بحث عن أثر تغير قيمة العملة على الحقوق في الشريعة الاسلامية و تغير قيمة العملة في الفقه الإسلامي و كذلك القرض والسلف شرعا وأثر تغير قيمة النقود علي المعاملات و كيفية سداد الديون عند تغير قيمة العملة وفقا للشريعة الاسلامية .

أثر تغير قيمة العملة ونظام المقايضة

أثر تغير قيمة العملة في الشريعة

ذكرنا من قبل أن الناس قديماً كانوا قد دأبو فى تعاملاتهم على نظام المقايضة ولما كانت تكتنف هذا النظام كثيراً من الصعوبات والعيوب لذلك تطور التعامل بينهم حتى أصبح بالنقود

 وتعددت الاشياء التي استخدمها الانسان نقداً الى أن هدى لاستخدام الذهب والفضة وهما أكثر شيء يتمتع بالقبول العام بين الافراد وله ميزات البقاء دون تلف ويمكن به تلافي العيوب التي كانت قائمة في نظام المقايضة .

ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس يتعاملون بالدنانير الذهبية والدراهم الفضية فشرع الرسول صلى الله عليه وسلم من الاحكام ما ينظم به تعاملاتهم بها
فذكر صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه عبادة بن الصامت رضی الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد )  أخرجه مسلم

وكذلك ما رواه أبو سعيد الخضري رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال

 لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل . ولا تشفوا بعضها على بعض . ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل . ولا تشفوا بعضها على بعض . ولا تبيعوا منها غائبا بناجز . متفق عليه

وروى أبو بكر رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال

 نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب الا سواء بسواء وأمرنا أن نشترى الفضة بالذهب كيف شئنا ونشترى الذهب بالفضة كيف شئنا

وفى نفس المعنى روى أبو هريرة عن الرسول صلى الله عليه سلم أنه قال

 (( الدينار بالدينار لا فضل بينهما والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما ))

أثر تغير قيمة العملة علي شروط صحة المعاملة المصرفية

يخلص مما سبق من أحاديث صحيحة عن خاتم المرسلين انه يشترط لكى تكون المعاملة المصرفية صحيحة شرعاً
أولا التماثل :

 ومفاده ان الذهب بالذهب والفضة بالفضة والدينار بالدينار والدرهم بالدرهم دون زيادة أو نقصان والا كان ذلك مخالفاً لما ورد بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لكونه نوعا من الربا .

ثانيا القبض فى المجلس قبل الافتراق

 فلا يباع غائب بحاضر ولا يتأخر القبض وإنما يداً بيد فإذا افترق الطرفان قبل أن يتقايضا فالصرف إذن فاسد بغير خلاف  ولعل أبرز المشكلات فى هذا الأمر ما يتصل بالقبض في المجلس إذا ما كان تعذر التقايض فى كثير من الأحيان وهنا يمكن ان يستعاض عن القبض الفعلي للنقد الوسائل المختلفة كالحوالة والشيك ولكن لا يجوز تأخير القبض أو ما يقوم مقامه  لذلك تلجأ  أسواق النقد العالمية  الى الاعلان عن سعر الصرف الحالي والمؤجل وتجعل المؤجل زيادة ترتبط بسعر الفائدة

وفى ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذى رواه ابن عمر رضی الله عنه

 (( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت اني ابيع الابل بالنقيع فأبيع بالدنانير وأخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وأخذ الدنانير فقال لا بأس أن تأخذ يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء

وفي لفظ بعضهم (  ابيع بالدنانير وأخذ مكانها الورق وابيع بالورق وأخذ مكانها الدنانير ))

ومن ذلك يفهم ولذلك فالشاهد من هذا الحديث أن الدين يؤدى بمثله لا بقيمته حيث يؤدى عند تعذر المثل بما يقوم مقامه وهو سعر الصرف يوم الأداء لا يوم ثبوت الدين

 وقد روى أبو داوود في سننه عن المستورد بن شداد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول

 (من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا )

وما رواه أحمد في مسنده عن المستورد قال

 ” مَنْ وَلِيَ لَنَا عَمَلا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ فَلْيَتَزَوَّجُ ، أَوْ خَادِمٌ فَلْيَتَّخِذُ خَادِمًا ، أَوْ مَسْكَنٌ فَلْيَتَّخِذْ مَسْكَنَا ، أَوْ دَابَّةٌ فَلْيَتَّخِذْ دَابَّةَ “

وقال الخطاب في ذلك وفى معالم السنن

ان هذا يؤخذ على وجهين أحدهما انما اباح اكتساب الخادم والمسكن من عمالته الت هى اجره مثله والوجه الاخر ان للعامل السكني والخدمة فإن لم يكن له مسكن ولا خادم استؤجر له من يخدمه فيكفيه مثله) .

 وقد جاء في شرح الحديث أنه يحل له أن يأخذ مما في تصرفه من مال بيت المال قدر مهر زوجته ونفقتها وكسوتها وكذلك ما لابد منه من غير اسراف وتنعم

وذكر بعد هذا قول الخطابي :

يؤخذ من هذا الحديث الشريف ان أجر العامل مرتبط بتوفير تمام الكفاية ومعنى ذلك أن هذا الاجر يجب أن يتغير تبعاً لتغير قيمة العملة وهذا يختلف عن الالتزام بالدين كما بينه حديث ابن عمر .

 أثر تغير قيمة النقود عند الفقهاء

يقول ابن وهب

ذاكراً عن الامام مالك وناقلا عنه كل شيء اعطيته الى اجل فرد اليك مثله وزيادة فهو ربا).

كذلك ورد في البيان والتحصيل عن مالك عن مالك قال لرجل: 

ادفع إلى هذا نصف دينار فدفع إليه به دراهم قال ابن القاسم ليس عليه إلا عدة الدراهم التي دفع يومئذ لأنه نصف دينار، وليس عليه أن يخرج دينارا فيصرفه وإنما الاختلاف إذا أمره بقضاء دينار تام

 قال سحنون : قال ابن القاسم :

يريد إذا كان المأمور إنما دفع إليه الدراهم ، وأما إن كان إنما دفع إليه دينارا فصرفه فله نصف دينار بالغا ما بلغ .

قال محمد بن رشد :
 كذا وقع في هذه المسألة قال ابن القاسم:

 وليس له إلا عدة الدراهم التي دفع وصوابه قال مالك فإن المسألة في قوله بدليل تفسير ابن القاسم له بقوله يريد إذا كان المأمور إنما دفع إليه الدراهم وسأله أي مالك عمن له على رجل عشرة دراهم مكتوب عليه من صرف عشرين بدينار أو خمسة دراهم من صرف عشرة دراهم دينار

مثال ذلك

ارى ان يعطيه نصف دينار ما بلغ كان أقل من ذلك أو أكثر إذا كانت تلك العشرة دراهم أو الخمسة المكتوبة عليه من بيع باعه اياه فأما ان كانت من سلف أسلفه اياه يأخذ الا مثل ما أعطاه فقيل له أرأيت ان باع إياه ثوباً بثلاثة دراهم ولا إياه ثوباً بثلاثة دراهم ولا يسمى له صرف كذا وكذا

والصرف يومئذ تسعة دنانير قال إذا لم يقل من صرف كذا وكذا أخذ بالدراهم الكبار ثلاثة دراهم وإنما قال بثلاثة دراهم من صرف كذا وكذا بدينار فذلك جزء من الدينار ارتفع الصرف أو انخفض 

وقد كان من بيوع أهل مصر يبيعون الثياب بكذا وكذا درهما من صرف كذا وكذا دينار فيسألون عن ذلك كثيراً وقال محمد بن رشد هذا كما ذكر

ومما لا خلاف عليه ولا اختلاف فيه انه إذا باع كذا وكذا درهما لم يقل صرف كذا فله عدد الدراهم التى سمى ارتفع الصرف أو اتضح وإذا كذا بكذا وكذا درهما فلا تكون له الدراهم التى سمى اذا لم يسمها الا ليبين بها الجزء الذي أراد البيع به من الدينار فله ذلك الجزء

وكذلك إذا قال :

أبيعك بنصف دينار من ضرب وعشرين درهما بدينار ، فإنما له عشرة دراهم إذا لم نصف الدينار الا ليبين به الدراهم التى أراد البيع بها من الدينار

وقال الدردير :

 وإن بطلت معاملة من دنانير أو دراهم أو فلوس ترتبت لشخص على غيره من قرض أو بيع أو تغيير التعامل بها بزيادة أو نقص فالمثل أي فالواجب قضاء المثل على من ترتبت فى ذمته أن كانت موجودة في بلد المعاملة وإن عدمت في بلد المعاملة وإن وجدت في غيرها فالقيمة يوم الحكم أي تعتبر يوم الحكم فإن يدفع له قيمتها عرضاً أو يقوم العرض بعيد بين المتجددة ويتصدق بما يغش به الناس أدباً للغاش مجاز للحاكم كالمكتسب أن يتصدق به على الفقراء

انقطاع النقود الورقية

إن حالة انقطاع النقود الورقية وإن كان لا يمكن تصورها في ظل النظم الاقتصادية للدول المعاصرة، إذ إن كل دولة تقوم بإصدار أوراقها النقدية و حمايتها لتبقى بالكم اللازم للتداول على الصعيدين الداخلي والخارجي

 وبما يحفظ التوازن في نظامها الاقتصادي، إلا أنه يمكن تصور حالة الانقطاع في عملة أخرى أجنبية تكون سائدة في السوق إلى جانب العملة المحلية، كما هو الحال بالنسبة للدولار الذي يسود التعامل به في الكثير من أسواق بعض الدول إلى جانب عملتها المحلية.

فإذا ترتب في ذمة شخص مبلغ معين من النقود بعملة معينة، ثم انقطعت هذه العملة من السوق لأي سبب كان فما الحكم في هذه الحالة ؟

 إن المتتبع لأقوال الفقهاء المعاصرين في هذه المسألة يجدها لا تخرج عما ذكر في مسألة الكساد، على اعتبار أن الكساد والانقطاع بالنسبة للنقود الورقية هما في معنىً واحد ، فالأول انعدام حقيقي، والثاني انعدام حكمي.

حكم انخفاض قيمة النقود الورقية و ارتفاعها

يعتبر تغير قيمة النقود الورقية بانخفاضها – وهو الغالب وهو الغالب – أو ارتفاعها من أبرز المشكلات التي تواجه فقهاء الإسلام المعاصرين، وأهمها، وذلك لما يجره تغير القوة الشرائية للنقد من مشكلات اقتصادية تؤثر على التزامات الدول والأفراد في الداخل والخارج، ولما يختص به النقد بشكل عام من أحكام فقهية في الشريعة الإسلامية  لذا فقد تشعبت آراء الفقهاء في هذه المسألة وتعددت في أوسع نطاق .

وفيما يلي نعرض لأهم هذه الأقوال وأدلتها بإيجاز :
القول الأول:

ذهب عدد من العلماء المعاصرين إلى أنه إذا تغيرت قيمة النقود الورقية بالرخص أو الغلاء ؛ فلا يجب على من ترتب في ذمته شيء منها إلا مثلها من غير زيادة أو نقصان، وأنه لا يصار إلى القيمة إلا في حالتي الكساد أو الانقطاع. و بهذا الرأي أخذ مؤتمر البنك الإسلامي للتنمية المنعقد بالتعاون مع المعهد للاقتصاد الإسلامي في جدة عام 1987م،

 حيث اعتمد المشاركون فيه وجوب المثلية ذلك أن النقود الورقية تختلف عن الفلوس ؛ إذ هي تقوم مقام النقدين الفضة ،وبالتالي فإن قول أبي يوسف برد القيمة حالة الرخص والغلاء لا يجري عليها

كما اعتمده مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة حيث قرر :

 ( أن العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تقضى بأمثالها)

وقد استدل هذا الفريق لرأيه بأدلة من الكتاب والسنة والمعقول نوجزها فيما يلي
أدلتهم من الكتاب:
  • قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) سورة المائدة آية 1.
  • وقوله تعالى : ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ) سورة الأنعام آية 152.
  • وقوله تعالى : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم (بالباطل) سورة البقرة آية 188.

فهذه الآيات وغيرها تأمر بالوفاء بالعقود، وأن يكون الوفاء بالقسط، وإن هذا الوفاء لا يتحقق ولا يكون بالقسط إلا بأداء مثل ما عليه لا بقيمته؛ لأنه هو الحق الذي لزمه بموجب العقد قدراً ونوعاً وصفةً وكل زيادة عليه أو نقصان منه أكل لمال الغير بالباطل.

(ب) أما أدلتهم من السنة النبوية:

1 –  فهي الأحاديث التي تنهى عن بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة أو غيرهما من الأصناف الربوية؛ إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل، سواءً بسواء يداً بيد فهذه الأحاديث بينت أنه عند مبادلة الأثمان يجب الالتزام بالمثلية، والنقود الورقية من الأثمان فيجب الالتزام فيها بالمثلية.

وتتحقق هذه المثلية في الأموال الربوية بالجنس والقدر لا بالقيمة والوصف؛ إذ إن أدلة كثيرة أثبتت أن الجودة غير معتبرة في تبادل الأصناف الربوية ؛ ومن ذلك

 حديث الرجل الذي استعمله النبي (صلى الله عليه وسلم) على خيبر فجاءه بتمر جنيب أي جيد فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال لا يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)لا تفعل؛ فبع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً.

فالحديث ظاهر في أن النبي (صلى الله عليه وسلم قد نهاه أن يبادل الصاع من التمر الجيد بالصاعين من التمر الرديء ؛ لأن التمر من الربويات التي لا يجوز التفاضل فيها ، والجودة فيها غير معتبرة.

كما استدلوا بحديث ابن عمر ( رضي الله عنهما ) الذي يقول فيه :

( كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير آخذ هذه من هذه ، وأعطي هذه من هذه، فأتيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو في بيت حفصة فقلت يا رسول الله : رويدك أسألك؟ إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير آخذ هذه من هذه ، وأعطي هذه من هذه 

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ( لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء )

فالحديث يعد أصلاً في أن الدين يؤدى بمثله لا بقيمته ، فإن ابن عمر رضي الله عنهما كان يبيع الإبل بالدنانير ويأخذ مكانها دراهم ، ويبيع بالدراهم ويأخذ مكانها دنانير،

ولا يتحقق معنى هذا إلا إذا كان البيع مؤجلاً، وفي البيع المؤجل قد يتغير سعر الصرف ، فطلب إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند تعذر المثل أن يؤدي إليه من الجنس الآخر حسب سعر الصرف يوم الأداء يوم ثبوت الدين في الذمة

و استدلوا من المعقول بما يلي:

1 بما ذكر سابقاً من أن النقود هي معيار للقيم ومقياس للأسعار ، والأصل أن يلتزم طرفا العقد المعيار الذي تعاملا به ؛ وإلا اضطربت المعاملات واختلت العقود.

2 أن التغير الحاصل في قيمة الأشياء أمر معروف ومتوقع لأطراف العقد منذ مارس الإنسان نشاطه الاقتصادي، ومن هذا التغير ينشأ في التجارة احتمال الربح وبالاجتهاد في الأخذ بأسباب الربح وتجنب أسباب الخسارة تنشط الحركة الاقتصادية وتزدهر

3 أن صفة الثمنية حالة الرخص أو الغلاء باقية لم تنعدم، لكنها تغيرت قيمتها بتغير العرض والطلب، وتغير القيمة غير معتد به .

القول الثاني :

وذهب عدد آخر من العلماء المعاصرين إلى أنه إذ تغيرت قيمة النقود الورقية، فعلى من تعلق في ذمته شيء منها أن يدفع القيمة لا المثل

وقد استدل هؤلاء لما ذهبوا إليه بأدلة أيضاً من الكتاب والسنة و القياس والمعقول.

1) أدلتهم من الكتاب:

وهي الآيات ذاتها التي استدل بها القائلون بوجوب المثل، موجهين وجه الدلالة في هذه الآيات على أن الوفاء بالعهود، والكيل والميزان بالقسط ؛لا يتحقق بمجرد الوفاء الشكلي أو الصوري دون اعتبار للحقيقة والمضمون،

فعقود  المعاوضات    في الشريعة مبنية على أساس تساوي العوضين، ورضا كل واحد من طرفي العقد بما يحصل عليه، وهو ما يتحقق عند بداية الالتزام أو التعاقد؛ فإذا طرأ ما يخل بهذا التساوي، ولم يعد الثمن الذي تغيرت قيمته هو ما قبله الدائن ثمناً أن يصار إلى القيمة التي تعيد التوازن وتحقق الرضا، وبذلك يتم الوفاء الحقيقي المراد للشارع، أما الوفاء بالمثل هنا فهو وفاء شكلي لم يتجه إليه قصد المشرع.

ب) أدلتهم من السنة النبوية:

 (1 ) ما روي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا ضرر ولا ضرار )

فنفي الضرر ورفعه أصل ثابت في الشريعة الإسلامية لا يجادل فيه أحد، وهذا يقتضي أنه إذا لحق بأحد طرفي العقد ضرر من جراء تغير قيمة الثمن المتعاقد عليه وجب رفع هذا الضرر باللجوء إلى القيمة.

كما استدلوا بحديث ابن عمر السابق

 فقالوا إنه يدل على اللجوء إلى القيمة لا المثل، فلو اعتبرنا أن ابن عمر ( رضي الله عنهما) كان يبيع الجمل بعشرة دنانير، وكان الدينار يساوي يوم البيع عشرة دراهم ثم أصبح يساوي يوم الاستحقاق إحدى عشر درهماً ؛ فإن الواجب لابن عمر عند الوفاء هي العشرة دنانير أو المائة درهم

غير أنه بمنطوق الحديث سيوفيه مائة وعشرة دراهم بدلاً من المائة ؛ فدل على اعتبار القيمة، مع ملاحظة أن هذا الجواز مع استخدام النقود الذهبية والفضية ذات الاستقرار النسبي ، فكيف الحال مع النقود الورقية وهي تشهد التذبذب المستمر في قيمتها ؟! فإنه يكون من باب أولى

بل ويؤكد هذا الرواية الأخرى للحديث التي أخرجها الإمام الترمذي حيث ورد فيها عبارة لا بأس بالقيمة بدلاً من عبارة لا بأس أن تأخذها بسعر يومها

ج- دليلهم من القياس:

كما استدلوا على صحة اللجوء إلى القيمة؛ بالقياس على بعض الفروع والأحكام الفقهية المنصوص عليها عند الفقهاء و من ذلك

1- ما ذهب إليه الشافعية في أصح قوليهم :

أن الدين إذا كان مثلياً و عز وجوده فأدى ذلك إلى ارتفاع سعره، فإنه لا يجب الوفاء بالمثل بل بالقيمة صححه النووي و السيوطي و معنى هذا أن المثلي حتى لو لم يكن نقوداً إذا ارتفع سعره يتم اللجوء إلى القيمة، فيكون من باب أولى في النقود الورقية التي لا فائدة منها سوى الوظيفة النقدية.

2 – ما ذهب إليه الفقهاء

من أن القرض إذا كان مثليا ففقد المثل؛ نلجأ إلى القيمة لا و بد أن المثلية ليست هي المثلية الصورية فقط  بل إن المالية هي جزء منها  والمالان لا يتماثلان إذا اختلفت قيمتهما، ولا شك أن النقود الورقية لا يقصد منها الصورة ؛ فالصورة غير معتبرة و إنما المقصود هو القيمة بدليل أن تغير الصورة لا تأثير له 

فلا فرق بين الورقة النقدية القديمة أو الجديدة، و لا فرق بين الدينار الورقي أو المعدني؛ فكلاهما له ذات القيمة، و كلاهما يجزئ عن الآخر.

و جريا على ذلك فإنه و لو سلمنا بالقول إن النقود من المثليات، و الواجب في قرضها هو رد المثل، فبتغير القيمة عدم المثل فنرجع إلى القيمة

3 – ما ذهب إليه بعض الفقهاء من

أنه إذا أقرضه نقوداً مغشوشة أو فلوسا في بلد، ثم طالبه بها في بلد آخر كانت قيمة النقود فيه أعلى فإنه لا يلزمه أداء المثل بل القيمة .

ووجه القياس في هذه المسألة أن الفقهاء قالوا بالقيمة هنا أن الواجب هو المثل، دفعاً للضرر عن المدين و الناتج عن تغير القيمة بسبب اختلاف المكان ؛ فيقاس عليه أيضاً الضرر الناتج عن تغيرها بسبب اختلاف الزمان.

4 – ما نص عليه بعض الفقهاء من

أن المثلي إذا تعيب فلا يلزم الدائن قبوله بعينه؛ لما فيه من الضرر ، لأنه أصبح دون حقه، لذا يحق له طلب القيمة فيقاس عليه التغير الحاصل في قيمة النقود، فهو عيب كبير يلحق بها خاصة أنها لا تراد لصورتها بل لقيمتها.

5 – ذهب الفقهاء إلى أن

القرض  إذا كان قيمياً و نقص سعره؛ لم يلزم المقرض قبوله، وله طلب القيمة ، ووجه القياس هنا أن معنى القيمة في النقود الورقية أوضح من المثلية  لذلك إذا نقص سعرها ننتقل إلى القيمة.

6- القياس على قول الفقهاء القائلين

بوجوب القيمة في حالة تغير قيمة النقود المعدنية الاصطلاحية رخصا أو غلاء، بجامع أن النقود الورقية هي نقود اصطلاحية أيضا، وكلاهما يحمل ذات الخصائص إلى حد كبير.

(د) و استدلوا من المعقول بما يلي:

1- أن النقود الورقية هي نقود اصطلاحية ليس لها قيمة ذاتية، فهي لا تعدو أن تكون ورقة تخول حاملها الحق في الحصول على نتاج الدولة من السلع و الخدمات؛ لذا كان معنى القيمة فيها أقوى من معنى المثلية، ما كان قيمياً يسدد بالقيمة لا بالمثل

2- أن الضمان والتعويض أصلان شرعيان ،معتبران و معمول بهما في جميع صور التعامل بين الناس، و نحن لا نطالب بغير القيمة الحقيقية للنقود و التعويض عن النقصان الحاصل في قيمتها، و هذا أمر لا علاقة له بالفوائد الربوية، بل إن هذا النقصان الذي أصاب النقود إنما أصابها و هي في يد المشتري أو المدين، أي في ضمانه؛ لذا عليه أن يضمن هذا التغير الحاصل و أن يتحمل هذا العيب

3- ما ذكر سابقاً من أن العقود تقوم على أساس الرضا، و أن البائع إنما رضي بيع سلعته على أساس القيمة وقت التعاقد، و هو لا يرضى بيعها بالقيمة الجديدة بعد انخفاض قيمة النقود 

و كذلك المشتري لا يقبل أن يشتري بالقيمة الجديدة إذا ارتفعت قيمة النقود ؛ فيكون ركن الرضا قد اختل، و حتى نحافظ عليه و نمنع هذا الاختلال ؛ لا بد أن نقول بالقيمة التي تحفظ العدل و ترفع الظلم، فيأخذ الدائن القيمة التي ارتضاها ثمناً لسلعته عند البيع، أو قيمة النقود التي أقرضها عند العقد

4- أن القول برد القيمة لا المثل يدفع المدين إلى الإسراع في تسديد دينه و المماطلة، خوفاً من تغير القيمة فيدفع أكثر مما قد أخذ، و بالعكس فإن القول بالمثلية يدفع إلى المماطلة أملاً في نقصان قيمة النقود و بهذا نجد أن القول بالقيمة يعالج مشكلة مستعصية من المشكلات المعاصرة التي يعانيها الاقتصاد المعاصر، و هي مشكلة الإخلال بأجل الديون

5- أن النقود الورقية نقود اصطلاحية و قيمتها اصطلاحية أيضاً، فإذا تغير هذا الاصطلاح يجب مراعاته، و هي بهذا تختلف عن النقود الذهبية ذاتية القيمة أن عدم القول بالقيمة يؤدي إلى أضرار كثيرة؛ فيمنع الناس من تقديم القروض للمحتاجين و التيسير عليهم في بيوع الأجل، مما يوقع الناس في ضيق و حرج شديدين، وكذلك يؤدي إلى ظلم كبير يلحق ببعض أطراف التعاقد ؛ فمثلاً صاحب العقار الذي أجره قبل عشرين عاماً أصبحت أجرته اليوم لا قيمة لها

القول الثالث:

 ما ذهب إليه بعض الفقهاء من التفريق بين حالة تغير قيمة النقود أثناء مدة الأجل، وتغيرها بعد الأجل بسبب مماطلة المدين بالوفاء، فإن كان التغير أثناء الأجل فليس له إلا المثل لذات الأدلة التي استدل بها القائلون بالمثلية، أما إذا كان التغير قد حصل في فترة المماطلة فيجب أداء القيمة

و استدلوا لذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال : ( مطل الغني ظلم ). متفق عليه.

فإذا كان ذات المطل و هو تأخير الوفاء يغبر حق ظلم و ترتب عليه ظلم آخر بتغير قيمة النقود فإن الشريعة الداعية إلى رفع الظلم تأمر بدفع القيمة لا المثل هذا ما يؤكده قول الرسول صلى الله عليه و سلم في حديث آخر (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)

فالحديث يشير إلى أن المدين الموسر إذا ماطل في أداء دينه؛ فإنه يعرض نفسه للعقوبة ، أي يتحمل مسؤولية هذه المماطلة حتى لو لم يترتب عليها تغير قيمة النقود ؛ فمن باب أولى أن يتحمل مسؤولية تغير قيمة النقود إذا تغيرت أثناء المماطلة.

و استدلوا أيضا بما قرره الفقهاء من أن العارية و  الوديعة  إذا هلكت بتعدي من المستعير أو المودع كأن يتجاوز فيها المدة المحددة  أو لا يردها إلى صاحبها إذا طلبها ، أو أن يقصر في حفظها ، أو يستعملها على غير الوجه المسموح له به فإنه يضمنها فيقاس عليه تغير قيمة النقود أثناء المماطلة لأنه عيب حصل للنقود خلال فترة التعدي  فيضمنها بدفع القيمة

القول الرابع :

 و ذهب فريق إلى القول إنه يلجأ إلى القيمة ذا كان التغير في النقود فاحشاً ، و إلا فالأصل الوفاء بالمثل و من تزعم هذا الرأي من الفقهاء الأقدمين الرهوني من المالكية ، واصفاً معيار التغير الفاحش بأنه الحالة التي يصبح فيها الممسك للنقود كالممسك بلا فائدة وظاهر أن أصحاب هذا الرأي يلحقون التغير الفاحش الذي يفقد النقود ماليتها ؛ بالنقود حالة الكساد فيعطونها الحكم ذاته.

القول الخامس :

و ذهب بعض العلماء إلى أنه إذا تغيرت قيمة النقود وجب الصلح بين المتعاقدين على الأوسط ، أي أن يتحمل كلا الطرفين جزءاً من الضرر المترتب على تغير قيمة النقود ؛ حتى لا يكون الضرر على شخص واحد و قد نقل هذا الرأي عن ابن عابدين

القول السادس:

و هو الذي ذهب إليه بعض الفقهاء المعاصرين بأن مسألة تغير قيمة النقود الورقية من المسائل الشائكة التي يصعب فيها ترجيح قول على آخر، و يجب التروي قبل إعطاء رأي فيها ، مما يقتضي أن نبحث كل مشكلة فيها على حده ، و يراعي القاضي العدالة في حلها

و الدافع إلى القول بمثل هذا الرأي هو ما ذكرناه سابقا من أن  النقود   الورقية شكل جديد من أشكال النقود لم يعاصره علماؤنا الأوائل و لم يخوضوا في أحكامه و إن إلحاقها بأي من نوعي النقود الأخرى التي كانت معروفة سابقاً لديهم يؤدي إلى نتائج غير صحيحة، فالقول برد المثل يؤدي إلى تضييع أموال الناس ، و القول بالقيمة ذريعة إلى الربا .

وفيما يلى سنلقي الضوء على أقوال وأراء المذاهب المختلفة في هذه المسألة

المذهب الشافعي

قال الإمام الشافعي في كتاب الأم :

ومن سلف فلوسا أو دراهم أو باع بها ثم أبطلها السلطان فليس له إلا مثل فلوسه أو دراهمه التي أسلف أو باع بها ومن أسلف رجلا دراهم على أنها بدينار أو بنصف دينار فليس عليه إلا مثل دراهمه وليس له عليه دينار ولا نصف دينار وإن استلفه نصف دينار فأعطاه دينارا فقال خذ لنفسك نصفه وبع لي نصفه بدراهم ففعل ذلك كان له عليه نصف دينار ذهب ولو كان قال له بعه بدراهم ثم خذ لنفسك نصفه ورد علي نصفه كانت له عليه دراهم لأنه حينئذ إنما أسلفه دراهم لا نصف دينار

وقال الشيرازي في المهذب :

ويجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل لأن مقتضى القرض رد المثل ولهذا يقال الدنيا قروض ومكافأة فوجب أن يرد المثل وفيما لا مثل له وجهان

  • إحداهما يجب عليه القيمة لأن ما ضمن بالمثل إذا كان له مثل ضمن بالقيمة إذا لم يكن له مثل كالمتلفات .
  • والثاني يجب عليه مثله في الخلقة والصورة وقال أيضًا: ما له مثل إذا عدم وجبت قيمته
قال الشيخ أبو حامد :

إنما وجب عليه دفع القيمة يوم المطالبة

وقال الصيمري :

ولا يجوز قرض الدراهم المزيفة ولا الزرنيخية ولا المحمول عليها ولو تعامل بها الناس فلو أقرضه دراهم أو دنانير ثم حرمت لم يكن له إلا ما أقرض وقيل قيمتها يوم حرمت ولا يصح القرض إلا في مال معلوم فإن أقرضه دراهم غير معلومة الوزن أو طعاما غير معلوم الكيل لم يصح لأنه إذا لم يعلم قدر ذلك لم يمكنه القضاء

وقال النووي :

ولو أقرضه نقدًا فأبطل السلطان المعاملة به فليس له إلا النقد الذي أقرضه وقال ابن حجر الهيثمي ويرد وجوبا حيث لا استبدال المثل في المثلي ولو نقدا أبطله السلطان لأنه أقرب إلى حقه وفي المتقوم ويأتي ضابطهما في الغصب برد المثل صورة

وفي شرح الشرواني لما سبق قال :

قوله ولو نقدا أبطله السلطان فشمل ذلك ما عمت به البلوى في زمننا في الديار المصرية من إقراض الفلوس الجدد ثم إبطالها وإخراج غيرها وإن لم تكن نقدا و أقوال الشافعية والإمام واضحة لا تحتاج إلى مزيد بيان

 مذهب ابن حنبل

قال ابن قدامه في المغنى :

وإن كانت الدراهم يتعامل بها عددا فاستقرض عددا رد عددا وإن استقرض وزنا رد وزنا وهذا قول الحسن وابن سيرين والأوزاعي ، واستقرض أيوب من حماد بن زيد دراهم بمكة عددا وأعطاه بالبصرة عددا لأنه وفاه مثل ما اقترض فيما يتعامل به الناس فأشبه ما لو كانوا يتعاملون بها وزنا فرد وزنا

ويجب رد المثل في المكيل والموزون لا نعلم فيه خلافا قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أسلف سلفا مما يجوز أن يسلف فرد عليه مثله إن ذلك جائز وإن للمسلف أخذ ذلك ولأن المكيل والموزون يضمن في الغصب والإتلاف بمثله فكذا ههنا فأما غير المكيل والموزون ففيه وجهان

  • أحدهما : يجب رد قيمته يوم القض لأنه لا مثل له فيضمنه بقيمته كحال الإتلاف والغصب
  • الثاني : يجب رد مثله

لأن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا فرد مثله ويخالف الإتلاف فإنه لا مسامحة فيه فوجبت القيمة لأنها أحصر والقرض أسهل، ولهذا جازت النسيئة فيه فيما فيه الربا ويعتبر مثل صفاته تقريبا فإن حقيقة المثل إنما توجد في المكيل والموزون فإن تعذر المثل فعليه قيمته يوم تعذر المثل؛ لأن القيمة ثبتت في ذمته حينئذ وإذا قلنا: تجب القيمة وجبت حين القرض لأنها حينئذ ثبتت في ذمته

وقال في موضع آخر :

ولو أقرضه تسعين دينارًا بمائة عددًا والوزن واحد وإن كانت لا تنفق في مكان إلا بالوزن جاز ، وإن كانت تنفق برؤوسها فلا ، وذلك لأنها إذا كانت تنفق في مكان برؤوسها كان ذلك زيادة ، لأن التسعين من المائة تقوم مقام التسعين التي أقرضه إياها ويستفضل عشرة ، ولا يجوز اشتراط الزيادة ، وإذا كانت لا تنفق إلا بالوزن فلا زيادة فيها وإن كثر عددها .

ثم قال المستقرض:

يرد المثل في المثليات سواء رخص سعره أو غلا أو كان بحاله ولو كان ما أقرضه موجودا بعينه فرده من غير عيب يحدث فيه لزم قبوله سواء تغير سعره لو لم يتغير وإن حدث به عيب لم يلزمه قبوله وإن كان القرض فلوسا أو مسكرة فحرمها السلطان وتركت المعاملة بها كان للمقرض قيمتها ولم يلزمه قبولها سواء كانت قائمة في يده أو استهلكها لأنها تعيبت في مكلة نص عليه أحمد في الدراهم المكسرة وقال يقومها كم تساوى يوم أخذها ثم يعطيه، وسواء نقصت قيمتها قليلا أو كثيرا

 قال القاضي :

هذا إذا اتفق الناس على تركها فأما إن تعاملوا بها مع تحريم السلطان لها لزمه أخذها وقال مالك والليث بن سعد والشافعي : ليس له إلا مثل ما أقرضه لأن ذلك ليس بعيب حدث فجرى مجرى نقص سعرها ولنا أن تحريم السلطان لها منع إنفاقها وأبطل ماليتها فأشبه كسرها أو تلف أجزائها وأما رخص السعر فلا يمنع ردها سواء كان كثيرا مثل إن كانت عشرة بدانق فصارت عشرين بدائق أو قليلا لأنه لم يحدث فيها شيء إنما تغير السعر فأشبه الحنطة إذا رخصت أو غلت

وما ذكره ابن قدامه يوضح المذهب ويغنى عما جاء في كثير من كتب الحنابلة وأضيف هنا ثلاث مواد جاءت في مجلة الأحكام الشرعية وهي في الفقه الحنبلي:

مادة: (748)

لا يلزم المقترض رد عين مال المقرض ولو كان باقيا لكن لو رد المثلى بعينه من غير أن يتعيب لزم المقرض قبوله ولو تغير السعر أما المتقوم إذا رده بعينه لا يلزمه قبوله وإن لم يتغير سعره .

مادة: (749)

المكيلات والموزونات يجب رد مثلها فإن أعوز لزم رد قيمته يوم الإعواز ، وكذلك الفلوس والأوراق النقدية . أما غير ذلك فيجب فيه رد القيمة ، فالجوهر ونحوه مما تختلف قيمته كثيرا تلزم قيمته يوم القبض

مادة: ( 750)

إذا كان القرض فلوسا أو دراهم مكسرة أو أوراقاً نقدية فغلت أو رخصت أو كسدت ولم تحرم المعاملة بها وجب رد مثلها ، أما إذا حرم السلطان التعامل بها فتجب قيمتها يوم القرض ويلزمه الدفع من غير جنسها إن جرى فيها ربا الفضل ، وكذا الحكم في سائر  الديون   وفي ثمن لم يقبض وفي أجرة وعوض خلع وعتق ومتلف وثمن مقبوض لزم البائع رده .

المذهب الحنفي

قال المرغيناني رحمه الله في الهداية

ولو استقرض فلوسًا نافقة فكسدت عند أبي حنيفة يجب عليه مثلها لأنه إعارة وموجبة رد العين معنى والثمينة فضل فيه إذ القرض لا يختص به وعندهما تجب قيمتها لأنه لما بطل وصف الثمنية تعذر ردها كما قبض فيجب رد قيمتها كما إذا استقرض مثليًا فانقطع لكن عند أبي يوسف رحمه الله يوم القبض وعند محمد رحمه الله يوم الكساد على ما الكساد على ما مر من قبل وأصل الاختلاف فيمن غصب مثليا فانقطع وقول محمد رحمه الله انظر للجانبين وقول أبي يوسف أيسر

 وقال ابن الهمام في فتح القدير شارحًا ما سبق

قوله ولو استقرض فلوسًا فكسدت عند أبي حنيفة رحمه الله مثلها ) عددا اتفقت الروايات عنه بذلك وأما إذا استقرض دراهم غالبه الغش

 فقال أبو يوسف في قياس قول أبي حنيفة عليه مثلها

ولست أروي ذلك عنه ولكن الرواية في الفلوس إذا أقرضها ثم كسدت

قال أبو يوسف :

عليه قيمتها من الذهب يوم القرض في الفلوس والدراهم، وقال محمد عليه قيمتها في آخر وقت نفاقها وجاء قوله لأنه أي القرض إعارة وموجبة أي موجب عقد الإعارة رد العين إذ لو كان استبدالا حقيقة

رأي أهل الظاهر

ذكر بعض الباحثين أن أهل الظاهر يرون  رد القرض بقيمته لا بمثله ونسبة هذا الرأي لأهل الظاهر فيه نظر

قال ابن حزم في المحلى :

( ولا يجوز في القرض إلا رد مثل ما اقترض ، لا من سوى نوعه أصلا )

وقال في موضع آخر :

( والربا لا يجوز في البيع ، والسلم ، إلا في ستة أشياء فقط : في التمر والقمح،والشعير ، والملح ، والذهب والفضة ، وهو في القرض في كل شيء فلا يحل إقراض شيء ليرد إليك أقل ولا أكثر ولا من نوع آخر أصلا لكن مثل ما أقرضت في نوعه ومقدراه على ما ذكرنا في كتاب القرض من ديواننا هذا فأعني عن إعادته وهذا إجماع مقطوع به )

رأى ابن تيمية

ونسب بعض الباحثين كذلك القول برد قيمة القرض لشيخ الإسلام ابن تيمية ولكنا نجد شيخ الإسلام ينص على ما يتفق مع ما ذكره ابن حزم آنفا من الإجماع المقطوع به.

قال في مجموع الفتاوى

يجب في القرض إلا رد المثل بلا زيادة والدراهم لا تقصد عينها فإعادة المقترض نظيرها كما يعيد المضارب نظيرها وهو رأس المال ولهذا سمى قرضا ولهذا لم يستحق المقرض إلا نظير ماله وليس له أن يتشرط الزيادة عليه في جميع الأموال باتفاق العلماء والمقرض يستحق مثل قرضه في صفته

ومن أقوال العلماء الآخرين

يقول ابن حزم رحمه الله ولا يجوز فى القرض الا رد المثل بلا زيادة والدراهم لا تقصد عينها فإعادة المقترض من نظيرها كما يعيد المضارب نظيرها وهو رأس المال ولهذا سمى قرضاً ولهذا لم يستحق القرض الا نظير ماله وليس له ان يشترط الزيادة عليه فى جميع الاحوال باتفاق العلماء والمقرض يستحق مثل قرضه

 وقد أخذ القانون الوضعي بذلك الراي فى جزء منه فجاء في نص المادة 134 من القانون المدني المصري انه

اذا كان محل الالتزام نقودا التزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود  او انخفاضها وقت الوفاء أي أثر الا ان القانون نحى منحى آخر في حالة التأخر في سداد الدين ففرض بعض الفوائد على المدين

رأى مجمع الفقه الاسلامي

 اصدر مجمع الفقه الإسلامي المنعقد فى الكويت في الدورة الخامسة في شهر ديسمبر من عام 1988 قرارا في ذلك الشأن جاء فيه ان العبرة في وفاء الديون الثابتة لعملة ما هى بالمثل وليس بالقيمة لان الديون تقضى بأمثالها فلا يجوز ربط الديون الثابتة فى الزمة أيا كان مصدرها بمستوى الاسعار

رأى آخر للشيخ سعد شرف

يقول الشيخ سعد شرف أن الدين أسعف الاخرين وعطل أموالهم عن الاستثمار والتنمية وفعل ذلك ابتغاء ثواب من الله سبحانه وتعالى فهل من المعقول ان تضاف لهذه الخسارة خسارة أخرى متمثلة فى انخفاض قيمة العملة وهل تكون مكافأة الدائن وشكره على ذلك ان تعاد اليه أمواله ناقصة القيمة الحقيقية لها ومقدار ما تحصل من سلع وخدمات

وإذا أصررنا على الرأى الذى يقول بمنع رد القيمة فلن يقدم أحد على إقراض أحد سيما وأن المماطلة فى التسديد هي السمة الغالبة وسيضطر الناس الى اللجوء للبنوك الربوية إذا اتفق الدائن والمدين على السداد بالقيمة, فيجب على المدين السداد بسعر العملة وقت الاقراض أما إذا لم يشترط الدائن الرد بالقيمة فيجب الرد بالمثل ولا يحسب على المدين رد فارق انخفاض العملة

التعليق على الآراء السابقة للدكتور رضا منصور :

و من خلال ما تقدم من آراء للفقهاء في مسالة تغير قيمة النقود الورقية، والحجج التي استندوا إليها في ذلك؛ فإن الذي يترجح لنا ابتداءً هو مذهب القائلين بالقيمة لوجاهة أدلتهم لأنه يمكن مناقشة أدلة الفريق الآخر القائل و بالمثلية بما يلي:
  •  1- أنه لم يرد نصوص خاصة قطعية الدلالة يمكن الاعتماد عليها في المسألة و إنما كان الاستناد فيها على النصوص الشرعية العامة التي توجب الوفاء بالعقود ، و تقرر مبدأي العدل ، و رفع الضرر والحرج عن المكلفين، حتى إن كلا الفريقين القائلين بالمثلية أو القيمة ؛ قد استندا إلى النصوص ذاتها موجهين الدلالة فيها إلى ما قرره كل منهم ، و رأى أنه محقق للعدل و رافع للظلم .
  • 2 – أن الأحاديث النبوية التي دعت إلى المثلية عند تبادل الأثمان؛ إنما كانت تعطي حكم النقود المتداولة في ذلك الزمان ، و هي النقود الذهبية النقود الذهبية و الفضية التي و إن إلحاق النقود الورقية بها وإعطاءها حكمها مطلقاً ؛ فيه نظر للفارق المتفق عليه بينهما ، و هو أن الأولى أثمان بحكم الخلقة فهي تتسم بالثبات النسبي، أما الثانية أما الثانية فهي أثمان بحكم الاصطلاح وهي عرضة للتغير الكبير ، فكيف لنا أن نقيس في الحكم متغير على ثابت.
  • 3 –  و أيضا فإن قياس النقود الورقية على النقود المعدنية القديمة لا يصح لأن دور الفلوس إلى جانب الذهب والفضة دوراً جانبيا إلى أبعد الحدود بخلاف النقود الورقية فهي لم تظهر إلا لكي تحل محل الذهب الفضة، فدورها إذن دور رئيسي فعال
  • 4 –  أن حديث ابن عمر في بيع الإبل وإن أهملنا تضعيف ابن حزم فقد رأينا كيف استدل به الفريقان لوجهة نظرهما ؛ فكان مشتركاً في دلالته على المثل أو القيمة ، و لم يخلص لأحد الفريقين.
  • 5- أن ما احتج به القائلون بالمثلية من أن النقود من المثليات، و المثلي لا يقضى إلا بمثله و لو تغيرت قيمته ؛ فهو معارض بما أورده الفريق المقابل من أقوال للفقهاء تدل على أن المثلي إذا عز وجوده فارتفع سعره أو تعيب؛ فلا يجب الوفاء بالمثل بل بالقيمة.
  • بالإضافة إلي أن مفهوم المثلية لا يتحقق بالصورة الخارجية بل بالحقيقة والحقيقة تتمثل في النقود بالقيمة الشرائية لها.
  • 6-  أن الفقهاء عندما تحدثوا عن المثليات اجتهدوا في تحديد الضابط لهذا الاصطلاح، فنجدهم يعرفون المثلي بأنه المكيل و الموزون ، و زاد الحنفية عليه المعدود الذي لا يتفاوت ، وقيل: هو كل ما يوجد له مثل في الأسواق بلا تفاوت يعتد به
  • وأنه عند إسقاط هذا المفهوم للمثلية على النقود الورقية نجده لا ينطبق عليها، إذ إنها ليست مكيلة و لا موزونة و هي إن كانت معدودة إلا أنها متفاوتة حسب قوتها الشرائية المتذبذبة .
  •  7-  أن معنى القيمة في النقود الورقية أقرب من المثلية ؛ إذ لا فرق بين الدينار الجديد أو القديم الممزق، أو بين الدينار الورقي أو المعدني ما دامت قيمتها واحدة، بالتالي فيمكن أن تتعامل مع النقود الورقية كما نتعامل القيمات.
  • 8-  أن قول الفقهاء بالمثلي و القيمي إنما يقصد به أساساً تحقيق العدل بأقرب صورة و رفع الجور و جلب المصلحة، فمتى صار المثلي أو القيمي في الأشياء لا يحقق باسمه أو بشكله عدلاً؛ وجب أن يترك القول به و يصار إلى المعنى أو القصد الذي يحقق العدل.
  • و في هذا السياق يقول ابن القيم معللا تغير الفتوى بتغير الأزمنة و الأمكنة و الأحوال و النيات و العوائد : ( إن الشريعة الباهرة مبناها أساسها و على الحكم و مصالح العباد في المعاش و المعاد، و هي عدل كلها ، و رحمة كلها، و مصالح كلها ، و حكمة كلها ، فكل مسالة خرجت عن العدل إلى الجور، و عن الرحمة إلى ضدها ، و عن المصلحة و عن المصلحة إلي المفسدة، و عن الحكمة إلي العبث فليست من الشريعة و إن أدخلت فيها بالتأويل ).
  • 9- صحيح أن النقود معيار للقيم، والأصل التزام المعيار الذي اتفقا عليه و لكن مفهوم معيارية النقود الورقية مختلف عن معايير الأوزان و الأطوال ، فهذه معايير ثابتة ، أما النقود الورقية خاصة في أيامنا الحاضرة، و في ظل النظريات الاقتصادية الوضعية التي تأخذ بنظرية التضخم، فإن هذه المعايير لم تعد ثابتة.
  • 10-  إن القول بأن تغير القيمة أمر غير معتبر ، قول لا يمكن التسليم به، لأن المقصود الحقيقي للنقود هو هذه القيمة ، و لا يحرص الناس عليها إلا لقيمتها، فكيف لا تكون هذه القيمة معتبرة ؟!
  • 11-  إن القول بأن الزيادة العددية من باب الربا قول غير صحيح؛ إذ الرأي هو الزيادة من غير مقابل، و هنا لا توجد زيادة حقيقية بل هي زيادة صورية شكلية، إذ أن القيمة واحدة، فالدنانير المائة اليوم هي نفس الخمسين قبل عشر سنوات، و المبلغان في الحقيقة متساويان و إن قلنا بالمثلية، فأعاد إليه نفس نقوده بعد تغير سعرها ، فيكون قد أعاد إليه أقل من نقوده

غير أن إطلاق القول بوجوب القيمة في حالة تغير قيمة النقود الورقية يعترضه بعض الإشكاليات التي تدفعنا للتوقف عن هذا الإطلاق، والبحث عن مقيدات و ضوابط تضع الأمور في نصابها الصحيح ، و تضفي عليها الصبغة الشرعية .

و من هذه الإشكاليات :

  1.  أن القول بالقيمة قد يفتح الذريعة إلى الربا، بأن يتفق الطرفان على تأخير الدين مقابل الزيادة ، مدعيين أن هذه الزيادة مقابل تغير القيمة ؛ لذا كان القول بالمثلية سداً لهذه الذريعة.
  2.  أن الرجوع إلى القيمة في كل دين يؤدي إلى زعزعة العقود، و عدم استقرار التعامل بين الناس، و ذلك بسبب التغير الدائم والمستمر للنقود الورقية هبوطاً أو صعوداً ، قليلاً أو كثيراً ، مما ينتج عنه غرر شديد بجعل طرفي العقد لا يعرفان ما يجب لهما أو عليهما.
  3.  أن القول بالقيمة دائماً يجعل في الأمر حرجاً شديداً ، و يؤدي إلى الشقاق بين أطراف التعاقد؛ مما يعني أن القضاء سيتدخل في كل عقد أو تعامل لحل هذا النزاع، و تقدير الواجب في ذلك.

ولعل هذين السببين الأخيرين كانا الدافع وراء نص القوانين الوضعية – مع استباحتها للربا – على أن الدين يرد وقت الوفاء بمثله عدداً ، دون أن يكون لتغير القيمة أي أثر.

رأي الباحث – د رضا منصور – فى هذه المسألة والرد على رأى الشيخ سعد شرف

القاعدة الشرعية الاصولية انه لا اجتهاد مع صريح النص ولذلك فإذا ما كان قد ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن عبادة بن الصامت رضى الله تعالى عنه قال في الحديث المشهور مما سبق ذكره في هذه المسألة

  الذهب بالذهب والفضة بالفضة والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثل بمثل سواء بسواء يد بيد فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يد ببد

رواه مسلم 4147
 ولذلك فإن الحديث يعنى انه يجب رد المال بمثله دون زيادة أو نقصان كما ورد في نصه

ذهب بذهب وفضة بفضة

وهذا يعنى انه لا تأثير لانخفاض قيمة العملة على رد الدين والقول بغير ذلك مما سبق ذكره في رأى الشيخ سعد شرف هو قول مخالف لحديث الرسول صلى الله عليه وصلم ويفتقد للأصل الشرعي ولا يبرره القول بانخفاض قيمة العملة أو ان الدائن أصابه ضرر لان ذلك فيه نوع من الربا

فضلا عن ان دار الافتاء المصرية اصدرت فتواها رقم 11420 جاء فيها

 ( أن الربط بين رد الدين بانخفاض قيمة العملة او ارتفاعها هو ربط فاسد لان الديون ترد بالمثل سواء غلت العملة أو رخصت ولذلك يرى الباحث أن ما قال به الشيخ سعد شرف وغيره من جواز رد القرض  او الدين مع انخفاض قيمة العملة عند الاتفاق عليه هو قول غير صحيح لان الشرط الذي اتفق عليه شرط فاسد

خاتمة بحث أثر تغير قيمة النقود علي الحقوق

أثر تغير قيمة العملة في الشريعة

فى الختام : انتهي بحث أثار تغير قيمة النقود علي المعاملات والحقوق في الشريعة الاسلامية وللمزيد عن هذا الصدد راجع بحث الدكتور رضا منصور المنشور بمجلة حقوق دمياط ويمكنك أيضا الاطلاع علي بحث  انخفاض قيمة النقود والتضخم   ، وننوه أن البحث القادم وهو الثالث والأخير يتضمن الحديث عن موقف التشريع المصري من سداد الديون.


  • انتهي البحث القانوني (أثر تغير قيمة العملة: على الحقوق في الشريعة الاسلامية).
  • زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
  • كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل ، أو الاتصال بنا من خلال ( طلب استشارة مجانية )
  • كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
  • يمكن تحميل الأبحاث من أيقونة التحميل pdf في نهاية كل مقال وكل بحث ، ونعتذر لغلق امكانية النسخ بسبب بعض الأشخاص الذين يستحلون جهد الغير في اعداد الأبحاث وتنسيقها ويقومون بنشرها علي مواقعهم الالكترونية ونسبتها اليهم وحذف مصدر البحث والموقع الأصلي للبحث المنشور ، مما يؤثر علي ترتيب موقعنا في سيرش جوجل ، أعانهم الله علي أنفسهم .
المقالة حصرية ومحمية بحقوق النشر الحقوق محفوظة © لمكتب الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}