في هذا البحث نتعرف علي معني فكرة الدفع الشكلي في قانون المرافعات فيعتبر الدفع شكليا أي اجرائيا أو بتعبير المادة 108 متعلقا بالإجراءات إذا كان يرمي إلى تعطيل نظر موضوع القضية او منعه لسبب يتعلق باختصاص المحكمة أو بإجراءات الخصومة.
فكرة الدفع الشكلي في قانون المرافعات
قد نص القانون على بعض هذه الدفوع كالدفع بعدم الاختصاص او الدفع ببطلان صحيفة الدعوى أو الدفع بالإحالة، ونظم احكامها.
وقد ذهب رأي إلى عدم وجود دفوع شكلية خارج تلك التي نص عليها القانون.
وميزة هذا الرأي تجنب مشقة البحث عن معيار لتميز الدفع الشكلي فهو يعتبر كذلك اذ نص القانون صراحة عليه.
ولكن الرأي الغالب ان الدفوع الشكلية لم ترد في القانون على سبيل الحصر.:
- فلا يوجد ما يثبت ان المشرع قد قصد مثل هذا التحديد.
- فضلا عن انه اذا وجدت وسيلة معينه لها صفات الدفع الشكلي فمن المجافاة للمنطلق عدم اعتبارها كذلك بزعم ان القانون لم يعطها هذا التكييف.
ما هي شروط الدفع الشكلي؟
اولا: يجب ابداء الدفوع الشكلية قبل الكلام في الموضوع او ابداء دفع بعدم القبول (108 مرافعات)
فإذا ابدى طلب أو دفاع موضوعي او دفع بعدم القبول من المدعي عليه، فليس له بعد ذلك ابداء دفع شكلي، أي يسقط حقه في ابداء دفوع شكلية. ويضطر المدعي إلى ابداء الخصومة من جديد بعد ان تكون قد قطعت شوطا كبيرا.
ويذهب البعض إلى أن اساس هذه القاعدة هو النزول الضمني عن الدفع
فالخصم بكلامه في الموضوع يكون قد نزل ضمنيا عن الدفع الشكلي، وهذا الرأي محل نظر، ذلك أنه يخالف ما هو مقرر من ان النزول عن الحق لا يفترض. فضلا عن إنه لو كان الكلام في الموضوع يعتبر نزولا ضمنيا عن الدفع لترتيب على هذا الكلام سقوط الدفع بعد ابدائه.
في حين ان من المقرر انه اذا ابدى الدفع الشكلي فإن الكلام في الموضوع بعد ذلك لا يؤدي إلى سقوطه. والواقع أن اساس هذه القاعدة هو تحديد واقعة معينه هي الكلام في الموضوع يترتب على تحققها سقوط الحق في الدفع ويترتب على هذا التكييف انه يجب تفسير القاعدة تفسيرا ضيقا، وان تحقق الواقعة القانونية يؤدي إلى السقوط بصرف النظر عن ارادة صاحب الدفع فيترتب السقوط ولو لم يعلم بحقه فيه او بالسبب المنشئ لهذا الحق.
ويعتبر أي طلب أو دفاع من المدعي عليه مما يتعلق بالموضوع مسقطا للحق في الدفوع الشكلية سواء ابدى الطلب او الدفاع شفاهة او في مذكرة مكتوبة، وسواء تضمن اعتراضا على ادعاء المدعي ام لا
ولهذا فإنه اذا ترك المدعي عليه الامر للمحكمة، فإنه ليس له بعد ذلك التمسك بدفع شكلي غير أنه لا يعتبر كلاما في الموضوع مسقطا للدفع الشكلي مجرد التعرض للموضوع بصفة عامة غير محدده بعبارات ذات طابع شكلي محض، كالقول بأن “الادعاء لا اساس له على اية حال” .
اذ لا يعتبر هذا ابداء لأي طلب أو دفاع أو دخولا في موضوع القضية بالمعنى الصحيح خاصة انه يجب كما قدمنا اتباع التفسير الضيق بالنسبة للوقائع القانونية المسقطة للحق
كذلك لا يعتبر كلاما في الموضوع طلب الخصم تأجيل الجلسة .
على أنه يجب في هذا الصدد التفرقة بين نوعين من الطلبات:
(أ) طلب التأجيل المقدم بصفة عامة
سواء لتقديم مستندات ومذكرات أو للاطلاع على المستندات أو للاستعداد فلا يعتبر تعرضا للموضوع لان الطلب بهذه الصورة قد يكون الهدف منه هو التمهيد لإبداء الدفع فلا يعني بذاته الكلام في الموضوع.
(ب) طلب التأجيل الذي يتعرض للموضوع
كما هو الحال بالنسبة لطلب التأجيل لإدخال ضامن او طلب التأجيل للصلح فإنه يسقط الحق في ابداء الدفوع الشكلية.
ومن ناحية اخرى اذا تمسك الخصم بدفع شكلي، فإن حقه في ابدائه لا يسقط لمجرد كلامه في الموضوع في نفس الورقة التي ابدى فيها الدفع، ولو كان كلامه في الموضوع سابقا على ابداء الدفع في ترتيبه في الورقة.
كما لا يسقط حقه في الدفع إذا كان مع ابدائه الدفع، قد تكلم في الموضوع على سبيل الاحتياط .
على أنه يلاحظ انه إذا تكلم الخصم في الموضوع محتفظا بحقه في التمسك بالدفع فيما بعد فإنه لا يحتفظ بهذا الحق في ابداء الدفع سواء كان تحفظه يعتبر من التحفظات الصريحة المحددة او من تلك العامة الشائعة
ذلك ان التحفظ ولو كان محددا لا يمكن ان يعتبر تمسكا بالدفع، ولا يؤدي بالتالي إلى تحقيق الهدف من القاعدة محل البحث وهو التخلص من المسائل الاجرائية قبل مناقشة الموضوع. وعلى اية حال فإن تكييف ما إذا كان صدر من الخصم يعتبر كلاما في الموضوع ام لا يعتبر مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
اما المقصود بالدفع لعدم القبول الذي يجب أن تبدي الدفوع الشكلية قبله فهو الدفع بعدم القبول الموضوعي، فلا تنطبق القاعدة على عدم القبول المتعلق بالإجراءات.
ثانيا: يجب ابداء الدفوع الشكلية معا والا سقط الحق فيما لم يبدي منها:
تنص بعض التشريعات ومنها القانون المصري قبل سنة 1962، على ترتيب معين يجب مراعاته في ابداء الدفوع الشكلية بحيث يسقط الحق في ابداء الدفع اذا لم يحترم بشأنه هذا الترتيب وهذا الترتيب الذي كان ينص عليه القانون المصري، محاكاه للقانون الفرنسي، كان يعتبر تمسكا بالشكلية لا مبرر له. وكان محل نقد من الفقه الفرنسي.
وقد عدل عنه القانون المصري منذ القانون رقم 100 سنة 1962 واخذ في هذا الشأن بقاعدة مغايرة استمدها من القانون الالماني تقضي بأن الدفوع الشكلية “يجب ابداؤها معا قبل ابداء أي طلب او دفاع في الدعوى” وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها ( 108 مرافعات ).
وعلى هذا لا يستطيع المدعي عليه ان يبدي دفعا بعدم الاختصاص ثم بعد ذلك دفعا ببطلان صحيفة الدعوى. وعلة هذه القاعدة هي الرغبة في تصفية المشاكل المتعلقة بالإجراءات معا.
يجب ابداء جميع الوجوه التي ينبني عليها الدفع الشكلي معا والا سقط الحق فيما لم يبد منها (مادة 108 فقرة اخيرة)
وعلى هذا اذا ابدى المدعي عليه دفعا ببطلان صحيفة الدعوى لرفعها من ذو ناقص اهلية لم يمثل تمثيلا قانونيا صحيحا، فلا يستطيع ان يدفع بعد ذلك ببطلان نفس الصحيفة بسبب عيب شكلي فيها.
واذا دفع المستأنف ضده باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لان صحيفته قد اعلنت بعد الميعاد القانوني فليس له ان يعود في جلسة اخرى ويتمسك بذات الدفع استنادا إلى بطلان الاعلان لأن المحضر لم يثبت غيابه عند مخاطبته لابنته وقت اجراء لإعلان اذ لم يكن قد ابدى هذا الوجه من البطلان عند ابداء الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن في الجلسة الاولى، اذا حقه في ابداء هذا الوجه يكون قد سقط..
وقد اخذ المشرع المصري بهذه القاعدة لأول مرة سنة 1949 بالنسبة للتمسك بوجوه البطلان في ورقة التكليف بالحضور (مادة 141 من مجموعة 1949).
ثم عموما بعد ذلك في مجموعة 1968 على جميع الدفوع الشكلية. والهدف من هذه القاعدة هو نفس الهدف من القاعدة السابقة التي تحتم ابداء جميع الدفوع الشكلية معا.
وقد اراد المشرع بهذا النص ان يحسم أي خلاف حول ما اذا كان التمسك بوجه جديد يعتبر تمسكا بدفع جديد لا يجوز ابداؤه منفصلا اما انه يعتبر ابداء لنفس الدفع الذي ابدى قبل ذلك وبالتالي يمكن ابداؤه دون الاعتراض عليه بقاعدة وجوب ابداء الدفوع
معا ، ويلاحظ ان عدم جواز ابداء دفع جديد او وجه جديد واجب الاحترام ولو لم يكن قد سبق الكلام في الموضوع.
كما يلاحظ ان الوجه الجديد لا يجوز ابداؤه – تماما كما هو الحال بالنسبة للدفع الجديد – ولو لم يكن قد سبقه حكم في الوجه او الدفع الذي ابدى قبل ذلك.
يجب ابداء الدفوع الشكلية في صحيفة الطعن، والا سقط الحق فيما لم يبد منها: وتطبيقا لهذا إذا كان ميعاد الطعن في الحكم يبدأ بإعلان الحكم وكان هذا الاعلان باطلا. وطعن المحكوم عليه في الحكم دون ان يتمسك ببطلان الاعلان، سقط حقه في الدفع به، فليس له التمسك به بعد هذا.
ويلاحظ ان هذه القاعدة مستقلة عن قاعدة وجوب ابداء الدفع قبل الكلام في الموضوع. ولهذا فإن الحق في الدفع الاجرائي يسقط بعدم ابدائه في صحيفة الطعن، ولو فرض وكان الطاعن لم يتكلم في هذه الصحيفة في الموضوع.
وهذه القواعد الاربع تسري على جميع الدفوع الشكلية (أو الاوجه المتعلقة بها) باستثناء نوعين منها:
(أ) الدفوع الشكلية- او الاوجه – المتعلقة بالنظام العام
ومثالها :
- الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو القيمي.
- او الدفع بانتفاء الولاية.
- أو الدفع ببطلان عمل اجرائي لمخالفة مقتضى يتعلق بالنظام العام.
والواقع ان تمسك المدعي عليه بالدفع في هذه الحالة انما يتعلق بعيب في الولاية او في الاختصاص او في الاجراءات مما على القاضي اخذه في اعتباره من تلقاء نفسه، فلا يعود تمسك المدعي عليه بالعيب ان يكون تنبيها للقاضي للقيام بواجبه فلا يتصور ان يخضع للقيود التي تتضمنها القواعد السابقة.
(ب) الدفع الذي ينشأ سببه بعد ابداء الدفوع الشكلية الاخرى او ابداء وجه اخر او بعد الكلام في الموضوع او تقديم صحيفة الطعن
وهذا منطقي اذا لم يكن المدعي عليه يستطيع التمسك بالدفع في ذلك الوقت فلم يكن له حق في ابدائه، ولا يمكن لحق ان يسقط قبل نشأته.
ولهذا فإن للمدعي عليه الذي تكلم في الموضوع ان يتمسك ببطلان طلب اضافي قدم بعد ذلك من المدعي او ببطلان تقرير قدم بعد ذلك من الخبير.
ويحدث التمسك بسقوط الحق في الدفع الشكلي، امام المحكمة التي يبدي امامها الدفع. فإذا قبل المحكمة الدفع فإنه يجوز التمسك بسقوط الحق فيه عند الطعن في الحكم الصادر في الدفع. اما اذا اصبح هذا الحكم نهائيا بعدم الطعن فيه، فإنه يمتنع بعد هذا التمسك بسقوط الحق في الدفع.
(ج) الاصل ان تفصل المحكمة في الدفع الشكلي قبل نظر الموضوع
ذلك ان هذا الفصل قد يغنيها عن نظر الموضوع والحكم فيه، كما لو قضت المحكمة ببطلان صحيفة الدعوى او بعدم اختصاصها بالدعوى. على ان المشرع قدر ان المحكمة قد تكون بحاجة إلى نظر الموضوع لكي تفصل في الدفع الشكلي، ولهذا تقرر المادة 108 /2 أن للمحكمة الامر بضم الدفع إلى الموضوع وتفصل فيهما معا.
غير ان هذا مشروط بشرطين :
1- الا يتعارض مع طرفي الخصومة من حق الدفاع. فإذا لم يكن الخصوم قد ابدوا دفاعهم في الموضوع او لم تكن المحكمة قد نبهتهم للتكلم فيه، فإن حكمها في الدفع والموضوع معا يكون باطلا لإخلاله بحق الخصوم في الدفاع.
2- ان تبين المحكمة ما حكمت به في كل من الدفع والموضوع، ذلك ان الفصل فيهما معا لا يعني ان الامر يتعلق بقرار واحد، بل الامر يتعلق بقرارين يجب ان ينبني كل قرار منهما على اسبابه المتعلقة على انه يلاحظ ما يأتي:
- (أ) ان طلب ضم الدفع إلى الموضوع ليس حقا لأي من الخصوم: اذ لا مصلحة لي منهم فيه. فالمسألة تدخل في السلطة التقديرية الكاملة للمحكمة.
- (ب) ان قرار الضم لا يعني وجوب الفصل في كل من الدفع والموضوع: فقد تأمر المحكمة بالضم ثم تصدر قرارا في الدفع وحده يغني عن الفصل في الموضوع كما لو حكمت – في الدفع- بعدم اختصاص المحكمة.
- (ج) الحكم في الدفع الشكلي لا يعتبر فصلا في الدعوى ولا يجوز حجية الامر المقضي: اذا قررت المحكمة قبول دفع شكلي كما لو حكمت بعدم الاختصاص او ببطلان صحيفة الدعوى، او قررت رفضه، فإن قرارها في الدفع الشكلي لا يعتبر فضلا في الدعوى ولا يجوز لهذا – كما قدمنا- حجية الامر المقضي.
ونتيجة لذلك فإنه اذا ترتب على الفصل في الدفع انتهاء الخصومة:
- (أ) فإن المدعي لا يبدي خصومه جديدة رافعا نفس الدعوى ما لم تكن دعواه انقضت بالتقادم.
- (ب) اذا طعن في الحكم في الدفع بالاستئناف، والغت المحكمة الاستئنافية هذا الحكم فإنه لا تنظر موضوع الدعوى وانما تعيد القضية إلى محكمة اول درجة لنظرها ذلك أن محكمة اول درجة لم تكن بحكمها في الدفع – قد فصلت في الموضوع. فنظر المحكمة الاستئنافية للموضوع يعتبر مخالفا لمبدأ التقاضي على درجتين .
في الختام نؤكد علي أهمية ابداء الدفع الشكلي المتعلق بالبطلان قبل التكلم في الموضوع وكذا طلبه بصحيفة الاستئناف حتى لا يسقط الحق فيه ، كما استعرضنا ما لا يعد تنازلا عن الدفع الشكلي بما يسقط الحق فيه ، وفي الأخير نقول أن الدفع بعدم الاختصاص للمحكمة ما عدا الاختصاص المكاني المحلي لا يسقط بعدم ابداؤه لأانه متعلق بالنظام العام .
- انتهي البحث القانوني (فكرة الدفع الشكلي: عيوب إجراءات الخصومة) ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني.
- زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
- كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل ، أو الاتصال بنا من خلال ( طلب استشارة مجانية )
- كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
- يمكن تحميل الأبحاث من أيقونة التحميل pdf في نهاية كل مقال وكل بحث ، ونعتذر لغلق امكانية النسخ بسبب بعض الأشخاص الذين يستحلون جهد الغير في اعداد الأبحاث وتنسيقها ويقومون بنشرها علي مواقعهم الالكترونية ونسبتها اليهم وحذف مصدر البحث والموقع الأصلي للبحث المنشور ، مما يؤثر علي ترتيب موقعنا في سيرش جوجل ، أعانهم الله علي أنفسهم .