انهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر في القانون المدني: 601، 602

تعرف في هذا المقال على مدى جواز انهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر وفقًا للقانون المدني المصري، مع شرح المادتين 601 و 602 بشأن آثار وفاة المستأجر على عقود الإيجار السكنية والتجارية والصناعية والحرفية والمهنية، وهل ينتهي العقد أم لا.

من خلال بحث انهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر في القانون المدني، سوف نتعرف علي انتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر، والاجابة القانونية على تساؤل، هل ينتهي عقد الإيجار السكني والتجاري والصناعي والحرفي والمهني بالوفاة.

انهاء عقد الإيجار بسبب وفاة المستأجر في القانون المدني

  • نتناول مدى جواز فسخ عقد الايجار قانون جديد، أو قانون استثنائي، قبل انتهاء المدة المثبتة به لوفاة المؤجر أو المستأجر.
  • سواء، كان الايجار بغرض السكن أو لحرفة و نشاط تجارى أو صناعي أو مهني ، أو حرفي .
  • كما، نتطرق الى الاستثناءات.
  • مع بيان من عينه المشرع بنص القانون لطلب انهاء عقد الايجار بالوفاة، ورثة المؤجر أم ورثة المستأجر حسب شخص المتوفى
  • أيضا، نتناول النصوص القانونية المعنية بهذا الموضوع القانونى، المادتين 601 ، 602 مدنى بالشرح مع أحكام النقض.

حالات انهاء عقد الإيجار من قبل الورثة

تنص المادة 601 من القانون المدنى على

  1. لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر.
  2. ومع ذلك إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد إذا أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم، أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم.
  3. وفى هذه الحالة يجب أن تراعى مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة في المادة 563، وأن يكون طلب إنهاء العقد في مدة ستة أشهر على الأكثر من وقت موت المستأجر.

انهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر

موت المستأجر والمؤجر قبل انتهاء المدة المعينة للإيجار في المذكرة الايضاحية للمادة 601 مدنى

  • وفاة المؤجر أو المستأجر، الأصل أن لا ينتهي بموت المؤجر ولا بموت المستأجر.
  • فإذا مات المؤجر بقي المستأجر يؤدى الأجرة لورثته.
  • وإذا مات المستأجر كان علي ورثته أن يؤدوا الأجرة للمؤجر في حدود التركة التي ورثوها من المستأجر.
إلا أن موت المستأجر قد ينهي عقد الإيجار في حالتين
  • (أ) إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبار شخصي في المستأجر ، كما إذا أجرت العين لتكون مكتب لمحام أو عيادة لطبيب وكما في عقد المزارعة.

فيجوز لورثة المستأجر ( كما في مكتب المحامي و عيادة الطبيب ) ويجوز للمؤجر نفسه ( كما في عقد المزارعة ) أن يطلبوا إنهاء العقد .

( والأولي أن يكون ذلك بعد التنبيه بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 761).

وهذا الحكم في المشروع (مادة 804 فقرة أولي و مادة 805) يتفق مع حكم التقنين الحالي ( مادة 391 / 478)

  • (ب) إذا لم يلحظ في الإيجار إعتبارات شخصية في المستأجر ومع ذلك أثبتت الورثة بعد موته أن العقد مرهق لهم أو أنه مجاوز لحدود حاجتهم .

كما إذا كان المورث قد استأجر منزلا بأجرة عالية نظراً لمكانته الاجتماعية ثم مات فلم يبق للورثة حاجة للمنزل ولا طاقة بدفع أجرته بعد أن انقطع عنهم كسب مورثهم.

لاسيما، إذا كانت الأجرة تستنفذ جزءا كبيرا مما ورثوه. لذلك أجاز المشرع. وهو مجدد في هذه المسألة .

للورثة أن يطلبوا إنهاء العقد بشرطين :

الشرط الأول: أن يكون هذا الطلب في مدة ستة أشهر من موت المستأجر.

الشرط الثاني: مراعاة مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة في المادة 761 من المشرع.

يراجع الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء – 582

آراء فقهاء القانون حول وفاة المؤجر أو المستأجر وانهاء عقد الإيجار

الأصل أن موت أحد المتعاقدين في عقد الإيجار لا ينهي العقد، بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة إلي الورثة .

ذلك أن عقد الإيجار لا يبرم عادة لإعتبارات شخصية، بخلاف  عقد الشركة  وعقد الوكالة مثلاً.

فيبقي بعد موت أحد المتعاقدين أو كليهما إلي أن ينتهي.

فلا ينقضي الإيجار إذن بموت المؤجر، ويبقي المستأجر ملتزماً نحو الورثة، ويؤدي الأجرة لهم، وتنقسم الأجرة علي الورثة كل بمقدار نصيبة في  الميراث   .

إلا إذا كان تضامنهم مشروطا، وكذلك الأمر في الحقوق الأخري القابلة للانقسام كالتعويض بسبب الحريق .

ويصبح الورثة ملتزمين بجميع إلتزامات المؤجر، في حدود التركة.

وينقسم منها عليهم ما هو قابل للانقسام كل بمقدار نصيبة في الميراث كالتعويض الناشئ عن الضمان .

ويبقي غير منقسم ما هو غير قابل للإنقسام ، كالإلزام بالتسليم والالتزام بضمان التعرض.

كذلك، لا ينتهي الإيجار كقاعدة عامة بموت المستأجر، ويكون ورثته ملتزمين نحو المؤجر ويؤدي له الأجرة ويؤدون له الأجرة في حدود التركة، وتنقسم الأجرة عليهم كل بمقدار نصيبه في الميراث .

إلا إذا كان تضامنهم مشروطا. وكذلك الأمر في الإلتزامات الأخري القابلة للإنقسام كالتعويض عن لا حريق .

وللورثة تقاضي حقوق المستأجر من المؤجر كل بمقدار نصيبه في  الميراث إلا فيما هو غير قابل للإنقسام .

ويلاحظ أنه يكفي أن يكون مرهقا للورثة ، أو أنه يجاوز حدود حاجتهم حتي يجوز لهم طلب إنهاء العقد ، ويقع عليهم عبء الإثبات.

كيف يستطيع الورثة  انهاء عقد الإيجار .

شروط انهاء الورثة لعقد الإيجار

حتي يستطيع الورثة إنهاء العقد يجب عليهم أن يقوموا بأمرين:.

الأمر الأول: أن يطلبوا إلي المؤجر انهاء عقد الإيجار  في ستة أشهر علي الأكثر من وقت موت المستأجر

هذه المدة أعطاها لقانون للورثة ليتدبروا أمرهم فيها .

فإذا جاوزوها ولم يطلبوا إنهاء العقد بقي العقد قائما إلي إنتهاء مدته، وانتقلت إليهم حقوق المستأجر والتزاماته، وإذا إخطار بعض الورثة إنهاء العقد دون بعض .

فالظاهر أن العقد ينتهي بالنسبة لمن اختار إنهاءه، ويبقي بالنسبة إلي الباقين وللمؤجر في هذه الحالة أن يطلب  فسخ الإيجار  إذا لم يرض بهذه التجزئة .

كما يجوز لباقي الورثة أن يبرموا عقد إيجار جديد مع المؤجر يتناول كل العين أو بعضها علي الوجه الذي يتفقون عليه.

الأمر الثاني: أن ينبهوا علي المؤجر بالإخلاء في المواعيد المبينة في المادة 563 مدني

ويستوي في ذلك أن يكون الإيجار معين المدة أو غير معين المدة وهذه الحالة ليست إلا تطبيقا لمبدأ إنهاء الإيجار بالعذر الطارئ.

فقد أصبح الإيجار بعد موت المستأجر مرهقا للورثة أو زائدا علي حاجتهم وهذا ضرب من الارهاق .

فجاز لهم إنهاؤه في ميعاد معين بعد التنبيه بالإخلاء في الميعاد القانوني.

ولكن في الحالة التي نحن بصددها يعتد بالعذر الطارئ حتي لو كان الإيجار غير معين المدة ولا محل لدفع تعويض عادل.

حين أن في القواعد العام لا يعتد بالعذر الطارئ إلا إذا كان الإيجار معين المدة ولابد من دفع تعويض عادل.

الوسيط – 6 – مجلد 1 – للدكتور السنهوري – ص 868 وما بعدها

الحالة الاستثنائية لإنهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر

يجرى نص المادة 602 من القانون المدنى على انه:

إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لإعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات ، جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد.

تأثير طبيعة حرفة المستأجر على استمرار عقد الإيجار

إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لإعتبارات أخري تتعلق بشخصه. فإذا أوجر مكان ليكون مكتباً لمحام أو عيادة لطبيب أو مخزنا للأدوية أو مرسما لفنان .

فإن الإيجار هنا لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر .

فإن مات هذا لم يجز للمؤجر أن يطالب الورثة بالبقاء في العين المؤجرة، لأن مباشرة مهنة المورث تقتضي كفاية فنية قد لا تتوافر فيهم .

فيجوز لهم أن يطلبوا إنهاء الإيجار قبل إنقضاء مدته، ويعلنون طلبهم هذا للمؤجر، دون حاجة إلي ميعاد للتنبيه بالإخلاء.

ولكن قد يري القاضي إعطاء المؤجر مهلة معقولة قبل إنهاء الإيجار ، ليتمكن من العثور علي مستأجر جديد.

وإذا كان من بين الورثة من له حرفه المورث، ويريد الإستمرار في مزاولة الحرفة في المكان المؤجر فإن ذلك يكون بعقد إيجار جديد بينه وبين المؤجر علي أن إنهاء الإيجار في هذه الحالة هو رخصة للورثة .

فلهم ألا يستعملوا هذه الرخصة، وأن يتمسكوا بالعقد إلي نهاية مدته.

وعلي العكس مما تقدم، إذا كان المؤجر لم يؤجر العين للمستأجر إلا لاعتبار خاص به، كما في  المزارعة ، أو كما في إيجار أرض لمهندس زراعي ماهر يقوم بإصلاحها ومات المستأجر .

فالمؤجر هو الذي يجوز له إنهاء الإيجار بإعلان لورثه المستأجر، وبعد إعطائهم مهلة معقولة إذا رأي القاضي ذلك.

يجوز للورثة أيضا أن يطلبوا إنهاء الإيجار إذا لم تتوافر فيهم المهارة المطلوبة.

الوسيط – 6 – مجلد 1 للدكتور السنهوري ص 871

أحكام محكمة النقض بشأن انهاء عقد الإيجار بسبب الوفاة

وفاة المستأجر الأصلي والممتد لهم عقد الايجار. بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ محمد جلال عبد العظيم “نائب رئيس المحكمة” والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن:

المطعون ضدهم من الأول للرابع أقاموا الدعوى رقم 1939 لسنة 2003 أمام محكمة شمال القاهرة على الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم :

بانتهاء عقدي الإيجار المؤرخين 1/7/1944، 1/7/1950 وتسليم العين المبينة بالصحيفة .

وقالوا بيانا لها :

إنه بموجب العقدين المشار لهما استأجر مورث المدعى عليهن ـ الطاعنة وباقي المطعون ضدهم ـ العقار محل النزاع لاستعماله فندقا، وبعد وفاته امتد العقد لأولاده الذين انفردوا باستعمال العين .

وإذ توفوا جميعا فإن العقد يكون قد انتهى عملا بالقانون رقم 6 لسنة 1997 ، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى.

ندبت المحكمة  خبيرا   وبعد أن أودع تقريره أجابت المطعون ضدهم الأربعة الأول لطلباتهم .

استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 723 لسنة 12 ق لدى محكمة استئناف القاهرة.

وبتاريخ 6/5/2009 قضت بتأييد الحكم المستأنف.

طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم .

وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة ـ في غرفة مشورة ـ حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب .

وبيانا لذلك تقول، إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع أن والدها المستأجر الأصلي توفى بتاريخ 28/6/1966.

بما مؤداه  امتداد   عقدي الإيجار لها ولباقي الورثة وفق أحكام القانون المدني.

غير أن الحكم المطعون فيه قضى بانتهاء عقد الإيجار لامتداده أكثر من مرة إعمالا للقانون رقم 6 لسنة 1997 مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله

ذلك أن النص في المادتين 601، 602 من القانون المدني يدل ـ على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ على أن الأصل هو أن الإيجار لا ينتهي بموت المستأجر وأن الحقوق الناشئة عن العقد والالتزامات المترتبة عليه تنتقل إلى ورثته .

وإن كان يحق لهم طلب إنهائه إذا كان لم يعقد إلا بسبب حرفة مورثهم أو لاعتبارات أخرى متعلقة بشخصه.

إذ قد يكون في استمرار الإيجار رغم عدم توافر القدرة لدى ورثته على استغلال الشيء المؤجر فيما أجر لتحقيقه من أغراض إعنات لهم رأى المشرع إعفاءهم منه.

لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ـ وبما لا خلاف عليه بين الطرفين أن المستأجر الأصلي لعين التداعي توفى بتاريخ 28/6/1966 قبل صدور القانون رقم 52 لسنة 1969 .

ومن ثم فإن الذي يحكم واقعة امتداد عقدي إيجار عين التداعي للطاعنة هو القانون السابق عليه والساري وقتئذ وهو القانون رقم 121 لسنة 1947 مكملا بأحكام القانون المدني.

ولما كان هذا القانون قد خلا من إيراد نص ينظم ذلك فإن القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني تكون هي التي تحكم واقعة النزاع.

ومنها ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 601 من أن الإيجار لا ينتهي بموت المستأجر .

مما مفاده أن حق الإيجار يورث عن المستأجر فيحل ورثته محله في حقوقه والتزاماته الناشئة عن العقد وهو ما يترتب عليه امتداد العقد للطاعنة باعتبارها من ورثة المستأجر الأصلي.

وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بانتهاء عقدي الإيجار سند الدعوى تأسيسا على أن امتدادهما أكثر من مرة عملا للقانون رقم 6 لسنة 1997 ملتفتا عن دفاع الطاعنة الوارد في سبب النعي.

فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

وحيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم الأربع الأول المصروفات ومبلغ مائتي جنيه أتعابا للمحاماة.

وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 723 لسنة 12 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وألزمت المستأنف ضدهم الأربعة الأول المصروفات عن الدرجتين ومبلغ مائة وخمسة وسبعين جنيها أتعابا للمحاماة.

الطعن رقم 11026 – لسنة 79 ق – تاريخ الجلسة 1/6/2011

إذا كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهما لا يماريان في أن مورثهما شغل عين النزاع بمناسبة عمله لدي الشركة الطاعنة

وأنه ظل شاغلاً لها بعد إحالته إلي المعاش وحتى وفاته تنفيذا لقرارات إدارية بامتداد الإقامة بها لحين تدبير مسكن آخر من تلك المساكن التي تقيمها الدولة أو المحافظات أو شركات القطاع العام .

وأن إقامتهما بعين النزاع مع والدهما ومن بعد وفاته قد إستمرت لتعذر تدبير مسكن آخر لهما.

وإذ كانت تلك التعليمات الإدارية تتعارض مع أحكام التشريع الأعلى ولا تخول المطعون ضدها الحق في رفض إخلاء عين النزاع باعتبارها من المساكن الملحقة بأماكن العمل .

فلا يحق للمنتفع بها التمسك بالحماية التي أسبغها المشرع في  قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية  علي مستأجري هذه الأماكن بعد انتهاء علاقة العمل عملاً بصريح نص المادة 2 / 1 من القانون 49 لسنة 1977 الواجبة الإعمال دون تلك التعليمات.

لأنها لا تملك إلغاءه أو تعديله أو تعطيل أحكامه أو الإعفاء منها.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً.

طعن رقم 1649 – لسنــة 67 ق – تاريخ الجلسة 2/06/2005

النص فى المادتين 601 ، 602 من القانون المدنى يدل ــ وعلى ما جرى به قضاء  محكمة النقض  ــ على أن المشرع جعل القاعدة هى أن موت أحد المتعاقدين فى عقود الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة.

أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية فإذا لم يعقد الإيجار خلافاً للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر أو إذا كان الإيجار لم يبرم إلا لإعتبارات شخصية .

فإن الإيجار لا ينتهى بقوة القانون بل يجب أن يطلب إنهاؤه .

ولئن كان ظاهر نص المادة 602 سالفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر و ورثة المستأجر المتوفى فى الحالتين المنصوص عليهما فيه.

إلا أنه استهداء بالحكمة التى أملته فإن طلب الإخلاء مخول لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر .

لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقتضى كفاية قد لا تتوافر فيهم بخلاف الحالة التى يراعى فى إبرام الايجار إعتبارات متعلقة بشخص المستأجر.

فإنه يجوز  طلب الإخلاء  لكل من المؤجر و ورثة المستأجر على حد سواء يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 602 من أنه:

إذا كان الايجار قد عقد لاعتبارات شخصية فى شخص المستأجر …. فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد .

وإذ كان إيجار الجراج لا يدخل فى عداد الأنشطة التى عددتها المادة 2/29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فتخضع عقود إيجار تلك الأماكن بحسب الأصل لحكم المادة 601 من القانون المدنى .

فلا تنتهى بوفاة المستأجر إلا إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات خاصة بشخص المستأجر .

ويجب على المؤجر فى طلبه إنهاء الإيجار لوفاة المستأجر أن يقيم الدليل على أن العقد إنما حرر لاعتبارات متعلقة بشخص المستأجر.

وأن إستمرار الوراثة فى إستعمال العين يفوت على المؤجر مصلحة كانت هى الدافع له على التعاقد .

الطعن رقم 2529 – لسنــة 60 ق – تاريخ الجلسة 23/11/1997 – مكتب فني 48 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 1291

عقد الإيجار عدم انتهائه كأصل بوافة المستأجر .

للورثة دون المؤجر الحق في إنهائه متى أبرم بسبب حرفة المستأجر .

إبرام العقد لإعتبارات متعلقة بشخص المستأجر .

أثره، للمؤجر ولورثة المستأجر الحق في طلب إنهائه .المادتان 601 ، 602 مدني.

علة ذلك، مؤداه،  العقود المبرمة لغير أغراض السكنى  غير الداخلة في عداد النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني أو الحرفي.

عدم انتهائها بوفاة المستأجر وانتقال الحق في الإيجار لورثته . مادة 601 مدني.

لا يحق لهم إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار إعمالاً لحكم المادة 29 / 3 قانون 49 لسنة 1977 .

طعن 670 لسنة 55 ق – جلسة 28/3/1994

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن:

المدعية وأخريات كن قد أقمن الدعوى رقم 18012 لسنة 1981 إيجارات كلى جنوب القاهرة ضد المدعى عليهن الأخيرات، ابتغاء القضاء بإخلاء المحل الكائن أسفل العقار رقم 62 شارع محمد فريد قسم عابدين .

قولا منهن إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/1/1947 استأجر مورث المدعى عليهن المحل المشار إليه من مالكه السابق.

وذلك لاستعماله فى حرفة النجارة التى يزاولها، وقد أحيل العقد إلي المدعية وشريكاتها بصفتهن المالكات الحاليات للعقار.

وإذ توفى المستأجر فقد انتهى عقد إيجار المحل ومن ثم فقد أقمن دعواهن الموضوعية بطلب إخلائه منهن.

وبجلسة 4/5/1995 المحددة لنظر الدعوى الموضوعية  دفعت المدعية بعدم دستورية  المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت للمدعية باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية،

فقد أقامت الدعوى الماثلة.

وحيث إن ولاية المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية وعلى ماجرى به قضاؤها لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة فى قانونها.

وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى للفصل فى المسألة الدستورية.

وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعى، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه .

وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلا جوهريا فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها.

إذ كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم، أن المدعية قصرت دفعها بعدم الدستورية على المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه.

فإن دعواها الدستورية لا تكون مقبولة بالنسبة إلى المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 لعدم اتصالها فى هذا الشق بالمحكمة اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة قانونا .

وحيث إن المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبعد العمل بأحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة فى الطعون أرقام 6 لسنة 9 قضائية، 4 لسنة 15 قضائية، 3 لسنة 18 قضائية دستورية أصبحت تقرأ كما يأتى :

“مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون؛ لا ينتهى عقد إيجار المسكن لوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقى فيها زوجته أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.

وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسبا حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم فى المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر؛ أو مدة شغلة للمسكن أيتهما أقل .

فإذا كانت  العين مؤجرة لمزاولة نشاط  تجارى أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهى العقد بوفاة المستأجر ويستمر لصالح ورثته.

وفى جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم الحق فى الاستمرار فى شغل العين ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد”.

وحيث إن المدعية تنعى على هذا النص مخالفته أحكام المواد 2، 7، 32، 34 من الدستور، قولا منها بمخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية – وهى المصدر الرئيسى للتشريع – فضلا عن إهداره حق الملكية، وإخلاله بمبدأ التضامن الاجتماعى .

وحيث إن البين من مضابط جلسات مجلس الشعب إبان الفصل التشريعى الثانى – دور الانعقاد الأول – بدءاً بمضبطة الجلسة الرابعة والستين، وانتهاءً بمضبطة الجلسة الخامسة والثمانين .

أن نص المادة 29 فقرة ثانية، ومايرتبط به من فقرتها الثالثة، لم يكن واردا أصلا لا فى المشروع المقدم من الحكومة، ولا فى المشروع الذى ارتأته لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بالمجلس.

وأن المناقشة الأولى للنص التى تمت بالجلسة المعقودة فى 30 من يوليو سنة 1975، قد أسفرت عن إضافة فقرة أخيرة إلى المادة 31 من المشروع – التى أصبحت المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 – تنص على أنه:

إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة حرفة أو مهنة، فإن العقد لا ينتهى بوفاة المستأجر إذا ما بقى يزاول فيها نفس الحرفة أو المهنة زوجته أو أحد أولاده الذين تتوافر فيه شروط المزاولة .

بيد أن النص أفرغ عند المناقشة النهائية فى الصيغة التى صدر بها، دالا بمنطوقه على عدم انتهاء عقد إيجار العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفى بوفاة مستأجرها، بل بقاء ذلك العقد مستمراً لصالح ورثته.

مستحدثا بذلك حكما لم تسبق إليه التشريعات المنظمة لإيجار الأماكن الصادرة قبل العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977، ونابذا – فى الوقت ذاته – ماجرت به المادة 602 من القانون المدنى التى تنص على أنه :

إذا مات المستأجر، جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلبوا إنهاء عقد الإيجار قبل انقضاء مدته إذا كان لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه.

وهو ما يعنى أن موت المستأجر يعتبر وفقا لنص المادة 602 من القانون المدنى، عذرا طارئا يسوغ إنهاء الإيجار على النحو المتقدم وليس لوارث أن يعقبه فيها، ولو كانت له حرفة المورث.

بل يتعين إذا أراد الاستمرار فى مزاولتها فى المكان المؤجر، أن يكون ذلك بعقد إيجار جديد بينه وبين المؤجر.

وحيث إن النص المطعون فيه، قد جاوز نطاق هذه القواعد؛ إذ اعتبر عقد الإيجار ممتدا بقوة القانون، لصالح ورثة مستأجر العين المؤجرة لغير أغراض السكنى على إطلاقهم.

ولو كانوا جميعا لايباشرون الحرفة أو المهنة التجارية التى قام عليها المستأجر، أو كان من يزاولها نائبا عنهم فى ممارستها .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الرقابة على الشرعية الدستورية تتناول – بين ما تشتمل عليه – الحقوق التى كفلها الدستور، وأخل بها النص المطعون فيه؛ سواء أكان هذا الإخلال مقصودا ابتداءً؛ أم كان قد وقع عرضا.

وحيث إن من المقرر قانوناً – وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة – أن:

حق الملكية – وباعتباره منصرفاً محلاً إلى الحقوق العينية والشخصية جميعها.

وكذلك إلى حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية نافذ فى مواجهة الكافة ليختص صاحبها دون غيره بالأموال التى يملكها وتهيئة الانتفاع المفيد بها لتعود إليه ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها.

وكان صون حرمتها مؤداه ألا تزول الملكية عن ذويها بانقطاعهم عن استعمالها. ولا أن يجردها المشرع من لوازمها، أو يفصل عنها بعض الأجزاء التى تكونها.

ولا أن ينال من أصلها أو يعدل من طبيعتها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية.

ولا أن يتذرع بتنظيمها إلى حد هدم الشىء محلها .

ذلك أن إسقاط الملكية عن أصحابها – سواء بطريق مباشر أو غير مباشر – عدوان عليها يناقض ما هو مقرر قانونا من أن الملكية لا تزول عن الأموال محلها، إلا إذا كسبها أغيار وفقاً للقانون .

وحيث إن السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق، لازمها أن يفاضل بين بدائل متعددة مرجحاً من بينها ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة التى قصد إلى حمايتها .

إلا أن الحدود التى يبلغها هذا التنظيم لا يجوز بحال أن ينفلت مداها إلى ما يعد أخذاً للملكية من أصحابها.

سواء من خلال العدوان عليها بما يفقدها قيمتها، أو عن طريق اقتحامها ماديا . بل أن اقتلاع المزايا التى تنتجها، أو تهميشها مؤداه سيطرة آخرين فعلا عليها، أو تعطيل بعض جوانبها .

وحيث إن المشرع ، وإن قرر فى مجال تنظيم العلائق الإيجارية، من النصوص القانونية ما ارتآه كافلا للتوازن بين أطرافها، إلا أن هذا التوازن لا يجوز أن يكون صوريا أو منتحلا .

وكلما كان هذا التنظيم متحفيا، بأن مال بالميزان في اتجاه أحد أطرافها تعظيما للحقوق التى يدعيها أو يطلبها، كان ذلك انحرافا عن إطارها الحق، أو نكولا عن ضوابط ممارستها، فلا يستقيم بنيانها .

ويقع ذلك بوجه خاص إذا كان تنظيم المشرع للحق فى استعمال الشئ – وهو أحد عناصر حق الملكية – مدخلا لإفقار مالكه، وإثراء لغيره على حسابه .

وحيث إنه فضلا عما تقدم، لا يجوز أن يحصل المستأجر من خلال الإجارة، علي حقوق لا يسوغها مركزه القانونى فى مواجهة المؤجر، والأحض تقريرها على الانتهاز، وكان قرين الاستغلال.

إذ ليس من المتصور أن يكون مغبون الأمس – وهو المستأجر – غابنا، ولا أن يكون تدخل المشرع شططا قلبا لموازين الحق والعدل.

فلا تتوافق – فى إطار العلائق الإيجارية – مصالح طرفيها اقتصاديا، بل يختل التضامن بينهما اجتماعيا، ليكون صراعهما بديلا عن التعاون بينهما .

كذلك لا يجوز أن يتحول حق المستأجر فى استعمال العين – وهو حق مصدره العقد دائما حتي مع قيام التنظيم الخاص للعلائق الإيجارية وتحديد أبعادها بقوانين استثنائية – إلى نوع من السلطة الفعلية يسلطها المستأجر مباشرة على الشئ المؤجر.

مستخلصا منه فوائده دون تدخل من المؤجر. إذ لو جاز ذلك، لخرج هذا الحق من إطار الحقوق الشخصية، وصار مشبها بالحقوق العينية.

ملتئما مع ملامحها .وهو ما يناقض خصائص الإجارة باعتبار أن طرفيها -وطوال مدتها- على اتصال دائم مما اقتضى ضبطها تحديداً لحقوقهما وواجباتهما، فلا يتسلط أغيار عليها انتهازا وإضرارا بحقوق مؤجرها، متدثرين فى ذلك بعباءة القانون .

ولأنها -فوق هذا- لا تقع على ملكية الشىء المؤجر، بل تنصب على منفعة يدرها، مقصودة فى ذاتها، ومعلومة من خلال تعيينها، ولمدة طابعها التأقيت مهما استطال أمدها .

وحيث إن الحق فى الإجارة لصيق أصلا بشخص المستأجر؛ ومقارن للغرض من الإجارة كلما كانت العين مؤجرة لاعتبار يتعلق بطبيعة الأعمال التى يزاولها المستأجر .

ومن ثم كان ينبغى أن يعتبر هذا الحق منقضيا بوفاته، وأن يتوافر بها حق مؤجر العين فى تسلمها بعد انقطاع صلة هذا المستأجر بها.

إلا أن المشرع آثر -بالنص المطعون فيه – أن ينقل منفعتها إلى ورثته جملة، ودون قيد .

وحيث إن مؤدى النص المطعون فيه، أنه إذا كان مستأجر العين الأصلى يباشر فيها نشاطا تجاريا أم حرفيا.

فإن العقد بعد وفاته يمتد امتدادا قانونيا إلى ورثته جميعهم، سواء أكان هؤلاء يباشرون فى هذا المكان المهنة أو الحرفة ذاتها التى قام عليها مورثهم، أم كانوا يزاولون غيرها.

يعتمدون عليها كلية فى معاشهم بوصفها موردا رئيسيا أو وحيدا لرزقهم، أم يفيئون إليها عرضا باعتبارها تغل دخلا جانبيا مضافا إلى عملهم الأصلى.

يعاونون أسرة مورثهم فى أعباء حياتها، أم يناهضونها ويستقلون بنشاطهم فى هذا المكان عنها؛ يعملون فيه بأنفسهم استصحابا لمهنة أو حرفة مورثهم، أم ينيبون عنهم أغياراً فى مباشرتها بعد انفصالهم عنها.

وما لذلك فرض المشرع القيود الاستثنائية على العلائق الإيجارية التى لا يتصور أن ترتبط بغير الضرورة التى اقتضتها، ولا أن يكون أثرها محورا من بنيان حق الملكية.

فلا تخلص لأصحابها، بل يتسلط آخرون عليها حتى تصير ركاما، انحرافا بالإجارة عن مقاصدها .

وحيث إن مفاد ما تقدم

أن القيود الاستثنائية التى حمل بها المشرع العلائق الإيجارية، لا يجوز النظر إليها باعتبارها حلا نهائيا ودائما لمشكلاتها، ولا أن يمد المشرع تطبيقها إلى صور لا تسعها، ولا يمكن التسليم بها إلا بافتراض أن الدستور يغلب دوما مصالح مستأجر العين .

وكذلك ورثته – على حقوق مؤجرها -وهو يملكها فى الأعم من الأحوال- فلا يتساويان أو يتوازنان؛ حال أن الأصل فى عقود القانون الخاص، ابتناؤها على علائق تتكافا بشأنها مصالح أطرافها.

فلا يميل ميزانها فى اتجاه مناقض لطبيعتها؛ إلا بقدر الضرورة التى لا يجوز أن ينفصل عنها مضمون النص المطعون فيه أو الآثار التى يرتبها. ويتعين بالتالى أن تخلى مكانها -عند فواتها- لحرية التعاقد بحسبانها الأصل فى العقود جميعها.

ولأن صون الحرية الشخصية لايعتبر مجرد ضمان ضد التدابير غير المبررة التى تنال من البدن، كتلك التى تتعلق بالقبض أو الاعتقال غير المشروع، بل صمام أمن كذلك ضد أشكال القهر على اختلافها، فلا يكون جوهر هذه الحرية إلا مجالا حيا لإرادة الاختيار .

وحيث إن الورثة -وفى مجال تطبيق النص المطعون فيه – يتخذون من وفاة مورثهم، وزوال صلته بالتالى بالعين بالمؤجرة، موطئا لاستلابها من خلال مكثهم فيها واستغلالها فى عين نشاطها السابق أو فى غيره.

ثم من بعدهم إلى ورثتهم، فلا ينتزعها منهم أحد، بل تتصل أيديهم بها تعاقبا عليها.

فلا ينفكون عنها أو يبرحونها؛ مهما بعد العهد على العقد الأول، ما ظل زمامها بيد من يتداولونها، فلا يتحولون عنها إلا بعد انتهابهم من المؤجر مقابلا لتركها.

فإذا لم يبذل، صار المكان المؤجر إرثا يختص هؤلاء بثماره دون وساطة من أحد؛ وهو ما يعدل انتزاع منافع الأعيان من ملاكها على وجه التأبيد.

ومن غير المتصور أن يكون مؤجر العين قد عطل مختارا ونهائيا حق استعمالها واستغلالها، سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر.

ولا أن تكون إرادتا طرفى الإجارة قد تلاقتا – ابتداءً – على أن يقحما عليها أشخاص غرباء عنها، دخلاء عليها . وحيث إن النص المطعون فيه.

ينحدر كذلك بحقوق المؤجر إلى مرتبة الحقوق محدودة الأهمية، ويحيلها إلى مسوخ مشوهة لا تتعدى تقاضيه عائدا نقديا دوريا ضئيلا ؛ مرجحا على ملكيته – بمكناتها التى أقامها الدستور سوية لاعوج فيها – مصالح لا تدانيها.

ولا تقوم إلى جانبها، أو تتكافا معها، ترتيبا على انتقال منفعتها إلى الغير انتقالاً متتابعاً متصلا ممتدا فى أغوار الزمن؛ وهو بعد انتقال لا يعتد بإرادة مالكها فى معدنها الحقيقى.

بل يقوم فى صوره الأكثر شيوعا، على ابتزاز أموال المؤجر، والتدليس عليه، وهو ما يعد التواء بالإجارة عن حقيقة مقاصدها؛ وإهدارا لتوازن لا يجوز أن يختل بين أطرافها .

وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن النص المطعون فيه، أنشا حقوقاً مبتدأه -بعيدة فى مداها- منحها لفئة بذاتها لمجرد انضوائها فى عداد ورثة المستأجر الأصلى.

اختصها دون مسوغ، واصطفاها فى غير ضرورة، بتلك المعاملة التفضيلية التى تقدم المنفعة المجلوبة علي مخاطر المفاسد ودرء عواقبها، وتلحق بالمؤجر وحده الضرر البين الفاحش ، حال أن دفع المضرة أولى اتقاء لسوءاتها وشرورها.

ولأن الأصل حين تتزاحم الأضرار على محل واحد، أن يكون تحمل أخفها لازماً دفعا لأفدحها .

وكان ينبغى -من ثم- أن يترسم النص المطعون فيه تلك الضوابط التي تتوازن من خلالها العلائق الإيجارية بما يكون كافلا لمصالح أطرافها، غير مؤد إلى تنافرها، ليُقيمها على قاعدة التضامن الاجتماعى التى أرستها المادة 7 من الدستور.

 وهى بعد قاعدة مؤداها وحدة الجماعة فى بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها ببعض ليكون بعضهم لبعض ظهيرا، فلا يتفرقون بددا، أو يتناحرون طمعا، أو يتنابذون بغيا .

وهم بذلك شركاء فى مسئوليتهم قبلها، لا يملكون التنصل منها أو التخلى عنها . وليس لفريق منهم بالتالى أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها -عدوانا- أكثر علوا، ولا أن ينتحل منها ما يخل بالأمن الاجتماعى .

وحيث إن النص المطعون فيه قد نقض بما تقدم، الأحكام المنصوص عليها فى المواد 7 و32 و34 و40 و41 من الدستور.

وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة 29 المشار إليها، تلزم المؤجر – وفى كل الأحوال – بتحرير عقد إيجار لمن لهم الحق فى شغل العين، وكان حكمها هذا مرتبطا بفقرتها الثانية المطعون فيها، ارتباطا لا يقبل التجزئة.

فإنها تسقط فى هذا النطاق، إذ لا يتصور تطبيقها، وقد غدا النص الذى تستند إليه لإعمالها، منعدما .

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وذلك فيما نصت عليه من استمرار الإجارة التى عقدها المستأجر فى شأن العين التى استأجرها لمزاولة نشاط حرفى أو تجارى لصالح ورثته بعد وفاته، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

حكمت المحكمة:

بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وذلك فيما نصت عليه من استمرار الإجارة التي عقدها المستأجر في شأن العين التي أستأجرها لمزاولة  نشاط حرفي أو تجاري لصالح ورثته بعد وفاته.

الطعن رقم 44 لسنة 17 بتاريخ 22/02/1997

الأسئلة الشائعة المتداولة

هل ينتهي عقد الإيجار تلقائيًا بوفاة المستأجر؟

نعم، وفقًا للمادة 601 من القانون المدني، ينتهي عقد الإيجار بوفاة المستأجر، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك أو يوجد نص قانوني يُلزم بامتداد العقد للورثة.

هل يمكن لورثة المستأجر الاستمرار في عقد الإيجار بعد وفاته؟

نعم إذا نص العقد على انتقال الحقوق والالتزامات إلى الورثة في حالة أن أحدهم يمارس حرفة المستأجر المتوفي، وكذا بنص القانون بعدم انتهاء العقد بوفاة أطرافه أو أحدهما، يمكن للورثة الاستمرار في عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر.

ماذا يحدث إذا توفي المؤجر أثناء سريان عقد الإيجار؟

وفاة المؤجر لا تؤدي إلى إنهاء عقد الإيجار؛ حيث تنتقل حقوق والتزامات العقد إلى ورثته، ويستمر المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة.

هل يمكن الاتفاق على شروط خاصة في حالة وفاة أحد الطرفين؟

نعم، يمكن للطرفين الاتفاق مسبقًا في عقد الإيجار على شروط خاصة تتعلق بحالة وفاة المستأجر أو المؤجر، مثل استمرار العقد مع الورثة أو إنهائه.

ما هي التزامات الورثة إذا استمروا في عقد الإيجار؟

إذا استمر الورثة في عقد الإيجار، يتحملون نفس الالتزامات التي كان يتحملها المستأجر الأصلي، بما في ذلك دفع الإيجار والالتزام بشروط العقد.

هل يختلف الحكم في حالة الإيجار السكني والتجاري؟

قد تختلف الأحكام بين الإيجار السكني والتجاري بناءً على القوانين والعقود المبرمة؛ لذا يُنصح بالاطلاع على النصوص القانونية ذات الصلة في القانون المدني وقوانين ايجار الأماكن في مصر، واستشارة محامي مختص بقضايا الايجارات.

انهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر

في الختام، يمكن القول إن مسألة فسخ عقد الإيجار بسبب وفاة أحد طرفيه المؤجر أو المستأجر، من الموضوعات التي عالجها القانون المدني من خلال المادتين 601 و 602. وقد حدد المشرع الضوابط والاستثناءات المرتبطة بإنهاء العقد وفقًا لظروف كل حالة،

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}