في هذه الدراسة القانونية الشاملة، سنستعرض مفهوم بطلان العقود في القانون المدني، وذلك من خلال التعرف على أسباب بطلان العقود، طرق إثباته، شروط سقوطه، وأنواع البطلان، وكيفية انتقاص العقد بإبطال بند معين، وأخيرًا تحول العقد الباطل إلى تصرف قانوني آخر.

البطلان في العقود شروط إثباته، وسبل سقوطه

سنتناول في هذه الدراسة تفسيرات فقهاء القانون للمواد 138، 139، 140، 141، 142، 143، 144 من القانون المدني المصري، وذلك للوصول لفهم شامل لطبيعة بطلان العقود وأنواعه وشروطه.

بطلان العقود في الأعمال التحضيرية

  • ترد أسباب البطلان المطلق الى تخلف ركن من اركان العقد لعدم توافر الأهلية اطلاقا، بفقدان التمييز وانعدام الإرادة تفريعا على ذلك، أو كانتفاء الرضا أو عدم وجود المحل حقيقة أو حكما، وغنى عن البيان ان تخلف ركن من اركان فى حكم الواقع أو حكم القانون يحول دون انعقاده أو وجوده، وهذا هو ما يقصد بالبطلان المطلق.
  • اما البطلان النسبى فهو يفترض قيام العقد أو وجوده من حيث توافر اركانه ولكن ركنا من اركانه هو الرضاء، يفسد بسبب عيب بداخله، أو بسبب قصر أهلية احد العاقدين، ولذلك يكون العقد قابلا البطلان، بمعنى انه يبطل إذا طلب ذلك من شرع البطلان لمصلحته، وهو من داخل رضاءه العيب، أو من لم تكتمل اهليته.

وتظهر أهمية التفرقة بين البطلان المطلق والبطلان النسبى من وجوده:

(أ) فما دام البطلان المطلق يستتبع إعتبارا العقد معدوما، فيجوز لكل ذى مصلحة ان يتمسك بهذا البطلان، ولو لم يكن طرفا فى التعاقد كالمستأجر مثلا فى حالة، بيع الشئ المؤجر، بل يجوز للقاضى ان يحكم به من تلقاء نفسه، اما البطلان النسبى فلا يجوز ان يتمسك به الا طرف من اطراف التعاقد، وهو الطرف الذى يشرع البطلان لمصلحته، ويكون من واجبه ان يقيم الدليل على توافر سببه، بيد ان عبء إثبات البطلان يقع دائما على عاتق من يتمسك به.

وتتبع القاعدة نفسها، بل ويكون اتباعها اولى فيما يتعلق بالبطلان المطلق، فإذا حكم بالبطلان المطلق أو النسبى استند أثره واعتبر العقد باطلا من وقت نشوئه، دون ان يخل ذلك بما يكون الغير حسن النية قد اكتسب من حقوق عقارية، سجلت قبل تسجيل إعلان التصريح بالبطلان فى حالة البطلان النسبى، ويلتزم كل من المتعاقدين بأن يرد ما تسلمه بمقتضى العقد.

ويستثنى من هذه القاعدة حالتان: بلا سبب، والثانية – حالة وفاء احد المتعاقدين بإلتزام فى عقد باطل لسبب مخالفته الآداب، فلا يجوز لمثل هذا المتعاقد ان يسترد ما ادى إذا نسب إليه ما يخالف الآداب.

(ب) ما دام البطلان المطلق يستتبع اعتبار العقد معدوما، فلا يتصور اطلاقا ان ترد عليه الاجازة، ولو كانت ضمنية، بشرط ان تتوفر شروط صحتها وقت الاجازة (كبلوغ التعاقد القاصر سن الرشد وقت الاجازة مثلا)، وان تكون ذاتها منزهة عن العيب، اذ ينبغى ان تستكمل ما يلزم من الشروط لصحتها باعتبارها تصرفا قانونيا.

وإذا كان أثر الاجازة يستند، أو يتعطف على الماضي، الا انها لا تضر بحقوق الغير، فلا تضر الاجازة مثلا من يشترى عقارا كان قد سبق لمالكه بيعه، إذا كان الشراء قد تم بعد صدور البيع الأول وقبل اجازة هذا البيع،

ولما كان التدليس والإكراه من قبيل الافعال الضارة التى تلحق بها صفة التقصير المدنى، فيظل مرتكبا مسئولا عما وقع منه بمقتضى القواعد العامة، رغم اجازة العاقد الاخر للتعاقد، ما لم تنطوي الاجازة على اسقاط هذه المسئولية.

(ج) ما دام العقد المطلق البطلان معدوما، أو غير موجود، فلا يتصور ان يرد عليه التقادم، وعلى النقيض من ذلك يتعدم البطلان النسبى بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ إنشاء الغلط، أو التدليس، أو انقطاع سلطان الإكراه.

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 2 – ص 552 وما بعدها

البطلان في العقود

المقصود بالبطلان وأنواعه

المادة 138 مدني تنص علي:

إذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقاً في إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق.

لم يكن القانون القديم يفرد مكانه لنظرية البطلان، بل كنا نجد القواعد العامة في البطلان تحتويها نصوص متناثرة في أمكنة متفرقة متباعدة، كما هو شأن القانون المدني الفرنسي، أما القانون الجديد فقد عنى بأن يفرد لنظرية البطلان مكانا خاصا، جمع فيه النصوص الرئيسية التي ترسم القواعد العامة في بطلان العقد (مادة 138- 114) وعلي ذلك فالبطلان وصف يلحق التصرف القانوني المعيب، والذي يتحقق عيبه بسبب مخالفة أحكام القانون التي تنظم إنشاءه، وهذا الوصف يعني أن هذا التصرف غير صالح لإنتاج الآثار القانونية المقصودة به ( تصرف غير نافذ ) .

فالبطلان لا يترتب إلا نتيجة لمخالفة أوامر القانون المنظمة لإنشاء التصرف القانوني وكل سبب يحدث لاحقا لإبرام التصرف، فيؤدي إلي عدم ترتب آثاره عليه لا يمكن أن يكون سببا للبطلان مهما اشتهت آثاره بآثار البطلان.

(الشرقاوي بند 46)

لما كان البطلان يعدم العقد، فإن المنطق يقضي بأن يكون البطلان درجة واحدة لا تقبل التدرج، إذ العدم لا تفاوت فيه.

ولكن نظرية البطلان مع هذه البساطة المنطقية، قد تعقدت لاعتبارات تاريخية، ولاعتبارات ترجع إلي النصوص التشريعية، ثم لمحاولة الفقهاء أن يقسموا البطلان تبعا لذلك إلي مراتب متدرجة، ومن ثم قالت النظرية التقليدية بتقسيم ثلاثي للبطلان، وقد هوجمت من ناحيتين مختلفتين، فكثرة الفقهاء يكتفون بتقسيم ثنائي، وبعضهم لا يكفيه التقسيم الثلاثي ويذهب إلي تنويع البطلان مراتب متعددة فالنظرية التقليدية تقسم البطلان كما قدمنا إلي مراتب ثلاثة:

  • الانعدام .
  • البطلان المطلق .
  • البطلان النسبي.
(السنهوري بند 300)

وكثرة من الفقهاء تنعي علي النظرية التقليدية تمييزها بين العقد المنعدم والعقد الباطل بطلانا مطلقا إذ التمييز يصطدم مع المنطق، وليس بذي فائدة، أما أنه يصطدم مع المنطق فلأن العقد الباطل بطلانا مطلقا ليس له وجود قانوني فهو يستوي في الانعدام مع العقد المنعدم.

ولا يمكن أن يقال أن العقد المنعدم أشد انعداما من العقد الباطل بطلانا مطلقا إذ لا تفاوت في العدم كما قدمنا، وأما التمييز غير ذي فائدة فلأن أحكام العقد الباطل بطلانا مطلقا هي عين أحكام العقد المنعدم، كلا العقدين لا ينتج أثرا، ولا تلحقه الإجازة ولا يرد عليه التقادم، والواقع أن التمييز بين الانعدام والبطلان المطلق خلقه الفقه الفرنسي في مناسبة عقد الزواج، إذ قرر هذا الفقه ألا بطلان في هذا العقد دون نص، صيانة له من التزعزع، فقامت حالات بطلان لا شك فيها،

ولكن لم يرد في شأنها نص، كما إذا كان الزوجان من جنس واحد، وكما إذا تولي العقد من ليست له الصفة الرسمية في توليه، فخلقت نظرية الانعدام حتى تغطى هذه الحالات، وكان الأولي عدم التقيد بالقاعدة الضيقة التي تقضي بأن البطلان لا يكون بغير نص في عقد الزواج، أو في القليل قصر هذه القاعدة علي الزواج فإن طبيعته تغاير طبيعة العقود في دائرة المعاملات المالية وهناك من الفقهاء من يذهب علي النقيض مما تقدم، إلي عدم الاقتصار علي مراتب البطلان الثلاث التي تقول بها النظرية التقليدية.

فإن هذا التقسيم الثلاثي في نظرهم تقسيم ضيق جامد لا يتسع لمختلف الحاجات، وأصحاب هذا الرأي يقولون إن القانون عين شروطا للعقد حتى ينتج آثارا معينة، وكل شرط من هذه الشروط يتطلبه القانون للوفاء بغرض معين، فإذا اختل شرط كان العقد باطلا في الناحية التي تتلاءم مع هذا الشرط، فتتعدد وجوه البطلان وتنوع مراتبه تبعا للأغراض التي توخاها القانون ومهما قيل في مرونة هذا الرأي وفي أنه يفسر استعصاء بعض مسائل البطلان علي الخضوع للقواعد التقليدية، كما في إجازة الواهب أو ورثته لهبة لم يتوافر فيها شرط الشكل (مادة 489 جديد) .

وكما في شذوذ بيع ملك الغير وإمكان إجازته بإقرار المالك وهو أجنبي (م467 جديد) وكما في بطلان عقد الشركة الذي يستوف الشكل مع عدم جواز أن يحتج الشركاء بهذا البطلان علي الغير (مادة 507 جديد) إلا أن هذه الحالات الخاصة لها ما يفسرها ملائما.

وهي لا تسوغ نقض القواعد الثابتة المستقرة في البطلان لتحل محلها قواعد ليس لها من الثبات والاستقرار ما يبرر الاطمئنان إليها فالوقوف عند التقسيم الثلاثي خير من تشتت قواعد البطلان في غير ثبات ولا استقراره وخير من التقسيم الثلاثي التقسيم الثنائي إلي عقد بطلانا مطلقا (ويدخل فيه العقد المنعدم) وعقد باطل بطلانا نسبيا، لما قدمناه من عيب التمييز ما بين العقد المنعدم والعقد الباطل بطلانا مطلقا.

بل خير من التقسيم الثنائي الرجوع إلي المنطق الصحيح وجعل البطلان درجة واحدة لا تفاوت فيها هي البطلان المطلق ذلك لأن العقد باطل بطلانا نسبيا يمر كما سنرى علي مرحلتين: (المرحلة الأولي) قبل أن يتعين مصيره بالإجازة أو بالإبطال، ويكون له في هذه المرحلة وجود قانوني كامل، فينتج كل الآثار القانونية التي كانت تترتب عليه لو نشأ صحيحا.

(والمرحلة الثانية) يلقي فيها العقد أحد مصيرين، فإما أن تلحقه الإجازة أن يتم في شأنه التقادم فيزول البطلان ويستمر العقد صحيحا منشئا لجميع آثاره، فلا يعود هناك فرق بينه وبين العقد الصحيح وإما أن يقرر بطلانه فينعدم وجوده القانوني انعداما تاما وتزول جميع الآثار القانونية التي أنشأها ويكون لهذا كله أثر رجعي فلا يعود هناك فرق بينه وبين العقد الباطل بطلانا مطلقا فالعقد الباطل بطلانا نسبيا .

كما نرى لا يعدو في ماله أن يكون عقدا صحيحا إذا لحقته الإجازة أو ورد عليه التقادم، أو عقد باطلا بطلانا مطلقا إذا تقرر بطلانه، فهو إما عقد صحيح علي الدوام وإما عقد باطل بطلانا مطلقا منذ البداية، والواقع من الأمر أن البطلان النسبي ليس شيئا مستقلا يقوم إلي جانب البطلان المطلق.

وما هو إلا تعبير مناسب عن حالة عقد يمر علي المرحلتين المتقدم ذكرهما، فيؤول أمره في النهاية إلي الصحة التامة أو إلي البطلان المطلق، ومن ثم فليس هناك إلا نوع واحد من البطلان، يندمج فيها البطلان النسبي، كما اندمج فيه الانعدام.

(السنهوري بند 300- انظر الشرقاوي بند 46 – سليمان مرقص مرجع سابق)

وإذا كانت الحماية التي تغياها المشرع من القاعدة محل المخالفة تتعلق بمصلحة عامة وجب تطبيق البطلان المطلق وإذا كانت خاصة وجب تطبيق أحكام البطلان النسبي .

وقد قضت محكمة النقض بأن

استقر الفقه والقضاء في فرنسا ومصر في ظل القانون المدني القديم-الذي لم يتناول الشرط المانع من التصرف وجزاء مخالفته- علي أن هذا الشرط لا يصح إلا إذا أقت وكان القصد منه حماية مصلحة جدية مشروعة وإذا خولف بعد استيفاء شروط صحته حكم بفسخ التصرف الأصلي أو إبطال التصرف المخالف بناء علي طلب من وضع الشرط المانع لمصلحته،

لما كان ذلك وكان النص في القانون المدني الجديد في المادة 823 علي أنه

  1. إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبينا علي باعث مشروع ومقصورا علي مدة معقولة.
  2.  ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير” والنص في المادة 824 منه علي أنه :

إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحا طبقا لأحكام المادة السابقة فكل تصرف مخالف له يقع باطلا”،

 يفيد أن المشرع وعلي ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – قد قنن ما استقر عليه الفقه والقضاء من قبل ولم يضف جديدا إلا حسم الخلاف بين ما تردد فيه القضاء من الحكم ببطلان التصرف المخالف أو فسخ التصرف الأصلي عند مخالفة الشرط المانع فأثر أن تكون طبيعة الجزاء هو بطلان التصرف المخالف دون حاجة إلي فسخ التصرف الأصلي.

أما نوع الجزاء فقد أبقي عليه وهو ليس بطلانا مطلقا بل هو بطلان يتفق مع الغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة خاصة مشروعة لأحد الأشخاص وهو ما صرحت به المذكرة الإيضاحية بقولها “أن الذي يطلب بطلان التصرف المخالف هو المتصرف إذ له دائما مصلحة في ذلك ويطلبه كذلك المتصرف له أو الغير إذا كان الشرط المانع أريد به أن يحمي مصلحة مشروعة لأحد منهما”

ومن ثم يتحتم ضرورة قصر المطالبة بهذه الحماية أو التنازل عنها علي صاحب المصلحة وحده ويمتنع علي المحكمة الحكم بالبطلان من تلقاء نفسها ولا محل بعد ذلك التحدي بما ورد بصدر المذكرة الإيضاحية من تحديد لنوع هذا البطلان من أنه :

بطلان مطلق لعدم قابلية المال للتصرف لما فيه من خروج عن المعنى الصحيح الواضح للنص الذي اقتصر علي بيان طبيعة الجزاء وهو البطلان دون نوعه الذي يتحدد بمدلوله أخذا بالغاية التي تغياها المشرع منه وهي حماية المصلحة الخاصة المشروعة لا المصلحة العامة.

شرط أركان العقد حتى لا يصاب بالبطلان

 هناك أركان للعقد لابد من قيامها حتى يتكون، ولهذه الأركان شروط لابد من توافرها حتى لا تختل، وركن من هذه الأركان-وهو الرضاء لابد أن يصدر من ذي أهلية كاملة وألا يكون مشوبا بعيب حتى يكون صحيحا، وأركان العقد الرضاء والمحل والسبب، وكذلك الشكل في العقود الشكلية،

فإذا انعدم ركن منها كان العقد منعدما، وشروط المحل أن يكون ممكنا معينا مشروعا، وشرط السبب أن يكون مشروعا، فإذا اختل شرط من هذه الشروط كان العقد باطلا بطلانا مطلقا، وإذا صدر الرضاء من ناقص الأهلية أو شابه عيب كغلط أو تدليس أو إكراه، أو كان العقد باطلا بطلانا نسبيا.

(السنهوري بند 300)

البطلان الشكلي والموضوعي

البطلان إما أن يرجع لاعتبارات شكلية أو إلي اعتبارات موضوعية

في الحالة الأولي يكون العقد الشكلي الذي لا يتوافر ركن الشكل فيه باطلا، ولكن بالقدر الذي يتطلبه القانون من الشكل، وقد أسلفنا أن الشكل إنما هو من صنع القانون، والقانون هو الذي يعين له الجزاء الكافي في حالات الإخلال به، فقد يجعل العقد الذي لم يستوف الشكل المطلوب باطلا لا تلحقه الإجازة، وقد يسمح بإجازته كما في الهبة الباطلة شكلا (مادة 489 جديد) .

وكما في الشركة التي لم تستوف الشكل المطلوب (مادة 507 جديد) وقد يجعل الشكل من المرونة بحيث يقبل أن يستكمل وأن يحتج به في فرض دون فرض كما في شركات التضامن والتوصية فالشكل كما قدمنا من يخلق القانون، صنعه علي عينه، ويقدره علي القالب الذي يختاره، ونحن في هذه الدائرة وحدها-دائرة البطلان لعدم استيفاء الشكل المطلوب- نتمشى مع القائلين بتنوع مراتب البطلان.

أما إذا رجع البطلان إلي اعتبارات موضوعيةفهنا يجب التأصيل عن طريق تحليل عناصر العقد وقبل ذلك نقوا إن البطلان قد يرجع إلي نص في القانون لحكمة يتوخاها المشروع، كما في بطلان بيع ملك الغير (مادة 466 جديد) وفي بطلان تصرف السفيه الصادر قبل تسجيل قرار الحجر (مادة 115 جديد)،

وهذا النوع من البطلان هو بطلان خاص يتبع في شأنه النص الذي يعالجه، ولكن البطلان الذي يخضع للقواعد العامة يرجع أكثر ما يرجع إلي اعتبارا موضوعية نتولى الآن تقعيدها ذلك أن للعقد أركانا ثلاثة هي الرضاء والمحل والسبب، فإذا انعدم أي ركن منها فإن العقد لا يقوم طبيعة، ويكون باطلا، ومثل انعدام الركن اختلال شرطه.

فالرضا يشترط فيه التمييز وتقابل الإيجاب والقبول مع تطابقهما، والمحل يشترط فيه الإمكان والتعيين والمشروعية، والسبب تشترط فيه المشروعية، فشروط التمييز والتقابل والتطابق في الرضا وشرط الإمكان والتعيين في المحل هي شروط طبيعية لا يقوم العقد بدونها، وشرط المشروعية في المحل وفي السبب هو شرط قانوني لا يقوم العقد أيضا بدونه، فإذا اختل شرط من هذه الشروط كان العقد باطلا، والبطلان هنا تمليه طبيعة الأشياء أو يفرضه القانون حماية لمصلحة عامة، والعقد الباطل منعدم طبيعة أو شرعا.

فلا ينتج أثرا ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه وللمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها، ولا تصح إجازته ولا يرد عليه التقادم وهناك ركن في العقد قد يقع أن يكون قائما مستوفيا لشروطه ولكن لا تتوافر له أسباب الصحة، وهذا هو الرضاء كما رأينا يكون موجودا مستوفيا لشروطه حتى لو صدر من ناقص الأهلية وحتى لو صدر عن غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، ولكنه يكون رضاء معيبا غير صحيح.

وفي هذه الحالة يقوم العقد مستوفيا أركانه، فهو منعقد تترتب عليه آثاره، ويبقي أن المتعاقد الذي صدر منه رضاء مختل أو رضاء معيب يكون من حقه أن يحميه القانون إذا هو طلب هذه الحماية، فله وحده أن يطلب إبطال العقد، كما له أن يجيزه، وإذا سكت سقط حقه في إبطال العقد بالتقادم، ذلك أن هذا الحق في إبطال العقد إنما قرره القانون لا لحماية مصلحة عامة، بل لحماية مصلحة المتعاقد الخاصة، يعالج به ما اعتور رضاءه من نقص .

السنهوري بند 303

اختلاف البطلان عن الفسخ

البطلان يختلف اختلافا واضحا عن الفسخ، رغم أن كلا منهما يؤدي إلي عدم نفاذ التصرف القانوني:

فالفسخ يترتب علي عدم تنفيذ أحد الطرفين في عقد ملزم للجانبين لالتزاماته الناشئة عن التصرف القانوني، وسببه لذلك أمر لاحق لإنشاء التصرف وإبرام العقد هو عدم التنفيذ ومن ناحية أخرى فالفسخ جزاء ينصب علي العقد ومعناه حل ارتباطه لتمكين الطرف الذي لم يتلق مقابلا لما التزم به بسبب امتناع الطرف الآخر عن تنفيذ التزاماته، من التحلل من التزامه هو الآخر.

أما البطلان فسببه لابد أن يكون مخالفة للقانون تؤدي إلي عيب التصرف عند إبرامه، أي سببا مقارنا لإنشاء التصرف القانوني، والبطلان وصف ينصب علي التصرف القانوني، أي علي الإرادة نفسها، وليس ينصب علي الارتباط بين الإرادات كالفسخ.

 الشرقاوي بند 46

البطلان وعدم النفاذ

البطلان كما سبق أن ذكرنا هو الجزاء علي عدم توافر أركان العقد أو شروط صحته، وهذا الجزاء يتمثل في عدم التزام العاقد بالآثار التي كان من المفروض أن يرتبها هذا العقد الباطل أو الذي قضي بإبطاله.

أما عدم النفاذ فالمقصود به عدم جواز الاحتجاج بالعقد ولو كان صحيحا في مواجهة الغير، أي عدم سريانه في حق الغير ومن أمثلة عدم النفاذ إغفال إجراءات شهر العقد اللازمة لإمكان الاحتجاج به علي الغير كعدم تسجيل عقد بيع العقار والبطلان إذا كان مترتبا علي عدم توافر صحة العقد، يرتفع عن طريق الإجازة ، أما عدم النفاذ فينتفي عن طريق إقرار الغير للعقد ، كإقرار بيع ملك الغير بمعرفة المالك الحقيقي .

سلطان بند 185 – انظر الشرقاوي ، الإشارة السابقة

الشروط التي لا يترتب البطلان علي تخلفها

 أولا : إذا لم يتم التعبير عن الإرادة، لا يكون هناك تصرف قانوني منتج لآثاره، ولكن هذا لا يعني أن هناك تصرفا باطلا، ذلك أن تخلف التعبير عن الإرادة، تخلف للوجود المادي للتصرف فالتصرف جوهره الإرادة ولكن هذه الإرادة لا يعتد بها القانون، ولا يتحقق وجودها في نطاقه، إلا بالتعبير عنها وتخلف التعبير عندئذ هو تخلف مادي للتصرف يجعله منعدما انعداما منطقيا فالتعبير عن الإرادة ليس من الشروط التي يترتب علي تخلفها البطلان ولكت ليس معني هذا أن الإرادة غير المعبر عنها يمكن أن تعتبر تصرفا قانونيا، بل القصد من هذا القول هو أن انعدام التصرف، في هذه الحال، انعداما ماديا يغني عن توسيط نظام البطلان للقول بعدم وجوده في نظر القانون.

ثانيا: التعبير عن الإرادة يعد تصرفا قانونيا، وإذا كان يكشف عن قصد إلي الالتزام قانونا، أي إذا توافرت فيه نية الالتزام التزاما قانونيا، وذلك حتى تستبعد من نطاق التصرفات القانونية، التعبيرات التي تقصد إلي القيام بعمل من أعمال المحاماة، أو أي واجب غير قانوني بصفة عامة.

وكذا لتستبعد من هذا النطاق أيضا التعبيرات التي لا تمثل اتجاها جادا إلي الالتزام أي حتى تستبعد التصرفات الصورية، وكذا التعبيرات التي تكشف عن أن الإرادة غير باتة في القصد إلي الالتزام، وكتلك التي تكشف عن أن صاحبها ليس لديه إدراك يمكنه من إصدار إرادة قانونية ويجعل الفقه من شروط الإرادة التي تتجه إلي إحداث الآثار القانونية، أي من شروط التصرف القانوني، أن تتوافر نية الالتزام بالمعنى السابق ويرتب علي تخلف هذا الشرط، بطلان هذا التصرف.

ولكننا نلاحظ أن جعل نية الالتزام مجرد شرط للتصرف القانوني، يقوم علي افتراض إمكان وجود إرادة ليست فيها نية الالتزام، ولو وجودا ماديا أو واقعيا، وهو أمر غير متصور، فنحن نعتقد أن نية الالتزام لا يمكن ن تفصل عن ذات الإرادة، لتصبح هذه النية مجرد شرطا لها، فنية الالتزام لا تعني سوى “إرادة الأثر القانوني”، وهذه النية إذن هل كل الإرادة وليست شرطا فيها، فإذا تخلفت “النية” فإن هذا المعني بالضرورة تخلف الإرادة ذاتها تخلفا يؤدي إلي انعدام أي وجود مادي أو واقعي للتصرف القانوني يسمح بالبحث عن شروطه فيه.

ومعني هذا أننا نقول أن انعدام نية الالتزام يعني عدم وجود التصرف القانوني كما يؤدي إلي ذلك انعدام التعبير عن الإرادة تماما، وقد يعترض علي ذلك بأنه في حال انعدام التعبير لا يستند القول بانعدام التصرف القانوني انعداما منطقيا، إلي معيار واضح، فليس هناك أي تعبير، وهذا هو “العدم” في صورته الواضحة، التي تغني عن البطلان كوسيلة لهدم التصرف، أما في حال انعدام نية الالتزام فهناك تعبير يعد مظهر قائما، وإن كان هذا التعبير مظهرا إرادة غير جادة أم غير باتة أو غير واعية أو لا تهدف إلي الالتزام قانونا.

فلم لا نلجأ إلي البطلان لهدم هذا المظهر القائم؟ الواقع أن وجوده الإرادة في الصورة السابقة، ليس إلا وهما يتبدد إذا حاولنا معرفة مضمون التعبير، بفهمه وتفسيره فهذا الفهم واجب علينا حتى نستطيع أن نميز به التعبيرات التي تدخل في نطاق القانون، عن تلك التي تبعد عن هذا النطاق، فالحاجة إلي التفسير، لا تقتصر علي أحوال تحديد مضمون تصرف قائم وصحيح، بل تقوم أيضا لإثبات وجود التصرف أو صحته ونحن إذ نذكر التعبير عن الإرادة، نأخذه في معني واسع يشمل كل ما تظهر به إرادة المعبر، سواء أكان تعبيرا صريحا أو ضمنيا.

ومجرد تفسير التعبير عن الإرادة في الصور التي تتخلف فيها نية الالتزام، يكشف لنا عن انعدام التصرف القانون، انعداما ماديا أو منطقيا والتعبيرات المقترنة بشرط المشيئة، أي التعبيرات غير الباتة، هي التعبيرات التي يبدو فيها بوضوح كيف أن تفسيرها يكشف عن انعدامها.

فإذا قال شخص إنه يبيع منزله عندما يريد ذلك ويقرره- إلي شخص آخر بثمن معين، فإن فهم تعبيره، في ضوء الشرط الذي يضعه، يكشف عن عدم وجود إرادة تتجه إلي الالتزام بمقتضي هذا التعبير، لأن معنى هذا الشرط هو أن المعبر عن إرادته يقول أنه لا يلتزم في الوقت الحاضر، ويصبح عدم ترتيب أي أثر علي مثل هذا التعبير ممن البداهة والمنطق، لأنه في جملته ينفي صراحة إرادة الالتزام والتعبيرات التي تصدر عن إرادة هازلة، هي تعبيرات عن إرادة غير جادة أي لا نقصد حقيقة إلي الالتزام بما يؤخذ من التعبير.

ومثل هذه الإرادة توصف بأنها تصرف صوري، أي تصرف غير حقيقي والصورية تتم في مثل هذه الحال نتيجة لوجود تعبير آخر، مخفي عن الإرادة يكذب التعبير المعلن، وتكون وظيفة التفسير عندئذ هي تكملة التعبير المعلن بالتعبير المخفي بعد الكشف عنه، فيتهاتر التعبيران لأن معناهما معا هو أن الشخص لا يقصد حقيقة الالتزام، وينكشف “انعدام أي إرادة حقيقية تتجه إلي إحداث أثر قانوني”،

دون حاجة إلي الطعن بالبطلان، لأن هذا الانعدام هو انعدام مادي ومنطقي للتصرف والتعبيرات المتعلقة بالمجاملات (والواجبات الخلقية)، ينكشف تفسيرها بإعمال الفهم العام، أي الفهم العام، أي الفهم المألوف بين الناس لهذه التعبيرات، لبيان القصد منها، يكشف عن أن المعبر عن إرادته يضع تعبيره خارج إطار القانون، فلا يقصد إلي أن يرتب علي نفسه آثارا يقتضي تنفيذها جبرا عنه، كمن يدعو شخصا إلي وليمة أو نزهة، أو من يعد ابنه بجائزة أن تفوق في دراسته.

فالتعبير في مثل هذه الصور ليس تصرفا قانونا، ولا محل للبحث في هذه الحال، عن شروط تصرف لا وجود “فعليا” له أما تعبير فاقد الوعي والإدراك (السكران أو المخدر) فيتوقف القول بانعدامه، لانعدام نية الالتزام به، أو بوجود التعبير كتصرف، واستلزم الطعن ببطلانه بسبب عيب الرضاء، يتوقف علي ما إذا كان تفسير هذا التعبير يكشف عن انعدام نية الالتزام أو لا يكشف عن ذلك.

فإن كان كاشفا عن هذا الانعدام، كان هناك انعدام منطقي يغني عن الطعن في الإرادة بالبطلان، وإلا كان هذا الطعن واجبا لنفي الوجود القانوني للتصرف. والخلاصة أن نية الالتزام ليست شرطا لصحة التصرف، لأن تخلفها يعني انتفاء الوجود المادي أو الواقعي للتصرف، وهو وجود يلزم تحققه لإمكان القول بالبطلان، وهذا الانعدام المادي يظهر من مجرد تفسير التعبير عن الإرادة، وفهمه فهما قانونيا يكشف عن أنه لا يدخل في نطاق التعبيرات التي تنطوي علي تصرفات قانونية.

قارن مع ذلك بهجت بدوي بند 151

ثالثا: إرادة الأثر القانوني، يستلزم وجودها بالضرورة انصبابها علي موضوع معين وقصدها إلي هدف محدد ولذا لا يتصور أن يتطلب وجود محل أو غاية لها، كشيء مستقل عن استلزامها هي، لأن وجودهما من وجود الإرادة، وتخلف الإرادة ليس سببا للبطلان، بل هو سبب للانعدام المادي للتصرف القانوني

الشرقاوي بند 45 – انظر السنهوري مرجع سابق – وانظر سليمان مرقص مرجع سابق

التمسك بالبطلان

 التمسك بالبطلان غير قاصر علي أحد طرفي العقد الباطل، بل هو جائز لكل منهما، لأن علة البطلان لا تتعلق بأحد العاقدين بل ترجع إلي عدم توافر ركن من أركان العقد، أي ترجع إلي انعدام العقد قانونا وما دامت علة البطلان راجعة إلي عدم قيام العقد فيجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، كما يجوز لكل ذي مصلحة التمسك به.

والمقصود بذي المصلحة هنا من له حق يؤثر فيه اتخاذ العقد الباطل مظهر العقد الصحيح، وهذا هو الدائن والخلف العام والخلف الخاص فالدائن له مصلحة في التمسك ببطلان التصرف الصادر من مدينه لأن مثل هذا التصرف إذا لم يتقرر بطلانه سيؤثر في الجانب الإيجابي من ذمة المدين بالانتقاص منه.

والخلف العام كالوارث له مصلحة في التمسك   ببطلان التصرف الصادر من المورث   لرد العين المتصرف فيها إلي التركة، والخلف الخاص كالمشتري له مصلحة في التمسك ببطلان التصرف السابق الصادر من البائع في شأن العين المبيعة حتى تخلص له هذه العين أما إذا لم تستند المصلحة إلي حق قد يؤثر فيه شبهة وجود العقد الباطل، فلا يجوز التمسك ببطلانه، وعلي ذلك لا يجوز مثلا لجار أن يتمسك ببطلان العقد الذي يملك به جاره ليتخلص بذلك من سوء حواره، ولا يجوز لتاجر أن يتمسك ببطلان شركة ليتفادى منافستها له.

سلطان بند 191 – الشرقاوي بند 49 – السنهوري بند 330

من له التمسك بالإبطال

العقد القابل للإبطال لم يتقرر قابلية إبطاله إلا لعلة توافرت في جانب أحد المتعاقدين وهي نقص في أهليته أو عيب في رضاه، ولذا يكون لهذا المتعاقد وحده دون المتعاقد الآخر طلب إبطال العقد (مادة 138)، وإذا توفي هذا المتعاقد قبل مباشرة حقه في طلب البطلان انتقل هذا الحق إلي ورثته وليس لدائن هذا المتعاقد أو خلفه الخاص طلب إبطال العقد إلا عن طريق الدعوى غير المباشرة، كما أنه ليس للمحكمة أن تقضي بإبطاله من تلقاء نفسها .

إسماعيل غانم بند 135 – السنهوري بند 235

تقرير البطلان بالتراضي أو بالتقاضي

 يتم تقرير بطلان العقد القابل للإبطال بالتراضي أو بالتقاضي ويشترط في حالة التراضي أن تتوافر الأهلية في كل من المتعاقدين، فإذا لم يتم التراضي فلا يجوز لمن له الحق في التمسك بالإبطال أن يستقل بإعلان البطلان بإرادته المنفردة، بل يتعين عليه الالتجاء إلي القاضي للحصول علي حكم بإبطال العقد. وحكم القاضي يعتبر منشئا للبطلان لا كاشفا له كما هو الأمر بالنسبة للبطلان المطلق، وإن كان أثر هذا الحكم يستند إلي الماضي. ومتى تثبت القاضي من علة الإبطال تعين عليه الحكم به، إذ ليست له فيما يتعلق بالبطلان السلطة التقديرية التي له فيما يتعلق بالفسخ .

سلطان بند 193 – فتحي عبد الرحيم بند 240

التمسك بالبطلان يجوز في أي مرحلة من مراحل التقاضي ما عدا محكمة النقض

 يجوز لمن تقرر الإبطال لمصلحته التمسك بالإبطال في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ما لم يفسر سكوته علي أنه ينطوي علي إجازة ضمنية للعقد، ولكن لا يجوز له التمسك بالإبطال لأول مرة أمام  محكمة النقض  .

عبد الفتاح عبد الباقي ص 472 – عبد المنعم الصدة ص 384

وقد قضت محكمة النقض بأن

النعي ببطلان محضر الخطبة-عند المصريين غير المسلمين- غير مقبول ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يصح له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

نقض 26/5/1974 س 25 ص 948

الدفع بإبطال العقد لا يتعلق بالنظام العام

بالتالي لا يجوز للمحكمة القضاء به من تلقاء نفسها بل يجب علي الخصم التمسك به أمام محكمة الموضوع : لا يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بالإبطال إلا إذا تمسك صاحب الشأن أمام محكمة الموضوع بهذا البطلان ويعد هذا الدفع دفعا جوهريا إلا أنه لا يتعلق بالنظام العام أو الآداب العامة.

اجازة العقد الباطل

اجازة العقد الباطل تكون بالإجازة الصريحة أو الضمنية

المادة 139 مدني تنص علي

  1.  يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية.
  2.  وتستند الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد، دون إخلال بحقوق الغير.

الاجازة تلحق العقد القابل للإبطال، لان له وجودا قانونيا مادام بطلانه لم يتقرر، وإذا كان هذا الوجود مهددا بالزوال، فإن الاجازة إذا لحقته استقر والاجازة تصرف قانونى صادر من جانب واحد، فلا حاجة الى اقتران قبول لها، ولا يمكن الرجوع فيها بحجة ان القبول لم يصدر، والذى يجيز العقد هو الذى يثبت له الحق فى التمسك ببطلانه.

فناقص الأهلية، ومن شاب رضاءه عيب هم اللدان تصدر منهما الاجازة، ويجيب ان يكون المجيز كامل الأهلية وقت الاجازة بالنسبة الى العقد الذى يجيزه، والا يشوب الاجازة نفسها عيب من عيوب الإرادة، فلا تصح الاجازة إذن الا بعد زوال السبب لقابلية العقد للإبطال بعد استكمال الأهلية أو بعد انكشاف الغلط أو افتضاح التدليس أو ارتفاع الإكراه.

وإذا اجيز العقد على النحو المتقدم انقلب صحيحا على وجه بات من وقت صدوره لا من وقت الإجازة فحسب، لان للإجازة أثرا رجعيا، والمقصود بالأثر الرجعى هنا ان العقد يعتبر قد نشأ صحيحا، لا قابلا للإبطال، منذ البداية ولكن هذا الأثر الرجعى يكون فيما بين المتعاقدين دون الغير، فلو ان قاصرا باع عينا، وبعد بلوغه سن الرشد رهنها ثم اجاز البيع فإن الاجازة لا تضر الدائن المرتهن، وتنتقل العين الى المشترى مثقلة بحق الرهن

الوسيط -1- الدكتور السنهوري – المرجع السابق – ص 513 وما بعدها وكتابة الوجيز – ص 194 وما بعدها

و لا يقبل العقد الباطل الاجازة من الوجهة المنطقية، لان الباطل معدوم، غير منعقد والعدم لا ينقل وجودا بالإجازة، ولان البطلان من النظام العام؛ والاجازة لا تهدم اعتبار النظام العام، فلو صحت الاجازة للعقد الباطل لوجب تصحيحه رغم مخالفته للنظام العام، وعندئذ لا يبقى فى البطلان قوة جزائية رادعة، ويصبح البطلان والصحة تابعين لإرادة العاقد لا لإرادة الشارع.

وهذا منطق قابلية الإبطال، لا منطق البطلان- فإذا اريد احياء العقد الباطل وجب انشاؤه من جديد، وعندئذ يكون زمان وجوده هو زمان انشائه الجديد، بينما العقد الذى تلحقه الاجازة يعتبر زمان وجوده فى حال الاجازة هو زمان عقده السابق، لان الاجازة تستند أى تقع بأثر رجعى

القانون المدني السوري – الدكتور مصطفي الزرقا – المرجع السابق – ص 164 وما بعدها ، والقانون المدني العراقي – الدكتور حسن الدنوان – المرجع السابق ص 73 وما بعدها

الأجازة تلحق العقد القابل للإبطال

 الإجازة تلحق العقد القابل للإبطال لأن له وجوداً قانونياً مادام بطلانه يتقرر، وإن كان هذا الوجود مهدداً بالزوال، فإذا لحقته الإجازة استقر. والإجازة عمل قانوني صادر من جانب واحد، فلا حاجة لاقتران قبول بها، ولا يمكن الرجوع فيها بحجة أن القبول لم يصدر. والذي يجيز العقد هو الذي يثبت له الحق في التمسك بالبطلان فناقص الأهلية.

ومن شاب رضاءه عيب هما اللذان تصدر منهما الإجازة، وهذا ما يقضي به المنطق القانوني، لأن الإجازة نزول عن التمسك بالبطلان، ولا ينزل عن الحق إلا من يملكه، ويجب في المجيز وقت الإجازة أن يكون كامل الأهلية بالنسبة إلى العقد الذي يجيزه، وألا تشوب الإجازة .

وهي عمل قانوني كما قدمنا – عيب من عيوب الإرادة غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، ومن أجل ذلك لا تصح الإجازة إلا إذا زال السبب الذي قرر القانون من أجل البطلان، فناقص الأهلية لا يستطيع إجازة العقد مادام ناقص الأهلية، فإذا استكمل أهليته جاز له ذلك، ومن شاب رضاءه عيب لا تكون إجازته صحيحة مادام تحت تأثير هذا العيب، حتى إذا انكشف الغلط أو افتضح التدليس أو ارتفع الإكراه صحت الإجازة بعد ذلك .

السنهوري بند 317

الإجازة قد تكون صريحة وقد تكون ضمنية

 وتكون الإجازة صريحة أو ضمنية ولا يشترط في الإجازة الصريحة أن تشمل على بيانات معينة بل كل عبارة يفهم منها الإجازة تصح بشرط أن تكون نية المجيز في الإجازة واضحة والإجازة الضمنية تكون بتنفيذ العقد من جانب من له الحق في التمسك بالبطلان، أو بإتيانه عملاً مادياً يدل على نزول عن التمسك بالبطلان أو بتصرفه تصرفاً يفهم منه بوضوح أنه أجاز العقد كما إذا اشترى قاصراً عيناً وبعد البلوغ تصرف فيها باعتباره مالكاً وهو عالم بأن له حق إبطال العقد الذي اشترى به العين وعبء إثبات الإجازة يقع على عاتق الطرف الآخر غير المجيز، ولما كانت الإجازة غير صادرة منه فله أن يثبتها بجميع الطرق ولو بالبينة أو بالقرائن.

السنهوري – سليمان مرقص – بند 60

ما لا يعتبر إجازة للعقد القابل للإبطال

 لا تعتبر إجازة ضمنية للعقد القابل للإبطال تنفيذ الالتزام مع التحفظ الصريح، طلب مهلة للوفاء، السكوت عن طلب الإبطال إلا إذا سقط الحق بالتقادم، الدف بتزوير العقد.

أنظر الدكتور عبد المنعم الصدة  ص 287 أحمد حشمت أبو ستيت ص 153

شروط الإجازة

 يشترط في الإجازة حتى يترتب عليها أثرها من زوال العيب اللاحق بالعقد وانقضاء الحق في إبطاله ثلاثة شروط :

  • الأول: أن يكون العقد من العقود القابلة للإبطال لنقص في أهلية العاقد أو لعيب في رضاه أو من العقود التي قرر المشرع بطلانها بطلاناً نسبياً لعلة أخرى كبيع ملك الغير ويلاحظ فيما يتعلق بهذا العقد الأخير أنه يصبح صحيحاً في حق المشتري بالإجازة الصادرة منه، ونافذاً في مواجهة المالك الحقيقي بالإقرار الحاصل منه.
  • الثاني: أن يكون المجيز عالماً بالعيب اللاحق بالعقد وراغباً في تصحيحه،
  • الثالث: أن تقع الإجازة في وقت يكون فيه العيب الذي لحق العقد قد زال وإلا لحقها نفس العيب، وعلى ذلك لا يجوز أن تقع إجازة العقد القابل للإبطال لنقص الأهلية إلا بعد بلوغ القاصر سن الرشد، ولا العقد القابل للإبطال لعيب في الرضى إلا بعد انقطاع الإكراه أو انكشاف الغلط أو التدليس .
سلطان بند 202

الفرق بين الإجازة والإقرار

يجب التمييز بين الإجازة وبين وضع آخر كثيراً ما يخلط بينهما هو الإقرار. فالإقرار هو تصرف قانوني من جانب واحد كذلك إلا أنه يصدر من أجنبي عن العقد، وبه يضيف الأجنبي أثر العقد إلى نفسه بعد أن كان لا يتعدى إليه. ومثله إقرار الموكل لمجاوزة الوكيل حدود وكالته وإقرار المتعهد عنه للتعهد .

حلمي بهجت دوي ص 245 – 246 أحمد حشمت

عبء إثبات الإجازة على من يدعيها

يقع عبء إثبات الإجازة على عاتق الطرف الآخر غير المجيز، ولما كانت الإجازة غير صادرة منه فله إثباتها بكافة طرق الإثبات ومن بينها البينة والقرائن.

السنهوري ص 419 – الصدة ص 287

أثر الإجازة

إذا أجيز العقد القابل للإبطال، زال حق المتعاقد في التمسك بإبطال العقد، واستقر وجود العقد نهائيا غير مهدد بالزوال، وهذا معناه أن العقد ينقلب صحيحاً بوجه بات، ويعتبر صحيحاً من وقت صدوره لا من وقت الإجازة، لأن للإجازة أثراً رجعياً، ولكن هذا الأثر لا يكون إلا فيما بين المتعاقدين لا بالنسبة إلى الغير ممكن كسب حقاً عينياً على الشيء موضوع العقد، فلو أن قاصراً باع عيناً وبعد بلوغه سن الرشد وقبل إجازته المبيع رهن العين، فإن إجازته للبيع بعد ذلك لا الدائن المرتهن، وتنتقل العين إلى المشتري مثقلة بحق  الرهن .

والإجازة لا تتناول إلا العيب المقصود بهذه الإجازة، فإن كانت هناك عيوب أخرى بقى باب الطعن مفتوحاً من أجلها، ومن ثم إذا تعاقد قاصر وكان واقعاً في غلط، أجاز العقد بعد بلوغ سن الرشد فيما يتعلق بنقص الأهلية، بقى له الحق في إبطال العقد للغلط

السنهوري بند 318

استخلاص الإجازة مسألة موضوعية

استخلاص حصول إجازة العقد من عدمه مسألة موضوعية، ولقاضي الموضوع فيها القول الفصل، من غير أن يخضع تقديره لرقابة محكمة النقض، طالماً قام قضاؤه على أسباب سائغة من شأنها أن تحملها .

عبد الفتاح عبد الباقي – مرجع سابق – ص 476

سقوط الحق في ابطال العقد

المادة 140 مدني تنص  علي:

  1.  يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات.
  2.  ويبدأ سريان هذه المدة، في حالة نقص الأهلية، من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب، وفي حالة الغلط أو التدليس، من اليوم الذي ينكشف فيه، وفي حالة الإكراه، من يوم انقطاعه، وفي كل حال لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد.

سقوط دعوى البطلان بالتقادم

الأصل أن العقد الباطل بطلاناً مطلقاً عدم، والعدم لا يمكن بعثه، ولذا يجوز رفع دعوى بطلان العقد مهما طال الأمد، ولو بعد انقضاء مدة التقادم الطويل. وقد كان هذا هو رأي فريق من شراح القانون المصري في ظل التقنين المدني السابق، إلا أنه عند وضع التقنين المدني الحالي استجاب المشرع المصري، لما سار عليه الفقه والقضاء في فرنسا من وجوب خضوع دعوى البطلان للقواعد العامة في التقادم، حماية للأمن الاجتماعي بالمحافظة على الأوضاع التي تمت واستقرت بمضي الزمن.

ولذلك قرر في الفقرة الثانية من المادة 141 أنه

وتسقط دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد.

ولا يقصد بهذا النص أن العقد الباطل بطلاناً مطلقاً ينقلب صحيحاً بمضي هذه المدة عليه لأنه كما سبق أن ذكرنا عدم والعدم لا يمكن إحياؤه، وإنما يقصد به أن الدعوى التي ترفع لتقرير بطلان هذا العقد وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل التعاقد لا يجوز سماعها لسقوطها بالتقادم.

وقد أصاب المشرع المصري في تقرير هذه القاعدة، لأنه لا محل لأن تنفرد دعوى البطلان دون سائر الدعاوى بصفة الدوام، بل يجب أن تخضع لقاعدة سقوط الدعاوى بمضي المدة القانونية، لأن هذه قاعدة مطلقة لا تستثنى منها إلا دعوى الاستحقاق التي تحمي حق الملكية، لأنه حق مؤبد .

سلطان بند 206 أنظر السنهوري بند 371

عدم تقادم الدفع بالبطلان

على أن تقادم دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ العقد، لا يمنع من جواز الدفع بالبطلان لأن هناك فرق بين دعوى البطلان والدفع فيه فدعوى البطلان هي وسيلة المدعي، وعليه أن يستعملها قبل انقضاء خمس عشرة سنة من وقت العقد، فإن أهمل في ذلك سقط حقه فيها. أما الدفع بالبطلان فهو وسيلة المدعى عليه يدفع به دعوى المدعى، ولن يستطيع المدعى عليه استعمال حقه هذا قبل أن ترفع عليه الدعوى.

ولذا لا يسقط حقه في هذا الدفع بمضي المدة مهما طالت. فمثلاً في عقد بيع باطل بطلاناً مطلقاً، إذا لم يكن البائع قد نفذ التزامه بتسليم المبيع، ومضت على البيع مدة خمس عشرة سنة، فلا يستطيع بعد ذلك رفع دعوى البطلان، لأنها سقطت بمضي المدة.

ولكن إذا رفع عليه المشتري دعوى طالباً تسليم المبيع، فيستطيع دفع هذه الدعوى بالدفع بالبطلان. وإذا كان البائع قد سلم المبيع إلى المشتري فأحد أمرين:
  • إما أن يرفع دعوى البطلان وإما أن يرفع دعوى الاستحقاق باعتباره مالكا، فإذا كانت مدة التقادم لم تنقض بعد فمن مصلحته رفع دعوى البطلان لأنها دعوى شخصية يسهل عليه عبء الإثبات، بعكس دعوى الاستحقاق إذ هي دعوى عينية يصعب فيها الإثبات.
  • أما إذا كانت مدة التقادم قد اكتملت، فليس له رفع دعوى البطلان لأن المشتري سيتمسك في مواجهته بسقوط هذه الدعوى بمضي المدة، بل يتعين عليه رفع دعوى الاستحقاق لأن هذه الدعوى لا تسقط بالتقادم، ويستطيع عن طريقها استرداد المبيع ما لم يكن المشتري قد تملكه بالتقادم المكسب.
سلطان بند 207

وجوب  التمسك بسقوط الحق في إبطال العقد بالتقادم أمام محكمة الموضوع

 أن العقد الباطل بطلاناً نسبياً، وهو عقد موجود ومرتب لكل آثاره حتى يقضي ببطلانه، يجب على من له الحق في التمسك بإبطاله أن يستعمل حقه في ذلك خلال المدة التي حددها القانون، فإذا انقضت هذه المدة دون أن يستعمل صاحب الحق حقه في طلب الإبطال اعتبر متنازلاً عن حقه.

ولذا يمتنع عليه بعد ذلك أن يتمسك بالإبطال بطريق الدعوى أو بطريق الدفع، ذلك أن الدفع يستند هنا إلى حق قرره المشرع للمتعاقد ناقص الأهلية أو معيب الرضا، واشترط أن يستعمله في مدة معينة، فإن لم يستعمله في هذه المدة يفترض أنه قد تنازل عنه، فلا يستطيع بعد ذلك أن يتمسك به ولو بطريق الدفع.

وهذا فرق جوهري بين البطلان المطلق والبطلان النسبي، فالدفع بالبطلان المطلق لا يتقادم، أما الدفع بالبطلان النسبي فينقضي بالتقادم. وأثر التقادم بالنسبة للعقد القابل للإبطال كأثر الإجازة من حيث اعتبار العقد صحيحاً من وقت انعقاده، إلا أنه يختلف عنه فيما يتعلق بحقوق الغير.

ولقد رأينا أن الإجازة لا تؤثر على حقوق الغير، فالارتفاق الذي يقرره على عقار قبل إجازة البيع القابل للإبطال، البائع الذي الحق في التمسك بالبطلان لا يضر بحق صاحب العقار المرتفق، بل تبقى العين للمشتري ولكن مثقلة بهذا الحق، ولكن لو فرض أن حق البائع في طلب الإبطال قد انقضى بالتقادم وليس بالإجازة، فإن الارتفاق الذي يقرره على العقار المبيع بعد البيع وقبل انقضاء مدة التقادم، هذا الارتفاق لا يحتج به في مواجهة المشتري بل تخلص له العين خالية من حق الارتفاق الذي يعتبر قد تقرر من غير مالك.

اختلاف مدة التقادم باختلاف سبب الإبطال

 تختلف مدة التقادم باختلاف سبب الإبطال، فإذا كان سبب الإبطال نقص أهلية التعاقد:

فإن الحق في التمسك بالبطلان ينقضي بمضي ثلاث سنوات من وقت بلوغ سن الرشد.

وإذا كان سبب العيب اللاحق بالعقد هو الإكراه أو الغلط أو التدليس، فإن دعوى الإبطال تتقادم إما بمضي ثلاث سنوات من وقت انقطاع الإكراه أو انكشاف الغلط أو التدليس. وإما بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد والعبرة في ذلك بأقصر الأجلين.

فمثلاً إذا كان العيب اللاحق بالعقد هو التدليس ولم ينكشف إلا بعد مضي ثلاث عشرة سنة من تاريخ العقد، فإن الحق في الإبطال يسقط بتمام الخمس عشرة سنة، أي بمضي السنتين الباقيتين لهذه المدة، وليس بمضي ثلاث سنوات من وقت انكشافه.

هذا ويلاحظ أن المشرع قد قرر بالنسبة للاستغلال مدة أقصر من المدة المقررة في شأن باقي عيوب الإرادة، إذ نص في المادة 129 على وجوب رفع الدعوى في خلال سنة من تاريخ العقد، وإلا كانت غير مقبولة.

تقادم دعوى بطلان العقود المتجددة

قضت محكمة النقض بأن

في العقود التي تنشئ رابطة قانونية مستمرة مدة قيام العقد ويجب تنفيذها بأداءات متجددة فإن تقادم دعوى البطلان يظل موقوفاً حتى تاريخ انتهاء العقد باعتباره التاريخ الذي تستقر فيه الأوضاع المقصود حمايتها بالنص عن طريق النهي عن سماع دعوى البطلان.

الطعن رقم 2415 لسنة 70 ق جلسة 8/4/2002

التسجيل لا يصحح عقداً باطلا

قضت محكمة النقض بأن

إذ كانت محكمة الموضوع قد انتهت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن التصرف الصادر من المورث إلى بعض الطاعنين لم يكن منجزاً أو أنه يخفي وصية للأسباب السائغة التي أوردتها ومنها الحكم الصادر في الدعوى رقم 81 لسنة 11 في المنصورة والذي قضي باعتبار العقد الصادر من المورث إلى فريق من الطاعنين هو في حقيقته وصية فإنه لا يكون لتسجيل العقد حال حياة البائع أي أثر في تصحيح التصرف أو نقل الملكية لأن التسجيل لا يصحح عقداً باطلاً ولا يحول دون الطعن فيه بأنه يخفي وصية.

الطعن رقم 382 لسنة 44 ق جلسة 13/12/1977

الخصوم في دعوى إبطال العقد

وقد قضت محكمة النقض بأن

إذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتد في حق المطعون عليهم الثلاثة الأول – المشترين – بتاريخ إدخالهم في الدعوى بطلب إبطال البيع الصادر لهم من الوصي على الطاعنة ولم يعتد بتاريخ إيداع صحيفة الدعوى قبل الوصي وآخر لا شأن له بالخصومة ورتب على ذلك سقوط حقها في طلب إبطال العقد لمضي أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ بلوغها سن الرشد فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ذلك أن الخصومة في دعوى إبطال البيع في هذه الحالة إنما تدور بين الطاعنة وبين المشترين أصحاب المصلحة الأول في التمسك بالعقد.

وإذ كان الأصل في الإجراء القاطع للتقادم أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه ومتخذاً بين نفس الخصوم بحيث إذا اختلف الخصوم لا ينبني عليه هذا الأثر، ومن ثم لا يصلح توجيه الدعوى بطلب إبطال العقد للوصية إجراء قاطعاً لتقادمها قبل المطعون عليهم الثلاثة الأول – المشترين – إذ لا يصح أن يضار خصم من إجراء لم يتخذ في مواجهته وإنما اتخذ في مواجهة آخر، ومن المقرر أن البائع فيما يتعلق بقطع التقادم لا يمثل المشتري في الدعاوى اللاحقة للتاريخ الثابت بعقد البيع.

الطعن رقم 1207 لسنة 49 ق جلسة 16/12/1980

سقوط دعوي البطلان

في هذا المبحث نتعرف علي من صاحب المصلحة في طلب بطلان العقد ومدي جواز أن تقضي المحكمة بالبطلان من تلقاء نفسها دون الدفع بالبطلان أمامها ونتعرف كذلك علي أقصي مدة لسقوط دعوى البطلان

المادة 141 من القانون المدني تنص علي:

  1. إذا كان العقد باطلاً جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان, وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ولا يزول البطلان بالإجازة.
  2. وتسقط دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد.

يتمسك بالبطلان كل ذي مصلحة وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تقضي به

العقد الباطل لا وجود له وبطلانه يتقرر عادة عن طريق الدفع، وقد تقضي الضرورة العملية في بعض الحالات أن يكون تقرير البطلان عن طريق الدعوى، وسواء كان تقرير البطلان عن طريق الدفع أو عن طريق الدعوى، فإن الذي يستطيع أن يتمسك بالبطلان هو كل شخص له مصلحة في ذلك. والمصلحة هنا يراد بها حق يؤثر فيه صحة العقد أو بطلانه.

ويترتب على ذلك أن مجرد المصلحة، دون قيام هذا الحق، لا يكفي، فلا يجوز مثلاً أن يتمسك الجار ببطلانه بيع صدر من جاره لآخر بحجة أن له مصلحة في التخلص من جوار المشتري الجديد، ولا يحق لتاجر أن يطلب تقرير بطلان شركة ليتخلص من منافستها له.

ولكن إذا كان صاحب المصلحة له حق يؤثر فيه بطلان العقد جاز له التمسك بالبطلان، ففي البيع الباطل كل من المتعاقدين أن يتمسك بالبطلان: البائع حتى يسترد المبيع، والمشتري حتى يسترد الثمن، ودائنو كل من البائع والمشتري لهم أن يتمسكوا بالبطلان، لا بطريق الدعوى غير المباشرة فحسب، بل أيضاً بطريق مباشر، وذلك ليستردوا المبيع أو الثمن فينفذوا عليه بحقوقهم وورثة كل من البائع والمشتري يتمسكون بالبطلان رد المبيع أو الثمن إلى التركة

وذلك أيضاً بمقتضى حق مباشر لهم، وكل شخص رتب له البائع أو المشتري حقاً عينياً أو حقاً شخصياً بالنسبة إلى العين المبيعة يجوز له أن يتمسك بالبطلان، فالمرتهن من البائع يطلب البطلان حتى يسلم له حق المرتهن، والمرتهن من المشتري يطلب البطلان حتى يسترد الدين، ومستأجر العين المبيعة من البائع يطلب البطلان حتى يسترد الأجرة.

وكل هؤلاء يطلبون البطلان، لا عن طريق استعمال حق مدينهم بالدعوى غير المباشرة، بل بمقتضى حق مباشر لهم. فالذين يجوز لهم التمسك بالبطلان إذن هم المتعاقدان والدائنون والخلف العام والخلف الخاص. بل للمحكمة أيضاً أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها لأن العقد الباطل ليس له وجود قانوني، والقاضي لا يستطيع إلا أن يقرر ذلك.

السنهوري بند 327 – الصدة بند 79 – مرقص بند 76

المدة التي يجوز فيها التمسك بالبطلان

إذا كان التمسك بالبطلان عن طريق الدعوى، فلابد من رفعها في خلال خمسة عشرة سنة من وقت صدور العقد، وإلا سقطت بالتقادم، أما إذا كان التمسك بالبطلان عن طريق الدفع، فيجوز ذلك في أي وقت كما سبق القول ويجوز إبداء الدفع في أية حالة كانت عليها الدعوى، كما يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.

السنهوري بند 328

لا يزول البطلان بالإجازة أو النزول الصريح أو الضمني

القصد هنا البطلان المطلق المتعلق بالنظام العام وقد قضت محكمة النقض بأن:

النص في الفقرة الأولى من المادة 139 من القانون المدني على أن “يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية” وفي الفقرة الأولى من المادة 141 من القانون ذاته على أن “إذا كان العقد باطلاً جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالإجازة” .

مفاده أنه إذا كان القانون هو الذي يرتب جزاء بطلان التصرفات أو قابليتها للإبطال، وكانت الإجازة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادتين سالفتي الذكر، التي يزول بها حق الإبطال ولكنها لا تجدي في إزالة البطلان المطلق، إنما هو ذلك الإقرار الصريح أو الضمني الذي يصدر ممن يحاج بهذا التصرف المعيب بما يفيد قبوله الالتزام بآثاره رغم قيام السبب المخل بصحته.

الطعن رقم 9263 لسنة 66ق جلسة 20/10/1998

مناط بطلان التصرف

يكون التصرف باطلاً في الأحوال التي نص المشرع فيها بالجزاء بلفظ البطلان أو في الأحوال المنصوص عليها بالمادة 128 أو في الأحوال المخالفة للآداب العامة والنظام العام أو المخالفة للنصوص الآمرة.

وقد قضت محكمة النقض بأن

يبين من استقراء نصوص القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء أن نص المادة التاسعة قاطع الدلالة على أن الموافقة على التقسيم لا تثبت إلا بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية ينشر في الجريدة الرسمية وأن المقصود من اعتبار الطلب مقبولاً في حالة ما إذا انقضت مدة الستة أشهر المحددة للفصل فيه ولم تبلغ السلطة القائمة على أعمال التنظيم مقدمة موافقتها أو رفضها – على ما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة الثامنة – المقصود بذلك هو أن تعتبر موافقة هذه السلطة كأنها قد حصلت.

وهذه الموافقة الاعتبارية لا يمكن أن يكون لها من أثر أكثر مما للموافقة الصريحة التي تبلغها السلطة للمقسم خلال مدة الستة أشهر المشار إليها في الفقرة الأولى من تلك المادة، والتي لا يترتب عليها سوى اعتبار مشروع التقسيم المقدم من المقسم موافقاً لأحكام القانون ولكنها لا تغني عن وجوب صدور القرار الوزاري باعتماد التقسيم ولا تقوم مقامه في إحداث الآثار التي رتبها القانون على صدوره .

وبالتالي فلا يرتفع الخطر من التصرف بالبناء في الأراضي المقسمة الوارد في المادة العاشرة لأن نص هذه المادة صريح في أن المشرع جعل جواز التصرف والبناء في تلك الأراضي مرهوناً بصدور القرار الوزاري ذاته وبإيداع صورة رسمية منه الشهر العقاري. ولئن كانت المادة العاشرة المذكورة لم تنص على البطلان بلفظه جزاء مخالفتها.

إلا أن مقتضى الحظر الصريح الوارد فيها وهو حظر عام دعت إليه اعتبارات تتعلق بالصالح العام – مقتضاه – ترتيب هذا الجزاء وإن لم يصرح به واعتبا البطلان في هذه الحالة مطلقاً. ويؤكد ذلك تقرير البطلان صراحة في المادة الحادية عشر جزاء على مجرد إغفال تضمين العقد الإشارة إلى القرار الوزاري سالف الذكر حتى ولو كان هذا القرار قد صدر بالفعل قبل حصول التصرف وهي صورة أهون بكثير من صورة وقوع التصرف قبل صدور ذلك القرار.

الطعن رقم 302 لسنة 29 ق جلسة 19/3/1964

مناط المفاضلة بين العقود

أن تكون كلها صحيحة ومن المقرر بنص المادة 135 من القانون المدني أنه:

إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا.

هذا ولا يجوز أن يتعارض محل الالتزام مع نص ناه في القانون لأن مخالفة النهي المقرر بنص في القانون تندرج تحت مخالفة النظام العام أو الآداب بحسب الأحوال.

ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 لسنة 1969 تنص على أنه :

يحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه.

ولئن كانت لم تنص صراحة على البطلان بلفظه جزاء مخالفتها إلا أن مقتضى الحظر الصريح الوارد فيها وتحريم مخالفته بحكم المادة 44 من هذا القانون يرتب هذا الجزء وإن لم يصرح به،

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إعمال نص المادة 573 من القانون المدني في شأن المفاضلة بين المستأجرين عند تعددهم دون مراعاة حكم الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 لسنة 1969 ومؤداها بطلان هذين العقدين بطلاناً مطلقاً لتعارض محل الالتزام مع نص قانوني متعلق بالنظام العام .

بما يترتب عليه من امتناع إجراء المفاضلة بينهما وبين العقد المؤرخ 1/8/1941 السابق صدوره للمستأجرين الأصليين والذي انتقل صحيحاً ونافذاً للطاعن في تاريخ سابق برسو مزاد المقهى عليه في 25/12/1971 بمقوماتها المادية والمعنوية، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ يلتزم هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

الطعن رقم 319 لسنة 48 ق جلسة 29/11/1978

مناط بطلان التصرف الوارد على أرض خاضعة للتقسيم

قضت محكمة النقض بأن

إذ كان الثابت من عقد البيع موضوع الدعوى ومن تقرير الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف أن المبيع أطيان زراعية مساحتها فدان داخل كردون مدينة الجيزة وليس عليها أية أبنية وتطل على طريقين قائمين متفرعين من شارع ترعة الزمر فلا ينطبق عليها وصف التقسيم.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن الأرض تخضع لأحكام القانون 52 لسنة 1940 ورتب على ذلك بطلان العقد المطلوب القضاء بصحته ونفاذه فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه ذلك عن بحث موضوع الدعوى ودفاع المطعون ضدهم من السابعة للأخيرة ببطلان عقد البيع سند الدعوى لصدوره من المورث وهو في مرض الموت بما يعيبه بالقصور.

الطعن رقم 1326 لسنة 57ق جلسة 36/3/1996

التدخل الوجوبي للنيابة في دعوى بطلان التصرف

قضت محكمة النقض بأن

إذا كان تدخل النيابة العامة شرطاً لجواز الحكم في موضوع طلب بطلان العقدين المتنازع عليهما لمخالفتهما أحكام القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء والمنطبقة على واقعة النزاع – والتي حلت محلها المادة السادسة من القانون رقم 56 لسنة 1988 – على أنه:

يقع باطلاً كل تصرف يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولا يجوز شهره… ويجوز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلب الحكم بهذا البطلان وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها،

وفي المادة 8 من قانون المرافعات على أنه :

فيما عدا الدعاوى المستعجلة يجب على النيابة العامة أن تتدخل في هذه الحالات وإلا كان الحكم باطلاً: 1- الدعاوى التي يجوز لها أن ترفعها بنفسها… 2-…”،

وفي المادة 91/1 من القانون الأخير على أن :

تعتبر النيابة ممثلة في الدعوى متى قدمت مذكر برأيها فيها ولا يتعين حضورها إلا إذا نص القانون على ذلك، وفي المادة 92 من ذات القانون على أنه “في جميع الأحوال التي ينص فيها القانون على تدخل النيابة العامة، يجب على قلم كتاب المحكمة إخبار النيابة كتابة بمجرد قيد الدعوى… .

مؤداه أنه يجب على النيابة العامة أن تتدخل كطرف منضم في دعاوى بطلان التصرفات المخالفة لأحكام قانون تنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء بحسبانها من الدعاوى التي يجوز لها أن ترفعها بنفسها.

ويتعين لذلك، على قلم كتاب المحكمة المرفوعة إليها الدعوى، إخبار النيابة كتابة بها بمجرد رفعها، فإذا تم الإخبار على هذا النحو وجب على النيابة أن تتدخل في تلك الدعوى بالحضور فيها وإبداء الرأي فيها أو بتقديم مذكرة برأيها، فإذا صدر الحكم دون تدخل النيابة على ما سلف، كان باطلاً بطلاناً من النظام العام فيجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

الطعن رقم 2195 لسنة 65 ق جلسة 16/5/1996، الطعن رقم 6196 لسنة 63 ق جلسة 19/9/1994، الطعن رقم 3143 لسنة 63 ق جلسة 16/5/1994، الطعن رقم 1006 لسنة 57 ق جلسة 14/2/1994، الطعن رقم 1599 لسنة 52 ق جلسة 2/12/1991

عدم الاعتداد بالعقد المحرر بلغة أجنبية

قضت محكمة النقض بأن

النص في المادة الثانية من الدستور على أن :

الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية….

وفي المادة 165 منه على أن :

السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون.

وفي المادة 19 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أن :

لغة المحاكم هي اللغة العربية، وعلى المحكمة أن تسمع أقوال الخصم أو الشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم بعد حلف اليمين.

يدل على أن:

المشرع عد اللغة العربية من السمات الجوهرية والمقومات الأساسية التي ينهض عليها نظام الدولة، مما يوجب على الجماعة بأسرها حكومة وشعباً بحسب أصل الالتزام بها دون أية لغة أخرى كوسيلة للخطاب والتعبير في جميع المعاملات وشتى المجالات على اختلافها.

وحرص المشرع على تقنين هذا الحكم في مجال القضاء بإيجاد نص صريح جلي المعنى قاطع الدلالة في أن اللغة العربية هي المعتبرة أمام المحاكم يلتزم بها المتقاضي والقاضي على السواء فيما يتعلق بإجراءات التقاضي أو الإثبات أو إصدار الأحكام.

وقد عالج هذا النص الحالة التي يتحدث فيها الخصوم أو الشهود بلغة أجنبية فأوجب ترجمة أقواله إلى اللغة العربية، وحكمه يجرى كذلك على سائر المحررات المدونة بلغة أجنبية التي يتساند إليها الخصوم فيتعين لقبول هذه المحررات أن تكون مصحوبة بترجمة عربية لها لذات العلة.

وتحقيقاً للغاية التي استهدفها المشرع من الالتزام باستخدام اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية للدولة وإحدى الركائز لإعمال سيادتها وبسط سلطانها على أراضيها مما يحتم على الجميع عدم التفريط فيها أو الانتقاص من شأنها على أية صورة كانت، والقاعدة التي فننتها المادة 19 من قانون السلطة القضائية بهذه المثابة تعد من أصول نظام القضاء المتعلقة بالنظام العام

فيترتب على مخالفتها البطلان المطلق، ومن ثم يجوز للخصوم التمسك بهذا البطلان كما للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها في أية حالة كانت عليها الدعوى.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر حين استند في قضائه بإلزام الشركة الطاعنة بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده الأول عن الشقة موضوع النزاع إلى عقد إيجارها الأصلي الذي قدمه الأخير متخذاً منه ركيزة أقام عليها قضاءه فيما ذهب إليه من صدور هذا العقد من المالك السابق للعقار الكائن به الشقة للمطعون ضده الثاني الذي تنازل عنها للمطعون ضده الأول باعتبارها مكتباً للمحاماة على الرغم من كونه محرراً باللغة الفرنسية دون تقديم ترجمة عربية لبياناته ونصوصه التي عول عليها الحكم فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.

الطعن رقم 2333 لسنة 59 ق جلسة 16/1/1994

انحسار الحجية عن الأوجه التي لم يتضمنها حكم البطلان

قضت محكمة النقض بأن

الدعوى بصحة ونفاذ العقد تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام مقام العقد المسجل في نقل الملكية وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع ويتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته.

ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لأن يثار فيها كل أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد وعلى ذلك فإنه إذا فات الخصم إبداء سبب من هذه الأسباب كان في استطاعته إبداؤه في تلك الدعوى ثم حكم بصحة العقد ونفاذه .

فإن هذا الحكم يكون مانعاً لهذا الخصم من رفع دعوى جديدة ببطلان العقد استناداً إلى هذا السبب. ولا يصح قياس هذه الحالة على صورة رفع دعوى بطلب بطلان عقد لسبب من أسباب البطلان إذ في هذه الصورة تنحصر وظيفة المحكمة في بحث هذا السبب وحده فترفضه أو تقبله وهي حين تنتهي بصحة العقد.

ومن ثم فإن حكمها برفض هذا السبب لا يمنع الخصوم من رفع دعوى جديدة بطلب بطلان ذات العقد لسبب آخر من أسباب البطلان أما في دعوى صحة ونفاذ العقد فالأمر مختلف إذ المحكمة لا تقف عند رفض أسباب البطلان التي توجه إلى العقد بل إنها تجاوز ذلك إلى البحث في صحة العقد ولا تقضي بصحته ونفاذه إلا إذا تحقق لها من الأوراق المقدمة إليها أن التصرف الذي يتناوله العقد صحيح.

الطعن رقم 211 لسنة 32 ق جلسة 21/4/1966

بطلان المحرر المثبت للحق لا يمتد لذات الحق

قضت محكمة النقض بأن

مفاد نص المادة 44 من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الحكم برد وبطلان الورقة المقدمة سنداً في الدعوى لا يعني بطلان التصرف ذاته، وإنما بطلان الورقة المثبتة له فحسب، ولا ينال من التصرف أو يمنع من إثباته بأي دليل آخر مقبول قانوناً. فإذا ما ثبت للمحكمة صحة الادعاء بالتزوير وفساد الدليل على إسناد التصرف إلى الصادر منه، فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا التصرف غير صحيح.

الطعن رقم 128/41 ق جلسة 26/1/1981

الاستمرار في تنفيذ عقد باطل بعد تصحيح البطلان

قضت محكمة النقض بأن

الجزاء المترتب على مخالفة الحظر المنصوص عليه في المادة العاشرة من القانون رقم 52 لسنة 1940 من التصرف في الأراضي غير المقسمة، حظر عام دعت إليه اعتبارات أشارت إليها المذكرة الإيضاحية لهذا القانون وكلها اعتبارات خاصة تتعلق بالنظام العام وهو ما يقتضي ترتيب البطلان على مخالفة ذلك الحظر .

إلا أنه لما كان هذا البطلان الخاص الذي أورده المشرع يتبع في شأنه النص الذي ورد فيه، وتراعى بالنسبة له الغاية التي تغياها المشرع من القاعدة محل المخالفة، فإن صدور قرار بتقسيم الأرض المبيعة – قبل صدور حكم نهائي تستقر به المراكز القانونية للخصوم – من شأنه تصحيح ذلك البطلان باعتبار أن قرار التقسيم يعتبر عنصراً جديداً يدخل على العقد الباطل ويؤدي قانوناً إلى جعله صحيحاً من وقت نشوئه لا من وقت تصحيحه إذ للتصحيح أثر رجعي كالإجازة.

الطعن رقم 1705 لسنة 62 ق جلسة 23/6/1998

أثار بطلان العقد

نصت المادة 142 مدني علي:

  1.  في حالتي إبطال العقد وبطلانه يُعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا كان هذا مستحيلاً جاز الحكم بتعويض معادل.
  2.  ومع ذلك لا يُلزم ناقص الأهلية، إذا أُبطل العقد لنقص أهليته، أن يرُدّ غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد.

أثر تقرير بطلان العقد

إذا تقرر بطلان العقد زال كل أثر له وأرجع كل شيء إلى أصله، وجاز الحكم بتعويض على أساس المسئولية التقصيرية لا المسئولية العقدية. فإذا كان العقد بيعاً وتقرر بطلانه، رد المشتري المبيع إلى البائع، ورد البائع الثمن إلى المشتري، ويرد المشتري المبيع بثمراته من وقت المطالبة القضائية إذا كان حسن النية، وفي مقابل ذلك لا يلتزم البائع بالفوائد عن الثمن الذي يرده إلا من وقت المطالبة القضائية كذلك.

وهكذا يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، واسترداد كل متعاقد لما أعطاه إنما يكون على أساس استرداد ما دفع دون حق بعد أن تقرر بطلان العقد.

أما إذا أصبح الاسترداد مستحيلاً بأن هلك المبيع مثلاً في يد المشتري وبخطأ منه، حكم القاضي بتعويض معادل، فألزم المشتري برد قيمة المبيع وقت الهلاك طبقاً لقواعد  المسئولية التقصيرية  لا على أساس العقد الذي تقرر بطلانه، وألزم البائع برد الثمن على أساس دفع غير المستحق. وإذا كان العقد زمنياً كالإيجار وتقرر بطلانه، فالمنفعة التي استوفاها المستأجر قبل تقرير البطلان يجب أن يعوض عنها، وقد يقدر التعويض بمقدار الأجرة ولكنه لا يكون أجرة فلا يكفله حق امتياز.

السنهوري بند 337 – مرقص بند 180 – الشرقاوي بند 320

عدم جواز المفاضلة بين عقدين أحدهما باطل

لا يجوز المفاضلة بين عقدين إحداهما باطلاً بطلاناً مطلقا ، فقد قضت محكمة النقض بأن:

مناط المفاضلة بين عقدين أن يكوناً صحيحين، فلا محل لهذه المفاضلة متى كان أحدهما باطلاً بطلاناً مطلقاً

 (الطعن رقم 207 لسنة 28 ق جلسة 23/5/1963)

القاصر أو ناقص الأهلية لا يرد إلا ما بقي في يديه أو فاد مما أنفقه

تستثني المادة 142/2 مدني، ناقص الأهلية فلا تجعله ملتزماً إلا برد ما أثرى به. والعبرة في تقدير إثرائه هي بظروفه الخاصة. ومدى الفائدة التي حصل عليها مما تسلمه. فإذا كان المال الذي تسلمه باقياً في يده التزم برده، وإن كان تصرف فيه أو أنفقه، فتقرير استفادته من التصرف فيه أو إنفاقه،

يكون على ضوء نوع الفائدة المقابلة التي حصل عليها، فإن وفى به ديناً عليه كان مستفيداً وإن أنفقه على حاجاته، في حدود ما يتفق مع دخله وثرائه، كان مستفيداً به، يلتزم برده، أما إن أنفقه فيما يعد تبذير أو في الملاهي أو القمار، فلا يعد منتفعا به ولا يلتزم بالتالي برده.

الشرقاوي بند 50

عبء إثبات إثراء ناقص الأهلية على مدعيه

قد قضت محكمة النقض بأن “عبء الإثبات في بيان أن ناقص الأهلية قد أثرى وفي تقدير مدى إثرائه يقع على الدافع الذي يطلب رد ما دفع، فإن عجز عن الإثبات كان ذلك موجباً في ذاته لرفض طلبه.

الطعن رقم 450 لسنة 46 ق جلسة 15/3/1979

حجية البطلان علي دائني المتعاقدين

البطلان حجة على المتعاقدين، وأيضا يكون حجة على دائنهما لأن المدين يعتبر ممثلاً لدائنه في الخصومات التي يكون هذا المدين طرفاً فيها ،

وقد قضت محكمة النقض بأن

تقضي المادة 142/1 من القانون المدني بأن العقد القابل للإبطال إذا تقرر بطلانه اعتبر كأن لم يكن وزال كل أثر له فيما بين المتعاقدين وبالنسبة للغير، وإذ كان الحكم بإبطال العقد الصادر من المدين يكون حجة على دائنة لأن المدين يعتبر ممثلاً لدائنه في الخصومات التي يكون هذا المدين طرفاً فيها.

لما كان ذلك وكان الثابت أنه حكم بإبطال بيع المنشأة الصادر إلى الطاعن – المتنازل إليه – للتدليس، فإن هذا الحكم يستتبع إلغاء الآثار المترتبة على هذا العقد من وقت انعقاده سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة لمصلحة الضرائب الدائنة بالضريبة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على أن حكم إبطال البيع لا يحتج به على مصلحة الضرائب لأنه لم يصدر في مواجهتها ورتب على ذلك مسئولية الطاعن عن الضرائب المستحقة على المنشأة بالتضامن مع المتنازل، فإنه يكون قد خالف القانون.

الطعن رقم 45 لسنة 37 ق جلسة 27/2/1974

أثر البطلان بالنسبة علي الغير

 القاعدة العامة أن أثر بطلان العقد لا يقتصر على العلاقة فيما بين المتعاقدين ، بل يجاوزهما الى الغير ممن يكون قد تلقى من العاقد حقا ، فهذا الغير يتأثر بانعدام العقد ، تأسيسا على قاعدة مؤداها أنه متى زال حق المتصرف زال حق المتلقي ، وعلى قاعدة أخرى تقرر بأنه لا يجوز للشخص أن يدلي الى غيره بأكثر مما يملك ، أو فاقد الشئ لا يعطيه .

أحمد حشمت أبو ستيت ص 250

فإذا كان أحد الطرفين في العقد الباطل قد تصرف في حقه الى الغير ، فإن حق الغير يزول بالبطلان ، فلو أن شخصا اشترى عينا بعقد باطل أو قابل للإبطال ، ثم باعها ، وبعد ذلك تقرر بطلان العقد ، فإن البائع في العقد الباطل يسترد العين من المشتري الثاني ، وإذا كان هذا الشخص قد رتب على العين رهنا أو حقا عينيا آخر فإن البائع يسترد العين خالية من الرهن أو أى حق آخر .

استثناءان من القاعدة العامة

استثنى الشارع من القاعدة العامة سالفة الذكر حالتين :

الحالة الأولى : إذا كسب الغير بحسن نية حقا عينيا عقاريا على الشئ الذي ورد عليه العقد الباطل ، وذلك قبل تسجيل دعوى البطلان أو التأشير بها في هامش تسجيل العقد الباطل ، وهذا ما تقضي به المادتان 15 ، 17 من قانون الشهر العقاري .

فقد نصت المادة 15 على أنه :

يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجودا أو صحة أو نفاذا ، كدعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء  أو الرجوع ، فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر تسجل تلك الدعاوى .

ونصت المادة 17 على أنه :

يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت له حقوق عينية ابتداء من تاريخ تلك الدعاوى أو التأشير بها ، ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما  .

ويبين من هذين النصين أنه:

إذا كسب الغير حقا عينيا عقاريا بعد تسجل دعوى البطلان أو التأشير بها قان حقه يزول نتيجة للبطلان ، سواء كان هذا الغير حسن النية أو سئ النية .

أما إذا كان قد كسب حقه قبل تسجيل دعوى البطلان أو التأشير بها فإن هذا الحق يزول إذا كان شئ النية ويبقى إذا كان حسن النية فمن تصرف في عقار بمقتضى عقد باطل أو قابل للإبطال لا يستطيع أن يسترد العقار خاليا من الحقوق العينية الذي تترتب عليه لشخص من الغير يكون  حسن النية   .

إلا إذا كان قد سجل دعوى البطلان أو أشر بها على هامش تسجيل العقد الباطل قبل أن يكسب هذا الغير حقه فإذا كان هذا الغير قد كسب حقا عينيا على العقار ، كملكية أو رهن أو أى حق عيني عقاري آخر ، وسبق الى شهر هذا الحق قبل بطلان عقد من تصرف له ، فإذا كان هذا الغير مشتريا خلصت له الملكية ، وإذا كان دائنا مرتهنا عاد العقار الى البائع محملا بالرهن.

الصدة ص 299 ، زكي ص 113 وما بعدها

وقد تضمن المشروع التمهيدي للتقنين المدني نصا في هذا المعنى هو الفقرة الثالثة من المادة 197 التي تقول :

على أن إبطال العقود الناقلة للملكية لا يضر بالغير حسن النية إذا ترتب له حق على عقار قبل تسجيل الإعلان بالبطلان ” ، ثم حذفت هذه الفقرة لأن الحكم الوارد فيها جاء في مكان آخر .

مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 235 وما بعدها

كما حرص الشارع في التقنين المدني على أن يذكر حكم هذا الاستثناء بالنسبة للدائن المرتهن رهنا رسميا إذا كان حسن النية ، فلم يكتف بما ورد في قانون تنظيم الشهر العقاري على النحو الذي ذكرناه ، بل أورد في شأنه نصا خاصا ، هو المادة 1034 مدني التي تقول أنه :

يبقى قائما لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغاءه أو زواله لأى سبب آخر ، إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن.

السنهوري ص 437 ، الصدة ص 300

الحالة الثانية : إذا كسب الغير حقا يتعلق بالشئ الذي ورد عليه العقد الباطل ، وذلك بمقتضى عقد من عقود الإدارة كما إذا أجر مشترى الأرض الى مستأجر حسن النية فإن إجارته تبقى رغم البطلان متى كانت لا تجاوز مدتها ثلاث سنوات .

أبو ستيت ص 251 ، زكي ص 115

إنما يشترط في عقد الإدارة كى يبقى بالرغم من البطلان ألا يكون مشوبا بغش من جانب من صدر منه وأن يكون ثابت التاريخ قبل دعوى البطلان ، فلو أن المشتري في المثل المذكور شعر بأن الطرف الآخر سيطلب الإبطال فبادر الى تأجير العقار وكانت الإجارة تجافى المألوف بالنسبة الى العين سواء من ناحية الأجرة أو المدة أو غير ذلك ، فإنها تكون مشوبة بغش فتزول بالبطلان .

عبد المنعم الصدة ص 300 وما بعدها

الالتزام بالرد في حالة عدم المشروعية

إذا كان بطلان أحد التصرفات سببه عدم مشروعيته أي مخالفته للنظام العام أو الآداب، وكان عدم المشروعية متحققاً في غاية “المتعاقد” الذي نفذ التزامه، كمن يعطي آخر مبلغاً من النقود نظير تعهده بقتل شخص آخر، ثم لا يقوم المتعهد بالقتل، بارتكاب جريمته.

يرى الفقه أن المحرض لا يستطيع أن يلجأ إلى القضاء مطالباً باسترداد نقوده بسب عدم ارتكاب الآخر للجريمة، على أساس أنه ملوث ولا يحق له أن يستند إلى هذا التلوث في المطالبة بالاسترداد.

ولكن كثيراً من الفقهاء ينكرون قيام هذه القاعدة في القوانين الحديثة ويرون أنها تؤدي إلى حصول شخص، ليس أقل تلوثاً، على إثراء بغير وجه حق ويرون عدم الأخذ بها خصوصاً وأن النصوص لا تشير إليها، وإن كانت بعض أحكام القضاء الفرنسي وكثير من أحكام القضاء المصري (قبل القانون المدني الحالي) كانت تأخذ بها.

وقد مال مشروع القانون المدني الحالي إلى تقرير الأخذ بها في نصوصه، ولكن النص عليها ألغي في مراجعة هذا المشروع “لأن حكمها لا يتمشى مع منطق البطلان” مما يعني أن القانون المدني الحالي يرفض الأخذ بها، وبذا لا تمثل استثناء ما على مبدأ الرد بين الطرفين المترتب على البطلان لعدم المشروعية.

الشرقاوي بند 50

التعويض عن البطلان مع الرد

ويجوز مع الرد بالتعويض إذا ما صاحب التصرف الباطل خطأ من أحد طرفيه نتج عنه ضرر كما لو كان سبب البطلان آتياً من جهة أحد العاقدين وكان الطرف الآخر يعتقد صحة العقد وبني تعامله على أساس هذا الاعتقاد.

وقد ذهب البعض إلى اعتبار المسئولية عن التعويض مسئولية عقدية رغم بطلان العقد على أساس القول بنظرية الخطأ عند تكوين العقد وقد كان المشروع التمهيدي ينص على ذلك في المادة 204 منه ولكن النص حذف في لجنة المراجعة.

ومن ثم استقر الرأي على أن المسئولية عن التعويض في هذه الحالة هي مسئولية تقصيرية باعتبار العقد الباطل واقعة مادية ومن ثم يقع على عاتق من يطالب بالتعويض إثبات عناصر المسئولية من خطأ وضرر ورابطة سببية، ويتقيد التعويض بما يتقيد به التعويض في المسئولية التقصيرية سواء في الأهلية أو المدى أو الإعذار أو التضامن أو الإعفاء منه.

 السنهوري بند 308 حتى 311 – الشرقاوي بند 50

العقد الباطل في شق منه

تنص المادة 143 مدني علي:

إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال، فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، إلا إذا تبيّن أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله.

انتقاص العقد

إذا كان البطلان يصيب العقد بأكمله وأن الحكم بالإبطال ينصب على العقد بأكمله فإن هناك حالات تدعو فيها بعض الاعتبارات إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من العقد الباطل أو من العقد الذي حكم بإبطاله ذلك أن البطلان أو الإبطال لا يمحو أن هناك محاولة جادة قد وقعت من جانب المتعاقدين لإبرام العقد وأن هذه المحاولة ينبغي أن يكون لها من الآثار في حدود ما تسمح به اعتبارات النظام العام وما يتطلبه مبدأ سلطان الإرادة.

وتأسيساً على هذه الفكرة نصت المادة 143 مدني على أن “إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله. وقد أشارت مذكرة المشروع التمهيدي إلى أن هذا النص يعرض لما يسمى بانتقاص العقد .

وضربت له أمثلة فقالت:

لو فرض أن  هبة  اقترنت بشرط غير مشروع أو أن مبيعاً ورد على عدة أشياء وقع العاقد في غلط جوهري بشأن شيء منها، ففي كلتا الحالتين لا يصيب البطلان المطلق أو النسبي من العقد إلا الشق الذي قام به سببه .

وعلى ذلك يبطل الشرط المقترن بالهبة بطلاناً مطلقاً ويبطل البيع فيما يتعلق بالشيء الذي وقع الغلط فيه بطلاناً نسبيا ويظل ما تبقى من العقد صحيحاً باعتباره مستقلاً ما لم يقدم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الذي بطل بطلاناً مطلقاً أو نسبياً لا ينفصل عن جملة العقد.

وإذا كان مغزى ما تقدم أن الإنقاص ليس إلا مجرد تفسير لإرادة الطرفين، فإنه حيث يؤدي التفسير إلى تبين أن الإرادة قد قصدت إما أن يصح العقد كله، وإما أن يبطل كله فإن الانتقاص يمتنع إذ هو لا يقع إلا إذا تبين أن الإرادة كانت سترضى بالعقد الجديد الذي تولد عن الانتقاص لو علمت بالبطلان.

غير أن القانون قد يتولى بنفسه تطبيق فكرة الانتقاص بصرف النظر عما تتجه إليه إرادة المتعاقدين. وحينئذٍ يجب الانصياع إلى ما ينص عليه. فيجوز للقاضي أن يعفى الطرف المذعن من الشروط التعسفية (مادة 149 مدني) حتى ولو تبين أن الطرف الآخر لم يكن ليبرم العقد لولا هذا الشرط. ومن ذلك أيضاً إنقاص سعر الفائدة  إلى الحد الأقصى المسموح به (مادة 227 مدني) وإنقاص مدة البقاء في الشيوع خمس سنوات (مادة 834 مدني).

نبيلة رسلان بند 106

شروط انتقاص العقد

 يشترط لانتقاص العقد شرطان:

الشرط الأول: أن يكون العقد باطلاً في جزء منه فقط. فإذا كان باطلاً بأكمله فلا ينتقص بل يتحول إلى عقد آخر إذا توافر شروط تحول العقد السابق بيانها.

الشرط الثاني: أن يكون العقد قابلاً للانقسام، لأنه إذا لم يكن قابلاً للانقسام ترتب على بطلان جزء منه بطلان العقد بأكمله، وفي هذه الحالة لا يكون هناك محل للانتقاص بل للتحول إذا توافرت شروطه.

فمثلاً إذا اقترن عقد هبة بشرط غير مشروع ولم يكن هو الباعث على التعاقد، فإن العقد في هذه الحالة ينتقص ببطلان هذا الشرط وحده بطلاناً مطلقا.

أما إذا تبين أن هذا الشرط كان هو الباعث على الهبة، فإن العقد لا ينتقص بل يبطل بأكمله ويتحول إلى عقد آخر إذا استجمع شروط هذا العقد الأخير وعبء إثبات عدم قابلة العقد للانقسام. وبالتالي  بطلانه بأكمله تبعاً لبطلان شق منه ويكون على مدعي البطلان.

عبء إثبات البطلان

 المتعاقد الذي يدعي بطلان العقد يقع على عاتقه إثبات أن الشق الباطل أو القابل للإبطال غير منفصل عن جملة التعاقد.

عبد المنعم الصدة – مرجع سابق ص 204

وعلى ذلك يبطل الشرط المقترن بالهبة بطلاناً مطلقاً، ويبطل البيع فيما يتعلق بالشيء الذي وقع الغلط فيه بطلاناً نسبياً. ويظل ما بقي من العقد صحيحاً، باعتباره عقداً مستقلاً، ما لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الذي بطل بطلاناً مطلقاً أو نسبياً لا ينفصل عن جملة التعاقد .

عبد الفتاح عبد الباقي ص 482

تحول العقد الباطل مطلقا أو نسبيا

المادة 144 مدني تنص علي

إذا كان العقد باطلاً أو قابلاً للإبطال وتوافرت فيه أركان عقد آخر، فإن العقد يكون صحيحاً باعتباره العقد الذي توافرت أركانه، إذا تبيّن أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد.

شروط تحول العقد الباطل

الشروط التي يجب توافرها لتحقق التحول المنصوص عليه بالمادة 144:

حدد الفقه أربعة شروط :

  • الأول :أن يكون هناك تصرف باطل (بطلاناً كاملاً لا بطلاناً جزئياً)،
  • الثاني: أن يكون هناك اختلاف في الطبيعة بين التصرف الباطل والتصرف الذي يتحول إليه،
  • الثالث: أن يتضمن التصرف الأول عناصر التصرف الثاني،
  • الرابع: أن يتبين أن نية “المتعاقدين” كانت تتجه إلى التصرف الثاني لو علموا ببطلان الأول.

فشروط التحول تستلزم أن تكون عناصر التصرف الصحيح الذي يتحول إليه التصرف الباطل، متضمنة في هذا التصرف الباطل كما تستلزم انصراف الإرادة المحتملة لأطراف المعاملة إلى التصرف الصحيح، وهذا يعني أن القول بقيام التصرف الصحيح لا يعني أكثر من إبراز التصرف الحقيقي الذي أراد أطراف المعاملة إبرامه.

وأن القاضي الذي يعرض عليه أمر التصرف الباطل لا يفعل أكثر من تفسير الإرادة، مستنيراً بالغاية الاقتصادية للتصرف وعمله لا يمكن أن يكون “إنشاء” التصرف الثاني، بل مجرد الكشف عنه في مقاصد المتعاملين مأخوذة من التعبير عن إرادتهم.

ونستطيع أن نأخذ من هذا أن التحول يتم بتفسير الإرادة للكشف عن الغاية العملية من التصرف، وتكييف لتصرف في ضوء هذه الغاية، أن إعطائه  الوصف القانوني المناسب للآثار الحقيقية المقصودة به، وبذا يظهر أنه لا يوجد إلا تصرف واحد منذ البداية، هو التصرف الصحيح.

وأن ما يقال به من وجود تصرف باطل لا يظهر التصرف الصحيح إلا بتحوله، ليس إلا نتيجة لإطلاق تسمية على هذا التصرف، لا تتفق مع حقيقة آثاره. وإطلاق تسمية غير صحيحة على تصرف لا يمكن أن يؤدي إلى بطلانه.

وإن كان من حق القضاء أن يغيرها إلى التسمية الصحيحة، المتفقة مع المقاصد الحقيقية من التصرف، وينبني على هذا الفهم لمعنى التحول، أن ما يترتب من آثار في حال تحول التصرف ليس استثناء من القاعدة التي تقضي بعدم ترتب أي أثر قانوني، على التصرف الباطل. على أن الفقه الذي يقبل اعتبار نظرية التحول، نظرية قائمة بذاتها، يلاحظ أن تطبيقاتها في العمل قليلة.

الشرقاوي بند 50 وأنظر حجازي بند 484 وانظر السنهوري بند 306 وما بعده- الصدة بند 271 ، عبد الرحيم بند 257 ، مرقص بند 241

تصحيح العقد الباطل

قضت محكمة النقض بأن

نص المادة 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981 – يدل – على أن المشروع أراد أن يعالج في هذا النص القانوني حالات الحظر التي نصت عليه قوانين إيجار الأماكن المختلفة وللتعرف على قصد المشرع من هذا النص المستحدث يتعين تأصيل حالات البطلان والآثار المترتبة عليه والطريقة التي عالج بها المشرع حالاته.

فالبطلان إما أن يرجع إلى اعتبارات شكلية أو إلى اعتبارات موضوعية ففي الحالة الأولى يكون العقد الذي لا يتوفر ركن الشكل فيه باطلاً ولكن بالقدر الذي يتطلبه القانون من الشكل ولما كان الشكل من صنع القانون فإن القانون هو الذي يعين له الجزاء الكافي في حالة الإخلال به.

أما إذا رجع البطلان إلى اعتبارات موضوعية كما هو الحال في انعدام أحد الأركان الثلاثة- الرضا والمحل والسبب- فإن هذا البطلان هو الذي يخضع للقواعد العامة وقد عالج المشرع هذا النوع من البطلان بالقواعد المنصوص عليها في المواد 141، 142 ، 144 من القانون المدني وتخلص في أن العقد الباطل منعدم كأصل ولا ينتج أثارا.

ولكل ذي مصلحة أن يتمسك به وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالإجازة وفي حالة البطلان يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد وإلا جاز الحكم بالتعويض ويتحول العقد الباطل إلى عقد آخر صحيح إذا توافرت فيه أركان العقد الأخير دون إضافة لأي عنصر جديد إليه إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرامه.

الطعن رقم 7448 لسنة 63 ق جلسة 14/4/1994

ختامايمكننا القول أن [ بطلان العقود والتصرفات القانونية ] هو طعن موضوعي يهدف اما الى ابطال العقد برمته وهو ما يسمي (البطلان المطلق) وله أسباب محددة واما يهدف الى ابطاله نسبيا وهو ما يسمي (البطلان النسبي) ، وقد استعرضنا امكانية الانتقاص من العقد الباطل بمحو وازالة واستبعاد البنود الباطلة وسريان باقي بنود العقد وأن هذا الانتقاص للعقد لا يكون الا في البطلان النسبي لا المطلق .

كما استعرضنا أن البطلان قد يترتب عليه تحول العقد الى تصرف أخر كعقد البيع الذي يستر هبة يتحول من بيع الى هبة ، وقد تعرفنا علي مواعيد سقوط (دعوي البطلان) وأكدنا انه وان كانت دعوى البطلان تسقط بمرور 15 سنة الا أن الدفع بالبطلان لا يتقادم ، وفي الأخير أتمني أن تكون الدراسة مفيدة .

البطلان في العقود

في الأخير للمزيد ننوه عن المراجع المستخدمة في البحث وهي :

  • الوسيط للدكتور السنهوري .
  • المطول في شرح القانون المدني للمستشار أنور طلبة .
  • التعليق علي القانون المدني عزمي البكري .
  • أنور سلطان في شرح القانون المدني.

  • انتهي البحث القانوني ( بطلان العقود في القانون المدني: أسباب البطلان، اثباته، سقوطه) ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني.
  • زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
  • كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل ، أو الاتصال بنا من خلال ( طلب استشارة مجانية )
  • كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
  • يمكن تحميل الأبحاث من أيقونة التحميل pdf في نهاية كل مقال وكل بحث ، ونعتذر لغلق امكانية النسخ بسبب بعض الأشخاص الذين يستحلون جهد الغير في اعداد الأبحاث وتنسيقها ويقومون بنشرها علي مواقعهم الالكترونية ونسبتها اليهم وحذف مصدر البحث والموقع الأصلي للبحث المنشور ، مما يؤثر علي ترتيب موقعنا في سيرش جوجل ، أعانهم الله علي أنفسهم .
المقالة حصرية ومحمية بحقوق النشر الحقوق محفوظة © لمكتب الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}