عقد المقاولة ( مسئولية المقاول – المهندس المعماري )

المقال يتعرض لأحكام عقد المقاولة وأثاره فيما بين المقاول والمالك ومسئولية المقاول عن الاخلال بأعماله ، ونطاق مسئولية المهندي المعماري عن عمله ( المباني ) من الناحية القانونية

عقد المقاولة - مسئولية المقاول - المهندس المعماري

أحكام عقد المقاولة والمسئولية في القانون المدني 

  1. عقد المقاولة في القانون المدني ( المقاول ، المهندس المعماري ، صاحب العمل )
  2. عقد المقاولة من حيث تعريفه ، ونطاقه ، وخصائصه
  3.  التزامات كل من طرفيه المقاول وصاحب العمل
  4.  وبيان أحكام الضمان فى هذا العقد
  5.  وأسباب وحالات انقضاءه
  6.  والتعرض لحالة وفاة المقاول قبل تنفيذ العمل
  7.  وبيان الالتزامات الملقاة على عاتق صاحب العمل فى حالة وفاة المقاول قبل تسليم العمل اليه
  8.  وكذلك بيان أحكام المقاولة من الباطن ومن الملتزم بالعمل وبيان مسئولية صاحب العمل تجاه العمل والمقاول من الباطن
  9.  وبيان مسئولية المهندس المعماري عن التصميم
  10.  البحث مدعم بالنصوص القانونية والمذكرات الايضاحية لمشروع القانون المدنى ، شروحات فقهاء القانون ، وأحكام محكمة النقض عن كل ما يخص عقد المقاولة أحكام وخصائص عقد المقاولة

أماهية وأركان عقد المقاولة

تنص المادة 646 مدنى على المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدى عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر.

 الأعمال التحضيرية عن تعريف وأركان عقد المقاولة

يعرض المشروع، علاوة علي الأحكام العامة، لبعض الصور الخاصة للمقاولة، فهو بعد أن يعرف عقد المقاولة ويذكر صوره المختلفة، مبينا أنه قد يرد علي مقاولات صغيرة أو علي مقاولات كبيرة أو علي مقاولات تتعلق بالمرافق العامة، يعرض للقواعد العامة التي تنطبق علي كل أنواع المقاولات، ثم يتكلم أخيراً عن بعض القواعد الخاصة بأنواع معينة من المقاولات

 ويلاحظ أنه لم يكن ممكنا أن يوضع إلي جانب الأحكام العامة تنظيم خاص لكل الأشكال العملية لعقد المقاولة. ولذلك اكتفي المشروع ببعض صوره الجارية، تاركاً للقاضي أمر تطبيقها وضبطها علي الحالات الخاصة؟

وقد عني المشروع – فيما اعتبره من القواعد العامة ببيان التزامات كل من المقاول ورب العمل وأسباب انتهاء المقاولة، فاستبقي فيها معظم أحكام التقنين الحالة (الملغي) وأضاف إليها أحكاما جديدة. وفي القواعد الخاصة عني ببعض أنواع المقاولات

 ولاسيما مقاولات المباني، فأورد بشأنها ما تضمنه التقنين الحالي (الملغي) من مسئولية المهندس المعماري والمقاول بالتضامن عن خلل للبناء في مدة عشرة سنين، ووضع أحكاما منظمة لهذه المسئولية من حيث شروطها وتوزيعها بين المسئولين وارتفاعها بالقوة القاهرة، وجواز الإنفاق علي الإعفاء منها، وسقوطها بالتقادم.

( مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني- جزء 5- ص5 و6)

التعليق على المادة 646 مدنى ماهية وأركان عقد المقاولة

يخلص من التعريف الوارد بنص المادة 646 مدني أن لعقد المقاولة خصائص، وأهمها:

(1) أن عقد المقاولة عقد رضائي- لا يشترط في انعقاده شكل معين، وأنه عقد ملزم للجانبين، ومن عقود المعارضة.

(2) أن التراضي في عقد المقاولة يقع علي عنصرين اثنين:

 الشيء المطلوب صنعه أو العمل المطلوب تأديته من المقاول وهو أحد المتعاقدين، والأجر الذي يتعهد به رب العمل وهو المتعاقد الآخر.

(3) أن عقد المقاولة قد انفصل بهذا التعريف عن عقدين آخرين كانا مختلطين به في التقنين المدني الملغي، ولا يزالون مختلطين به في التقنين المدني الفرنسي، وهما :

عقد الإيجار وعقد العمل. الاختلاط والتمييز بين عقد المقاولة وغيره من العقود فهو يلتبس مع عقد الإيجار في عقد شائع هو عقد المستهلك مع ملتزم المرافق العامة من ماء ونور وغاز ونقل …… الخ. فالعقد الذي يبرمه المستهلك مع شركة المياه مثلا- في نظر الفقه المدني- عقد مقاولة واقع علي ما تقوم به الشركة من عمل في توصيل المياه للمستهلك.

أما الفقه الإداري فيذهب إلي أن

 مركز المستهلك من ملتزم المرفق العام ليست له صفة تعاقدية بل هو مركز قانوني. ويتميز عقد المقاولة عن عقد العمل وإن كانا يردان علي العمل

 فالمقاول يتحمل للتبعة ولا يتحملها العامل، والعامل يخضع لتشريعات العمل من حيث ساعات العمل والإجازات والأجر المقدر وإصابات العمل والفصل التعسفي دون المقاول فمعيار الخضوع. لإدارة رب العمل وإشرافه هو المعيار الذي أخذ به للتقنين المدني الجديد في التمييز بين عقد المقاولة وعقد العمل

 ويتميز عقد المقاولة عن الوكالة وإن كان كلاهما يردان علي العمل، ويؤديه كل منهما لمصلحة الغير، ولكنهما يختلفان في أن العمل في عقد المقاولة هو عمل مادي l بينما هو في عقد الوكالة تصرف قانوني  وينبني علي ذلك أن المقاول وهو يؤدي العمل المادي لمصلحة رب العمل لا ينوب عنه وإنما يعمل استقلالا. أما الوكيل وهو يقوم بالتصرف القانوني لمصلحة موكله يكون نائبا عنه ويمثله في التصرف الذي يقوم به فينصرف أثر هذا التصرف إلي الموكل.

والأهمية العملية للتمييز بين المقاولة والوكالة، تظهر فيما يلي:

  • (أ) أن المقاولة دائما مأجورة، ومتي عين الأجر لا يملك القاضي كقاعدة عامة تعديله. أما الوكالة فقد تكون مأجورة أو غير مأجورة، والأصل فيها أن تكون بغير أجر إلا إذا وجد إتفاق صريح أو ضمني يقضي بأن يكون للوكيل أجر، وإذا كانت الوكالة مأجورة كان الأجر خاضعاً لتقدير القاضي (م 709 مدني).
  • (ب) أن المقاول لا يخضع لإشراف رب العمل وليس تابعاً له، ومن ثم فلا يكون رب العمل مسئولاً عن المقاول مسئولية المتبوع عن التابع. أما الوكيل فيعمل في كثير من الأحيان بإشراف الموكل، وفي هذه الحالة يكون تابعاً له ويكون الموكل مسئولاً عنه مسئولية المتبوع عن التابع.
  • (جـ) أن التصرفات التي يجريها المقاول لا ينصرف أثرها إلي رب العمل، أما تصرفات الوكيل فإن أثرها ينصرف مباشرة إلي الموكل ولا شيئا منها ينصرف إلي الوكيل.
  • (د) أن المقاول مضارب، وهو معرض للمكسب والخسارة، وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ العمل فلا شأن لرب العمل بذلك، ويتحمل المقاول وحده هذا الضرر. أما الوكيل فإنه لا يضارب ولا يعرض نفسه لمكسب أو خسارة. فهو إما أن يقوم بعمله تبرعا
  • وإما أن يأخذ أجرا مناسبا للعمل، وإذا أصيب بضرر بسبب تنفيذ الوكالة فإن الموكل يكون مسئولاً عما أصابه من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا (م 711 مدني). (هـ) المقاولة في الأصل عقد لازم، أما الوكالة فهي في الأصل عقد غير لازم، ويجوز عزل الوكيل أو تنحيه في أي وقت.
  • (و) أن المقاولة لا تنتهي بموت رب العمل أو بموت المقاول إلا إذا كانت شخصيته محل اعتبار، وتنتهي الوكالة بموت الموكل أو بموت الوكيل. وقد نلتبس المقاولة بالوكالة وبخاصة في العقود التي تبرم مع أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامي والأستاذ والمحاسب والمهندس، فالأعمال التي يقوم بها هؤلاء هي أعمال مادية في مجموعها لا تصرفات قانونية،

إذ أن علاج الطبيب للمريض ودفاع المحامي عن الخصم وتعليم الأستاذ تلاميذه ووضع المهندس المعماري للتصميمات والرسوم والمقابسات، كل هذه أعمال مادية، وأن أصحابها إذ يقومون بها لمصلحة الغير إنما يربطهم بالغير عقد مقاولة أو عقد عمل وليس عقد وكالة. فالعقد مع الطبيب هو عقد مقاولة في الغالب

 إذ هو اتفاق بين الطبيب والمريض علي أن يقوم الأول بعلاج الثاني في مقابل أجر معلوم، فالعلاج عمل مادي ولا ينفي ماديته أن يكون عملا عقليا، فهو إذن ليس بتصرف قانوني، ولكنه مع ذلك التزام يبذل عناية وليس بتحقيق غاية، وأنه لوحظت فيه شخصية الطبيب (م 666 مدني)

 وأنه غير لازم لا من جانب المريض ولا من جانب الطبيب فيستطيع كل منهما أن يرجع فيه. فالرأي الغالب في الفقه أن العقد مع الطبيب هو عقد مقاولة، وإن اعتبرته الأقلية عقدا غير مسمي.

أما العقد مع المحامي فيقع علي خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية، فتقديم المشورة وتحرير المذكرات والمرافعة الشفوية وتحرير العقود والمستندات أعمال مادية تسري عليها أحكام المقاولة، ورفع الدعاوى والطعون وتوجيه اليمين الحاسمة وردها وعقد الصلح بالمحكمة تصرفات قانونية تسري عليها أحكام الوكالة

 وإذا خضع لإشراف عميله (كشركة أو مؤسسة) يكون العقد الذي ينظم هذه العلاقة عقد عمل، وإذا تعارضت أحكام الوكالة مع أحكام المقاولة وجب ترجيح العنصر الغالب في أعمال المحامي وهو عنصر الوكالة وإعمال أحكام الوكالة دون أحكام المقاولة، فأجر المحامي عن أعماله المادية والقانونية مثلا يكون خاضعاً لتقدير القاضي كما تقضي أحكام الوكالة (م 709/2 مدني).

 وعلي العكس من ذلك العقد مع المهندس المعماري، فإن هذا العقد يقع هو أيضا علي خليط من الأعمال المادية والتصرفات القانونية، فيجمع بين أحكام المقاولة وأحكام الوكالة، ولكن عنصر المقاولة هو الغالب، فإذا تعارضت الأحكام وجب تطبيق أحكام المقاولة

 ومن ثم يكون أجر المهندس المعماري هي وضع التصميم والرسوم وعمل المقابسات والإشراف علي التنفيذ، وقد يقوم ببعض التصرفات القانونية كمحاسبة المقاول وإقرار الحساب، ودفع ما يستحقه المقاول في ذمة رب العمل وتسلم العمل من المقاول علي أجزاء أو جملة واحدة بعد إنجازه، ويكون في هذه التصرفات القانونية نائبا عن رب العمل، ومن ثم تسري أحكام الوكالة.

أما فيما بين المقاولة والبيع، فإنه قد يقع أن يتعاقد شخص مع تجار علي أن يصنع له أثاثاً ويقدم النجار الخشب من عنده وهذا ما يحصل في الغالب، أو أن يتعاقد شخص مع حائك علي أن يصنع له ثوباً ويقدم الحائك القماش من عنده

فهل يبقي العقد في هاتين الحالتين وأمثالهما عقد مقاولة، أم يكون عقد بيع واقع علي شيء مستقبل هو الأثاث بالنسبة إلي النجار، والثوب بالنسبة للحائك؟ ذهب رأي- إلي أن العقد مقاولة دائما والمادة المقدمة ليست إلا تابعة للعمل، وتكون المقاولة في هذه الحالة ملزمة للصانع يصنع الشيء المطلوب فتقع علي العمل، وهي في الوقت ذاته تقع علي الشيء المصنوع فتنقل ملكيته إلي رب العمل ولا تخرج مع ذلك عن نطاق المقاولة.

 نقول بأن المقاولة تنقل ملكية الشيء المصنوع إلي رب العمل مع بقائها مقاولة يجعل للمقاولة طبيعة أخرى تختلف تماما عن طبيعتها باعتبارها عقدا يرد علي العمل ولم يقل أحد قبل ذلك إن المقاولة قد ترد علي الملكية فتنقلها، وهي إذا وردت علي الملكية فنقلتها فذلك إنما يكون إما لأنها اندمجت في عقد آخر أو اختلطت بعقد آخر، وهذا العقد الآخر الذي نقل الملكية في نظير مقابل لا يمكن إلا أن يكون بيعا إذا كان المقابل نقودا، أو إلا أن يكون مقايضة إذا كان المقابل غير نقود.

ولكن ليس معني ذلك أن تبقي مقاولة محصنة فيما تناولته المادتان 647/2 و648 مدني ولا يوجد ما يمنع من أن تختلط المقاولة بعقد آخر هو الذي يقع علي المادة دون العمل، ويصح القول مع ذلك إن المقاول هو الذي قدم المادة، ويكون له بذلك دوران دور البائع الذي قدم المادة، ودور المقاول الذي قدم العمل. وذهب رأي ثان- إلي القول بأن العقد هو بيع شيء مستقبل،

 وهذا الرأي لا يدخل في الاعتبار أن المقاول إنما تعاقد أصلا علي العمل، والمادة إنما جاءت تابعة للعمل. ولو كان المقاول قصد أن يبيع شيئا مصنوعا، لجاز له أن يقدم لرب العمل شيئا يكون قد صنعه قبل العدد، وهو إذا فعل، وقبل منه رب العمل ذلك، فإن ملكية هذا الشيء المصنوع من قبل لا تنتقل بموجب العقد الأصلي، وإنما تنتقل بموجب عقد جديد يكيف علي أن بيع لا لشيء مستقبل بل لشيء حاضر.

وذهب رأي ثالث- إلي أن العقد يكون مقاولة أو بيعا يحسب نسبة قيمة المادة إلي قيمة العمل. فإن كانت قيمة العمل تفوق كثيرا قيمة المادة فالعقد مقاولة،

 أما إذا كانت قيمة المادة تفوق كثيرا قيمة العمل (كما إذا تعهد شخص بتوريد سيارة بعد أن يقوم فيها ببعض إصلاحات طفيفة) فالعقد ببيع ولكن كثيرا ما يقع أن تكون للمادة قيمة محسوسة إلي جانب قيمة العمل حتى لو كانت أقل قيمة منه، فيصبح العقد في هذه الحالة مزيجا من بيع ومقاولة، سواء كانت أكبر من قيمة العمل أو أصغر، ويقع البيع علي المادة وتسري أحكامه فيما يتعلق بها، وتقع المقاولة علي العمل وينطبق أحكامها عليه.

وتشتبه الوديعة المأجورة بالمقاولة، إذ المودع عنده في هذه الحالة يقوم بعمل لمصلحة الغير، هو حفظ الشيء المودع، لقاء أجر معلوم، فتقترب الوديعة من المقاولة، ولكن المودع عنده حتى في الوديعة المأجورة ليس بمضارب ولا ينبغي الكسب من وراء الأجر بخلاف المقاول.

علي أن هناك من الودائع المأجورة ما يقرب من المقاولة إلي حد بعيد، وذلك فيما يدعي بعقود الحفظ المهنية حيث يتخذ الشخص الوديعة المأجورة حرفة له فيكون في هذه الحالة مضاربا يبغي الكسب، وذلك كالمصرف الذي يؤجر خزانته ليودع العميل فيها أشياءه الثمينة وكصاحب الجراج العام بالنسبة إلي السيارات التي تودع عنده. وهناك عقود مقاولة تتضمن الوديعة ،

مثل أن يدفع شخص بسيارته إلي جراج لإصلاحها، فصاحب الجراج في تعهده بإصلاح السيارة يبرم عقد مقاولة، وهو في نفس الوقت ذاته يحفظ السيارة في الجراج المدة اللازمة لإصلاحها، فتكون مسئوليته عن سرقة السيارة مسئولية المودع عنده.

 ومثل ذلك أيضا أن يقدم رب العمل للمقاول المادة التي يستخدمها هذا الأخير في العمل، فيكون العقد مقاولة بالنسبة إلي العمل ووديعة بالنسبة إلي المادة التي قدمها رب العمل. ويذهب كثير من الأحكام في فرنسا إلي أن عقد الوديعة يجتمع في هذه الحالة مع عقد المقاولة

وتسري علي كل منهما أحكامه. ولكن الصحيح أن العقد هنا هو عقد مقاولة فقط، وهي بطبيعتها تتضمن إلتزاما بحفظ الشيء الذي يعمل فيه المقاول بعد تسلمه من رب العمل، ويكون مسئولاً عن ضياعه بإعتباره مقاولا بإعتباره مودعا عنده، إذ مسئوليته تنشأ من عقد المقاولة لا من عقد وديعة مقترن بها.

وقد نصت المادة 685 مدني صراحة علي هذا الإلتزام بالحفظ في عقد العمل، فأوجبت علي العامل: “……………

(جـ) أن يحرص علي حفظ الأشياء المسلمة إليه لتأدية عمله……”.

ويمكن القول بأن هذا الإلتزام موجود أيضا في ذمة المقال إذا ما تسلم شيئا من رب العمل لتأدية عمله. وإنما يوجد عقد الوديعة إذا إنتهي المقاول من عمله ودعا رب العمل إلي تسلم الشيء فلم يتسلمه، وبقي الشيء في حفظ المقاول

 فيكون العقد من ذلك الوقت عقد وديعة، أو إذا كان العقد هو في الأصل عقد وديعة كوديعة السيارات في جراج عام ويتضمن القيام بأعمال ثانوية لا تحوله إلي مقاولة لتنظيف العربة وغسلها كل يوم. ويميز الشركة عن المقاولة هو أن الشريك في الشركة تكون عنده نية الإشتراك في نشاط ذي تبعة هي نية تكوين الشركة

 أو إرادة كل شريك بي أن يتعاون مع الشركاء الآخرين في نشاط ينطوي علي قدر من المخاطرة. أما المقاول فليست عنده هذه النية ولا يريد أن يتحمل مع الشركاء تبعة المخاطرة بحيث يساهم في الأرباح وفي الخسارة، بل هو يقدم عملا معينا ويتقاضى أجره علي هذا العمل.

 إن وجود نية تكوين الشركة- ليكون العقد شركة- أو انعدام هذه النية-ليكون العقد مقاولة- مسألة واقع يستقل بتقديرها قاضي الموضوع. والعمل الذي يؤديه المقاول يختلف من مقاولة إلي أخرى اختلافا بينا ويتنوع تنوعاً كبيراً.

الأعمال التي يؤديها المقاول

ويمكن تقسيم الأعمال التي يؤديها المقاول من نواح مختلفة:

  • من ناحية طبيعة العمل
  • ومن ناحية حجمه
  • ومن ناحية نوعه
(أ) فمن ناحية طبيعة العمل

قد يكون العمل غير متصل بشيء معين، بل هو مجرد عمل مادي (كنقل الأشخاص، والطبع والنشر والإعلان) أو فني (كالرسم، والنحت، والنقش، والتصوير، والتمثيل)

أو علمي (كالمرافعة، والعلاج، والمحاسبة)، أو أدبي (كالتأليف، والمحاضرة، والتدريس). وقد يكون العمل متصلا بشيء معين، وهذا الشيء إما أن يكون غير موجود وقت العقد فيصنعه المقاول بعمل فيه (كبناء يرممه أو يعدل فيه أو يهدمه- وكحوائط يدهنها- وكأثاث يحدده- وكسيارة يصلحها).

(ب) ومن ناحية حجم العمل

فإن المقاولات تتدرج من صغيرة إلي كبيرة كالأمثلة السابقة.

(جـ) ومن ناحية جنس العمل

فهناك من المقاولات ما أصبح معروفاً بإسم خاص لإنتشاره، فهناك مقاولات للبناء المعينة أساساً بالقواعد العامة لعقد المقاولة).

(الوسيط -7- مجلد 1- للدكتور عبد الرازق السنهوري- طبعة 1964- ص5 وما بعدها)

3- للتفرقة بين المقاولة والوكالة،

أهمية من الوجوه التالية:

  • (1) أن صفة المقاول يترتب عليها غالبا صفة التاجر، ولكن صفة الوكيل لا يترتب عليها ذلك.
  • (2) أن الأصل في الوكالة أنها بدون مقابل، بخلاف عقد المقاولة فإنه من عقود المعاوضة. ولكن قد يكون الوكيل مأجورا، وحتى في هذه الحالة يكون الأجر خاضعاً لتقدير القاضي (م 709 مدني)، أما أجر المقاول فلا يخضع لذلك.
  • (3) أن المقاول، خلافا للوكيل، لا يعتبر تابعا بالمعني الوارد في المادة 174 مدني، فلا يترتب علي الرابطة التي تربطه برب العمل أن يكون رب العمل مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه بعمله غير المشروع.
  • (4) أن المقاول يتحمل الخسائر الناجمة عن عمله، ولا يلزم رب العمل بأي تعويض عن الحوادث التي تقع. أما الوكيل فبمقتضى المادة 711 مدني يكون الموكل مسئولاً عما يصيبه من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتاداً.
  • (5) أن الوكيل يلزم الموكل مباشرة بالأعمال التي يباشرها باسم الموكل في حدود وكالته، ويستطيع الغير الذي تعامل معه أن يرجع علي الموكل أما رب العمل فأجنبي عن التعهدات التي يلتزم بها المقاول، وأنه وإن كان للعمال الذين يستغلون لحساب المقاول في تنفيذ العمل حق مطالبة رب العمل مباشرة بمقتضى المادة 662 مدني،

فإن حق المطالبة هذا لا يكون إلا في حدود القدر الذي يكون مدينا به المقاول وقت رفع الدعوى. أما بالنسبة إلي الباقي فإنه يكون بمأمن من دعوى مطالبته. وفي التفرقة بين المقاولة والبيع، فإنه لا محل لبحث ذلك إذا كان الأمر متعلقا بعمل يؤدي علي شيء موجود

 ولكن محل هذا البحث أن يكون محل العقد صنع شيء جديد، وفي هذه الحالة يمكن التساؤل عما إذا كان هناك بيع شيء مستقبل، والجواب بالنفي إذا كان العامل أو المقاول لا يقدم إلا عمله وكانت المواد مملوكة لرب العمل، ولكن إذا كان المقاول هو الذي يقدم المواد، فقد اختلف الرأي في فرنسا:

فذهب رأي- علي أن العقد يعتبر في هذه الحالة بيعا، وأخذت بهذا الرأي بعض الأحكام هناك. وذهب رأي آخر- في الأحكام إلي القول بأن هناك عقد مقاولة.

ذهب رأي ثالث- إلي تطبيق قاعدة أن التابع يلحق الأصل- توفيقا بين الرأيين السابقين- فالعقد الذي بمقتضاه يتعهد شخص بأن يصنع شيئا مع تقديم المادة يكون في الغالب بيعا، ولكنه لا يكون كذلك إذا كانت المادة قليلة الأهمية بالنسبة للعمل الذي يؤديه.

ويؤيد الدكتور محمد كامل مرسي الرأي القائل بأنه يوجد في الواقع عقد مختلط مكون من عقدين مختلفين جمعتهما عملية اقتصادية واحدة، فالعقد الذي يقدم فيه العامل المادة هو في نفس الوقت مقاولة وبيع. (العقود المسماة – جزء 4- الدكتور محمد كامل مرسي- طبعة 1953 ص471 وما بعدها)

التزامات طرفي عقد المقاولة

( أ ) التزامات المقاول النصوص القانونية الخاصة بالتزامات المقاول

ونطاقها ماده 647

(1)- يجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التي يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله.

(2)- كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معا. ماده 648 إذا تعهد المقاول بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها، كان مسئولاً عن جودتها وعليه ضمانها لرب العمل. ماده 649

1)- إذا كان رب العمل هو الذي قدم المادة، فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعى أصول الفن في استخدامه لها وأن يؤدى حساباً لرب العمل عما استعملها فيه و يرد إليه ما بقى منها. فإذا صار شيء من هذه المادة غير صالح للاستعمالي بسبب إهماله أو قصور كفايته الفنية التزم برد قيمة هذا الشيء لرب العمل.

(2)- وعلى المقاول أن يأتي بما يحتاج إليه في إنجاز العمل من أدوات ومهمات إضافية و يكون ذلك على نفقته. هذا ما لم يقض الاتفاق أو عرف الحرفة بغيره.

ماده 650

(1)- إذا ثبت أثناء سير العمل أن المقاول يقوم به على وجه معيب أو مناف للعقد

 جاز لرب العمل أن ينذره بأن يعدل من طريقة التنفيذ خلال أجل معقول يعينه له. فإذا انقضى الأجل دون أن يرجع المقاول إلى الطريقة الصحيحة، جاز لرب العمل أن يطلب إما فسخ العقد و إما أن يعهد إلى مقاول آخر بإنجاز العمل على نفقة المقاول الأول طبقاً لأحكام المادة 209.

(2)- على أنه يجوز طلب فسخ العقد في الحال دون حاجة إلى تعيين أجل إذا كان إصلاح ما في طريقة التنفيذ من عيب مستحيلاً. ماده 651

(1)-  يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة، ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات.

(2)- ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.

 (3)- وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل. ولا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن. ماده 652 إذا اقتصر المهندس المعماري على وضع التصميم دون أن يكلف الرقابة على التنفيذ، لم يكن مسئولاً إلا عن العيوب التي أتت من التصميم .

ماده 653 يكون باطلاً كل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعماري و المقاول من الضمان أو الحد منه.

ماده 654 تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب. الأعمال التحضيرية عن التزامات المقاول ونطاقها

( 1 ) تطلق الفقرة الأولي المادة 409/500 من التقنين الحالي فيها عدا ذكر التضامن، فقد ترك أمره لنص خاص ينظمه تفصيلاً (م 897 من المشروع). أما الفقرة الثانية فهي مقتبسة من التقنين الإسباني (م 1591) والمشروع الفرنسي الإيطالي (م 522 فقرة أولي) والتقنين التونسي (م 867)

والتقنين اللبناني (م 668) وبعض التقنيات الأخرى. والفقرة الثالثة مأخوذة عن المشروع الفرنسي الإيطالي (م 523) وتحديد المدة التي يبقي فيها المقاولون والمهندسون مسئولين عن خلل البناء لعشر سنوات أخذ به التقنين المصري (409/500)

 جريا علي نسق التقنين الفرنسي (م 1792). وقد أخذ بهذه المدة أيضاً التقنين الإيطالي (1639) والتقنين الإسباني (م 1531). أما التقنين البرتغالي (1399) وتقنين الالتزامات السويسري (م 371) والتقنين البرازيلي (م 1245) والتقنين التونسي (م 876) والتقنين اللبناني (م 668) فقد انقضت جميعها المدة خمس سنوات.

والتقنين الياباني يجاري أيضا هذه التقنيات الأخيرة ويجعل المدة أساسا خمس سنوات (م 638) ولكنه يرفعها إلي عشر سنوات إذا كان البناء مقاما من الحجر أو الطوب أو المعدن.

 أما المشروع الحالي فشأنه شأني المشروع الفرنسي الإيطالي يبقي علي مدة العشر السنين احتفاظا بما استقر  وبعض التقنيات تترك مسئولية المهندس المعماري للقواعد العامة.

ولا تقرر مسئولية خاصة إلا للمقاول (أنظر علي الأخص التقنين البرتغالي م1399 والتقنين الإسباني م 1591 والتقنين الياباني م638 والتقنين البولوني 488. والمشروع الفرنسي الإيطالي لا يتكلم هو أيضا في المادة 522 إلا عن المقاول).

وعلي عكس ذلك توسع بعض التقنيات من دائرة هذه المسئولية الخاصة، تجعلها شاملة أيضا للمهندس الميكانيكي (تقنين الالتزامات السويسري 371 والتقنين التونسي م876 والتقنين اللبناني م 668). أما المشروع فهو يحافظ علي النطاق التقليدي لهذه المسئولية

 فيجعلها شاملة للمهندس المعماري والمقاول، ولا يطبقها علي المهندس الميكانيكي إلا إذا قام بوظيفة المهندس المعماري. (مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني- الجزء 5- ص21 و22) ( 2 ) اقتبس المشروع الفكرة الأساسية في التمييز الوارد بهذا النص عن المشروع الفرنسي الإيطالي م 521 فقرة 2 و522 فقرة أولي (في نهايتها). وقد ترتب علي عدم وجود نص في التقنين الحالي يطابق الفترة الثانية من هذه المادة،

أن محكمة الاستئناف المختلطة قررت أن دعوى المسئولية قبل المقاول بناء علي نص المادة 500 من التقنين المختلط يجوز رفعها بعد مضي العشر السنين المقررة بالنص، ولا يسقط الحق في إقامتها إلا بمضي خمس عشرة سنة من يوم وقوع الحادث

 ويترتب علي ذلك أنه لو حدث الخلل في السنة العاشرة فإن الدعوى تبقي جائزة حنى تمر أربع وعشرون سنة من تاريخ تسلم العمل وقد يكون الداعي إلي تقرير هذا الحل هو الرغبة في ترك وقت كاف لرب العمل الذي يكتشف العيب في آخر لحظة، حتى ينجح في دعواه قبل المقاول، علي أن هذه النتيجة تتعارض تماما مع ما رأيناه من ميل التقنينات الحديثة إلي تقصير المدة التي يبقي فيها كل من المقاول والمهندس مسئولا، ولذلك يكتفي المشروع بتحديد مدة سنتين يجوز رفع الدعوى خلالهما، وذلك قياسا علي ما قرره المشروع الفرنسي الإيطالي (م522).

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني- جزء ص 31)

التعليق على التزامات المقاول ونطاق هذه الالتزامات والضمان

عقد المقاولة ( مسئولية المقاول - المهندس المعماري ) مسئولية المقاول في القانون المصري مسؤولية المقاول في أعمال البناء عقد المقاولة في القانون المصري pdf المادة 651 من القانون المدني المصري مسؤولية المهندس مسؤولية المهندس والمقاول شروط عقد المقاولة مسؤولية المهندس المعماري

( أولا ) الالتزام بتقديم العمل دون المواد المستخدمة في انجازه

1- يترتب علي عقد المقاولة أن تنشأ التزامات في جانب المقاول والتزامات مقابلة في جانب رب العمل. وقد يتعاقد المقاول مع مقاول من الباطن لإنجاز بعض الأعمال المعهود بها إليه أو لإنجاز جميع هذه الأعمال. والتزامات المقاول نحو رب العمل ثلاثة:

  1. إنجاز العمل المعهود به إليه بموجب عقد المقاولة.
  2. تسليم العمل بعد إنجازه.
  3. ضمان العمل بعد تسليمه.

ويقع كثيرا أن يحتاج العمل المطلوب إنجازه إلي مادة تستخدم في صنعه أو يستعان بها فيه. فالنجار في صنع مكتب أو مكتبة أو أثاث يحتاج إلي الخشب اللازم لصنع ذلك، والحائك في صنع الثوب يحتاج إلي القماش اللازم، وصانع الأسنان يحتاج إلي المادة اللازمة لصنع هذه الأسنان، وهكذا.

وهنا يجب التمييز بين فرضين:

  • فإما أن يكون المقاول قد تعهد بتقديم المادة بالإضافة إلي العمل.
  • وإما أن يكون رب العمل هو الذي تعهد بتقديم المادة وأقتصر المقاول علي التعهد بتقديم العمل.

(الوسيط- 7- مجلد 1- الدكتور السنهوري- ص64 وما بعدها)

2- يبين من نص المادة 647 مدني- والنصوص العربية المقابلة لها- أنه يجب علي المقاول أن يقوم بتنفيذ العمل الذي عهد به إليه وفقا لشروط العقد، وأن يعني بالتنفيذ عناية الرجل المعتاد ويجب أن ينتهي العمل ويسلم في الميعاد المتفق عليه،

 وإذا لم يكن قد عين ميعاد ففي ميعاد ملائم. وإذا لم يتم المقاول العمل جاز لرب العمل أن يعهد بإتمامه إلي آخر علي نفقة المقاول، إلا إذا كان المقاول قد اختير لشخصه، وإذا لم يتم العمل في الميعاد ألزم بالتعويض حتى إذا كان الميعاد المتفق عليه غير كاف، لأنه كان عليه ألا يعد بما لا يستطيع القيام به

 وإذا كان مقدار التعويض معينا ألزم به ولو كان العمل لا يمكن إتمامه في الميعاد المحدد. ويجب علي المقاول أن يسلم العمل لرب العمل عند انتهائه، وتختلف صفة هذا الإلتزام باختلاف ما إذا كانت المادة سلمها رب العمل المقاول، أو قدمها المقاول نفسه.

في الحالة الأولي تبقي ملكية الشيء لرب العمل، ويكون المقاول بمثابة مودع لديه مع إلتزامه بقلب شكل الشيء أو بإصلاحه أو بترميمه، ويحصل التسليم برد الوديعة، ويكون لرب العمل أن يطلب من القضاء إسترداد ما له بين يدي رب العمل إذا رفض تسليمه.

أما إذا كان العامل هو الذي قدم المادة، فإن العقد يكون تبعا ممزوجا بمقاولة. ولما كان المقاول هو مالك المادة فيوجد نقل للملكية لمصلحة رب العمل، ويبقي المقاول مالكا لغاية وقت التسليم، ومادام التسليم لم يحصل فلا يجوز لرب العمل أن يسترد الشيء، لأنه ليس مالكا، وإنما يكون له فقط أن يطلب الحكم علي المقاول بالتعويضات أو أن يجبره علي التسليم بطريق غير مباشر بواسطة التلجئة المالية

والإلتزام بالتسليم يقتضي دائما الإلتزام برد الأشياء التي تسلمها رب العمل إلي المقاول لتيسير مهمته، مثل الرسوم والنماذج.

(العقود المسماة- الجزء 4- الدكتور محمد كامل مرسي- ص482 وما بعدها)

( ثانيا ) التزام المقاول بتقديم العمل والمواد معا

1- طبق نص المادة قاعدة إعتبار العقد مزيجا من بيع ومقاولة – في حالة تقديم المقاول مادة العمل كلها أو بعضها، وكان للمادة قيمة محسوسة، سواء أكانت قيمة المادة أكثر من قيمة العمل أو أقل، ويقع البيع علي المادة وتسري أحكامه فيما يتعلق بها، وتقع المقاولة علي العمل وتنطبق أحكامها عليه- طبق النص سالف الذكر هذه القاعدة، فجعل المقاول مسئولاً عن جودة المادة وعليه ضمانها لرب العمل.

 ذلك أن المقاول في هذه الحالة يكون بائعا للمادة، فيضمن ما فيها من عيوب ضمان البائع للعيوب الخفية. والبيع هنا يكون معلقا علي شرط واقف، هو تمام صنع المادة، فيصبح للبيع بائنا وتنفذ آثاره، ومنها نقل الملكية وضمان العيوب الخفية، من وقت أن يتم المقاول عمله ويكسب الشيء المصنوع كل مقوماته الذاتية،

 أي من وقت أن يصبح الخشب مكتبا أو مكتبة أو أثاثا في حالة التعاقد مع نجار، أو من وقت أن يصبح القماش ثوبا تام الصنع في حالة التعاقد مع حائك، وهكذا. وتسري في ضمان العيوب الخفية الأحكام الملائمة لطبيعة عقد الإستصناع الذي نحن بصدده وهي أحكام عقد البيع، فيكون المقاول ملزما بالضمان إذا لم تتوافر في المادة الصفات التي كفل لرب العمل وجودها فيه، أو كان بالمادة عيب ينقص من قيمتها أو من نفعها بحسب الغاية المقصودة منها، ويضمن المقاول هذا العيب، ولو لم يكن عالما بوجوده (م447/ا مدني)،

ولا يضمن المقاول العيوب التي كان رب العمل يعرفها وقت تمام صنع الشيء، أو كان يستطيع أن يبينها بنفسه لو أنه فحص الشيء بعناية الرجل العادي إلا إذا أثبت رب العمل أن المقاول قد أكد له خلو الشيء من هذا العيب، أو أثبت أو المقاول قد تعمد إخفاء العيب غشا منه (م447/2 مدني).

ولا يضمن المقاول عيبا جري العرف علي التسامح فيه (م448 مدني). وإذا تسلم رب العمل الشيء، وجب عليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك وفقا للمألوف في التعامل، فإذا كشف عيبا يضمنه المقاول وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة، فإن لم يفعل إعتبر قابلا للشيء (م449/1 مدني).

أما إذا كان للعيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد تم كشفه رب العمل، وجب عليه أن يخطر به المقاول بمجرد ظهوره، وإلا إعتبر قابلا للشيء بما فيه من عيب (م449/2 مدني). وإذا أخطر رب العمل المقاول بالعيب في الوقت الملائم، كان له أن يرجع بالضمان علي النحو المبين في المادة 444مدني (م450 مدني).

وتبقي دعوى الضمان ولو هلك الشيء بأى سبب كان (م 451مدني). وتسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم الشيء إلي رب العمل ولو لم يكشف هذا الأخير العيب إلا بعد ذلك، ما لم يقبل المقاول أن يلتزم بالضمان لمدة أطول، علي أنه لا يجوز للمقاول أن يتمسك بالسنة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشا منه (م 452 مدني).

وفي اختيار المقاول للمادة التي يقدمها يجب عليه أن يلتزم الشروط، والمواصفات المتفق عليها في خصوص هذه المادة. وإذا لم تكن هناك شروط ومواصفات، وجب علي المقاول أن يتوخى في اختيار المادة أن تكون وافية بالغرض المقصود مستفادا مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء أو الغرض الذي أعد له (م 447/1 مدني).

وإذا لم يتفق المتعاقدان علي درجة المادة من حيث جودتها، ولم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من أي ظرف آخر التزام المقاول بأن يقدم مادة من صنف متوسط (م133/2 مدني).

(الوسيط- 7 مجلد 1- للدكتور السنهوري- ص69 وما بعدها)

2- إذا هلكت مادة العمل بحادث مفاجئ تخلص المقاول من التزامه بالتسليم، ولكن عليه، وفقا للقواعد العامة أن يثبت الحادث المفاجئ. ولكن هل يكون رب العمل ملزما بأداء ثمن العمل يتحمل المقاول كل الخسارة إلا إذا كان قد أعذر رب العمل لتسلم الشيء، ثم حصل الهلاك.

العقود المسماة- 4- للدكتور محمد كامل مرسي- ص485

وقد نصت الفقرة الأولي من المادة 663 من التقنين اللبناني علي أن:

“الصانع الذي يقدم المواد يكون ضامناً لثبوتها”) وقد نصت المادة 873 من القانون التونسي علي أنه: “إذا كان الأجير ملتزما بمواد الخدمة ضمن نوع ما استعمله منها. وإذا أتي بها المستأجر كان علي الأجير إستعمالها علي مقتضى قوانين الصناعة بلا تفريط ثم يحاسبه عما استعمله منها ويسلم له الباقي”.

3 ) مسئولية المقاول بالحفاظ على المواد المقدمة من صاحب العمل

1- المفروض – في نص المادة 649 مدني أن رب العمل هو الذي يقدم المادة للمقاول، فيقدم مثلا القماش للحائك أو الخشب للنجار أو الذهب للصائغ أو الورق للمطبعة أو الأرض لمقاول البناء… الخ. ويجب علي المقاول في هذه الحالة أن يحافظ علي المادة المسلمة إليه من رب العمل، وأن يبذل في المحافظة عليها عناية الشخص المعتاد، فإن نزل عن هذه العناية كان مسئول عن هلاكها أو نقلها أو ضياعها أو سرقتها.

وإذا احتاج الحفظ إلي نفقات، تحملها المقاول، لأنها تعتبر جزءا من النفقات العامة التي أدخلها في حسابه عند تقدير الأجر. يجب علي المقاول أن يستخدم المادة طبقا لأصول الفن، فيجانب الإفراط والتفريط، ويستعمل منها القدر اللازم لإنجاز العمل المطلوب منه دون نقصان أو زيادة،

وأن يؤدي حسابا لرب العمل عما استعمله منها ويرد له الباقي إن وجد. فإن بقي من الخشب أو من القماش أو الذهب أو الورق الذي تسلمه من رب العمل شيء بعد أن أتم صنع الأثاث أو الثوب أو المصاغ أو طبع الكتاب. وجب عليه رده لرب العمل. وإذا كشف في أثناء عمله، أو كان يمكن أن يكشف تبعا لمستواه الفني، أن بالمادة عيوبا لا تصلح معها للغرض المقصود، وجب عليه أن يخطر رب العمل فورا بذلك، وإلا كان مسئولاً عن كل ما يترتب علي إهماله من نتائج.

كذلك إذا قامت ظروف من شأنها أن تعوق تنفيذ العمل في أحوال ملائمة. ولما كانت مسئولية المقاول في هذا الخصوص مسئولية عقدية، فإنه إذا تلف الشيء أو ضاع أو هلك، وقع عبء الإثبات علي رب العمل، فعليه أن يثبت أن المقاول لم يبذل في حفظ الشيء عناية الشخص المعتاد، وأن هذا الإهمال هو الذي ترتب عليه تلف الشيء أو ضياعه أو هلاكه. والمقاول من جانبه أن يثبت، حتى يدرأ عن نفسه المسئولية، أنه بذل عناية الشخص المعتاد، أو أن التلف أو الضياع أو الهلاك كان بسبب أجنبي لا يد له فيه،

فتنتفي مسئوليته في الحالتين. كذلك المفروض أن المقاول يتوافر علي الكفاية الفنية الكافية وعلي رب العمل يقع عبء إثبات أن المقاول قد تسبب بقصور كفايته الفنية في جعل المادة أو بعض منها غير صالحة للاستعمال. وللمقاول من جانبه أن يدرأ عن نفسه المسئولية أن يثبت أنه قد قام بجميع واجباته بحسب أصول الفن

 أو أن صيرورة المادة غير صالحة للاستعمال لا يرجع إلي قصور فني من جانبه، بل يرجع إلي سبب أجنبي. وإذا حدث الضياع أو التلف بعد أن أعذر المقاول رب العمل لتسلم العمل، فإن مسئولية المقاول تنتفي، ما لم يثبت رب العمل أن الضياع أو التلف كان بسبب خطأ المقاول. وإذا استعان المقاول بشخص يساعده في إنجاز العمل أو استخدمه في ذلك،

فإنه يكون مسئولاً عنه مسئولية المتبوع عن التابع، ولكن مسئوليته هنا عقدية لا تقصيرية. ويلتزم المقاول بأن ينجز العمل في المدة المتفق عليها أو المدة المعقولة (وفقا لطبيعة العمل وعرف الحرفة وإمكانيات المقاول)

وهو التزام بتحقيق غاية وليس إلتزاماً ببذل عناية، فلا يكفي- لإعفاء المقاول من المسئولية عن التأخر- أن يثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد في إنجاز العمل في الميعاد ولكنه لم يتمكن من ذلك،

بل يجب عليه حتى تنتفي مسئوليته أن يثبت السبب الأجنبي (القوة القاهرة- الحادث الفجائي- فعل الغير)، فإذا أثبته انتفت مسئوليته لانتفاء علاقة السببية. وإذا تحققت مسئولية المقاول كان لرب العمل- تطبيقا للقواعد العامة- إما أن يطلب التنفيذ العيني

 وإما أن يطلب الفسخ مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض، ويجب أن يعذر رب العمل المقاول كما تقضى بذلك القواعد العامة.

وبشرط أن يكون التنفيذ العيني ممكنا مع حق رب العمل في الالتجاء إلي التهديد المالي إن كان مجديا، وإلا لم يبق أمامه إلا الفسخ مع التعويض. فإذا كانت شخصية المقاول محل إعتبار جاز لرب العمل أن يطلب ترخيصا من القضاء في إتمام العمل بواسطة مقاول آخر علي نفقة المقاول الأول إن كان التنفيذ ممكنا،

ويجوز في حالة الاستعجال- ترميم منزل آيل للسقوط- أن يجري رب العمل تنفيذ الإلتزام علي نفقة المقاول بغير ترخيص من القضاء (م 209 مدني).

وإذا اختار رب العمل الفسخ لجسامة الإخلال بالالتزام، فإن القاضي طبقا للقواعد العامة أن يجيب الطلب، كما أن له أن يمهل المقاول حتى يقوم بتنفيذ التزامه، كما أن للمقاول أن يعرض- قبل النطق بالفسخ- أن ينفذ التزامه فلا يحكم القاضي بالفسخ ولكنه يقضي بالتعويض إن كان له محل.

(الوسيط -7-1 للدكتور السنهوري- ص72 وما بعدها)

2- إذا هلك الشيء بحادث مفاجئ من غير أن يوجد تقصير من جانب المقاول، فإن الهلاك يكون علي رب العمل، ويتخلص المقاول من التزامه بالتسليم.

وعلي المقاول إثبات الحادث المفاجئ، وفقا للقواعد العامة. فإذا هلك الشيء أو صار غير صالح للاستعمال بسبب إهمال الصانع أو عدم كفايته الفنية كان ضامنا للهلاك

 والتزم برد قيمة الشيء لرب العمل. ووفقا للقواعد العامة لا يترتب علي التأخير الحاصل بسبب مفاجئ فسخ العقد ولا التعويضات. وعند عدم الاتفاق يكون التعويض بمراعاة الضرر. ويجوز لرب العمل أن يعهد بالأعمال إلي مقاول آخر علي نفقة من أخل بالتزاماته،

ولكن لابد في ذلك من إذن للقضاء. ووفقا للقواعد العامة لا يبدأ سريان التعويضات بسبب عدم إنجاز العمل أو عدم التسليم إلا من وقت الإعذار.

(العقود المسماة- الجزء 4- للدكتور كامل مرمي- ص485 وما بعدها)

( د ) يجب على المقاول تنفيذ العمل على الوجه الصحيح

يخلص من نص المادة 650 مدني أن رب العمل، وإن لم يكن له حق الإشراف والتوجيه علي المقاول، إذ المقاول يعمل مستقلاً عن رب العمل، وهذا هو الذي يميز المقاولة عن عقد العمل، إلا أن رب العمل من حقه أن يتعهد العمل وهو في يد المقاول ليراقب ما إذا كان يجري طبقا للشروط والمواصفات المتفق عليها

 وأن المقاول ينفذ العمل طبقا لأصول الصناعة وعرف أهل الحرفة. فليس رب العمل إذن ملزما بالتربص حتى ينتهي العمل ويقسمه له المقاول، ليري ما إذا كان هذا الأخير قد راعي الشروط والمواصفات وأصول الصناعة في عمله فيقبل العمل، أو لم يراعها فيرفضه. والخير في أن يمكن رب العمل من مراقبة ذلك منذ البداية حتى يوفر علي نفسه وعلي المقاول ذاته الوقت والجهد والمشقة إذا ما تم العمل معيبا أو منافيا لشروط العقد

 ثم يرفضه بعد أن يكون قد تم. وهذا ضرب من الرقابة خير من رفض العمل بعد تمامه كعلاج لما فيه من نقص أو عيب. فإذا لاحظ رب العمل أن مقاول البناء، وهو يقيم البناء، قد أخل ببعض الشروط والمواصفات المتفق عليها بأن لم يدعم مثلا الأساس أو يصل به إلي العمق المكاني أو لم يجعل الحيطان في السمك المتفق عليه

 أو لاحظ أن النجار الذي يصنع الأثاث المطلوب لم يراع أصول الصناعة في صنع الوحدات الأولي من الأثاث أو يستخدم خشبا في هذه الوحدات غير الخشب المتفق عليه أو من صنف أقل جودة، فلرب العمل في هذه الحالة حق التدخل لمنع المقاول من المضي في عمله المعيب أو المنافي لشروط العقد.

(الوسيط -7- 1 للدكتور السنهوري- ص81 وما بعدها، والعقود المسماة-4- للدكتور كامل مرسي- ص490 وما بعدها)

( هـ ) التزام المقاول والمهندس المعماري بضمان العمل

1- يعرض نص المادة 651 مدني لضمان المهندس المعماري والمقاول التهدم أو العيوب التي تصيب ما أقاماه من مباني أو منشآت ثابتة أخرى. ونظرا لخطورة تهدم المباني أو تصدعها بالنسبة إلي رب العمل وبالنسبة إلي الغير، شدد المشرع من هذا الضمان حتى يدفع المهندس والمقاول إلي بذل كل عناية ممكنة فيما يشيدانه من المنشآت

 فالضمان هنا ضمان خاص مقصور علي دائرة معينة، وهذه الدائرة تتحدد بتحديد طرفي الضمان وسببه. فإذا ما تحقق سبب الضمان وقام بين طرفيه، وجب أن نبين جزاء هذا الضمان، وأن نبين في الوقت ذاته الظروف التي ينتفي أو لا ينتفي فيها الضمان. وحتى يمكن أن يتحقق الضمان، يجب أن يكون هناك عقد مقاولة محلها منشآت ثابتة، وعلي رأس المنشآت الثابتة المباني من أي نوع كان

 ولا يشترط أن يكون المبني قد شيد بالطوب أو بالحجارة، بل يجوز أن يكون مشيدا بالخشب أو بالحصير (كبائن- عشش رأس البر). وإلي جانب المباني توجد منشآت ثابتة أخرى يجوز أن يتحقق في مقاولاتها للضمان (الجمهور- الكباري- القناطر- السدود … الخ). ويخرج المنقول (السيارات- السفن- العوامات … الخ).

 ويجب أن يكون العقد الواقع علي المنشآت الثابتة هو عقد مقاولة. والذي يترتب في ذمته الضمان هو المهندس المعماري، والمقاول في عقد المقاولة، فالمهندس المعماري هو الذي يعهد إليه في وضع التصميم والرسوم والنماذج لإقامة المنشآت، وقد يعهد إليه بإدارة العمل والإشراف علي تنفيذه ومراجعة وحسابات المقاول والتصديق عليها وصرف المبالغ المستحقة إليه. والمقاول هو الذي يعهد إليه في إقامة المنشآت الثابتة

 يستوي أن يكون هو أو رب العمل أحضر المواد التي أقام بها المنشآت ففي الحالتين يلتزم بالضمان. ويجوز تعدد المقاولين (مقاول بناء، ومقاول نجارة- ومقاول أدوات صحية أو كهربائية)، كما يسأل المقاول عمن يستخدمهم في أعماله مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة (كما لو كانوا مقاولين من الباطن).

والذي يطالب بالضمان في عقد المقاولة هو رب العمل في هذا العقد، فهو الذي يصاب بالضرر من جراء تهدم البناء أو ظهور عيب في المنشآت يهدد سلامتها أو متانتها، فيرجع بالضمان علي المهندس المعماري أو علي المقاول أو عليهما معا متضامنين.

 ويحل ورثة رب العمل محله في المطالبة بالضمان، ولدائنيه أن يرفعوا الدعوى غير المباشرة باسمه للمطالبة بالضمان وكذلك يجوز أن يكون الخلف الخاص دائنا بالضمان (كالمشتري أو الموهوب له مثلا).

ذلك أن الحق في الرجوع بالضمان قد انتقل مع المبني إلي الخلف الخاص طبقا لنظرية الاستحلاف في الحقوق والالتزامات، ويجوز للمشتري أن يرجع علي بائعه بضمان العيب، وفي هذه الحالة يكون للبائع- وهو رب العمل- أن يرجع بدوره علي المهندس أو المقاول بالضمان

وله أن يدخلهما ضامنين في دعوى العيب التي يرفعها عليه المشتري. ولا يكون رب العمل دائنا بالضمان إذا كان مقاولا أصلياً تعاقد مع مقاول من الباطن.

ومتي تحقق سبب الضمان الذي يرجع إلي البناء، فإن المقاول الذي قام بالبناء يكون ملتزماً بالضمان. ويكون ملتزما بالضمان أيضاً المهندس المعماري إذا عهد إليه بالإشراف علي التنفيذ وتوجيه العمل، ويكون المقاول والمهندس في هذه الحالة متضامنين في الالتزام بالضمان (م651/1 مدني).

 وإذا رجع رب العمل علي المقاول والمهندس معا، أو رجع علي المهندس وحده، كان للمهندس في الحالتين أن يرجع علي المقاول بما رفعه لرب العمل، لأن الخطأ هو خطأ المقاول وقد أشرف المهندس عليه فصار مسئولاً عنه.

(الوسيط – 7-1 – للدكتور السنهوري- ص104 وما بعدها)

3- الأعمال التي تترتب عليها المسئولية بعد تسليم العمل ليست كل الأعمال التي يباشرها المقاول والمهندس المعماري

بل فقط المباني والمنشآت الثابتة الأخرى. وليس من الضروري أن يكون البناء منزلا، فيعتبر من المنشآت الثابتة إنشاؤه بئر أو جسر أو مصرف أو تبليط طريق أو القيام بترميمات كبيرة. وبمقتضى المادة 651 من القانون المدني المصري يضمن المهندس المعماري والمقاول التهدم الكلي أو الجزئي ولو كان ناشئا عن عيب في الأرض، وعيوب البناء التي يترتب عليها تهديد معانة البناء وسلامته. فيجب أن يكون هناك عيب يهدد سلامة البناء،

أما العيوب الأخرى التي لا تؤثر في سلامته فيتخلص منها المهندس المعماري والمقاول بحصول التسليم. ويجب أن يكون العيب خفيا ، فالعيوب الظاهرة التي ما كان للمالك أن يجعلها وقت تسلمه العمل لا ينجم عنها أية مسئولية علي المهندس المعماري أو المقاول.

 وبناء علي ما تقدم يكون المهندس المعماري والمقاول مسئولين عن عيوب البناء الناشئة عن استعمال أدوات أو عدم اتخاذ الاحتياجات المعتادة ضد الحريق. وعيب التصميم من الحالات التي يسأل عنها المهندس المعماري. وعدم مراعاة القوانين واللوائح التي ينتج عنها أضرار للجيران أو مخالفة أو التزام بالهدم، إذا أهملت مراعاة خط التنظيم أو حصل تجاوز للارتفاع المرخص فيه، يكون من الأوجه التي يترتب عليها المسئولية.

 ولا يخفف من مسئولية المقاول كونه يعمل بثمن بخس. إن القانون قد ذكر المهندسين المعماريين والمقاولين، ويقصد بهم كل شخص يبرم عقد مقاولة لإقامة بناء أو منشآت ثابتة، وقد جعلهم القانون مسئولين بسبب حرفتهم، فالأعمال التي يؤدونها هي التي ترتب عليهم التزام للضمان، ولكن مورد الأدوات لا يكون ملزما بالضمان لأنه بائع.

وقد حافظ القانون المصري الجديد علي النطاق التقليدي لهذه المسئولية فجعلها شاملة للمهندس المعماري والمقاول، ولا يطبقها علي المهندس الميكانيكي إلا إذا قام بوظيفة المهندس المعماري.

(العقود المسماة- الجزء 4- للدكتور كامل مرسي- المرجع السابق ص498 وما بعدها)

3- فإذا تركنا المادة، سواء قدمها المقاول أو صاحب العمل، واقتصرنا علي العمل الذي قام به المقاول وجدنا أنفسنا أمام ثلاث مسائل رئيسية:

  • الأول- ضمان المقاول للعمل الذي أنجز وتم تسليمه.
  • الثانية – المدة التي يسري خلالها هذا الضمان.
  • الثالثة- مسئولية المهندس المعماري في هذا الضمان. وقد اختلف في بيان مصدر مسئولية المقاول والمهندس بعد التسليم، إلي أربعة آراء:
  • الرأي الأول – يقول بأن هذه المسئولية مصدرها عقد المقاولة، أي أنها مسئولية عقدية بحتة.
  • الرأي الثاني- يقول بأنها مسئولية عقدية قررها القانون.
  • الرأي الثالث – يقول بأنها مسئولية تقصيرية.
  • الرأي الرابع – يقول بأنها مسئولية قانونية بحتة.

واعتنق الفقه الفرنسي والنقض الفرنسية الرأي الأول (الغالب) القائل بأن مسئولية المقاول والمهندس من طبيعة عقدية طالما أنها ناجمة عن عدم تنفيذهما لالتزاماتها العقدية. وفي مصر ذهب الفقه والقضاء أيضا إلي أن هذه المسئولية هي لا شك مسئولية عقدية، لأنها تقوم علي التزام عقدي أنشأه عقد المقاولة، وهذا يصدق أيضا علي المقاولات المتعلقة بالمنشآت الثابتة علي الأرض،

فهي كسائر المقاولات تنشأ التزاما في ذمة المقاول أن تكون المنشآت خالية من العيب، فإذا انهدم البناء أو ظهر فيه عيب فقد تحققت المسئولية العقدية للمقاول والمهندس. ويتضح من استعراض الآراء المختلفة- كما يذهب الأستاذ عنبر المحامي- أن مسئولية المقاول والمهندس المعماري من التهدم والعيوب هي مسئولية بحتة مصدرها القانون وحده، بحيث لا تسري عليها إلا النصوص التي قررتها

 تترتب عند الحد الذي تنتهي فيه المسئولية العقدية، فتبدأ عندئذ لتسري حتى نهاية المدة التي حددها القانون للضمان نزولا علي ما تتطلب المصلحة العامة، فضلا عن الحماية الواجبة لرب العمل الذي يجهل في الغالب أمور الفن في البناء بعكس المقاول والمهندس اللذين يتمتعان بدراية وكفاية وخبرة عالية يفتقر إليها رب العمل.

(عقد المقاولة، دراسة مقارنة مع تشريعات الدول العربية- للأستاذ محمد عبد الرحيم عنبر المحامي- طبعة 1977- س155 وما بعدها، والمقاولة- رسالة ماجستير- للأستاذ محمد جابر الدوري المحامي- كلية القانون والسياسة- بغداد- 1975- ص45 وما بعدها)

( و ) نطاق مسئولية المهندس المعماري عن العمل

1- نري من نص المادة 652 مدني أن سبب الضمان قد يرجع إلي عيب في التصميم.

والتصميم يصنعه عادة مهندس معماري، ولكن لا يوجد مانع من أن يصنعه شخص آخر غير مهندس، وكثيرا ما يصنعه المقاول نفسه، وقد يصنعه رب العمل، فإذا وضعه رب العمل وكان معيبا كان هو الملوم، ولا يرجع علي أحد. أما إذا وضعه غيره المهندس أو المقاول أو شخص آخر غيرهما

 كما واضع التصميم هو المسئول عن عيوب التصميم ويجب عليه الضمان. وعيوب التصميم إما أن ترجع إلي خطأ في أصول الهندسة المعمارية، كأن يكون من وضع التصميم لا تتوافر فيه الكفاية الفنية. وإما أن ترجع عيوب التصميم إلي مخالفة قوانين البناء ولوائحه

 كأن يوضع التصميم علي أساس البناء علي رقعة من الأرض أكبر مما تسمح به هذه النظم، أو علي أساس أن يكون البناء مرتفعا أكثر مما يجب قانونا أو علي أبعاد تخالف القوانين واللوائح أو يخرج البناء عن خط التنظيم. وسواء رجع عيب التصميم إلي أصول الفن المعماري أو إلي مخالفة القوانين واللوائح، فإن واضع التصميم- ويكون غالبا هو المهندس المعماري- يجب عليه الضمان،

سواء أشرف علي التنفيذ أو لم يشرف. غير أنه إذا أشرف علي التنفيذ يكون مسئولاً متضامنا مع المقاول في حدود عيوب التنفيذ، ومستقلاً وحده في الضمان عن عيوب التصميم، ولا يكون المقاول مسئولاً معه. أما إذا لم يشرف علي التنفيذ واقتصر علي وضع التصميم، فإنه – كما تقول المادة 652 سالفة الذكر- يكون ملتزما بالضمان عن عيوب التصميم وحدها

ولا يضمن عيوب التنفيذ لأنه لم يشرف عليه. ولا يكون المقاول الذي قام بالتنفيذ ملتزما بضمان عيوب التصميم إذ التصميم ليس من وضعه، ولكن إذا كان العيب في التصميم من الوضوح بحيث لا يخفي علي المقاول، لاسيما إذا كان العيب يتعلق بمخالفة قوانين البناء ولوائحه، وأقدم المقاول علي تنفيذ التصميم بالرغم من العيب الذي فيه، فإنه يكون هو أيضا ملتزما بالضمان، ويكون في التزامه هذا متضامنا مع المهندس.

(الوسيط- 7- مجلد 1- للدكتور السنهوري- ص117 وما بعدها)

2- مسئولية المهندس المعماري ليست مقصورة علي عيوب البناء المترتبة علي عيوب التصميم الذي قام به

بل تشمل أيضا الخطأ الذي ارتكبه المقاول في تنفيذ التصميم، إلا إذا اقتصرت مهمة المهندس علي وضع التصميم ولم يكن من ضمنها الرقابة علي تنفيذه. وإذا أدار المهندس الأعمال بإتباع تصميم وضعه شخص آخر أو تصميم المالك، فإنه يكون مسئولاً عن عيوب التصميم لأنه قد تبناه. ويسأل المهندس عن أخطاء المقاول حتى إذا لم يكن هو الذي اختاره.

وإذا كانت مسئولية المقاول والمهندس المعماري عقدية، فيمكن إذن الإعفاء منها بثبوت القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ. ويمتاز نص المادة 652 مدني بميزة التوفيق بين الحلول التي قررتها محكمة الاستئناف المختلطة في بعض الحالات العملية، من ذلك استبعاد مسئولية المقاول المكلف تغطية الطريق بالأسفلت إذا كان العيب الحادث في غطاء الأسفلت ناجما عن هبوط الشارع بسبب خلل في مجاري المياه الممتدة في باطن الأرض

 وكذلك استبعاد مسئولية المقاول الذي استعمل موادا وأدوات انعقد الإجماع علي جودتها إذا كان من الثابت أن الخلل الحادث بسببها راجع إلي الأحوال الجوية الخاصة بالقطر المصري. علي أن هذا التطبيق محل للمناقشة. وفي طائفة أخرى من الأحكام قررت المحكمة إلقاء مسئولية تهدم البناء تحت تأثير ضغط مياه المطر علي عاتق المقاول، حتى لو كانت هذه الأمطار وافرة لدرجة غير عادية،

خصوصا إذا كان البناء منخفضا بجوار الشارع. كما أن المحكمة رفضت تمسك المقاول بالقوة القاهرة للتخلص من المسئولية بسبب هبوط أرصفة مقامة علي جوانب النيل. وقد قصد المشرع بالذات هذه الطائفة الأخيرة من الأحكام، فذكر في النص إلي جانب موقع الأرض حركتها الذاتية. وقد رأت لجنة مراجعة المشروع تعديل المادة بما يجعل الإثبات علي المهندس والمقاول بأن التهدم والعيب الذي ظهر يرجع إلي سبب أجنبي لابد لهما فيه.

(العقود المسماة- الجزء 4- للدكتور كامل مرسي- ص500 وما بعدها)

3- إن سبب الضمان – في تطبيق نص المادة 652 مدني- يرجع إلي عيب في التصميم.

وإذا كان التصميم يضعه عادة مهندس معماري أو يحتم القانون ذلك أحيانا، ولكن لا يوجد مانع من أن يضعه شخص آخر غير مهندس، وكثيرا ما يضعه المقاول نفسه، وقد يضعه رب العمل. فإذا كان قد وضعه رب العمل وكان معيبا فهو الملوم، ولا يرجع علي أحد

 ولكن قد يشترك معه المقاول في المسئولية إذا كان هذا الأخير علي علم بالخطأ أو العيب وأقره أو كان الخطأ أو العيب من الوضوح بحيث لا يخفي علي مجرب مثله.

أما إذا وضعه غيرهم، أي غير المقاول والمهندس ورب العمل، كان واضع التصميم هو المسئول عن عيوب التصميم ويجب عليه الضمان. ويسأل المهندس عن عيوب التصميم ولو لم يكن هو واضعه إذا كان قد تبناه وقام بالإشراف علي تنفيذه. وإذا كان المقاول هو الذي وضع التصميم فإنه يكون مسئولاً عن عيوبه وعن عيوب التنفيذ جميعا

 ولكن مسئوليته عن عيوب التصميم تكون بالقدر الذي تسمح به المقدرة الفنية لشخص في مستواه. وإذا تبني التصميم وتحمل مسئوليته فإنه يكون مسئولاً عما فيه من عيوب. وعيوب التصميم إما أن ترجع إلي خطأ في أصول الهندسة المعمارية،

 كأن يكون من وضع التصميم لا تتوافر فيه الكفاية الفنية اللازمة، أو لم يبذل العناية الكافية فيجئ التصميم معيبا من الناحية الفنية. وإما أن ترجع عيوب التصميم إلي مخالفة قوانين للبناء ولوائحه كأن يوضع التصميم علي أساس البناء علي مساحة من الأرض أو علي ارتفاع أكبر مما تسمح به هذه النظم أو علي أبعاد تخالف القوانين أو يخرج البناء علي خط التنظيم وغير ذلك من العيوب.

وسواء رجع عيب التصميم إلي أصول الفن المعماري أو إلي مخالفة القوانين واللوائح فإن واضع التصميم- يكون غالبا هو المهندس المعماري- يجب عليه الضمان سواء أشرف علي التنفيذ أو لم يشرف علي التنفيذ أيضا يكون مسئولاً مسئولية مزدوجة عن عيوب التصميم وعيوب التنفيذ، فيكون متضامنا مع المقاول في حدود عيوب التنفيذ،

ومستقلا وحده في الضمان عن عيوب التصميم، ولا يكون المقاول مسئولاً معه فيها، إلا إذا كانت عيوب التصميم من الوضوح بحيث لا تخفي علي المقاول، لاسيما العيوب المتعلقة بمخالفة قوانين ولوائح التنظيم، وأقدم المقاول علي تنفيذ التصميم بالرغم من هذه العيوب  فإنه (أي المقاول) يكون هو أيضا ملتزما بالضمان متضامنا مع المهندس.

وقد سبق أن أوضحنا أن القضاء الفرنسي يذهب إلي أن هذه المسئولية تقصيرية، لأن عقد المقاول ينتهي بانقضاء الالتزامات المتولدة عنه. كما ذكرنا أن الفقه في فرنسا وفي مصر

 وكذا القضاء في مصر يكادان يجمعان علي أنها مسئولية عقدية. وذهبنا (الأستاذ عنبر) مع رأي مغاير يقول إنها مسئولية مقررة بموجب القانون، أي مسئولية قانونية قائمة بذاتها، مستقلة بأحكامها عن المسئولية العقدية، وتنشأ مباشرة عن نص القانون وحده، وأنها تبتدئ في السريان من النقطة التي تنتهي عندها المسئولية العقدية، ولا ينطبق عليها إلا النصوص التي أنشأتها.

ذلك أن المسئولية العقدية وليدة الإرادة الحرة المبصرة، وقيامها يقتضي توافر أهلية العاقد وقت التعاقد، لأنه- كما يقول بعض الشراح- تعويض الطرف الآخر عن عدم الوفاء.

وذهب شراح آخرون إلي أبعد من ذلك، فيقررون وجوب توافر الأهلية لا وقت إبرام العقد الذي ينشئ الالتزام الأصلي فحسب، بل حتى وقت الإخلال بهذا الالتزام الذي يترتب عليه الالتزام بالتعويض. أما بالنسبة لمسئولية المقاول والمهندس عن التهدم كليا أو جزئيا أو العيوب التي تظهر في المباني بعد الإنجاز والتسليم، فحيث أن المدة المحددة قانونا لهذه المسئولية لا تعتبر مدة تقادم ولا مدة سقوط وإنما مدة تجربة لاختبار متانة المباني وسلامتها

 فإنها تسري علي ناقصي الأهلية، وهذا يعني أن هذه المسئولية ليست عقدية لأن من شروط تحقق الأهلية، وهذا يعني أن هذه المسئولية ليست عقدية لأن من شروط تحقق المسئولية العقدية توافر أهلية العاقد، وهي لا تتحقق إذا كان العاقد ناقص الأهلية. ومن حيث جسامة الخطأ الموجب للمسئولية ، فإن المسئولية العقدية لا تقوم إلا علي أساس الخطأ العقدي أي الإخلال بالالتزام الناشئ عن العقد

 ولا يسأل المدين فيها عن الخطأ الذي يتسامح فيه عادة (التافه أو اليسير جدا). ومن حيث عبء الإثبات فإن الدائن في المسئولية العقدية يكلف بإثبات خطأ المدين عن طريق إثبات. وجود العقد الصحيح، وحلول وقت الوفاء بالالتزام، وعدم الوفاء بالالتزام، والاعذار (الإنذار) في الحالات الموجبة له. أما في مسئولية المقاول والمهندس عن التهدم أو العيوب التي تظهر بعد الإنجاز والتسليم، فلا يكفي أن يثبت الدائن وجود العقد السابق الذي انتهي بالتسليم وإنما عليه أن يثبت وقوع التهدم أو ظهور العيب.

(عقد المقاولة للأستاذ محمد عبد الرحيم عنبر المحامي- المرجع السابق- ص1802 وما بعدها)

( ز ) بطلان شرط اعفاء المقاول والمهندس المعماري من المسئولية بقوة القانون

1- أراد المشرع أن يدعم الحماية التي منحها رب العمل، فجعل أحكام الضمان- في عقد المقاولة- من النظام العام، علي خلاف القواعد العامة فيه، لا يجوز الإنفاق علي محوها أو علي التخفيف منها.

وقد ذكر ذلك أمام لجنة مجلس الشيوخ عندما اعترض علي النص، فقيل في الدفاع عنه: “إنه لو حذف هذا النص سيلجأ المهندسون والمقاولون إلي تضمن عقودهم نصوصا تعفيهم من المسئولية، والمراد بالمادة حماية طبقة لا يفهمون في مسائل البناء.

 ويخلص من نص المادة 653 مدني أنه لا يجوز الإنفاق مقدما علي الإعفاء من الضمان أو علي الحد منه، فلا يجوز أن يشترط المقاول أو المهندس في عقد المقارنة أنه بمجرد تسلم رب العمل للبناء تبرأ ذمة المقاول أو المهندس من الضمان عن جميع العيوب الظاهرة والخفية علي السواء. وكما لا يجوز الإنفاق علي الإعفاء من الضمان، كذلك لا يجوز الإنفاق علي الحد منه

فلا يجوز الإنفاق، فلا يجوز مثلا اشتراط أن يكون الضمان لمدة خمس سنوات من وقت تسلم العمل بدلا من عشر سنوات، أو اشتراط أن يقتصر الضمان علي عيوب معينة، أو ألا يشمل الضمان عيوبا معينة، فكل هذه اتفاقات باطلة لمخالفتها للنظام العام، ويرجع رب العمل بالضمان كاملا عن جميع العيوب لكل مدة عشر سنوات بالرغم من أي اتفاق مخالف.

(تراجع حكم النقض الصادر بجلسة 27/11/1973 المعلق به علي نص المادة 651 مدني)

ولكن لا يوجد ما يمنع من تشديد الضمان، إذ أن الضمان إنما قصد به حماية رب العمل، فليس هناك ما يحول دون أن يقوي رب العمل هذه الحماية باتفاق خاص، فيجوز اشتراط أن يبقي للضمان عن العيوب مدة تزيد علي عشر سنوات بحسب جسامة المنشآت ودقة العمل بها،

كما يجوز الاتفاق علي أن الضمان يشمل العيوب الظاهرة لمدة عشر سنوات أو أقل أو أكثر، بل يجوز الاتفاق علي ضمان المقاول أو المهندس للقوة القاهرة. والمفروض أن الاتفاق علي الإعفاء من الضمان أو علي الحد منه إنما هو سابق علي تحقق سبب الضمان، فإنه في ذلك الوقت يكون هناك معني لحماية رب العمل، إذ قد يقوده عدم خبرته إلي الاستهانة بقيمة الضمان، ويغليه المهندس أو المقاول- وهو الجانب الأقوى- علي أمره فيدفعه إلي قبول الإعفاء من الضمان أو الحد منه.

أما بعد تحقق سبب الضمان، وتبين رب العمل خطورة العيوب التي انكشفت، فهو حر في ذلك، وقد ثبت حقه في الضمان

 أن ينزل عن هذا الحق أو بعضه، نزولا صريحا أو ضمنيا. فإذا انكشف عيب في البناء يتحقق به الضمان، جاز لرب العمل أن ينزل صراحة عن حقه في الرجوع علي المقاول أو المهندس بسبب هذا العيب. وقد يحمل سكوت رب العمل عن الرجوع بالضمان مدة طويلة بعد انكشاف العيب نزولا ضمنيا عن حقه، ولو كانت هذه المدة أقل من ثلاث سنوات، وهي المدة التي تتقادم بها دعوى الضمان

 متي اقترن هذا السكوت بملابسات قاطعة في أن رب العمل قصد بسكوته النزول عن الضمان، ومن هذه الملابسات أن يدفع رب العمل للمقاول أو المهندس أجره دون تحفظ أو أن يقوم بإصلاح العيب دون تحفظ ودون إثبات الحالة ودون أن يدفعه إلي ذلك ضرورة الاستعجال

 وقد يتهدم جزء من البناء ويظهر في باقيه عيب، فيرجع رب العمل بالضمان فيما يتعلق بالتهدم، ولا يرجع بالضمان فيما يتعلق بالعيب، فهنا يكون رب العمل قد نزل عن الضمان نزولا جزئيا، في التهدم دون العيب.

(الوسيط- 7- 1- للدكتور السنهوري- المرجع السابق- ص139 وما بعدها)

2- في فرنسا، بحث الشراح والمحاكم ما إذا كانت شروط عدم المسئولية تعتبر صحيحة، وقالوا إنه إذا كانت مسئولية المهندسين المعماريين والمقاولين لا تزول إذا كان التنفيذ بناء علي أوامر المالك، فإنه يجب أن تبقي إذا تضمن العقد شرطا بعدم الضمان

 فمسئوليتهم إنما قررها القانون لحماية الملاك من العيوب التي لا يستطيعون بسبب عدم خبرتهم أن يتبنوها، فضلا عن أنها قد تصبح من الشروط الدارجة أو المألوفة، وتقدم كضمان، والنظام العام يقتضي أن يكون البناء متينا. علي أنه وإن كان الشراح والمحاكم ضد اشتراطات عدم مسئولية المهندسين المعماريين والمقاولين، فإنهم قالوا بوجود حالات تخفف من تلك المسئولية، منها:

(أ) إذا كان المالك ذا خبرة فنية كالتي لدي المهندس المعماري، فإنه في حالة وجود شرط عدم الضمان يستطيع أن يعرف مدي التزامه ولا يكون للحماية القانونية صفة النظام العام.

(ب) يجوز استبعاد المسئولية لمدة أقل من المدة التي نص عليها القانون. وتقضي محكمة النقض الفرنسية بأنه لا توجد مخالفة للنظام العام إذا نقصت مدة المسئولية.

ولكن ليس معني ذلك أنه لا يجوز للطرفين إنقاص المدة لزمن قصير بحيث تنعدم المسئولية، ولكن معني ذلك أنه يجرؤ للطرفين إنقاص مدة الضمان للوقت اللازم لتبين العيوب التي يسأل عنها المهندس والمقاول.

(العقود المسماة- 4- لدكتور كامل مرسي- المرجع السابق- ص504 وما بعدها)

3- الحكمة من وضع المادة 563 مدني ظاهرة، وهي تفادي الشروط المجحفة التي يضعها المقاولون وشركات البناء في عقود مطبوعة، فلا يتنبه لها الجمهور

 ثم يفاجئ رب العمل بسقوط حقه في الضمان تطبيقا لشرط مطبوع لم يلتفت إليه، فاحتاط المشرع لذلك بالنص صراحة علي بطلان شرط عدم الضمان أو الحد منه، وهذا يتفق مع ما قررته المادة 651 مدني من قيام المسئولية ولو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة، لأنه لا يمكن اعتباره في مستوي المهندس أو المقاول من الناحية الفنية.

(التقنين المدني الجديد- للدكتور محمد علي فريد- الطبعة 2- 1955- ص467)

4- إن الضمان بوجه عام- عدا ضمان المقاول والمهندس للمنشآت الثابتة- لا تعتبر أحكامه من النظام العام، فالأول يجوز الاتفاق علي ما يخالف أحكامه تخفيفا أو تشديدا أو محوا باتفاق خاص، أما الثاني- أي ضمان المقاول والمهندس- فتعتبر أحكامه عن النظام العام بنص صريح جميع التشريعات العربية، ولا يوجد في فرنسا نص مماثل ولكن العمل جري عليه.

 ويبرر ذلك أن رب العمل لا يكون عادة ذا خبرة فنية في أعمال البناء بعكس المقاول أو المهندس المعماري، ولذلك حماه القانون منهما هذه الحماية الخاصة التي رأينا في تحديد مدة طويلة لاختيار متانة البناء وصلابته. هذا، فضلا عن أن المقاول والمهندس هما الجانب الأقوى في عقد المقاولة بسبب هذه الخبرة الفنية، ويستطيعان أن يضيعها بسهولة هذه الحماية علي رب العمـل لـو جـاز لهما اشتراط عدم المسئولية أو التخفيف منها بأن يدرجا في عقد المقاولة، هذا الشرط، فيصبح من الشروط المألوفة في هذه العقود

 كما هو الشأن في عقود الإيجار المطبوعة التي يوقعها المستأجر دون أن يقرأ أو يدرس أو يفهم محتوياتها، وكأنها شروط إذعان كعقود المياه، والغاز، والتليفون مع أن عقد المقاولة وعقد الإيجار كليهما من العقود الرضائية التي لابد فيها من إيجاب وقبول.

ولقد ورد في مناقشات لجنة القانون المدني المصري في مجلس الشيوخ عند نظر المادة 652 مدني أن البعض قد اعترض علي النص علي أن هذا البطلان من النظام العام، فقيل تبريراً لذلك أنه لو حذف هذا النص سيلجأ المهندسون والمقاولون إلي تضمين عقودهم نصوصا تعفيهم من المسئولية، والمراد بالمادة حماية طبقا لا يفهمون في مسائل البناء. يضاف إلي ذلك خطورة انهيار المباني علي سلامة أرواح الناس

 سواء أكانوا أصحابها أو مستأجرين أو جيرانها أو من المارة في الشوارع بجوارها أو العاملين في ترميمها أو إصلاح بعض ما بها من عيوب، وهؤلاء طائفة كبيرة لو أحصيناهم في كل كارثة من الكوارث التي نسمع أو نقرأ عنها بين حين وآخر. لكل هذه الأسباب أراد المشرع أن يدعم هذه الحماية الضرورية فجعلها من النظام العام حتى لا تضيع أرواح الناس أو أموالهم هباء نتيجة عبث بعض المستهترين أو خربي الذمة من المقاولين والمهندسين المعماريين

 أو حتى تهاونهم في الشعور بالمسئولية الخطيرة الملقاة علي عاتقهم. ويخلص من النصوص المتقدمة أنه لا يجوز الاتفاق مقدماً علي الإعفاء من هذا الضمان أو الحد منه، فلا يجوز مطلقا أن يشترط المقاول أو المهندس في عقد المقاولة أنه بمجرد تسلم رب العمل للبناء تبرأ ذمة المقاول أو المهندس من الضمان عن جميع العيوب الظاهرة والخفية.

كذلك لا يجوز الاتفاق علي الحد من هذا الضمان فلا يجوز مثلا الاشتراط لمدة تقل عن المدة المقررة في القانون، أو الاشتراط علي التنازل مقدما عن دعوى هذا الضمان، لأن معني ذلك التنازل عن الضمان ذاته، أو قصر الضمان علي عيوب معينة دون غيرها… إلي غير ذلك من الشروط المشابهة،

فكل هذه الاتفاقات باطلة بصريح النصوص الواردة في جميع التشريعات العربية علي اختلاف صيغها لمخالفتها للنظام العام، فبعضها يذكر البطلان بلفظ التصريح (جميعا عند التشريع التونسي)، والبعض الآخر منها يذكر أنه (لا يعمل) (كالتشريع التونسي) ولكن المضي واحد وبالتالي يكون لرب العمل أن يرجع بالضمان كاملا عن جميع العيوب، وعن التهدم بجميع أنواعه

 في المدة المنصوص عليها في تلك القوانين، رغم كل اتفاق مخالف مهما كان صريحا أو ضمنيا، كلياً أو جزئياً، مخففاً أو معفياً من المسئولية عن النطاق المرسوم في القانون. ولكن لا يمنع ذلك من تشديد الضمان إذ أن الضمان قصد به حماية رب العمل، إذ أن أحكام القانون هي الحد الأدنى الذي رآه المشرع لهذه الحماية وليس الحد الأقصى، فيجوز مثلا الاشتراط علي أن يبقي الضمان أكثر من المدة المقررة في القانون

أو أن يشمل الضمان العيوب الظاهرة أيضا، لأن القانون كفل حماية العيوب الخفية وحدها، بل يجوز الاتفاق علي ضمان المقاول أو المهندس للقوة القاهرة.

(عقد المقاولة- للأستاذ محمد عبد الرحيم عنبر- المرجع السابق- ص221 وما بعدها)

( ف ) التزام المقاول بتسليم العمل

1- يخلص من نص المادة 654 مدني أن رب العمل يستطيع أن يرفع دعوى الضمان في ثلاث سنوات، يبدأ سريانها من وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم. فإذا انكشف العيب أو حصل التهدم بعد خمس سنوات مثلا من وقت تسلمه البناء

 كان أمامه ثلاث سنوات أخرى لرفع دعوى الضمان، أي إلي انقضاء ثماني سنوات من وقت تسلم البناء، كان أمامه ثلاث سنوات أخرى لرفع دعوى الضمان، فيكون قد انقضي ثلاث عشرة سنة من وقت تسلم البناء، وهذه هي أقصي مدة يمكن أن تنقضي من وقت التسلم إلي وقت رفع دعوى الضمان، فإذا انقضت مدة التقادم ولم ترفع دعوى الضمان، فإن هذه الدعوى تكون قد سقطت بالتقادم ولا يجوز سماعها. ولما كانت هذه المدة مدة تقادم، فإنها يرد عليها أسباب الانقطاع

 فتنقطع برفع الدعوى الموضوعية، وتنقطع أيضا بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان. أما وقت التقادم فلا يرد هنا، وذلك لأن المدة لا تزيد علي خمس سنوات، ولا يقف التقادم إلا إذا كانت مدته تزيد علي خمس سنوات طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 382 مدني.

(يراجع التعليق علي المادة 382 مدني الوارد بالجزء الأول من كتابنا (التعليق علي نصوص القانون المدني المعدل) ص1054 وما بعدها)

ودعوى الضمان تقوم علي المسئولية العقدية فيما بين رب العمل من جهة والمهندس أو المقاول من جهة أخرى. أما بالنسبة إلي الغير فليست هناك رابطة عقدية.

 فإذا انهدم البناء مثلا وأصاب أحد المارة بضرر، كان للمضرور أن يرجع بالتعويض علي حارس البناء (رب العمل) بموجب المسئولية التقصيرية الناجمة عن حراسة البناء، وهي مبنية علي خطأ مفترض، وكان للمضرور أيضا أن يرجع بالتعويض علي المقاول أو المهندس

 ولكن بشرط أن يثبت في جانب المسئول خطأ تقوم عليه المسئولية التقصيرية. وإذا رجع رب العمل علي المقاول أو المهندس فإنه يرجع بدعوى الضمان، بشرط أن يحصل التهدم في خلال العشر سنوات التالية لتسلم البناء

وأن يرفع دعوى الضمان في خلال ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم. فيرجع الجار علي المقاول أو المهندس إذا لحقه ضرر من البناء، بشرط أن يثبت الجار خطأ في جانب المقاول أو المهندس طبقا لأحكام المسئولية التقصيرية، ولا يوجه دعواه إلي مالك البناء.

(الوسيط – 7- 1- للدكتور السنهوري- المرجع السابق- ص127 وما بعدها)

2- تنتقل دعوى المسئولية عند كل انتقال للعقار، لأنها تعتبر ملحقة بالبناء أو المنشأة، فتتبعها في أي يد وجد البناء، إلا إذا اتفق علي غير ذلك وقت انتقال الملكية، فمشتري العقـار يجوز له إذن أن يرفع دعوى المسئولية خلال عشر سنوات بدلا من المالك السابق الذي كان له هذا الحق، حتى لو كان انتقال الملكية لا يتضمن الضمان

لأن شرط عدم الضمان الغرض منه أن يجعل ناقل الملكية بمنأى من كل رجوع، لا حرمان المشتري الدعوى التي كان للبائع حق رفعها علي المقاول والتي أصبحت لا تقيده لعدم وجود المصلحة. وإنه وإن كان المهندس المعماري والمقاول مسئولين بالتضامن تجاه المالك

 فإنه يجوز لكل منهما أن يرجع علي الآخر إذا كان العيب في البناء سببه خطأ أحدهما. وللغير الذي يصيبه ضرر من انهيار البناء أو حدوث خلل فيه أو أي سبب آخر أن يرجع علي المهندس والمقاول. والأصل أن مسئولية المقاول ترتفع بتسليم الشيء الموضوع إلي رب العمل وقبوله إياه، لأن تسلمه المصنوع وقبوله إياه دليل علي أن الصانع قام بعمله علي الوجه المطلوب، ولكن إذا كان المقاول هو الذي قدم المواد، فإن العقد يتضمن بيعا، ولذلك يجوز الرجوع عليه- كما في البيع- بضمان العيوب الخفية.

 3- تجنب التفرقة بين أمرين يحدث الالتباس بينهما، وهما:

(أ) تقادم الضمان ذاته، أي المدة التي يجب أن يحدث فيها التهدم أو يكتشف فيها العيب.

(ب) وتقادم دعوى الضمان التي تحمي حق الضمان، أي المدة التي يجب أن ترفع خلالها هذه الدعوى. وقد اختلفت التشريعات العربية في تقادم الضمان ذاته، فجعله أغلبها عشر سنوات ما عدا التقنين اللبناني والتقنين التونسي، فهي فيهما خمس سنوات. كما اختلفت تلك التشريعات أيضا في تقادم دعوى الضمان، فهي ثلاث سنوات في القانون المدني المصري وفي القانون المدني السوري وفي القانون المدني الليبي، وهي سنة في القانون المدني العراقي والقانون المدني الأردني الجديد

 وثلاثون يوما في قانون الموجبات والعقود اللبناني. ومؤدي النص المصري (م 654 مدني) والنصوص العربية المقابلة- علي ما بينها من خلاف في مدة تقادم الدعوى- أن رب العمل يستطيع أن يرفع دعوى الضمان خلال ثلاث سنوات تبدأ من وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم في أوائل العشر سنوات بعد التسليم الفعلي لا يكون لرب العمل حينئذ إلا ثلاث سنوات المقررة لرفع الدعوى الـ 13 عاما.

 ويكفي أن ينكشف العيب أو يحصل التهدم حتى يكون ذلك قرينة علي العلم به ولو لم يتم العلم به فعلا. ويثبت وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم بجميع طرق الإثبات باعتباره واقعة مادية. ولكن لا يكفي لإثبات العلم أن يسكن رب العمل المبني أو أن يقوم بتأجيره للغير، فقد لا يظهر العيب أو يحصل التهدم إلا بعد مدة طويلة.

إذا ظهر العيب وأخطر رب العمل المقاول أو المهندس المعماري به، فإن تراخيه في رفع دعوى الضمان بعد ذلك لا يعد نزولا منه عنها مادامت مدة تقادم الدعوى لم تنقص. ولما كانت هذه المدة مدة تقادم فإنها تقبل الانقطاع، فتنقطع مثلا برفع الدعوى الموضوعية ولو لمحكمة غير مختصة لأن المطالبة القضائية بوجه عام تقطع التقادم، ولكن -الدعوى المستعجلة لا تقطع التقادم

(الوسيط- 7- للدكتور السنهوري- ص130)

 وتنقطع أيضا بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان، كما لو رهنا له عقارا أو منقولا في مقابل هذا الضمان. ولكنها لا تقبل الإيقاف، لأن المدة لا تزيد علي خمس سنوات في التقنين المصري.

(عقد المقاولة- للأستاذ عبد الرحيم عنبر- المرجع السابق- ص207 وما بعدها)

( ب ) التزامات رب – صاحب – العمل النصوص القانونية عن التزامات صاحب العمل في عقد المقاولة ماده 655 متى أتم المقاول العمل و وضعه تحت تصرف رب العمل ، وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه في أقرب وقت ممكن بحسب الجاري في المعاملات، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي، اعتبر أن العمل قد سلم إليه ماده 656 يستحق دفع الأجرة عند تسلم العمل، إلا إذا قضى العرف أو الاتفاق بغير ذلك .

ماده 657

(1)- إذا أبرم عقد بمقتضى مقايسة على أساس الوحدة وتبين في أثناء العمل أن من الضروري لتنفيذ التصميم المتفق عليه مجاوزة المقايسة المقدرة مجاوزة محسوسة، وجب على المقاول أن يخطر في الحال رب العمل بذلك مبيناً مقدار ما يتوقعه من زيادة في الثمن، فإن لم يفعل سقط حقه في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات .

(2)- فإذا كانت المجاوزة التي يقتضينها تنفيذ التصميم جسيمة جاز لرب العمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ على أن يكون ذلك دون إبطاء، مع إيفاء المقاول قيمة ما أنجزه من الأعمال، مقدرة وفقاً لشروط العقد، دون أن يعوضه عما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل .

المادة 658

(1)- إذا أبرم العقد بأجر إجمالي على أساس تصميم اتفق عليه مع رب العمل، فليس للمقاول أن يطالب بأية زيادة في الأجر و لو حدث في هذا التصميم تعديل أو إضافة إلا أن يكون ذلك راجعاً إلى خطأ من رب العمل أو يكون مأذوناً به منه واتفق مع المقاول على أجره.

(2)- و يجب أن يحصل هذا الاتفاق كتابة، إلا إذا كان العقد الأصلي ذاته قد اتفق عليه مشافهة.

(3)- وليس للمقاول إذا ارتفعت أسعار المواد الأولية و أجور الأيدي العاملة أو غيرها من التكاليف أن يستند إلى ذلك ليطلب زيادة في الأجر و لو بلغ هذا الارتفاع حداً يجعل تنفيذ العقد عسيراً .

(4)- على أنه إذا إنهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة لم تكن في الحسبان وقت التعاقد، وتداعى بذلك الأساس الذي قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة، جاز للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو بفسخ العقد . ماده 659 إذا لم يحدد الأجر سلفاً وجب الرجوع في تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول.

المادة 660

(1)- يستحق المهندس المعماري أجراً مستقلاً عن وضع التصميم و عمل المقايسة وآخر عن إدارة الأعمال. (

2)- فإن لم يحدد العقد هذه الأجور وجب تقديرها وفقاً للعرف الجاري.

(3)- غير أنه إذا لم يتم العمل بمقتضى التصميم الذي وضعه المهندس، وجب تقدير الأجر بحسب الزمن الذي استغرقه وضع التصميم مع مراعاة طبيعة هذا العمل.

الأعمال التحضيرية عن التزامات رب العمل في عقد المقاولة الفقرة الأولي :

تطابق مضمون المادة 418/ 510 من التقنين الحالي مع تحديد اقتبسه المشرع من التقنين الفرنسي (م 793) والقضاء المصري (انظر علي الأخص أحكام محكمة الاستئناف المختلطة 22 أبريل سنة 1896 ب 8ص 235- 19 نوفمبر سنة 1896 ب9 ص35- 4 فبراير سنة 1904 ب16 ص125).

أما الفقرة الثانية :

فهي مقتبسة أيضا من المادة 1793 من التقنين الفرنسي وهي تقر ما جري عليه القضاء المصري من أنه لا يجوز للمقاول أن يثبت بالبينة أو بالقرائن إذن رب العمل له في إقامة أعمال إضافية (انظر علي الأخص: محكمة الاستئناف المختلطة 12 أبريل سنة 1905 ب17 ص206- 25 نوفمبر 1909 ب22 ص26- محكمة استئناف مصر الأهلية 10 يونيه سنة 1936 المحاماة 17 ص412 رقم 197).

والفقرة الثالثة : تطابق أيضا أحكام القضاء المصري محكمة الاستئناف المختلطة 24 مايو سنة 1899 ب11 ص235- 21 مارس سنة 1906 ب 18 ص157. والفقرة الرابعة : هي تطبيق لنظرية الظروف الطارئة في حالة عقد المقاولة. وقد سبق أن قرر المشروع هذه النظرية بصفة عامة في المادة 213 فقرة 2 منه. والمعيار الذي يقرره النص )

اختلال التوازن الاقتصادي بين الالتزامات اختلالا تاما بسبب حوادث لم تكن منظورة وقت التعاقد) هو من الدقة بحيث يحد من تدخل القاضي وفي الوقت نفسه من المرونة بحيث يسمح له بمراعاة ظروف كل حالة. (مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني- الجزء 5- ص42)

 التعليق على التزامات رب – صاحب – العمل في عقد المقاولة

( أ ) التزام صاحب العمل بدفع أجر المقاولة

1- يلتزم رب العمل بتسلمه (العمل) بعد إنجازه، والتسلم هنا يشتمل علي معني أوسع عما هو عليه في البيع والإيجار، فهو من جهة- كالتسلم في البيع والإيجار- الاستيلاء علي العمل بعد أن وضعه المقاول تحت تصرفه بحيث لا يوجد عائق من الاستيلاء عليه، وهذا هو التسلم بمعناه المألوف، وهو من جهة أخرى- وهذا هو المعني الزائد- تقبل العمل والموافقة عليه بعد فحصه.

 وهذا المعني الزائد تفتضيه طبيعة المقاولة، فهي تقع علي عمل لم يكن قد بدأ وقت إبرام العقد أي لم يكن موجودا، فوجب عند إنجازه أن يستوثق رب العمل من موافقته لأصول الصنعة والشروط المتفق عليها، ويكون ذلك بفحصه فالموافقة عليه. خلافاً للحال في البيع والإيجار حيث تكون العين فيهما-غالباً- عينا بالذات معروفة للمشتري أو للمستأجر

 ولا يقتضي الأمر أكثر من تسلمها دون حاجة للتقبل. ولما كان التسلم يتضمن التقبل- في المقاولة- فيشترط حتى يكون رب العمل ملتزما بتسلمه أن يكون العمل للشروط المتفق عليها، فإن لم تكن هناك شروط فطبقا لما تقضي به أصول الصنعة لنوع العمل محل المقاولة يحل محل الشروط المتفق عليها أو يكملها إذا كانت ناقصة. وإذا وقع خلاف بين الطرفين فيما إذا كان العمل موافقا أو غير موافق، جاز لأي منهما أن يطلب ندب خبير علي نفقته لمعاينة العمل وتحرير محضر بنتيجة المعاينة،

وإذا رفع الأمر للقضاء، كان هذا المحضر محلة اعتبار عند القاضي، إذا رأي أن يكتفي به ولم يعارض الطرف الآخر فعل وإلا عين خبيرا آخر، أو قضي وفقا لما يتبين له من ظروف القضية ومستنداتها. ويجب أن تكون المخالفة للشروط أو لأصول الصنعة التي تبرر عدم التزام رب العمل بالتسلم جسيمه إلي حد أنه لا يجوز عدلا إلزامه بالتسلم،

فإذا لم تبلغ المخالفة هذا الحد من الجسامة بقي رب العمل ملتزما بالتسلم، وإنما يكون له الحق إما في طلب تخفيض الأجرة بما يتناسب مع أهمية المخالفة، أو في طلب تعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء المخالفة، وفي جميع الأحوال يجوز للمقاول إذا كان العمل يمكن إصلاحه أن يقوم بهذا الإصلاح في مدة مناسبة

 كما يجوز لرب العمل أن يلزم المقاول بذلك إذا كان الإصلاح لا يتكلف نفقات باهظة. ويقع التسلم عادة في الزمان والمكان اللذين يقع فيهما التسليم، إذ التسليم هو وضع العمل تحت تصرف رب العمل دون عائق، والتسلم هو استيلاء رب العمل عليه بعد أن يوضع تحت تصرفه وفقا لطبيعته.

 ويجوز أن يكون التسلم مجزئا إذا كان العمل مكونا من أجزاء متميزة، أو كان الأجر محدداً بسعر الوحدة، فيجوز لكل من المقاول أن يطلب المعاينة والتسلم عقب إنجاز كل جزء (أو قطعة).

يترتب علي التقبل النتائج التالية:

  • (1) أن ملكية الشيء المصنوع تنتقل إذا كان المقاول هو الذي ورد المادة التي استخدمها في العمل إلي رب العمل من وقت التقبل.
  • (2) أن دفع الأجرة يستحق عند تقبل العمل، إلا إذا قضي الإنفاق أو العرف بغير ذلك.
  • 3) أن تحمل تبعة العمل تنتقل من المقاول إلي رب العمل من وقت التسلم أو التقبل.
  • (4) أن المقاول لا يضمن العيوب الظاهرة من وقت التقبل، وهي العيوب التي كان يمكن كشفها بالفحص العادي. وإذا لم يقم رب العمل بالتزامه من تسلم العمل وتقبله في الميعاد القانوني، كان للمقاول أن يجبره علي تنفيذ التزامه عيناً

 ويجوز أن يلجأ في ذلك إلي وسيلة التهديد المالي. فما علي المقاول- طبقا لمفهوم نص العبارة الأخيرة للمادة 655 من القانون المدني- بعد أن ينجز العمل ويضعه تحت تصرف رب العمل دون عائق، إذا رأي أن هذا الأخير قد تلكأ في معاينة العمل ليتقبله ويتسلمه أن يعذره بالتسلم عن طريق إنذار رسمي علي يد محضر ويحدد ميعادا لذلك،

فإذا مضي الميعاد اعتبر رب العمل قد تسلم العمل حكما حتى لو لم يتسلمه حقيقة. ويترتب علي هذا التسلم الحكمي جميع النتائج التي تترتب علي التسلم الحقيقي، فتنتقل ملكية الشيء المصنوع إلي رب العمل، ويستحق دفع الأجر، وينتقل تحمل التبعة إلي رب العمل وتبرأ ذمة المقاول من العيوب الظاهرة، ويبدأ سريان ميعاد ضمان العيوب الخفية.

ويمكن- فوق ذلك وتطبيقا للقواعد العامة- أن يلجأ المقاول إلي العرض الحقيقي، وقد رسمت طريقة المواد من 334 إلي 337 مدني. (تراجع تلك المواد والتعليق عليها بالجزء الأول من هذا الكتاب- ص986 وما بعدها) وغني عن البيان أن للمقاول- بعد بيع الشيء-

 أن يستوفي أجره من الثمن وكذلك التعويضات المستحقة ويودع الباقي خزانة المحكمة. وقد يقع أن يكون للمقاول مصلحة عند امتناع رب العمل عن تنفيذ التزامه من تسلم العمل في فسخ العقد (بيع الشيء المصنوع لآخر بثمن أعلي)، وفي هذه الحالة يجوز له- بعد إعذار رب العمل بالتسلم- أن يطلب من القضاء فسخ عقد المقاولة حتى يتحلل من واجب التسليم، ويستطيع بعد ذلك أن يحقق لنفسه هذه الصفقة الرابحة.

(الوسيط- 7-1- للدكتور السنهوري- المرجع السابق- ص146 وما بعدها)

2- المادة 655 من التقنين المدني تطبيق محض القواعد العامة، فرب العمل ملتزم بتسلم العمل عند إنجازه وفقا لشروط المقاولة. فإذا دعي إلي تسلمه فامتنع دون إبداء سبب مشروع، اعتبر أن العمل قد سلم إليه، ومؤدي ذلك بعد سريان مدة العشر سنوات المحددة للضمان من تاريخ الإنذار بالتسلم.

وقد اشترط المشرع أن تكون الدعوى إلي التسلم بإنذار رسمي حسماً للمنازعات، فلا يكفي في ذلك الإعذار بطريق البريد.

(التقنين المدني الجديد- للدكتور محمد علي عرفة- المرجع السابق ص468، والعقود المسماة- للدكتور كامل مرسي- المرجع السابق ص513 وما بعدها)

3- متي أتم المقاول العمل، ووضعه تحت تصرف رب العمل، وجب علي الأخير أن يبادر إلي تسلمه في أقرب وقت ممكن بحسب الجاري في المعاملات، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلي ذلك بإنذار رسمي، اعتبر أن العمل سلم إليه.

والتسلم هنا يشتمل علي معني أبعد من التسلم في البيع والإيجار علي نحو تفتضيه طبيعة عقد المقاولة، إذ أن الاتفاق يتم علي شيء لم يكن موجوداً،

فيجب أن يستوثق رب العمل بعد إنجاز الشيء وإتمامه من أنه موافق للشروط المتفق عليها ولأصول الصنعة، ويكون ذلك بفحصه ثم الموافقة عليه،

وهذا يسمي القبول والتقبل للشيء موضوع عقد المقاولة. أما في البيع والإيجار فالعين المبيعة أو المؤجرة تكون غالباً عيناً معينة بالذات ومعروفة للمشتري أو المستأجر، ولا يقتضي الأمر أكثر من تسلمها دون حاجة إلي القبول أو التقبل.

والتسلم بالانتفاع يفيد ضمناً التقبل، إذ كما يكون التقبل صراحة يكون أيضا ضمناً باستعمال الشيء مدة طويلة دون أية تحفظات أو بإدماجه في شيء آخر كل ذلك دون إبداء أية تحفظات مناسبة في هذا الشأن. (عقد المقاولة- للأستاذ عبد الرحيم عنبر- المرجع السابق- ص221 وما بعدها)

( ب ) الالتزام بإخطار رب العمل بأي تجاوز في المقاسات

عقد المقاولة - مسئولية المقاول - المهندس المعماري

 يتبين من نص المادة 657 مدني أن هناك شروطا ثلاثة يجب توافرها حتى ينطبق:

الأول – أن يكون الأجر في المقاولة متفقا عليه بمقتضى مقايسة علي أساس الوحدة.

الثاني – مجاوز المقايسة مجاوزة محسوسة لسبب لم يكن معروفا وقت العقد. والمقصود بمجاوزة المقايسة مجاوزة محسوسة مجاوزة كميات الأعمال المقدرة في المقايسة، لا مجاوزة أسعارها.

 فإذا كانت المجاوزة متوقعة عند إبرام عقد المقاولة أو كان من الممكن توقعها زاد الأجر بمقدار هذه المجاوزة ولا خيار لرب العمل

الثالث – أن يخطر المقاول بمجرد تنبيه للزيادة رب العمل بذلك – ولو يشترط النص شكلا خاصا لهذا الإخطار، ولا ميعاداً معيناً يجب أن يتم فيه

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }