بحث حول البيع بالعينة فقد يختار المتبايعان العينة طريقا لتعيين المبيع أحدهما – ويكون غالبا هو البائع – عينة يجب ان يكون المبيع مطابقا لها فيعطي بائع القماش مثلا للمشتري عينة من القماش الذي يبيعه إياه تكون عادة قصاصة من هذا القماش أو يعطي بائع القطن أو القمح أو الورق أو نحو ذلك عينة مما يبيعه يحتفظ بها المشتري حتى يضاهي عليها ما يتسلمه من البائع من قطن أو قمح أو ورق أو غير ذلك
البيع العينة تعريفه
العينة تغني عن تعيين المبيع بأوصافه كما تغني عن رؤيته إذ يتم تعيين المبيع على أساس العينة المقدمة وللمشتري أن يرفض المبيع إذا لم يكن مطابقاً لها تماماً حتى لو كان من صنف أجود، أما إذا جاء مطابقاً فلا يستطيع المشتري رفضه إذ أن البيع بالعينة بيع بات – لكن ذلك لا يمنع من رجوع المشتري على البائع بضمان العيوب الخفية ،
وإذا وقع نزاع فإن البائع يتحمل عبء الإثبات على أن المبيع مطابق للعينة ويجوز الالتجاء لأهل الخبرة بحكم من قاضي الأمور المستعجلة لإثبات ما إذا كان المبيع مطابق للعينة من عدمه بشرط توافر الاستعجال وقد يقع النزاع في ذات العينية فتطبق القواعد العامة،
فمن كانت بيده العينة يكون هو المدعى عليه والآخر هو المدعى وعلى هذا الأخير إثبات أن الشيء الذي في يد الأول ليس هو ذات العينة ما لم تكن هناك علامة متفق عليها قد وضعت على العينة فوجود العلامة يكفي لإثبات ذات العينة .
( أنور طلبة ص 285 )
وإذا كانت العينة قد فقدها من كانت بيده أو تلفت أو هلكت ولو دون خطأ من أحد فإن كان ذلك وهي في يد المشتري كما هو الغالب وادعى هذا أن المبيع غير مطابق للعينة فعليه هو أن يثبت ذلك فإن البائع لا يد له في ضياع العينة فهو على دعواه من أن المبيع مطابق لها حتى يثبت المشتري العكس
وإن كانت العينة في يد البائع وادعى المشتري أن المبيع غير مطابق لها فعلى البائع أن يثبت المطابقة ويكون الإثبات من الطرفين بجميع الطرق بما في ذلك البينة والقرائن.
( السنهوري ص 199 )
وقد قضت محكمة النقض بأن
التعاقد بالعينة لا يؤثر في صحة انعقاده عدم توقيع الملتزم على العينة وإجازة أن يكون ذلك مثار خلاف عند تنفيذ القد، ولا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيما تقرره من أن العقد ثم على عينة معينة وأن المتعاقد قد عاينها
(جلسة 15/5/1947 مجموعة أحكام النقض السنة 15 ص 346 )
وبأنه البائع لا تبرأ ذمته إلا إذا قدم بضاعة تطابق العينة التي جرى التعاقد عليها فمن الخطأ القول بأنه إذا امتنع البائع أن يحصل على بضاعته من العينة المتعاقد عليها كان عليه أن يورد ما يستطيع الحصول عليه فإن كان دون العينة جودة أو نقاوة التزم بفرق الثمن لمصلحة المشتري
(جلسة 6/12/1948 مجموعة أحكام النقض السنة 16 ص 346)
وبأنه إذا كان البيع بالعينة وجب أن يكون مطابقاً لها، ومؤدى ذلك أن يقع على عاتق البائع الالتزام بتسليم الشيء مطابق للعينة المتفق عليها فإذا لم يف بهذا الالتزام لم يكن له أن يطالب المشتري بأداء المقابل وهو الثمن
(جلسة 15/10/1959 مجموعة أحكام النقض السنة 10 ص 567)
وبأنه فهم نية المتعاقدين لمعرفة إن كانت قد اتجهت إلى البيع بالعينة أم إلى البيع بحسب المواصفات الواردة في التعهد هو من مسائل الواقع التي يستغل بها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه فيها على استخلاص سليم
( جلسة 16/10/1952 مجموعة أحكام النقض 1 لسنة 17 ص 346 )
البيع بالعينة وجزاء عدم مطابقة المبيع للعينة
إذا كان المبيع غير مطابق للعينة لم يجبر المشتري على قبوله ويكون له :
أولا : أن يطالب بالتنفيذ العيني فيجبر البائع على تسليمه شيئاً آخر يكون مطابقاً للعينة بل يستطيع المشتري أن يحصل على شيء مطابق للعينة على نفقة البائع بعد استئذان القاضي، أو دون استئذانه في حالة الاستعجال (م 205 مدني).
ثانيا : ويستطيع بدلا من المطالبة بالتنفيذ العيني أن يطلب فسخ البيع لعدم قيام البائع بتنفيذ التزامه من قبل تقديم شيء مطابق للعينة،
ويجوز فوق ذلك أن يطلب المشتري من البائع تعويضاً عما أصابه من ضرر بسبب عدم تنفيذ البائع لالتزامه، وذلك وفقاً للقواعد العامة.
ثالثا : ويستطيع بدلاً من المطالبة بالتنفيذ العيني أو المطالبة بالفسخ أن يقبل المبيع غير المطابق للعينة ويطلب إنقاص الثمن إذا كانت قيمة المبيع أقل من قيمة الشيء المطابق للعينة .
(السنهوري ص 199)
وقد قضت محكمة النقض بأن
إذا كانت محكمة الموضوع قد قامت بفحص العينة وأجرت مقارنة بينها وبين البضاعة المبيعة فأسفر بحثها عن مطابقة البضاعة للعينة في خصائصها التي رأت أن المتعاقدين قصداها فليس في استظهارها في هذا المقام وجود اختلاف طفيف بين العينة والبضاعة ما ينفي المطابقة طالما أنها قد انتهت بما لها من سلطة التقدير في هذا الصدد إلى عدم الاعتداد بهذه الفروق باعتبارها فروقاً لا يؤبه بها ولا يؤثر وجودها على اعتبار البضاعة مطابقة للعينة
(جلسة 12/11/1959 مجموعة أحكام النقض السنة 10 ص 659)
وبأنه متى كان الواقع في الدعوى هو أن الطاعن باع إلى المطعون عليه كمية من الصاج المستعمل وفق عينة موجودة تحت يد المشتري ومختومة من الطرفين على أن يتم تسليم الكمية في ظرف أسبوع واحد يبدأ من تاريخ التعاقد والتزم الطاعن في العقد بأن يسلم المطعون عليه فاتورة الشراء حتى يتسنى له بها الحصول على إذن بالتصدير واتفق كذلك في العقد على أنه إذا تأخر الطاعن عن التسليم في ظرف المدة المحددة
أو إذا رفض المطعون عليه التسليم يلزم الطرف الآخر بدفع تعويض وكان الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه مبلغ التعويض وكان الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه مبلغ التعويض ومقدم الثمن و الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء قد أسس قضاءه على أن الطاعن هو الذي نكل عن الوفاء بالتزامه
وأن ما أصاب المطعون عليه من ضرر ثابت من خطابات فتح الاعتماد الدالة على أنه تعاقد مع تاجر في الخارج على أن يورد كمية الصاج التي اشتراها من الطاعن وكان هذا الأخير قد تمسك بأن العقد لا يلزمه بأن يكون الصاج الذي يسلمه إلى المطعون عليه من مخلفات الجيوش المتحالفة
وأنه من ذلك كان له أن يسلم الكمية المبيعة من الصاج المحلي وأن المطعون عليه إذ استبان أن تصدير الصاج المحلي ممنوع أخذ يراوغ في تسلم الصاج الذي أعده هو وكان الحكم لم يقطع صراحة في أن الصاج المتعاقد عليه كان من مخلفات الجيوش المتحالفة وهو أمر يدور عليه وجه الفصل في الدعوى فإنه يكون قد عاره قصور يستوجب نقضه