكان الفصل فى دستورية النص المطعون عليه – بالتحديد السالف – من شأنه التأثير فى الاتهام الموجه إلى المدعى والمطروح على محكمة الموضوع، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى الذى أبدته هيئة قضايا الدولة يكون فاقداً لأساسه حقيقاً بالإلتفات عنه.

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه إخلاله بالحماية التى كفلها الدستور للملكية الخاصة وذلك من خلال ما فرضه النص من قيود على البناء فى الأرض الزراعية مما يحول دون إستعمالها وإستغلالها على الوجه الأكمل وبما يعتبر فرضاً ضمنياً للحراسة عليها.

وحيث إن هذا النعى مردود بأن الملكية الخاصة التى كفل الدستور صونها بنص المادة (34) منه ليست حقاً مطلقاً وإنما أقامها الدستور على أساس أن لها وظيفة اجتماعية ينظم القانون أداءها، وقد حددت المادة (32) من الدستور ملامح هذه الوظيفة باستلزامها أن تعمل الملكية الخاصة – وبوصفها ملكية غير مستغلة – فى خدمة الاقتصاد القومى وفى إطار خطة التنمية وألا تتعارض فى طرق استخدامها مع الخير العام للشعب، وتقتضى الوظيفة الاجتماعية للملكية وجوب مراعاة اعتبارات المصلحة العامة عند ممارسة السلطات التى يخولها حق الملكية

وتبرز هذه الوظيفة بوجه خاص فى مجال الإنتاج حيث يتدخل المشرع لتنظيم النشاط الفردى ضماناً لعدم انحرافه عن الغايات المقصودة من مباشرته، لما كان ذلك، وكان التنظيم التشريعى محل الطعن الماثل قد توخى مواجهة ظاهرة البناء فى الأرض الزراعية بما ينتقص فى النهاية من رقعتها ويحد من غلتها ويحول دون استغلالها الكامل فى أغراضها الإنتاجية التى يعتبر الحفاظ عليها لازماً للتنمية الاقتصادية فى مجال الإنتاج الزراعي، تعميقاً لدوره فى تحقيق التقدم والرخاء وإضطلاعاً بأهم تبعاته متمثلة فى إشباع احتياجات المواطنين للغذاء،

وكان هذا التنظيم التشريعى – من جهة أخرى – لا يحول كلية دون البناء على الأرض الزراعية وإنما تغيا أن يكون استغلالها فى هذا النطاق فى أحوال محددة تمليها الضرورة وبعد الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وذلك ضماناً لأن تظل الأرض الزراعية مرصودة فى استخداماتها على الأغراض المهيأة لها أصلاً والمقصودة منها أساساً، وكان هذا التنظيم لا يؤدى بحال إلى غل يد مالك هذه الأرض عن إدارتها أو التصرف فيها – وإن إستلزم عدم بنائه عليها إلا فى أحوال محددة وبعد الحصول على ترخيص – فإن قالة إخلال النص المطعون عليه بالحماية التى فرضها الدستور للملكية الخاصة وفرضه الحراسة عليها، تكون على غير أساس.

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه مخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية التى إعتبرتها المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسى للتشريع، وذلك بمقولة أن حظر البناء على الأرض الزراعية يقيد حق الملكية بما يناقض هذه المبادئ.

وحيث إن هذا النعى بدوره مردود بأن النص المطعون عليه لا ينتقص – على ما سلف البيان – من الحماية الدستورية لحق الملكية ولا يجاوز نطاق الوظيفة الإجتماعية له، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية – التى كفل الدستور رد النصوص التشريعية إليها لضمان توافقها معها – لا تتعارض والتنظيم التشريعى محل الطعن الماثل

بل أنها تظاهره، إعتباراً أن لولى الأمر أن يتدخل لتنظيم الملكية إذا أساء الناس إستخدام أموالهم كى يوجهه وجهة رشيدة تحقيقاً لمصلحة الجماعة ووفاء باحتياجاتها ودفعاً للضرر عنها وهى مصالح مشروعة يستهدفها النص المطعون عليه بما تضمنه من قيود على البناء فى الأرض الزراعية التى لا ينبغى تقليص مساحتها أو إخراجها عن إستخداماتها الأصلية التى يتعين التركيز عليها وعدم الحد منها، بحسبان أن الأرض الزراعية تمثل أحد الروافد الرئيسية للتنمية الشاملة.

وحيث إن المدعى ينعى كذلك على النص المطعون عليه حرمانه ملاك الأراضى الزراعية من البناء عليها مما يشكل إخلالاً بمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه فى المادة الثامنة من الدستور.

وحيث إن هذا النعى مردود بأن النص المطعون عليه وقد وضع تنظيماً للبناء على الأرض الزراعية، فإن هذا التنظيم قد قام على قواعد عامة مجردة لا تتضمن تمييزاً بين المخاطبين بأحكامها، وأن القيود التى فرضها هذا التنظيم – فضلاً عن قيامها على سند من الوظيفة الاجتماعية للملكية – تسرى فى مواجهة أصحاب الأرض الزراعية دون تمييز بإعتبارهم جميعاً فى مراكز قانونية متماثلة بالنسبة للإلتزام بتلك القيود والخضوع لأحكامها، ومن ثم فإن الإدعاء بإخلال النص المطعون عليه بالفرص المتكافئة يكون قائماً على غير أساس.

وحيث إن المدعى ينعى أيضاً على النص المطعون عليه إخلاله بالمادة التاسعة من الدستور التى تتطلب الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد، قولاً منه بأن مواجهة ضرورات الحياة مع التزايد المستمر فى عدد السكان، كانا يقتضيان من المشرع عدم فرض القيود على البناء فى الأرض الزراعية، تلك القيود التى كان يغنى عنها التوسع فى استصلاح الأراضي الصحراوية وزيادة الإنتاج بالطرق العلمية الحديثة

وهذا النعى مردود أيضاً بأن الأصل فى سلطة المشرع فى تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وجوهر هذه السلطة التقديرية يتمثل فى المفاضلة التى يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها فى خصوص الموضوع الذى يتناوله بالتنظيم

ومن ثم فإن ما ينعاه المدعى فى هذا الصدد إنما ينحل إلى موازنة بين البدائل المختلفة وتعقيباً من جانبه على ما ارتآه المشرع منها ملبياً لصالح الجماعة فى إطار تنظيمه لحق الملكية بما لا مخالفة فيه للحماية الدستورية المقررة له، الأمر الذى يجعل منعى المدعى فى هذا الشأن فاسد الأساس حرياً بالإلتفات عنه.

وحيث إن البين مما تقدم أن النص المطعون عليه – حسبما سلف بيانه – لا يتضمن مخالفة لأحكام الدستور، فإن الدعوى الماثلة تغدو حقيقة بالرفض.

“لهذه الأسباب”

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

القضية السابعة

أحكام الدستورية الكاملة

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 مايو سنة 2003 الموافق 10 ربيع أول سنة 1424 ه .

برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب             رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر على البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما        رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن                      أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 22 قضائية ” دستورية “

المقامة من / ……………………….

ضد / ………………………

الإجراءات

بتاريخ 29/2/2000 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمــة

طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 79 و 80 و 81 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى ، وفى الموضوع برفضها

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع حسبما يبين من الاطلاع على صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنه كان قد أقام الدعوى رقم 2633 لسنة 1983 مدنى كلى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد وزير الداخلية وآخر طالباً إلزامهما بأن يؤديا له مبلغ مائة وخمسين ألفاً من الجنيهات مقابل الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به وبنجله والناتجة عن إصابة الأخير فى حادث تصادم إحدى سيارات المطافئ بسيارته مما ألحق به عاهة مستديمة

وإذ قضت تلك المحكمة برفض الدعوى ، فقد طعنا عليه بالاستئناف رقم 1118 لسنة 42 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية ، فقضت بتأييد الحكم المستأنف ، فأقام المدعيان الطعن رقم 1778 لسنة 58 قضائية أمام محكمة النقض ، فقضت بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية التى قضت بجلستها المنعقدة فى 17/12/ 1996 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام وزير الداخلية بصفته بأن يؤدى لكل من المستأنفَيّْن تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه

وإذ قامت  وزارة الداخلية  بخصم ضريبتى الدمغة النوعية والنسبية من المبلغ المقضى به ، فقد أقام المدعيان الدعوى رقم 6 لسنة 1999 أمام محكمة العطارين الجزئية بغية إلزامها بأن تؤدى لكل منهما قيمة ضريبة الدمغة بنوعيها والسابق خصمها من قيمة التعويض والتى تقدر بمبلغ 60ر1599 جنيهاً . وأثناء نظر الدعوى دفع المدعيان بعدم دستورية نص المادتين 79 و 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 ، فصرحت لهما المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية ، فأقاما الدعوى الماثلة .

وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة من ثلاثة أوجه :

أولها : إنتفاء مصلحة المدعيين فى الطعن على نص المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة ، وذلك تأسيساً على أن التعويض المستحق لهما عن العمل غير المشروع لأحد تابعى جهة الإدارة صدر بتحديد قيمته حكم قضائى حائز لحجية الأمر المقضى ، والنزاع الذى يدور حول سلامة تنفيذ هذا الحكم لا شأن له بالمنازعة فى فرض ضريبة الدمغة بنوعيها طبقاً لحكم المادة 80 سالفة الذكر ، كما أن القضاء بعدم دستورية هذا النص لن يكون له من أثر على النزاع الموضوعى

وثانيها : أن نص المادة 79 من ذات القانون لا شأن له بفرض ضريبة الدمغة والتى يرى المدعيان عدم خضوع التعويض المستحق لهما لحكمها

وثالثها : أن تصريح محكمة الموضوع بإقامة الدعوى الدستورية كان منصباً على نص المادتين 79 و 80 ، ومن ثم فإن الطعن على نص المادة 81 من القانون المشار إليه لم يتصل بالمحكمة الدستورية العليا بالطريق الذى رسمه قانونها .

وحيث إن هذا الدفع بوجهيه الأول والثانى مردود بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الصلة التى تقوم بين الدعوى الموضوعية والدعوى الدستورية ، تقتضى أن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة فى الدعوى الموضوعية

متى كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول طلب المدعيين إلزام وزارة الداخلية بأن تؤدى لهما قيمة ضريبة الدمغة السابق خصمها من التعويض المحكوم به لكل منهما ، وكان سند الوزارة فى استقطاع تلك الضريبة هو نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون الضريبة على الدمغة الذى أخضع جميع المبالغ التى تقوم بصرفها الجهات الحكومية

وأياً كانت طبيعتها ، لهذه  الضريبة بنوعيها ، فإن القضاء بعدم دستورية ذلك النص فيما تضمنه من إطلاق حكمه ليشمل قيمة التعويضات المحكوم بها قضاءً ، سيؤدى إلى إجابة طلبات المدعيين الموضوعية ، ومن ثم تكون لهما مصلحة شخصية فى الطعن على النص المشار إليه ، وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى الدستورية .

وحيث إن المدعيين دفعا أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادتين 79 و 80 من قانون ضريبة الدمغة ، وصرحت لهما المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية طعناً عليهما ، فإن إضافة المدعيين فى دعواهم الماثلة نص المادة 81 من ذات القانون ينحل طعناً مباشراً بعدم الدستورية ، إتصل بالمحكمة الدستورية العليا بالمخالفة للأوضاع المقررة وفقاً لحكم المادة 29 من قانونها بما يوجب الحكم بعدم قبول الدعوى فى هذا الشق منها .

وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 تنص على أن ” فيما عدا المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات تستحق على كل مبلغ تصرفه الجهات الحكومية من الأموال المملوكة لها ، وسواء تم الصرف مباشرة أو بطريق الإنابة علاوة على الضريبة المبينة فى المادة السابقة ضريبة إضافية مقدارها ثلاثة أمثال الضريبة المشار إليها ” .

وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين أنه إذ أخضع قيمة التعويضات الصادرة بأحكام قضائية حائزة لقوة الأمر المقضى لضريبتى الدمغة النسبية والإضافية فإنه يكون قد أعاق تنفيذها بالمخالفة لنص المادة 72 من الدستور ، كما أنه انطوى على تفرقة لا تقوم على أساس موضوعى يبررها بين طائفتين من المضرورين الأولى تلك التى يُقضى لها بتعويض عن الأفعال الضارة الصادرة من آحاد الناس

والأخرى تلك التى يُقضى لها بتعويض عن أفعال ضارة يرتكبها تابعى الجهات الحكومية ، ففى حين يتقاضى المضرور من أفراد الطائفة الأولى قيمة التعويض المحكوم به كاملاً يتم صرف قيمة التعويض المقضى بها للفئة الثانية منقوصاً منها قيمة ضريبة الدمغة ، الأمر الذى ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بين المراكز القانونية المتماثلة بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور .

وحيث إن النعى بمخالفة النص الطعين لحكم المادة 40 من الدستور سديد ، ذلك أن مبدأ المساواة أمام القانون يستهدف صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال من هذه الحقوق أو تقيد ممارسة تلك الحريات

كما أن الحماية القانونية المتكافئة التى يفرضها هذا المبدأ لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور ، بل ينسحب مجال إعمالها كذلك إلى الحقوق التى يكفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية وعلى ضوء السياسة التشريعية التى يراها محققة للمصلحة العامة .

وحيث إن المسئولية التقصيرية تقوم على الإخلال بالتزام قانونى واحد هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير . والأصل فيها ، أن كل من ارتكب فعلاً ضاراً سواء كان من آحاد الناس أو تابعاً لأحد الأشخاص الاعتبارية يلزم بتعويض من أصابه ضرر نتيجة فعله الضار ، ومن ثم تتحقق مسئولية الشخص الاعتبارى على ذات النحو الذى تتحقق به مسئولية الأفراد ، وقواعد المسئولية التقصيرية التى يطبقها القضاء العادى واحدة للفريقين .

وحيث إن نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة قضى بخضوع كافة المبالغ التى تقوم الجهات الحكومية بصرفها من الأموال المملوكة لها ، لنوعين من ضريبة الدمغة هما الضريبة النسبية والضريبة الإضافية

حتى ولو كانت هذه المبالغ تمثل تعويضات محكوم بإلزام تلك الجهات بأدائها من جراء الأفعال الضارة التى يرتكبها تابعوها ، حال أن هذه المبالغ وبحسبان أنها تمثل تعويضاً قضائياً مكافئاً للأضرار التى لحقت بالغير يجب أن تخضع لذات المعاملة القانونية التى تخضع لها مبالغ التعويضات التى يُقضى بها ضد الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة

فمستحقى هذه التعويضات فى مركز قانونى واحد ، فهم جميعاً مضرورون صدرت أحكام بأحقيتهم فى تعويضات عن أفعال ألحقت بهم ضرراً ، ومن ثم لَزِم أن يعاملوا معاملة قانونية متكافئة ، وإذ خالف النص الطعين هذا المبدأ ، بأن اختص طائفة منهم بحكمه دون أن يستند فى هذا التمييز إلى أسس موضوعية تبرره ، فإنه يكون قد أقام تمييزاً تحكمياً غير مبرر بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 فيما تضمنه من فرض ضريبة دمغة نسبية وإضافية على مبالغ التعويضات المحكوم بها التى تقوم الجهات الحكومية بصرفها ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

القضية الثامنة

أحكام الدستورية الكاملة

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 1 يوليه سنة 2007م ، الموافق 16 من جمادى الآخرة سنة 1428ه ،

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد                   رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح والدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.

وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم        رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد                                أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 131 لسنة 21  قضائية “دستورية”

المقامة من /……………………..

ضد / ………………………

الإجراءات

بتاريخ السابع عشر من يوليو سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية المادتين (12) و (80) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 معدلاً بالمادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم؛ أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لما جاوز الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، ثانياً: برفض الدعوى. كما قدم المدعى عليه الخامس مذكرة طلب فى ختامها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع – على ما يتبيَّن من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3653 لسنة 1998 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد كل من المدعى عليه الرابع، ومدير عام مأمورية ضرائب الدمغة فى مواجهة المدعى عليه الخامس؛ بطلب الحكم برد مبلغ 14335.381 جنيهاً مضافاً إليه الفوائد القانونية، وذلك على سند من القول أنه بتاريخ 14/10/1987 تم إبرام عقد اتفاق بين المدعى والمدعى عليه الخامس

موضوعه التزام الأول بأعمال (الإصلاح والسمكرة والدوكو) لبعض سيارات مشروع (ليموزين) التابع للآخر، فى مقابل استحاق المدعى ما يعادل نسبة 63% من قيمة هذه الأعمال. وخلال الفترة من تاريخ إبرام العقد المشار إليه حتى 30/6/1997 قام المدعى عليه الخامس بخصم قيمة ضريبة الدمغة محسوبة بنسبة 100% من قيمة الأعمال التى أنجزها المدعى؛ إعمالاً لنص المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه،

وقام بتوريدها إلى المدعى عليه الرابع مع تحميله كامل قيمة ضريبة الدمغة المستحقة على تلك الأعمال التى أنجزها، بما فيها حصة المدعى عليه الخامس التى تعادل نسبة 37% من قيمة تلك الأعمال، ومن ثم فقد أقام دعواه الموضوعية السالفة الذكر. وبجلسة 19/4/1998 دفع المدعى بعدم دستورية المادتين (12) و (80) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه

معدلاً بالمادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989، بيد أن المحكمة ارتأت عدم جدية هذا الدفع، وقضت فى موضوع الدعوى برفضها، فطعن المدعى على هذا الحكم بالاستئناف رقم 12634 لسنة 115 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة. وبجلسة 25/5/1999 دفع المدعى مجدداً بعدم دستورية المادتين المشار إليهما، وإذ قدرت محكمة الموضوع (جدية الدفع) وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة

وحيث إن المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 تنص على أنه ” لا تسرى الضريبة على المعاملات التى تجرى بين الجهات الحكومية أو بينها وبين شخص معفى من الضريبة

وإذا كان التعامل بين جهة حكومية وشخص غير معفى من الضريبة، فيتحمل هذا الشخص كامل الضريبة المستحقة على التعامل

على أنه فى حالة تعدد النسخ أو الصور التى تحتفظ بها الجهة الحكومية لدواعى العمل بها، فلا يتحمل المتعامل معها سوى الضريبة المستحقة على نسخة أو صورة واحدة من تلك النسخ أو الصور.

وتعفى من الضريبة أوراق حركة النقود المملوكة للحكومة

وتنص المادة (80) من القانون ذاته على أنه “فيما عدا المرتبات والأجور والمكافآت، وما فى حكمها والإعانات، تُستحق على كل مبلغ تصرفه الجهات الحكومية من الأموال المملوكة لها، وسواء أتم الصرف مباشرة أم بطريق الإنابة، علاوة على الضريبة المبينة فى المادة السابقة، ضريبة إضافية مقدارها ثلاثة أمثال الضريبة المشار إليها.

ويُقصد بالصرف عن طريق الإنابة أن تعهد الجهة الحكومية إلى أى شخص بمبلغ مملوك لها ليتولى الصرف منه نيابة عنها”.

وتنص المادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1989 المشار إليه على أن “تُزاد بمقدار المثل ضريبة الدمغة المنصوص عليها فى قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 104 لسنة 1987، وذلك عدا الأوعية المبينة فى الجدول المرفق فتكون الضريبة عليها، وفقاً لما هو مبين قرين كل منها”.

وقد تضمن الجدول المذكور  زيادة الضريبة  التى فرضها نص المادة (79) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه على ما تصرفه الجهات الحكومية وشركات القطاع العام والجمعيات التعاونية من المرتبات والأجور والمكافآت وما فى حكمها والإعانات؛ وذلك بالنسب المئوية المقررة لكل شريحة منها

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها،

والمطروحة أمام محكمة الموضوع. فإذا لم يكن النص التشريعى المطعون عليه قد طُبق على المدعى أصلاً أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه

فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.

وحيث إن المدعى كان قد أقام دعواه الموضوعية السالفة الذكر بطلب الحكم برد قيمة ضريبة الدمغة المستحقة على حصة المدعى عليه الخامس التى تعادل نسبة 37% من قيمة الأعمال وفقاً للعقد المبرم بينهما، وكان نص الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه يحمل الشخص غير المعفى من الضريبة بكامل الضريبة المستحقة على تعامله مع جهة حكومية

مما يحول بين المدعى وبين استرداد قيمة الضريبة المخصومة منه سداداً لحصة المدعى عليه الخامس، الأمر الذى تتوافر معه للمدعى المصلحة فى الدعوى الدستورية طعناً على هذا النص فى ذلك النطاق فقط، لما للحكم بعدم دستوريته فى هذه الحالة من انعكاس على طلباته فى الدعوى الموضوعية، ومن ثم تنتفى مصلحته فى سائر النصوص القانونية المطعون عليها فى الدعوى الدستورية الماثلة

وحيث إن المدعى عليه الخامس قد دفع – فى مذكرته المشار إليها – بسقوط حق المدعى فى استرداد الضريبة؛ إعمالاً لما تنص عليه المادة (26) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه من سقوط حق الممول فى المطالبة برد المبالغ المسددة كضرائب بدون وجه حق بمضى خمس سنوات من يوم أدائها

مما يترتب عليه انتفاء مصلحة المدعى فى دعواه الدستورية الماثلة، وكانت الفترة التى يطالب المدعى باسترداد الضريبة عنها تبدأ من 14/10/1987 حتى 30/6/1997 وأقام دعواه الموضوعية بتاريخ 16/3/1998 مما تنقطع معه مدة سقوط الحق المشار إليها، وكان من المقرر – وفقاً لقضاء هذه المحكمة – أن الدفع بالتقادم المسقط للحق يقتضى ابتداءً تحديد ما إذا كانت المدة التى عينّها المشرع لسقوطه قد اكتمل مداها بدءاً من التاريخ المحدد لسريانها، أم أن عارضاً اعتراها مستوجباً وقفها أو انقطاع جريانها

وجميعها من الشروط التى تنفرد محكمة الموضوع بتحقيقها والفصل فيها، ولا شأن لها بالتالى بالخصومة الدستورية التى تنفصل فى موضوعها وبواعثها عنها، ومن ثم يضحى الدفع المشار إليه وارداً على غير أساس؛ متعيناً الالتفات عنه 0

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه – فى النطاق السالف البيان – أنه بنقله عبء الضريبة من شخص معفى منها إلى شخص آخر، فإنه يكون قد أخل بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة، وأهدر العدالة الاجتماعية التى يقوم النظام الضريبى عليها، وانتقص من الحماية المقررة للملكية الخاصة فضلاً عن مصادرة حرية الفرد فى اختيار طريقة استثمار أمواله؛ مما يخالف أحكام المواد 4 و 23 و32 و 34 و 38 و 40 و 61 و 119 من الدستور.

وحيث إن مبدأ تكافؤ الفرص الذى تكفله الدولة للمواطنين كافة؛ وفقاً لنص المادة (8) من الدستور – وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – يتصل فى مضمونه بالفرص التى تتعهد الدولة بتقديمها، فلا يثور إعماله إلا عند التزاحم عليها، كما أن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية – فى مجال الانتفاع بها – لبعض المتزاحمين على بعض

وهى أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام. لما كان ذلك، وكان النص المطعون فيه لا يتصل بفرص قائمة تتعهد الدولة بتقديمها، بما مؤداه انتفاء إعمال مبدأ تكافؤ الفرص فى نطاق تطبيق هذا النص الطعين، وبالتالي يكون النعى عليه بمخالفته نص المادة (8) من الدستور وارداً على غير أساس؛ جديراً بالالتفات عنه

وحيث إنه من المقرر – وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن لكل ضريبة وعاء – يُعبر عنه أحياناً بقاعدة الضريبة – ويتمثل فى المال الذى تُفرض عليه، وكان تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها، باعتبار أن ذلك يُعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة، ويتعين – فى هذا الإطار – أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها

محققاً ومحدداً على أسس واقعية يكون ممكناً معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص؛ ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها، إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها، وباعتباره منسوباً إليه ومحمولاً عليه، وفق الشروط التى يقدر معها المشرع واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى، ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها

والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها. والأعباء التى يجوز فرضها على المواطنين بقانون أو فى الحدود التى يبينها – وسواء أكان ضريبة أم رسماً هى التى نظمها الدستور بنص المادة (119) منه، وكان الدستور كذلك، وإن خصَّ النظام الضريبى بالمادة (38) منه

متطلباً أن تكون العدالة الاجتماعية مضموناً لمحتواه وغاية يتوخاها، فلا تنفصل عنها النصوص القانونية التى يقيم المشرع عليها النظم الضريبة على اختلافها، إلا أن الضريبة بكل صورها تمثل فى جوهرها عبئاً مالياً على المكلفين بها؛ شأنها فى ذلك شأن غيرها من الأعباء التى انتظمتها المادة (119) من الدستور

ويتعين بالتالى – وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها – أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها، محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها، نائياً عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً فى شأن الحقوق عينها، فلا تحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها.

وحيث إن  الحماية التى أظلَّ بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان، لا تقتصر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على الصور التى تظهر الملكية فيها بوصفها الأصل الذى تتفرع عنه الحقوق الأصلية جميعها

وإنما تمتد هذه الحماية إلى الأموال كلها دون تمييز؛ باعتبار أن المال حق ذو قيمة مالية، سواء أكان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم من حقوق الملكية الأدبية أم الفنية أم الصناعية، وإلى هذه الأموال كلها تنبسط الحماية التى كفلها الدستور لحق الملكية، فلا تخلص لغير أصحابها

ولم يعد جائزاً بالتالى أن ينال المشرع عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها، أدخل إلى مصادرتها

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان نص الفقرة الثانية من المادة (12) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه قد حمَّل المدعى، باعتباره غير معفى من الضريبة، كامل قيمتها المستحقة عن تعامله مع المدعى عليه الخامس “بنك ناصر الاجتماعى” كونه جهة حكومية وفقاً لنص المادة (14) من القانون ذاته؛ إذ يعد هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية طبقاً لنص المادة (1) من قانون إنشائه الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1971

وكان تحديد مقدار الضريبة أو دينها يتعين أن يكون مرتبطاً بوعائها، دائراً فى إطارها، من أجل أن يظل العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها، مقيماً فى شأنها مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها، باعتبار أن الضريبة بكل صورها تمثل فى جوهرها عبئاً مالياً على المكلفين بها، شأنها فى ذلك شأن غيرها من الأعباء التى انتظمتها المادة (119) من الدستور

وهو ما يرتبط كذلك بالحماية الدستورية لحق الملكية التى لا يجوز للمشرع أن ينال من عناصرها أو ينتقص منها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، فإن النص الطعين يكون قد أنشأ رابطة غير منطقية بين دين الضريبة ووعائها

فجعل هذا الدين مجاوزاً فى تحديد مقداره إطار ذلك الوعاء، مفضياً إلى التحكم فى فرض ضريبة لا ترتبط بأى وعاء، مما مؤداه الانتقاص من أموال المدعى الخاضع لهذه الضريبة، والنيل بالتالى من حماية حقه فى الملكية، ومن ثم يكون هذا النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (32) و (34) و (38) و (119) من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 12 من قانون ضريبة الدمغة الصادرة بالقانون رقم 111 لسنة 1980 فيما تضمنه من تحميل الشخص غير المعفى من الضريبة كامل الضريبة المستحقة على تعامله مع جهة حكومية، مع إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

القضية التاسعة

أحكام الدستورية الكاملة

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 4 من نوفمبر سنة 2007 م ، الموافق 23 من شوال سنة 1428 ه .

برئاسة السيد المستشار /ماهر البحيرى ——— نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار

وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم       رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن                       أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 28 قضائية ” دستورية ” .

المقامة من / …………………….

ضد / …………………………….

الإجراءات

بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2006 ، أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فى ختامهما الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع حسبما يتبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح فى القضية رقم 52 لسنة 2005 جنح – تهرب ضريبى – لأنه فى غضون الفترة من شهر يناير سنة 1994 حتى شهر ديسمبر سنة 2000 بدائرة قسم الدقى محافظة الجيزة بصفته مسجلاً وخاضعاً لأحكام الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء الضريبة المستحقة

عن نشاطه فى بيع وتجارة مستلزمات الحاسب الآلى خلال الفترة المشار إليها وذلك بأن باع السلعة دون الإقرار عنها أو سداد الضريبة المستحقة عليها ، وطلبت عقابه بالمواد 2/1 ، 3/1 ، 5 ، 43/1 و2 ، 44/2 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996

وأثناء نظر الدعوى بجلسة 8/11/2005 ، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 تنص على أنه ” مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر ، يعاقب على التهرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة ” .

وحيث إن نطاق الدعوى وفقاً لطلبات المدعى وما دفع به أمام محكمة الموضوع وصرحت به يكون مقصوراً على العقوبات الواردة بالنص المطعون عليه ومداها دون أن يتعداه إلى غيره من أحكام خاصة بتجريم الفعل المعاقب عليه إذ بهذا النطاق وحده تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الدعوى الراهنة .

وحيث إن الطاعن ينعى على النص المطعون عليه مخالفته لنص المادة (38) من الدستور لأسباب حاصلها أن العقوبات المتعددة التى وردت به قد جاءت مفرطة ومبالغاً فيها ، ومناهضة لروح العدالة التى يقوم عليها النظام الضريبى ، كما يؤدى إلى الانتقاص من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول مما قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور .

وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين بأدائها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضاً عليها ، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها

إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون . وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ، ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية وعلى ما تنص عليه المادة (38) من الدستور مضموناً وإطاراً ، وهو ما يعنى بالضرورة أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها وفق أسس موضوعية

يكون إنصافها نافياً لتحقيقها ، وحيدتها ضماناً لاعتدالها ، بما مؤداه أن قانون الضريبة العامة ، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن الحصول على إيرادها هدف مقصود منه ابتداء ، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً وإطاراً مقيداً لنصوص هذا القانون فلا يكون دين الضريبة بالنسبة إلى من يلزمون بها متمخضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية ، ويفقدها مقوماتها

ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك استيفاء لمصلحتها فى اقتضاء دين الضريبة إلى تقرير جزاء على الإخلال بها ، يكون مجاوزاً بمداه أو تعدده الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلواً وإفراطاً ، منافياً بصورة ظاهرة لضوابط الاعتدال ، واقعاً عملاً وبالضرورة وراء نطاق العدالة الاجتماعية ، ليختل مضمونها بما ينافى القيود التى فرضها الدستور فى مجال النظام الضريبى .

وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها ، ليكون قيداً على السلطة التشريعية فى المسائل التى تناولتها هذه النصوص ، وإنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة فى تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغى أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء فى علائق الأفراد فيما بينهم ، أم فى نطاق صلاتهم بمجتمعهم ، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعى ، ذلك أن العدالة تتوخى بمضمونها التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة فى مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة .

وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن النصوص القانونية لا تؤخذ إلا على ضوء ما يتحقق فيه معناها ويكفل ربط مقوماتها بنتائجها ، وكان الأصل فى صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما يخرجها عن موازين الاعتدال ، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التى تتحد خواصها وصفاتها ، بما يلائمها

فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها مما يتعين معه أن يوازن المشرع قبل تقريره للجزاء بين الأفعال التى يجوز أن يتصل بها ، وأن يقدر لكل حال لبوسها ، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها ، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة.

وحيث إنه بالبناء على ما تقدم وإذ كانت الجزاءات الواردة فى النص المطعون عليه تنقسم إلى قسمين رئيسيين فى ضوء الأغراض التى توخاها المشرع من تقريرها أولهما : 1 عقوبات جنائية بحتة هى الحبس والغرامة وقد استهدف المشرع من تقريرها تحقيق الردع العام والخاص ، والأخير يتحقق بحرمان الجانى من حريته أو من جزء من ملكه ، وهو الإيلام المقصود من العقوبة بوجه عام ، فهما عقوبتان جاءت كل عقوبة منها ذات حدين أدنى وأقصى يعمل القاضى سلطته فى إيقاع القدر المناسب منها فى كل حالة على

حدة ، ومن ثم تكون هاتان العقوبتان قد جاءتا متناسبتين مع الفعل المنهى عنه، وفقاً لما رآه المشرع محققاً للفائدة الاجتماعية المبتغاة ، وفى إطار سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق ، كما جاءت العقوبتان بالقدر اللازم لحمل المدين بدين الضريبة على الإقرار عن مبيعاته والوفاء بالضريبة المستحقة فى مواعيدها ، من غير غلو أو إسراف ، ومن ثم فإن هاتين العقوبتين لا مخالفة فيهما لحكم المادة (38) من الدستور .

وثانى تلك الجزاءات التى أوردها النص المطعون عليه هى العقوبات التى تجمع بين فكرتى الجزاء والتعويض ، وهى التى أوجب النص المطعون عليه الحكم بها وتتمثل فى إلزام المحكوم عليه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة .

وحيث إن الشق الأول من العقوبة والمتعلق بأداء الضريبة أمر لا مطعن عليه إذ إن هذه الضريبة هى محور النزاع وأساسه وهى أصل جريمة التهرب وبنيانها ، لذا كان الإلزام بأدائها واجباً فى كل الأحوال باعتباره من قبيل الرد العينى ، ذلك أن الأصل فى الالتزام أن ينفذ عيناً ، فإذا صار ذلك مستحيلاً بخطأ المدين آل الأمر إلى التنفيذ بطريق التعويض ، ولما كان أداء الضريبة المتهرب منها هو أمر ممكن عملاً ودائماً فإن النص على وجوب الحكم بها لا يشكل مخالفة لأحكام الدستور .

أما الضريبة الإضافية فقد استهدف بها المشرع أمرين ” أولهما ” تعويض الخزانة العامة عن التأخير فى تحصيل الضريبة عن الآجال المحددة لها قانوناً ، و” ثانيهما ” ردع المكلفين بتحصيل الضريبة عن التقاعس فى توريدها للمصلحة، وحثهم على المبادرة إلى إيفائها ، ومن ثم فإن هذا الجزاء يكون قد برئ من شبهة العسف والغلو ، وجاء متناسباً مع جسامة الفعل المنهى عنه

وبعد منح الممول مهلة سداد كافية وأن مناط استحقاق ضريبة المبيعات هو بيع السلعة أو أداء الخدمة بما مؤداه أن تلك الضريبة تندمج فى ثمن السلعة وتعد جزءاً منه، ولا يتصور بالتالى بيع هذه أو أداء تلك دون تحصيل الضريبة من مشترى السلعة أو متلقى الخدمة

وإلا كان المكلف متراخياً فى أدائها بمحض إرادته واختياره وسواء أكانت الأولى أم الثانية فإنه يلتزم بتوريد الضريبة فى الميعاد ، وإلا كان عدلاً ومنطقياً تحمله بالجزاء المقرر على عدم توريدها فى الميعاد المحدد قانوناً وبما لا مخالفة فيه لحكم المادتين (13 ، 38) من الدستور .

وإذ كانت هذه المحكمة قد سبق لها القضاء برفض الدعوى طعناً على الضريبة الإضافية حال التراخى فى توريد الضريبة الأصلية فى المواعيد المقررة فى المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات وهى أعمال لا ترقى إلى جريمة التهرب من الضريبة فإن الوصول إلى النتيجة ذاتها فى حال التهرب منها النص المطعون عليه يكون أوجب .

وحيث إن المشرع أوجب بالنص المطعون فيه الحكم على الممول المتهرب بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة إذ ورد النص بعبارة ” ويحكم على الفاعلين متضامنين ” ولا يملك القاضى إزاء هذا الوجوب إلا أن يقضى بهذا التعويض فى جميع الحالات بالإضافة إلى الجزاءات الجنائية المحددة بالنص المطعون عليه والتى تتمثل فى الحبس أو الغرامة أو هما معاً لتتعامد هذه الجزاءات جميعها على فعل واحد

هو مخالفة أى بند من البنود الواردة بنص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 ، والتى ورد من بينها نص البند (2) والمنسوب للمدعى مخالفته والذى يتمثل فى بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عنها ، وكان مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تُخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية

وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته ، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية ومن بينها ألا تكون العقوبة متضمنة معاقبة الشخص أكثر من مرة عن فعل واحد ، وألا يكون الجزاء مدنياً كان أو جنائياً مفرطاً بل يتعين أن يكون متناسباً مع الفعل المؤثم ومتدرجاً بقدر خطورته .

متى كان ذلك ، وكان التعويض المقرر بالنص المطعون فيه على سبيل الوجوب ، إضافة إلى تعامده مع الجزاءات الجنائية التى تضمنها النص ذاته على فعل واحد وهو التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات سواء كان هذا التهرب ناتجاً عن سلوك إيجابى أم سلبى ، ناشئاً عن عمد أم إهمال

متصلاً بغش أم تحايل ، أم مجرداً منهما ، فإنه يعد منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى فى الدولة ومنتقصاً بالتالى دون مقتض من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول الخاضع لأحكام القانون المشار إليه مما يعد مخالفة لحكم المادتين (34 و38) من الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

القضية العاشرة

أحكام الدستورية الكاملة

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع عشر من ديسمبر سنة 2008 م، الموافق السادس عشر من شهر ذى الحجة سنة 1429 ه .

برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد                  رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى.

وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى    رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن                   أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 45 لسنة 27 قضائية “دستورية”

المقامة من / …………………………..

ضد / …………………….

الإجراءات

بتاريخ العشرين من فبراير سنة 2005، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه

الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلبًا للحكم بعدم دستورية عجز الفقرة الثانية من المادة (11) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وكذا المنشور رقم 23 لسنة 1992 الصادر من مصلحة الضرائب على المبيعات .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الواقعات -حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 1819 لسنة 2003 مدنى أمام محكمة بور سعيد الابتدائية ضد المدعى عليه الثالث – وآخرين – بطلب الحكم بإلزامهم برد المبالغ المسددة منها بغير وجه حق لصالح مصلحة الضرائب على المبيعات، والمبين قيمتها بصحيفة الدعوى الموضوعية، مع إلزامهم بسداد الفوائد القانونية عن هذه المبالغ من تاريخ السداد وحتى تمام الرد

فضلاً عن إلزامهم بأن يؤدوا للشركة المدعية مبلغ مليون جنية كتعويض عما أصابها من أضرار مادية وأدبية من جراء التقدير الخاطئ لمقدار الضريبة، وقالت بياناً لذلك إنها فى غضون الأعوام من 2000 حتى 2003، استوردت مجموعة من الرسائل من الخارج، وأثناء الإفراج الجمركى عنها، تبين أن المدعى عليهم قد قدروا قيمة الوعاء المتخذ أساساً لربط الضريبة العامة على المبيعات

بإضافة ما يسمى برسم الوارد ورسم المنطقة الحرة إلى القيمة المقدرة للرسائل،  ولما كان الثابت أن كلا الرسمين الآنفى البيان هما فى حقيقة الأمر ضريبة، فإنه يتضح أن المدعى عليهم قد ألزموها بسداد ضرائب على مبالغ أخرى سبق سدادها كضريبة، وهو ما يخالف أحكام الدستور والقانون

ومن ثم فقد أقامت دعواها بالطلبات السالفة الذكر. وأثناء نظر الدعوى، دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية نصوص المواد (6/2، 3 ) و (11/2، 3) و (32/2، 3) و (47/1) و (50) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والفقرة الثانية من المادة السادسة من لائحته التنفيذية

والمنشور رقم 23 لسنة 1992 الصادر من مصلحة الضرائب على المبيعات، والمحكمة –  بعد أن ندبت خبيرًا وأودع تقريره – قررت بجلسة 16/1/2005 التصريح للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية طعناً على المادتين (6)، (11) من القانون المذكور، والفقرة الثانية من المادة السادسة من لائحته التنفيذية، والمنشور رقم 23 لسنة 1992 الصادر من مصلحة الضرائب على المبيعات، فأقامت الشركة المدعية دعواها الماثلة طعناً على الفقرة الثانية من المادة (11) من ذلك القانون المشار إليه، والمنشور رقم 23 لسنة 1992 فقط دون غيرهما من نصوص أخرى.

وحيث إن الدستور عهد بنص المادة (175) منه إلى المحكمة الدستورية العليا – دون غيرها – بتولى الرقابة على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين فى القانون، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الولاية التى تباشرها فى هذا المجال لا تنبسط إلا على القانون بمعناه الموضوعى، باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التى تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت فى تشريع أصلى، أو تضمنها تشريع فرعى

وأن تنقبض هذه الرقابة – بالتالى – عما سواها. لما كان ذلك وكان المنشور رقم 23 لسنة 1992 الصادر من مدير عام البحوث بمصلحة الضرائب على المبيعات بتاريخ 12/4/1992 لا يعدو أن يكون تعليمات إدارية بحتة  صادرة من رئيس إلى مرءوسيه متضمنة تفسيراً لنص  المادتين (11) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 و(6) من لائحته التنفيذية

ويلتزم هؤلاء المرءوسون باحترام هذه التعليمات وإطاعة ما فيها من أوامر على أنها التفسير الصحيح للقانون واللائحة بناء على واجب طاعة المرءوس لرئيسه، إلا أن هذه التعليمات لا تعد تشريعاً بالمعنى الموضوعى مما تمتد إليه رقابة المحكمة الدستورية العليا، ويخرج بالتالى عن اختصاصها.

وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية التى أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التى تقدر فيها تلك المحكمة جديته وعلى ضوء الطلبات الختامية التى تضمنتها صحيفة الدعوى الدستورية.

إذ كان ذلك، وكانت الشركة المدعية وإن دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نصوص الفقرتين الثانية والثالثة من كل من المواد (6) و (11) و(32) والفقرة الأولى من المادة (47) والمادة (50) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991

وكذا الفقرة الثانية من المادة السادسة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون – فضلاً عن المنشور رقم 23 لسنة 1992 المشار إليه آنفاً – وإذ كان البين أن محكمة الموضوع قد قدرت جدية الدفع بعدم دستورية نص المادتين (6) و(11) من القانون المشار إليه

والفقرة الثانية من المادة السادسة من لائحته التنفيذية، والمنشور رقم 23 لسنة 1992، إلا أن الشركة المدعية قصرت دعواها الدستورية طعناً على عجز الفقرة الثانية من المادة (11) من القانون، وكذا المنشور رقم 23 لسنة 1992، وإذ تم استبعاد المنشور الأخير من نطاق اختصاص هذه المحكمة – على نحو ما سلف، فإن الطلبات الختامية انما تتحدد بنص الفقرة الثانية من المادة (11) من القانون المشار إليه دون غيرها.

وحيث إن المادة (11) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن “تكون القيمة الواجب الإقرار عنها والتى تتخذ أساساً لربط الضريبة بالنسبة للسلع أو ما يؤدى من خدمات خاضعة للضريبة هى القيمة المدفوعة فعلاً فى الأحوال التى يكون فيها بيع السلعة أو تقديم الخدمة من شخص مسجل إلى شخص آخر مستقل عنه وفقاً للمجريات الطبيعية للأمور، وإلا قدر ثمن السلعة أو الخدمة بالسعر المقابل السائد فى السوق فى الظروف العادية وفقاً للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية.

وبالنسبة للسلع المستوردة من الخارج فتقدر قيمتها فى مرحلة الافراج عنها من الجمارك بالقيمة المتخذة أساساً لتحديد الضريبة الجمركية مضافاً إليها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المفروضة على السلعة.

وللوزير بالاتفاق مع الوزير المختص، أن يصدر قوائم بقيم لبعض السلع أو الخدمات تتخذ أساساً لربط الضريبة.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة مؤداه ألا تفصل فى غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعى, ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يكون ثمة ضرر قد لحق بالمدعى فى الدعوى الموضوعية، وأن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المدعى بمخالفته لأحكام الدستور. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعى -فى الخصومة الماثلة- يدور حول مطالبة الشركة المدعية  مصلحة الضرائب  على المبيعات

بأن ترد لها قيمة ضريبة المبيعات التى سددتها، بعد أن أضيف إلى قيمة وعاء هذه الضريبة ما دفعته كرسم وارد ورسم المنطقة الحرة، ومن ثم فإن مصلحة الشركة المدعية -فى الدعوى الماثلة- تكون متوافره، ويتحدد نطاقها فى عجز نص الفقرة الثانية من المادة (11) من القانون، فيما تضمنته من إضافة الضرائب الجمركية والرسوم المفروضة على السلعة إلى قيمة الوعاء المتخذ أساسا لربط ضريبة المبيعات.

ولا يقدح فى هذا النظر ما جاء بدفاع الحكومة من إنعدام مصلحة المدعية فى الطعن على هذا النص، قولاً منها بأن الملتزم بأداء ضريبة المبيعات -أياً كان الوعاء المقدر لها- هو المشترى، وينحصر دور الشركة المدعية فى مجرد تحصيلها وتوريدها لمصلحة الضرائب على المبيعات

ذلك أن المقرر – فى قضاء هذا المحكمة – أن الملتزم بالضريبة دون أن يكون محملاً بعبئها، تقوم له مصلحة فى الطعن بعدم دستورية النص الفارض للضريبة، ذلك أن الحكم بعدم دستورية ذلك النص، يعنى امتناع تحصيل الضريبة التى فرضها وانهدام الأساس القانونى الذى تقوم عليه، خاصة وأن الضريبة فى مثل هذه الحالة تعتبر جزءًا من عناصر تكلفة السلعة المحملة بها بما يؤدى إلى زيادة فى التكلفة ويؤثر بالضرورة فى فرص تسويقها، والتى تتحكم فيها قوانين عرض وطلب هذه السلعة فى الأسواق المحلية والدولية.

وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون عليه -محدداً نطاقاً على النحو المتقدم- مخالفة المواد (4) و(8) و(32) و(38) و(40) و(61) و(119) من الدستور، قولاً منها بأن النص فيما تضمنه من فرض ضريبة مبيعات، يدخل فى تقدير وعائها، ما سبق سداده من ضرائب أخرى تحت مسمى رسم الوارد ورسم المنطقة  الجمركية 

 يتضمن فرض ضريبة على ضريبة أخرى، بما يخالف القواعد الموضوعية لفرض الضريبة، وأخصها مخالفة مبدأ الكفاية والعدل كأساس لفرض الضريبة، بالاضافة إلى أن ذلك يمثل عدواناً على الملكية الخاصة، إذ يتم تحصيلها فى مرحلة الافراج الجمركى عن السلعة المستوردة، قبل بيعها للمستهلك

مما يترتب عليه تعطيل انتفاع المستورد بجزء من ماله، ويكون المشرع بذلك قد مايز بين فئتين من المكلفين بأداء هذه الضريبة، هما المنتح المحلى والمستورد، إذ لا تستحق هذه الضريبة على السلع المحلية إلا بعد بيعها وتحصيل الضريبة، بينما يتحمل المستورد عبء تلك الضريبة، ويلتزم بسدادها مقدماً.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مبدأ تكافؤ الفرص الذى تكفله الدولة للمواطنين كافة، وفقاً لنص المادة (8) من  الدستور يتصل فى مضمونه بالفرص التى تتعهد الدولة بتقديمها، فلا يثور إعماله إلا عند التزاحم عليها، كما أن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية – فى مجال الانتفاع بها – لبعض المتزاحمين على بعض

وهى أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام. لما كان ذلك وكان النص المطعون فيه لا يتصل بفرص قائمة تتعهد الدولة بتقديمها، بما مؤداه انتفاء اعمال مبدأ تكافوء الفرص فى نطاق تطبيق ذلك النص، وبالتالى يكون النعى عليه بمخالفته نص المادة (8) من الدستور وارداً على غير أساس، جديراً بالالتفات عنه.

وحيث إن الدستور أعلى من شأن الضريبة العامة، وقدر أهميتها بالنظر إلى خطورة الآثار التى ترتبها، وبوجه خاص من زاوية جذبها لعوامل الانتاج أو طردها أو تقييد تدفقها.، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها بالتالى على فرص الاستثمار والادخار والعمل وتكلفة النقل وحجم الانفاق.

وكان الدستور -نزولاً على هذه الحقائق واعترافاً بها- قد مايز بنص المادة (119) بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو الغاؤها إلا بقانون، وأن ثانيتهما يجوز انشاؤها فى الحدود التى يبينها القانون،

وكان ذلك مؤداه أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمنا تحديد نطاقها، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان مبلغها والملتزمين أصلاً بأدائها، والمسئولين عنها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها، وكيفية ادائها، وغير ذلك مما يتصل ببيان هذه الضريبة، عدا الاعفاء منها، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون.

وحيث إن الأصل أن يتوخى المشرع، بالضريبة التى يفرضها، أمرين يكون أحدهما أصلاً مقصوداً منها ابتداء، ويتمثل فى الحصول على غلتها، لتعود إلى الدولة وحدها، تصبها فى خزانتها العامة، لتعينها على مواجهة نفقاتها، ويكون ثانيهما مطلوب منها بصفة عرضية، أو جانبية أو غير مباشرة، كاشفاً عن طبيعتها التنظيمية

دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تقييد مباشرة الأعمال التى تتناولها، أو حمل المكلفين بها – عن طريق عبئها- على التخلى عن نشاطهم، وعلى الأخص إذا كان مؤثماً جنائياً، وهذه الآثار العرضية للضريبة كثيراً ما تلازمها، وتظل للضريبة مقوماتها من الناحية الدستورية، ولا تزايلها طبيعتها هذه لمجرد أنها تولد آثار عرضية بمناسبة انشائها.

وحيث إنه من المقرر، أن تحديد دين الضريبة يتطلب التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها، باعتباره شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة، ويتعين – فى هذا الاطار- أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها، محققاً ومحدداً على أسس واقعية، يكون ممكناً معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخيص

ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها، وفق الشروط التى يقدر معها المشرع واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور، وكان الدستور – كذلك- وإن خص النظام الضريبى بالمادة (38) منه، متطلباً أن تكون العدالة الاجتماعية مضموناً لمحتواه وغاية يتوخاها

فلا تنفصل عنها النصوص القانونية التى يقيم عليها المشرع النظم الضريبية على اختلافها، إلا أن الضريبة بكل صورها تمثل فى جوهرها عبئاً مالياً على المكلفين بها، شأنها فى ذلك شأن الأعباء التى انتظمتها المادة (119) من الدستور، ويتعين بالتالى – وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها- أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها، محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها، نائياً عن التمييز بينها دون مسوغ.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت عدالة الضريبة مرتبطة بتقدير وعائها على أسس موضوعية عادلة، ومن ثم التوصل إلى القيمة الحقيقية للسلع المستوردة التى يتعين أن تشمل كافة ما تحملته السلعة من نفقات، ومن بينها ما تم فرضه عليها من ضرائب ورسوم جمركية، تمثل فى مجموعها القيمة الحقيقية للسلعة المستوردة

توصلاً إلى تحميل المستهلك – الملتزم الأصلى- بقيمة دين الضريبة، وهو ما لايخل بعدالة هذه القيمة من الوجهة الدستورية ويتفق وطبيعة هذه الضريبة، وعلى الأخص لاختلاف شخص الملتزم بتحملها عن شخص الملتزم بجبايتها وتوريدها لخزينة الدولة، ومن ثم فإن النعى بمخالفة النص الطعين للقواعد الشكلية والموضوعية لفرض الضريبة، أو مخالفة مبدأى الكفاية والعدل، يكون قائماً على غير أساس متعين الرفض.

وحيث إنه لما كان الأصل فى الضريبة العامة على المبيعات- بحسبانها من الضرائب غير المباشرة- أن يتحمل المستهلك عبئها، ومن ثم يتعين تحصيلها منه مباشرة، باعتبار أنها فى حقيقتها – كما سلفت الإشارة- ضريبة على الاستهلاك، غير أن هذا الأصل يتعذر تطبيقه من الناحية العملية بالنسبة للسلع المستوردة لكثرة المستهلكين

وضخامة عددهم، وصعوبة تحصيل هذه الضريبة منهم، وزيادة نفقاته، لذلك كان منطقياً، أن يتجه المشرع- فى النص المطعون فيه – إلى تحديد ملتزم آخر بأدائها مباشرة، إلى حين استردادها من المستهلك، فألزم المستورد بأداء هذه الضريبة إلى الدولة، متخذاً واقعة محددة ومنضبطة، هى الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية، مناطاً لاستحقاقها، ومحدداً مرحلة أكثر يسراً وسهولة من مراحل تداول السلعة، هى مرحلة الإفراج عنها من الجمارك، لأدائها. وهذا التنظيم التشريعى يهدف إلى تحقيق أمور ثلاثة: الأول: سرعة وسهولة ضبط عملية تحصيل الضريبة العامة على المبيعات

وضمان توريدها إلى الخزانة العامة. والثانى: تحقيق الغرض المقصود أصلاً من هذه الضريبة، وهو الحصول على غلتها لمواجهة الزيادة فى الإنفاق العام، الناتج عن التوسع فى المشروعات العامة التى تتصل بالمجالات المختلفة، فضلاً عن حماية المنتج المحلى فى مواجهة السلع المستوردة، بما يهيئ لهذا المنتج قدرة تنافسية قوية

بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق العام على السلع الاستهلاكية، بما يسمح بتوجيه الفائض إلى ميادين الاستثمار المتعدد،. والثالث: ضمان مصلحة الممول والخزانة العامة معا، إذ أنه فى مرحلة الإفراج عن السلعة من الجمارك، يمكن تقدير القيمة الحقيقية والواقعية للسلعة المستوردة الخاضعة للضريبة، كما هو موضح آنفاً- فتستأدى الدولة الضريبة على قيمة السلعة المستوردة فى هذه المرحلة، كما يقوم المستورد بإضافة هذه القيمة إلى ثمن السلعة عند بيعها.

وحيث إنه ولئن كان مسلماً أن الحماية التى كفلها الدستور لحق الملكية المنصوص عليها فى المادتين (32) و (34) منه، لايقتصر على الحقوق العينية، بل تنصرف كذلك إلى الحقوق الشخصية، وتتسع للأموال بوجه عام، إلا أن الضريبة العامة على السلع المستوردة المطعون فيها، لا تخالف هذه الحماية

ذلك أن الإخلال بها لايتحقق إلا من خلال نصوص قانونية تفقد ارتباطها عقلاً بمقوماتها، ولا كذلك الأمر فى شأن تلك الضريبة، بالنهج الذى وضعه النص المطعون فيه، لا لتئام هذا النهج مع حقائق العدل، التى اختصها الدستور فى كثير من نصوصه، ومنها نص المادة (38) المشار إليها.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون، لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كما أنه ليس مبدأً تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء، تنبذ صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة (40) من الدستور.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون، لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كما أنه ليس مبدأً تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء، تنبذ صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوى بالتالى على مخالفة لنص المادة (40) من الدستور.

وحيث إن وعاء الضريبة على السلع المحلية يتحدد على ما تقضى به الفقرة الأولى من المادة (11) من قانون الضريبة العامة على المبيعات بالقيمة المدفوعة فعلاً ثمناً للسلعة. ويدخل فى هذه القيمة التكلفة الفعلية للسلعة بما فيها كافة الضرائب المستحقة عليها بالاضافة إلى هامش الربح الذى يحدده المنتُج المحلى

وهو عين ما يتم بالنسبة للسلع المستوردة من الخارج والتى يتحدد وعاؤها بالقيمة المتخذة أساساً لتحديد الضريبة الجمركية، وهى – على ما تقضى به المادة 22 من  قانون الجمارك  الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 – القيمة الفعلية مضافاً إليها جميع التكاليف والمصروفات التى تحملها المستورد حتى وصول البضائع إلى الأراضى المصرية

والتى يدخل فيها بطبيعة الحال الضريبة الجمركية المستحقة عليها. ومن ثم فإن قالة مخالفة النص الطعين لمبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور تكون فاقدة أساسها متعيناً رفضها.

وحيث إن النص الطعين لا يخالف حكماً آخر من أحكام الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }