جريمة الرشوة والعقوبة في القانون الجنائي
محتويات المقال
تعرف علي جريمة الرشوة الوظيفية في القانون الجنائي المصري، فقد تناول المشرع أركان جريمة الرشوة المجرمة في قانون العقوبات باب جرائم الأاموال العامة، وهي جريمة أفرادها الموظف المرتشي و الوسيط و الراشي .
هذا البحث الجنائي عن الرشوة المجرمة قانونا هو البحث الأاول ويلية عدة أبحاث متوالية عنها بالتفصيل .
تعريف الرشوة والتجارة بالوظيفة
الرشوة هى اتجار الموظف فى أعمال وظيفته عن طريق الاتفاق مع صاحب الحاجة على قبول ما عرضه عليه الأخير من فائدة نظير أداء .
عرفت محكمة النقض الرشوة بأنها
تجارة المستخدم فى سلطته لعمل شئ أو امتناعه عن عمل يكون من خصائص وظيفته.
نقض 12 يوليو 1891 ص 6 ص 184
وبناء على ذلك فإن الرشوة جريمة خاصة بالموظف العام حيث تمتعه بسلطات الوظيفة يعطيه وحده حرية الاتجار بها .
طبيعة الرشـوة
لم يتفق الفقهاء على تكييف واحد لجريمة الرشوة ، حيث انقسما الفقهاء إلى قسمين مختلفين ، حيث مذهب يرى فى الرشوة بأنها جريمة واحدة تنسب للموظف وحده على اعتبار أنه جوهر الرشوة باتجاره بوظيفته أما الراشى فليس سوى مساهم فى الرشوة بوصفه فاعلا ضروريا مع الموظف العام ويطلق على هذا المذهب ” مذهب وحدة الرشوة.
د/ رمسيس بهنام – قانون العقوبات – ص 129 ، د/ محمود نجيب حسنى – قانون العقوبات – ص 18 ، د/ أحمد فتحى سرور – قانون العقوبات – ص 36 .
أما المذهب الثانى فيرى فى تكييف الرشوة بأنها جريمتين مستقلتين ، جريمة سلبية وتقع من الموظف العام بأخذه للمقابل والمطالبة به وجريمة إيجابية تقع من جانب صاحب الحاجة بإعطائه المقابل للموظف العام ، وتستقل كل من الجريمتين عن الأخرى فى المسئولية والعقاب ، بمعنى أنه يمكن أن تتوافر أركان أحداهما دون الأخرى ، ويطلق على هذا المذهب ” مذهب ثنائية الرشوة .
د / حسن المرصفاوى – قانون العقوبات – ص 14
مواد جريمة الرشوة في قانون العقوبات المصري
103 عقوبات
كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً ويعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به.
103 مكرر عقوبات
يعتبر مرتشياً ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه.
104 عقوبات
كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع منه من ذلك يعاقب بالسجن المؤبد وضعف الغرامة المذكورة في المادة 103 من هذا القانون.
104 مكرر عقوبات
كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه أو للإخلال بواجبات الوظيفة يعاقب بعقوبة الرشوة المنصوص عليها في المواد الثلاثة السابقة حسب الأحوال حتى ولو كان يقصد عدم القيام بذلك العمل أو عدم الامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات الوظيفة.
105 عقوبات
كل موظف عمومي قبل من شخص أدى له عملاً من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجباتها، هدية أو عطية بعد تمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنيه.
105 مكرر عقوبات
كل موظف عمومي قام بعمل من أعمال وظيفته أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته أو أخل بواجباتها نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه.
106 عقوبات
كل مستخدم طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية بغير علم مخدومه ورضائه لأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو للامتناع عنه يعتبر مرتشياً ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
106 مكرر
كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو نياشين أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو مقاولة أو على وظيفة أو خدمة أو أية مزية من أي نوع يعد في حكم المرتشي ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 من هذا القانون إن كان موظفاً عمومياً وبالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط في الأحوال الأخرى ويعتبر في حكم السلطة العامة كل جهة خاضعة لإشرافها.
106 مكرر ثانيا
كل عضو بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للقواعد المقررة قانوناً أو بإحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام، وكذلك كل مدير أو مستخدم في إحداها طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها يعد مرتشياً ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به ولو كان الجاني يقصد عدم القيام بالعمل أو عدم الامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات وظيفته.
ويعاقب الجاني بالعقوبات ذاتها إذا كان الطلب أو القبول أو الأخذ لاحقاً لأداء العمل أو للامتناع عنه أو للإخلال بواجبات الوظيفة وكان يقصد المكافأة على ذلك ”وبغير اتفاق سابق”.
107 عقوبات
يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أياً كان اسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أم غير مادية.
107 مكرر
يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها.
108 عقوبات
إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة فيعاقب الراشي والمرتشي والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل مع الغرامة المقررة للرشوة ويعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة طبقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 48 من هذا القانون.
108 عقوبات مكرر
كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشي أو أخذ أو قبل شيئاً من ذلك مع علمه بسببه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة مساوية لقيمة ما أعطى أو وعد به وذلك إذا لم يكن قد توسط في الرشوة.
109 مكرر
من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه وذلك إذا كان العرض حاصلاً لموظف عام فإذا كان العرض حاصلاً لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتي جنيه.
109 مكرر ثانيا
مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من عرض أو قبل الوساطة في رشوة ولم يتعد عمله العرض أو القبول.
فإذا وقع ذلك من موظف عمومي فيعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104.
وإذا كان ذلك بقصد الوساطة لدى موظف عمومي يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 105 مكرراً.
110 عقوبات
يحكم في جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقاً للمواد السابقة.
111 عقوبات
يعد في حكم الموظفين في تطبيق نصوص هذا الفصل:
- (1) المستخدمون في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها.
- (2) أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء أكانوا منتخبين أم معينين.
- (3) المحكمون أو الخبراء ووكلاء الديانة والمصفون والحراس القضائيون.
- (4) الإلغاء.
- (5) كل شخص مكلف بخدمة عمومية.
- (6) أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت.
كما يقصد بالموظف العمومي الأجنبي في تطبيق أحكام هذا الباب كل من يشغل منصباً تشريعياً أو تنفيذياً أو إدارياً أو قضائياً لدى بلد أجنبي ، سواء أكان معيناً أو منتخباً ، وأي شخص يمارس وظيفة عمومية لصالح بلد أجنبي .
أما موظف مؤسسة دولية عمومية فيقصد به كل مستخدم مدني دولي أو أي شخص تأذن له مؤسسة من هذا القبيل بأن يتصرف نيابة عنها .
ملاحظة: اضافة فقرة الثانية للنص مادة من القانون رقم 5 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 – الجريدة الرسمية – العدد 3 مكرر (ج) في 24 يناير سنة 2018
المرتشى فى جريمة الرشوة
هو الموظف العام ومن فى حكمه ، وجاء تجريمه فى قانون العقوبات فى المواد التالية :
مادة 103 : كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفة يعد مرتشياً ويعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به.
مادة 103مكرر : يعتبر مرتشياً ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها فى المادة السابقة كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه.
مادة 104 : كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع من ذلك يعاقب بالسجن المؤبد وضعف الغرامة المذكورة فى المادة 103 من هذا القانون.
مادة 104 مكرر : كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته ألا للامتناع عنه للإخلال بواجبات الوظيفة يعاقب بعقوبة الرشوة المنصوص عليها فى المواد الثلاث السابقة حسب الأحوال حتى ولو كان يقصد عدم القيام بذلك العمل أو عدم الامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات الوظيفة.
مادة 111 : يعد فى حكم الموظفين فى تطبيق نصوص هذا الفصل.
1. المستخدمين فى المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها.
2. أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء أكانوا منتجين أو معينين.
3. المحكمون أو الخبراء ووكلاء النيابة والمصفون والحراس القضائيون.
4. ألغي
5. كل شخص مكلف بخدمة عمومية.
6. أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمان والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت .
وقد رسمت هذه المواد مجموعة من الأفعال الإجرامية التى تقع من جانب الموظف وهذه ترسم بالضرورة مجموعة الأفعال الإجرامية التى تقع من جانب الراشى ، لتقابل هذه الأفعال وتلازمها فالأخذ كنشاط للمرتشى يقابله بالضرورة عطاء من جانب الراشى والقبول من جانب المرتشى يقابله بالضرورة عرض وعد من جانب الراشى
د/ محمد زكى أبو عامر – قانون العقوبات – ص 41
تبقى بعد ذلك صورتان لا تقابل بينهما بين الراشى والمرتشى:
أولهما: الطلب من جانب الموظف الذى لا يستجيب له صاحب الحاجة وهو مجرد شروع فى الرشوة ، لكن المشرع غلط عقوبتها وجعلها تتساوى مع الفعل التام .
الثانية : هى عرض الرشوة وهى من جانب صاحب الحاجة وجرم المشرع هذا الفعل حماية للموظف من الإغواء وجعل منها جريمة خاصة ” مادة 109 .
وعلى هذا يمكن تحديد أركان جريمة الرشوة والمتمثلة فى الركن المادى وهو أن يأخذ الموظف العطية أو يقبلها سواء لنفسه أو لغيره نظير أن يقوم بعمل أو يمنع عمل يدخل فى اختصاصه ولا خلاف حول الركن المعنوى وهو القصد الجنائى ، ولكن الخلاف حول صفة المرتشى أى صفة الموظف العام وهو تشكل هذه الصفة ركنا مستقلا فى جريمة الرشوة يتضاف إلى الركنين المادى والمعنوى فتصبح أركان الرشوة ثلاثة
د/ رمسيس بهنام – المرجع السابق – ص 132
صفة المرتشى
الموظف العام هو كل شخص يعهد إليه على وجه قانون بأداء عمل دائم فى مرفق عام تديره الدولة
د/ محمد فؤاد مهنا – أحكام القانون الإدارى
وعلى هذا يعد موظفا عاماً كل من يعمل بوزارات الحكومة ومصالحها وكل من يعمل فى وحدة من إحدات الحكم المحلى أو فى خدمة هيئة عامة كرجال الجيش والشرطة ، أما المستخدمين الذين يقومون بأعمال الالتزام أو المقاولة فلا يدخلون فى عداد الموظفين العموميين وكذلك العاملون فى شركات القطاع العام
د/ محمد زكى أبو عامر – المرجع السابق ص 44
ويلزم أن يكون علاقة العامل بالدولة علاقة تنظيمية لائحية لا مجرد علاقة تعاقدية تحكمها تشريعات العمل ولكن لا يلزم أن يشتغل الموظف وظيفة دائمة إذا تظل له صفته ولو كان يشغلها بصفة مؤقتة .
وقد قررت المادة 111 عقوبات أنه : يعد فى حكم الموظفين فى تطبيق نصوص هذا الفصل .
- المستخدمين فى المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها.
- أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء أكانوا منتجين أو معينين.
- المحكمون أو الخبراء ووكلاء النيابة والمصفون والحراس القضائيون .
- كل شخص مكلف بخدمة عمومية.
- أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمان والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت .
وأول ما يلاحظ على تلك المادة ، أن المشرع بنصه الصريح على أن هذه الفئات تعد فى حكم الموظفين العموميين ، إنما يسلم بعدم توفر صفة الموظف العام بالمعنى الإدارى فى أى منهم .
وهناك حالات أخرى تقررت بقوانين خاصة وهم:
- العاملون فى المؤسسات الصحفية القومية وذلك كما قررت المادة 141 من القانون رقم 148 لسنة 1980 .
- القائمون على شئون الأحزاب السياسية وذلك كما قررت المادة 14 من القانون 40 لسنة 1977 .
- العاملون فى الجمعيات التعاونية وذلك كما قررت المادة 92 من القانون 109 لسنة 1975 وأيضا المادة 96 من القانون 110 لسنة 1975 .
- الأطباء وفقا للمادة 223 عقوبات .
- الشهود وفقا للمادة 298 عقوبات .
الركن المادى في جريمة الرشوة
الركن المادى فى جريمة الرشوة هو أخذ الموظف العام أو من فى حكمه عطيه أو يقبل وعدا بها أو يطلب شيئان من ذلك سواء لنفسه أم لغيره لقاء الإخلال بواجبات وظيفته أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل يدخل فى اختصاصه فعلا أو زعما منه أو توهما من جانبه على خلاف الواقع
د/ محمد زكى أبو عامر ” المرجع السابق ” ص 61
وبهذا يتكون الركن المادى من أربعة عناصر وهما :
- (أ) نشاط معين يبذله المرتشى وهو الأخذ أو القبول أو الطلب .
- (ب) الموضوع الذى يرد عليه هذا النشاط وهو الفائدة أو العطية أو الوعد بالعطية التى يتلقاها الموظف .
- (ج) مقابل الفائدة وهو الإخلال بواجبات وظيفته .
- (د) اختصاص الموظف بهذا العمل .
أولاً : عنصر النشاط الذى يبذله المرتشى ” الأخذ أو القبول أو الطلب
1. الأخـذ
ويقصد بالأخذ هو الدفع الفورى للفائدة أو العطية ويتخذ الأخذ مظهر التسلم المادى إذا كانت الفائدة ذات طبيعة مادية إذ تدخل الفائدة حيازة المرتشى بإرادته وبمجرد تسلمها من الراشى أو وسيطه .
ومن ناحية أخرى قد يكون الأخذ رمزياً إذا لم يكن للفائدة طبيعة مادية كما لو تمثلت فى مباشرة الجنس مع صاحب الحاجة أو الاستمتاع ببعض ممتلكاته ، كقضاء بعض الوقت فى مصيفه أو مشتاه .
لكنه لا يلزم بطبيعة الحال أن يتم الأخذ على أساس أن الفائدة هى الثمن الصريح للعمل فقد تقدم غالباً على شكل هدايا تحرجاً أو تأدباً .
وفى هذا الصدد قضت محكمة النقض بأنه
لا يشترط القانون لتحقيق جريمة الرشوة أن يكون صاحب الحاجة قد عرض الرشوة على الموظف العمومي بالقول الصريح بل يكفى أن يكون قد قام بفعل الإعطاء أو العرض دون أن يتحدث مع الموظف ما دام قصده من هذا الإعطاء أو العرض – وهو شراء ذمة الموظف – واضحاً من ملابسات الدعوى وقرائن الأحوال فيها ، ومن ثم فإنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره فى شأن إلتفات الحكم عن الرد على دفاعه القائم على عجز عن سماع حديث الضابط إليه وما تقدم به من مستندات تأييداً له .
نقض 26/11/1973 س 24 ق 223 ص 1085
وباعتبار الرشوة بطريق الأخذ واقعة مادية فيمكن إثبات وقوعه بكافة طرق الإثبات .
2. القـبول
ويقصد بالقبول الرضا بالدفع المؤجل ، أى اتجاه إرادة المرتشى إلى الرضا بتلقى المقابل فى المستقبل ، فالمرتشى لا يجوز العطية بالقبول وأن حصل على مجرد وعد بها ، وقد عبر المشرع عن هذه الصورة بقوله ” أو قبل ” فالقبول إنما ينصرف إلى عطية مؤجلة .
3. المطلب
ويقصد بالطلب هو تعبير الموظف عن إرادته فى الحصول على مقابل نظير أداء العمل الوظيفى بشرط أن يكون هذا الطلب بعلم صاحب الحاجة ومحل الطلب يكون أما ” عطية ” وأما ” وعد بعطية ” .
وطلب الموظف للرشوة يتحلل فى النهاية إلى واحد من أمرين الأول ، الاستجابة من صاحب الحاجة عن طريق الإعطاء الذى يقابله أخذ لها من جانب الموظف ، والثانى عن طريق الوعد بالإعطاء الذى يقابله قبول من جانب الموظف وفى هاتين الصورتين تعتبر جريمة الرشوة قائمة على أساس الأخذ أو القبول لا على أساس الطلب .
وقد يكون طلب الموظف للرشوة لا يقابله استجابة من جانب صاحب الحاجة سواء بالرفض أو إبلاغ السلطات.
نقض 19/4/1970 س 51 ق 147 ص 617
وسوى المشرع بين طلب الموظف للرشوة لنفسه أو لغيره وقد قضت محكمة النقص بأنه :
يعتبر فاعلا فى جريمة الرشوة الموظف الذى يطلب الرشوة لغيره ولا مصلحة لمثله فى التحدى بأنه لم يطلب الرشوة لنفسه.
نقض 7/1/1958 – س 19 ق 3 ص 17
ويسـتوى فى الرشـوة أن تكون مطلوبة أو مقبولة أو مأخوذة للنفس أم للغير .
نقض 29/5/1961 – س 12 ق 120 ص 628
ثانيا : عنصر موضوع النشاط ” العطية أو الوعد ” الفائدة
ويقصد بالموضوع ما يقع عليه نشاط المرتشى وهو العطية أو الوعد بها وهو ما تعرضت له المادة 107 من قانون العقوبات لتعريف هذا المحل بقولها :
يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أياً كان اسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية ” .
فالفائدة هى المحل الذى يرد عليها طلب المرتشى أو قبوله أو أخذه وللفائدة معانى واسعة تشمل كل ما يشبع حاجة للنفس أى كان نوعها مادية أو غير مادية ، وقد تشمل صوراً عديدة نقوداً أو أوراقاً مالية أو مجوهرات أو ملابس وقد تأخذ شكل الحصول على وظيفة أو ترقية أو علاوة .
لكن يلزم أن تكون الفائدة محددة أو قابلة للتحديد ، لكن العروض الرمزية والتى لا يمكن تحديدها فلا تعتبر فائدة فى باب الرشوة كالعروض التى يعرضها الراشى على الموظف مثل ” هاشوفك – عينى ليك – هبسطك … ألخ ” .
وعلى هذا الأساس لكى تقوم جريمة الرشوة يجب أن تكون الفائدة قابلة للتحديد .
التناسب الموضوعى أو المادى بين الفائدة وبين المقابل :
ذهب اتجاه فى الفقه إلى وجوب توافر قدر من التناسب بين الفائدة وبين المقابل من حيث المادة ومن حيث الموضوع بحيث يقال إن كل منهما ثمن للأخر ، وعلى هذا الأساس لا يعد تقديم كوب الشاى أو لفافة التبغ للموظف من قبيل الرشوة أو العطية.
د/ حسن المرصفاوى ” المرجع السابق ” ص 32
وذهب غالبية الفقهاء أنه ليس فى القانون ما يوجب التناسب فالرشوة تقع مع صألة العطية ، كما لو أخذ شرطى خمسة قروش من بائع متجول ليدعه يقف بسلعته فى مكان محظور الوقوف فيه لأن المشكلة تكمن فى وجهه المقابل وغايته لا فى قيمته .
أما إذا توافر السبب المبرر لحصول الموظف على الوعد ولم يكن لهذا السبب علاقة بقيامه بالعمل أو الإخلال بواجبات وظيفته انتفت جناية الرشوة مهما عظمت قيمة العطية .
وعلى هذا الأساس فتقديم لفافة التبغ أو كوب الشاى من صاحب الحاجة إلى الموظف على سبيل المجاملة لا تتحقق به جريمة الرشوة لا على أساس ضألة المقابل وإنما على أساس انتفاء القصد الجنائى من جهة وانتفاء مقابل الفائدة من جهة أخرى.
د/ أحمد فتحى سرور ” المرجع السابق ” ص 45
ثالثا : عنصر مقابل الفائدة – العمل الوظيفى
لا يكفى لقيام الركن المادى فى جريمة الرشوة أن يأخذ الموظف العمومى فائدة غير مستحقة له أو لغيره وإنما يشترط أن يكون مقابل هذه الفائدة أداء عمل أو الامتناع عن عمل يدخل فعلا فى اختصاص الموظف.
ومقابل الفائدة هو العمل الوظيفى سواء تمثل هذا العمل فى فعل أو امتناع ويستوى العمل الوظيفى فى الحالتين ، والغالب يكون العمل إيجابيا كإعطاء القاضى رشوة مقابل إصدار حكم فى دعوى أو إعطاء الموظف رشوة لمجرد الإسراع فى إنجاز الأوراق
وقد يكون الامتناع متمثلا فى مجرد التراخى فى أداء العمل إلى الوقت الذى تقتضيه مصلحة الراشى كتراخى مدير الشئون القانونية فى إبلاغ إدارة القضايا بالحكم الصادر ضد الدولة لمصلحة الراشى حتى يفوت ميعاد الطعن .
وأخيراً فإن العمل الوظيفى قد يتمثل فى مجرد الإخلال بواجبات الوظيفة وهى الصورة الثالثة التى نصت عليها المواد ” 104 ، 104 مكرر ” من قانون العقوبات لمقابل الفائدة .
رابعا : عنصر الاختصاص بالعمل الوظيفى
لا يكفى أن يكون مقابل الفائدة عملاً أو امتناع عمل فحسب وإنما يلزم أن يكون العمل الوظيفى داخلا فى اختصاص الموظف حقيقة .
فإذن لم يكن كذلك وجب لكى تقع الجريمة أن يكون الموظف معتقداً عند طلب الرشوة أو قبولها أنه مختص على خلاف الواقع أو أن يزعم لنفسه هذا الاختصاص .
ويلاحظ أن اختصاص الموظف بالعمل الوظيفى يعتبر واحداً من أركان الرشوة ، تقوم به الجريمة بصرف النظر عما إذا كان العمل فى ذاته متطابقاً مع القانون أو متخالفاً معه ، فانتفاء الاختصاص يفقد الرشوة أحد أركانها .
والاختصاص بالعمل الوظيفى يعنى صلاحية الموظف للقيام به وتثبت هذه الصلاحية للموظف أما بمقتضى القانون أو بمقتضى اللوائح الإدارية التى تصدرها السلطات الإدارية بتحديد الموظف المختص بنوع محدد من الأعمال أو بمقتضى العرف الإدارى .
السؤال الذى يطرح نفسه هل يلزم أن يكون العمل الوظيفى داخلاً فى نطاق اختصاص الموظف مباشرة ؟
وأجابت محكمة النقض على هذا التساؤل بقولها : أنه يكفى أن يكون العمل الذى دفعت الرشوة من أجله له اتصال بأعمال وظيفة المرتشى .
( أ ) زعم الاختصاص
ولا تقف جريمة الرشوة عند حالة الاختصاص فقط وإنما تتحقق جريمة الرشوة ولو لم يكن مختصا بالعمل الوظيفى مادام قد زعم للراشى أن ما يطلبه منه يدخل فى نطاق اختصاصه.
نقض 21/5/1972 – س 23 ق 168 ص 755
(ب) الاعتقاد خطأ بالاختصاص
فى هذه الحالة لا يكون الموظف مختصا بالعمل الوظيفى حقيقة وفعلا وأن اعتقد أنه مختص بالعمل الوظيفى فالاعتقاد الخاطئ إنما يقوم فى ذهن الموظف دون نظر لموقف صاحب الحاجة .
بل تتوافر الجريمة ولو كان صاحب الحاجة عالما بعدم اختصاص الموظف وكان بإعطائه المقابل يقصد أن يسعر هذا الموظف لمصلحته لدى المختص فأخذ الموظف المقابل معتقداً أنه هو نفسه المختص بالعمل.
الركن المعنوى في الرشوة
الرشوة جريمة عمدية ينبغى أن يتوافر لدى فاعلها ” الموظف المرتشى” القصد الجنائى .
والقصد الجنائى إما أن يكون عاماً ويتألف حينئذ من إرادة النشاط مع العلم بجميع عناصر الفعل المادى المكون للجريمة عما وصفها القانون .
وإما أن يكون خاصاً ويتكون من القصد العام بالمعنى السابق بالإضافة إلى اتجاه نية مرتكب الجريمة إلى تحقيق هدف معين مستقل عن ماديات الجريمة .
ويتجه رأى الفقه إلى اعتبار القصد المتطلب لدى الموظف المرتشى لكى تقم جريمة الرشوة قصداً عاماً لا خاصاً ، أى اتجاه إرادة الموظف المرتشى إلى فعل الأخذ أو القبول أو الطلب مع علمه بكافة عناصر الركن المادى للرشوة .
فيكفى أن يطلب الموظف أو يقبل العطية وهو عالم بأن المقصود بالعطية يكون مقابل لعمل أو امتناع عن عمل يختص هو به أو يعتقد خطأ أنه من اختصاصه ولا لشئ أخر
د/ محمد زكى أبو عامر ” المرجع السابق ” ص 93
(أ) إثبات القصد
ويثبت القصد الجنائى بكافة طرق الإثبات ، ومحور الإثبات هو فى ظروف تلقى الفائدة أو طلبها أو قبولها ، أما بالنسبة للقصد الخاص فقد صار أمره سهلا بعد أن سوى القانون بين نية الاستغلال ونية الاتجار إذ يكفى أن يثبت تلقى الموظف للفائدة وهو يعلم أنها مقابل عمل يدخل فى اختصاصه لينهض ذلك قرينة فعلية على توفر أحد القصدين أما قصد الاتجار وأما قصد الاستغلال .
عقوبة الرشوة
(أ) العقوبة الأصلية
العقوبة هى السجن المؤبد ( المواد 103 ، 103 مكرر ، 104 ، 104 مكرر عقوبات ) وتستحق هذه العقوبة متى تثبت الجريمة فى حق الموظف المرتشى ، بصرف النظر عن عدوله أو عن ندمه .
وتشدد تلك العقوبة إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد فيعاقب المرتشى بالعقوبة المقررة لذلك الفعل ( مادة 108 ع ) .
(ب) العقوبات التكميلية
قرر المشرع عقوبة الغرامة كعقوبة تكميلية وجوبية يقضى بها فى جميع الأحوال ، ومقدار هذه الغرامة محصورة بين حد أقصى مقداره قيمة الرشوة وحد أدنى هو ألف جنيه .
والغرامة عقوبة تكميلية أى لا يقضى بها بمفردها وإنما إلى جوار العقوبة الأصلية .
والغرامة تظل فى تلك الحدود حتى ولو استعملت المحكمة الرأفة ونزلت بالعقوبة إلى السجن فليس لذلك النزول من أثر على مقدارها .
ومن ناحية أخرى نص المشرع فى المادة 110 عقوبات على المصادرة كعقوبة تكميلية وجوبية إذ قرر بأن يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشى أو الوسيط على سبيل الرشوة ، فلا سلطة للقاضى فى الإعفاء منها .
ومن ناحية أخيرة ينبغى على الحكم بعقوبة جناية – وعقوبة الرشوة دائما من عقوبة الجنايات حتى مع استخدام المادة 17 عقوبات – حرمان المحكوم عليه حتما من الحقوق والمزايا المنصوص عليها فى المادة 25 عقوبات فيعزل من وظيفته .
قضاء النقض عن جريمة الرشوة
إن جريمة الرشوة تتحقق متى قبل المرتشى الرشوة مقابل الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته ولو ظهر أنه غير حق وإذن فإذا كان الغرض الذى من أجله قدم المال إلى الموظف [ مفتش بوزارة التموين ] هو عدم تحرير محضر لمن قدمه وكان تحرير المحضر يدخل فى اختصاص هذا الموظف بوصف كونه مفتشاً بوزارة التموين ومن عمله التفتيش على محلات الباعة لمراقبة تنفيذ القوانين الخاصة بالتسعير الجبرى وتحرير المحاضر لمخالفيها بصفة من رجال الضبطية القضائية فى هذا الشأن فإن جريمة الرشوة تكون متحققة ولو لم يكن هناك موجب لتحرير المحضر الذى دفع المال للامتناع عن تحريره .
( الطعن رقم 146 لسنة 21 ق ، جلسة 7 /5/1951)
إن القانون يعاقب على الرشوة ولو كان العمل المقصود منها يكون جريمة ما دامت الرشوة قدمت إلى الموظف كى يقارفها فى أثناء تأدية وظيفته و فى دائرة الاختصاص العام لهذه الوظيفة .
( الطعن رقم 403 سنة 21 ق ، جلسة 21/5/1951 )
يكفى فى القانون لإدانة الموظف فى جريمة الرشوة أن يكون له نصيب من العمل المطلوب فإذا كان الطاعن يقرر بارتباط اختصاصات وظيفته باختصاصات رئيس الحسابات فيما يتصل بشئون العمال مما يفيد اتصال وظيفته بهذه الشؤون فلا يصح منه أن ينعى على الحكم الذى أدانه فى جريمة الرشوة مقابل تعيينه عمالاً بالمصلحة التى يشتغل فيها بأنه لم يكن له شأن بهذا العمل ولا اختصاص له فيه .
( الطعن رقم 921 سنة 22 ق ، جلسة 10/11/1952 )
إن القانون لا يتطلب لاعتبار العمل المتعلق بالرشوة داخلاً فى اختصاص وظيفة المرتشى أن يكون هو وحده المختص بالقيام به بل يكفى أن يكون له نصيب من الاختصاص به وإذن فإذا كان الحكم قد أدان الطاعن بالرشوة لأنه بصفته موظفاً عمومياً [ كونستابلاً من رجال الضبط القضائى ] قد أخذ مبلغاً من النقود من متهم فى واقعة يباشر ضبطها وتحرير محضرها على سبيل الرشوة ليؤدى عملاً من أعمال وظيفته هو تنفيذ الأمر الخاص بإخلاء سبيله ولتسليمه السيارة المضبوطة وتوجيه إجراءات الضبط فى الدعوى إلى غاية مرسومة – هذا الحكم لا يكون قد أخطأ فى شئ .
( الطعن رقم 1253 سنة 22 ق ، جلسة 2/2/1953 )
لا يؤثر فى قيام أركان جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة و لم يكن الراشى جاداً فيما عرضه على المرتشى متى كان عرضه الرشوة جدياً فى ظاهره وكان الموظف قد قبله على أنه جدى منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشى أو مصلحة غيره .
( الطعن رقم 291 سنة 23 ق ، جلسة 16/6/1953 )
يكفى فى القانون لإدانة الموظف بالرشوة أن يكون له نصيب من العمل المطلوب و أن يكون قد اتجر مع الراشى فى هذا النصيب
( الطعن رقم 291 سنة 23 ق ، جلسة 16/6/1953 )
إن القانون لا يحتم أن يكون تعيين أعمال الوظيفة بمقتضى قانون أو لائحة وليس فى القانون ما يمنع أن يدخل فى أعمال الموظف العمومى كل عمل يرد عليه تكليف صحيح صادر من رئيس مختص .
( الطعن رقم 1065 لسنة 24 ق ، جلسة 2/11/1954 )
يجب فى جرائم الرشوة و الشروع فيها أن يكون الغرض منها أداء الموظف عملاً من أعمال وظيفته ، أو عملاً يزعم الموظف أنه يدخل فى إختصاصه .
( الطعن رقم 276 لسنة 27 ق ، جلسة 15/4/1957 )
إن جريمة الرشوة قد أثمها القانون لكونها صورة من صور اتجار الموظف بوظيفته وإخلاله بواجب الأمانة التى عهد بها إليه ولما كان الراشى هو أحد أطراف هذه الجريمة يساهم فيها بتقديم الرشوة إلى الموظف لكى يقوم أو يمتنع عن القيام بعمل من أعمال وظيفته فإنه لا يصح أن يترتب له حق فى المطالبة بتعويض عن جريمة ساهم هو فى ارتكابها ولا يؤثر فى ذلك ما نص عليه القانون من إعفاء الراشى والمتوسط إذا أخبر السلطات بالجريمة أو أعترف بها . وإذن فالحكم للراشى الذى أعفاه القانون من العقاب بتعويض مدنى وبمبلغ الرشوة الذى قدمه يكون مجانباً للصواب متعيناً نقضه .
( الطعن رقم 434 لسنة 21 ق – جلسة 25/12/1951 )
إن القانون قد نص فى المادة 108 من قانون العقوبات على أن
من رشا موظفاً والموظف الذى يرتشى ومن يتوسط بين الراشى والمرتشى يعاقبون بالسجن ويحكم على كل منهم بغرامة تساوى قيمة ما أعطى أو وعد به ” وإذن فالغرامة الواجب الحكم بها على مقتضى صريح النص هى غرامة نسبية تحدد حسب مقدار ما إستولى عليه كل من المرتشين .
( الطعن رقم 434 لسنة 21 ق – جلسة 25/12/1951 )
لا يوجب القانون على المحكمة أن تشير فى حكمها إلا إلى مادة القانون الذى حكمت بموجبه بعقاب المتهم ، فلا يعيب الحكم عدم إشارته إلى المادة 111 من قانون العقوبات التى أدخلت فى حكم الموظفين العموميين طوائف أخرى .
( الطعن رقم 205 لسنة 29 ق – جلسة 30/3/1959 )
أطلق الشارع فى المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات عبارة النص ولم يقيدها ، فمنح الإعفاء للراشى باعتباره طرفاً فى الجريمة ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط سواء أكان يعمل من جانب الراشى – وهو الغالب – أو يعمل من جانب المرتشى – وهو ما يتصور وقوعه أحياناً وإذ كان الحكم قد ساءل المتهم بوصف كونه مرتشياً ، فإن ما انتهى إليه من عدم تطبيق حكم المادة 107 مكرراً المذكورة عليه – وهى بصريح نصها إنما تقصر الإعفاء على الراشى والوسيط دون غيرهما من أطراف الجريمة – ما انتهى إليه الحكم من إخراج المتهم من نطاق الإعفاء يكون سليماً فى القانون .
( الطعن رقم 360 لسنة 31 ق – جلسة 29/5/1961 )
إذ نص الشارع فى المادة 137 مكرراً ” أ ” من قانون العقوبات على أنه :
يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين كل من استعمل القوة أو العنف أو التهديد مع موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ليحمله بغير حق على أداء عمل من أعمال وظيفته أو على الإمتناع عنه و لم يبلغ مقصده ، فإذا بلغ الجانى مقصده تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين .
وتكون العقوبة السجن فى الحالتين إذا كان الجانى يحمل سلاحاً . وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلى عشر سنين إذا صدر من الجانى ضرب أو جرح نشأ عنه عاهة مستديمة . وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إذا أفضى الضرب أو الجرح المشار إليه فى الفقرة السابقة إلى الموت ” .
فإنه قد أطلق حكمها – دون تخصيص شخص الجانى أو صفته – لينال بالعقاب كل من يقترف الفعل المؤثم ، يستوى أن يكون من الموظفين العامين أو المكلفين بخدمة عامة أو من الأفراد ، إذ العبرة هى بصفة من يقع عليه الفعل دون اعتداد بشخص أو صفة من أتاه .
( الطعن رقم 2075 لسنة 36 ق – جلسة 27/2/1967 )
يستوجب نص المادة 110 من قانون العقوبات لصحة الحكم بالمصادرة أن يكون موضوعها شيئاً دفع ممن يصدق عليه وصف الراشى أو الوسيط .
( الطعن رقم 1146 لسنة 37 ق – جلسة 9/10/1967 )
إن تبرير عدم ضبط مبلغ الرشوة كله مع المتهم بمظنة احتمال احتجازه له فى الصباح قبل حضور المجنى عليه لصرف قيمة الإذن بعد ظهر يوم الحادث – إنما هو من قبيل الاستنتاج المنطقي من وقائع الدعوى و ظروفها مما تملكه محكمة الموضوع بغير معقب .
( الطعن رقم 1146 لسنة 37 ق – جلسة 9/10/1967 )
نص الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات – التى عددت صور الرشوة – على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة ، وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة .
وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائماً أن تجرى على سنن قويم .
وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها ، فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص فإذا تعاطى الموظف جعلاً على هذا الإخلال كان فعله ارتشاء ، ويكون من عرض عليه الجعل لهذا الغرض راشياً مستحقاً للعقاب .
ولا يتغير حكم القانون ولو كان الإخلال بالواجب جريمة فى ذاته وهو ما تؤكده المادة 108 من قانون العقوبات ما دامت الرشوة قد قدمت إلى الموظف كى يقارف تلك الجريمة أثناء تأدية وظيفته وفى دائرة الاختصاص العام لهذه الوظيفة .
[ طعن رقم 477 ، للسنة القضائية 38 ، بجلسة 01/04/1968 ]
إن مفاد نصوص المواد 103 ، 104 ، 105 من قانون العقوبات ، أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على امتناع الموظف عن أداء عمل معين أو للإخلال بواجبات وظيفته ، انطبقت المادة 104 عقوبات ، يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً للامتناع أو الإخلال أو أن يكون العطاء لاحقاً عليه ما دام الامتناع أو الإخلال كان تنفيذاً لاتفاق سابق .
إذ أن نية الاتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة منذ بداية الأمر بدلالة تعمد الإخلال بواجب الوظيفة ، أما إذا أدى الموظف عمله أو امتنع عنه أو أخل بواجبات الوظيفة دون أن يسبقه اتفاق مع الراشى على أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال ، ثم طالب بمكافأته ، انطبقت المادة 105 من قانون العقوبات .
[ طعن رقم 199 ، للسنة القضائية 40 ، بجلسة 16/03/1970 ]
نصت المادة 103 مكرراً من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 120 لسنة 1962 على أنه
يعتبر مرتشياً ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها فى المادة السابقة ” 103 ” كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه .
مما مفاده اشتراط الشارع لأن يكون زعم الموظف باختصاصه بالعمل الذى طلب الجعل أو أخذه لأدائه أو للامتناع عنه صادراً على أساس أن هذا العمل من أعمال وظيفته الحقيقية أما الزعم القائم على انتحال صفة وظيفة منبتة الصلة بالوظيفة التى يشغلها الجانى .
كما هو الحال فى الدعوى المطروحة إذ الوظيفة التى انتحلها المتهم هى وظيفة ملاحظ بالبلدية للإشراف على الاشتراطات الصحية والرخص الخاصة بالمحلات العامة فى حين أن وظيفته الحقيقية هى رئيس كناسين بالمحافظة – فلا تتوافر بهذا الزعم جريمة الرشوة التى نص عليها القانون بل يكون جريمة النصب المعاقب عليها طبقاً للمادة 336 من قانون العقوبات بانتحال الجانى لصفة غير صحيحة .
ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فيما أقام عليه قضاءه فإنه لا يكون قد خالف القانون فى شىء ، ويكون النعى عليه فى غير محله .
[ طعن رقم 160 ، للسنة القضائية 42 ، بجلسة 21/05/1972 ]
لما كان الحكم قد عرض لما تمسك به الدفاع عن الطاعن من أن طلب الرشوة لا محل أو سبب له بعد أن ألغيت المناقصة ورد عليه بقوله : ” أن الثابت من الأوراق أن لجنة البت قررت بجلسة 18 / 9 / 1976 بناء على مذكرة قسم المشتريات الموقع عليها من المدير والمتهم إلغاء المناقصة بالنسبة ” …… ” لقلة العطاءات وإعادة الشراء بطريق الممارسة أمام لجنة البت لإتاحة الفرصة أمام أكبر عدد ممكن .
ومن ثم يكون السبب متحققاً وهو وجود ممارسة لتوريد ” الحصير ” يمكن لأى من الموردين الدخول فيها وتكون الجريمة المنصوص عليها فى المادة 103 مكرراً عقوبات متوافرة الأركان فى حق المتهم وذلك بطلبه وأخذه مبلغ الرشوة لأداء عمل زعم أنه من اختصاصه واتجهت إرادته إلى هذا الطلب وذلك الأخذ وهو يعلم بأن ما أخذه ليس إلا مقابل استغلال وظيفته
لما كان ذلك ، وكان الشارع قد استحدث نص المادة 103 مكرراً من قانون العقوبات بالتعديل المدخل بالقانون رقم 69 لسنة 1953 ” المعدلة أخيراً بالقانون رقم 120 لسنة 1962 ” مستهدفاً به الضرب على أيدى العابثين عن طريق التوسع فى مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذين ألحقهم الشارع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم.
ويكفى لمساءلة الجانى على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذى يطلب الجعل لأدائه يدخل فى أعمال وظيفته ، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيالية وكل ما يطلب فى هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير فى اعتقاد المجنى عليه بهذا الاختصاص المزعوم .
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت واقعة الدعوى فيما سلف بيانه بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المنصوص عليها فى المادة 103 مكرراً من قانون العقوبات التى دان الطاعن بها فإن الحكم يكون صحيحاً فى القانون وخالياً من القصور فى التسبيب .
[ طعن رقم 2309 ، للسنة القضائية 50 ، بجلسة 01/06/1981 ]
لما كان الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات قد نص على ” الأخلال بواجبات الوظيفة ” كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة للموظف أسوه امتناعه عن عمل من أعمال وظيفته أو المكافأة على ما وقع منه ، وجاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد ليتسع مدلوله لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد واجباً من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائماً أن تجرى على سند قويم ، فكل انحراف عن واجب من هذه الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع .
فإذا تعاطى الموظف مقابلاً على هذا الإخلال كان فعله رشوة مستوجبة للعقاب ، وإذن يكون طلب الرشوة على الصورة التى أثبتها الحكم فى حق الطاعن وهو موظف عام وأحد أفراد الحملة المكلفة بضبط المخالفات التموينية – فى سبيل أبداء أقوال جديدة أمام المحكمة غير ما سبق أن أبداه فى شأن واقعة الضبط هو أمر تتأذى منه العدالة وتسقط عنده ذمة الموظف.
وهو إذا وقع منه يكون إخلالاً بواجبات وظيفته التى تفرض عليه أن يكون أميناً فى تقرير ما جرى تحت حسه من وقائع وما بوشر فيها من إجراءات تتخذ أساساً لأثر معين يرتبه القانون عليها وهذا الإخلال بالواجب يندرج بغير شك فى باب الرشوة المعاقب عليها قانوناً متى تقاضى الموظف جعلاً فى مقابله .
[ طعن رقم 2260 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 12/10/1982 ]
من المقرر أن الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات التى عددت صور الرشوة قد نص على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف ، وكل تصرف أو سلوك ينسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائماً أن تجرى على سنن قويم .
وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة من واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث تشمل أمانة الوظيفة ذاتها ، فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة التى عناه الشارع فى النص ، فإذا تعاطى الموظف جعلاً على الإخلال كان فعله ارتشاء ويكون من عرض عليه الجعل لهذا الغرض راشياً مستحقاً للعقاب .
وليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة ، بل يكفى أن يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشى قد أتجر معه على هذا الأساس .
[ طعن رقم 6780 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 12/05/1983 ]
لما كانت الفقرة الثانية من المادة 111 من قانون العقوبات نصت على أنه يعد فى حكم الموظفين العموميين فى تطبيق نصوص هذا الفعل أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء أكانوا منتخبين أو معينين ، مما يوفر فى حق الطاعن أنه فى حكم الموظفين العامين فى مجال جريمة الرشوة ، كما أنه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أو من فى حكمه أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة ، بل يكفى أن يكون له نصيب فيما يسمح بتنفيذ الغرض منها ، وأن يكون من عرض الرشوة قد أتجر معه على هذا الأساس .
[ طعن رقم 5605 ، للسنة القضائية 53 ، بجلسة 02/01/1984 ]
كانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أن
كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به ” كما تنص المادة 105 منه على أن : كل موظف عمومى قبل من شخص أدى له عملاً من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجباتها هدية أو عطية بعد تمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنيه ” .
ومفاد هذين النصين أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء العمل مقابل الجعل انطبقت المادة 103 من قانون العقوبات يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً لأداء العمل أو لاحقاً عليه ما دام أداء العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة منذ البداية ، أما إذا كان أداء العمل – أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة – غير مسبوق بإتفاق بين الراشى والمرتشي فإن العطاء اللاحق فى هذه الحالة تنطبق عليه المادة 105 من قانون العقوبات .
[ طعن رقم 6578 ، للسنة القضائية 53 ، بجلسة 13/03/1984 ]
لا قيام لجريمة عرض الوساطة فى رشوة موظفين عموميين إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما فى جريمة من جرائم الرشوة التى انتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها باب الرشوة بقانون العقوبات مادام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة وفى تحديد الأركان التى يلزم تحققها لقيام أية جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما بعدها من القانون سالف الذكر .
ولهذا فقد لزم لقيام تلك الجريمة أن يأتي الجانى فعله من المهد الأول للرشوة وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل .
ويلزم فوق ذلك أن تكون أرادة الجانى – قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم – إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها بذلك بأنه لو أراد الشارع من التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم لعمد على الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار سنته فى المادة 104 القياس أو التوسع فى التفسير .
لأنه فى مجال التأثيم محظور ، وكان الثابت أن المتهم لم ينصرف قصده البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه ، وأنه إنما قصد الاستئثار بالمبلغ لنفسه ، بما ينفى معه – فى صورة الدعوى – الركن المعنوى للجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات وبالتالى لا يمكن مساءلته استناداً إلى تلك المادة .
[ طعن رقم 3286 ، للسنة القضائية 54 ، بجلسة 21/11/1985 ]
لما كانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أن
كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً ، ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به
كما تنص المادة 105 من القانون ذاته على أن
كل موظف عمومي قبل من شخص أدى له عملاً من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجباتها هدية أو عطية بعد إتمام ذلك العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباته وظيفته بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه “
ومفاد هذه النصوص أنه إذا توافر اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء الموظف لعمل من أعمال وظيفته انطبقت المادة 103 عقوبات يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً أولاً حقاً على أداء العمل مادام أن أداء هذا العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة منذ بداية الأمر .
أما إذا أدى الموظف عمله أو أمتنع عنه أو أخل بواجبات وظيفته دون أن يسبقه اتفاق مع الراشى على أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال ثم طالب بمكافأته انطبقت المادة 105 من قانون العقوبات .
[ طعن رقم 4380 ، للسنة القضائية 57 ، بجلسة 18/02/1988 ]
لما كان النص فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات – التى دين المطعون ضده الثانى ….. بها على أنه : ” من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن و بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية إذا كان الغرض حاصلاً لموظف عام ….. ” .
مؤداه أن الغرامة المقررة هى الغرامة العادية إذ هى محددة بحدين يتعين التزامهما وليست محددة بنسبة الضرر المترتب على الجريمة أو الفائدة التى تحصل عليها الجانى أو كان يأمل الحصول عليها – فهى ليست من قبيل الغرامات النسبية ومن ثم تعين وفقاً للمادة 44 من قانون العقوبات أن يحكم بها على كل متهم دين عن هذه الجريمة .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات رغم وجوب ذلك – بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها على المطعون ضده الثانى ، فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بتغريم المطعون ضده المذكور خمسمائة جنيه بالإضافة إلى العقوبة المقضى بها .
( الطعن رقم 1941 لسنة 58 ق – جلسة 2/2/1989 )
إن نص المادة 110 من قانون العقوبات و إن جرى على أن ” يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشى أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقاً للمواد السابقة . وقد أضيفت هذه المادة إلى قانون العقوبات بمقتضى القانون رقم 69 لسنة 1953 الصادر فى 19 فبراير سنة 1953 و ما جاء فى مذكرتها الإيضاحية تعليقاً عليه ما نصه : ” ونصت المادة 110 من المشروع صراحة على مصادرة ما دفعه الراشى على سبيل الرشوة.
وقد كانت المحاكم تطبق من قبل نص الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التى تجيز بصفة عامة الحكم بمصادرة الأشياء التى تحصلت من الجريمة ” والبين من النص فى صريح لفظه وواضح دلالته ، ومن عبارة المذكرة الإيضاحية أن جزاء المصادرة المنصوص عليه فيه عقوبة ، وهى بهذه المثابة لا توقع إلا فى حق من يثبت عليه أنه قارف الجريمة فاعلاً كان أو شريكاً و لا تتعدى إلى غيره ممن لا شأن له بها .
وأن الشارع افترض توقيع هذه العقوبة على سبيل الوجوب ، بعد أن كان الأمر فيها موكولاً إلى ما هو مقرر فى الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات من جواز الحكم بها اعتبارا بأن الأشياء التى ضبطت على سبيل الرشوة قد تحصلت من الجريمة مع ملاحظة التحفظ الوارد فى ذات الفقرة من عدم المساس بحقوق الغير حسن النية ، وبذلك فإن حكم المادة 110 من قانون العقوبات يجب أن يفهم فى ضوء ما هو مقرر فى الفقرة الأولى من المادة 30 من قانون العقوبات التى توجب كأصل عام حماية حقوق الغير حسن النية .
( الطعن رقم 1941 لسنة 58 ق – جلسة 2/2/1989 )
لما كان نص المادة 110 من قانون العقوبات – آنف الذكر – يوجب لصحة الحكم بالمصادرة أن يكون موضوعها شيئاً دفعه من تصدق عليه صفة الراشى أو الوسيط فى جريمة الرشوة .
( الطعن رقم 1941 لسنة 58 ق – جلسة 2/2/1989 )
إن الشارع إذ نص فى المادة 107م من قانون العقوبات على معاقبة الوسيط بالعقوبة ذاتها المقررة للمرتشى قد أطلق لفظ ” الوسيط ” بما يتعين معه تطبيق النص على كل من يصدق عليه وصف الوسيط فى الرشوة سواء أكان يعمل من جانب الراشى أم من جانب المرتشى ، والقول بغير ذلك فيه تخصيص للنص بغير مخصص وتقيد له بغير مقيد ، وهو ما لا يصح فى أصول التفسير أو التأويل .
( الطعن رقم 4684 لسنة 58 ق – جلسة 2/11/1989 )
من المقرر أنه يشترط فى الاعتراف الذى يؤدى إلى إعفاء الراشى أو الوسيط من العقوبة وفقاً لنص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات أن يكون صادقاً كاملاً يغطى جميع وقائع الرشوة التى أرتكبها الراشى أو الوسيط ، دون نقص أو تحريف ، وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته . فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة ، فلا يمكن أن ينتج الإعفاء أثره .
( الطعن رقم 7389 لسنة 58 ق – جلسة 20/2/1989 )
لما كان المستفاد من نص المادتين 103 ، 103 مكرر من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تعتبر متوافرة الأركان فى حق المتهم وذلك بطلبه وأخذه مبلغ الرشوة لأداء عمل زعم أنه من اختصاصه واتجهت إرادته إلى هذا الطلب وذلك الأخذ وهو يعلم أن ما أخذه ليس إلا مقابل استغلال وظيفته .
لما كان ذلك وكان الشارع قد استهدف بذلك الضرب على يدى العابثين عن طريق التوسع فى مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذين ألحقهم الشارع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم .
ويكفى لمساءلة الجانى على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذى يطلب الجعل لأدائه يدخل فى أعمال وظيفته والزعم المطلق هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيال وكل ما يطلب فى هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير فى اعتقاد المجنى عليه بهذا الاختصاص المزعوم .
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت واقعة الدعوى فيما سلف بيانه بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المنصوص عليها فى المادتين 103 ، 103 مكرر من قانون العقوبات التى دان الطاعن بها وفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة فى رده دفاع الطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ فى القانون ويكون منعاه فى هذا الصدد فى غير محله .
[ طعن رقم 557 ، للسنة القضائية 60 ، بجلسة 21/05/1991 ]
لما كان نص الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات التى عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه أسوة بامتناعه عن عمل أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقة من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم الموظف .
وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجباته أدائها على الوجه الدعوى الذى يكفل لها دائما لما أن تجرى على سند قويم استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة الذى عناه الشارع … فى النص فإذا تقاضى الموظف جعلا عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب الموظف أداوها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وان يكون الراشى قد اتجر معه هذا الأساس .
[ طعن رقم 6506 ، للسنة القضائية 62 ، بجلسة 15/12/1993 ]
من المقرر بحسب المستفاد من نص المادتين 103 – 103 مكررا من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تتحقق من جانب الموظف ومن فى حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة ولو كان حقا كما تتحقق أيضا فى ضمانه ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ انه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذبا بصرف النظر عن اعتقاد الراشى فيما زعم الموظف أو اعتقد هو حينئذ يجمع بين اثمين هما الاحتيال والارتضاء .
ولما كان قيام الموظف فعلا بالعمل الذى اقتضى الرشوة من اجله يتضمن بالضرورة حصول الاعتقاد لديه باختصاصه بما قام به أو زعمه ذلك بالأقل فلا وجه لما أثره الطاعن فى هذا الصدد .
لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه انه لم ينسب للطاعن اعترافا بارتكاب جريمة الرشوة – على خلاف ما يذهب إليه بوجه النعى – وإنما اسند إليه انه اعترف بقيامه بتزوير شهادات التسنين بأن قام بتحرير بياناتها التى قدمها له الطاعن الثالث ووقع عليها بإمضائه بينما قام الطاعن الثانى ببصمها بخاتم شعار الجمهورية وهو ما يسلم به الطاعن فى أسباب طعنه ومن ثم فإن نعيه فى هذا المقام يكون ولا محل له .
[ طعن رقم 6506 ، للسنة القضائية 62 ، بجلسة 20/12/1993 ]
نصت المادة 103 مكررا المعدلة بالقانون رقم 120 سنة 1962 على انه يعتبر مرتشيا ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها فى المادة السابقة كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم انه من أعمال وظيفته أو للامتناع عنه.
ويستفاد من الجمع بين النصين فى ظاهر لفظهما وواضح عبارتهما انه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة – بل يكفى أن يكون له نصيب فيها يسمح من له بتنفيذ الغرض منها .
كما تتحقق أيضا ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ انه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذبا بصرف النظر عن اعتقاد المجنى عليه فيما اعتقد أو زعم ، وكان الزعم بالاختصاص يتوافر ولو لم يفصح عنه الموظف أو يصرح به إذ يكفى مجرد إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل أو بالامتناع عنه الذى لا يدخل فى نطاق اختصاصه لأن ذلك السلوك يفيد ضمنا زعمه ذلك الاختصاص .
[ طعن رقم 9434 ، للسنة القضائية 63 ، بجلسة 08/12/1994 ]
إن الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات قد عدد صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه بامتناعه عن عمل الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقا من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائما أن تجرى على سند قويم .
وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولا عاما أوسع من أعمال الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص .
فإذا تقاضى الموظف جعلا عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشى قد اتجر معه على هذا الأساس ، كما لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو والذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة
( الطعن رقم 20502 لسنة 69 ق – جلسة 16/10/2000 )
لما كان المشرع قد تغيا من الجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً – المطبقة فى الدعوى – تجريم الأفعال التى لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة فى رشوة والتى لا تبلغ حد الاشتراك فى رشوة أو فى شروع فيها والتى لا يؤثمها نص آخر ، وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة و دعاتها ، إلا أنه و قد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله ” كل من عرض أو قبل الوساطة فى رشوة .
فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان فى جريمة من جرائم الرشوة التى انتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات الخاص بالرشوة ، ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة و فى تحديد الأركان التى يلزم تحقيقها لقيام أى جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما يعادلها من هذا القانون .
لما كان ذلك ، فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتي الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة و هو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل.
و يلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى – على هذا الأساس – قد اتجهت فى الحقيقة و ليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها ، ذلك بأنه لو أراد الشارع من التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته ، و ليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم المحظور .
لما كان ذلك ، وكان الدفاع المبدى من الطاعنين و المؤسس على أن قصدهما لم ينصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه فى شأنه لو صح أن يؤدى إلى انتفاء القصد الجنائى للجريمة . وكان الحكم المطعون فيه لم يقسط هذا الدفاع الجوهرى حقه فى البحث فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم ، مما يعيبه و يوجب نقضه والإحالة.
( الطعن رقم 1770 لسنة 53 ق ، جلسة 29/11/1983 )
لما كانت الفقرة الثانية من المادة 111 من قانون العقوبات نصت على أنه يعد فى حكم الموظفين العموميين فى تطبيق نصوص هذا الفعل أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء أكانوا منتخبين أو معينين ، مما يوفر فى حق الطاعن أنه فى حكم الموظفين العامين فى مجال جريمة الرشوة ، كما أنه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أو من فى حكمه أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة ، بل يكفى أن يكون له نصيب فيما يسمح بتنفيذ الغرض منها ، وأن يكون من عرض الرشوة قد أتجر معه على هذا الأساس .
( الطعن رقم 5605 لسنة 53 ق ، جلسة 2/1/1984 )
لا يهم لأجل أن يعد الموظف مرتشياً أن يكون الراشى جاداً فى عرضه ، بل المهم أن يكون العرض جدياً فى ظاهره وقبله الموظف على هذا الاعتبار منتوياً العبث بأعمال وظيفته بناء عليه . ذلك بأن العلة التى شرع العقاب من أجلها تتحقق بالنسبة إلى الموظف بهذا القبول منه ، لأنه يكون قد اتجر فعلاً بوظيفته وتكون مصلحة الجماعة قد هددت فعلاً بالضرر الناشئ من العبث بالوظيفة .
( الطعن رقم 141 لسنة 16 ق ، جلسة 4 /2/1946)
ما دام الغرض الذى من أجله قبل الموظف ” كونستابل ” المال هو عدم تحرير محضر لمن قدم إليه المال ، وما دام تحرير مثل هذا المحضر يدخل فى إختصاص هذا الموظف ، فإنه يكون مرتشياً و لو لم يكن هناك أى موجب لتحرير المحضر الذى دفع المال لعدم تحريره .
( الطعن رقم 1461 لسنة 17 ق ، جلسة 20/1/1948 )
يجب فى الرشوة و فى الشروع فيها أن يكون الغرض منها أداء الموظف عملاً من أعمال وظيفته أو الامتناع عن عمل من هذه الأعمال ، فإذا كان الواضح من الحكم أن دفع النقود من المتهم إنما كان ليتنازل المبلغ عن البلاغ بعد بدء التحقيق فيه بمخفر البوليس ، مما لا دخل فيه لوظيفة العسكرى الذى قدمت إليه ، فإن إدانة المتهم فى جريمة الشروع فى الرشوة تكون خطأ إذ لا جريمة فى ذلك .
( الطعن رقم 1665 لسنة 17 ق ، جلسة 8/12/1947)
إن تقديم مبلغ لموظف لعمل من أعمال وظيفته هو رشوة . ولا يؤثر فى ذلك أن يكون تقديمه بناءً على طلب الموظف أو أن يكون قد تم الاتفاق على ذلك فى تاريخ سابق ، أو أن يكون الراشى غير جاد فى عرضه ما دام المرتشى كان جاداً فى قبوله .
وضبط الراشى حال تقديمه المبلغ للموظف هو كشف لجريمة الرشوة وقت ارتكابها فيباح لرجل الضبطية القضائية أن يقبض على المتهم و يفتشه ، ولا يقدح فى ذلك أن تكون النيابة قد سبق لها قبل تقديم مبلغ الرشوة أن رفضت الإذن فى التفتيش لعدم تعيين المراد تفتيشه .
( الطعن رقم 698 لسنة 18 ق ، جلسة 1 /6/1948)
إن اختصاص الموظف بالعمل الذى دفع الجعل مقابلاً لأدائه سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ، ركن فى جريمة الرشوة التى تنسب إليه ، ومن ثم يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره ، وخاصة عند المنازعة فيه ، دون الاجتراء فى الرد بتقريرات قانونية عامة مجردة عن الاختصاص الحقيقى والمزعوم لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم فى شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ، ولا يتحقق بها ما يجب فى التسبيب من وضوح البيان ، مما يجعل الحكم قاصر البيان متعيناً نقضه .
( الطعن رقم 1523 لسنة 39 ق ، جلسة 17/11/1969 )
تنصيب الطاعن – وهو موظف فى وزارة الصناعة – نائباً للحارس على الشركة ” الموضوعة تحت الحراسة الإدارية ” بتكليف ممن يملكه للسهر على نشاط الشركة وإخضاعها لرقابة الدولة المباشرة يعد تكليفاً بخدمة عامة ويعتبر كالموظفين فى حكم الرشوة عملاً بالفقرة الخامسة من المادة 111 من قانون العقوبات المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 69 لسنة 1953 .
( الطعن رقم 219 لسنة 31 ق ، جلسة 16/5/1961 )
إن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله سواء كان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه حقاً أو غير حق ولا يستطيع الموظف أو لا ينتوى القيام به لمخالفته لأحكام القانون لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركناً فى الجريمة .
ولأن الشارع سوى فى نطاق جريمة الرشوة بما أسنه فى نصوصه التى استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التى تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقا للعقاب حين يتجر فى أعمال وأن الشارع على أساس موهوم منه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين اثنين هما الاحتيال والارتشاء .
( الطعن رقم 2308 لسنة 54 ق ، جلسة 3/1/1985 )
من المقرر أنه لا يؤثر فى قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها ولا يشترط لقيامها أن يكون المجنى عليه جاداً فى قبولها إذ يكفى لقيامها مجرد عرض المتهم الرشوة ولو لم يقبل منه متى كان العرض حاصلاً لموظف عمومي أو من فى حكمه .
( الطعن رقم 2358 لسنة 54 ق ، جلسة 24/1/1985 )
من المقرر أنه ليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشى قد أتجر معه على هذا الأساس .
( الطعن رقم 2358 لسنة 54 ق ، جلسة 24/1/1985 )
لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أثار فى دفاعه أن الموظف الذى قبل بعرض الرشوة عليه غير مختص بختم تصاريح العمل وأن الخاتم ليس فى عهدته ، وكان من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذى طلب إليه أداؤه ، أياً كان نصيبه فيه ، ركن فى الجريمة عرض الرشوة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات مما يتعين إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه ، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعرض البته لما أثاره الطاعن فى دفاع فى هذا الشأن ، يكون معيباً بما يبطله
( الطعن رقم 2584 لسنة 55 ق ، جلسة 20/11/1985 )
نص الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات التى عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائماً أن تجرى على سند قويم.
وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص .
فإذا تقاضى الموظف جعلاً عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخله فى نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة و أن يكون الراشى قد أتجر معه على هذا الأساس .
كما لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرتشي أو الذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة
( الطعن رقم 2696 لسنة 55 ق ، جلسة 19/12/1985 )
ختاما: